للـمــلك نـــابــو- بـيــــل- شـــوماتي)911-639ق.م) ،أ.م.د. ژيارصديقرمضان
الملخص:
تعد الرسائل الملكية منالمصادر المهمة في دراسة التاريخ السياسي والحضاري القديم في منطقة الشرق الأدنى، لاسيما حضارة بلاد الرافدين والحضارات المجاورة، وذلك لأنها تسلط الضوء على جوانب مهمة من تاريخ الحوادث التي رافقت نشأة الحضارة العراقية القديمةوتطورها،ومن بين ذلك،معلومات مهمة عن التاريخ السياسي لمراحل حكم الملوكوأسمائهم، والأعمال التي أنجزوها، فضلًا عن الأحداث التاريخية التي تقع خلال سنوات حكمهم.
لقد كانت الرسائل الملكية في عهد الملك نابو _ بيل_ شوماتي (651-650ق.م) مصدرًا لمعرفة أخبار الأزمة الاقتصادية في بلاد عيلام، حيث تفيدنا المعلومات الخاصة بالكتابات المسمارية لتلك الرسائل أن ملوك الآشوريين قدَّموا للعيلاميين الكثير من المساعداتخلال الأزمة الاقتصادية والمجاعة التي حدثت في البلاد، ومن بين ذلك السماح لرعايا الملك العيلامي بالمجيء والعيش في بلاد آشور إلى حين تحسُّن الوضع الاقتصادي، بحلول موسم هطول الأمطار وموسم الحصاد، ويدّل ذلك بوضوح على حسن التعامل الملكي الآشوري مع الأقوام المجاورة، لاسيما مع ملوك عيلام في أوقات الأزمات، وذلك يعبّر عن النواياه الحسنة تجاه ملوك عيلام.
الكلمات المفتاحية: عيلام،الرسائل الملكية، الأزمة الاقتصادية،نابو،بيل،شوماتي.
ABSTRACT
The royal letters are considered important sources to study of the ancient political and cultural history in the Near East, especially the civilization of Mesopotamia and neighboring civilizations, because they shed light on important aspects of the history of events that accompanied the emergence and development of ancient mesopotamia civilization, including important information about the political history of the periods of kings’ rule, their names, and the works they accomplished, in addition to the historical events that occurred during the years of their rule.
The royal letters during the reign of King “Nabu-Bel-Shumati” (651-650 B.C) were a source of knowledge of the economic crisis in Elam, as the information about the cuneiform writings of those letters tells us that the Assyrian kings provided the Elamites with a lot of assistance during the economic crisis and famine that occurred in the country, including allowing the subjects of the Elamite king to come and live in Assyria until the economic situation improved, with the arrival of the rainy season and the harvest season, and this clearly indicates the good treatment of the Assyrian royal family with neighboring peoples, especially with the kings of Elam during times of crises, and this expresses his good intentions towards the kings of Elam.
Keywords: Elam, Royal Letters, Economic Crisis, King Nabu-Bel-Shumati
المقدمة
تعرف المراسلات الملكية بأنها تضم تقارير الموظفين الملكين المتواجدين في المقاطعات، والراغبين في إحاطة الملك بكل مجريات الأمور في مقاطعاتهم وأقاليمهم، والمشكلات التي يرغبون في استشارة الملك فيها، ثم دور الملك وتوجيهاته في الشؤون المختلفة في المسائل التي تعرض عليه.
تميزت حقبة الألف الأول قبل الميلاد لاسيما العصر الآشوري الحديث(911-612ق.م) بكونه من أغنى الحقب التاريخية من ناحية التوثيق التاريخي، هذا إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن الكتابات المسمارية، هي كتابات ملكية يشرف عليها كتبة متخصصون، ويقيمون في القصر الملكي، وهناك تدقيق على كل ما يكتبونه، فضلًا عن ذلك كانت تُعرَض الرسائل على الملك شخصيًّا للإطلاع عليها قبل إيداعها أو خزنها في المكتبة الملكية، ويمكن استنباطمعلوماتكثيرة من الإشارات العرضية في مراسلات الملك مع موظفيه في المقاطعات، فلا يمكنَّا تجاهل الأهمية الكبيرة للمعلومات التاريخيةالتي تزودنا بها الرسائل في مختلف الجوانب الأدارية والسياسية التي لم تصلنا أي معلومات عنها، كما أنها تشرح الأصول المتبعة في مخاطبة الملك والألقاب المخاطب بها، حيث تبيِّن لنا الوضع العام السائد،وشكل الجهاز الحكومي المتبع في المملكة الآشورية آنذاك، واهتمام المسؤولين بإحاطة الملك الآشوري كونه يقف على قمة الجهاز الإداري للدولة، وهو المسؤول عن الأحداث والمتغيرات صغيرها وكبيرها، حيثنُصِّبَ نابو بيل شوماتيحاكمًا على القطر البحري بعد أبيه.
وكان فرح نابو بيل شوماتي بهذا التعيين لايدانيه فرح، ويتضح ذلك من خلال الرسائل التي كان يبعث بها إلى آشوربانيبال، التي كانت مفعمة بعبارات الود والاحترام،أدَّى نابو بيل شوماتي في بدء تعيينه دور الصديق الوفي لآشور، ولكنه كان يخطط في الوقت نفسه بالانظمام إلى شمش شم أو كن لعله يحصل على بعض المغانم في حال نجاح الثورة،وكان السبب الرئيس وراء انضمامه إلى الثورة هو الطموح الكلدي المستمر نفسهفي محاولة جعل بلاد بابل مستقلة عن بلاد آشور،فأخذ نابو بيل شوماتي عندما هرب إلى عيلام الكثير من الأسرى من رجال الحاميات العسكرية الآشورية التي كانت موجودة في القطر البحري.
اغتيل سنحاريب عام 681 ق.م من قِبَل أحد أبنائه، وبمساعدة قادة الجيش، وتولـى العرش بعده أسرحدون بعد سلسلة من المعارك السياسية والعسكرية، التي خاضها ضد منافسيه الطامعين في السلطة لكونه الوريث الشرعي لهذا المنصب.وعندما حلت الأزمة في بلاد عيلام تولى العرش في بلاد عيلام الملك (أورتاكي Urtaki 675-663 ق.م)، فحاول تغيير سياسته مع الآشوريين، واتبع سياسة موالية لهم،غير أن الملك أسرحدون لم يكن واثقًا منه، مما دفعه إلى الاستشارة بالإله شم، لذلك قدم الآشوريون لهم الكثير من المساعدات عندما حلَّت الأزمة الاقتصادية والمجاعة في البلاد، وسمح لرعايا الملك العيلامي المجيء إلى بلاد آشوروالبقاء إلى حين هطول الأمطار وحلول موسم الحصاد.
أما بخصوص مشكلة البحث،فعلى الرغم من شحة المعلومات الواردة حول الأزمة الاقتصادية في بلاد عيلام؛فإن المعلومات التي وجدت على ضوء رسائل نابو بيل شوماتي خلال العصر الآشوري الحديث،كانت مصدرًا مهمًّا لمعرفة التفاصيل عن الأزمة الاقتصادية في بلاد عيلام وكيفية معالجتها.
أما تساؤلات البحث:
أما أسباب اختيار البحث،فقد تولدت لدى الباحث فكرة لمعرفة التفاصيل الخاصة حول الموضوع.
أما أهمية الموضوع،فيتبين لنا الوضع السائد في الإمبراطورية الآشورية،وبلاد عيلام من خلال الرسائل المتبعة بين الطرفين في أثناء الأزمة.
حدود البحث:العصر الآشوري الحديث(911-612ق.م)
منهجية البحث(منهج السرد الوصفي التحليلي للرسائل).
وبخصوص تقسيم البحث فقد قسم إلى ستة مباحث:
أولًا:الرسائل الملكية.
ثانيًا:مفهوم الأزمة.
ثالثًا:نبذة عن نابو بيل شوماتي.
رابعًا:الأوضاع السياسية في بلاد عيلام وبلاد آشور فيأثناء الأزمة.
خامسًا:أسباب الأزمة.
سادسًا:الرسائل الملكية لنابو بيل شوماتي مصدرًا للأزمة.
أولًا:الرسائل الملكية:
تعد الرسائل الملكية من أهم مصادر دراسة التاريخ القديم بشكل عام، ولمنطقة الشرق الأدنى القديم بشكل خاص؛ وذلك لأنها تلقي الضوء على جوانب مهمة من تاريخ الحوادث التي رافقت نشأة الحضارة العراقية القديمة وتطورها،حيث تشير إلى الكثير من مظاهر تاريخ العراق القديم وحضارته،مثل أسماء الملوك، وأعمال الكثيرين منهم، فضلًا عن الأحداث التاريخية المعاصرة لحكمهم.
من بين المجموعات التي وصلتنا من عهد سلالة أور الثالثة(2113-2004ق.م) مجموعة كبيرة من النصوص الإدارية؛الاقتصادية والقضائية، وتمثل المجموعة الأخيرة مجموعة الأحكام القضائية التي أصدرتها المحاكم السومرية في مختلف القضايا المتنازع عليها، ولها فائدة كبيرة لدراسة طبيعة المجتمع السومري فضلًا عن المراسلات الملكية الرسمية المتبادلة بين بعض الملوك وحكام المدن وتُعَدُّ رسائل أبي سين على قدر كبير من الأهمية؛ لأنها تسلِّط لنا الضوء على الأسباب الحقيقة وراء سقوط سلالة أور الثالثة([1])،
لقد نُشِرت أغلبية النصوص المسمارية بواسطة المتاحف العالمية الكبرى؛ مثل المتحف البريطاني في لندن، ومتحف اللوفر في باريس، ومتحف الدولة في برلين، ومتحف الجامعة التابع لجامعة بنسلفانيا –هذا فيما يخص المجاميع الكبيرة فحسب،التي جاءت في مسلسلات كبيرة من مجلدات ضخمة تحتوي على نسخ مكتوبة باليد فقط أن هذا يصح أيضًا على معظم منشورات المتاحف الصغيرة والمجاميع الشخصية، ولقد تبعثرت النصوص المهمة الكثيرة في المجلات العلمية المختلفة، فتوزعت في أماكن ليست بالحسبان، مما يجعل الأمر صعبًا بالنسبة للباحث الذي لا يجد مكتبة خاصة بعلم الآشوريات من الدرجة الأولى، حيث يصبح جمع تلك النصوص إلزاميًّا عاجلًا أم آجلًا، ولهذا توجد أعداد من الكتب والمقالات التي تُرجِمَت فيها نصوص خاصة مع مجموعات نصوص كثيرة ذات طبيعة متشابهة، وسوف يتطلب تسجيلها وقتًا آخر أكثر مما يسمح به الآن، وعدد النصوص المنشورة في طبعات الكتب وفي الترجماتالحديثة يعدّ قليلًا؛ لذلك يجب الرجوع إلى منشورات النصف الأخير من القرن العشرين، وعلى وجه الخصوص كتاب بريتشارد:نصوص الشرق الأدنى([2]).
ومن دراسة النصوص الآشورية وتحليلهاومطابقتها مع واقع حياة الإمبراطورية الآشورية يلاحظ أن تلك النصوص ماهي الإ مرآة تعكس شخصيات الملوك والعصر الذي كانوا يعيشون فيه، وتبدو براعة الكاتب والمؤلف في حسن تصوير الملك بالصورة التي أراد الملك نفسه أن يظهر بها، أو الصورة التي كان ينظر من خلالها إلى الملك نفسه وإلى أعدائه([3]).
وما تعرف بالمراسلات الملكية التي تضم تقارير الموظفين الملكيين الموجودين في المقاطعات، والراغبين في إحاطة الملك بكل مجريات الأمور في مقاطعاتهم وأقاليمهم، والمشكلات التي يرغبون في استشارة الملك فيها، ثم دور الملك وتوجيهاته في الشؤون المختلفة في المسائل التي تعرض عليه. وقدتميزت حقبة الألف الأول قبل الميلاد لاسيما العصر الآشوري الحديث بكونه من أغنى الحقب التاريخية من ناحية التوثيق التاريخي.
هذا إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن الكتابات المسمارية، هي كتابات ملكية يشرف عليها كتبة متخصصون ويقيمون في القصر الملكي، وهناك تدقيق على كل ما يكتبونه، فضلًا عن ذلك كانت تُعرَض الرسائل على الملك شخصيًّا للاطلاع عليها قبل إيداعها أو خزنها في المكتبة الملكية،ويمكن استنباط معلومات كثيرة من الإشارات العرضية في مراسلات الملك مع موظفيه في المقاطعات. فلا يمكنا تجاهل الأهمية الكبيرة للمعلومات التاريخية التي تزودنا بها الرسائل في مختلف الجوانب الإدارية والسياسية التي لم تصلنا معلومات عنها، كما أنها تشرح الأصول المتبعة في مخاطبة الملك والألقاب المخاطب بها، حيث تبين لنا الوضع السائد العام، وشكل الجهاز الحكومي المتبع في المملكة الآشورية آنذاك، واهتمام المسؤولين بإحاطة الملك الآشوري كونه يقف على قمة الجهاز الإداري للدولة، وهو المسؤول عن الإحداث والمتغيرات صغيرها وكبيرها([4]).
فالرسائل إذن تستحق أن تسمى سجلًّا ملكيًّا أُنجِزَ في العاصمة نينوى (تل قوينحق)، وقد عثر على أكثر من 200 رسالة من خلال التنقيبات التي أجريت في العواصم الآشورية القديمة كلخ (النمرود)، وفي كوزانا (تل حلف) على نهر الخابور، وحوالي 200 من هذه الكتابات عثر عليها في كلخ، ومعظمها يعود إلى الحقبة السرجونية (722-612 ق.م)، ومعظم هذه الرسائل كانت موجهة إلى الملك وليست مكتوبة من قِبَلِه، فهناك رسائل قد أرسلت إلى الملك سرجون الآشوري”شروكينّ” (721-705ق. م) وللملك أسرحدون(680-669 ق.م)، بينما ليست هناك أية رسالة منها تعود إلى الملك سنحاريب”سن-أخي –آريبا” (705-680 ق.م)، ومعظم تلك الرسائل وجدت مكتوبة إما من قِبَل الملك آشور بانيبال”آشور-بان –آبلي” (669-626 ق.م) أو أنها حررت إليه،وكانت هذه الرسائل على نوعين: النوع الأول: يضم رسائل من خبراء الملك في التنبؤ” التكهن “السحر والفأل([5])، أما النوع الثاني فيظم القسم الكبير من رسائل الدولة، وهي تلك الرسائل الموجهة إلى الملك من الموظفين الإداريين وحكام الأقاليم وأمراء الحاميات([6]).
ثانيًا:مفهوم الأزمة:
لغة: جاءت من الًازْم: الجَدْب، والمَحْل،والشدة، والقحط([7]). وهناك من قال:إن الأزمة هي السنة المجدبة، وكذلك الأزمة من الأوازم: السنون الشدائد كالبوازم، وأزم عليهم العام والدهر، يأزم أزمًا وأزومًا: اشتد قحطه، أو قيل:اشتد وقل خيره([8]).
أما الأزمة اصطلاحًا: فعرِّفت بأنها مجموعة من المصاعب، أمكن تسميتها بـ(أزمات)([9])،ويتداخل معها مصطلح آخر هو مصطلح (الانحسارات التي تعرف بأنها: انقباض في النشاط الاقتصادي خفيف وقصير المدى، أما إذا كان الانقباض عنيفًا وطويل المدى وغدا خطرًا فيشير عندها إلى وجود (أزمة)([10]).وهناك من عرفها بأنها حدث يهدد المصلحة القومية، يحدث في ظروف ضيق الوقت وعدم الإمكانات، وينشأ عن اختلاف وجهات النظر أو وقوع كوارث طبيعية تستنفر كل قوى الدولة أو بعضها لمواجهتها من خلال حل توفيقي([11]). أيضًا عُرِّفَت بأنها إجراء عاجل في حالة الكوارث الطبيعية المهددة للمصلحة القومية([12]).كما عرفت بأنها وضع عارض به جانب من المفاجأة ينطوي على توتر (مشكلة) داخلي أو خارجي يحتاج إلى سرعة المواجهة السياسية على مستوى الدولة، وإلى جهد دولي عالمي أو إقليمي لتجنب آثاره ولتخفيف حدتها([13]).
وجاء ذكر الأزمة في القرآن الكريم على وجوه عدة: مثلًا جاء ذكر المجاعة في قصة سيدنا يوسف (عليه السلام) إذ قال تعالى: {عَامَ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُون([14])}،أما في النصوص المسمارية فقد جاءت الأزمةبمعنى المجاعة،وردت هذه المفردة في اللغة الأكدية بألفاظ عديدة سنكم sunqum(وداماتو danmatum وهو ساهو I,husahhu([15]).
ثالثًا:نبذة عن نابو بيل شوماتي
نُصِّب نابو بيل شوماتي (٦٥١-٦٥٠ ق.م) حاكمًا على القطر البحري بعد أبيه، وكان فرح نابو بيل شوماته بهذا التعيين لايدانيه فرح، ويتضح ذلك من خلال الرسائل التي كان يبعث بها إلى آشوربانيبال، التي كانت مفعمة بعبارات الود والاحترام. وقد جاء في إحدى الرسائل مانصه: “إلى سيدي الملك خادمك نابو بيل شوماته هلا يكون كل شيء طيبًا مع سيدي الملك، هلا يكن رب الأرباب آشور ونابو رؤوفين إلى سيدي الملك، هلا يمنحان سيدي الملك راحة البال وصحة الجسم والعمر الطويل”([16]).
وفي رسالة أخرى يخبر فيها الملك أنه أرسل لبلاطه مبعوثًا محمَّلًا بالهدايا التي كان من بينها ثياب (صوبائي)، وهي من منتجات أرض البحر. ويخبر نابو بيل شوماته سيده آشور بانيبال في إحدى رسائله عن تحركات ملك عيلام، الذي يصفه بالطاغية، ويذكر معاملته السيئة لشعبه، التي أدَّت إلى الثورة ضده في العديد من المدن العيلامية، ولكن هذا الود لم يستمر، إذ انضم نابوبيل شوماتي إلى صف شمش شم أوكن، ثم لجــأ قبل نهاية عام (٦٥١ ق. م) إلى عیلام([17])لعب نابو بيل شوماتي في بدء تعيينه دور الصديق الوفي لآشور، ولكنه كان يخطط في الوقت نفسه بالانضمام إلى شمش شم أوكن لعله يحصل على بعض المغانم في حال نجاح الثورة([18]).إن السبب الرئيس وراء انضمامه إلى الثورة، هو الطموح الكلدي المستمر في محاولة جعل بلاد بابل مستقلة عن بلاد آشور.
أخذ نابو بيل شوماتي عندما هرب إلى عيلام الكثير من الأسرى من رجال الحاميات العسكرية الآشورية التي كانت موجودة في القطر البحري([19])،وبعض الأشخاص من مدينة كيسيك. وبما أن ثورة شمش شم أوكنفي بدايتها وفي أوج شدتها، لذا فقد واجه آشور بانيبال موقفًا مغايرًاللغالية([20]). إذ اتخذ تابو بيل شوماتي من الأراضي العيلامية قاعدة لنشاطاته العسكرية ضد الآشوريين([21]).
ومن استخارة لآشور بانيبال عند الإله نستنتجمنها أن تحرك نابو بيل شوماتي في حيرة وحرج: “هل سيشترك نابو بيل شوماتي في الحرب القطر البحري، الملك آشوربانيبال، صنيعتك سيده الذي يلفظ اسمه باستخفاف، تجاهله بشدة، والآن سمع آشور بانيبال ملك آشور معبودك، جميع النبالة فى بلاد عيلام وهو هل سيقاتل ويحارب مع جنود آشور بانيبال ملك آشور أو مع الآشوريين أو الأكديين أو عبين أو الآراميين الذين ركعوا وقبَّلوا أقدام الملك صنيعتك…. (لا تهتم بمسألته فيه يسير، ولكن الله إما على حدود عيلام أو حدود بلاده)، هل بود نشر الذعر أو طلب المساعدة لم يعبر الحدود([22]).
وبعد أن استسلمت، بابل عام ٦٤٨ ق. م بدأآشور بانيبال تصفية حساباته مع الأطراف الفة مع شمش شم أوكن، فوجه طلبًا إلى ملك عيلام اندابيكاش، يحثه فيه على تسليم أبو بيل ماتي ومن معه، ومحذرًا إياه في الوقت نفسه من عدم الاستجابة لهذا الأمر: “إذا لم تسلم هؤلاء أشخاص فإني سأدمِّر المدن وآسر السكان في سوسه ومداكتو وخيدالو، وسألعك من عرش البلاد افع شخصًا مكانك وكما فعلت مع تيومان“. ولم تكنهذه الخطة الوحيدة للآشوريين رسل آشوربانيبال في الخامس والعشرين من تموز رسالة إلى قائد قوات عيلام خوبان سمبار. Human – shibae)، وكلف بيل ابني للتفاوض معه، لحسم مسالة نابو بيل شوماتي وكان بيل ابني يدرك أن قائد قوات عيلام يعد العدة للثورة على سيده.
وقبل أن يتسلَّم ملك عيلام رسالة الشور بانيبال، حدثت في بلاده ثورة أطاحت به، ليتولى بعده خوميان خالتاش الثالث (Human – Haltash (III) (٦٤٨-٦٣٦ق.م) عرش عيلام، واتخذ هذا الملك من مداكتو عاصمة له بدلًا من سوسة. وجاء ذكره في المصادر الآشورية باسم أومانداس Ummanaldsi)، وحال استلامه السلطة أرسل آشور بانيبال رسالة يطالبه فيها بتسليم نابو بيل شوماتي، وعندما أبدى ملك عيلام استعداده لتنفيذ طلب آشور بانيبال: “من امانلداس ملك عيلام إلى آشور بانيبال ملك آشور. السلام على أخي، منذ البداية كان المارتناي (Mar Teniai)([23])مخطئين بحقك، جاء نابو بيـــل شوماته من تلك المنطقة… عبر إلى عيلام، قطعت الطريق لمنعه من الدخول، لقد أرسلت تقول:أرسل نابو بيل شوماتي،سألقي القبض عليه وأرسله لكم.,.” أمر نابيو بيل شوماتيحامل درعه بقتله حال استكمال الاستعدادات لتسليمه،وللتعبير عن حسن النية وضع ملك عيلام الجثة في تابوت مليء بالملح وأرسله إلى نينوى([24]).
رابعًا:الأوضاع السياسية في بلاد عيلام وبلاد آشورفي أثناء الأزمة:
اغتيل سنحاريب عام 681 ق.م من قبل أحد أبنائه، وبمساعدة قادة الجيش، وتولـى العرش بعده أسرحدون بعد سلسلة من المعارك السياسية والعسكرية، التي خاضها ضد منافسيه الطامعين في السلطة؛ لكونه الوريث الشرعي لهذا المنصب([25]).الذي عهد إليه والده بالحكم، وكان قد شغل منصب الحاكم على بلاد بابل ثمان سنوات من حكم سنحاريب، مما أهَّله ليكون على قدر كبير من الخبرة والدراية بأحوال البلاد وسكانها([26])،وعندما حلت الأزمة في بلاد عيلام تولى العرش في بلاد عيلام الملك (اورتاكي Urtaki 675-663 ق.م)، فحاول تغيير سياسته مع الآشوريين، واتبع سياسة موالية لهم،غير أنالملك أسرحدون لم يكن واثقًابه، مما دفعه للاستشارة بالإله شمش([27])،من أجل التأكد من نواياه: ((إلى شمش السيد العظيم، أعطي جوابًا شافيًا عمَّا أسأله فيما إذا كان أورتاكو ملك عيلام أرسل عرضًا لإقامة سلام إلى أسرحدون ملك بلاد آشور، هل هو مخلص في إرساله صادق في كلماته عن النصائح أسرحدون ملك بلاد آشور؟ ضع لي في هذا الكبش جوابًا شافيًا))([28]).
نستنتج من هذا النص أن فئة العرَّافين والمنجمين أدت أدوارًا بارزة في الحياة السياسية في عهد أسرحدون، لأن الإجابة التي يمكن أن يحصل عليها كانت عن طريق الكهنة والعرَّافين، ولكون الملك نائبًا عن الآلهةفي بلاد الرافدين فالملك أراد الإجابة الإلهية للتأكد من نوايا الملك العيلامي.
إن هذه النصوص عبارة عن إجابات لأسئلة خاصة استفسر عنها الملك، كان المنجم أو العرَّاف يرصد النجوم ويراقب حركتها ووقت ظهورها واختفائها، وما قد يحدث لها من ظواهر غير اعتيادية كالخسوف والكسوف،ويفسر كل ذلك، ويستدل منها على ما سيحل بالإمبراطورية، وقد حظيت هذه الظواهر الجوية الفلكية باهتمام كبير من لدن الملك أسرحدون الذي سعى إلى إنشاء شبكة من المراصد الواسعة وزعت في معظم أنحاء البلاد، يعمل فيها عدد من العرافين المختصين بالمراقبة والرصد، وكان أشهرها مرصد نينوى ومرصد أربيل([29]).
تمثلت الأسباب التي دفعت الملك العيلامي إلى تغيير سياسته بالاضطرابات التي حصلت في بلاد عيلام، ومحاولتهم المستمرة للتدخل في الشؤون البابلية، من أجل التحريض على التمرد ضد الآشوريين، وكان ذلك سببًا لضعف بلاد عيلام، التي أدركت أن القوة المتزايدة للآشوريين لم تترك مجالًا للقبائل الكلدية للتمرد ضد الآشوريين مهما حصلوا على مساعدات من بلاد عيلام، وهذا ما شجع الآشوريينعلى القيام بحملة عسكرية باتجاه بيت بارنكي (bit brinki)عام (694 ق.م)،فأصبح وجودهم في بلاد عيلام قريبًا، وعندما حلَّت الأزمةالاقتصادية([30]). هناك أراد أورتاكي الاستمرار في العلاقات الودية مع الآشوريين، وترتب على ذلك عقد معاهدة متكافئة بين بلاد آشور وعيلام([31]).
لذلك قدم الآشوريون لهم الكثير من المساعدات عندما حلت الأزمة الاقتصادية والمجاعة في البلاد، وسمح لرعايا الملك العيلامي المجيء إلى بلاد آشور لحين هطول الأمطار وحلول موسم الحصاد، كتعبير عن نواياه الحسنة تجاه الآشوريين فقد قام أورتاكي بإعادة تمثال الآلهة عشتار التي نُقلَت إلى بلاد عيلام عام 674 ق.م([32]).قبيل وفاته قام الملك آسرحدون بتقسيم ورثة العرش([33]) بين ولديه آشور بانيبال ملكًا على بلاد آشور، أما ابنه (شمش شم أوكن) فاعتلى عرش بلاد بابل، لذلك نجد أن بعد موت أسرحدون تمرد أورتاكي، وينسى ويتجاهل نواياه الحسنة للآشوريين، فما كان على آشور بانيبال إلا أن يقوم بصده وبإبعاده عن بابل([34]).
عند بداية تولي الملك آشور بانيبال الحكم ازدادت المشكلات والصراعات الداخلية والخارجية، وما يعنينا هو الجبهة الخارجية وتحديدًا الصراع بين الجانبين الآشوري والعيلامي([35]).فتمثل الدور العيلامي بالمجال الذي مارسه عن طريق تحريض القبائل الكلدية والآرامية في جنوب بابل،ودعمهم وتشجيعهم على التمرد ضد الإمبراطورية الآشورية، على الرغم من كل محاولات الملوك الآشوريين لإقامة علاقات سلام ما بين الجانبين، وقد أشرنا سابقًا عندما حلت المجاعة في بلاد عيلام وسعي الملك أسرحدون إلى إقامة علاقات ودية، وتدعيم الأواصر بإرسال تجهيزات من الطعام قرب الحدود البابلية([36]).
سار الملك آشوربانيبال على نهج والده عند توليه الحكم، فعمل على تهدئة الأوضاع المضطربة في بلاد عيلام، وأرسل لهم المساعدات، لكي تعينهم في تجنب الاضطرابات التي قد يتعرضون لها،بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية التي قد تضطرهم للهجرة، بسبب الضائقة الاقتصادية([37])،ومساعدة العيلاميين لاسيما في وقت الأزمات كما يبدو ذلك واضحًا من النص التالي: “عندما كانت هناك مجاعة في عيلام ونقص الموارد الغذائية، أرسلت الحبوب للإبقاء على حياة شعبه، ومسكنا يده (لمساعدته)، وأعدت له شعبه الذي هرب من المجاعة، والتجأ للسكن في آشور حتى أمطرت في بلاده وضمن الحصاد وظلوا على قيد الحياة في بلادي”([38]).
فاتخذ الملك آشوربانيبال العديد من الإجراءات التي من شأنها مساعدة العيلاميين لاسيما في وقت الأزمات كما يبدو ذلك واضحًا من النص السابق.
نستنتج من النص أن آشوربانيبال استمر في تقديم المساعدة وإرسال المواد الغذائية لبلاد عيلام خلال مدة المجاعة، من أجل إنقاذهم من المصائب التي مرت بها بلادهم في أوقات الكوارث والأزمات، كما استمر على سياسة والده في إبقاء اللاجئين في بلاده آشور إلى حين انتهاء الأزمة،وعلى الرغم من المساعدات التي قدمها الملك آشور بانيبال لهم؛فإن العيلاميين نقضوا السلام وعملوا على تغذية القبائل الكلدية والآرامية المتمركزة في بابل، وتقديم العون المادي والعسكري لهم، فكان على الملك آشوربانيبال إرسال العديد من الحملات العسكرية ضدهم، وإنهاء وجودهم ككيان سياسي، وهذا ما حصل في عام (639 ق.م).
بعد مدة قصيرة نقض آورتاكي (675-663ق.) ناسيًا تلك المساعدات التي قدمها لهم الآشوريون أيام المجاعة، وشجعه على ذلك انشغال الجيش الآشوري بالجبهة المصرية، وأمر تقسيم وراثة العرش بعد وفاة الملك أسرحدون بين آشوربانيبال وأخيه شمش- شم- أوكن([39]).فقد وجد آورتاكي الفرصة المناسبة للقيام بتحريض أهالي كربيت (kirbit)([40]). الإيرانية على عهد حاكمها تانديا (tandia)، من أجل مهاجمة إيموتبال (Iamutabal)، القريبة من مدينة الدير، وتطلب ذلك الأمر قيام الملك آشوربانيبال بإرسال قوة عسكرية إلى مدينة كربيت، وألقى القبض على حاكمها وأرسله إلى نينوى([41]).
وفي هذه الأثناء قرر آورتاكي شن هجوم على بلاد بابل عام (664 ق.م)، واستمالة بعض المتآمرين مثل بيل اكشا(bel -i kiša) للوقوف معه ضد الآشوريين([42])،وأرسل آشوربانيبال أحد قادته لإطْلاعه على الوضع في بلاد بابل، والتأكد من صحة ما قام به القادة العيلاميون، وكان الملك يريد الاستمرار في علاقات السلام، وعدم الخوض في صراع مباشر مع بلاد عيلام، لكن المبعوث أبلغه حال عودته بتمرد أورتاكي ضدهم كما جاء في النص التالي: “كلمة الملك آشوربانيبال أراضي أراشي صغارًا وكبارًا: أنا بخير عسى أن تكن قلوبكم بصحة جيدة! لماذا أميل بشكل إيجابي لأرض عيلام، أحب صديقي وعدوي لا أشوه سمعته، لقد أظهرت العطف للجميع، حتى لو قاموا بفعل الشر لي بالبداية في أيام أورتاكو ،عندما كانت هناك جماعة الخائن (الكلب) يبحث عن طعام عكس، حكمي بلسان الآلهة، لقد تحدث بالحكم والحق (؟) الذي سمعت الآلهة: دعه يذهب مع تماريتو ويشاركه، كما أنني تضرعت لآلهتي آشور مردوخ، أليس صحيحًاأنهم سيقومون بعمل أي شيء لا يشبع غضبي”([43]).
يتضح لنا من هذا النص أن الملك آشوربانيبال كان لا ينوي الدخول في معارك مع العيلاميين، وأنه أراد أن يعقد مع العيلاميين اتفاقية سلام بينهم، ويبدو ذلك من خطابه سكان أراشي العيلامية، وبيَّن لهم استعداده لتقديم المساعدة أيام المجاعة، لم يبقَآشور بانيبال مكتوف الأيدي، بل سارع إلى معالجة الموقف؛إذ طلب من أخيه شمش شم أوكن إرسال قوة عسكرية تحت قيادة نابو شار أوصر (nubu–šar ussur)، لمساعدة الحاميات العسكرية الآشورية، واستطاع تحقيق الانتصارعليهم، وحصولهم على العديد من الغنائم، وعملوا على ملاحقتهم حتى حدود بلادهم، وأوقعوا بهم خسائر كبيرة([44]).
خامسًا:أسباب الأزمة:
هناك العديد من العوامل الطبيعية تقف وراء الأزمات الاقتصادية في بلدان العالم
أولًا:العوامل الطبيعية:
عرفت البيئة الطبيعية بأنها كل ما يحيط بالإنسان من ظواهر خارجة عن إرادته وليس له دخل فيها، وتضم الإطار الذي يعيش فيه الإنسان([45])،وهي الوسط الذي يؤثر فيه ويتأثر به، ولا يمكن للإنسان أن يعيش خارج الوسط البيئي([46])؛ إذ تُعَدُّ الطبيعة من أهم الأمور التي شغلت الفكر الإنساني منذ أقدم العصور.وترتكز نظرية البيئة على أن للظواهر الطبيعة والبيئة الجغرافية أثرًا على مسار حياة الإنسان على الأصعدة النفسية والدينية والاقتصادية والسياسية كافة وحتى الاجتماعية([47]).
وتقع بلاد عيلام في الجنوب الغربي من إيران الحالية، وألَّفت بأقسامها وسهولها الزراعية وحدة جغرافية متكاملة، فقد كانت هناك اختلافات مهمة بين قسم وآخر سواء من ناحية التضاريس أو المناخ، أظهرت خلالها خصائص الجبال والسهول والهضاب والأودية، واستطاعت نتيجة تلك البيئة الجغرافية المتنوعة والغنية بالثروات الطبيعية التي كانت تتمتع بها؛ أن تؤسس حضارة كان لها تأثير مميز في تاريخ العالم القديم([48]).
يتميز مناخ بلاد عيلام بكونه مناخًا قاريًّا شبه مداري،ويكون المناخ في المنطقة الجبلية شبيهًا بمناخ البحر المتوسط حيث الشتاء البارد والصيف المعتدل والأمطار الغزيرة،وتتميز بالتنوع النباتي والحيواني، أما منطقة السهوب فالمناخ انتقالي بين مناخ البحر المتوسط والمناخ الصحراوي،وتقل فيه الأمطار التي تستمر لمدة ثلاثة أشهر فقط تروي خلالها السهول والوديان([49]).
وكان للظروف البيئية والمناخ دور واضح في الأنشطة المتعددة والمختلفة لحياة الإنسان القديم، وبما أن مناخ بلاد عيلام تميز بتقلباته الفصلية؛ فلابد لسكانها من مواجهة تلك الظروف المناخيةلاسيما أمطارهوفيضان أنهاره، وذلك بجهود خلاقة لتنظيم الري وإنشاء القنوات والخزانات؛ حتى يتمكنوا من مواجهة الطبيعة القاسية والسيطرة عليها([50]).
وأسهمت المياه في بلاد عيلام بمصادرها المتنوعة من إمطار وثلوج وأنهار منذ أقدم عصور التاريخ في بناء الحضارة والمدن العيلامية، ويخترق بلاد عيلام من الشمال إلى الجنوب ثلاثة أنهار رئيسة ومتوازية تصل جميعًا بشكل مستقل إلى الخليج العربي، وهي الكرخة([51])، والكارون([52])، وديز([53]).فضلًا عن أنهار أخرى في بلاد عيلام لكنها أقل أهمية، أهمها نهري مارون وهنديان (زهرة)، اللذان تنبع مياههما من جبال زاكروس([54])، وقد شكلت هذه الأنهر المصدر الرئيس لمياه الشرب للإنسان والحيوان، ولسقي الأراضي الزراعية في فصل الصيف، إذ كانت سببًا في نشوء أولى المستوطنات الزراعية فيها، ووسيلة اتصال بين عيلام وما يجاورها من مناطق وأقاليم([55]).
ثانيًا:العوامل الاقتصادية:
شهدسهل شوشة الذي كان يتمتع بموارد طبيعية كبيرة، لاسيماالأنهار التي تجري فيه:كرخه, دز,والكارون، فضلًا عن وقوعه على الطرق التجارية لبلاد ما بين النهرين مع الهند وآسيا الوسطى؛ تطورات اقتصادية واجتماعية كبيرة([56])، أدى إلى نقص الموارد الغنية مثل الذهب والفضة والنحاس في بلاد ما بين النهرين,ووفرته في هضبة إيران، واستخراجه وإنتاج الأدوات النحاسية للتصدير إلى هيمنة العيلاميين على جزء كبير من الأسواق العالمية في هذا المجال([57])، وتوسع سهل شوشة كمركز وعاصمة إقليمية في الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد([58])، وكان جزء كبير من العلاقات الاقتصادية للمنطقة يعتمد على استغلال الأراضي الصالحة للزراعة([59])،وفي الوثائق العيلامية إشارة إلى الأراضي الزراعية في الشوش على شكلين(قاحلة، مزروعة وجاهزة للزراعة).
وكان النظام الزراعي يعتمد على الري والأمطار، إلا أن عددًا كبيرًا من الأراضي الزراعية كان يعتمد على قنوات الري المتعددة, وبحسب هذه النصوص، كان يمر بالقرب من هذه الأراضي،إما قناة واحدة أو اثنتين بل وأحيانًاثلاث قنوات، وبالتأكيد كانوا يعطون حقوق مائية معينة للأراضي المجاورة لها([60]).
وذكروا في هذه النصوص أسماء الأراضي الزراعية، وأيًّا منها كانت مناسبة لزراعة محصول واحد أو أكثر، ويبدو أن المحصول الرئيس المزروع كان الشعير, فبالإضافة إلى كونه صالحًا للأكل, كان الشعير يُعد سلعة ثمينة، وكان يُستخدم كوسيلة لدفع مبالغ المعاملات ودفع الأجور والإعاشة اليومية , ومن بين المنتجات الأخرى القمح والسمسم والعدس، التي كانت تستخدم بشكل مباشر كغذاء للسكان المحليين، أو كانتتُصَدَّرأحيانًا إلى المناطق المجاورة،وقد عُثرَ على عدد كبير من النصوص المتعلقة بشراء الأراضيوبيعها،كالحقول، وبساتين النخيل من عيلام القديمة، وفي جميعها تقريبًا، واستُخدِمَت صيغة محددة لإعداد الوثيقة(العقد)، ففي هذه العقود تحديد أبعاد ونطاق العقار من خلال ذكر تفاصيل مثل المزارع الموجودة في جوار العقار المرغوب فيه والقناة أو قنوات المياه التي تمر على الأرض,وتحديد العقارات بأسماء أصحابها, وكان يُذكر في العقد أيضًا نوع المنتج (القمح، الشعير، السمسم، العدس) التي كانت الأرض تصلح لزراعته، وفي أغلب الأحوال كان نص العقد يبدأ بعبارة “حقل صالح للزراعة…”.
وفي بلاد عيلام حصلت الأزمة الاقتصادية بسب قلة الأمطار وشحة الموارد الغذائية,مما أدى ذلك إلى تفاقم الوضع الاقتصادي،ولجأ سكان بلاد عيلام إلى بلاد الرافدين للحد من هذه الأزمة ومعالجة الأوضاع وإيجاد حلول للأزمة([61]).
سادسًا:الرسائل الملكية لنابو بيل شوماتي مصدر للأزمة:
هناك العديد من الرسائل الملكية التي تؤكد حدوث الأزمة في بلاد عيلام، من هذه الرسائل:“لملك البلاد مولاي خادمك كودورو. عسى ارك واي-انا يباركوا بملك البلاد مولاي. –أصلي يوميًّا لعشتار ارك ونانا للحفاظ على حياة مولاي الملك. بالنسبة لاوباكو، حيث كتب عنها لي مولاي الملك،(بقدر) بيل، نابو، عشتار ارك ونانا يبقون مائلًا عن مشرق الشمس حتى مغيبها: علهم يدمرونه تمامًا ويسلمون(هـ) ليدي مولاي الملك، ملوك جميع البلدان، موشيزيب-ماردوك,ابن اخت بيل-ايبني، الذي جاء أمام مولاي الملك مرتين أو ثلاثة بمهام من بيل-ايبني وضعه في قيادة أموره: لقبه هو “مشرف بوابة المدينة”.إنهم يوصلون معلومات تخص بلاد مولاي الملك لعيلام, وإذا ما حدثت مجاعة في عيلام, سيوفرون طعام لتلك البلاد. لقد كتبت لمولاي الملك, الملك مولاي يجب أن يفعل ما يراه مناسبًا“([62]).
نستنج من النص أن هناك مجاعة في بلاد عيلام،وأنهم يطلبون من الملك أسرحدون إرسال طعام لهم؛ لأن خادم الرسالة من خلال الأرشيف الآشوري يعود تاريخه للملك أسرحدون.
وهناك نص آخر عن الأزمة: “خادمكم بيل ابني[…. (نبذات)….عيلام، مجاعة…. مع Hilimو PillatوGumguhuوYashianوقبائل Lakabruوالتي تجاورت أراضيهم مع خاصتنا.لقد كان الدقيق يصنع من أعشاب لاذعة ومن بذور أعشاب lungirtu والتي كانت تتغذى عليها حمير البرية، فقد كانوا يطحنوهايغربلوها ويمزجوها معًا، وحينما تصبح بالشكل النقي (؟)والكثافة المضبوطة كانوا يأكلون الخليط ويعيشون عليه. إن نابو بيل شوماتيوالذي خدع نابو سيعرض للبيعقد استأجر مقابل ثمن عشر غور من التمر واثنين من العبيد“”([63]).
وهناك نص آخر حول الأزمة:“إلى مولاي سيد الملوك، خادمك بيل ايبني. ليمنح آشور، شمش، ماردوك السعادة والسلطان الدائم لمولاي الملك طول الدهر،أما عن أخبارعيلام: فلقد قام اوماهالداشو الملك السابق الذي هرب ثم عاد واعتلى العرش، بترك ماداكتو خائفًا، بينما قامت والدته وزوجته وأبناؤه وجميع عائلته بتسليم أنفسهم، حيث عبر هذا الملك البحر متجهًا جنوبًا إلى مدينة تالاهالويل، وأصيبوا بحالة من الذعر،وتوقعوا قدوم المجاعة. حيث أصبحت البلاد مهجورة برحيلهم. إنهم يقومون بجمع ضرائب الحبوب من كافة أرجاء إيلام ويسلموها إلى sharnuppu الرسمي ويعتاشون منها 14، وبينما كان اومهولوما حيًا طرق بابه نابو بيل شوماتي لقلقه الشديد على أتباعه. ومن مدينة تالاه إلى مدينة ريد Rade وشالوكا عملت جميع هذه المدن على توصيل ضرائب الحبوب إليه ليتم توزيعها على قسم sarnuppu الرسمي , أما الآن فإن جميع sharnuppu عندما تمكنوا من القبض على نابو بيل شوميت وكبير خدمه نسخور بيل Niskhur-Belأمسكوا بهم قائلين: “إنكم عندما أطلعتم اومهولوماUmhulumaعلى رغباتكم قام بتسليمكم مؤونتنا وبالتالي قتلتم شعبنا جوعًا”([64]).
وتوافر لدينا نصٌّآخر حول المجاعة: “الى مولاي الملك سيد الملوك، خادمك بيل ايبني، ليمنح آشور وشمش ومردوخ السعادة والسلطان الدائم لمولاي الملك طول الدهر. إنه فيما يتعلق بالاعتقالات وحرق المدن التي كتب عنها مولاي الملك قائلًا” يجب أن يعلم بأن كنوز ماداكتوبان مولاي الملك خارج عيلام، وكما يعلم مولاي الملك بأن الطعام الذي في عهدتي قليل جدًا، لذلك استأذن مولاي الملك بإرسال الحارس إلي“([65]).
الخاتمة
من خلال كتابة هذا البحث تم التوصل إلى الاستنتاجات التالية:
المصادر
([1]) فاضل عبدالواحدعلي، “الكتابة”، موسوعة العراق في موكبالحضارة، ص188-189.
([2]) ليواوبنهايم، بلاد ما بين النهرين، ترجمة: سعدي فيضي عبد الرزاق، بغداد، 1986م،ص467-468.
([3]) سليمان، عامر، الكتابة المسمارية والحرف العربي، الموصل، 1986م,ص51-52.
([4]) محمـد نورالدين حاطوم،موجزتاريخ الحضارة،دمشق،1963م،ج1،ص234.
([5]) ابتهال عادل إبراهيم، “مدينة أربيل في رسائل منتخبة من العصر الآشوري الحديث 911-612ق.م”،مجلة التربية والعلم،م19،الموصل،2021م،ص3.
([6]) ساكز،المصدر السابق،ص390-391.
([7]) محـمد بن أبي بكر عبد القادر الرازي، مختار الصحاح، بيروت، ۱۹۸۱، ص15.
([8]) ابن منظور،أبو الفضل جمال الدين مكرم الإفريقي المصري، لسان العرب، بيروت، ١٩٥٥-١٩٥٦.
([9]) موريس فلامان وحان سنجر كرل، الأزمات والانحسارات الاقتصادية، ترجمة: ناجي نعمان، مج۲، ص57، فرنسا، ۱۹۸۰.
([10]) هيفي سعيد عيسى،الأزمات الاقتصادية في العراق القديم حدود(2800-539ق.م)،دمشق، 2019،ص19.
([11]) المصدر نفسه،ص19، محفوظ أحمد جودة، العلاقات العامة مفاهيم وممارسات، (د.م)، ۱۹۹۹، ص٢٦٦.
([12]) المصدر نفسه،ص19؛ محـمد نصر مهنا،إدارة الأزمات،الإسكندرية، ٢٠٠٤، ص٢٤٣.
([13]) المصدر نفسه،ص20؛ د.ي. رونالد، إدارة الأزمات، القاهرة، ٢٠٠٤، ص٤٠.
([15]) ابن منظور، المصدر السابق، ج۱، ص٤٦٨؛ المارودي، النكت والعيون تفسير الماوردي، الكويت، ۱۹۸۲، ج4، ص٤٦٠؛ محي الدين عطية، الكشاف الاقتصادي لآيات القرآن الكريم، الولايات المتحدة، ۱۹۹۱.
([16]) رشا عبد الوهاب محمود الجمعة، نظرة العراقيين القدماء للكوارث الطبيعية في ضوء المصادر المسمارية، رسالة ماجستير غير منشورة كلية الآداب جامعة الموصل، ۲۰۰۷، ص٤٣؛
Oppenheim, “Siege Documents from Nippor”, Iraq, (1955), Vol.17, P.4؛ Lio
([17]) سامي سعيد الأحمد، تاريخ الخليج العربي من أقدم الأزمنة حتى التحرير العربي، البصرة، 1985، ص285.
([18]) Robert Rogers William, AHistory o f Babylonian and Assyria, P. 268
([19]) C.H.W, Johns, Babylonian & Assyrian, Laws, Contracts and letters, (London: 1919), pp. 347-348
([20]) الأحمد، المصدر السابق، ص۲۸۷–۲۸۸.
([22]) Ivan Star, Stata Archives of Assyria, in VOL, IV (Helsinki, 1990), pp. 263-264.
([23]) الماريناي، الاسم العيلامي لسكان القطر البحري المشتق من مارتو (الأهوار المالحة)للمزيد ينظر:جمال ندا صالح،السلماني، العلاقات السياسية لبلاد الرافدين مع بلاد عيلام في العصر الآشوري الحديث، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، جامعة بغداد، 2003،ص190.
([24]) فارس عجيل جاسم الخالدي، التطورات الداخلية في بلاد بابل 858-612ق.م، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، جامعة البصرة، 2005،ص126-127.
([25]) قتل سنحاريب على يد أحد أبنائه بسبب تفضيله لابنه الأصغر أسرحدون عليهم، على إثر ذلك حدثت حرب أهلية بينهم،وقد وردت أحداث هذا الاغتيال في التوراة، (سفر الملوك الثاني 19: 36-37). للمزيد ينظر: ابتهال عادل إبراهيم، ظاهرة الاغتيال السياسي في العصر الآشوري الحديث(911-612ق.م)،” مجلة التربية والعلم،الموصل، 2011،العدد3،مج18، ص87؛raqk (1974), Vol., p. 252.Mank ”Murder in Mesopotamia” ID. J, Wise
([26]) هاري ساكز، عظمة بابل، ترجمة: عامر سليمان إبراهيم، الموصل: 1979، ص145.
([27]) شمش: فهو إله الحق والعدالة سيد الفأل والعرافة وكاشف الأسرار المنتهي للسماء والأرض، صاحب التنبؤ والتكهن، ومن رموزه المنشار؛ السيف المسنن؛ قرص فوق سارية أو عمود اللهيب؛ الأشعة المنبعثة من أكتاف الإله شمش؛ الكف؛ النجمة في نهاية رأس الرمح؛ القرص المجنح. للمزيد ينظر: عبدالمالك يونس عبدالرحمن، عبادة الإله شمش في حضارة وادي الرافدين، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، جامعة بغداد، 1975، ص32؛
S.H.Hook, Babylonian and Assyrian Religion,(Oxford: 1962), p.18
([28]) حسين نورالدين الأعرجي، الخطاب السياسي في العراق القديم (3000-539ق.م)، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية، جامعةواسط، 2005،ص213-214؛SAA, Vol. 4, p 86
([29]) للمزيد من التفاصيل ينظر:قصي منصور التركي،ژيارصديق رمضان،المرصد الفلكي لمدينة أربيل دراسة في النصوص المسمارية،مجلة الدراسات التاريخية،عدن، 2021،العدد7،ص68-80.
([30]) بيت بارنكي: تقع في أقصى شمال عيلام غرب كرمنشاه. للمزيد ينظر: السلماني، العلاقات السياسية…، المصدر السابق، ص148؛
Geoege Smith, A History of Babylonia, (London: No.D), p. 147; Hinz, The lost world…, op. cit., p. 151.
([31]) ژيارصديق رمضان،العلاقات الآشورية العيلامية من خلال النصوص الملكية المنشورة(911-612ق.م)،دمشق، 2021،ص131.
([32]) السلماني، العلاقات السياسسية…، المصدر السابق، ص154-155.
([33]) Mathew Waters, Asurvey of Neo ElamiteHistory, (Helsinki: 2000), p. 42.
([35]) وراثة العرش: كانت الملكية في العراق القديم وراثية؛ إذ يخلف الملك أحد أولاده ولاسيما الابن الأكبر، وكان تفضيل الابن الأكبر على سائر الأخوة في كثير من شؤون العائلة في الحقوق والواجبات العائلية؛ لأنهأكبر سنًّا والأرشد عقلًا وتصرفًا، ومن ثَمّ يكون قادرًا على حمل السلاح والدفاع عن شرف العائلة واسمها ومركزها، وقد شذ عن هذه القاعدة كل من سنحاريب وأسرحدون اللذين قاما بتعيين أولادهما الأصغر سنًّا لولاية العهد، مما آثار حفيظة أبنائهم الآخرين. للمزيد ينظر:أحمد يونس أبليه الجحيشي،ولاية العهد في العصر الآشوري الحديث911-612ق.م،رسالة ماجستير غير منشورة،كلية الآداب،جامعة الموصل، 2011،ص34.
([36]) G.G Cameron, History of Early Iran, p. 186.
([37]) تتمثل الأوضاع الداخلية المضطربة في بلاد الشام بالصراعات بين أفراد العائلة الحاكمة،للسيطرة على العرش أدت تلك الأوضاع إلى تشجيع بعض الأقاليم والولايات العيلاميةإلى إعلان استقلالها عن السلطة المركزية. للمزيد ينظر:
Sindney Smith, “Campaigns in Mannai and Media”, CAH. (Cambridge: 1980), vol. 3, p. 119.
([38]) Cameron, History of Early, op. cit., p. 185
([39]) باسم محـمد حبيب، الفكر الاقتصادي العراقي القديم في ضوء النصوص الأدبية 300-539 ق.م، أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، جامعة واسط، 2016، ص122.
([40]) كربيت: تقع على نهر كادي شرق الدير للمزيد ينظر:Cameron, History of Early… op, cit., p.18
([41]) الخالدي، التطورات الداخلية…، المصدر السابق، ص 107،
A. Leo oppenhiem, The Neo. Babylonian Empire and it’ssucce ssors, InENET, p.301–303.
([42]) هناك عدة أسباب دفعت بيل أكشا إلى التحالف مع العيلاميين من أجل الوقوف ضد الآشوريين منها:أولًا/ المعاملة التي تلقاها بيل أكشا من أحد الموظفين الآشوريين، الذي قام بطرده من القصر بعد أن عُيِّنَ من قبل آشوربانيبال حاكمًا إداريًا على قبيلته،فقام الموظف الآشوري بتوزيع الرشاوي على المقربين من بيل أكشا، من أجل إعلان تمردهم. ثانيًا/ عدم استقبال الملك آشوربانيبال لأولاد بيل أكشا استقبالًا جيدًا مقارنة بأولاد النبلاء. ثالثًا/ قيام الملك الآشوري بإغلاق أحد طرق المواصلات المهمة لقبيلة كامبولا. رابعًا/ يذكر بيل أكشا أن السلطات الآشورية قامت بسجنه ومعاملته معاملة سيئة لاتهامه بعلاقة مع العيلاميين. للمزيد ينظر: سامي سعيدالأحمد، “بلاد بابل تحت الحكم الآشوريمن صعود آشوربانيبال حتى وفاة شمش شم أوكن”، مجلة سومر، (بغداد: 1968)، مج42، ص57؛ حسين درخشى حسن أحمدي، بررسى تحول فرهنك وسياسى إيلام از أغار تا فرو باشى ، مجلة بذو هش هاى علوم إنسانى، (مرداد: 1392)، ذماره 20، ص198؛ عزت الله تكيهان، شومى كهى ترين مركز شهر نشينى جهان، ناشر: سازمان ميران فرهنك كشوره، (تهران: 1375ش)، ص341.
)[43](Waterman, No. 295, p. 205–207.
([44]) يبَّن الملك آشوربانيبال مصير جميع الأشخاص، من بلاد بابل الذين تآمروا مع العيلاميين ضد الآشوريين، هم بيل أكشا ونابو شومارش، وأن الإله مردوخ أنزل به العقاب الصارم، وأن القرى والمدن البابلية التي كان لها الدور في الأحداث المقررة قد أصابها الدمار الشامل. للمزيد ينظر: الأحمد، بلاد بابل تحت الحكم الآشوري…، المصدر السابق، ص58،
Arthur Piepkron, Historical prism In Scriptions of Asur Banipal, (Chicago: 1933). p. 58
([45]) محمـد محمود السلمان الجغرافية والبيئة، منشورات الهيئة العامة للكتاب، دمشق، ۲۰۰۹، ص۱۷.
([47]) حسين سيد نور الأعرجي، جذور الفكر في العراق القديم وروافده، آرام للدراسات والنشر، بغداد، ۲۰۱۹، ص٤٢.
([48]) للمزيد ينظر: سليمان سعدون البدر، دراسة تاريخية لمنطقة الخليج العربي والحضارات الأخرى التي نمت على شواطئه أثناء الألف الرابع ق.م، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، جامعة الإسكندرية: 1972، ص44؛
D.T.Potts, The Archecology of Elam Formation And Trans Formation Of An Ancient Iran State,(Cambridge) 1970, p.58; D.Potts, Ancient Iran, (Oxford :2013), p.3-17; D.Potts, The Zagros from Tier And The Problem For Relation Between The Iran an Plateau And Southern Mesopotamia in Third Millennium B.C,(Berlin: 1982), p.37; Javier Alvarezmon, Gianpietro baseiloand others,The Elamite word, (New York: 2017).
([49]) Rezazadeh Shafarudi. M., Elam i. Geography, Encyclopedia Iranica, Vol.XII, Fasc.6. (August 23, 2016), pp. 628-631.
([50]) کلمان هوار إيران وتمدن إيراني ترجمة حسن انوشه چاپ چهارم تهران ١٣٨٤هـ ش، ص٣؛ ف. دياكوف ومن كوفاليف الحضارات القديمة، ترجمة: نسيم واكيم اليازجي ط منشورات دار علاء الدين، دمشق، ۲۰۰۹، ج۱، ص١٩٦.
([51]) نهر الكرخة: يقع غرب عيلام، وينبع من جبال بشته – كوه الغربية، عرف باسم أوقنو أو اكنو (Uqnu)، وقد سمي بالكرخة لمروره في مدينة تحمل الاسم ذاته واقعة على ضفته اليمني، وقد اشتهر بعذوبته ونقاوة مياهه،وبنيت على ضفته اليسرى مدينة سوسة عاصمة عيلام. للمزيد ينظر:Sykes, History of Persia, Vol. 1. (London, 1969), pp.40-41.
([52]) الكارون أحد فروع نهر الكرخة،وقد أطلق عليه العيلاميون والبابليون نهر أولاي (Ulai) (اللازورد)، وتميز بكونه يجري في كل اتجاه لعيلام، ويحتوي على كميات كبيرة من الطمي،وينبع هذا النهر من مرتفعات جبال البختيارية شرق عيلام، الذي شهدت ضفافه معارك كثيرة وطاحنة بين بلاد الرافدين وبلاد عيلام، ويمثل المهد الأساسي لابتكار الزراعة المروية في بلاد عيلام وصلاحيته للملاحة فضلًا عن عذوبة مياهه. مصطفى عبد القادر النجار، عربستان مركز دراسات عيلام، بغداد، ۱۹۸۰)، ص15.
([53]) نهر دز أو ديز: ينبع من جبال لورستان بالقرب من مدينة بوروجيرد (Burujird)، ثم إلى سهول عيلام عرف عند العيلاميين باسم إيديدي Edide)، وقد تميز هذا النهر بشدة جريانه واستمرار تدفقه في فصل الصيف رغم جفاف غالبية الأنهار في إيران، كما تميز بقلة ملوحته. ينظر: Hinz, W., The Lost World of Elam, (London, 1974), p.18
([54]) Potts, The Archaeology of Elam…, p. 1
([55]) Sykes, History of Persia, pp. 39-40.
([56]) Hekmat, Naser. Assessment of the economy of Iran and statistical analysis of the most important indicators especially during the past three decades with special focus on foreign trade along, with short term forecast of some economic indexes, (Berlin: 2005), p. 10.
([57]) زهرا میراشه وکمال الدین نیکنامی وبهمن فیروزمندي, بررسی إسناد اقتصادي خرید- فروش، اجاره، وام در دوره عیلام قدیم, فصلنامه علمی- پژوهشی پژوهشنامه تاریخ سال یازدهم، تابستان -1395 شماره 43،ص3.
([58]) Ladumer, Ulrich.. Mullahs und Mitallurgen, Hamburg, Die Zeit 12, )2004(, p. 11-13.
([59]) کارتر الیزابت، “یادداشتی درباره باستان شناسی وتاریخ اجتماعی واقتصادي شوشان”، زیر نظر ژان پرو وژنوییو دلفوس، در شوش وجنوب غربی إیران، تاریخ وباستان شناسی، ترجمه هایده اقبال، مرکز نشر دانشگاهی، تهران، 1376،ص22
([60]) زهرا، كمالوبهمن،المصدر السابق،ص3.
([61]) بادامچی، حسین (1391)،”اجاره نامه زمین کشاورزي: تحلیل سه سند حقوقی از عیلام باستان به همراه ویرایش متن اکدي”،ص624؛Salonen, E. Untersuchungen zur Schrift Sprache des Altbabylonischen von Susa mit Berücksichtigung der Mâlamir-Texte, Stor 27,)Helsinki:1962), p. 30und
([62]) R. H. Pfeiffer, State letters of Assyria,(Michigan press:1930),No,277,p.24