أ.د. عارف أحمد إسماعيل المخلافي
الأستاذ الدكتور عارف أحمد إسماعيل المخلافي
أستاذ التاريخ القديم بقسم التاريخ .. كلية الآداب والعلوم الإنسانية -جامعة صنعاء
وكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة
ملخص البحث
يهدف البحث إلى دراسة تاريخية لنشأة المدينة المنورة وتطورها قبل الإسلام، وذلك من خلال دراسة الكشوف الأثرية والروايات التاريخية ومجتمع يثرب واقتصاده وعلاقاته الخارجية، ومن خلال الإجابة على التساؤلات التالية:
وقد توصل البحث إلى عدم وجود أي شكل من أشكال الدولة في يثرب قبل الإسلام، واستدل على ذلك بكل المعطيات الأثرية والنقشية والروائية، من خلال مناقشة المعطيات وتحليلها بكل حيادية، وبمنهجية الوصف والتحليل.
Was Yathrib a Kingdom?
A Historical Study of Al-Medina Al-Munawarah and its Development before Islam
Aref Ahmed Ismail Almekhlafi
Professor of Ancient History
Department of History
Faculty of Arts
Sana’a University
Abstract
This research aims to study the historical development of Al-Medina Al-Munawarah and its development before Islam، through the study of archaeological discoveries and historical accounts of the community of Yathrib and its economy and external relations، as well as through answering the following questions:
The findings of the present research revealed that there was no form of an official state in Yathrib before Islam، and this was evidenced by all the archaeological، inscriptive and narrative data analyzed and discussed throughout this research.
المقدمة والتساؤلات:
تناولت الكثير من الدراسات تاريخ مدينة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام، ولكن لم يقدم أحد دراسة علمية وافية عن حقيقة عصر ما قبل الإسلام في هذه المدينة، وهل كان في يثرب إمارة، أو دويلة، أو مملكة؟، وهنا تكمن مشكلة البحث التي سيناقشها في محاور النشأة، والسكان، والعلاقات، وذلك من خلال النصوص والروايات، ساعيًا للإجابة على التساؤلات الآتية:
– كيف نشأت يثرب؟
– هل كان فيها شكل من أشكال الدولة الرسمية؟
– لماذا سكتت المصادر عن ذكر ملوكها أو حتى الإشارة إلى ذلك من خلال سياق تاريخي كما تفعل مع باقي الممالك؟
– ما دلالة وصول الهجرات اليهودية والعربية إليها دون التوافق، أو التحالف، أو الصراع مع حكامها إن وجدوا؟
أولًا-اسم يثرب:
ذُكرت يثرب باسمها هذا في نصوص الملك البابلي نابونئيد في القرن السادس قبل الميلاد، وفي النقوش المعينية في القرن الرابع ق.م، والنقوش النبطية في حوالي القرن الثاني أو الثالث الميلادي، وفي النقوش الحِمْيَرِيَة في القرن الخامس الميلادي[1]. كما ذكرها الجغرافي اليوناني “بطليموس كلاديوس” الذي عاش في الإسكندرية بمصر في القرن الثاني الميلادي، باسم لاثريبا Lathrippa، وينطق الاسم أيضًا لاثريبتاLathrepta [2]، وقد عربها المؤرخون وقالوا أنها “يثربة” الذي يعني النطق اليوناني ليثرب[3]. وما يثير الاستغراب أن مترجم كتاب “بطليموس كلاوديوس” اعتبرها منطقة مجهولة[4].
يذكر ياقوت الحموي (ت 626 ه) أن يَثْرِبُ: بفتح أوله، وسكون ثانيه، وكسر الراء، وباء موحدة، وسميت بذلك نسبة إلى رجل اسمه يثرب، ولما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم سماها طيبة وطابة كراهية للتثريب، ولذلك يُكره أن نسمي المدينة يثرب بعد الإسلام[5]. وقد ذكرت في القرآن الكريم على النحو والرسم الذي ذكره ياقوت، فجاء ذكرها في سورة الأحزاب، آية (13) بقوله سبحانه: “وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا”.
ولكن الملاحظ أن هذا الاسم لم يستمر في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ وعللت الروايات ذلك لكراهية النبي لهذا الاسم وأنه دعاها “طيبة” و “طابة”، ويبدو أن اسم المدينة هو الاسم الإسلامي لها بعد الهجرة، أما التسعة والعشرون اسمًا التي ذكرها الإخباريون للمدينة فهي صفات أطلقت عليها بعد أن أصبحت عاصمة للدولة الإسلامية[6].
وقد ذهب أحد الباحثين إلى أن اسم يثرب تطور عن الاسم البابلي لها الذي ذُكر في نص للملك البابلي نابونئيد (556 – 539 ق.م) بصيغة Ia-ta-ribu (اتريبو)، وذكر أنه بعد استبعاد حروف الحركة تبقى الصوامت فقط I-t-r-b (أترب) مما يعني أن الاسم البابلي هو أقدم أسماء يثرب[7].
وعلى الرغم من وجاهة هذا الرأي إلا أنه -في نظر الباحث-من المستبعد أن يكون اسم يثرب أطلق أول مرة من قبل البابليين ثم تطور عن الاسم البابلي؛ لأن ذلك يمكن أن يكون فقط في حال أن هذه المدينة بناها البابليون وهو ما لا يتفق مع المعطيات التاريخية التي سنتحدث عنها لاحقًا. فالبابليون كتبوا الاسم يثرب كما وجدوه، مثله مثل باقي المدن المذكورة في النص نفسه “دادانو”، “خيبرو”، “فداكو”[8]، وبذلك يكون الاسم “أتريبو” أو “إياتريبو” هو النطق البابلي لاسم يثرب المعلوم لديهم وليس المبتكر من قبلهم، وخاصة إذا ما علمنا أنه كان هناك حي من أحياء المدينة يسمى يثرب، يقع في الجنوب الغربي من جبل أحد بين جبل سلع ووادي قناة، ويقال إن هذه المنطقة هي التي كانت عامرة بالناس قبل مجيئ اليهود إلى المدينة، بل لعل هذا الاسم الذي يمثل الجزء قد غلب على الموقع الذي يمثل الكل، وهذا أمر شائع في أسماء المدن بعد توسعها[9]. (انظر موقع يثرب في الخريطة رقم 1)
إن ما يمكن القبول به من ذلك الرأي الذي يقرر الأصل البابلي للاسم، هو فقط أن يكون لفظ يثرب آنذاك “أترب أو أثرب” وهو معروف في كتب الأخبار، ومع ذلك نجد القرائن الأخرى لا تعطيه أولوية القبول، فالأمر برمته لا يعدو أن يكون لهجة معروفة عند الآشوريين والبابليين على السواء، ومثال ذلك، أن الآشوريين كتبوا اسم قبيلة “يديبعل” العربية في سيناء Idi-biaili[10] (إديبعلي)، كما كتبوا اسم الملك السبئي يثع أمر (إيتا امرا) Ita-amra[11]، وكتبوا اسم الملك العربي يطع (إياتع) Iatiea[12]. ووفقًا لذلك نرى أن الاسم يثرب لم يطلق من قبل البابليين وإنما كتبوه كما وجدوه، وهو الاسم المذكور كذلك في النقوش المعينية –كما سياتي-وفي القرآن الكريم وكتب الأخبار.
ولعل ما يعزز رأينا هذا هو ما ذهب إليه حسن ظاظا من أن يثرب من الجذر “يَثَر” أو “وثر” بمعنى “استراح”، فهو يرى أن اسم يثرب على هذا النحو تعني المكان الوثير أي المريح الذي يجد فيه الإنسان الخصب والأمن والكفاية [13]، وهذا يتناسب مع طبيعتها كمحطة على طريق التجارة الدولي القديم. وعند استشارة الباحث معاجم اللغة العربية، وجد أن المعنى “استراح” لم يُذكر في أي منها بصورة مباشرة، وفي ضوء ذلك يظهر أن حسن ظاظا استوحى هذا المعنى من الجذر “وثر” واشتقاقاته، والذي يرتبط بالفراش الوثير، أي السهل اللين المريح كما عرّفته المعاجم[14]، وهذا يجعل ما ذهب إليه حسن ظاظا أقرب قرينة محتملة كمحاولة منه لتفسير معنى اسم “يثرب”.
ثانيًا-الموقع الجغرافي ليثرب وأهميته:
تقع يثرب على بعد حوالي 480 كم إلى الشمال من مكة، وقد كانت واحة خصبة التربة غزيرة المياه محصورة بين لابتين بركانيتين تعرفان بالحرتين، حرة واقم في الشرق، وحرة الوبرة في الغرب التي تفصل بين المدينة ووادي العقيق، وتكتنف الوديان الحرتين من الشرق ومن الغرب، وتحيط بالمدينة من جهاتها الأربع، ويقع جبل عير في الجنوب الغربي من يثرب، وجبل أحد في أقصى شمالها ثم جبل سلع، وتقع قباء جنوب المدينة، ويسير وادي بطحان بين قباء والمدينة، وكذلك وادي رانونا، وهما يتجهان شمالًا فيما بين حرة الوبرة والمدينة فيتصلان بوادي قناة جنوب أحد، والذي ينحدر غربًا بينه وبين جبل سلع حتى يتصل بوادي بطحان، وتلتقي هذه الوديان عند مجتمع الأسيال من رومة، كما يوجد وادي مذينب ووادي مهزور في الجنوب الشرقي من المدينة، وينحصران بينهما عوالي المدينة التي كانت زاهرة عامرة، وتبدو أودية المدينة منحدرة من الجنوب إلى الشمال[15].
وبصورة عامة كان موقع يثرب في قلب منطقة حوضية كثيرة الوديان، وكانت هذه الوديان تتحول في مواسم الأمطار إلى شرايين مائية تمر من جنوب المدينة إلى شمالها ومن شرقها إلى غربها[16]، كما توفرت فيها المياه الجوفية بفعل الخزانات المائية التي تضمها بطون أوديتها وضفافها[17]. (انظر الخريطة (1) و الخريطة (2)
ثالثاً-النشأة والبدايات الأولى:
أدت المميزات التي وفرها الموقع الجغرافي لمدينة يثرب إلى جعلها محطة مهمة على طريق القوافل، ومنطقة جاذبة للاستقرار البشري. وتكشف الدراسات الحديثة إلى وجود نشاط متصل للإنسان في منطقة المدينة يعود لآلاف السنين، فقد أشارت تقارير المسح الأثري، والدراسات التي تتبعت الرسوم الصخرية في المنطقة إلى وجود أدلة مادية لسكنى الإنسان ونشاطه في منطقة المدينة منذ العصور الحجرية، وما يليها، ويتمثل ذلك بوجود نشاط فني لذلك الإنسان لا يزال موجودًا على العديد من الصخور حتى اليوم، كالرسوم الآدمية، والحيوانية، والأشكال الهندسية، على الرغم من أن هذه التقارير والدراسات لم تشر إلى تاريخ صريح، بل استخدمت عبارات عامة، مثل (فترات قديمة)، (موغلة في القدم)، (العصور الحجرية)[18]، وإن صحت تلك التقديرات، فإنها ستعطينا تاريخًا موثقًا يتجاوز بكثير ما تحدثت عنه كتب الأخبار.
فقد أعاد الإخباريون بداية نشأة الحياة البشرية في المدينة المنورة إلى رجل أسموه “يثرب” وجعلوه من ولد سام بن نوح”، لكنهم اختلفوا في اسم أبيه واعتبروه من بني عبيل. فمرة والده “قانية بن مهلائيل” ومرة “عبيل بن عوض”، وقالوا إنه أول من نزل بها بعد تفرق ذرية نوح u[19].
وعلى الرغم من أن الإخباريين يربطون –في العادة-نشأة المدن على وجه العموم بأسماء أشخاص، إلا أننا لا نستطيع إثبات ذلك ولا نفيه؛ لأن أولئك الكتاب عاشوا في بيئة تعتمد نسبة الأماكن التي يعيشون فيها إلى القبيلة أو الرموز كما هو معلوم.
رابعاً-دور العماليق في نشأة يثرب:
يذكر الإخباريون أن العرب العماليق[20] كانوا أول من زرع الزرع في يثرب، واتخذ بها النخيل، وعمر بها الدور والآطام واتخذ الضياع. وقد أرجعوا نسبهم إلى عملاق بن أرفخشد بن سام بن نوح u[21]، وقد رجح السمهودي (ت 911 ه) أن العماليق سكنوا يثرب قبل اليهود[22]، وأيد عبدالباسط بدر هذا الترجيح؛ معللًا تأييده بأنه لم يجد ما يدل على وصول اليهود المدينة قبلهم لا في المصادر العربية ولا في المصادر اليهودية[23].
ونستخلص مما ذكره الإخباريون أنه إذا كان بنو عبيل هم أول سكان يثرب في العصور التاريخية، فإن العماليق هم أول من زرعها وبناها، وإن كان يصعب تحديد تاريخ معين، سواء لبداية السكنى أو لبداية الزرع والبناء، حتى في ضوء المسوح الأثرية كما أشرنا سابقًا؛ لأن تحديد تاريخ دقيق لذلك لا يمكن أن يتم بالفرض والتحليل نظرًا لتضارب الروايات من ناحية، ولعدم وجود آثار باقية لهؤلاء الأقوام من ناحية أخرى، ومن ثم عدم وجود ثابت تاريخي متفق عليه يمكن أن يكون نقطة يقاس عليها. ومع ذلك نجد اجتهادًا قام به أحد الباحثين وحاول فيه تحديد نقطة تاريخية لتأسيس يثرب من خلال مقارنة الروايات مع بعض الأحداث التاريخية [24]، ولكن بعض تواريخ تلك الأحداث غير متفق عليها بين المؤرخين، كتاريخ خروج اليهود من مصر، وهو ما يجعلنا لا نتفق معه فيما ذهب إليه.
ويرى أوليري أن يثرب لم تكن دولة، وإنما كانت عبارة عن تجمعات قبلية في قرى تحكم نفسها بنفسها[25]. وقد أيده في ذلك عبد الباسط بدر الذي يرى أنه لم يكن يوجد في يثرب حكومة منظمة تدير أمورها، بل كانت مجتمعًا زراعيًا محدودًا له نظامه العشائري والبيئي المتعدد[26]. ويبدو أن هذه التوجهات في الرأي لها أصداء في نصوص الملك البابلي نابونئيد عندما حل في تيماء في القرن السادس ق.م، ثم انطلق منها إلى مناطق أخرى، فنجده يعدد تلك المناطق تعدادًا: “دادانو/ دادان، باداكو/ فدك، خيبرا/ خيبر، أياتريبو/ يثرب”[27]، دون اقتران أي منها بملك أو أمير، باستثناء العثور على كسرة من نص له يذكر فيها عبارة “ملك دادانو”[28]، ومع ذلك نجد أن ذكر ملك دادان من قبيل تحصيل الحاصل، فهي دويلة مدينة معروفة منذ القرن السابع ق.م[29]، أما إغفال ذكر أمير أو ملك لباقي المناطق ومنها يثرب فلا ينفي كونها إمارات ولا يؤكد عكس ذلك؛ لأن ذكر دادانو مع تلك المناطق جاء ذكرًا مجردًا كغيرها، أما إقرانها بملك فقد عرفناه من كسرة نص آخر، ومن يدري أنه لو عثر على باقي ذلك النص لحدد ملوكًا أو أمراء لتلك المناطق، وهذا يعني أن السؤال يبقى قائمًا مادام لم يظهر ما يدل على أي شكل من أشكال الدولة في تلك المناطق ومنها يثرب.
ولكن من المهم التوقف هنا عند معلومة مهمة، وهي أن يثرب لم يكن بها حرم أو بيت يتعبد فيه اليثربيون، حتى كتب الأخبار لم تشر إلى ذلك على الإطلاق، ويبدو أن الأمر ليس تجاهلًا منهم وخاصة أنهم أشاروا إلى بيت اللات في الطائف. والمعروف أن أهل يثرب كانوا مشركين يتقربون إلى الأصنام كغيرهم من العرب، ومنهم من كان يهوديًا يعبد الله. ولذلك يبدو غريبًا سكوت أهل الأخبار عن ذكر بيت في هذه المدينة[30]، وهذا يعطينا إشارة سالبة إلى أن يثرب لم تعرف الدولة، ونحن نعرف أن المعبد مكون رئيس من مكونات المدن المركزية أو دويلات المدن في التاريخ القديم عمومًا.
وفي المقابل لدينا ما يشير إلى أن يثرب كانت في الفترة الواقعة بين القرن الرابع ق.م والقرن الثاني ق.م محطة من محطات التجارة على الطريق التجاري البري الدولي الذي يصل من جنوب الجزيرة العربية إلى غزة بفلسطين، بدليل العثور على نقش معيني يعود إلى هذا التاريخ المرجح، يتضمن زواج أحد الرجال من مملكة معين من امرأة من يثرب[31].
وقد ذكر ذلك في النص كما يلي[32]:
النقش: 93، MAc ῙN
…
3- [ز] ي د | م س2 ك…
4- ج ب أ ن | س1 ك ر ب | و خ س3 ر…
5- ب ن | ي ث ر ب |
ومعنى النقش إجمالًا، أن شخصًا اسمه زيد من جبآن، عَقَدَ ومَهَرَ (فلانة) (التي) من يثرب. وقد اقتنع الباحث بترجمة السعيد لكلمتي “سكرب” و “وخسر”، وأنهما تعنيان: عقد (قرانه) ومهر (دفع مهرًا)[33].
وهذا يعني أن يثرب كانت في ذلك الوقت مأهولة وتمارس نشاطًا تجاريًا، وهذا النشاط التجاري البري الذي عرف في الجزيرة العربية منذ الألف الثاني قبل الميلاد، وارتبط باستئناس الجمل في هذه البلاد، والذي لو أخذنا به كقرينة لقررنا أن يثرب في ذلك الوقت كانت منطقة مرور لتلك القوافل كغيرها من المدن.
خامساً-دور العلاقات الداخلية والخارجية في الكشف عن تاريخها:
1-علاقات المدينة داخل شمال الجزيرة العربية:
دائمًا يلعب الموقع الجغرافي دورًا رئيسًا في ظهور العلاقات وتوسعها وفاعليتها الحضارية. ويبدو أن هذا الأمر قد كان له دور مهم في علاقات يثرب بجيرانها القريبين، فقد كان أهل مكة يشترون كثيرًا من منتجات يثرب من الحلي والسلاح والثمار[34]، لذلك نجد تجارة مكة تمر إلى الشام عبر يثرب، وكانت الطائف تستقبل تجارة يثرب وتصدر منتجاتها إليها، وما كان لتجارة يثرب أن تمر بغير خيبر وهي في طريقها إلى الشام، كما أن سكنى قسم من اليهود في خيبر قد أوجد روابط اقتصادية وغيرها بين المدينتين[35]. وهذا يعني أن يثرب كانت محطة مرور لقوافل مكة التجارية كذلك، على الأقل منذ منتصف القرن السادس الميلادي عندما نشطت تجارة قريش في عهد قصي بن كلاب.
ومما يدل على انتشار أهل يثرب داخل شبه الجزيرة العربية، نقش نبطي عثر عليه في موقع أم جذايذ في منطقة العُلا التي تبعد حوالي ست وتسعين كم عن مركز المعظم[36]، وقد جاء في النقش الذي يؤرخ بحوالي القرن الثاني أو الثالث الميلاديين ما يلي:
النقش رقم (637)[37]:
س ل م ك ا د ب ر ا س ل م
دي من ي ث ر ب
ومعناه: تحيات ك ا د بن يسلم الذي (قَدِمَ) من يثرب.
2-علاقات المدينة خارج شمال الجزيرة العربية:
ترجع أقدم الإشارات المدونة إلى علاقات يثرب الخارجية إلى عهد الملك البابلي نابونئيد في القرن السادس ق.م وذلك عندما أشار في نص له أنه أخضع تيماء ودادان وخيبر وفدك ويثرب[38]، وهذا دليل على أهمية يثرب الاقتصادية لبابل في هذا الزمن من ناحية، وعلى دورها على المستوى الداخلي أيضًا، ولذلك رأى الملك البابلي أنها تمثل خطورة على مصالحه ولها أهمية كغيرها من المدن التي أخضعها.
وثاني أقدم إشارة إلى علاقات يثرب الخارجية تتمثل في علاقاتها بمملكة معين بجنوب الجزيرة العربية. فقد وجدت نقوش معينية تتحدث عن زوجات المعينيين الأجنبيات، ومن بينها نص ورد فيه اسم زوجة من يثرب اسمها “خببة”[39].
وقد ذكر ذلك في النقش كما يلي[40]:
النقش: 95، MAc ῙN
…
11- [ذ] أ ه ل | ج ب أ ن | س1 ك ر ب | و
12- [خ] س3 ر | خ ب ب ت | ب ن | ي ث ر ب
ومعنى النقش إجمالًا، أن شخصًا من جبآن عَقَدَ ومَهَرَ (المرأة المسماة) خببة، (التي) من يثرب.
ولكن المشكلة أن تلك النقوش غير متفق على تأريخها، فقد جُعلت بين القرن الثاني ق.م والقرن الخامس ق.م، ورجح السعيد أن أقدمها يعود إلى القرن الرابع ق.م بناء على دراسة شكل الخط وأسماء القبائل، كما أكد السعيد أن جميع تلك المدن التي تزوج منها المعينيون وبلغت الزوجات المسجلة تسعون زوجة، تقع بلدانهن على امتداد الطريق التجاري[41]، وهذا يدل على أن يثرب كانت نشطة تجاريًا في ذلك الوقت، سواء أكان ذلك في القرن الرابع ق.م، أم في القرن الثاني ق.م. بل هناك رأي يقول إن يثرب كانت محطة تجارية على طريق القوافل في زمن الملك البابلي نابونئيد في القرن السادس ق.م[42]. ومع ذلك لا نجد حتى الآن أي مؤشر على وجود دولة أو نظام رسمي في يثرب.
أما ثالث أقدم إشارة للعلاقات مع جنوب الجزيرة فتعود إلى عهد مملكة سبأ وذي ريدان. حيث يذكر الإخباريون أن الملك أسعد الكامل مر بيثرب في غزواته التي اتجه بها صوب شمال الجزيرة العربية حتى الصين، فترك بها أحد أبنائه الذي قتله أهل يثرب، وأن أسعد عاد إليها وهو مُجمع لإخرابها واستئصال أهلها وقطع نخلها، وعند احتدام القتال خرج إليه حبران من أحبار يهود بني قريظة ونهياه عن تدميرها، وأنه سيصعب عليه الدخول إليها؛ لأنها مهاجر نبي كريم يخرج من قريش في آخر الزمان، فتوقف عما أقدم عليه، ثم اعتنق اليهودية، وأخذ معه الحبرين إلى اليمن[43].
وصحيح أن هذه القصة لا تتحدث عنها نقوش التُّبَع اليماني الملك أبي كرب أسعد بن ملكي كرب يهأمن المعروف في المصادر بـ “أسعد الكامل” الذي جلس على عرش مملكة سبأ وذي ريدان (حِمْيَرْ) في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الميلاديين وحمل اللقب الملكي الطويل، ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنة وأعرابهم في النجد والتهائم، إلا أننا لدينا ما يدعو لتصديقها. فقد عرف من نقش لهذا الملك عثر عليه في وادي مأسل الجمح قرب الدوادمي والمعروف بـ(ريكمانز، 509/ Ry 509) والمقدر تاريخه ببداية القرن الخامس الميلادي، أن هذا الملك قد قام بحملة على وسط الجزيرة العربية. حيث يذكر هذا النقش أن أبكرب أسعد حل غازيًا مع ابنه حسان يهأمن في أرض معد، بعد أن مرا بوادي مأسل الجمح.
وقد جاءت هذه الإشارة في النقش المكون من عشرة أسطر، كما يلي[44]:
1-أ ب ك ر ب | أ س ع د | و ب ن و ه و | ح س3 ن | ي ه أ م ن | م ل ك ي | س ب أ
2- و ذ ر ي د ن | و ح ض ر م و ت | و ي م ن ت | و أ ع ر ب | ط و د | و ت ه م ت |
3- ب ن ي | ح س3 ن | م ل ك ك ر ب | ي ه أ م ن | م ل ك | س ب أ | و ذ |
4- ر ي د ن| و ح ض ر م و ت | و ي م ن ت | ر ق د و | ذ ن | م ر ق د ن | ب و د |
5- م ع د م……
وترجمته:
1-أبكرب أسعد وابنه حسان يهأمن ملكا سبأ
2-وذي ريدان وحضرموت ويمنة وأعراب طود وتهامة
3-ابنا حسان ملككرب يهأمن ملك سبأ وذي
4-ريدان وحضرموت ويمنة قطعوا هذا المقطع بالوادي
5-معد…
وهذا يتفق مع روايات الإخباريين ولكن دون ذكر لتفاصيلها باستثناء ما يمكن فهمه من النقش أنهما أزالا العقبة التي تمنعهم من المرور دون ذكر لأسباب تلك الحملة التي يرجح أنها كانت في الربع الأول من القرن الخامس الميلادي[45].
غير أن أحد الباحثين أعاد سبب عدم ذكر تفاصيل الحملة المشار إليها إلى أن النقش دوِّن قبل المعركة مع معد وليس بعدها، وأن بعض ما جاء فيه له علاقة بما ذكرته المصادر، كقول صاحب الأغاني: “أقبل تبع أيام سار إلى العراق، فنزل بأرض معد” وهو ما ذكر في النقش في السطرين الخامس والسادس “يوم غزوا ونزلوا (حلوا) بأرض معد”[46].
صحيح أن النقش لم يذكر يثرب ولم يشر إليها لا من قريب ولا من بعيد، إلا أنه يؤكد قيادته حملة على شمال الجزيرة العربية، ولعل عدم ذكرها يعزز رأي أبي الغيث أن النقش دون قبل الحملة.
وإلى جانب ذلك لا بد من القول إن موقع يثرب على الطريق التجاري الدولي قد جعل قوافل التجارة الجنوبية تمر عبرها في طريقها إلى خارج الجزيرة العربية، وهذه وإن لم تكن علاقة مباشرة إلا أنها نتيجة منطقية لما أفرزه الطريق التجاري من تكامل بين المناطق والممالك والدول المختلفة في الجزيرة العربية، منذ استئناس العربُ الجملَ في الألف الثاني ق.م ثم استخدامه في تجارتهم الدولية.
ومن جانب آخر، كان أهل يثرب مثل غيرهم تجارًا يخرجون إلى أسواق الشام فيتاجرون بها، كما قصد تجار بلاد الشام يثرب كذلك، وقد ذكر الرواة ما أطلقوا عليهم “الساقطة”، وأنهم تجار كانوا يأتون بالتجارة من بلاد الشام إلى يثرب ولكن لا تُعرف جنسيتهم[47].
أما بالنسبة لباقي الجهات، فلا يوجد ما يدل على علاقات بين يثرب والدولة الفارسية أو الرومانية، بينما توجد إشارات لنوع من علاقات يثرب مع الغساسنة تتمثل في استنجاد الأوس والخزرج بهم ضد اليهود، والتواصل بينهم وبين شاعر المدينة حسان بن ثابت الخزرجي، بل ووفادته على الغساسنة ومدحه لهم. ولعل قلة التواصل الخارجي يدل على انشغال أهل يثرب بخلافاتهم الداخلية[48].
سادساً-هل وجد أي شكل من أشكال الدولة عند قدوم اليهود إلى يثرب؟:
قبل أن نجيب على هذا التساؤل، يجب أن نجيب أولًا على سؤال آخر وهو، من أين جاء اليهود إلى يثرب؟:
في الواقع اختلف المؤرخون -في القديم وفي الحاضر-في هذا الأمر اختلافًا كبيرًا. فيذكر السمهودي أن النبي موسى u حج ومعه أناس من بني إسرائيل ثم تخلف بعضهم في المدينة فنزلوا في موضع بني قينقاع، ثم دخل بعض العرب في ديانتهم[49].
وقد ربطت روايات الإخباريين بين وفاة النبي موسى u وبين بقاء اليهود في يثرب وجعلوا المعصية سببًا في ذلك. فبعد أن أرسلهم موسى u للقضاء على العماليق الباغين وملكهم “الأرقم” نجحوا في ذلك باستثناء ابن للأرقم أبقوا على حياته، ثم قرروا العودة وهو بمعيتهم إلى الشام ليقرر النبي موسى u أمره فيه، وصادف وصولهم وفاة نبيهم موسى، لكن بني إسرائيل رأوا في ذلك مخالفة لتعليمات نبيهم الذي أمر بقتل جميع القوم – كما يقولون -، وهو ما جعل بني إسرائيل في الشام يقررون عدم دخولهم إليها، فما كان من ذلك الجيش إلا أن عاد إلى يثرب وأقام فيها فكانوا أول من سكن المدينة من اليهود، بل أول من سكن الحجاز منهم[50].
والملاحظ أن هذه المصادر تشير إلى ملك للعماليق اسمه “الأرقم”، إلا أن المرجح أنه لم يكن أكثر من زعيم قبلي للعماليق، إن كان حقيقة أصلًا، خاصة أننا عرفنا سابقًا أن النقوش لم تشر إلى كيان رسمي ليثرب في أي وقت من الأوقات.
ويبدو أن هذه القصة لا تتفق مع العقل والتاريخ، فالأنبياء ليسوا دعاة تطهير عرقي يأمرون بقتل جميع الناس، فهي تؤكد لنا أن هناك خلطًا بين ما أشارت إليه التوراة من صدام بين بني إسرائيل والعماليق في سيناء، وبين وجود اليهود بعد ذلك في يثرب، والروايات المتعلقة بسكنى هؤلاء العماليق فيها، فالتوراة لم تشر إلى صراعهم مع أهل يثرب على الإطلاق[51].
وفي الواقع فإن هذه الروايات المعتمدة على الإسرائيليات والمستقاة من التوراة المحرفة، هي انعكاس طبيعي لما كرسه كُتّاب التوراة في أسفار توراتهم المحرفة والمتمثل في عقيدة التطهير العرقي لأعدائهم، ولكن إذا كان ذلك سلوكًا مألوفًا بالنسبة لهم، فإنه لا يمكن جعله منهاجًا لأنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وإلى جانب ذلك هناك من يربط وصول اليهود إلى يثرب بعهد النبي داود u في القرن العاشر ق.م، وهي روايات يظهر فيها مقدار تأثرها بالإسرائيليات، وتحريف ما جاء فيها في سياقات متناقضة وأسطورية لا يجد المرء لها وجهًا ولا ظهرا[52]. ومن ذلك قولهم إن داود u وصل إلى خيبر، ثم غزا يثرب، وأنه قد أخذ من سكانها مائة ألف عذراء، وأن الله قد سلط الدود بعد ذلك عليهم فأهلكهم[53]، وقد أنكر عبد الباسط بدر قصة هذه الرواية برمتها؛ معللًا ذلك بأنه لم يقف على ذكر لها لا في المصادر العربية الأخرى ولا في المصادر اليهودية كذلك[54].
وتذكر المصادر الآشورية أن السامرة سقطت سنة 720 ق.م بعد حصار آشوري لها دام خمس سنين[55] وهذا ما جعل البعض يعيد وصول اليهود يثرب إلى القرن الثامن ق.م، وصحيح أن النصوص الآشورية تؤكد أن الآشوريين هجّروا كثيرًا من اليهود إلى مناطق مختلفة، إلا أن يثرب لم تكن من بينها ولم يرد شيء من ذلك في أي نص آشوري[56].
كما أن سقوط يهودا على يد الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني سنة 587 ق.م[57] قد جعل بعض المصادر تتخذ منه سببًا لوصولهم إلى يثرب في القرن السادس ق.م، وربطت ذلك بعملية السبي الكبير المشهور “بالسبي البابلي” الذي رافق حملة هذا الملك. ولكن على الرغم من حقيقة السبي البابلي إلا أن النصوص البابلية المرتبطة بتلك الحملة لم تشر إلى توطين اليهود في يثرب، بل حتى التوراة لم تشر إلى أي هجرة لهم إلى يثرب بعد سقوط يهودا[58]. وهناك من يرى كذلك قدوم اليهود إلى بلاد العرب مع الملك البابلي نابونئيد (556 – 539 ق.م) في القرن السادس ق.م[59]، ولكن هذا الرأي لا يمكن قبوله؛ بسبب أن اليهود في بابل تعاونوا مع الإخمينيين الفرس لإسقاطها سنة 539 ق.م، أي في عهد هذا الملك[60]، وهو ما يعني أنهم إلى نهاية عهده كانوا لا يزالون في بابل، وبالتالي فإنه لن يسمح لهم بالذهاب معه أو الهجرة؛ لأن بابل كانت تعتمد على خبراتهم في الحرف والصناعات.
وقد رأى بعض الباحثين احتمال هروب اليهود في هذه الفترة المضطربة وانتشارهم بشكل جماعات استقرت في مواضع المياه والعيون من وادي القرى وتيماء وخيبر إلى يثرب، وهناك من يرى وجود اليهود في يثرب منذ القرنين الأول والثاني الميلاديين، وخصوصًا بعد سيطرة الرومان على بلاد الأنباط في مطلع القرن الثاني الميلادي، وعلى يهودا في القرن نفسه، وبقاء بلاد العرب في مأمن من الرومان، فضلًا عن قربها وسهولة الوصول إليها. على أن هجرة اليهود إلى بلاد العرب التي عليها إجماع من كثير من الباحثين هي تلك التي رُجِّح حدوثها عام 70م عندما قضى الرومان على ثورة اليهود ضدهم في أورشليم وتدمير المدينة المقدسة وإحراق المعبد اليهودي، ثم تجددت ثورة اليهود بين عامي 132 و135م وانتهت بالقضاء تمامًا على كيانهم السياسي وبيعت النساء اليهوديات كإماء، وتشتت اليهود عمومًا، وهاجروا إلى أماكن يرجح أن يثرب كانت منها[61].
وقد ذكر السمهودي أكثر من عشرين بطنًا من بطون اليهود في يثرب، منها: بنو عكرمة، وبنو محمر، وبنو زعورا، وبنو الشظية، وبنو جشم، وبنو بهلول، وبنو عوف، وبنو القصيص (العصيص)، وبنو ثعلبة[62]. ويرى جواد علي أن هؤلاء اليهود لم يكونوا أعرابًا، أي بدوًا يتنقلون من مكان إلى مكان، بل كانوا حضرًا استقروا في الأماكن التي نزلوا فيها، ومارسوا مهن أهل المدر[63]، ويرى كذلك أن بعض القبائل اليهودية التي ذكر أسماءها الإخباريون، قبائل يهودية حقًا، هاجرت من فلسطين، وأن بعضًا آخر منها لم يكن من أصل يهودي، إنما كانت قبائل عربية دخلت في دين يهود، لاسيما القبائل المسماة بأسماء عربية أصيلة، كانت وثنية ثم تهودت[64]، ومن هذه القبائل: أقوام من بني الحارث بن كعب، ومن غسان، ومن جذام، ومن بلي[65].
وهذا برأينا يدل على أن الديانة اليهودية وصلت إلى يثرب قبل اليهود أنفسهم، وأن هجرة اليهود إلى يثرب نتيجة للظروف المختلفة المشار إليها آنفًا كانت لشعورهم بالأمان بين العرب المتهودين، ولم يكونوا هم طلائع الديانة اليهودية هناك.
ولأن المصادر قد فاضت بالحديث عن موضوع اليهود والقبائل اليهودية، فلا نرى داعيًا لإعادة تلك المعلومات بتفاصيلها، ولكن الأهم من ذلك أن علينا أن نناقش بعض الآراء التي يعتمدها ولفنسون والتي صارت مسلمات عند بعض الباحثين.
يذكر ولفنسون أنه “يجب ألا يغيب عن البال أن جهات يثرب ووادي القرى كانت غير آهلة بكثير من العرب، بل كانت جموع منهم تأتي إلى وديانها في أوقات معينة من السنة، كقوافل راحلة مع إبلها لتأكل من أعشابها ثم تنزح عنها إلى جهات أخرى”[66]. وهذا غير صحيح البتة بالنسبة ليثرب؛ لأنها كانت عامرة وبها شَعب كما يفهم من نصوص القرن السادس قبل الميلاد الخاصة بالملك البابلي نابونئيد الذي مكث في تيماء عشر سنين، وقاتل وأخضع جهات عديدة من بينها إياتريبو (يثرب) كما أشرنا سابقًا[67]، وكما يفهم من زواج أحد المعينيين من امرأة من يثرب وقد سبقت الإشارة إليه كذلك. والملاحظ أن ولفنسون في هذه النقطة سار على منهج المؤرخين اليهود الذين يعتبرون أن القدس كانت خالية من السكان وأن داود u هو من نزلها وبناها. وغرضهم من ذلك كما هو معروف، إظهار حق وتخيل تاريخ مفترض.
كما يذكر ولفنسون أن عدد اليهود في يثرب كان “كبيرًا بحيث يمكن اعتبارهم أمة قائمة بذاتها يصيبها من ضرورات الاجتماع ما يصيب غيرها وما يحدث بينها وبين أية أمة أخرى وبين من يجاورها من الأمم، ومع هذا فإننا نجد المصادر الإسرائيلية خالية من ذكر شيء من تاريخ اليهود في ذلك الدور، وساكتة عن التحدث عنهم سكوتًا تامًا”[68].
ويعيد جواد علي عدم ذكر يهود الحجاز في أخبار المؤلفين العبرانيين، إلى أن نشاط تأليف العبرانيين اقتصر على الاهتمام بالمستوطنات اليهودية في العراق وفلسطين وطبريا، ولم يتحدث هؤلاء عن اليهود في بلاد العرب على الرغم من اتصال اليهود بفلسطين وذهاب التجار اليهود إليها[69].
وفي الواقع إن اعتراف ولفنسون بسكوت المصادر اليهودية نهائيًا عن أي تأريخ لليهود في بلاد العرب يؤكد ما ارتأيناه سابقًا أن اليهودية هي التي وصلت إلى بلاد العرب قبل اليهود، فتهودت قبائل عربية ثم هاجر إليهم اليهود للاحتماء من بطش الرومان. أما سكوت المصادر اليهودية عنهم، فذلك يعني أنهم لم يكونوا بالكثرة الكمية، بل كانوا –في البداية على الأقل-قلة حاذقة اشتغلت بالتجارة، والزراعة، والحرف، فصار لهم صول وقول. وما يدل على ذلك أن ولفنسون نفسه أورد عن اليعقوبي (ت بعد 292هـ) أنه ينكر وجود طوائف يهودية كثيرة أصيلة في الحجاز، وأنه يعتقد أن أغلبها من العنصر العربي وأقلها من العنصر اليهودي[70].
والملاحظ أن ولفنسون قد اعتمد بعدًا تاريخيًا عميقًا متخيلًا لليهود أكثر منه واقعًا، وذلك من خلال إسقاط ثقافة يهودية طارئة على ذلك التاريخ المبكر المتخيل، تعتمد في الأساس على الأخلاق، والتقاليد، والأفكار؛ لنفي عربية بعض يهود يثرب، بل أصر على جعل آطامهم فكرة قدمت مع اليهود إلى يثرب، مع أن حصون العرب في جنوب الجزيرة العربية قديمة، وتعود إلى ما قبل الميلاد ومعروفة، وآثارها باقية حتى اليوم[71]، كما يصر ولفنسون على أن اندماج اليهود مع العرب قد أنهى صفاتهم المدنية التي لا تعرف القبلية، وفي الوقت نفسه يستشهد بقول السمهودي أن قبائل اليهود في بلاد العرب تنيف عن العشرين[72].
وخلاصة القول إن الديانة اليهودية وصلت يثرب قبل هجرة اليهود، وأن اليهود المهاجرين إلى يثرب لم يصلوها قبل القرن الأول أو الثاني الميلادي، وأنهم كقبائل مهاجرة لم يكونوا بالكثرة في بادئ الأمر، وإنما تكاثروا وقوي شأنهم بعد أمد طويل وبعد أن سيطروا على اقتصاد يثرب ومهنها.
كما نرى أن يثرب لم يكن فيها أي شكل من أشكال الدولة في ذلك الوقت، والدليل على ذلك أنهم انتشروا في بقاع عديدة، وقبلهم أهلها بكل هدوء، ولم يجدوا أي مقاومة رسمية، بل نجدهم يتخيرون أخصب البقاع وأفضلها.
وفي هذا الصدد تذكر المصادر أن ثلاث قبائل يهودية رئيسة كبرى هي التي لعبت دورًا كبيرًا في يثرب، وهذه القبائل هي، بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة[73]. وقد عاش هؤلاء وغيرهم في أخصب بقاع يثرب وأغناها، فإلى شمال وادي مهزور أقام بنو قريظة، وعند منتهى جسر وادي بطحان مما يلي العالية أقام بنو قينقاع[74]، وفي وادي بطحان أقام بنو النضير، وهو وادٍ فيه مياه غزيرة وعيون، واتخذوا به الحدائق والآطام وأقاموا فيها[75]، وتوزع الباقي على مناطق العوالي، وقباء، وحرة واقم، والعريض، وبالقرب من أحد[76]. ولذلك فقد كان بنو النضير زرّاعًا، وبنو قينقاع صنّاعًا ولهم سوق خاصة في يثرب يعرف باسمهم، وقد اختص بنو قريظة بحفر الآبار وغرس الأشجار. وبذلك استطاع يهود يثرب السيطرة على الزراعة، والتجارة، والصناعة، وهو ما أعطاهم المكانة في يثرب[77].
ويبدو أن اليهود كانوا يعيشون في خوف دائم، ولذلك بنوا لأنفسهم الآطام (الحصون) والقرى المحصنة ليقيموا فيها ويتحصنوا بها في أوقات الحروب، وخوفًا من نهب أموالهم وحاصلاتهم الزراعية[78]. وفي هذا الصدد يذكر السمهودي أن عدد آطام اليهود في يثرب كانت تسعة وخمسين أطمًا[79].
لقد تكلم اليهود العربية، وبعضهم تكلمها برطانة عبرية بسبب استعمالها في صلواتهم ودراساتهم[80]. وفي ذلك يقول البلاذري: “كان الكتاب بالعربية في الأوس والخزرج قليلًا، وكان بعض اليهود قد عَلِم كتاب العربية وكانت تُعلّمه الصبيان في المدينة”[81].
ويتضح من آيات القرآن الكريم في وصف اليهود أن أخلاقهم تقوم على الأنانية، والجشع، والبخل، والدس، والنفاق، وإلقاء الشكوك في نفوس الآخرين قصد البلبلة والتحكم، وتبرير كل وسيلة للوصول إلى الغاية والمنفعة، واستحلال ما في أيدي الغير، وعد أنفسهم غير مسئولين عن الأمانة لهم والوفاء بعهدهم[82].
وقد كان لليهود رؤساء قبائل يحكمون بينهم ويقيمون حدودهم عليهم، حتى جاء النبي محمد r إلى يثرب فكانوا يحكمونه بينهم وفق شريعتهم[83].
أما عن نشاطهم الاقتصادي، فقد اعتمد اليهود على التجارة ومعاطاة الربا والزرع، وتربية الماشية والدجاج، كما اشتهروا بالاتجار بالبلح، والبر، والشعير، والخمر، واشتغل بنو قينقاع بالصياغة والحدادة، كما اشتغلت نساؤهم بالنسيج. والكثير من هذه الحرف كان العرب يأنفونها ويزدرونها ويمقتونها[84]. ويذكر أوليري أن العرب لم يسمحوا لليهود بالزراعة التي تستلزم التجاوز والتخطي على مراعيهم، ولذلك اتجهوا إلى الحدادة، والصياغة، وصنع الأسلحة، فقبل العرب بذلك[85].
مما تقدم يمكن الإجابة عن السؤال الكبير الذي طرحناه حول ما إذا كان في يثرب دولة عند قدوم اليهود إليها من عدمه، حيث يستنتج أن يثرب كانت تجمعات قبلية تعايشت واتفقت واختلفت دون رعاية رسمية يمكن أن تكون صورة للدولة، لا عند اليهود، ولا عند العرب، بل لا يوجد حتى ما يوحي بذلك أو يجعله محط احتمال.
سابعاً-دور الأوس والخزرج في يثرب:
يروي الإخباريون أن القبائل العربية من الأوس والخزرج قد هاجرت من اليمن إلى يثرب على إثر حادث سيل العرم. وفي هذا الصدد يذكر اليعقوبي إن كاهنهم عمرو بن عامر تنبأ بانفجار السد فأمر قومه بالرحيل وسار متنقلًا إلى نجران ومكة وحاربه أهلُها، ثم توجهوا نحو يثرب فتخلف بها الأوس والخزرج أبناء حارثة بن عمرو بن عامر، ولحق بهم جماعة من الأزد غير ابني حارثة، فصار بعضهم حلفاء ودخل بعضهم معهم[86]، فوجدت هناك أن الأموال والآطام والنخيل في أيدي اليهود، فضلًا عن العدد والقوة، فأقام الأوس والخزرج مع اليهود، وعقدوا معهم حلفًا يأمن بعضهم إلى بعض، ويمتنعون به ممن سواهم[87].
وكما تقدم أن الإخباريين ذكروا أن هجرة الأوس والخزرج سببها تهدم سد مارب، ونظرًا لأن تهدمات السد المسجلة في النقوش ثلاثة بخلاف سيل العرم المذكور في القرآن، فكيف يمكن لنا أن نحدد تاريخ تلك الهجرة الكبيرة؟
يفهم مما ذكره الإخباريون أن تلك الهجرة حدثت إما في القرن الثالث الميلادي، أو أواخر القرن الرابع الميلادي، أو في القرن الخامس الميلادي[88].
وإذاما عدنا إلى النقوش سنجد أن هناك انفجارات ثلاثة مسجلة، وأنها حدثت قبل الانفجار الكبير المذكور في القرآن الكريم باسم “سيل العرم” المرجح حدوثه بعد منتصف القرن السادس الميلادي. والانفجارات الثلاثة المسجلة التي يمكن القياس عليها هي:
انفجار حدث في حوالي منتصف القرن الرابع الميلادي في عهد الملك “ثأران يهنعم بن ذمار علي يهبر”، وقد سجل في النقش المعروف باسم (جام 671 / Ja 671) وذكر أنه تم إصلاحه في حوالي ثلاثة أشهر. أما الثاني فيعود إلى عهد الملك “شرحبيل يعفر بن أبي كرب أسعد” وذلك بين عامي 449 و450 بعد الميلاد، وسجل ذلك في النقش المعروف باسم (المدونة 540 / CIH 540)، وذكر أنه تم إصلاح ما تهدم من السد في حوالي خمسة أشهر من العمل المتواصل وأنه اشترك في بنائه عشرون ألفًا من السواعد اليمنية الفتية. أما الانفجار الثالث فحدث في عهد أبرهة الحبشي ويؤرخ بسنة 542 بعد الميلاد، وقد سجل في النقش المعروف باسم (المدونة 541 / CIH 541) ويتحدث بالتفصيل عن ضخامة العمل والأموال الطائلة التي صرفت عليه، كما يرجح د. يوسف عبد الله، أن الانفجار الأخير الذي ذكر في القرآن الكريم قد حدث في منتصف القرن السادس الميلادي، أي بعد منتصف عام 550م[89]. قال تعالى في سورة سبأ: ﴿ فأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16)﴾. أما جواد علي، فيرى أنه حدث سنة 575م[90].
ولكن يبدو أن الآراء تتجه بتلك الهجرة إلى أواخر القرن الرابع الميلادي[91]، وإذا ما جعلنا ذلك فرضًا محتملًا، فإن تلك الهجرة سيكون حدوثها في منتصف القرن الرابع الميلادي وليس في أواخره، وذلك بناء على نقش (جام 671) المشار إليه آنفًا، وهو ما نرجحه.
على أي حال، حل الأوس والخزرج في يثرب وسرعان ما أصبحوا أعز أهلها، واتخذوا الديار والأموال والآطام[92]، إلا أنهم عند وصولهم لم يجدوا دولة هناك تتعامل معهم رغم كثرتهم وكتلتهم البشرية الكبيرة، ولا حتى التدخل لحل أو تهدئة الاضطرابات والصراعات التي تلت وصولهم إلى يثرب.
فعندما وصل الأوس والخزرج إلى يثرب كانت علاقتهم باليهود طيبة في بادئ الأمر، فاستقروا وأوجدوا لأنفسهم معاشًا وهيئوا لحياتهم سبل الاستقرار، لكن يبدو أن اليهود تنبهوا لهذا الأمر ونظروا إليه كخطر ينمو أمام أعينهم، فبدأوا بالقضاء على تحالفهم معهم، ثم ناوشوهم واعترضوا نمو قدراتهم، ولعل أصل الصراع هو المنافسة الاقتصادية التي رأى اليهود أن قوة العرب سببها تحولهم إلى مزارعين وتجار ينافسون اليهود[93].
وتذكر بعض الروايات أن الأوس والخزرج دخلوا في خلاف مع اليهود في مبدأ قدومهم إلى يثرب، فاستجابوا لهذا الوضع وقاتلوهم حتى تدخل أحبار من اليهود وأوقفوا الحرب، ولكنها تربط ذلك بتبّع، وتذكر قصة أخرى أنهم كذلك استنصروا ملك غسان فقُتِل الكثير بخديعة، فصار الأوس والخزرج أعز أهل المدينة[94].
وتُرتبط قصة الاستنصار بالغساسنة في موضوع الصراع بين العرب واليهود بقصة أسطورية لشخص اسمه “الفيطون” الذي قُتل على يد مالك بن العجلان زعيم الخزرج، وما تلاه من قتل جماعي لليهود علي يد الغساسنة الذين استنصرهم العربُ، ومن خلال مكيدة مدبرة، وأن مقتل الفيطون قد تسبب بحرب عظيمة بين اليهود والعرب، وكان اليهود قد اجتمعوا من الحجاز وتيماء وفدك، فقاتل العربُ اليهودَ بدعم من الغساسنة وهزموهم[95].
لكن عددًا من المؤرخين شككوا بهذه القصة وبشخص الفيطون نفسه كملك؛ لأنه لم يكن لليهود ملك في يثرب، ولا في غيرها، بل ونفوا ما يخص الجانب الأخلاقي منها تحديدًا والمتعلق بضرورة أن يفض الفيطون بكارة العذراء قبل أن تدخل على زوجها؛ لأن شخصية العربي لا تقبل مضمونها ولا تتهاون فيها[96] حتى إن السمهودي نفسه قد أنكر حقيقة مضمون هذه القصة في العرب، ويذكر أنها كانت في غير الأوس والخزرج، وأن الفيطون أراد فعل ذلك بنساء الأوس والخزرج عندما نزلوا يثرب، سيرًا على عادته، فتسبب ذلك في مقتله[97].
وخلاصة القول في موضوع الصراع الوارد في هذه القصة، أن المعلومات المرتبطة به تحكمها الروايات الأسطورية المتداخلة بشكل يصعب معه التقاط سياق موضوعي متصل وواقعي، ولذلك يقر الباحث بعدم واقعيتها ويتفق في هذا الرأي مع من سبقوه.
وعلى الرغم من ذلك سنجد أنفسنا من جديد أمام شكل آخر من أشكال الصراع، ولكن ليس بين العرب واليهود، وإنما بين العرب أنفسهم وبتحريض يهودي معلوم، وقد حدث ذلك دون أن تذكر المصادر ملكًا يتدخل أو دولة تسعى لحفظ الاستقرار.
فقد بدأ النزاع بين الأوس والخزرج تنافسًا على السلطة وتنازعًا من أجل السيادة، وكانت بينهما حروب دامت مائة وعشرين عامًا، وبدأت هذه الحرب بحرب سُمير وانتهت بيوم بُعاث التي حدثت قبل الإسلام بخمس سنين، وكانت آخر المعارك بين الطرفين. فقد تمكن الأوس من السيطرة على المناطق الخصبة بنزولهم إلى جانب يهود بني النضير وبني قريظة على وادي مهزور ومذينيب، وهو ما جعلهم أحسن حالًا من الخزرج، ولذلك شعر الأوس بقوة مركزهم الاقتصادي ورأوا أن ذلك يعطيهم حق الزعامة، في حين كان الخزرج يشعرون بتفوقهم السياسي وبخاصة عندما تمكنوا بقيادة مالك بن العجلان من إخضاع اليهود للعرب يوم قتل مالكُ الفيطونَ كما تروي كتب الأخبار، فرأى الخزرج أن ذلك يعطيهم السيادة، وكان ذلك كافيًا لاندلاع الحرب الضروس بين الأوس والخزرج، هذه الحرب التي عمل اليهود على استمرارها، وخصوصًا عندما صار لهم الثقل واليد في يثرب بسبب ضعف العرب نتيجة الصراع فيما بينهم. وقد استخدم اليهود وسائل عدة لتأجيج الحرب وضمان استمرارها، كوقوفهم على الحياد ورفضهم قبول دعوات التحالف معهم كما فعل يهود بني قريظة عندما طلب منهم الأوس التحالف معهم ضد الخزرج، كما قاموا بتوسيع شقة الخلاف بين المتنازعين وتأجيج مشاعرهم[98].
ومما ينبغي ذكرهُ أن أيام الحروب التي دارت بين الأوس والخزرج عديدة، وبعضها دارت على مراحل وفي أيام مختلفة، وهذه الحروب الرئيسة هي:
حرب سُمير وهي أولى الحروب بينهما ويرجح وقوعها سنة 504م، وحرب كعب بن عمرو، ويوم السَّراة، وحرب الحصين بن الأسلت، ويوم الربيع، وحرب فارع، وحرب حاطب، ويوم بُعاث، وهي آخر تلك الحروب ويرجح وقوعها سنة 617 م[99].
نتائج البحث:
مما تقدم يمكن إجمال نتائج البحث بالآتي:
1-اسم يثرب وجد منذ بداية التأسيس على هذا النحو، ولا صحة لوجود أصل بابلي له، وإنما يوجد نطق بابلي للاسم العربي.
2-وجود شواهد على استيطان بشري مبكر في منطقة المدينة، يسبق نشأة مدينة يثرب ذاتها، ولكن يصعب تحديد تاريخ دقيق له حتى الآن.
3-نشأت يثرب مع نشأة الطريق التجاري القديم في الجزيرة العربية منذ حوالي الألف الثاني ق.م، كغيرها من مدن القوافل التي كانت الطريق التجارية سببًا في وجودها.
4-لم تتطور يثرب إلى دولة كباقي مدن القوافل، ولم تشر المصادر والنقوش إلى أي شكل من أشكال الدولة في يثرب.
6-لم نجد في المصادر ما يشير إلى ملك أو أمير ليثرب، باستثناء قصة “الأرقم” ملك العماليق الذي قتله اليهود، وقصة “الفيطون” ملك اليهود الذي قتله العرب، وهما قصتان أقرب إلى الأسطورة أكثر منها إلى الواقع؛ لأنه لو وجد ملوك لوجدت دولة يحكمها الطرف المنتصر أيًا كان.
7-دلت النقوش على وجود تواصل لجنوب الجزيرة العربية مع يثرب كمحطة تجارية، منذ القرن الرابع ق.م على الأقل، ومثال ذلك النقش الذي يتحدث عن زواج أحد المعينيين من امرأة من يثرب.
8-عندما ذكرت المصادر أن تبّعًا وصل إلى المدينة، لم تذكر أبدأ أنه تقاتل مع ملك أو احتل دولة، لكنها تتحدث عن قصته مع الأحبار اليهود الذين اعتنق ديانتهم.
الهوامش
[1] -انظر الفقرة رابعًا في هذا البحث.
[2] – بطليموس كلاوديوس والجزيرة العربية، ترجمة: السيد جاد، دارة الملك عبد العزيز، الرياض، 1439 ه – 2017م. ص، 23، ص 144، فقرة (7).
[3] – الذييب، سليمان بن عبد الرحمن، نقوش جبل أم جذايذ النبطية، دراسة تحليلية، ط1، الرياض 1422/ 2002م. ص 168.
[4] – بطليموس كلاوديوس والجزيرة العربية، ص 144، فقرة (7).
[5] -الحموي، شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، المجلد الخامس، دار صادر، بيروت، ص 1397ه-1977م، ص 430، علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، الجزء الرابع، ط/2، بغداد، 1413ه-1993م، ص 129.
[6] – الشريف، أحمد أبراهيم، مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول، دار الفكر العربي، ط/1، القاهرة، 1424ه-2003م، ص 243.
[7] -الحمراوي، محمود الزراعي، “أتريبو (يثرب) الاسم القديم للمدينة”، تاريخ وحضارة المدينة المنورة عبر العصور، ج/1، الجمعية التاريخية السعودية، الرياض، 1431ه-2010م، ص 25-26.
[8] -انظر الفقرة ثالثًا في هذا البحث.
[9] -الشريف، ص 243.
[10] – Lukenbill. D.D، Ancient Records of Assyria and Babylonia، Vol.1.Chicago، 1926، NO، 800،819.
[11] – Oppenheim. A، L، “Babylonian and Assyrian Historical Texts”، In، Prichard، Ancient Near Eastern Texts Relating to The Old Testament، New Jersey، 1969، P.286.
[12] – Oppenheim، op. citp.292
[13] -ظاظا، حسن، “المجتمع العربي القديم من خلال اللغة”، بحث نشر في كتاب، دراسات في تاريخ الجزيرة العربية، ج 2، مج 2: الجزيرة العربية قبل الإسلام، أعمال الندوة العالمية الثانية لدراسات تاريخ الجزيرة العربية (1397ه/ 1979م). مطبعة جامعة الملك سعود، الرياض 1984، ص 185.
[14] -من هذه المعاجم، الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني: تاج العروس من جواهر القاموس، ج14، تحقيق: عبد العليم الطحاوي، مطبعة دولة الكويت، الكويت، 1394 هـ / 1974م. مادة “وثر” ص 346 –349.
[15] -الشريف، ص 239 – 240.
[16] -الشريف، عبد الرحمن، “التضاريس”، في، محمد أحمد الرويثي (وآخرون)، المدينة المنورة، البيئة والإنسان، المدينة المنورة، نادي المدينة المنورة، 1998، ص 32.
[17] -الرويثي، محمد (وآخرون)،”الموارد المائية”، في، محمد أحمد الرويثي (وآخرون)، المدينة المنورة، البيئة والإنسان، المدينة المنورة، نادي المدينة المنورة، 1998. ص 64-102.
[18] -انظر، السناني، رحمة بنت عواد: “دراسة وصفية تحليلية لمجموعة من الرسوم الصخرية في منطقة المدينة المنورة”، دراسات في علم الآثار والتراث، العدد 4، مجلة تصدرها الجمعية السعودية للدراسات الأثرية، بالرياض، محرم 1434ه/ ديسمبر 2013م. ص 17 – 72)، أسكوبي، خالد محمد (وآخرون)، “المسوحات الأثرية في وادي العقيق جنوب المدينة المنورة، 1422 ه”، مجلة أطلال، المجلد 19، الرياض، 1427 ه /2006م (ص 95-116).
[19] -انظر، السمهودي، نور الدين علي بن أحمد، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، اعتنى به ووضع حواشيه، خالد عبد الغني محفوظ، المجلد الأول، الجزء الأول، دار الكتب العلمية، ط/1، بيروت، 1427ه-2006م، ص 125، الحموي، ص، 430 (مادة يثرب)، مهران، محمد بيومي، دراسات في تاريخ العرب القديم، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ص 422، بدر، عبد الباسط، التاريخ الشامل للمدينة المنورة، الجزء الأول، ط/1، المدينة المنورة، 1392ه-1972م، ص 14.
[20] -العماليق من قبائل العرب البائدة، وقد اشتهروا في كتب الأخبار كثيرًا وأضفوا عليهم طابعًا أسطوريًا، فربطوا بناء مدن الجزيرة بهم، وجعلوهم اساسًا لكثير من العرب، وفي ذلك يقول الطبري: “فعمليق أبو العماليق. كلهم أمم تفرقت في البلاد، وكان أهل المشرق وأهل عُمان وأهل الشام، وأهل مصر منهم، ومنهم كانت الجبابرة بالشام الذين يقال لهم الكنعانيون، ومنهم أمة يسمون جاسم، وكان ساكنو المدينة منهم..، وأهل نجد منهم..، وملك تيماء منهم..، وكانوا ساكني نجد.. والطائف”. الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك، دار المعارف بمصر، القاهرة، المجلد الأول، (د.ت)، ص 204.
[21] -وفاء الوفاء، 1/ 125، ياقوت، 5/ 84 (مادة يثرب). والآطام: هي نوع من أنواع الحصون، ولكنها تختلف عنها في طراز العمارة. ويذكر الأنصاري أنه استنتج من دراسته الميدانية أن الآطام تُشاد بالحجارة المختلفة الأحجام يوضع فيما بينها حشو الطين، ولها مساطب عالية تُشرف على ما حولها ويتنزه من فوقها. أما الحصون فبناؤها بالحجارة الضخمة الهائلة المربعة ولا حشو بينها، وقد تكون الآبار بداخلها. الأنصاري، عبد القدوس، آثار المدينة المنورة، المكتبة السلفية، ط/3، المدينة المنورة، 1393ه – 1973م. ص 64
[22] -وفاء الوفاء، 1/ 126.
[23] -انظر، التاريخ الشامل، 1/ 21.
[24] -انظر التاريخ الشامل، 1/ 23-2. مثلًا يحدد عبد الباسط بدر تاريخ خروج النبي موسى من مصر بالقرن 15 ق.م في عهد تحتمس الثالث، بينما يرجح أغلب المؤرخين تاريخ الخروج بأواخر القرن 13 ق.م في عهد رمسيس الثاني.
[25] – أوليري، دي لاسي، جزيرة العرب قبل البعثة، ترجمه وعلق عليه، موسى علي الغول، وزارة الثقافة، ط/1، عمان، 1990، ص 191.
[26] -التاريخ الشامل، 1/ 98.
[27] -Gadd، C.J. “The Harran Inscription of Nabonidus”، Anatolian Studies Journal of The British Institute of Archaeology at Ankara، London، 1958، VOL8،P.84.
[28] – المخلافي، عارف أحمد إسماعيل، العلاقات بين العراق وشبه الجزيرة العربية، منذ منتصف الألف الثالث قبل الميلاد وحتى منتصف الأول قبل الميلاد، مركز عبادي للدراسات والنشر، ط/1، صنعاء، 1418ه/ 1998م، ص 156.
[29] -الأنصاري، عبد الرحمن الطيب (وآخرون)، العلا ومدائن صالح (الحجر)، حضارة مدينتين، دار القوافل للنشر والتوزيع، ط/2، الرياض، 1425 ه – 2005م، ص 13.
[30] -المفصل، 4/ 130.
[31] – السعيد، سعيد بن فايز إبراهيم، “زوجات المعينيين الأجنبيات في ضوء نصوص جديدة”، أدوماتو، العدد 5، الرياض، 1422ه-2002م، ص 56 و 64.
[32] Bron، F. Inventaire Des Inscriptions SudarabiQues. Tome 3، MAͨῙN، Fascicule A: Les Documents.Diffusiom De Boccard. Paris، 1988.P.103.
[33] -السعيد، زوجات المعينيين…”، ص 56.
[34] -عوض الله، أحمد أبو الفضل، مكة في عصر ما قبل الإسلام، دارة الملك عبد العزيز، ط/2، الرياض، 1980، ص 143.
[35] -انظر، الوكيل، ص 127.
[36] -الذييب، نقوش جبل أم جذايذ النبطية، ص 17.
[37] -الذييب، سليمان بن عبد الرحمن، مدونة النقوش النبطية في المملكة العربية السعودية، مج 2، الرياض 1431 ه. ص 808.
[38] – Gadd،C.J.op.cit. vol،8،P.84،Ephal،I، op.cit،P.18
[39] -السعيد، ص 56 و 64.
[40] Bron، F، op. cit، p.113
[41] -السعيد، ص، 60، 62، 63-65. وكذلك، Bron، F، op. cit، p. 103 – 112
[42] -السعيد، فايز السعيد، حملة الملك البابلي نبونيد على شمال غرب الجزيرة العربية، بحوث تاريخية محكمة، تصدرها الجمعية التاريخية السعودية، الإصدار الثامن، الرياض، 1421 ه – 2000م، ص 15 – 16.
[43] – ابن هشام، أبو محمد عبد الملك، السيرة النبوية، تحقيق: محمد شحاتة إبراهيم، المجلد الأول، ج/1، القاهرة، 1990، ص 19-22، الطبري، 1/ 631-632.
[44] – طيران، سالم: “نقشا مأسل الجمح”، ماسل، تصدر عن قسم الآثار والمتاحف بجامعة الملك سعود، الرياض، 1420ه-1999م، ص 25-26. وكذلك:
Ryckmans، G. Inscription Sud-arabes، Dixie̍me Se̍rie، xxxxiv.Inscriptions relevees en Arabie Sa،udite Le Museon، 66 ،1953. PP. 267-317.
[45] –طيران، سالم: “نقشا مأسل الجمح، ص 33-34.
[46] -أبو الغيث، عبد الله، العلاقات السياسية بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها من القرن الثالث حتى القرن السادس للميلاد، ج/2، وزارة الثقافة والسياحة صنعاء، صنعاء، 1425ه، 2004م، ص17-18.
[47] -المفصل، 4/ 141.
[48] -الشريف، ص 288-289، الوكيل، ص 126.
[49] -وفاء الوفاء، 1/ 126.
[50] -ياقوت، 5/84 (مادة مدينة)، وفاء الوفاء، 1/ 127-128، مهران، ص 437. عددت المصادر أسبابًا لاختيار اليهود يثرب مكانًا ينزلون فيه. حول ذلك انظر، وفاء الوفاء، 1/ 128-130،
[51] – انظر المناقشة التفصيلية المهمة لهذه النقطة في مهران، ص 438-444.
[52] -وفاء الوفاء، 1/ 126، السمهودي، علي بن عبد الله بن أحمد، خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفى، المكتبة العلمية، المدينة المنورة، 1392ه-1972م، ص 155.
[53] -وفاء الوفاء، 1/ 126.
[54] -التاريخ الشامل، 1/ 22.
[55] -المخلافي، عارف أحمد إسماعيل، العراق وبلاد الشام، المنتدى الجامعي للنشر والتوزيع، صنعاء، ط/1، 1423ه/ 2002م، ص125.
[56] – انظر، مهران، ص 447.
[57] -المخلافي، العراق وبلاد الشام، ص 243.
[58] -انظر، مهران، ص 447.
[59] -المفصل، 4/ 513.
[60] -المخلافي، العراق وبلاد الشام، ص 155.
[61]-انظر، مهران، ص 448 -449.
[62] -وفاء الوفاء، 1/ 130 – 132.
[63] -[63] -علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، الجزء السادس، ط/2، بغداد، 1413ه-1993م، ص 522.
[64] -المفصل، 6/ 524-525.
[65] -انظر مهران، ص 452.
[66] -ولفنسون، إسرائل، ولفنسون، تاريخ اليهود في بلاد العرب، في الجاهلية وصدر الإسلام، ترجمة لجنة التأليف والترجمة، القاهرة، مطبعة الاعتماد، 1345هـ -1927م، ص 11.
[67] – Gadd،C.J، op.cit،PP.35-92.
[68] -ولفنسون، ص 11.
[69] -المفصل، 6/ 516.
[70] -ولفنسون، ص 15.
[71] -على سبيل المثال انظر، الأغبري، فهمي علي بن علي، التحصينات الدفاعية في اليمن القديم، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة بغداد – كلية الآداب-قسم الآثار، بغداد، 1415ه/ 1994م.
[72] -للتعرف على رأي ولفنسون بالتفصيل انظر كتابه، ص 15 – 16، وبخصوص عدد قبائل اليهود، انظر، خلاصة الوفاء، ص 157.
[73] -الشريف، ص 245.
[74] -وفاء الوفاء، 1/ 130 – 131، الشريف، ص 246.
[75] -خلاصة الوفاء، ص 157 – 159، ياقوت، 2/446، المفصل، 6/ 523.
[76] -الشريف، ص 246.
[77] -الوكيل، محمد السيد، يثرب قبل الإسلام، دار المجتمع للنشر والتوزيع، جدة، ط/2، 1409ه/1989. ص 47، وانظر تفصيلًا وافيًا لدور اليهود الاقتصادي في، شاهين، رياض مصطفى أحمد، “النشاط الاقتصادي لليهود بالحجاز في الجاهلية وفي عصر الرسول صلى الله عليه وسلم”، مجلة الجامعة الإسلامية، سلسلة الدراسات الإنسانية، المجلد 12، العدد 2، غزة –فلسطين، 2004م. ص21-58.
[78] -الشريف، ص 215.
[79] -وفاء الوفاء، 1 132. وانظر تبعية تلك الآطام وأسماءها في المصدر نفسه ص130 – 132.
[80] -ولفنسون، ص 20.
[81] -البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر البغدادي، تحقيق، عبد الله أنيس الطباع، عمر أنيس الطباع، مؤسسة المعارف، بيروت، 1407ه/ 1987م، ص 663.
[82] -الشريف، ص 252، المفصل، 6/ 43-35، وانظر الآيات في، سورة النساء 53-54، أل عمران 180-181 – البقرة 76، آل عمران 72، 99، 103، المائدة 41 – النساء 44-46، 50 – البقرة 100، آل عمران 75، 77.
[83]-المفصل، 6/ 535.
[84] -انظر، المفصل، 6/ 535 – 536.
[85] -أوليري، دي لاسي، جزيرة العرب قبل البعثة، ترجمة: موسى علي الغول، ط/1، عمان، 1990، ص 190.
[86] -اليعقوبي، أحمد بن يعقوب، تاريخ اليعقوبي، تحقيق، عبد الأمير مهنا، المجلد الأول، شريكة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، ط/1، 1431/ 2010م. ص 250.
[87] -ياقوت، 5/ 36، خلاصة الوفاء، ص 165، مهران، 455، المفصل، 4/ 129. وحول منازل الأوس والخزرج بيثرب انظر، خلاصة الوفاء، ص 165 – 177.
[88] -انظر، مهران، ص 457، زيدان، ص 151.
[89] -عبد الله، يوسف محمد، أوراق في تاريخ اليمن وآثاره، بحوث ومقالات، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط/2، 1411/1990، ص 208.
[90] – المفصل، ج 10، ص 210.
[91] -انظر، مهران، ص 475.
[92] -ياقوت، 5/ 85 – 86.
[93] -الشريف، ص 268 – 274.
[94]-انظر، خلاصة الوفاء، ص 168 – 175.
[95] -السيد، ناصر، يهود يثرب وخيبر، الغزوات والصراع، المكتبة الثقافية، بيروت، ط/1، 1412 ه-1992م، 20 – 21.
[96] -وفاء الوفاء، ص 132، 142 – 143، مهران، ص 467 -468، المفصل، 4/ 134، ويذكر جواد علي أن ابن دريد في الاشتقاق اعتبر اسم الفيطون اسمًا عبرانيًا، وأنه تملك في يثرب، المفصل، 4 / 134، وانظر كذلك ولفنسون، ص 56 – 57، والغريب أن ولفنسون في الوقت الذي ينكر هذه القصة تمامًا، إلا أنه يعدها مجرد تبرير من الإخباريين لغدر مالك بن العجلان لجيرانه اليهود، وهو بذلك لا ينكر الواقعة وإنما ينكر الجانب الأخلاقي فيها، انظر، ولفنسون ص 57.
[97] -وفاء الوفاء، 1/ 143.
[98] -خلاصة الوفاء، ص 165 – 177، الوكيل، ص 138 – 144، 153 – 157.
[99] -حول تفاصيل هذه الأيام انظر، جاد المولى بك، محمد أحمد (وآخرون)/ أيام العرب في الجاهلية، المكتبة العصرية، صيدا – بيروت، (د.ط)، (د.ت)، ص 62 – 92، شمس الدين، إبراهيم، مجموع أيام العرب في الجاهلية والإسلام، دار الكتب العلمية، بيروت، ط/1، 1422ه – 2002م، ص59 – 134، الخطراوي، محمد العيد، المدينة في العصر الجاهلي، الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية، مؤسسة علوم القرآن، ط/1، دمشق، 1403ه – 1982، ص 154 – 186.
قائمة المصادر والمراجع:
أولًا-المصادر والمراجع العربية والمعربة:
-أسكوبي، خالد محمد (وآخرون)، “المسوحات الأثرية في وادي العقيق جنوب المدينة المنورة، 1422 ه”، مجلة اطلال، المجلد 19، الرياض، 1427 ه. (ص 95-116)
-الأغبري، فهمي علي بن علي، التحصينات الدفاعية في اليمن القديم، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة بغداد – كلية الآداب-قسم الآثار، بغداد، 1415ه/ 1994م.
-الأنصاري، عبد الرحمن الطيب (وآخرون)، العلا ومدائن صالح (الحجر)، حضارة مدينتين، دار القوافل للنشر والتوزيع، ط/2، الرياض، 1425 ه – 2005م.
-الأنصاري، عبد القدوس، آثار المدينة المنورة، المكتبة السلفية، ط/3، المدينة المنورة، 1393ه – 1973م.
-أوليري، دي لاسي، جزيرة العرب قبل البعثة، ترجمة: موسى علي الغول، ط/1، عمان، وزارة الثقافة، 1990.
-بدر، عبد الباسط، التاريخ الشامل للمدينة المنورة، الجزء الأول، ط/1، المدينة المنورة، 1392ه-1972م.
-البلاذري، أحمد بن يحي بن جابر البغدادي، فتوح البلدان، تحقيق، عبد الله أنيس الطباع، عمر انيس الطباع، بيروت، مؤسسة المعارف، 1407ه/ 1987م.
-بطليموس كلاوديوس والجزيرة العربية، ترجمة: السيد جاد، دارة الملك عبد العزيز، الرياض، 1439 ه – 2017م.
-جاد المولى بك، محمد أحمد (وآخرون)، أيام العرب في الجاهلية، صيدا – بيروت، المكتبة العصرية، (د.ط)، (د.ت).
-الحمراوي، محمود الزراعي، “أتريبو (يثرب) الاسم القديم للمدينة”، تاريخ وحضارة المدينة المنورة عبر العصور، ج/1، الجمعية التاريخية السعودية، الرياض، 1431ه-2010م، ص 25-26. (ص13-37).
-الحموي، شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، المجلد الخامس، بيروت، دار صادر، 1397ه-1977م.
-الخطراوي، محمد العيد، المدينة في العصر الجاهلي، الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية، دمشق، مؤسسة علوم القرآن، ط/1، 1403ه – 1982.
-الذييب، سليمان بن عبد الرحمن، نقوش جبل أم جذايذ النبطية، دراسة تحليلية، ط1، الرياض 1422/ 2002م.
-الذييب، سليمان بن عبد الرحمن، مدونة النقوش النبطية في المملكة العربية السعودية، مج 2، الرياض 1431 ه.
-الرويثي، محمد (وآخرون)،”الموارد المائية”، في، محمد أحمد الرويثي (وآخرون)، المدينة المنورة، البيئة والإنسان، المدينة المنورة، نادي المدينة المنورة، 1998، ص 70 (ص 64 – 102)
-الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني: تاج العروس من جواهر القاموس، ج14، تحقيق: عبد العليم الطحاوي، مطبعة دولة الكويت، الكويت، 1394 هـ / 1974م. مادة “وثر” ص 346 –349.
-السعيد، سعيد بن فايز إبراهيم، “زوجات المعينيين الأجنبيات في ضوء نصوص جديدة”، أدوماتو، العدد 5، الرياض، 1422ه-2002م. (ص 52 – 73)
-السعيد، فايز السعيد، حملة الملك البابلي نبونيد على شمال غرب الجزيرة العربية، بحوث تاريخية محكمة، تصدرها الجمعية التاريخية السعودية، الإصدار الثامن، الرياض، 1421 ه – 2000م.
-السمهودي، علي بن عبد الله بن أحمد، خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفى، المدينة المنورة، المكتبة العلمية، 1392ه-1972م.
-السمهودي، نور الدين علي بن أحمد، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، اعتنى به ووضع حواشيه، خالد عبد الغني محفوظ، المجلد الأول، الجزء الأول، بيروت، دار الكتب العلمية، ط/1، 1427ه-2006م.
-السناني، رحمة بنت عواد: “دراسة وصفية تحليلية لمجموعة من الرسوم الصخرية في منطقة المدينة المنورة”، دراسات في علم الآثار والتراث، العدد 4، مجلة تصدرها الجمعية السعودية للدراسات الثرية، بالرياض، محرم 1434ه/ ديسمبر 2013م. (ص 17 – 72).
-السيد، ناصر، يهود يثرب وخيبر، الغزوات والصراع، بيروت، المكتبة الثقافية، ط/1، 1412 هـ-1992م.
-شاهين، رياض مصطفى أحمد، “النشاط الاقتصادي لليهود بالحجاز في الجاهلية وفي عصر الرسول صلى الله عليه وسلم”، مجلة الجامعة الإسلامية، سلسلة الدراسات الإنسانية، المجلد 12، العدد 2، غزة –فلسطين، 2004م. (ص 21-58)
-الشريف، أحمد أبراهيم، مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول، القاهرة، دار الفكر العربي، ط/1، 1424ه-2003م.
-الشريف، عبد الرحمن، “التضاريس”، في، محمد أحمد الرويثي (وآخرون)، المدينة المنورة، البيئة والإنسان، المدينة المنورة، نادي المدينة المنورة، 1998، ص 32. (ص 31 – 48)
-شمس الدين، إبراهيم، مجموع أيام العرب في الجاهلية والإسلام، بيروت، دار الكتب العلمية، ط/1، 1422ه – 2002م.
-الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك، القاهرة، دار المعارف بمصر، (د.ت).
-طيران، سالم: “نقشا مأسل الجمح”، ماسل، تصدر عن قسم الآثار والمتاحف بجامعة الملك سعود، الرياض، 1420ه-1999م.
-ظاظا، حسن، “المجتمع العربي القديم من خلال اللغة“، بحث نشر في كتاب، دراسات في تاريخ الجزيرة العربية، ج 2، مج 2: الجزيرة العربية قبل الإسلام، أعمال الندوة العالمية الثانية لدراسات تاريخ الجزيرة العربية (1397ه/ 1979م). مطبعة جامعة الملك سعود، الرياض 1984. (ص 177 – 186).
-عبد الله، يوسف محمد، أوراق في تاريخ اليمن وآثاره، بحوث ومقالات، بيروت، دار الفكر المعاصر، ط/2، 1411/1990.
-علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج 1، ط/2، بغداد، 1413ه-1993م.
-علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج 4، ط/2، بغداد، 1413ه-1993م.
-علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج 6، ط/2، بغداد، 1413ه-1993م.
-عوض الله، أحمد أبو الفضل، مكة في عصر ما قبل الإسلام، الرياض، دارة الملك عبد العزيز، ط/2، 1980.
-أبو الغيث، عبد الله، العلاقات السياسية بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها من القرن الثالث حتى القرن السادس للميلاد، ج/2، صنعاء، وزارة الثقافة والسياحة صنعاء، 1425ه، 2004م.
-المخلافي، عارف أحمد إسماعيل، العراق وبلاد الشام، صنعاء، المنتدى الجامعي للنشر والتوزيع، ط/1، 1423ه/ 2002م.
-المخلافي، عارف أحمد إسماعيل، العلاقات بين العراق وشبه الجزيرة العربية، منذ منتصف الألف الثالث قبل الميلاد وحتى منتصف الأول قبل الميلاد، صنعاء، مركز عبادي للدراسات والنشر، ط/1، 1418ه/ 1998م.
-مهران، محمد بيومي، دراسات في تاريخ العرب القديم، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية.
-ابن هشام، أبو محمد عبد الملك، السيرة النبوية، تحقيق: محمد شحاتة إبراهيم، المجلد الأول، ج/1، القاهرة، 1990.
-الوكيل، محمد السيد، يثرب قبل الإسلام، جدة، دار المجتمع للنشر والتوزيع، ط/2، 1409هـ/1989.
– ولفنسون إسرائل، تاريخ اليهود في بلاد العرب، في الجاهلية وصدر الإسلام، ترجمة لجنة التأليف والترجمة، القاهرة، مطبعة الاعتماد، 1345هـ -1927م.
-اليعقوبي، أحمد بن يعقوب، تاريخ اليعقوبي، تحقيق، عبد الأمير مهنا، المجلد الأول، بيروت، شريكة الأعلمي لمطبوعات، ط/1، 1431/ 2010م.
ثالثًا-المراجع غير العربية:
– Bron، F. Inventaire Des Inscriptions SudarabiQues. Tome 3، MAͨῙN، Fascicule A: Les Documents.Diffusiom De Boccard. Paris، 1988.
-Corpus Inscriptionum Semiticarum. Pars Quarta، Inscriptions Himyariticas et Sabaeas Continens. Toms ، III، Parisiss، 1929. (CIH)
– Ephal، I،The Ancient،Arabs،1984
– Gadd،C.J،”The Harran Inscriptions of Nabonidus”،Anatolian studies،London.1958.
Jamme،A.، Sabaean Inscriptions From Mahram Bilqis (Marib)، Publication of The American Foundation For The Study of Man. Baltimote، 1962. (Ja)
– Lukenbill.D.D، Ancient Records of Assyria and Babylonia، (ARAB). Vol.2.Chicago. 1927.
– Oppenheim.A،L، “Babylonion and Assyrian Historical Texts”، In، Prichard، Ancient Near Eastern Texts Relating to The Old Testament، New Jersey، 1969.
– Ryckmans، G. Inscription Sud-arabes، Dixie̍me Se̍rie، xxxxiv.Inscriptions relevees en Arabie Sa،udite Le Museon، 66 ،1953. PP. 267-317.