د. غيلان حمود غيلان
د. غيلان حمود غيلان([1])
الملخص:
يتناول هذا البحث دراسة القيم الجمالية للزخـارف المنفذة على مـصندقات سقف مسجـد قـيدان, وقد تركز على ما تحتويه هذه المصندقات من زخارف, وكذلك عملية توزيعها بشكل متناظر, إذ تم تزيين هذه المصندقات بمزيج رائع من العناصر الزخرفية المتنوعة التي يمكن تقسيمها من حيث طبيعتها إلى أقسام رئيسة هي: الزخرفة الهندسية, والزخرفة النباتية, والزخرفة الكتابية.
ولغرض التعرف على القيم الجمالية على هذه المصندقات استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي للوصول إلى تحديد مواطن الجمال الكامنة في هذه الزخارف.
لقد توصل هذا البحث إلى نتائج ترفد الباحثين في الآثار والفنون الإسلامية عن القيم الجمالية المنفذة على مصندقات سقف مسجد قيدان, فضلًا عن التوصل من خلال تحليل نوعية الزخارف والخطوط إلى تحديد تاريخ هذه المصندقات, والذي يقع فيما بين القرنين (6 -7 هـ/ 12-13م).
Abstract
Deals with this research study values aesthetic of decoration carried out on the roof boxes Qidan Mosque. Has focused on the contain this boxes of decorations, as well as the process of distributed symmetrical, as it was decorating this boxes mixture gorgeous of decorative items diverse that can be divided in terms of nature to sections main: Tracery Engineering, Tracery Plant, Tracery Written. Purpose to identify the values of aesthetic on this boxes use the researcher curriculum descriptive analytical access to determine the citizen beauty inherent in this motifs.
I have reached this search to the results of supply the researchers at the Effects of the Arts Islamic values aesthetic carried out on the roof boxes of Qidan Mosque chopsticks, as well as a through the analysis of the quality of motifs and fonts to determine the date of this boxes, which is located in between centuries (6 – 7 A.H / 12-13 AD).
المقدمة:
يقع مسجد قيدان في منطقة بني الطيار بمحافظة المحويت/ اليمن, ويتم الوصول إليه عبر طريق متفرع من الطريق الرئيس الممتد من مدينة صنعاء إلى مدينة المحويت.(لوحة1)
يشير النص التأسيسي المدوَّن على الجدار الشرقي لبيت الصلاة من الداخل, إلى أن (بازل ابن الليث ابن بازل) قد أمر ببناء هذا المسجد, غير أن النص لم يشر إلى سنة التأسيس, فضلًا عن أن المصادر التاريخية وكتب التراجم والسير لم تتطرق إلى شخصية هذا الباني([2]).
والمسجد عبارة عن صحن يتقدمه بيت للصلاة مكعب الشكل, تبلغ مقاساته (9×10متر) (شكل1, لوحة2), وجاء بيت الصلاة صغير بسيط المظهر من الخارج, أما من الداخل فإنه يتألف من ثلاثة أساكيب تقطعها ثلاث بلاطات, ويغطيه سقف خشبي مؤلف من أربع عشرة مصندقة تحملها أربعة أعمدة بشكل مباشر.([3])
مشكلة البحث:
تحددت مشكلة البحث في الكشف عن زخارف المصندقات الخشبية التي تغطي سقف مسجد قيدان, وتسليط الضوء على القيم الجمالية الموجودة فيها, وتبرز من هذه المشكلات التساؤلات التالية:
أهمية البحث والحاجة إليه:
– الإسهام في التعرف على القيم الجمالية وما لها من أهمية بالغة في كل عمل فني بشكل عام, والفنون الزخرفية الإسلامية بشكل خاص.
– رصد الزخارف المنفذة على مصندقات سقف مسجد قيدان.
– الكشف عن النواحي الإبداعية والجمالية لزخارف المصندقات الخشبية.
– لفت نظر القائمين على التراث الحضاري بأهمية صيانة مصندقات سقف مسجد قيدان وترميمها؛ لما تحمله من سمات فنية فريدة.
هدف البحث:
يهدف هذا البحث إلى:
– التعرف على الزخارف المنفذة على مصندقات سقف مسجد قيدان.
– رصد الجوانب الجمالية والإبداعية الكامنة في هذه الزخارف.
– الكشف عن أسس التكوين الذي تستند إليه زخارف مصندقات سقف مسجد قيدان.
حدود البحث المكانية:
يقتصر البحث الحالي على دراسة المصندقات الخشبية التي تسقف مسجد قيدان بمحافظة المحويت اليمن.
منهج البحث:
استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي الذي يسعى إلى الكشف عن القيم الجمالية لزخارف مصندقات سقف مسجد قيدان وتكويناتها, وصولًا إلى تحديد مواطن الجمال الكامنة في هذه الزخارف.
تحديد المصطلحات:
القيمة: عرفها ابن منظور بانها: ثمن الشيء بالتقويم([4]).
أما اصطلاحيًا فقد تبنى الباحث تعريف (صليبا): تطلق على كل ما هو جدير باهتمام المرء وعنايته.([5])
القيمة إجرائيًّا: في البحث الحالي هي مجموعة من القيم الفنية المشتركة التي تصب في أسس التكوين الزخرفي.
الجمال: عرفه ابن منظور جمل الشيء والتجميل: التزيين.([6])
ويرى هربرت: أن الجمال هو وحدة العلاقات التشكيلية بين الأشياء التي تدركها حواسنا([7]). بينما عرفه صليبا: الجمال مرادف للحسن، وهو التناسب بين الأعضاء([8]).
الجمالية: عرفها علُّوش بأنها نزعة مثالية تبحث في الخلفيات التشكيلية، وتختزل عناصر العمل في جماليته([9]). بينما جاء تعريفها في المعجم العربي الميسر: بأنها تُعنى بالقيم والعناصر التي تكسب العمل جمالًا فنيًّا([10]).
الزخرفة: هي تعبير وتزيين إسلامي له حضور جمالي, أما في المصطلح الأثري الفني فهي النقوش التي يجمل بها البناء([11]).
المصندقات: هي تسقيف الفضاءات باستخدام السقوف الخشبية التي جاء توزيعها بما يشبه الصناديق المتجاورة, فهي تتألف من عوارض رأسية تتقاطع معها عوارض أفقية مشكلة مناطق مربعة أو مستطيلة نفذت عليها زخارف متنوعة([12]).
الدراسة الوصفية:
تزخر المباني الدينية في اليمن بنماذج طيبة من التحف الخشبية الثابتة والمنقولة, غير أن هذه التحف لم تحظ حتى الآن بدراسة وافية توضح لنا تطور الأساليب الفنية عليها, ومدى تأثرها بالأساليب الفنية التي سادت الأقاليم الإسلامية, ولاسيما المصندقات الخشبية التي تسقف العديد من المباني الدينية في اليمن([13]), ومنها مسجد قيدان المستهدف بهذا البحث.
إن كل مصندقة خشبية في مسجد قيدان تعد عملًا فنيًّا له شأنه بعد أن نالت جهدًا كبيرًا في عملية زخرفتها وتزويقها بالألوان, كما اعتُمِد في تنظيم المصندقات على مبدأ التناظر والتماثل, فعبرت عن تكوين فني متناسقة عناصره ببعضها من جهة، وبالفراغات المحيطة بها من جهة أخرى, إذ نجد أن بلاطة المحراب (الوسطى) قد غطتها أربع مصندقات مربعة الشكل, بينما غطت خمس مصندقات مستطيلة بشكل متناظر كل من البلاطتين الأولى والثالثة, غير أنه للأسف الشديد قد تعرضت مصندقات الأسكوب الأخير للتلف بسبب الرطوبة.
لقد زخرفت المصندقة الأولى التي تعلو المحراب مباشرة بزخارف هندسية ونباتية قوامها طبق نجمي ذو ثمانية أضلاع، زين مركزه بزهرة ذات ستة وريقات, واعتمد هذا النموذج الهندسي في أساسه الفني ونظام تكراره على المسدس المنتظم على هيئة خلايا النحل, ويتم بعد ذلك التوصل إلى رسم التفاصيل الداخلية لوحدة التكرار الأساسية بعد إجراء العديد من التوصيلات, حيث يتهيأ المجال لرسم تفاصيل الوحدة الأساسية التي تتوسطها نجمة ثمانية ينتج من امتداد خطوطها مضلعات هندسية خماسية موزعه بشكل متناظر.(شكل2, لوحة3)
أما المصندقة الثانية فقد شغلتها أربعة مضلعات مثمنة الشكل حصرت بداخلها زخرفة نباتية من التوريق العربي (الارابيسك)، قوامها عبارة عن عنصر كأسي وبرعم وضعا بالتبادل، ويرتبط كل منهما بأغصان رشيقة تنتهي بأنصاف مراوح نخيلية, ويحيط بالزخرفة النباتية دائرة زيِّن سطحها بدوائر مطموسة لوِّنت باللون الأبيض بما يشبه عقد اللؤلؤ, ويحيط به دائرة أخرى لونت باللون البني, يحيط بها إطار مثمن الشكل نفذ باللون الأزرق الفاتح, ويشترك معه في التثمين شريط من الدوائر المطموسة المنفذة باللون الأبيض, وربما قصد الفنان بهذا التدرج اللوني إضفاء مسحة من التجسيم على هذه الزخرفة, إذ يلاحظ على الزخارف النباتية بأنها قد لونت بشكل متدرج وذلك بوضع ألوان أكثر غمقًا في وسطها بحيث تبدو بشكل محدب.
لقد تكررت هذه الزخرفة داخل المثمنات الأربعة, التي حصرت فيما بينها نجمة رباعية يزين وسطها ما يشبه نصف كرة تحيط بها دوائر مطموسة، ويزين رؤوس النجمة أربعة عناصر كأسيه ذات الثلاثة فصوص، كما شغلت الفراغات المحصورة بين المثمنات زخارف نباتية من التوريق العربي (الارابيسك), ويحيط بالمصندقة شريط عريض تزين سطحه أغصان نباتية أفعوانية الشكل تخرج منها أنصاف مراوح نخيلية, كما نصفت الشريط في كل جهة زهرة ذات خمس وريقات تشبه (الرنك) الرسولي, كما يحف بهذه المصندقة ما يشبه الكوابيل الخشبية، وضعت بالتبادل مع كيزان الصنوبر. (شكل3, لوحة4)
أما المصندقة الثالثة فقد جاءت مغايرة لسابقتها, إذ قسمت بشريط عريض إلى أربعة مربعات متساوية, واحتوى كل مربع على مضلع زخرفي مثمن الشكل نتج من تقاطع مربعين شطف حواف إحداها على هيئة نصف دائرة وترك الآخر كما هو، فظهرت زوايا المثمن بهذا الشكل الزخرفي, وقد قام الفنان بتزيين سطحه بدوائر مطموسة نفذت باللون الأبيض, فصارت تشبه عقد اللؤلؤ, كما زين وسط المضلع زخرفة تشبه نصف كرة تحيط بها زخارف من التوريق العربي, وشغل الفراغ المتكون من هذا المضلع بأغصان نباتية متشابكة تخرج منها أوراق كأسية ثلاثية الفصوص ترتبط ببراعم بيضية الشكل, كما يحيط بالمصندقة من جميع الجهات شريط عريض تزينه أغصان نباتية أفعوانية الشكل تخرج منها أوراق بيضية, ونصفت كل جهة زهرة ذات خمس وريقات لونت باللون الأبيض المشابه (للرنك) الرسولي(شكل4, لوحة5).
أما البلاطة الأولى والثالثة فقد غايرت المصندقات فيهما مصندقات البلاطة الوسطى, وربما كان القصد من ذلك هو تميز بلاطة المحراب من جهة, ومن جهة أخرى التزام الفنان بتوزيع المصندقات على هذا السقف بشكل متناظر, إذ نجد أن كل بلاطة قد احتوت على ثلاثة نماذج من المصندقات.
النموذج الأول: وتم فيه رسم شريط عريض قسم المصندقة إلى اثني عشر مربعًا, وزين أضلاع المربعات المتجاورة بدائرة تشبه نصف الكرة، تكتنفها عناصر نباتية من التوريق, أما العوارض الخشبية فقد زينتها أغصان نباتية أفعوانية الشكل تخرج من دائرة وضعت في الوسط، وتزين وسطها زهرة خماسية الوريقات، تنطلق منها الأغصان بتناظر تمثيلي، أي أن الأغصان الممتدة في الجهة اليمني تساوي الامتداد نفسه في الجهة اليسرى وتناظرها في العناصر, وزين وسط كل مربع زخارف قوامها دائرة تخرج منها أربعة عناصر كأسية, وشغلت وسط كل دائرة زخارف نباتية من التوريق, وعلى الرغم من أن الدوائر تتشابه, فإن الفنان قد غاير الزخارف المنفذة بداخلها, إذ نجد تباينًا من دائرة إلى أخرى في العناصر والتصميم واللون, وربما قصد الفنان من ذلك القضاء على الرتابة والملل وإضفاء نوع من الحيوية على هذه الزخارف. (شكل5, لوحة 6)
النموذج الثاني: وهذا النموذج من المصندقات قد شغلته زخرفة قوامها مضلعات تزين مركزها نصف كرة تحيط بها دوائر مطموسة, وشغلت سطح المضلع زخارف نباتية من التوريق العربي, ورسم في كل مصندقة مضلعان وضعت بالتبادل مع ما يشبه سعفة النخيل, إذ استفاد الفنان من تغيير وضعية القطع الخشبية الصغيرة ورتبها بحيث تبدو كسعفة نخيل, واحتوت كل مصندقة على سعفتين ومضلعين وضعا بالتبادل. (شكل 6).
النموذج الثالث: ويتميز هذا النموذج باحتوائه على مضلع واحد فقط, زين وسطه بما يشبه نصف الكرة في الوسط تحيط بها دوائر مطموسة لونت باللون الأبيض وزين سطح المضلع زخرفة قوامها دوائر متقاطعة شكلت من تقاطعها زهرات ذات أربع وريقات، وتنتهي هذه الدوائر من الجهتين بزخارف نباتية محورة. أما باقي المصندقة فقد زينت بما يشبه السعفة النخيلية.(شكل7)
أما الجوائز([14]) والعوارض(البراطيم) التي تحمل السقف فقد زينت أسطحها المتجهة إلى أسفل بزخارف هندسية ونباتية متكررة, يمكن تمييز ثلاثة أنواع منها هي:
النوع الأول: وقوام زخرفته عبارة عن طبق نجمي ذو ثمانية رؤوس، يحيط به مخمسات ومضلعات شغلت مراكزها زهرة ذات ست وريقات, كما شغلت المساحات الناتجة من تكرار الزخارف الهندسية زخارف نباتية قوامها أربعة عناصر كأسية تلتقي مع بعض عند رؤوس فصوصها العلوية.(شكل8)
النوع الثاني: وقوام زخرفته تعتمد على زخرفة الجفوت اللاعبة(*) التي تشغل سطحها زخارف نباتية محورة من التوريق العربي، قوامها أغصان رشيقة تخرج من عقد رابطة وتتفرع إلى فرعين يغطي كل فرع جهة بشكل حلزوني، ويتولد منه أغصان أخرى بحيث يغطي المساحة الموجودة داخل المضلع بالكامل.(شكل9)
النوع الثالث: وقوام زخرفته نجمة ذات اثني عشر رأسًا تحيط بها مضلعات معينية الشكل، تحصر بينها أطباقًا نجمية ونجومًا سداسية, وشغلت المساحات الناتجة من التكرار أوراق نباتية بيضية الشكل.(شكل 10)
أما الأسطح الداخلية للجوائز فقد زينتها آيات من القران الكريم كتبت بالخط الكوفي المورق, والخط الكوفي المضفور, وكذلك بالخط الكوفي المعماري, فضلًا عن خط الثلث الذي كتبت به بعض الآيات الكريمة واسم من أمر بالبناء.(الأشكال (13,12,11
يزين سقف مسجد قيدان عدد من التصاميم الزخرفية التي تحمل قيم جمالية([15]), ولعل ما يميز هذه المصندقات عن غيرها هو تفرد تنفيذ الزخارف عليها بالألوان فحسب, أي بدون استخدام الحفر الغائر أو البارز, فضلًا عن تمكن من قاموا بالعمل من ضبط معايير الجمالية الإسلامية(*) التي تعتمد على الحرية والإبداع والبحث عن المثل والتسامي والإطلاق([16]), ففي نطاق هذا الفلك الواسع, نجد أن الفنان قد أتقن توزيع المصندقات بشكل متوازن, كما اعتمد في تنظيمها على مبدأ التناظر والتماثل.
لقد تمكن الفنان من تحقيق قيمًا فائقة الحد من الجمال على هذه المصندقات, حيث تقودنا بعض الزخارف إلى زخارف أخرى في داخلها ثم تقودنا هذه بدورها إلى زخارف ثالثة, بما يوحي للمتأمل أنه ينتقل من مستوى فكري إلى آخر,([17]) وتحس العين حين ترى هذه الزخارف أن كل مساحة منها تحقق نوعًا من الإيقاع, لأن الإيقاع في العمل الفني الإسلامي يعتمد التماثل والتناظر والتبادل([18]), فظهرت بذلك وحدة العناصر البنيوية التي طبعت زخارف هذا السقف بطابع متميز.
استخدم الفنان في تزيين هذه المصندقات مزيجًا رائعًا من العناصر الزخرفية المتنوعة, التي تقوم على منطلقات فكرية وفلسفية وجمالية([19]) ويمكن تقسيمها إلى أقسام رئيسة هي: الزخرفة الهندسية, والزخرفة النباتية, والزخرفة الكتابية.
الزخـرفة الهندسية:–
تعد الزخرفة الهندسية عنصرًا أساسيًّا من عناصر الزخارف الإسلامية, فمنذ العهد الأموي اتجه الفنان العربي إليها, فقد شاع استعمالها على العمائر والتحف الفنية المتنوعة, معتمد في بداية الأمر على الأشكال البسيطة كالمستقيمات والمربعات والمثلثات والمضلعات والدوائر المتماسة والمتقاطعة والأشكال السداسية والثمانية.([20]) غير أن الفنان المسلم ظل يبحث عن تكوين جديد مبتكر يتولد عن اشتباكات قواطع الزوايا ومزاوجة الأشكال الهندسية لتحقيق الجمال الرصين.([21])
ظهرت العناصر الزخرفية الهندسية على مصندقات سقف مسجد قيدان بشكل متطور فهي تشبه تلك الزخارف المائية المنفذة بالألوان (الفريسكو) المنفذة على مباني العصر الرسولي في مدينة تعز, كالمدرسة المظفرية, والمعتيبة, والأشرفية(لوحة8), ولم تصل إلى مستوى الزخارف التي ظهرت في مباني الدولة الطاهرية من التعقيد والحشد, ولاسيما ما وجد في المدرسة العامرية في مدينة رداع.(لوحة9)
تعددت العناصر الزخرفية الهندسية المنفذة على سقف هذا المسجد, فقد قسمت المساحات داخل المصندقات إلى مربعات أو مستطيلات, شغلت المساحات المربعة منها عنصر رئيس كبير يظهر في الوسط على هيئة نجمه أو مثمن أو مسدس، ويدور حول هذا العنصر الكبير عناصر أصغر حجمًا, إما بشكل نجوم صغيرة, أو مضلعات هندسية متنوعة, أو نجوم ومضلعات متعاقبة مع بعضها, في تتشابك وانسجام مستمر, وكأنّ الفنان أراد بذلك أن يصور مجاميع الأشكال الوميضية التي تشع وتستقبل باستمرار,([22]) حتى تغطى المساحة المراد زخرفتها, أما المساحات المستطيلة فقد قسمت إلى مربعات صغيرة شغلت بالزخارف النباتية, وازدانت الأشرطة الزخرفية بالمضلعات المتنوعة.
إن أبرز العناصر الزخرفية الهندسية المنفذة على هذه المصندقات هي الأطباق النجمية(star pattern), وهي زخرفة إسلامية صرفة، وتعد أكثر الزخارف الهندسية الإسلامية إبهارًا, وفي الوقت نفسه أبرز سماتها([23]).
لقد وفق الفنان إلى حد كبير في اختيار نوعية العناصر الزخرفية الهندسية التي تنسجم فيما بينها ومع بقية العناصر الأخرى فاختار المناطق المفصصة والمؤلفة من فصوص رباعية تفصلها رؤوس ثلاثية والتي ظهرت في الفن الإسلامي منذ عصر سامراء ثم امتدت إلى الموصل في القرن (5هـ/ 11م)، وظهرت في مصر خلال العهد الفاطمي([24])، وكذلك الدائرة والشكل البيضاوي وكلاهما من عائلة واحدة, وقد أصاب الفنان أن جعل الشكل البيضاوي يحتضن الدوائر المطموسة.(شكل7)
اهتم الفنانون المسلمون بالزخارف النباتية اهتمامًا كبيرًا, وليس ذلك فحسب, بل تمكنوا من ابتكار أشكال نباتية عديدة اتسمت بالتجريد عرفت بالتوريق أو (الأرابيسك)، وهى زخارف تميز بها الفن الإسلامي دون غيره من الفنون,([25]) حتى وصفها البعض بأنها لغة الفن الإسلامي([26]).
لقد وصلت زخارف التوريق (الارابيسك) إلى اليمن عن طريق مصر في العصر الفاطمي حيث شهد هذا العصر علاقة قوية بين الدولة الفاطمية في مصر والدولة الصليحية في اليمن,([27]) إذ تمثلت زخارف التوريق في بداية أمرها في مسجد العباس في أسناف خولان (519هـ/1125م), ثم بعد ذلك في جامع السيدة بنت أحمد في جبلة (ت: 532هـ/1138م), سواء ما ظهر منها على السقف أو المحراب أو المنبر([28])، وبعد ذلك شاعت هذه الزخرفة في اليمن خلال العصر الرسولي الذي واكب التطور الزخرفي في مصر والشام خلال العصر الأيوبي, ولاسيما أن بني رسول استجلبوا من مصر والشام آنذاك طوائف من أرباب الصناعات والحرف الذين نقلوا بدورهم آخر الابتكارات والتطورات في مختلف الصنائع والفنون, بالإضافة إلى الصناع اليمنيين الذين اشتهر في تلك المرحلة التاريخية، منهم المؤرخ الخزرجي (الذي كان يعمل في زخرفة المساجد والدور الملكية) ومن ضمنها دار الديباج في منطقة ثعبات([29]) وغيرها.
وعند مقارنة زخارف التوريق التي نفذت على هذه المصندقات بمثيلاتها في العصر الأيوبي سواء أكان ذلك على الفنون التطبيقية أم على العمائر(*) يتضح لنا أن التحوير والتجريد للعناصر النباتية على هذه المصندقات لم تتباين كثيرًا عما وجد في غيرها من الأقطار الإسلامية الأخرى, فزخارف التوريق لا تحتفظ إلا بذكرى بعيدة عن النباتات الطبيعية التي استوحى منها الفنان هذه العناصر، كما أن هذه العناصر النباتية تعتمد قوانين التقابل والتماثل في حركات إيقاعية, بحيث تكسب المشاهد إحساسًا بالحركة التي تمتاز بها زخارف التوريق (الارابيسك).([30])
ومن العناصر النباتية التي استعان بها الفنان لتزيين المصندقات المراوح النخيلية (palmette ) وأنصافها والتي مثلت بأشكال مختلفة منها البسيطة والمفلوقة والمركبة, فضلًا عن أنصافها التي اتخذت أشكالًا متعددة تباينت في هيئاتها العامة وفي تفاصيلها الدقيقة, فقد حدد شكلها الحيز الذي شغلته, بالإضافة إلى الوحدات الزخرفية التي ارتبطت معها أو أحاطت بها.
لقد حظي هذا العنصر بعناية الفنان المسلم فاستعمله في جميع أعماله الفنية, لما تمتاز به المروحة النخيلية من قابلية على التكيف والملائمة مع تباين المساحة المخصصة للزخرفة([31])؛ لما لهذا العنصر من رقة وانسيابية, فضلًا عن أنها تؤلف أشكالًا متناظرة وزخارف متماثلة تحقق للفنان رغبته في التخلص من الفراغ الناتج من تقاطع خطوط الزخارف الهندسية([32]), فقد ظهرت المراوح النخيلية المنفذة على المصندقات بشكل متطور, إذ نجدها تمثلت بشكل مخروطي أطلق عليه بعض الباحثين ( البالمت البسيط)([33]), غير أن الفنانين تمكنوا من إيجاد أشكال مركبة, وذلك بشطر المروحة النخيلية إلى نصفين يلتقيان عند رأسيهما، ويعلوهما مروحة صغيرة بسيطة.
استفاد الفنان اليمني من تطويع المروحة النخيلية وتحويرها بما يتلاءم مع الإطار العام للتكوين الزخرفي الذي يقوم بتنفيذه, فقد استفاد من انسيابية خطوطها ومطاوعتها التي تمثلت في استطالة الفص الوسطي أو امتداده بخفة ورشاقة واضحة, وهي السمة التي أكسبت مصندقات السقف الخشبية لمسة جمالية مضافة وأبعد عنها الشعور بالرتابة والملل, فضلًا عن أن هذه العناصر أسهمت في تنوع الإبداع الزخرفي على هذه المصندقات.
ومن العناصر الأخرى سعفة النخيل التي حاول الفنان محاكاة الطبيعة في شكل هذا العنصر, فقد نفذه بشكل قريب من الطبيعة, وذلك بوضع القطع الخشبية الصغيرة بشكل مائل على هيئة أوراق سعف النخيل، ولم يقم بإضافة الألوان عليها مكتفيًا بألوان الخشب الأصلية.
إن تمثيل سعف النخيل على مصندقات السقف، لما للنخلة من معنى ديني, إذ تعدّ النخلة من أشجار الجنة, كما أنها رمزًا للكفاف([34]), وقد يكون القصد من هذا الأسلوب هو محاكاة التسقيف في المسجد النبوي, فقد أورد السمهودي أن سقفه كان من جريد النخل([35]).
واستعان الفنان في تزيين المصندقات بالورقة الكأسية (calyx), التي تعرف أيضًا بوريقات كم الزهرة([36]), وهي تمثل شكلًا مختزلًا زخرفيًا لكؤوس أزهار محورة عن الطبيعة([37]), ويقصد بها الجزء الأسفل من أي زهرة بعد أن تتفتح أجزاؤها العلوية على شكل فصوص أو شحمات مدببة فتتخذ بذلك شكل الكأس.
لقد تمثل هذا العنصر على المصندقات بشكل محور وبعيد عن صدق تمثيل الطبيعة, فقد رسمه النقاشون والمزوقون بثلاث فصوص (شحمات)، بحيث يكون الفصّ الأوسط للتويج طويلًا, ولون الجزء العلوي منه مغايرًا كي يوحي لنا بأنها مدببة الرأس, بينما الورقتين الجانبيتين إحداهما تتجه إلى اليمين والأخرى إلى اليسار، وصارت بذلك تشبه المراوح النخيلية ذات الثلاثة فصوص, وواقع الحال أن التمييز بين هاذين النوعين ليس بالأمر السهل, حتى على المختصين([38]), لاسيما عندما تكون حدود الفصين الجانبيين متصلة ببعضها ويبدو معها الفص الوسطي كأنه مستقل قائم بذاته.
كما ظهرت الأوراق اللوزية وهي تشبه البراعم (blossom) قبل أن تتفتح، أي عندما تكون البراعم مقفولة تمامًا على ما في داخلها من أوراق التويج والمياسم.
وظهرت ضمن التشكيلة الزخرفية على هذه المصندقات ورقة البلطة, وهي عبارة عن ورقة صغيرة محورة في الأرجح من نصف المروحة النخيلية, غير أنها خضعت لبعض التحوير في ثني طرفيها العلوي والسفلي بشكل متساوٍ فصارت على هيئة البلطة([39]). إن أول من أطلق عليها هذه التسمية المستشرق كار لام(lamm)([40]) بينما أطلق عليها هرتسفلد البالمت الجناحية(fliigel- palmette)([41])
ومن العناصر الزخرفية التي وظفها الفنانون على المصندقات زهرة اللؤلؤ، وقد يطلق عليها(زهرة المار جريت-(marguerite, وهي زهرة ذات خمس وريقات صبغت باللون الأبيض تارة, وباللون الأحمر تارة أخرى, وهي بذلك تشبه شعار الدولة الرسولية([42]), فقد اهتم بهذا النوع من الزهور بني رسول في اليمن ولازمتهم منذ وقت مبكر([43]), عند ما اتخذوها شعارًا لهم ووسموا بها معظم التحف التي صنعت لهم([44]), بالإضافة إلى بعض المباني التي قاموا بإنشائها.
ومن الزخارف التي تمثلت على المصندقات العقد الرابطة, فقد ظهر هذا العنصر على شكل دائرة مسطحة أو مكورة, وتعد العقد الرابطة بمثابة جذور مختزلة ورمزية, بحيث تشكل منابع لنشوء الأغصان منها, أو تقوم بدور التكوينات الرابطة للأغصان حيث تلتقي فيها وتفترق منها([45]). لقد انتشر هذا العنصر في الفنون السابقة للإسلام إلا أن الفضل يرجع للعرب المسلمين الذين أوصلوها إلى قمة نضجها وطبعوها بالطابع الإسلامي, حتى غدت من العناصر الزخرفية البارزة منذ العهد الأموي وما بعده([46]).
تشكل الكتابات بخطوطها المتنوعة أجمل صور الإبداع الفني التي وصل إليها الفنان المسلم؛ إذ اتخذ منها وسيلة للتعبير عن موهبته, فأخرج منها مواضيع وأنماطًا رائعة حتى بات استعمال الخط من المسائل الضرورية لإنجاز أي عمل فني؛ لأنه يمثل شكلًا إبداعيًا وجماليًا في الفن الإسلامي([47]).
ارتبط الخط مع اللون على مصندقات سقف مسجد قيدان ارتباطًا وثيقًا, وذلك لزيادة معاني الخط وتجميله([48]) فاللون يمثل دائمًا محور إغناء جمالي وفني للخط العربي, ولاسيما إذا استخدم استخدامًا متقنًا في تشكيل البنية الخطية, فإنه يحقق تعبيرية العلاقة بين الشكل والمضمون([49]) ومن هنا فقد أسهمت الألوان في تطور الخط وزيادة زخرفته.([50])
لقد وضعت الكتابة فوق مهاد زخرفي نباتي(*) مؤلف من تشابك أوراق وسيقان نباتية في رقة حول الحروف دون أن تغير معناها أو أن تختلط بها, بل إن تلك الحروف لا تحتفظ بوضوحها فحسب, وإنما تنال بعدًا رمزيًّا أكثر عمقًا, فالمزاوجة بين الكتابة والنبات توحي بأن كلمات الله مزهرة مثمرة؛ لأن الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة,([51]) ولذلك أدخل الخط كعنصر رئيس من عناصر الزخرفة.
يحف بالسقف من أسفل أشرطة كتابية نفذت بخطوط متنوعة(**), لكل منها طابع زخرفي معين منها الخط الكوفي المورق, والخط الكوفي المضفور, والخط الكوفي المعماري, إلى جانب خط الثلث, وجاء أغلب مضمون الكتابة المنفذة على المصندقات آيات من القران الكريم, وكأن الفنان أراد بذلك أن يتبرك بهذه الآيات؛ لأن الفن في الإسلام هو تمجيد للجلال وتسبيح بالجمال، وهدفه التوسل للخالق سبحانه وتعالى,([52]) فانعكس ذلك على فن الخط, فكتابة الآيات القرآنية الكريمة عباده من طراز رفيع جليل, ومن ثم فإن الخط هنا هو نتاج لحالة من الطمأنينة والسكون والتوازن الذي يتوحّد فيه الفنان المسلم مع المعاني المقدسة للذكر الحكيم,([53]) ولهذا تسمو قيمة الشكل بقيمة المضمون الذي يرتبط بصفته القدسية, التي أصبحت جمالية تبعًا لجمالية الخط ذاته, كما حرص الخطاط على قوة أدائه الخطي على المصندقات, وتجلت إمكانياته الفنية والذاتية في حرية غير محدودة من الإبداع والتكوين. غير أن الجدير بالذكر أن الخطاط اليمني الذي نفذ هذه الكتابات قد استفاد من مميزات خط الثلث, ونفذها على طريقة ابن البواب(***), إذ نجد أن حروف الكتابة المنفذة قد امتازت بالليونة والاستدارات في نهاية الحروف، ووجود الترويس في الحروف المنتصبة, وغلظها في قسمها العلوي, ودقتها وتشعيرها في قسمها السفلي, مع ميلها إلى القصر وتضخم بقية الحروف بصورة عامة, وغطيت الفراغات داخل الأشرطة المخصصة للكتابة بواسطة حركات الشكل, والإضافات الزخرفية, مما أكسبه تناسقًا جميلًا أضفى على المساحات التي يزينها شكلًا دقيق التعبير في النواحي الجمالية, كما أن أسلوب تركيب الكلمات يميل إلى التسلسل المتتالي, إذ قلما تتداخل الكلمات, بالإضافة إلى وجود ظاهرة الترابط بين الحروف, كما تمثلت في هذه الكتابة مميزات فنيه منها الاستناد على مهاد زخرفي, وهو الأسلوب نفسه الذي ظهر في الموصل منذ القرن (6هـ/ 12م).([54])
كما وفق الخطاط في تنفيذه الأشرطة الكتابية أسفل سقف مسجد قيدان إلى حد كبير, ويتضح ذلك من خلال التوزيع والاتزان والسيادة, كما تضمنت هذه الأشرطة نصوصًا إنشائية وتسجيلية، وهي ما يطلق عليها أحيانًا اصطلاح (الطراز)([55]), إذ نجد اسم من أمر بالبناء (بازل بن الليث بن بازل)، وأغفل الخطاط تاريخ البناء وتوقيع الصانع, إلا أنه من خلال أسلوب الزخارف الهندسية والنباتية, وكذلك هذه الخطوط ومميزاتها, إلى جانب ظاهرة الجمع بين الخطين الكوفي والثلث التي ترجع إلى العصر الأيوبي, سواء أكان ذلك على الفنون التطبيقية أم على العمائر, فقد ظهر هذا الجمع على جدران مسجد جامي في قزوين سنة(590هـ/1193م)([56])، كما كان الجمع بين النوعين من سمات التحف المعدنية الموصلية([57])، كما وجدت هذه الظاهرة في اليمن على جدران مسجد العباس في أسناف خولان (519هـ/1125م)([58])، وقبة الإمام المهدي بصعدة([59]) (لوحة10, 11) ولذلك نرجح أن تاريخ هذه الكتابات, وكذلك المسجد لا يخرج عن المدة التاريخية الواقعة ما بين القرنين (6-7 هـ/ 12-13م).
يعرف اللغويون اللون بأنه كالسواد والحمرة ولونته فتلون,([60]) أما اليوم فإن اللفظة تعنى “الصفة الرمزية لصباغة سطوح الأجسام والطبيعة على السواء”([61]).
لقد أضفت الألوان مسحة جمالية على المصندقات فبدت وكأنها حلة قشيبة زاخرة تُدخِل البهجة إلى النفوس؛ لأن للألوان عذوبتها وجمالها الخاص.([62])
تشير المصادر التاريخية إلى أن مواد الأصباغ الأولية كانت تزرع في اليمن, لاسيما وأن أغلب مواد الأصباغ في هذه الحقبة التاريخية كانت تستخرج من النباتات([63])، وهي الألوان التي كانت تستخدم أساسًا في عملية صباغة النسيج([64])، إذ استفاد منها النقاشون والمزوقون في العصر الرسولي, فالألوان تعكس دلالات اجتماعية تعبر عن الغنى والترف([65]), كما يلاحظ وجود ارتباط قوي وواضح بين ألوان صباغة النسيج، وألوان رسوم المنمنمات وتزويقها، وألوان زخارف هذه المصندقات, لأن الناتج الفني في أي حرفة مصدر إلهام للحرفيين الآخرين, سواء كانوا نساجين أو مزوقين أو نقاشين أو غيرهم من أصحاب المهن والحرف السائدة في المجتمع الإسلامي آنذاك, وليس بالضرورة أن من أنتج هذه التصاميم المنفذة بالألوان على المصندقات قد نقل نماذجه بشكل مباشر من عمل فني آخر, لأن عمل الفنان اقتصر على الاقتباس غير المباشر, وذلك باستخدام ألوان تتلاءم مع طبيعة المادة الخام التي ينفذ عليها عمله الفني([66]).
لقد برع النقاش(*) اليمني في مجال التنظيم المعقد للألوان، فأوجد تركيبات لونية يسر العين بهاؤها، وتولد لدى المشاهد أعمق الأحاسيس والانفعالات, وتمكن من إيجاد علاقات جديدة مبنية على قواعد لونية قوامها الكثافة والتعاقب والتضاد, وبرزت لديه براعة وإتقان في توزيع الألوان ومزجها, بحيث تبدو وكأنها تحاور بعضها البعض([67]), غير الألوان المستخدمة في تزيين هذه المصندقات كانت محدودة, إذ اعتمد على اللون الأبيض والأسود والأخضر, إلا أن أكثرها هو اللون الأحمر بدرجاته المختلفة بحيث لم تخل منه مصندقة, فاللون الأحمر من الألوان الشائعة عند العرب حتى قيل: “إن جمال كل مجلس أن يكون سقفه أحمر”([68])، وبذلك حقق الفنان غرضه الوظيفي والجمالي, فالألوان تؤدي وظيفة النور, وقد استخدم الفنان ألوان نقية في تزيين عناصر هذا التكوين([69])، كما استفاد من لون خامة الخشب وملمسها عندما شكل بها ما يشبه سعف النخيل, وألّف بهذه العناصر التشكيلية هذا التكوين, لأن التكوين هو جمع العناصر التشكيلية في حيز معين ضمن مفاهيم ونظرة خاصة يعتمدها الفنان، تستمد شكلها النهائي من عالم الأفكار التي صاغت هذه العناصر على وفق منهج جمالي([70]).
نتائج البحث:
لقد توصل البحث إلى عدد من النتائج أهمها:
توصية البحث:
يوصي الباحث بسرعة ترميم مصندقات سقف مسجد قيدان الأثرية, للحفاظ عليها قبل تعرضها للتلف بسبب الرطوبة وضياعها للأبد.
([1]) أستاذ مشارك بقسم الآثار/ جامعة صنعاء.
([2]) غيلان, غيلان حمود, زخـارف مـصندقات مسجـد قـيدان, إبـداع إسـلامي متمـيز, مجلة جامعة صنعاء للعلوم الاجتماعية والإنسانية, العدد 7, ص166.
([3]) غيلان, غيلان حمود, المصدر نفسه, ص167.
([4]) ابن منظور, لسان العرب, المجلد 12, ط 6, دار صادر, بيروت, 1997م, ص500.
([5]) صليبا, جميل, المعجم الفلسفي,جـ2, دار الكتاب اللبناني, بيروت, 1982م, ص212.
([6]) ابن منظور, المصدر السابق, ص745.
([7]) ريد, هربرت, معنى الفن, ترجمة سامي حسين, وزارة الثقافة والإعلام, بغداد, 1989م، ص43.
([8]) صليبا, جميل, المصدر السابق, ص567.
([9]) علوش, سعيد, معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة, ط 1, دار الكتاب اللبناني, بيروت, 1982, ص62.
([10]) بدوي, أحمد وآخرون, المعجم العربي الميسر, ط 1, دار الكتاب المصري, القاهرة, 1991م, ص2
([11]) رزق, عاصم, معجم المصطلحات العمارة والفنون الإسلامية, ط 1, مكتبة مدبولي, القاهرة, 2000م, ص130.
([12]) خليفة, ربيع حامد, الفنون الزخرفية اليمنية في العصر الإسلامي, الدار المصرية اللبنانية,ط1, القاهرة, 1992م, ص129.
([13]) غيلان, غيلان حمود, الأخشاب المزخرفة في اليمن, رسالة ماجستير (غير منشورة) كلية الآداب, جامعة بغداد, 1996م, ص15.
([14]) الجائزة: جذع شجرة متوازي المستطيلات يدخل في بناء السقف, يثبت طرفاه على حائطين متقابلين…. ويقصر استعمالها على الأسقف الأفقية، وكثيرًا ما تزين أو تلون. غالب, عبد الرحيم, موسوعة العمارة الإسلامية, جروس برس, بيروت, 1988م, ص114.
* الجفت يعرف بأنه “حلية زخرفيه على هيئة إطار أو سلسلة تشبه عصوين معقوفين بينهما قناة غائرة, وفي هذه الحالة يسمى جفت مجرد, أما إذا تخلل هذا الإطار أشكال زخرفية فيعرف بجفت لاعب”. الحداد, محمد حمزة إسماعيل, المدخل إلى دراسة المصطلحات الفنية للعمارة الإسلامية, زهراء الشرق, ط 3, القاهرة, 2008م, ص90.
([15]) بهنسي, عفيف, أثر الجمالية الإسلامية في الفن الحديث, ط1, دار الكتاب العربي, القاهرة ودمشق, 1998م, ص31
* الجمالية في الفن العربي الإسلامي هي: “ما تمنحه الصور من إحساس جمالي استاطيقي، من خلال جمع عناصرها داخل حيز معين لتتشكل ضمن المفهوم الروحي للإنسان العربي المسلم”. محمد, بلاسم, تأويل الفراغ في الفنون الإسلامية, دار مجدلاوي, ط1, عمان, 2008م, ص139.
([16]) بهنسي, عفيف, المصدر السابق, ص8,9.
([17]) الألفي, أبو صالح, الفن الإسلامي, أصوله, فلسفته, مدارسه, دار المعارف, مصر, 1969م, ص95.
([18]) الألفي, أبو صالح, المصدر نفسه, ص109؛ عفيفي, فوزي سالم, نشأة الكتابة الخطية العربية ودورها الثقافي والاجتماعي, ط1, وكالة المطبوعات, الكويت, 1980م, ص395.
([19]) الصقر, إياد, الفنون الإسلامية, ط1, دار مجدلاوي, عمّان, 2003م, ص107.
([20]) الأعظمي, خالد خليل حمودي, الزخارف الجدارية في آثار بغداد, وزارة الثقافة, بغداد, 1980م, ص128.
([21]) النحاس, أسامة, الوحدات الزخرفية الإسلامية، بل برنت, القاهرة, بدون تاريخ طبع, صب.
([22]) بهنسي, عفيف, معاني النجوم في الرقش العربي, بحث منشور في أعمال الندوة العالمية, الفنون الإسلامية, المبادئ والأشكال والمضامين المشتركة, استانبول, دار الفكر, دمشق, 1989م, ص62.
([23]) الباشا, حسن, موسوعة العمارة والآثار والفنون الإسلامية, أوراق شرقية, المجلد الثاني، ط1, بيروت, 1999م, ص97؛ الطايش, علي أحمد, الفنون الإسلامية المبكرة, فن العصرين الأموي والعباسي, مكتبة زهراء الشرق, القاهرة, 1003م, ص19.
([24]) الجمعة, أحمد قاسم, الزخرفة الرخامية, موسوعة الموصل الحضارية, المجلد الثالث, جامعة الموصل, ط1, الموصل, 1992م, ص355.
([25]) غالب, عبد الرحيم, موسوعة العمارة الإسلامية, جروس بروس, ط1, بيروت, 1988م, ص35
([26]) مرزوق, محمد عبد العزيز, الفن الإسلامي, تاريخه وخصائصه, بغداد, 1965م, ص180 – 181.
([27]) الهمداني, حسين بن فيض الله, الصليحيون والحركة الفاطمية في اليمن, دار التنوير للطباعة والنشر, بيروت, ط1, 1986م ص212.
([28]) غيلان, غيلان حمود, محاريب صنعاء حتى أواخر القرن (12هـ/18م), وزارة الثقافة والسياحة, صنعاء, 2004م ص201.
([29]) البريهي, طبقات صلحاء اليمن, صنعاء, 1983م, ص291؛ صادق, نهى, المؤرخ الخزرجي وعمله في زخرفة العمائر, دراسات في تاريخ اليمن الإسلامي, المعهد الأمريكي للدراسات اليمنية, صنعاء, 2002م, ص208-209
*- انظر: سالم, عبد العزيز صلاح, الفنون الإسلامية في العصر الأيوبي, جـ 2, مركز الكتاب للنشر, القاهرة, 2000م, ص95 – 98. وكذلك: ياسين, عبد الناصر, الفنون الزخرفية الإسلامية بمصر في العصر الأيوبي, دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر, الإسكندرية, 2002م، شكل 66, 122, 125.
([30]) حسين, محمود إبراهيم, الزخرفة الإسلامية, الأرابيسك, المطبعة التجارية الحديثة, القاهرة, 1987م, ص28.
([31]) حميد, عبد العزيز, الزخرفة في الآجر, حضارة العراق, جـ 9, بغداد, 1985م, ص415
([32]) الأعظمي, خالد خليل حمودي, الزخارف الجدارية في آثار بغداد, وزارة الثقافة, بغداد, 1980م, ص137.
([33]) الأعظمي, خالد خليل حمودي, المصدر نفسه, ص137.
([34]) ماهر, سعاد, الخزف التركي, مطابع مدكور, 1960م, ص116.
([35]) السمهودي, نور الدين على بن أحمد (ت 911هـ) وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفي, تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد, دار الكتب العلمية, بيروت 1977م, ص335-337.
([36]) Shafi, F, simple calyx Ornament in Islamic Arts, Cairo, 1957, p 41
([37]) داوُد, عبد الرضا بهية, الأسس الفنية للزخارف الجدارية في المدرسة المستنصرية, رسالة ماجستير (غير منشورة) كلية الفنون الجميلة, جامعة بغداد, 1987م, ص91.
([38]) انظر: شافعي, فريد, زخارف وطرز سامراء، مجلة كلية الآداب, جامعة فؤاد (القاهرة) مجلد 13, ج2, ديسمبر 1951م, ص1-31.
([39]) شافعي, فريد, المصدر السابق, ص9.
([40])wood work it’s style and chronology in،B.i.E, Paris 1936, vol 18,pp63, 65 lamm, c. j. fatimid
([41]) شافعي, فريد, المصدر السابق, ص9.
([42]) محمد, غازي رجب, زهرة اللؤلؤ على تحف وآثار بني رسول في اليمن, أعمال المؤتمر الدولي الخامس للحضارة اليمنية, جـ 2, صنعاء, 2005م, ص340.
([43]) خليفة, ربيع حامد, المصدر السابق, ص219.
([44]) بورتر, فنيشيا, الزجاج ذو الزخارف المموهة بالمينا المصنوع لسلاطين بني رسول, دراسات في تاريخ اليمن الإسلامي, المعهد الأمريكي للدراسات اليمنية, ترجمة نهى صادق, بدون مكان طبع, 2002م, ص197 – 200.
([45]) داوُد, عبد الرضا بهية, المصدر السابق, ص89.
([46]) الجمعة, أحمد قاسم, المصدر السابق, ص354.
([47]) بهنسي, عفيف, تراث الفن الإسلامي والمستقبل, دورية الإسلام اليوم, المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو), العدد الثاني عشر, السنة الثانية عشرة, 1994م, ص97.
([48]) بهنسي, عفيف, دراسات نظرية في الفن العربي, الهيئة المصرية للكتاب, القاهرة, 1974م, ص39.
([49]) حنش, أدهام محمد, الخط العربي وإشكالية النقد الفني, مكتب الأمراء للنشر والدعاية والإعلان, ط1, بغداد, 1990م, ص48.
([50]) حمزة, حمزة حمود, التوريق والتزهير في الخط الكوفي حتى منتصف القرن الخامس الهجري, رسالة ماجستير (غير منشورة), كلية الآداب, جامعة بغداد, 1980م, ص73.
* – المهاد: هي الأرضية التي ينفذ عليها العمل الزخرفي بحيث يكون جزءًا من الزخرفة، وأحيانًا أخرى يكون معزولًا، ويسمى أيضًا (الخلفية الزخرفية)، وهو مرادف لكلمة (Background ). الجبوري, محمود شكر, الخط العربي والزخرفة الإسلامية, دار الأمل, إربد, الأردن, 1998م, ص193.
([51]) كامل, عبد العزيز, الفن الإسلامي بين الدين والإبداع, أعمال الندوة العالمية, الفنون الإسلامية, المبادئ والأشكال والمضامين المشتركة, استانبول, دار الفكر, دمشق, 1989م, ص42.
([52]) القفاش, أسامة, مفاهيم الجمال, رؤية إسلامية, المعهد العالمي للفكر الإسلامي, ط1, القاهرة, 1996م, ص15.
([53]) عبد الله, إياد حسين, اختلاف المنطق الجمالي بين الخط العربي واللوحة الغربية, أوراق الندوة الفنية التداولية, المتعالق بين الخطاط والفنان, ط1, الشارقة, الأمارات,2007م, ص63.
*** للمزيد انظر: القلقشندى، صبح الأعشى في صناعة الإنشاء, نسخة مصورة عن المطبعة الأميرية, جـ 3, ص11؛ صالح, عبد العزيز حميد وآخرون, الخط العربي, التعليم العالي, بغداد, العراق, 1990, ص150- 154.
([54]) الجمعة, أحمد قاسم, المصدر السابق, ص161.
([55]) الطراز: لفظ (تراز) مشتق من الكلمة الفارسية (ترازيدن) بمعنى التطريز والنسيج, وأصبحت تطلق على المنسوجات التي تشمل على أشرطة كتابية تتضمن اسم الخليفة الذي نسجت في عهده والمكان والتاريخ. للمزيد انظر: البحيري, صلاح الدين, نص هام عن أحوال دار الطراز المصرية في أوائل عصر الدولة الأيوبية، نهضة الشرق, القاهرة, 1983م.
([56]) ياسين, عبد الناصر, المصدر السابق, ص306.
([57]) العبيدي, صلاح حسين, التحف المعدنية, موسوعة الموصل الحضارية, المجلد الثالث, دار الكتب للطباعة والنشر, جامعة الموصل, الموصل, العراق,1992م, ص425.
([58]) محمد, غازي رجب, من روائع العمارة العربية الإسلامية في اليمن, ضريح العباس في أسناف خولان, مجلة بين النهرين, العدد 43, لسنة 1983م, ص239.
([59]) انظر: المطاع, إبراهيم أحمد, جامع الإمام الهادي إلى الحق والمنشآت المعمارية الملحقة به في مدينة صعدة باليمن, دراسة أثرية معمارية مقارنة, رسالة دكتوراه (غير منشورة), كلية الآداب, جامعة جنوب الوادي, قنا, 2000م, ص274. وكذلك: سيف, علي سعيد, الأضرحة في اليمن من القرن الرابع الهجري- وحتى نهاية القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي, دراسة أثرية معمارية, رسالة دكتوراه (غير منشورة), كلية الآداب, جامعة صنعاء, 1998م, ص188.
([60]) ابن منظور, لسان العرب, جـ 13, ص295.
([61]) عبو, فرج, علم عناصر الفن, إيطاليا, ميلانو, دار دلفن للنشر,1982م, ص120.
([62]) الألفي, أبو صالح, المصدر السابق, ص105.
([63]) الفقي, عصام الدين عبد الرؤف, اليمن في ظل الإسلام, منذ فجره حتى قيام دولة بني رسول, دار الفكر العربي, القاهرة, 1982م, ص245- 247.
([64]) خليفة, ربيع حامد, المصدر السابق, ص169.
([65]) غيلان, غيلان حمود, زخارف الفريسكو في المدرسة المظفرية بمدينة تعز- اليمن، دراسة في الشكل والمضمون, الندوة العالمية السادسة لدراسات الجزيرة العربية. الكتاب السادس, جامعة الملك سعود, الرياض 2006م, ص446.
([66]) المالكي, فوزيه مهدي, اثر المدرسة العربية في التصوير على الخزف, أطروحة دكتوراه (غير منشورة) كلية الآداب, جامعة بغداد, 1997م, ص332.
([67]) غيلان, غيلان حمود, المصدر السابق, ص447.
([68]) الجاحظ, عمرو بن بحر, كتاب الحيوان, تحقيق فوزي عطوي, بيروت, 1968م, ص95
([69]) الألفي, أبو صالح, المصدر السابق, ص107
([70]) الدوري, عياض عبد الرحمن, دلالات اللون في الفن العربي الإسلامي, دار الشئون الثقافية, ط1, بغداد, 2003م, ص31 -32.
المصادر والمراجع
المراجع الأجنبية: