مركز عدن للدراسات التاريخية

صهاريج عدن الإسلامية

د. أحمد صالح رابضة

د. أحمد صالح رابضة([1])

الملخص:

حدود هذا البحث غير محددة الفترة الزمنية ، فهي إشارات وإضاءات وإيماءات وردت في المصادر والمراجع العربية والإنجليزية عن مأثرة من أبرز المآثر التاريخية والأثرية في مدينة عدن ، أختلف العلماء والاختصاصيون في نشأتها، فمنهم من أعادها إلى جذورها القديمة في الحضارة اليمنية القديمة ، ومنهم من أعتبرها مآثر إسلامية شيدتها الدول الإسلامية المتعاقبة على اليمن، مثل آل رسول وآل طاهر وآل زريع، وذهب آخرون مذاهب شتى في ذلك ، وأكد آخرون أن المهندسين البريطانيين، منذ أيام بليفير، قد أعوزتهم الحقائق، فغيروا مساراتها القديمة، وطمسوا تاريخها الإسلامي .

وقد تناولنا بالبحث جملة من النقاط اللصيقة بالموضوع، أبرزها: الهضبة التاريخية ومآثرها، وموقع الصهاريج وتاريخ بنائها، والسبعة الدروب، والصهاريج الإسلامية الواقعة ضمن منظومة الصهاريج وخارجها، والمتغيرات التي طرأت عليها منذ 1856م، والبعثات العلمية الأثرية التي قدمت لمعاينتها ودراستها، والأضرار التي لحقت بها جراء السيول، والوسائل المتبعة في صيانتها، والتي لم تثمر حتى يومنا هذا.

Abstract:

The period of this research, is not definite ” the time period “, it was only signals found in the Arabic and English references, which mentioned about the important historical landmark found in Aden city, there is some differences about the construction of this tank, some of the scientist defined it to the old Yemenis civilizations , and the others thought that it is a Islamic land mark, builded by the Islamic countries which ruled Aden as: Al – rsoolyeen – Al – tahreyeen– Al-Zureyeen , the British engineers thought that from the days of ” belifer “, they lost the truths and canceled its Islamic history .In this research, studied in details: the historical hill and its land mark. the position of the tanks. the history of its building. the seventh fences.

And the other tanks which located in same position and form a group, and every the events which happened since 1856, also the monuments scientific expeditions which visited the tanks, to see what is happening actually, and studied the harms that had happened to them because of the floods, and the methods of maintenance.

تمهيد:

هي قراءة جديدة في موضوع قديم حديث، تناوله المؤرخون الأقدمون ودونوه في تصانيفهم، من أمثال: بامخرمة (ت: 947هـ/1540م)، وابن المجاور (ت: 690هـ/ 1291م) وسواهما، وأجهد الباحثون المحدثون أقلامهم في عرضه ودرسه وتحليله من أمثال: لقمان، ومحيرز، وشهاب وسواهم، وسبقهم إلى تحرير ما استجد منها في عهود الإدارة البريطانية ضباط بريطانيون، من أمثال: بلييفر، وهنتر، وهارولدوف يعقوب، وأنجرامس وسواهم، وهؤلاء بمجملهم ضباط سياسيون، يقومون بمهام لخدمة سياسة بلادهم بريطانيا العظمى، فقد قاموا بقصد أو بدون قصد بطمس التاريخ التليد لهذه المعالم، وأخص بالذكر مدة بليفير ومهندسيه البريطانيين الذين عطلوا منظومة الصهاريج القديمة وشبكتها، وطمسوا تاريخ الكثير من الدروب والسدود والصهاريج، وأضفوا عليها مسميات لا تمت لها بصلة بهدف محو تاريخها القديم والإسلامي، وأدلى الآثاريون بعد ذك بدلوهم فيه، فظهرت تقاريرهم مثل تقرير: سيرجي شيرنسكي، وتقرير: نورس – بنهي، وتقرير: ليكوك وجورج صيدح، وتقرير: ميان عبد المجيد وسواهم، فمنهم من ناقش واجتر ما عرضه الضباط البريطانيون، ومنهم من أخذ بإقناع الدليل الذي بين يديه، وذهب آخرون مذاهب شتى، وأثاروا موجة من التشكيك والتوهين، وعلى الأخص أولئك الذين نسبوا الصهاريج للاحتلال الفارسي، استنادًا إلى رواية ابن المجاور، الذي أشار إلى صهريج واحد بعينه نسبه إلى الفرس، والشك الكثير يسود هذا المذهب، وليس ثمة ما يدعو إلى الشك أنهم طمسوا تاريخ الصهاريج، ومنها الصهاريج الإسلامية، ولكن الأنكى من ذلك أن هذه المنظومة لم تعرض على مجهر الفحص العلمي والدراسات الآثارية بحيث تحظى هذه الدراسات بقدر كبير من الدقة والضبط بغثِّها ورثِّها وحظها من الصواب والخطأ، ومن ثم ظلت هذه الدراسات وأمثالها تجتر ما ردده الضباط البريطانيون السياسيون، ولسنا بذلك نحط من قيمة أعمالهم، فلهم لاشك قصب السبق في تدوين تاريخ المعالم والمآثر في عهود الإدارة البريطانية، ولعل أدق نقد جدير بالأهمية ما عرضه البحاثة مؤرخ عدن الأستاذ عبد الله أحمد محيرز في كتابيه: “العقبة” وَ “وصهاريج عدن” للأعمال الإنشائية التي قامت بها الإدارة البريطانية في عدن، وأكد بما لا يدع مجالًا للشك أن القوم شوهوا تاريخ المدينة وطمسوا معالمها الإسلامية، وهذا حتّم علينا مجددًا أن نعرض لدراسة الصهاريج، فأخذنا نجيل الطرف في كتب التراث القديمة والحديثة؛ لنبرز ونعرض صورًا شتى من هذه المعالم الإسلامية، وعلى الأخص الصهاريج التي شيدتها الدول الإسلامية المتعاقبة على اليمن، وطرق ووسائل الري على ضآلتها التي عرفتها عدن خلال الحقب الماضية، والتي تعرضت للتغيير والتبديل، واتخذت لها مسميات إنجليزية تارة كما ألمحنا فيما تقدم، وعامية تارة أخرى أطلقها -على أغلب الظن- الضباط السياسيون والعوام وبعض الدارسين والمهتمين بالمآثر والمعالم، مثل: صهريج أبو عجلة وأبو سلسلة وغيرهما لوجود عجلة أو سلسلة في بعضها، وانمحت الأصول، مثل صهريج آل زريع، وصهريج آل رسول، أو صهاريج الغساسنة، وصهريج آل طاهر، والصهاريج التركية وسواها.

ومن نافلة القول: إن المدينة التي عانت شحة في المياه خلال القرون الماضية، والتي حيل بينها وبين التزود بالمياه، بسبب الصراعات والحروب وهجمات البدو الأعراب، ومنعهم وصول إمدادات المياه إلى عدن؛ سوف تلتمس شتى الوسائل والطرق للحصول على المياه، ومن هذه الوسائل حفر الأحواض والآبار والصهاريج فيها، وقد أسهمت أجناس مختلفة في هذه العملية – عملية الإصلاحات والاستثمار في الصهاريج- من إنجليز وفرس وهنود ويمنيين جلهم لا يدرك طبيعة هذه المآثر ولا تاريخها التليد.

وعلى الجملة، كانت خلاصة بحثنا محاولة الوقوف على جملة من الصهاريج الإسلامية التي مازالت ماثلة أمامنا ضمن صهاريج الطويلة مثل: صهريج أبي قبة، وصهريج الفارسي، أو خارج نطاق الوادي، ومنها صهريج آل زريع في طرف شارع الزعفران في عدن، أو على مقربة من جبل الأحمر المقابل لكود الحشيش “مجمع الخضار والأسماك حاليًا” في عدن القديمة، وبعضها الآخر قد اكتسحته الإنشاءات الإنجليزية، وبات في خبر كان، مثل الصهريج الضخم الذي كان على مقربة من باب عدن العقبة، والصهريج الضخم الآخر الذي يقف قبالة مجمع البنوك الأهلي.

هذا ما يمكن الاطمئنان إليه، وقد أشرنا إليه في بحثنا بضرب من الإشارات، وهنا قد تعوزنا أدلة الجزم القاطع في ذلك، لما سبق أن ألمحنا إليه من اضطراب الروايات، وما أحدثته الترميمات البريطانية من طمس لهذه المعالم، وإضفاء مسميات أخرى لا صلة لها بها البتة، لكن والحال هذه، لم تعوزنا أدلة الترجيح وإشارات وملاحظات وإيماءات المؤرخين، فمؤرخو القرن الرابع الهجري كالهمداني، والمقدسي البشاري الذي شاهد هذه الصهاريج في عدن، ومثلهم مؤرخو القرن السابع كابن المجاور، والثامن، كابن بطوطة، والعاشر كابن الديبع وسواهم، وهؤلاء جميعهم أشاروا إلى صهاريج إسلامية شيدت في هذه القرون، لكن غالبيتها قد طمست واختفت.

أولًا- حدود البحث وموضوعه:

حدود هذا البحث غير محددة المدة الزمنية، فهي إشارات وإضاءات وإيماءات وردت في المصادر والمراجع العربية والإنجليزية عن مأثرة من أبرز المآثر التاريخية والأثرية في مدينة عدن، اختلف العلماء في نشأتها، فمنهم من أعادها إلى جذورها القديمة في الحضارة اليمنية القديمة، ومنهم من عدّها مآثر إسلامية شيدتها الدول الإسلامية المتعاقبة على اليمن مثل: آل زريع، وآل رسول، وآل طاهر، وذهب آخرون مذاهب شتى في ذلك، وذهب فريق من الباحثين إلى أنها إسلامية المنشأ، وأن المهندسين البريطانيين منذ أيام بلييفير قد أعوزتهم الحقائق فغيروا مساراتها القديمة، وطمسوا تاريخها الإسلامي، وألقوا أمام الباحثين المحدثين ظلالًا كثيفة من التشكيك حول الروايات القديمة، وقد عرضنا في هذا البحث لعدد من الصهاريج الإسلامية التي لا تزال مثار شك بين الباحثين، بسبب الاضطراب الذي أحدثته إصلاحات المهندسين البريطانيين للصهاريج، وأبرزهم بلييفير.

ثانيًا- أهمية البحث:

وتكمن أهمية البحث في كونه يبرز صورًا ونماذج من الصهاريج الإسلامية، التي وقفنا عليها وأشرنا إليها بضرب من الإشارات الواردة في مصادرها كما سنرى، وتطرقنا في المقدمة إلى النشأة الأولى للصهاريج العامة في عدن، وعلى الأخص، تلك التي يتسع فيها القول، وأعني صهاريج الطويلة التي مازالت ماثلة أمامنا، مسلطين الضوء على الإشارات التي ألمح إليها ابن بطوطة والقلقشــندي وسواهما، وهي إشارات لا تتجاوز القرن الرابع الهجري، وضربنا صفحًا عن بعض الروايــات لعدم إمكان تحقيقها، بيد أننا نشير إلى أن ما وقفنا عليه من روايات، على ضآلتها، ليست مبرأة هي الأخرى من مآخذ الباحثين والدارسين، لكنها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن الدول الإسلامية التي تعاقبت على اليمن، قد شيدت عددًا من هذه الصهاريج في عدن وقد دعونا فيما تقـدم من السنين، إلى شحــذ همم الدارسين وبخاصة طلاب الدراسات العليا لخوض هذه الدراسات، وإجراء المزيد من التنقيبات الأثرية لمعرفة الجذور الأصلية التي قطع العلماء والمؤرخون في أصولها.

 وكيفما كان الحال، فهذا جهد المقل، وخلاصة ما سنقف عليه في البحث.

ثالثًا- أهداف البحث:

 (1) تجذير هذه الجهود وتوثيقها.

(2) تأصيل وتجذير مخلفات الحضارة الإسلامية في اليمن، وما يتعلق منها بوسائل الري القديمة وطرائق تشييد الصهاريج والبؤر المختلفة.

(3) التأكيد على أهمية هذه المآثر ذات النشأة العربية الإسلامية في اليمن، ونسبة الكثير منها إلى مخلفات الحضارة الإسلامية، وما قدمته الدول الإسلامية المتعاقبة على حكم اليمن وعدن بخاصة، وهي نظرة جديرة بالاعتبار، وتدحض الأفكار التي تصم تاريخ حضارتنا بكثرة الفتن، وقلة الجهود المتميزة.

رابعًا- منهجية البحث:

اتّباع المنهج التاريخي التحليلي في دراسة هذه المفردة, وتتبع الصور والوثائق والمقالات والإشارات والإيماءات المختلفة، وغربلتها والتركيز على الجوانب الرئيسة في البحث وهي الصهاريج الإسلامية، وتعقّب الإشارات والصور التي ألمحت إليها، والبناء عليها بما يتوافق مع المخلفات القائمة في وادي الطويلة مثل: “صهريج (أبو قبة)” ذي النمط الإسلامي، وصهريج الفارسي إسلامي النشأة، الذي غلبت عليه التسمية، فعده العوام وبعض الدارسين مأثرة فارسية، أضف إلى ذلك المسميات الإفرنجية التي تسمت بها بعض الصهاريج مثل صهريج: كوجلان، وصهريج: بلييفير وسواهما، وغني عن البيان، أن هذه المسميات قد غطت على الحقائق، والبست الصهاريج لبوسًا غير لبوسها مما جعل بعض الباحثين المحدثين يجنح إلى الشطط والتعسف في الرأي.

خامسًا- مخطط البحث: تم تقسيم البحث إلى ثلاثة مباحث:

 المبحث الأول:

 صهاريج عدن- وينقسم إلى ثلاثة مطالب:

 المطلب الأول- هضبة عدن ومآثرها

 المطلب الثاني- موقع الصهاريج

المطلب الثالث- السبعة الدروب

 المطلب الرابع- الصهاريج الإسلامية في منظومة صهاريج الطويلة وخارجها.

 المبحث الثاني :

صهاريج الطويلة- وينقسم إلى أربعة مطالب:

المطلب الأول- الصهاريج القائمة في وادي الطويلة

المطلب الثاني- المتغيرات التي طرأت عليها

المطلب الثالث- تاريخ بناء الصهاريج

المطلب الرابع- وضعية الصهاريج إلى ما قبل عام 1273هـ/ 1856م

المبحث الثالث:

مشروع صيانة الصهاريج- وينقسم إلى ثلاثة مطالب:

المطلب الأول- السيول التي اجتاحت عدن وفيضان الصهاريج

المطلب الثاني- ما خلصت إليه بعض الدراسات الأثرية

المطلب الثالث- الترميم والصيانة

المبحث الأول

صهاريج عدن

المطلب الأول- هضبة عدن ومآثرها:

يجدر بنا بادئ ذي بدء، أن نسلط الضوء على هضبة عدن، المصدر الرئيس لتدفق مياه الأمطار إلى السدود والدروب والقنوات والصهاريج المختلفة، وما تحويه هذه الهضبة من مآثر ومعالم مختلفة ذات قيمة أثرية وتاريخية متميزة، وهي فضاء واسع أغرى المستثمرين في وقتنا الحاضر فتاقوا إلى استغلاله واستثماره، غير عابئين بقيمته الأثرية والتاريخية بيد أنهم لم يفلحوا. فقد تصدت لهم الأقلام الحرة ومنظمات المجتمع المدني، ووأدت مشروعهم لحين من الوقت، وبدأت تشرئب أعناقهم اليوم في ظل الضعف السائد.

وكائنًا ما كان الحال، فمساحة الهضبة تقترب من نصف مساحة عدن القديمة، إن لم تكن أكثر من ذلك، وترتفع حدود 500 أو 800 متر عن سطح البحر([2])، مطلة على صهاريج الطويلة وواديها العتيق، وتتدفق مياه أمطارها من طريق منظومة أو شبكة من الصهاريج المعلقة التي شادها الأقدمون في أعالي وبطون الجبال بدقة وإحكام، تنطلق من علٍ عبر هذه السلسلة من السدود والقنوات المائية، حتى تصل إلى صهاريج الطويلة، ومن ثم تتجه إلى شبكة مترابطة بدقة متناهية من السائلات لتغذي بقية الصهاريج بالمياه، وقد تعطلت المنظومة برمتها منذ ترميم 1273هـ/ 1856م وما قبلها، وزاد الطين بلة، ما لحق بها من عبث، وما طرأ على البلد من تغييرات شاملة في البنى التحتية.

وتضم الهضبة الدروب السبعة المنسوب بعضها إلى أبي عثمان الزنجيلي على حد قول لقمان([3]) والقلاع التاريخية، وأبرزها القلعة التاريخية، وعلى تلة من تلال الهضبة، تقف كهوف البوميس المشهورة التي تنتج خلطة تتكون من حجر الخفاف، وهو زبد بركاني استخدمه أهالي عدن في البناء المعماري القديم فيها، وفي بناء الصهاريج وتجصيصها، ويشاهده الزائر ماثلًا على جدران الصهاريج، ومنها صهريج (أبو سلسلة) والصهريج الدائري([4])، ويطلق عقبة على هذا النظام المنجمي “الغرفة والعمود”، ويقول إنه استخدم كمادة إسمنتية رابطة، إلى جانب استخداماته كتجصيص لجدران الصهاريج الذي مازال عالقًا بها منذ أزمنة سحيقة.

وتتعرض هذه الكهوف اليوم لموجة من العبث والقشط المفرط، مما أدى إلى سقوط بعض أسقفها([5])، ويقف على مقربة منها برج الصمت، وهو معبد لأتباع الديانة الزرادشتية، كما تضم الهضبة مآثر مختلفة ونباتات غريبة، منها ما يستخدم في التطبيب والأدوية، وأنواعًا من الطيور والزواحف.

من جانب آخر تعرضت الدروب السبعة التي يرجح أنها شيدت في العصر الأيوبي في عدن([6]) إلى موجة من التغييرات حيث قام المهندسون البريطانيون بتغيير نظامها المحكم، وبنوا حواجز فوق الهضبة حالت دون تدفق المياه إلى المصارف الطبيعية، مما أدى إلى تعطيل النظام، وبذلك طمسوا الغرض الرئيس من بناء الصهاريج([7]). وذهب مدير الآثار في عدن أينج في 1373هـ/ 1953م إلى أن المهندسين البريطانيين أهملوا هذه المصارف وخربوها، وذلك ببناء حواجز للطمي والحجارة فغاض الماء في الهضبة([8])، كما أهملت السائلات، وشيدت عليها مصالح مختلفة وأدى ذلك كله إلى تعطيل الشبكة، ثم طمست الإصلاحات والترميمات التي شرعت فيها الإدارة البريطانية مطالع الخمسينيات عددًا من الصهاريج الضخمة، وقنوات المياه الأثرية القديمة التي ترجع بأصولها إلى مخلفات الحضارة الإسلامية في عدن.

ومنذ عملية الترميمات والإصلاحات التي بدأها الكابتن بليفير 1273- 1274هـ/ 1856- 1857م في صهاريج الطويلة، وفرغ منها في 1278هـ/ 1861م، وما أحدثه المهندسون البريطانيون فيها، وانتهاء بمشروع آخر قام به ثلاثة من التجار والمقاولين من جنسيات مختلفة، تمكنت هذه الأعمال وما سبقها من طمس تاريخ الصهاريج وتعطيل نظمه القديمة مما حدا بالأستاذ عبدالله أحمد محيرز إلى القول: “إن عمل المهندسين البريطانيين على وجه التحديد كان كارثة ألمت بالهضبة والصهاريج والسائلات بعامة، وكان التنقيب فيها عشوائيًا، ولم يتخذ طابعًا علميًا موثقًا، فقد وجه البريطانيون جل عنايتهم لصهاريج الطويلة وحدها، ولم تتخذ أية إجراءات لترميم الصهاريج الواقعة خارج نطاق الوادي([9])، وبذلك أجهز هؤلاء على معالم المدينة، ونشطت قواتهم لتصفية ما بقي من آثار على أرضها وجبالها لبناء المعسكرات والثكنات والقلاع، واختفت في غضون بضع سنوات، الصهاريج التي شيدها الطاهريون([10])، في عهدي الملك المنصور وابنه عامر بن عبد الوهاب، واختفت معها قنوات الثلاج التي أجراها عامر إلى ظاهر مدينة عدن من أماكن بعيدة([11])، ناهيك عن صهاريج إسلامية أخرى كانت قائمة في العهود الزريعية والرسولية والتركية، كما أن إجماع الضباط السياسيين، ومن جاء بعدهم على نسبة هذه الصهاريج إلى حقبة الغزو الفارسي الثاني حوالى 600م([12])، كان سببًا من الأسباب التي أسهمت في عدم تعقب تاريخها وضياع معالمها.

المطلب الثاني- موقع الصهاريج:

يعد وادي الطويلة من أهم المواقع التاريخية والأثرية في مدينة عدن، حيث تقوم فيه سلسلة من الصهاريج، هي المعروفة بـ: “صهاريج الطويلة “، نسبة لوادي الطويلة، وهي الصهاريج الوحيدة التي مازالت قائمة في هذا الوادي، يأخذ بعضها برقاب بعض، وقد شُيدت في مضيق قُدّر طوله بحوالي سبعمائة وخمسين قدمًا، يكاد جبل العر (شمسان)([13]) يحيط بها إحاطة السوار بالمعصم لولا منفذ واسع يفضي بها إلى المدينة، وتبدو في هذا الوضع وكأنها جاثمة تحت قدمي الجبل، تتلقى المياه المنحدرة من قممه، ولكنها حينما تمتلئ تفيض فتنحدر إلى قلب المدينة وتجرف كلما يقف أمامها، بيد أن تخطيط المدينة الحديث، هيأ لهذه المياه الفائضة سبلًا تنطلق عبرها إلى البحر، هي اليوم بحاجة إلى التنظيف والصيانة، فقد كادت تمتلئ بالحجارة والمخلفات الأخرى، كما أنُشئ ملعب حديث للأطفال بحذاء فم صهريج الفارسي الواقع خارج دائرة صهاريج الوادي، سيعوق لاشك تدفق وانحدار السيول، إن لم تجرفه السيول نفسها، فقد فاضت الصهاريج في أوائل عقد الثمانينات.

   وقد انفجر جدار هذا الصهريج المحاذي للملعب – حديث العهد -، وتدفقت المياه وأحدثت أضرارًا مادية وبشرية بمدينة عدن، ويبدو جليًّا أن هذا الموضع الذي أقيم عليه الملعب كان بمثابة فم للمسيال الممتد إلى البحر وقد اختط، كما يظهر، منذ إزالة القمامات والمخلفات من الصهاريج في عهد المقيم السياسي البريطاني الملازم بلييفر([14])، ولم يكن هذا الاختطاط اعتباطيًا أو مفتعلًا، فهو امتداد طبيعي – فيما نظن – للوادي نفسه يدفع بالمياه الفائضة إلى البحر عبر أنفاق وسراديب ومنافذ أعيد ترميمها وإنشاؤها، على الأرجح في عهد الإدارة البريطانية، ولا يخامرني أدنى شك في أنها قديمة، إذ كان لقدامى اليمنيين، ومن جاء بعدهم من الدول الإسلامية في عدن قصب السبق في إنشائها ضمن الشبكة القديمة.

   ويقدر الدارسون([15]) عدد الصهاريج في مدينة عدن وحدها بخمسين صهريجًا، طمرت الإدارة البريطانية معظمها، وبقيت مجموعة منها خربة تقع فوق بركة عنبر، وهي المعروفة بالسبعة الدروب.

 المطلب الثالث- السبعة الدروب:

وهي سدود وقنوات ترجع أصول بعضها إلى الحقبة الإسلامية في عدن، وإن طغت عليها المؤثرات الحديثة، ومنها ما أحدثه المهندسون البريطانيون من تغييرات في بنيتها الأساسية، وكانت مهمتها الأساسية صد المياه المتدفقة من هضبة عدن، في أثناء هطول الأمطار، والحد من اندفاعها إلى شبكة الصهاريج، وعلى الأخص صهاريج الطويلة، مما حدا بالمؤرخ لقمان إلى القول: إن الذي بنى السبعة الدروب هو الأمير أبو عثمان عمر بن علي الزنجيلي([16])، وتوخيًا للأمانة العلمية يجدر بنا القول: إن المؤرخين ابن المجاور وبامخرمة، لم يشيرا إلى هذه المأثرة ضمن مآثر وإصلاحات أبي عثمان الزنجيلي([17]) الذي عرف بأعماله العمرانية والإدارية وإصلاحاته وترميماته لكثير من المعالم والمآثر القديمة([18])، وحري بنا القول -والحال هذه- إن ثمة سدودًا أخرى شادها عامر بن عبد الوهاب في أماكن كثيرة من اليمن، واعتنى كثيرًا بوسائل الري المختلفة في البلاد، فلعله قد أسهم هو الآخر في بناء هذه الدروب، وشاد صهاريج لم يسبق إلى مثلها([19])، وقد استفاد القدماء من شعاب جبال شمسان، وأقاموا هذه القنوات والسدود كي تنظم تدفق المياه، وتغذي الصهاريج القائمة في الطويلة والعيدروس والخساف([20])، وتحافظ على سلامتها وسلامة المدينة من الفيضانات المفاجئة.

وأفادت الروايات، أن فوق بركة عنبر، وهي تسمية حديثة بعض الشيء([21]) توجد ثلاث خزانات كانت مخربة، توجه المياه نحو البركة، ومنها إلى الصهاريج([22]) التي تتجمع مياه الأمطار فيها([23]).

واختلف المؤرخون في نشأة هذه السدود والأرجح أن المنظومة كلها في أصولها شيدت في حقبة محددة، فمنهم من قال إنها بنيت في القرن الخامس الميلادي، ومنهم من يعود بها إلى ألف وخمسمائة سنة قبل الميلاد([24])، وهذه هي الأصول القديمة للصهاريج، ومنهم من ينسب بعضها إلى مخلفات الدول الإسلامية المتعاقبة على اليمن، ومن ذلك صهريج آل زريع، وهو صهريج ضخم، فقد قال ابن المجاور: إن السيل يقلب إليه يومين([25])، فقد غدت عدن في عهودهم عامرة وفي عهدهم قدم أبو الحسن الضحاك، وكان أول من أظهر المقلاع فيها، وشيد الدور الحجر([26])، كما شيدت كهوف البوميس المشهورة، وهي جزء من المنظومة على غالب الظن، والتي أسهمت في ذلك، في المدة نفسها أيضًا، واستخدمت فيها طرائق ووسائل متقنة تدل على تمكن قدامى اليمنيين من طرق الري وعمارة السدود([27]).

وأطلق بليفير على هذه السدود الخزانات المعلقة المبنية في أعالي الجبال، وأفاد أنها لم تحط بأية صيانة، فامتلأت بالحجارة والأتربة، وُسمح للأهالي باستخدام حجارتها في بناء بيوتهم فاختفت معالم الكثير منها([28]).

والظاهر أن هذه السدود السبعة التي وردت في المصادر التاريخية في إشارة مقتضبة والقائمة في الهضبة، قد غدت في وقتنا الحاضر ثمانية سدود، إذا أضفنا إليها سدود الخساف، واتخذت لها مسميات في عهد الإدارة البريطانية أو ما بعدها، وباتت ثمانية سدود لا سبعة، ومن هذه التسميات سد الصخرة، وسد العقود الثلاثة، وسد البئر، وسد الحوض الكبير، وسد المساقط، والسد العميق، ويعدها بعض الخبراء من أندر أنظمة تصريف المياه في العالم وأعظمها([29]).

ومما لاشك فيه، أن جذورها الأساسية شيدت في عصور ما قبل الإسلام، أو العصور الإسلامية، وجددت في أزمنة مختلفة حتى وقتنا الحاضر، حيث قامت الجمعية الجيولوجية اليمنية برئاسة الباحث الجيولوجي معروف عقبة بعدة دراسات عنها، في حين ذهب محيرز إلى القول: إن المهندسين البريطانيين أقاموا السدود السبعة سالفة الذكر؛ لحصر الطمي والحجارة، بيد أن عملهم لم يكن متقنًا، فقد أدى إلى حجز الماء، وتسلله إلى باطن الجبل([30])، ولعل وصف ابن المجاور لها بالصرائف([31]) دليل على أنها تقوم بتصريف وتوجيه المياه إلى المزارع والكرفان والصهاريج، على حد قول محيرز، وقد نفى شهاب ذلك، وفسر لفظة الصرائف تفسيرًا ينقض رأي محيرز([32]).

المطلب الرابع- الصهاريج الإسلامية في منظومة صهاريج الطويلة وخارجها:

ليس لدى أهالي عدن دليل على أن ثمة صهاريج شيدها الرسوليون في عدن، وذلك بعد الترميمات التي قامت بها الإدارة البريطانية، وطمست معظم معالم هذه المآثر، وإطلاق مسميات أخرى عليها مثل صهريج كوجلان وبليفير والفارسي، وظهور مسميات أخرى مستحدثة كأبي سلسلة وأبي عجلة وسواها.

وتجدر الإشارة إلى أن أهالي عدن ينسبون هذه الصهاريج إلى الغساسنة([33])، فقد نُسب إليهم كل ما هو معجز وقديم كالصهاريج والآبار والقلاع والدروب([34])، لكن الخلط الذي أوقعنا فيه بليفير وهنتر ومن لف لفهما والمسميات الإنجليزية التي أطلقوها على الصهاريج جعلت غير واحد من الباحثين لم يتثبت من صحة نسبتها إلى الدول الإسلامية المتعاقبة على عدن، فهذا لقمان يعتقد أن صهريج الفارسي ربما بني في عهد الدولة الرسولية 620- 858هـ / 1223- 1454م أو في عهد الدولة الطاهرية 855- 923هـ/ 1451- 1517م([35]) وسمي بالفارسي؛ لأنه يقف قبالة معبد الفارسي، أو لأن كاوسجي دنشو كان يقوم بتنظيفه وتطهيره من القمامات والأتربة. وذكر المؤرخون أن الطاهريين شيدوا عددًا من الصهاريج والسدود([36])، ومنها صهريج (أبو قبة) ذو الطابع الإسلامي الذي يقف على يمين القادم إلى صهاريج الطويلة، فجزء منه مغطى بقبة تشبه قباب المساجد، ولعل بانيه يرقد تحت هذه القبة، وامتاز بجدرانه العالية التي تحيط به، وعلل لقمان ذلك بالقول: إنه يدل على أن سيدات الطبقة الحاكمة كن يزرن الصهريج للزيارة والاستحمام، ثم يذهب مذهبًا آخر فيقول إنها لعلها بنيت في عهد الدولة الرسولية.

لقد اعتنى الرسوليون والطاهريون بقنوات المياه وشبكاتها فشيد عامر بن عبدالوهاب قناة مبنية من الحجارة والجصّ في قرية المباءة، تمتد من نحو سبعة أميال تحت جبال عدن، لتزويد أهالي عدن بالمياه النقية في ظل شحة المياه في المدينة، وشيد خزانًا كبيرًا، وأجرى الثلاج إلى ظاهر المدينة([37])، وابتنى صهريجًا عظيمًا بعدن لم يسبق إلى مثله، وظلت هذه القناة قائمة حتى سنة 1839م([38])، ووصفها هينس محددًا مقاساتها على النحو الآتي: الطول: 16/320 ياردة، والعمق: 19 بوصة، والعرض 16 بوصة، وهي مبنية بالطوب والحجارة، ويجرى الماء في القناة من آبار بستان أمحيط الواقعة إلى الشمال من مدينة دار سعد([39]).

ومما يجدر ذكره أن هذه المجموعة من الصهاريج هي الماثلة أمامنا في قلب الوادي ضمن اثني عشر صهريجـًا عند بعض الدارسين([40])، وثمانية عشر عند بعضهم الآخر وهي – فيما يبدو- أكبر صهاريج الوادي([41])، وتتسع بمجملها لحوالي عشرين مليون جالون من مياه الأمطار([42])، وثمة صهاريج إسلامية في المدينة وضواحيها، منها صهريج نسب لآل زريع حكام عدن في القرن الخامس الهجري، شيد في الزعفران على مقربة من لحف جبل الأحمر([43])، وشاد الطاهريون عدة صهاريج، أبرزها: صهريج عظيم بالمبأة([44])، وآبار وسدود في أماكن مختلفة وصحارى وفلوات([45])، وصهريج ضخم آخر مقابل مجمع البنوك في عدن القديمة (كريتر)، وفي أحد وديانها المتعددة، وعرف بصهريج القديسة ماريا؛ لأنه قبالة كنيسة القديسة ماريا أو مريم البروتستانية التي شادها الإنجليز سنة 1288هـ/ 1871م([46])، وهو جزء من الطمس الذي مارسته الإدارة البريطانية وقتئذ للمعالم الإسلامية في المدينة، وبنى المنصور عددًا آخر من الصهاريج والآبار والسدود في أماكن مختلفة([47])، وشاهد المقدسي (ت: 381هـ /991م) عددًا من هذه الصهاريج الإسلامية في عدن، أطلق عليها أحواضًا، مما يؤكد وجودها في القرن الرابع الهجري([48])، مثله مثل الهمداني الذي أسماها بؤرًا (حفرًا)([49])، في حين أطلق عليها ابن بطوطة صهاريج([50])، وشيدت عدد من الصهاريج الإسلامية في عصر الدولة الرسولية في مرحلة الصراعات التي احتدمت بين آل رسول أنفسهم، لاسيما فيما بين عهدي المجاهد الرسولي 764هـ/1363م والطاهر الرسولي 842هـ/ 1438م، حيث كانت الحاجة ملحة لخزن مزيد من المياه، وهذا ما حدا بأهل عدن نسبتها إلى بني غسان([51]).

   وقد شيدها الأقدمون في هذا المضيق لخزن المياه المنحدرة من قمم الجبال([52])، واستخدامها للشرب، وقضاء الحاجات أيام القيظ([53])، ومن الطبيعي أنها كانت تستخدم أيضًا في ري الوادي، وإن لم تسعفّنا المصادر التي بين أيدينا بشيء له علاقة بهذا الأمر، إلا أنها تجمع على أن مدينة عدن كانت شحيحة المياه، وأن تموينات المياه كانت تأتي من مسيرة يوم واحد([54])، ولكن الاعتقاد السائد لدى بعض المؤرخين اليمنيين أنها تأتي من الحسوة الواقعة شمال غربي مدينة عدن([55])، وقد يصعب حصول الأهالي عليها إذا منعها الأعراب والبدو عليهم، وربما اضطروا إلى مصانعتهم([56])، ولهذا يبدو أن شحة المياه في المدينة هي التي حفزت الأسلاف على تشييد هذه الصهاريج التي كانت تزود مدينة عدن بالمياه حتى عام 1284هـ/1867م ([57]).

   وقد استخدم الأتراك مياهها للشرب عند احتلالهم اليمن([58])، واضطر أهالي عدن في عهد الاستعمار البريطاني إلى استخدام هذه المياه أيضًا للشرب والاستحمام على أثر الحصار الذي ضربه المستعمرون البريطانيون على مدينة عدن.

   وتجدر الإشارة إلى أن هذه الصهاريج ساعدت إلى حد ما على حماية مدينة عدن من الفيضانات والسيول، ولكن قد يحدث العكس أحيانًا فتفيض وتنحدر مياهها إلى المدينة وتحدث أضرارًا مختلفة.

   وغدت هذه المشكلة – مشكلة شحة المياه – عائقًا في سبيل تطور الحياة المعيشية في مدينة عدن بصفة خاصة، ولهذا اضطر الأهالي ولاسيما الميسورين منهم إلى حفر الآبار التي نسبت إلى أصحابها، أمثال: بئر أحمد بن المسيب، وبئر العقلاني، وبئر السلامي([59])، وبئر علي بن أبي البركات، وبئر زعفران التي ينقل ماؤها إلى سائر بلاد اليمن لعذوبته([60]) وغيرها، وثمة أبار غلبت عليها الملوحة لعلها كانت تستخدم للاستحمام وقضاء الحاجات الأخرى، بعضها كان في قلب المدينة، والبعض الآخر كان على مقربة من البحر كبئر باب مكسور([61])، وبئر مسجد أبان([62]).

وصفوة القول، إن بناة الصهاريج تنبهوا إلى هذه المشكلة قبل مئات السنين، وشيدوا هذه الخزانات لحفظ مياه الأمطار التي تهطل على مدينة عدن، ولا يستبعد أن تكون هي المورد الوحيد لشربهم في موضع تندر فيه المياه في تلك العهود السحيقة.

وتتدفق هذه المياه على “السبعة الدروب” أو الصهاريج المعلقة، فبركة عنبر ومنها تنحدر إلى الصهريج الأول المعروف بـ “أبو سلسلة”([63]) الذي لا تنضب مياهه كما هو الحال في الصهاريج الأخرى، ثم ينساب الماء إلى الصهريج الثاني، فيمر عبر قنوات ليصب في عدد من الصهاريج يأخذ بعضها برقاب بعض حتى يصل إلى الصهريج الكبير المسمى: “أبو عجلة” الواقع في قلب الوادي.

المبحث الثاني

صهاريج الطويلة

المطلب الأول- الصهاريج القائمة في وادي الطويلة:

ثم ينطلق الماء عبر منفذ واسع بنى بشكل محكم وأخاذ ليصب في الصهاريج الثلاثة الباقية، وأحدها يقع خارج دائرة صهاريج الوادي وهو المعروف بـ (صهريج الفارسي)([64])، وهو كما أشرنا فيما تقدم أنه من مخلفات الدولة الرسولية أو الطاهرية على غالب الظن، وثمة صهريجان اثنان يقعان في الجانب الأيمن من الجبل، يتلقفان المياه من الشقوق والمنحدرات المختلفة أحدهما يعرف بصهريج كوجلان، وهو حديث عهد، ويحتمل أيضًا أنه من مخلفات إحدى الدول الإسلامية المتعاقبة على اليمن، والآخر يعرف بـ(أبو قبة) الأرجح أنه ينسب إلى الدولة الطاهرية([65]).

المطلب الثاني- المتغيرات التي طرأت عليها:

ويذكر بعض الدارسين الآثاريين أن توزيع صهاريج الطويلة بالشكل سالف الذكر، يجانب الصواب بعض الشيء، فالتسميات التي أُطلقت على الصهاريج الحديثة العهد، ربما أُطلقت فترة بلييفر، مثل صهريج أبو عجلة، وأبو سلسلة وغيرهما، وقد ذهب هؤلاء الدارسون إلى الاعتقاد أن معظم الصهاريج القائمة في وسط الوادي مثل: (أبو عجلة) مستحدثة، استحدثها بلييفر لحفظ أكبر كمية من المياه، وأورد تعليلًا قائلًا: إن تدفق المياه من السبعة الدروب([66]) يحمل معه الحجارة والطمي اللذين يعيقان تدفق المياه، ومن ثم يؤديان إلى تراكم الأنقاض والأتربة في قيعان الصهاريج، بحيث تغدو هذه الصهاريج غير صالحة للاستعمال.

   وأن الطريقة الصحيحة لتوزيع المياه في الصهاريج، تتم عبر تدفق المياه من الجبال والشقوق المختلفة، فتتلقفها الصهاريج الجانبية الواقعة على امتداد جهتي الجبل([67])، وهي الصهاريج الأصلية التي تعود بأصولها إلى العهود الحميرية كما يعتقد بعض الدارسين الآثاريين.

   ولا شك أن هذا الاستنتاج ينقض الآراء السابقة في هذا الصدد، وينفي التوزيع القديم للصهاريج، على أن صهريج (أبو عجلة) الواقع في وسط الوادي، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك – من حيث بناؤه – أنه خزان قديم وليس مستحدثًا، فالحجارة، والتجصيص، ونوعية البناء، ووضعه اللائق كل ذلك يؤكد صحة ما ذهبنا إليه.

   وكيفما كان الحال، فقد تعرضت كل هذه الصهاريج، بما في ذلك الصهاريج الواقعة خارج دائرة صهاريج الطويلة – والتي سوف نأتي على ذكر بعضها – تعرضت لتغييرات واستحداثات مختلفة، وأشرنا إلى بعضها في سياق حديثنا عن إصلاحات بلييفر للصهاريج.

   كما أفادت تقارير الخبراء أنه تم أنشاء سد في الصهريج المطل على صهريج (أبو سلسلة) حال دون تسرب الحجارة والقمامات إلى الصهاريج الأخرى([68])، كما قامت الجهات المختصة في عدن وقتذاك بتجصيص قنوات المياه، وأدخلت إصلاحات دخيلة لا تمت بصلة إلى الأثر، هذا إلى جانب تشييد عدد آخر من الصهاريج المستحدثة، شيدتها الإدارة العسكرية البريطانية، وذلك نتيجة شحة المياه في مدينة عدن، منها صهريج (وادي الخساف) الذي أُنشيء سنة 1287هـ/1870م، وصهريج (القديسة ماريا) الواقع على مقربة من كنيسة ماريا في عدن([69]).

الجدير بالذكر أن هذه الكنيسة هي التي تقف الآن على تلة في طرف من أطراف الجبل الأخضر بمدينة عدن([70])، في الطريق المؤدية إلي مجمّع المحاكم، وحلّ محلها في ما تقدم من العقود الماضيات المجلس التشريعي، والأرجح أن صهريج الكنيسة يقف أيضًا على مقربة منها، وثمة صهريج آخر يقع خلف الكنيسة القائمة في صحن ثانوية أبان([71])، ومعبد هندوسي قديم وكلا الأثرين اختفيا تمامًا([72]).

   ويبدو واضحًا أن كلا العملين قام بهما المبشرون البريطانيون بعدن، بيد أن شهاب يذكر أن مؤسسي كنيسة ماري الكاثوليكية مبشرون غير بريطانيين([73]).

كما شُيد صهريج ثالث على التل المشرف على مقبرة اليهود بالمعلا، ورابع في منطقة حجيف، في مفترق الطرق بين المعلا والتواهي([74]).

ويشير بلييفر في تقريره إلى وجود صهريجين آخرين، أحدهما في وادي العيدروس والآخر خلف مركز شرطة عدن القديم([75])، لعلهما اللذان أشار إليهما ابن المجاور بقوله: “والصهريج عمارة الفرس عند بئر زعفران، والثاني عمارة بني زريع على طريق الزعفران أيمن الدرب في لحف جبل الأحمر”([76]). والأخير يُعد من المآثر الإسلامية في عدن، وكلا الأثرين قد اندثرا.

وفي منتصف القرن العاشر الهجري، وبالتحديد في سنة 945هـ/1538م، وصف أحد أفراد حملة سليمان باشا الأرناؤوطي على عدن، هذه الصهاريج بأن ماءها كله من الأمطار، يحفظ في حفر، وصهاريج يبلغ عمقها مائة قامة([77])، وقد بدأ تدهور هذه الصهاريج من القرن العاشر الهجري، ثم تركت لتتدهور وتختفي([78])، وفي هذه المدة شيد الأتراك صهاريج كانت مطلية بالجص والرخام، وعليها قباب رائعة([79])، وعلى الجملة، فقد اختفت وتلاشت ولم يعتن بمثيلات لها مازالت قائمة في وادي الطويلة في وقتنا الحاضر([80])، وحلت محلهـا تشـييدات ومنشآت أخرى، ويغلب على الظن أن بعض آبار عدن، لاسيما المحفورة في الجبال مثل: البئر المعروفة ببئر (الهرامسة)، أو (في بر) والتي دارت حولها أساطير مختلفة أتى على ذكرها ابن المجاور([81])، وبامخرمة([82]) هي عبارة عن صهريج استخدمه القاطنون في القلعة من الحامية وغيرهم للشرب، وقضاء الحاجات الأخرى، فقد ذكر شيرنسكي أن هذا الموضع يعد مأوى للإقامة([83])، وبالجملة فهنالك عدد كبير من الصهاريج لم نقف عليه، بل لم تقف عليه البعثات الاستكشافية الآثارية. فلعلها مآثر إسلامية شيدت في عهود الدول الإسلامية المتعاقبة على عدن، وقد أسهمت الترميمات البريطانية لبعض منها في اختفاء معالمها الإسلامية الأصلية، وقد دعونا في الثمانينات من القرن الفائت إلى إجراء تنقيب شامل في بعض المناطق الأثرية في عدن مثل: جزيرة صيرة، ومنطقة الصهاريج، ومواضع البغد والأنفاق، ومنطقة المنارة في شارع أروى، كما دعا الخبير الروسي شيرنسكي إلى إجراء تنقيبات في منطقة صيرة والقلعة، وكل تلك الدعوات ذهبت أدراج الرياح، ولم تلق صدى لدى المسؤولين والمختصين.

المطلب الثالث- تاريخ بناء الصهاريج:

   ولم يعثر الدارسون الآثاريون على دليل كتابي أو مدونة مسندية تثبت تاريخ بناء هذه الصهاريج، ولهذا تفاوتت أراء الدارسين بهذا الصدد تفاوتًا بينًا، ولم تستند إلى قرائن علمية، فمنهم من قال: إنها من صنع سليمان أو من مآثر الكلدانيين في اليمن([84])، ومنهم من ذهب إلى القول: إنها من أعمال الإسكندر المقدوني، أو شداد بن عاد، أو إنها تعود إلى العصر الحميري، وقد اعتقد بعضهم الآخر أنها شيدت أو رُممت في أثناء الغزو الفارسي لليمن في حدود 575م([85]) أو 600م في رواية أخرى، أو ترجع إلى العصرين الرسولي([86])، أو الطاهري([87])، أو الدول الإسلامية الأخرى المتعاقبة على اليمن.

وبديهي أنه ليس صحيحًا الأخذ بكل هذه الآراء لاسيما تلك التي تنسب بناء الصهاريج إلى الملك سليمان، أو الكلدانيين، أو الإسكندر المقدوني، أو شداد بن عاد لخلوها من الدقة وربما الصحة أيضًا، فهي ضرب من الروايات الإخبارية لا تؤكدها الدلائل العلمية، وقد فنّد بعضَها بعضُ الدارسين، ولسنا في حاجة إلى أن نعرض لهذا التفصيل، غير أننا نود أن نخلص من هذا كله إلى أن الدراسات الميدانية الحديثة([88]) المستندة إلى الموازنات العلمية الدقيقة بين التشييدات والمآثر المماثلة، والظواهر الطبيعية، ووسائل البناء تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الحميريين هم بناة الصهاريج الأصلية، التي طرأت عليها تغييرات مختلفة على مر الغداة وكر العشي، بحيث انطمست معالمها الحقيقية، وانمحت أصولها الطبيعية، وعلى الأخص في عهد الإدارة البريطانية.

 وقد تم ذلك بموازنة هذه المآثر بمآثر أخرى مماثلة من النمط نفسه في جنوب الجزيرة، والتي تفيدنا بتشييد عمران مماثل في البلاد في القرون الأخيرة قبل الميلاد([89])، وأكدت الشواهد والمعاينات أن هناك صهاريج مماثلة في مدينة ذمار([90])، وحضرموت والضالع وبيحان، قد استخدمت فيها وسائل البناء نفسها المستخدمة في بناء صهاريج الطويلة كالأحجار المصقولة المشذبة ومعجون المرمر الناعم “التجصيص”.

 واستنادًا إلى هذه الشواهد يرجّح عالم الآثار المهندس باوين أن صهاريج الطويلة الأصلية بنيت قبل الميلاد([91])، ويرى بعض الدارسين أنها شيدت في نهاية الألف الأول قبل الميلاد باستثناء بعض الصهاريج مثل السبعة الدروب التي شيد بعضها في العصر الأيوبي، وصهريج الفارسي([92])، وصهريج (أبو قبة)، وصهاريج أخرى أتينا على ذكرها فيما تقدم.

   ونلاحظ أن كل هذه الصهاريج تعرضت – كما أسلفنا – لتغييرات كثيرة بفعل القدم والمناخ والتعرية والإهمال، والعوامل الفيزيائية والكيمياوية والالكتروكيماوية للماء كما يقول الخبير ميان([93])، بحيث انمحت معالمها المهمة، فما بالك بتلك التي ابتناها الحميريون.

المطلب الرابع- وضعية الصهاريج إلى ما قبل عام 1273هـ/1856م:

   بيد أن بعض الدارسين يذكر أن الصهاريج كانت في حالة جيدة حينما زارها المستر سولت سنة 1224هـ /1809م، وظلت على هذه الحال إلى سنة 1251هـ/1835م([94])، حيث وصفها الكابتن هينس الذي قدم إلى عدن في العام نفسه ضمن البعثة الاستكشافية التجسسية التي طافت حول الساحل العربي، وصفها بأنها: “تبدو في حالة جيدة”([95])، أما تلك الصهاريج المعلقة المعروفة بالسبعة الدروب، فمن الطبيعي أنها حظيت بعناية ورعاية الجهات المعنية في تلك العهود التي عملت على تنظيفها وترميمها، ثم أهملت بعد ذلك فتراكمت الحجارة والأتربة فيها بفعل الرياح وعوامل التعرية المختلفة، ولم تحظ بأية عناية، فقد استخدم الأهالي أحجار الصهاريج المعلقة في بناء منازلهم بإذن من الإدارة العسكرية البريطانية.

   وفي سنة 1273هـ/ 1856م تنبه الكابتن بلييفر إلى حالتها السيئة فعمل على تنظيفها وترميمها وتسويرها بحيث اختفت معالمها الأساسية، وغدت على النحو الذي نراه اليوم، وقد بدأت عملية التنظيف والترميم منذ سنة 1273هـ/ 1856م، واستمرت إلى سنة 1277هـ/1860م، كما يقول لقمان([96])، غير أن مشروعه اقتصر على صهاريج الوادي وحدها، فلم يمس المشروع الصهاريج المعلقة، ولا تلك المطمورة التي تربو على أربعين صهريجًا.

   والاعتقاد السائد لدى بعض الدراسين، أن صهاريج الطويلة كانت مطمورة تمامًا، وأن الفضل في اكتشافها يعود إلى الكابتن بلييفر، وقد استنتجوا هذا لاشك من مؤلفه تاريخ العربية السعيدة أو اليمن سالف الذكر، الذي بسط فيه الحديث عن حال الصهاريج ما قبل سنة 1273هـ/ 1856م وما طرأ عليها من تغيرات بفعل عوامل التعرية والإهمال، وكذا من خلال اللوحة الحجرية المثبتة في صخرة عند مدخل صهريج أبو عجلة، التي دوّن عليها هي الأخرى اكتشافه الصهاريج، وقد سبق أن أشار الكابتن هنس إلى أن هذه الصهاريج كانت في حالة جيدة سنة 1224هـ/ 1809م وحتى سنة 1251هـ/ 1835م، ويستبعد أن تطمر تمامًا خلال عقدين من الزمان.

ومن الطبيعي أنها تعرضت لحملات متتالية من التنظيف والصيانة وإزالة ما تراكم فيها من مخلفات السيول، والعوامل الطبيعية المختلفة، إلا أن أحدًا لم يسجل نتائج هذه الحملات باستثناء حملة التطهير التي قام بها التاجر الفارسي (كاوسجي انشون) للصهريج المعروف (بالفارسي) الذي يقف بمحاذاة ملعب الأطفال الحديث، فقد أشار إليها لقمان([97])، ولا شك أن هناك حملات أخرى مماثلة قامت بها الإدارات المعنية بصيانة المآثر؛ إلا إننا لم نقف عليها لأن أحدًا لم يدونها.         والحقيقة، فإن معظم المخلفات من طمي وأتربة وحجارة تتراكم بسبب تدفق السيول من القمم، لأنها تجرف معها المخلفات المتراكمة في الصهاريج المعلقة المعروفة بالسبعة الدروب، هذا إلى جانب عوامل التعرية المختلفة والإهمال وعبث الإنسان.

المبحث الثالث

مشروع صيانة الصهاريج

المطلب الأول- السيول التي اجتاحت مدينة عدن وفيضان الصهاريج:

كما فعلت عوامل التعرية والإهمال فعلهما بالصهاريج، فقد كان للسيول كما أشرت دورها الفعال أيضًا بما تخلفه من أتربة وطمي وحجارة في أرضيات الصهاريج، حيث يُحدث هذا إضرارًا في أرضياتها وجدرانها، ويؤدي من ناحية أخرى إلى غرق بعض الأطفال والشباب في مواسم الإمطار، وقد يؤدي فيضانها إلى هدم البيوت وهلاك الناس، وذكر ابن الديبع: “أنه حصل مطر غزير بمدينة عدن ولحج وأبين وغيرها في سنة ست عشرة وتسعمائة امتلأت منه الصهاريج حتى تفجرت وانهارت بعض بيوت الحجر وهلك بعض الناس”([98]).

   وامتلأت الصهاريج وفاضت بالمياه في أوائل عقد الأربعينيات من هذا القرن، وتدفقت مياهها إلى المدينة، وجرفت عددًا من البيوت والجمال، وحدث هذا في عقد السبعينيات والثمانينيات حيث تفجرت، وأحدث تدفقها وانسيابها فجوة في صهريج الفارسي، واجتاحت سيولها المدينة وجرفت العربات، وأغرقت بعض الناس، وكادت بعض أحياء عدن أن تغرق جراء ذلك، لولا الأنفاق والسراديب التي ساعدت على تسرب المياه إلى البحر.

وفي مثل هذه الأحوال تتراكم الرواسب والنفايات في قيعان الصهاريج، ويتعرض الصبية والشباب للغرق في الوحل والطمي المتراكم([99])، ففي شهر مارس من سنة 1983م غرق طفل يبلغ من العمر اثني عشر عامًا كما أشارت بعض التقارير([100]).

كما لقي عدد آخر من الشباب والأطفال حتفهم غرقًا في صهريج أبو عجلة الذي يمتلئ في موسم الأمطار، بحيث يغدو بركة صالحة للسباحة في نظر الصبية، ولم يستطع أحد إنقاذهم نتيجة تراكم الطمي والأتربة في أرضيته.

المطلب الثاني- ما خلصت إليه بعض الدراسات الأثرية:

سعت الحكومة فيما تقدم من السنين، ممثلة بوزارة الثقافة والإعلام والمركز اليمني للأبحاث الثقافية والآثار والمتاحف جاهدة إلى تحديث صهاريج عدن التاريخية وتطويرها، وقد استقطبت عددًا من خبراء الصيانة، وعلماء الآثار لدراسة المعالم الأثرية والتاريخية في اليمن، بما في ذلك الصهاريج التي تُعد أكبر هذه المعالم وأبرزها بمدينة عدن، ومن هؤلاء الخبراء رونالد ليوكوك وروجر صيدح اللذان قدما إلى عدن في سنة 1400هـ /1979م، وقاما بعدة رحلات أثرية إلى أهم المدن والمواقع التاريخية والأثرية ورفعا تقريرًا استشاريًا، أشارا فيه إلى أهمية هذا المعلم الذي نحن بصدد درسه، ودعوا إلى إعادة ترميمه على وفق الطرائق العلمية التي يجب أن تحفظ الأثر الأصلي للمعلم، على أن تستخدم المؤن والمكونات التي استعملت في بنائه، ولأهمية الملاحظات والتوصـيات التي خلصـا إليها بهذا الصدد نوجزها فيما يأتي:

  1. الاحتفاظ بالقضاض الأصلي، حيثما أمكن، خاصة عندما يحتوي على نقوشات ومخربشات تتعلق بتاريخ المنطقة.
  2. عدم استخدام الإسمنت الرمادي، وإزالة الترقيع به حيثما وجد، فهناك نوع من إسمنت بوزولانا موجود في الجبل نفسه([101]) يمكن استخدامه في الترميم.
  3. ترميم القطع المفقودة من القضاض بقضاض جديد([102]).
  4. استبدال الأحجار المفقودة والمتفككة في جدران الصهاريج وأرضياتها وممراتها وضرورة تركيبها في مواضعها بمؤن قوية من المكونات الأصلية نفسها.
  5. إعادة ملئ مفاصل وفواصل الحجارة في جدران وأرضيات الصهاريج بعناية تامة حتى تحتفظ بالأثر الأصلي، على أن تستخدم المؤن والمكونات الأصلية.
  6. كما لوحظ أن مادتي الجبس والبوميس([103]) التي كسيت بهما درجات الصهريج الكبير المدور([104]) قد تحللتا وتكسرتا كلتاهما ويجب استبدالهما، كما يجب تعبئة فواصل الأحجار التي تفككت في الصهريج نفسه، وإزالة الطمي من أرضيته، حيث بلغ عمقه ثمانية أقدام تقديرًا([105])، كما ينبغي أن تعبأ فواصل ومفاصل الأحجار في معظم الصهاريج التي تعرضت للتفكك والتحلل بالمواد والمؤن والمكونات نفسها.

أما بالنسبة لصهريج (أبو قبة)، فيجب نزع الإسمنت من داخل بوابته المقببة، واستبداله بالجبس الأبيض على أن يتوخى الدقة في ترميمه.

  • ويجب نقل مبولات المتنزه إلى موضع آخر، وكل هذا يتطلب دقة متناهية في العمل واختيار أدق – للمواد والمكونات المستخدمة في الترميم والصيانة –، والاستعانة بخبراء الصيانة.

المطلب الثالث- التقارير التي خلص إليها بعض خبراء الترميم والصيانة:

   كما أوفدت حكومة إسلام أباد (باكستان) على وفق الاتفاق المبرم بينها والحكومة خبير الآثار الباكستاني ميان عبد الحميد الذي قدم إلى عدن في سنة 1405هـ/ 1984م، ووضع دراسة فنية لصيانة الصهاريج، أشار فيها إلى ضرورة صيانتها وترميمها، فهي لم تحظ بأية عناية، على حد قوله([106]) لقرون عديدة، الأمر الذي جعلها تفقد شكلها ووظيفتها، وأوجز أسباب التخريبات الطارئة عليها على مر السنين فيما يأتي :

  1. عامل الزمن.
  2. عدم إجراء مسح جيولوجي مستمر.
  3. عوامل التعرية.
  4. العوامل الفيزيائية والكيماوية والالكتروكيماوية للماء.
  5. الحرارة.
  6. الرطوبة.
  7. الرياح.
  8. عوامل بيلوجية.
  9. الفيضانات.
  10. الزلازل.
  11. إجراء بعض التعديلات على الموقع.
  12. التشييدات الحديثة والمباني والطرقات التي قامت على أنقاضها أو بنيت عليها.
  13. تصرفات البشر في الموقع.

   وقد نوه بالقيمة التاريخية والأثرية لهذا المعلم – ونبه – كمرحلة أولى إلى ضرورة إزالة النفايات والطمي والمخلفات الأخرى منها، وتنظيف قنواتها ومجاريها، ونقل المرقص إلى موضع آخر اقترح أن يكون خلف المتحف، وذلك تمهيدًا لترميمها على وفق الشرائط العلمية المتبعة في صيانة الآثار التاريخية، وأكد من ناحية أخرى أنه يجب أن تبقى المنطقة خالية من أي موقع ترفيهي.

وبناء على مقترحات وتوصيات هؤلاء الخبراء بهذا الصدد عقدت قيادة المركز اجتماعًا، اقترحت فيه القيام بحملة شاملة لإزالة الأتربة والحجارة والنفايات وتنظيف القنوات والمجاري، كما درست مسألة تنشيط متحف العادات والتقاليد وإيلاء عناية خاصة به، وإعداد دليل سياحي آثاري له.

   والجدير بالإشارة أن هناك مشاريع مستقبلية أخرى مازالت قيد الدرس منها: مشروع تجهيز هذا المعلم التاريخي بنظام الإضاءة والصوت بهدف إبراز جماله الطبيعي والتاريخي والأثري، ولكن المشروع برمته قد تعثر.

   وصفوة القول، إن الحكومة ممثلة بوزارة الثقافة والإعلام والمركز اليمني للأبحاث الثقافية والآثار والمتاحف، تولي عناية خاصة بالمعالم والمواقع والمدن التاريخية والأثرية، فقد نوقشت هذه المشاريع في الآونة الأخيرة باستفاضة، ومن المزمع تنفيذها في المستقبل القريب، إذا تهيأت الأسباب كافة.

وكل ما يمكن الاطمئنان إليه الآن – كما بسطنا ذلك – أن خبراء صيانة الآثار قد قاموا – تمهيدا للشروع في العمل – بعدة جولات ميدانية لهذه المعالم ورفعوا مقترحاتهم وتوصياتهم التي ينبغي أن تخرج من دائرة الدرس إلى حيّز التنفيذ.

ويغلب على الظن، أن هذه التقارير استندت إلى ما قرره بلييفير ومن جاء بعده، ولم تفصح إلا قليلًا عن الأصول الإسلامية لبعض الصهاريج.

الخلاصة:

خلص البحث إلى حقائق واستنتاجات نوجزها في النقاط الآتية :

  1. إن الصهاريج التي شاهدها مستر سولت في مجمع الطويلة بمدينة عدن في سنة 1326هـ/ 1908م تُعد الأصول الأولى للصهاريج القديمة، وهي بمثابة بؤر كبيرة بحسب تعبير المؤرخين والرحالة الأقدمين كابن بطوطة على سبيل التمثيل، بعضها يضرب بجذوره إلى مخلفات الحضارة اليمنية القديمة، أي أنها تعود إلى الألف الأول قبل الميلاد أو القرن الميلادي الأول في أقل تقدير.
  2. إن الترميمات التي شهدتها الصهاريج في سنة 1273هـ/ 1856م في عهد الإدارة البريطانية لا نعدو جانب الحقيقة إذا قلنا إنها طمست تاريخ الصهاريج التي ُشيدت في الحقبة الإسلامية في عدن، فاختلط الحابل بالنابل لدى بعض الدارسين الآثاريين، فلم يعد بمقدورهم التمييز بين المأثرة القديمة والمأثرة الإسلامية، وزاد الطين بلة أنها لم تعرض على مجهر الفحص العلمي ولا الآثاري الدقيق، إذ ركزت معظم الدراسات بقصد أو بدون قصد على أقدميتها على اعتبار أنها بمجملها من مخلفات الحضارة اليمنية القديمة.
  3. وقد لاحظنا هذا المنحى في كثير من الدراسات التاريخية والتقارير التي أعدها الضباط البريطانيون في عدن، من ذلك الدراسات التي تناولت الصهاريج مستندة إلى تقرير بليفير وتقارير هنتر عن البغدة الصغيرة والبغدة الكبيرة التي خلصت إلى القول: إنهما من تشييدات البريطانيين، في حين ذكر بريان دو مدير متحف عدن، وقد سبقهما، أنهما تشكيل جيولوجي قديم في عدن مثله مثل العقبة التي تعد ثلمة في الجبل أو تشكيل جيولوجي قديم، والأمثلة كثيرة ولا أشك قيد أنملة أن كثيرًا من المآثر الإسلامية كالمدرسة الياقوتية والمدرسة المنصورية وسواهما قد تعرضت لهذا العبث وتعليل ذلك لا يحتاج إلى دليل.
  4. كما لوحظ أن بعض الضباط البريطانيين الذين ألفوا كتبًا، وكتبوا تقارير عن عدن كانوا يؤوِّلون بعض الروايات كالرواية التي رواها ابن المجاور عن نسبة بناء الصهاريج للفرس، وهي رواية لا تخلو من الصحة، فقد شيد الفرس صهريجًا في الزعفران بعدن، ووفقًا لهذه الرواية عزى بعضهم الصهاريج إلى الفرس، وأغفلوا الروايات الكثيرة التي رواها المؤرخون ومنهم أبا الحسن الهمداني الذي يؤكد أن أهل اليمن اعتنوا كثيرًا بوسائل الري وتشييد الصهاريج والسدود، كما أشارت المصادر إلى قيام الرسوليين بكل ما هو معجز وقديم، كالصهاريج والدروب والآبار والقلاع، وسلك الطاهريون المسلك نفسه، فشيدوا المشاريع الضخمة وبنوا قنوات المياه.
  5. وفي خضم هذه الدراسات القديمة والحديثة كان يشار إلى المآثر الإسلامية ومعالمها الواضحة مثل صهريج (أبو قبة) الذي شيدت في مدخله، قبة وأقيم مسجد أندثر في حقبة ما، كما تبين لنا أن السدود السبعة الإسلامية قد قامت على أنقاضها سدود أخرى أكثر حداثة وتعرضت في أيامنا إلى مزيد من الإصلاح والترميم.
  6. وبعد بحث وتفكير وإطالة نظر خلص بعض الباحثين إلى أن صهريج الفارسي الذي يقف خارج نطاق الصهاريج ما هو إلا مأثر رسولي أو طاهري، كما أن لفظة الغساسنة التي يرددها أهالي عدن عند حديثهم عن منشأ الصهاريج، أفضت إلى مزيد من التساؤلات عن طبيعة هذه النشأة، خاصة وأن الرسوليين والطاهريين قد اعتنوا إيما اعتناء بوسائل وطرق الري.
  7. إن هناك العديد من المآثر والمعالم الإسلامية ومنها الصهاريج التي اختفت وتلاشت أسماؤها في خضم الإصلاحات والترميمات التي قامت بها الإدارة البريطانية، ولسنا بذلك نحط من جهودهم أو نطعن في قدرتهم لكنهم على الجملة طمسوا تاريخ الكثير من المعالم الإسلامية في عدن بما في ذلك الصهاريج الإسلامية.
  8. إن عددًا من الصهاريج والقنوات القائمة اليوم هي صهاريج وقنوات ذات منشأ إسلامي، شيدتها الدول الإسلامية المستقلة في اليمن أو الدول الإسلامية المركزية من ذلك: الدروب السبعة، وصهريج الفارسي، وصهريج (أبو قبة) وسواها، هذا في نطاق مجمع صهاريج الطويلة، أما خارج نطاق المجمع فخزانات وقنوات المياه في عدن، وصهريج المباءة الكائن في قرية المباءة، وهذه تنسب للطاهريين.
  9. ولعلنا– والحال هذه- في مسيس الحاجة لدراسات آثارية لمعرفة المزيد من تاريخ الصهاريج ذات المنشأ الإسلامي وعلى الأخص الصهاريج الرسولية.

([1])  الباحث في تاريخ العلوم وأستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية وتحقيق التراث الخطي المشارك في كليتي التربية والآداب جامعة عدن، مدير عام مركز الدراسات والبحوث اليمني عدن سابقًا.

([2])  وعند الويسي، اليمن الكبرى، ص16 (700 متر).

([3])  تاريخ عدن، ص263.

([4])  حنشور، عقبة، البوميس، إحدى المواد الرئيسية للبناء العمراني القديم في عدن، ص3.

([5])  عقبة، عدن البعد التاريخي والحضاري، ص161.

([6])  لقمان، تاريخ عدن، ص263.

([7])  محيرز، صهاريج عدن، ص7.

([8])  محيرز، صهاريج عدن، ص6- 7.

([9])  صهاريج الطويلة، ص20؛ لقمان، تاريخ عدن، ص260.

([10])  محيرز، العقبة، ص16- 39؛ عقبة، عدن البعد التاريخي والحضاري، ص165.

([11])  ابن الديبع، الفضل المزيد، تح : شلحد، ص372؛ وقرة العيون، تح: الأكوع، ص471.

([12])  بليفيير، تاريخ العربية السعيدة أو اليمن، ص16-17؛ نورس وبنهي، صهاريج عدن مسح آثاري تاريخي، ص27؛ يعقوب، ملوك شبه الجزيرة، ص350. وأضاف يعقوب أن سلطان إيران شاه ابن جانشيد هو مشيد الصهاريج.

([13]) جبل العر المعروف حاليًا باسم شمسان، هو الجبل الدائري الممتد من جبل حقات حتى الخساف، وقد جانب الأكوع الصواب حينما قال إن شمسان هو تعكر عدن، وهو المسيطر على ميناء عدن اليوم من الشمال، وعلى سفحه رصيف عدن ومدينة التواهي والمعلى الحديثتان. لقمان، تاريخ عدن وجنوب الجزيرة العربية، ص254- 261. وانظر: ابن الديبع، قرة العيون، تعليقات الأكوع، ص217.

 كان مساعدًا للمقيم البريطاني، وهو مكتشف الصهاريج على حد قول لقمان، تاريخ عدن، ص259.

(2) ا , Plyfair. A History –Arabia Felix or Yemen P.7

وقام كل من النوبان وباحشوان بترجمة الكتاب بعنوان: “تاريخ العربية السعيدة أو اليمن”، عن دار جامعة عدن للطباعة والنشر، 1999م، ص16.

 Hunter.An Account of the British Settlement of Aden Arabia P, 11.

 ولقمان، تاريخ عدن، ص89.

([16])  تاريخ عدن، ص362.

([17])  انظر: تاريخ المستنصر، ص122-123؛ تاريخ ثغر عدن، ص14؛ الشجاع، الأمير الزنجيلي وأعماله العمرانية في ثغر عدن، ص20- 23.

 ([18]) بامخرمة، تاريخ ثغر عدن، ص14؛ لقمان، معارك حاسمة، ص83؛ محيرز، العقبة، ص38- 56؛ العبدلي، هدية الزمن، ص74؛ مجهول، قلائد الجمن، 68- 72.

([19]) ابن الديبع، قرة العيون، تح : الأكوع ص471؛ الفضل المزيد، تح : شلحد، ص371.

([20])  لا أثر اليوم لصهاريج العيدروس والخساف.

([21])  بركة عنبر هي سد بني في أعلى المضيق الجبلي، وهو حديث عهد شيد في سنة 1854م لمنع الحصى والطين من الانجراف إلى صهريج أبو سلسلة. لقمان، تاريخ عدن، 257- 263؛ محيرز، العقبة، ص57.

([22])  لقمان، تاريخ عدن، ص263.

([23])  العبدلي، هدية الزمن، ص22.

([24])  باوزير، معالم، ص274. وراجع التقارير العلمية.

([25])  تاريخ المستبصر، ص132؛ شهاب، عدن فرض اليمن، ص120. وعبارة : (يقلب إليه يومين): أي يتدفق عليه يومين اثنين حتى يمتلئ لضخامته وسعته.

([26])  العبدلي، هدية الزمن، ص23؛ مجهول، قلائد الجمن، ص65.

([27])  الجرافي، المقتطف، ص44.

([28])  تاريخ العربية السعيدة أو اليمن، تر: النوبان وباحشوان، ص17- 18.

([29])  الفراص سالم، عدن بوابة القرن الحادي والعشرون، 22- 27.

([30])  صهاريج عدن، ص61.

([31])  تاريخ المستبصر، ص117؛ محيرز، صهاريج عدن، ص61؛ الشعيبي، اليمن الظواهر الطبيعية والمعالم الأثرية، ص53.

([32])  عدن فرضة اليمن، ص52.

([33])  والمراد بهم آل رسول حكام اليمن في القرن السابع الهجري، ولا يزال اسم بني غسان حيًّا إلى يومنا هذا على ألسنة العامة في اليمن. شهاب، عدن فرضة اليمن، ص164.

([34])  محيرز، العقبة، ص156.

([35])  تاريخ عدن، ص110، 262- 263.

([36])  راجع كتب ابن الديبع: القرة والفضل، والبغية، وسواها.

([37])  ابن الديبع، قرة العيون، تح : الأكوع، ص471؛ الفضل المزيد، تح: شلحد، ص372.

([38])  شهاب، عدن فرضة اليمن، ص196.

([39])  شهاب، عدن فرضة اليمن، ص196.

([40])  لقمان، تاريخ عدن، ص258.

([41])  ميان، تقرير عن الصهاريج مسودة.

([42])  وورد في بلييفر، تاريخ العربية السعيدة، تر: النوبان وباحشوان، ثلاثين مليون جالون، ص16؛ لقمان، تاريخ عدن، ص259؛ بريان دو، جنوب الجزيرة العربية، ص89.

([43])  ابن المجاور، تاريخ المستبصر، ص132. وجبل الأحمر: هو التل الصغير الذي يفصل وادي العيدروس عن وادي الطويلة، وتقع عليه الآن مباني شرطة عدن. محيرز، صهاريج عدن، ص15.

([44])  المبأة : بفتح الميم والموحدة، قرية صغيرة تحت عدن، بينها وبين عدن ربع فرسخ. بامخرمة، تاريخ ثغر عدن، ص18؛ ابن المجاور، تاريخ المستبصر، ص126؛ العبدلي، هدية الزمن، ص21؛ الشعيبي، اليمن، الظواهر الطبيعية والمعالم الأثرية، ص51- 53. ويرى محيرز أن فرضة المعلا ودكة الكباش تقف على أنقاضها. العقبة، ص39، 48، 63.

([45])  ابن الديبع، الفضل المزيد، ت: شلحذ، ص372.

([46])  محيرز، العقبة، ص39.

([47])  محيرز، العقبة، ص129.

([48])  أحسن التقاسيم، ص85.

([49])  صفة جزيرة العرب، ص94؛ السياغي، معالم الآثار اليمنية، ص116.

([50])  الرحلة، ص244.

([51])  محيرز، صهاريج عدن، ص16.

([52]) .Ingrams.Arabia And Isles P.11 -12. وبلييفر، تاريخ العربية السعيدة أو اليمن، تر: النوبان وباحشوان، ص17.

([53])  لقمان، تاريخ عدن، ص259.

([54])  العظم، رحلة في البلاد العربية السعيدة 1- 17؛ القرماني، أخبار الدول وآثار الأول، ص364.

([55])  العبدلي، هدية الزمن، ص17.

([56])  ابن بطوطه، الرحلة، ص251؛ العبدلي، هدية الزمن، ص22.

([57])  رونالد ليوكوك (التقرير) مسودة، ص8.

([58])  ingrams –Araia and Isles P.11.

([59])  لقمان، تاريخ عدن، ص133. ويذكر شهاب أن هذه الآبار حفرت في القرن السابع الهجري، وعلى النحو الآتي: بئر أحمد بن المسيب حفرت 614هـ/1217م، بئر العقلاني حفرت 615هـ/ 1218م، بئر السلامي حفرت 617هـ/ 1220م. عدن فرضة اليمن، ص152.

([60])  ابن المجاور، تاريخ المستبصر، ص131؛ بامخرمة، تاريخ ثغر عدن، 1 /49.

7- أحد الأبواب التي ركبت على سور عدن القديم.

([62])  لقمان، تاريخ عدن، ص132؛ العبدلي، هدية الزمن، ص16.

1- هي تسميةً حديثة نسبيًّا أطلقت على أول الصهاريج الذي يتخذ شكل سلسلة، وهو صهريج علوي لا ينضب، تفيض عليه المياه من بركة عنبر.

([64])  يعتقد أنه سمي بالفارسي لأنه يواجه معبد الفرس، أو لأن التاجر الفارسي كاوسجي دنشو قام بتنظيفه من الأتربة والقمامات التي كانت تملأه. لقمان، تاريخ عدن، ص263.

([65])  لقمان، تاريخ عدن ص262؛ ميان، (التقرير) مسودة، ص14. ولعل صهريج (أبو قبة) هو من مخلفات العصر الطاهري، فقد ذكر ابن الديبع أن الظافر عامر بن عبدالوهاب بنى صهريجًا عظيمًا في عدن لم يسبق مثله. الفضل المزيد، ص290 – 291. وحينما اكتشف هذا الصهريج وجدت كتابات تحت الخرابة باللغة العربية، ويعتقد أن باني الصهريج مقبور تحت القبة. لقمان، تاريخ عدن، ص262.

([66])  هي مجموعة من القنوات التي تحتجز الحجارة والطمي في أثناء تدفق مياه السيول إلى القنوات والصهاريج الأخرى. محيرز، صهاريج عدن، ص70. وللأيوبيين يد في بناء بعضها وترميمها ، إذ يقال إن أبا عثمان عمر بن علي الزنجيلي هو الذي ابتناها، وقد قامت الجمعية الجيولوجية في عدن برئاسة الباحث الجيولوجي المهندس معروف عقبة بجهود مثمرة في هذا الصدد في الآونة الأخيرة.

([67])  محيرز، صهاريج عدن، ص55- 57.

([68])  محيرز، صهاريج عدن ص70.

([69])  لاشك أن هذا الصهريج قد اندثر اليوم ولا وجود له، أما الكنيسة فهي مازالت قائمة على تلة في جبل المنصوري قبالة البنك الأهلي اليمني في شارع أروى بعدن.

([70])  ويطلق عليه جبل المنصوري.

([71])  كنيسة القديس يوسف الكاثوليكية التي شيدت في القرن التاسع عشر في عدن القديمة (كريتر)، وتقف في شارع أروى على مقربة من جامع أبان التاريخي.

([72])  هذه الرواية تعوزها الأدلة والقرائن.

([73])  مقابلة مع حسن صالح شهاب، الباحث بمركز الأبحاث الثقافية والآثار والمتاحف، اليمن، عدن.

([74])  ” مسودة تقرير ” Reportor on Aden Tanks Historeal and orcheological، Norri

([75])  Playfair A history Arabia Felix or yemen

([76])  تاريخ المستبصر، ص122.

([77])  محيرز، صهاريج عدن، ص17. وذكر بلييفر في تاريخ العربية السعيدة أو اليمن، تر: النوبان وباحشوان، ص16، أن أحد الفنيين الأتراك عزى الصهاريج للأتراك، لكن بلييفر ينفي صحة ذلك، أما محيرز في صهاريج عدن، ص17 فيصف هذا الفن بالبندقي.

([78])  محيرز، صهاريج عدن، ص19

([79])  محيرز، صهاريج عدن، ص40

([80])  انظر: لقمان، تاريخ عدن، ص260؛ محيرز، صهاريج عدن، ص68؛ عقبة، عدن البعد التاريخي والحضاري، ص165.

([81])  تاريخ المستبصر، ص111.

([82])  تاريخ ثغر عدن، ص17، 29 – 30.

([83])  شيرنسكي، أضواء على الآثار اليمنية، ص17.

([84])  فتاة الجزيرة، العدد (502)، سنة 1950م، ص29.

 ([85]) بريان دو، جنوب الجزيرة العربية، ص89؛ ورونالد ليوكوك وروجر صيدح، التقرير 8.

Hunter – An A ccount of British Settlement of Aden in Arabia p. 11- 12. In grams Arabia and Isles p. 89.

([86])  لقمان، تاريخ عدن، ص262.

Arabia and Isles p. 89 –3. In grams الأكوع، محمد علي، اليمن الخضراء، ص86. وصوت الجنوب، العدد (15)، 1966م؛ فتاة الجزيرة، سنة 1950م، العدد (502)، ص9؛ وسنة 1943، العدد (195)، ص6؛ وميان (التقرير).

([88])  شيرنسكي، أضواء على الآثار اليمنية، ص16؛ وميان (التقرير) مسودة غير مرقمة.

([89])  شيرنسكي، أضواء على الآثار اليمنية، ص16.

([90])  ميان (التقرير).

([91])  قصاصات متناثرة عن تاريخ الصهاريج، ويرى المهندس باوين أن صهاريج الطويلة، وحصن الغراب بنيا قبل الميلاد، في حين يرى الخبير ميان أنها بنيت في القرن الأول الميلادي، بناها الحميريون (التقرير).

([92])  لعله سمي بذلك لأنه يواجه معبد الفارسي.

([93])  ميان (التقرير).

([94])  بلييفر، تاريخ العربية السعيدة أو اليمن، تر: النوبان وباحشوان، ص16 – 17.

([95])  Hunter.An Account of the British Settlement of Aden Arabia P, 11.

([96])- تاريخ عدن وجنوب الجزيرة العربية، ص260 – 261.

([97])تاريخ عدن وجنوب الجزيرة العربية ص259-263.

([98])  الفضل المزيد، ص323.

([99])  أشار ليكوك في تقريره أن الطمي في الصهريج الكبير بلغ ثمانية أقدام.

([100])  يلقى معظم الغرقى حتفهم في صهريجي أبو سلسلة وأبو عجلة.

([101])  رونالد ليوكوك (التقرير)، ولعل المراد بالجبل هنا جبل شمسان.

([102])  رونالد، ليكوك (التقرير)، ص41.

([103])  حجر خفيف (التقرير).

([104])  لعله المعروف بـ: أبو عجلة.

([105])  (التقرير)، ص42.

([106])  التقرير (غير مرقم).

المصادر والمراجع:

  1. الأكوع، محمد بن علي، اليمن الخضراء مهد الحضارة، ط2، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء، 1983م.
  2. بافقيه، محمد بن عمر، تاريخ حوادث السنين ووفاة العلماء العاملين والسادة المربين والأولياء والصالحين، دراسة وتحقيق: أحمد صالح رابضة(د)، دار مطبعة جامعة عدن، عدن 1999-2000م.
  3. بامخرمة، أبو محمد عبد الله الطيب بن عبد الله، تاريخ ثغر عدن، ط2، شركة دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، 1986م.
  4. ابن بطوطة، محمد بن عبد الله اللواتي الضنجي، تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار المعروف بـ: رحلة ابن بطوطة، دار الفكر، دار التراث، بيروت، 1968م.
  5. الجرافي، عبدالله عبدالكريم، المقتطف من تاريخ اليمن، ط2، مؤسسة دار الكتاب الحديث، بيروت، 1984م.
  6. ابن الديبع، عبد الرحمن بن علي، الفضل المزيد على بغية المستفيد في أخبار مدينة زبيد، تح: يوسف شلحد (د)، مركز الدراسات والبحوث اليمني، صنعاء، دار العودة، بيروت، 1983م.
  7. ابن الديبع، قرة العيون بأخبار اليمن الميمون، حققه وعلق عليه: محمد بن علي الأكوع، 1988م.
  8. السقاف، حمود جعفر، أضواء جديدة على التاريخ، تبابعة وملوك اليمن، ط1، مركز عبادي للدراسات والنشر، صنعاء، 2004م.
  9. السقاف، ملوك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت، مركز عبادي للدراسات والنشر، صنعاء، 2005م.
  10. الشعيبي، محمد، اليمن “الظواهر الطبيعية والمعالم الأثرية”، مطابع شركة الأدوية، صنعاء، 1998م.
  11. شهاب، حسن صالح، عدن فرضة اليمن، مركز الدراسات والبحوث اليمني، صنعاء، 1990م.
  12.  شيرنسكي، سيرجي، أضواء على الآثار اليمنية، إصدار مركز الأبحاث الثقافية، د. ت.
  13. العبدلي، أحمد فضل بن علي محسن، هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن، ط2، دار العودة، بيروت، 1980م.
  14. عثمان، حسان أحمد، قلائد الجمن في ملوك عدن وصنعاء اليمن، ط1 عرض وتقديم: شائف عبده سعيد (د)، دار جامعة عدن للطباعة والنشر، عدن، 2007م.
  15. العظم، نزيه مؤيد، رحلة في العربية السعيدة من مصر إلى صنعاء، ط2، شركة دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، 1986م.
  16.  الفراص، سالم عبده صالح، عدن بوابة القرن الحادي والعشرون، تقرير مطبوع، د. ت.

17- لقمان، حمزة علي، تاريخ عدن وجنوب الجزيرة العربية، دار مصر للطباعة، القاهرة، 1960م.

18- لقمان، معارك حاسمة من تاريخ اليمن، مركز الدراسات اليمنية، صنعاء، 1978م.

19- ليكوك، رونالد، وصيدح، جورج، تقرير استشاري لصيانة وترميم الآثار والمواقع الأثرية والتاريخية، طبع أستانسل، مركز الأبحاث الثقافية والآثار والمتاحف، د. ت.

20- ابن المجاور، تاريخ المستبصر، ط2، اعتنى بتصحيحه أوسكر لوفقرين، شركة دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، 1986م.

21- مجهول (عاش في القرن التاسع الهجري)، تاريخ الدولة الرسولية، تح: عبد الله محمد الحبشي، مطبعة الكاتب العربي، دمشق، 1984م.

22- مجهول، الطواف في البحر الأحمر، ودور اليمن البحري، ط1، ترجمة وتعليق: حسين علي الحبيشي ونجيب عبد الرحمن الشميري، دار جامعة عدن للطباعة والنشر، عدن، 2004م.

 23- محيرز، عبد الله أحمد، العقبة، وزارة الثقافة، مؤسسة 14 أكتوبر للصحافة والطباعة والنشر، عدن، د. ت.

        24- الواسعي، عبد الله بن يحي، تاريخ اليمن المسمى فرحة الهموم والحزن في حوادث وتاريخ اليمن، ط3، الدار اليمنية للنشر والتوزيع، صنعاء، 1982م.

25- الويسي، حسين بن علي، اليمن الكبرى، مطبعة النهضة العربية، القاهرة، 1962م.

26- يعقوب، ك. س.آي، هارولدف، ملوك شبه الجزيرة العربية، تر: أحمد المضواحي، مركز الدراسات والبحوث اليمنية، صنعاء، دار العودة، بيروت، 1983م.

البحوث والدراسات:

27– حنشور، أحمد إبراهيم (د)، عقبة، معروف إبراهيم (م)، البوميس، إحدى المواد الرئيسية للبناء العمراني القديم في مدينة عدن، بحث مقدم إلى الندوة العلمية: عدن بوابة اليمن الحضاري، المنعقدة في رحاب جامعة عدن 18- 19 يناير 2011م.

28- عقبة، معروف إبراهيم، عدن البعد التاريخي والحضاري، بحث مقدم إلى الندوة العلمية الأولى: عدن الماضي – الحاضر – المستقبل، المنعقدة في رحاب جامعة عدن، دار جامعة عدن للطباعة والنشر، ج1، 15- 17 مايو 1999م.

التقارير الإنجليزية المترجمة:

29- نوريس، ه.ت، بنهي، ف. و، صهاريج عدن، مسح آثاري وتاريخي، تر: أحمد إبراهيم جعفر، تقرير مطبوع.

التقارير الأنجليزية:

  • A.MAJEED. M. conserervation of restaration of Aden cisterns shaharij al tawila Hyderabad , 1984.
  • Norris. H. T. Benhe F.W reportor on Aden tanks Historeal and orcheological

المراجع الإنجليزية:     

  • Ingrams Horrold/Arabia and Isles London 1942.
  • Captain Plyfair R.L. A history Arabia Felix or Yemen Bombay 1859 وقارن بلاي فير،أف. أل، تاريخ العربية السعيدة أو اليمن، ط1 تر: النوبان، سعيد عبد الخير(د) و باحشوان، علي محمد، دار جامعة عدن للطباعة والنشر، عدن 1999م..
  • Gavin R.J Aden under British Rule 1839-1967 london C Hurst Company 1975.
  • Captain Hunter F.M An account of the British settlement of aden in Arabia published by franks cass and company limited london 1968.