أ.د عبدالله بن عبدالرحمن العبدالجبار
أ.د عبدالله بن عبدالرحمن العبدالجبار – قسم التاريخ، جامعة الملك سعود
أ. جابر بن نصرين السهلي – طالب دكتوراه جامعة الملك سعود
ملخص
عندما تطلعت روما لمد نفوذها نحو الشرق في منتصف القرن الثاني قبل الميلاد كان الوهن قد ظهر في الممالك الهلينستية في سوريا ومصر، وأصبحت تعاني من مشاكل جمة. وتعتبر الدولة السلوقية من أشهر هذه الممالك التي طمع فيها الرومان. وبسبب انشغال روما بمشاكل داخل إيطاليا وشمال إفريقيا وعدم وجود تهديد حقيقي في الشرق، كانت تؤجل مشروعها لاحتلال الدولة السلوقية، حتى تفرغ من حل المشاكل القريبة من إيطاليا. وكانت سياسة روما تجاه السلوقيين تعتمد على خلق المشاكل وتشجيع الانقسامات وإذكاء الصراعات الداخلية، فضلًا عن تشجيع الصراعات الخارجية بين الممالك الهلينستية، ليعم الضعف هذه الممالك مما يجعل مهمة احتلالها أمرًا في غاية السهولة، وبفضل هذه السياسة تمكنت روما من إلحاق ضرر فادح باستقرار الممالك الهلينستية؛ أدى إلى انهيارها في النهاية. وأهم الممالك الهيلنستية آنذاك هي الدولة السلوقية في سوريا والبطلمية في مصر.
Abstract
The Role of Rome in the Fall of the Seleucid Kingdom 188-64 BC
When Rome sought to extend its power to the east, by the middle of the second century B.C. the Hellenistic kingdoms in Egypt and Syria were starting to weaken and suffered from many predicaments. The Seleucid state was one of these kingdoms, and probably the most prominent one, that the Romans craved to dominating it. Yet due to Rome engagement with more relevant issues inside Italy and North Africa, and insignificant threat from the east they postponed the conquest of the Seleucid. However, Rome adopted political tactics towards the Seleucid that was based on encouraging divisions, internal conflicts, and fueling external conflicts among Hellenistic kingdoms and their neighboring states, in order to weaken these kingdoms and make acquisition easier. Due to these policies, Rome was able to severely damage the Hellenistic kingdoms, which led eventually to its collapse. The most important Hellenistic states at that time were the Seleucid in Syria and Ptolemaic in Egypt.
المقدمة:
كان سلوقس الأول (312-281ق.م) Seleucus I، أحد القادة العسكريين الذين رافقوا الإسكندر المقدوني (334-323 ق.م) Alxander III of Macedon في حملاته التوسعية، التي سيطر فيها على مناطق شاسعة في العالم القديم. وبعد وفاة الإسكندر دخل قادته في صراع طويل استمر عدة عقود، نتج عنه تقسيم إمبراطوريته، وكانت بابل من نصيب سلوقس الأول في بادئ الأمر، وبعدها سيطر على سوريا؛ ومنها بدأ حكم الأسرة السلوقية 312 ق.م[1]، التي توسعت حتى وصلت حدودها شرقًا إلى البنجاب وشمالًا امتدت لأغلب آسيا الصغرى (خارطة رقم 1 و2)، وقد سبب هذا الاتساع متاعب جمة للدولة السلوقية، علاوة على النزاع الأسري السلوقي[2].
ونظرًا لأهمية موقع سوريا السياسي والتجاري زادت كلفة الاحتفاظ بها، وهذا ما جعل السلوقيين يشتبكون مع جيرانهم في حروب شرسة وطويلة للحفاظ على ممتلكات الدولة السلوقية؛ لأنها تقع بين قوى إقليمية تسعى للسيطرة عليها، أولها البطالمة لتجاورهم وكذلك عدم الاتفاق على الحدود بين كلتا الدولتين؛ أدى ذلك إلى ادعاء كل من السلوقيين والبطالمة امتلاك بعض المناطق الحدودية، وقد تركزت الخلافات حول جوف سوريا [3]Coele Syria وبعض أجزاء آسيا الصغرى[4]. كذلك تطلع الفرثيون شرقًا للسيطرة على بابل وشرق سوريا للوصول إلى موانئ البحر المتوسط.
وبسبب هذه الحروب التي استنزفت قوى السلوقيين، فقد بدأ الضعف يدب في جسد الدولة مبكرًا، وتزامن ذلك مع بداية النفوذ الروماني في المنطقة، ولم تفوِّت روما فرصة التدخل ومد يدها لترتيب البيت السلوقي بما يتوافق مع مصالحها، فقد كان الدعم الروماني الذي تلقّاه أطراف النزاع داخل البيت السلوقي في بادئ الأمر غير مباشر -وذلك عبر حلفاء روما في المنطقة- وسنشاهد تطور هذا الدعم حتى أصبح مباشرًا وعلنيًّا.
وتوفر عدد من الموارد التي كانت تغذي الصراع السلوقي وتزيد من تصعيده، منها أولًا: ضعف الملوك السلوقيين ووقوعهم فريسة بأيدي الوزراء وقادة الجيش، وثانيًا: التدخلات الإقليمية، وخصوصًا البطالمة الذين كانوا يتحينون الفرص للتدخل، وساعدهم في ذلك المصاهرات السياسية التي عقدها السلوقيون مع البطالمة، وقد كان لها أثر فادح على الدولة السلوقية. وأما العنصر الثالث فقد كانت الدولة الرومانية، التي مدت نفوذها في المنطقة وتدخلت في ترتيب البيت السلوقي بما يتناسب مع مصالحها، وتعمدت روما عبر عدة إجراءات إضعاف الدولة السلوقية وتشجيع الصراعات الداخلية حتى تمكنت في النهاية من إسقاطها[5]. وفضلًا عن التدخلات الخارجية شكلت القوى المحلية مثل القبائل العربية واليهود، عنصر ضغط. وقد استفادت هذه القوى من سياسة روما تجاه السلوقيين التي تقوم على تشجيع الانشقاقات الداخلية[6].
جذور المشكلة:
بدأ ضعف الدولة السلوقية مع هزيمة أنطيوخوس الثالث (223-187 ق.م) Antiochus III في معركة ثيرموبيلا Thermopylae عام 191 ق.م، واضطر فيما بعد إلى عقد معاهدة سلام مع روما عرفت بسلام أفاميا Apameia في عام 188 ق.م[7]، ومن أهم بنود هذه المعاهدة:
1-إجبار أنطيوخوس الثالث على دفع تعويضات الحرب التي بلغت 15000 تالنت تُسلّم على دفعات.
2-فرض على أنطيوخوس الثالث أن يسحب حامياته من آسيا الصغرى ويتخلى عن أملاكه في أوروبا.
3-تقديم عشرين رهينة من أبناء الأسرة السلوقية، وأن يكون أحدهم من أبناء أنطيوخوس ليعيشوا في روما.
4-التخلي عن الفيلة التي يستخدمها الجيش السلوقي، وتسليم جميع السفن الحربية لروما[8].
وكانت هذه المعاهدة إقرارًا بخضوع السلوقيين للدولة الرومانية، فقد أُجبر أنطيوخوس على دفع غرامات مالية ضخمة أثقلت كاهل الدولة السلوقية، فضلًا عن تخليه عن أسطوله البحري وتقليص قواته البرية وتنازله عن عدد كبير من الفيلة التي كانت ركيزة القوة في الجيش السلوقي[9]. وبعد سنة من معاهدة أفاميا توفي أنطيوخوس الثالث، الذي كان آخر الملوك الأقوياء، وبرحيله تزايدت وتيرة الصراعات داخل البيت السلوقي وتصاعد معها التدخل الروماني الذي أسهم في تدهور الدولة السلوقية. وتولى العرش السلوقي ابنه سلوقس الرابع Seleucus IV ولم يكن ذا شأن كوالده مما جعله عرضه لمؤامرات القصر واغتيل على يد وزيره المدعو هيلودوروس Heliodorus في عام 175 ق.م[10]. وبعد مقتل سلوقس الرابع، نال أنطيوخوس الرابع Antiochus IV شقيق الملك القتيل، دعم روما في المطالبة بحقه في الحكم، وحصل على الدعم عن طريق حليف روما مملكة برجامة Pergamon، وتمكن أنطيوخوس من مشاركة ابن أخيه في الحكم[11].
حاول البطالمة انتهاز الفرصة بسبب الصراع الذي نشب داخل البيت السلوقي، لذا استعدوا لغزو جنوب سوريا، معتقدين أن انشغال أنطيوخوس الرابع بترتيب أوضاع مملكته سيحول دون تحركه لوقف أطماعهم، ويبدو بأن أخبار الحملة وصلت لأنطيوخوس مما جعله يستبقها؛ بغزو مصر وحصار الإسكندرية عام 170 ق.م[12].
و كانت الدولة الرومانية تراقب أنطيوخوس، فعندما كان أنطيوخوس يحاصر الإسكندرية وفد إليه مبعوث روما، بوبيليوس لايناس Popillius Laenas وقدّم له رسالة مجلس الشيوخ الروماني، تطلب منه التراجع عن حصار الإسكندرية. وبعدما قرأ أنطيوخوس الرسالة طلب من المبعوث مهلة لمناقشة الأمر مع مستشاريه وقادته، ولكن المبعوث الروماني -وفي حركة استفزازية-رسم دائرة حول أنطيوخوس وطلب الرد على الرسالة قبل أن يخطوا خارج تلك الدائرة[13]؛ في تصرف يعكس استهتار روما بأنطيوخوس، ويبين قوة النفوذ الروماني في المنطقة، فما كان من أنطيوخوس إلا الانصياع للتهديد الروماني والانسحاب إلى سوريا. وقد أحدث هذا التدخل الروماني أثرًا بالغًا على السلوقيين والمنطقة، إذ كرّس نفوذ روما وسياستها في إطالة أمد الصراع السلوقي البطلمي لكي تضعف الطرفين[14].
سياسة روما تجاه سوريا:
كانت روما تسعى منذ فترة مبكرة للتوسع خارج الجزيرة الإيطالية، وتهدف سياستها إلى السيطرة على غرب البحر المتوسط وشمال إفريقيا لكي تحمي ظهرها من أي خطر محدق يهددها عندما ترغب في تحويل البوصلة باتجاه الشرق لبسط نفوذها على العالم الإغريقي ومنها لسوريا ومصر، وهذه الأطماع لم يكن تحقيقها أمرًا هيّنًا، فقد اضطرت روما للدخول في حرب طويلة مع قرطاجة “الحروب البونيقية” (264-146 ق.م) Punic Wars، وشكّلت هذه الحرب خطرًا حقيقيًا على روما مع تقدم هانيبال Hannibal (247-182 ق.م)[15] إلى شبه الجزيرة الإيطالية ووصوله إلى شمال إيطاليا، وزادت صعوبة الموقف مع تحالف هانيبال مع ملك مقدونيا Macedonia فيليب الخامس (238-179 ق.م)Philip V، وتدارك الرومان هذا الخطر المحدق بتحريض المدن اليونانية ضد فيليب، مما اضطر الأخير للبقاء لإخضاع المدن الإغريقية المتمردة[16]. وحرص هانيبال على جذب حلفاء أقوياء لحشدهم في صراعه ضد روما، فقد تمكن من كسب الملك السلوقي أنطيوخوس الثالث إلى صفه، وكان أنطيوخوس حذرًا من الدخول مع روما في صدام مباشر، ولكنه في النهاية اضطر لمواجهة روما في معركة خاسرة في مغنيسيا Magnesia عام 189 ق.م، وقد أسهمت تحالفات هانيبال في جذب روما للشرق بعد توريط السلوقيين في معركة خاسرة[17].
كانت روما تخوض حروبًا في عدة جبهات، وهذا الأمر فاقم المشاكل الاقتصادية التي حلت بها، وعلاوة على المشاكل الاقتصادية فقد برز خطر القرصنة في شرق المتوسط، والذي هدد إمدادات القمح التي تصل من مصر عبر البحر، وقد شكل القراصنة قوة لا يستهان بها، وخصوصًا بعد تحالفهم مع مملكة بونتس Pontus[18].وكانت كليكية Cilica من أبرز مراكز القرصنة في شرق المتوسط، ومن المفارقات أن كليكية كانت مقرًا لانطلاق حملات ديودوتوس (تروفون) Diodotus Tryphon[19] عام 138 ق.م عندما كان يحارب أنطيوخوس السابع[20]، ومن المحتمل أن يكون الدعم الذي قدمه تروفون للقراصنة في ذلك الوقت قد شكل النواة الأولى لحركة القرصنة في شرق المتوسط[21]. وكانت حالة عدم الاستقرار في البحر المتوسط، محفزًا كبيرًا لانتشار القرصنة، فضلًا عن ازدياد الطلب على العبيد في روما، مما جعل القرصنة مغرية تجلب الكثير من الأموال على العاملين في هذا المجال، وتزامن ذلك مع بروز نجم مثراداتيس السادس Mithridates VI ملك بونتس[22].
حاول مثراداتيس أن يستفيد من حالة الفراغ السياسي التي سادت مع مطلع القرن الأول قبل الميلاد، لمد نفوذه ليشمل آسيا الصغرى كاملة، والسيطرة على البحر المتوسط، وكانت هذه الطموحات ستصطدم مع روما في نهاية المطاف[23]، وهذا ما دفع مثراداتيس للتحالف مع القراصنة ليكسب قوة بحرية ضاربة ويتجنب مشاكل التصادم معهم، وتوثقت العلاقة بين الطرفين حتى شكلوا حلفًا قويًا، وتمكنوا من إجبار المدن الساحلية للانصياع لمطالبهم[24].
على الرغم من أن روما شرعت قانونًا مع مطلع القرن الأول قبل الميلاد يتوعد القراصنة بالعقاب، ويعد بتوفير السلام في البحر المتوسط ويحمي مصالح روما ومواطنيها وأصدقائها وحلفائها[25]، إلا أن تحرك روما لقمع حركة القراصنة جاء متأخرًا، بسبب المشاكل التي ثارت بداخل روما، وربما لعدم رغبتها في إنهاء الوضع ما دام يخدم مصالحها.
بعدما اشتدت شوكة مثراداتيس والقراصنة وأصبحوا يهددون إمدادات القمح بين مصر وروما، نهضت الأخيرة للقضاء عليهم وطردهم عن طرق الملاحة التي تربط مصر بروما، وفوضت القائد بومبي Pompey بهذه المهمة[26]، فتوجه الأخير على رأس جيش يتألف من 500 سفينة وحوالي 10 آلاف مقاتل، وتمكن من هزيمة مثراداتيس بعد حروب طويلة انتهت في عام 66 ق.م[27]. كسرت الهزيمة التي تعرض لها مثراداتيس شوكة القراصنة ولكنها لم تقضي عليهم تمامًا[28]، وأدركت روما أنه للحفاظ على أمن البحر المتوسط والقضاء على القرصنة، يجب عليها أن تجد حلًّا لمشكلة القبائل الثائرة على السواحل الجنوبية لآسيا الصغرى، التي كانت تمد القراصنة بالرجال، فبدون معالجة هذه المشكلة لن تنتهي ظاهرة القرصنة[29].
وفي الوقت الذي نشطت فيه الدولة الرومانية في التوسع في شرق المتوسط ومد نفوذها على العالم الإغريقي كانت سوريا تمر بمرحلة تفكك، فقد بدأت بوادر انفصال اليهود في وقت مبكر إلا أنها أكثر وضوحًا في عهد أنطيوخوس الرابع[30]، بفضل سياسة روما التي شجعت حركات الانفصال الداخلية لتزيد السلوقيين ضعفًا، وهذا الأمر مهد للتقارب بين اليهود وروما[31]، وعلى الرغم من ذلك فهناك عدة تفسيرات لحركة الانفصال عند اليهود، فالبعض يعزو هذا الحراك إلى موقف اليهود من الأغرقة والثقافة الهلنستية[32]. ولكن عندما نأخذ الصورة كاملة نجد أن تمرد اليهود هو انعكاس لحالة التردي والضعف التي تمر بها الدولة السلوقية، وتطلع اليهود إلى الاستقلال بالحكم. كما أنها تبرز حالة الانقسام بين اليهود إلى معسكرين: أحدهما مع السلوقيين والآخر مع البطالمة[33]، وتطور الأمر بقيام اليهود بالاتصال بالدولة الرومانية للحصول على دعمها للانفصال عن الدولة السلوقية[34]. وقد اضطر أنطيوخوس الرابع لتخفيف حدة الصدام مع اليهود[35]، ليواجه خطر الفرثيين.
وعلى الرغم من قيام أنطيوخوس الرابع بترتيب أمور ولاية العهد إلا أن ذلك لم يخفف من حِدة الصراع بين الوصي الجديد لوسياس Lysias وفيليب Philip؛ الذي انتهى بمقتل الأخير، وأرسلت روما في خضم هذه الأحداث وفدًا إلى سوريا، لتستكشف عن قرب ما يدور داخل البلاط السلوقي؛ بينما هدفها المعلن هو التحقيق في تجاوزات الحكومة السلوقية لبنود معاهدة أفاميا، ومن سوء حظ لوسياس مقتل المبعوث الروماني في سوريا[36]، مما جعله يقع في حرج شديد مع الدولة الرومانية، وعلى الرغم من التكريم الذي أسبغه على جثمان المندوب الروماني، إلا أن هذا لم يشفع له عند روما[37]. وشكّل حادث قتل المبعوث الروماني ذريعة جديدة لروما للتدخل في الشؤون الداخلية السلوقية.
عندما وصلت أخبار وفاة أنطيوخوس الرابع 163ق.م؛ إلى دمتريوس الأول Demetrius I الابن الأكبر لسلوقس الرابع، وقد كان حينها في روما، تقدم بطلب لمجلس الشيوخ ليحصل على دعم روما في مسعاه للوصول لحكم سوريا، إلا أن مجلس الشيوخ رأى أن ملكًا طفلا على العرش السوري تحت وصاية شخص مثل لوسياس أفضل لروما من ملك طموح مثل دمتريوس[38]؛ إلا أن الأخير تمكن من التسلل والوصول إلى سوريا للمطالبة بالعرش، وتمكن من كسب تأييد الناس، واعتلاء العرش عام 161 ق.م.
لم تكن روما راضية عن نجاح دمتريوس، مخافة أن يقف في وجه روما ويعاندها، خصوصًا أنه لم يحضَ بدعمها عندما طالب بعرش سوريا، وكانت روما تخشى أن يناصبها العداء، لذا عندما وصلت الأخبار لروما بنجاح دمتريوس؛ دعمت تيمارخوس Timarchus حاكم ميديا لكي يعلن استقلاله عن دمتريوس، وقد تشجع الأخير بسبب دعم روما ودخل في تحالف مع أرتاكسيس Artaxias ملك أرمينية ضد دمتريوس[39]. وكان هدف روما إضعاف دمتريوس والزج به في صراعات تنهك قواه، وتجعله في نهاية المطاف يذعن لها.
استغل اليهود الصراع لصالحهم واتصلوا بروما، وأسفرت هذه الاتصالات عن تفاهم بين الجانبين وتوقيع معاهدة[40]، وعلى الرغم من أن المعاهدة لم تلزم روما بالكثير تجاه اليهود، إلا أن هذا لم يجعل دمتريوس يتخاذل في إرسال جيش بقيادة باكخيدس Bacchides تمكن من تحقيق نصر في خريف 161 ق.م[41] على يهوذا المكابي [42]Judas Maccabaeus.
وفي محاولة للحد من خطر سياسة روما تجاه سوريا اتصل دمتريوس بملك كبادوكيا أريثيوس Ariarathes محاولًا كسبه لجانبه[43]، وعندما فشل في مساعيه ساعد أخا الملك المدعو أورفيانوس Orophernes للوصول لحكم كبدوكيا ونجح في تنصيب الأخير، ولكن حليفه الجديد لم يفلح في حكم كبدوكيا[44]. وفي هذه الأثناء ادعى شخص يسمى الإسكندر بالس Alexander Balas، أحقيته في حكم سوريا وحصل على دعم مجلس السناتو الروماني[45]، وكذلك تلقى دعم وتأييد البطالمة[46]، ومنذ تلك اللحظة أصبح البطالمة طرفًا رئيسًا في الصراع السلوقي الداخلي، وذلك بدعمهم أحد طرفي النزاع، وهناك عدة أسباب لتدخل البطالمة في الصراع السلوقي؛ فضياع جوف سوريا أثّر على حركة التجارة في الموانئ المصرية وذلك بسبب تحول طرق التجارة للجانب الشرقي للبحر الأحمر مما حرم مصر من مصدر دخل مهم[47]، لذلك جاء تدخل البطالمة للضغط على السلوقيين بسبب الخسائر التي تعرضت لها مصر نتيجة تحول طرق التجارة، فضلًا عن أطماع البطالمة في استعادة جوف سوريا، إذا يبدو أن البطالمة كانوا يعتقدون بوقوف روما في صفهم ضد السلوقيين؛ وهذا الأمر شجعهم على التدخل في الشؤون الداخلية السلوقية.
موقف روما من تدخل البطالمة في سوريا:
مع مطلع منتصف القرن الثاني قبل الميلاد، كانت روما غارقة في مشاكل مع المقدونيين وبعد ذلك خاضت حروبًا شرسة مع الإسبان/ هسبانيا (Hispania) الذين ضاقوا ذرعًا بتجاوزات روما، وكانت هذه الحرب من أشرس الحروب التي خاضها الرومان وقد امتدت عقدين 154 ق.م -133 ق.م[48]، مما جعل روما تنشغل عن الشرق، وهذا الأمر أعطى للبطالمة هامشًا من الحرية كان له دور في زعزعة استقرار سوريا.
وقد أسهمت الظروف الداخلية في سوريا في تعزيز موقف الإسكندر بالاس، فالأنطاكيون قد ضاقوا ذرعًا بتقشف دمتريوس مقارنة بسياسة أسلافه وسخائهم، لذلك كانوا يتطلعون للتغيير[49]. وعندما أحس دمتريوس بعزلته اتصل باليهود ليحصل على دعمهم أو يحيدهم في صراعه مع الإسكندر، وأغرى يوناثان المكابي Jonathan Maccabaeus زعيم اليهود[50]، وحاول الإسكندر أن يقطع الطريق بوجه دمتريوس وذلك باتصاله بيوناثان وبالفعل تمكن من كسبه في صفه[51]، ومن الطبيعي أن يقف اليهود مع الإسكندر بالاس نظرًا لأنه يحظى بدعم روما والبطالمة. وفي نهاية المطاف تمكن الإسكندر من الانتصار على دمتريوس بمشقة بالغة عام 150 ق.م[52].
وبطبيعة الحال لم يكن الإسكندر بالاس جديرًا بحكم سوريا، نظرا لضعف شخصيته وعدم قدرته على السيطرة على زمام الأمور[53]، وزاد الوضع سوءًا عندما ساورت الشكوك حليفه بطليموس السادس Ptolemy VI بأن هنالك محاولة لاغتياله من تدبير بلاط الإسكندر، لذا اتصل بطليموس بدمتريوس الثاني، وعرض عليه الزواج من ابنته ومساعدته في القضاء على الإسكندر بالاس[54]، في مقابل الحصول على جوف سوريا[55]، وبالفعل تمكن دمتريوس 145 ق.م من الوصول للحكم بفضل الدعم الذي تلقاه من بطليموس السادس.
عندما آلت الأمور إلى دمتريوس لم يحسن إدارة شؤون المملكة، مما جعل جنوده يعيثون فسادًا في البلاد وترتب على ذلك مشاكل مهدت لاحتجاجات في أنطاكيا، وبدلًا من إخماد هذه الاحتجاجات والقضاء على مصدرها بمعاقبة الجنود وضبط تصرفاتهم[56]، استعان بقوات يوناثان المكابي، الذي أرسل جيشًا لقمع التمرد[57]، وكانت هذه الحادثة بمنزلة القشة التي قضت على مستقبل دمتريوس السياسي لاحقًا، فقد انتشر السخط في سوريا وتفرق المتمردون يبحثون عمَّن يساعدهم في القضاء على سلطة دمتريوس[58].
ونظرًا لسوء الأوضاع التي حلت بالبلاد أعلن أحد القادة العسكريين ويسمى ديودوتوس (تروفون) Diodotus Tryphon “أنطيوخوس بن الإسكندر بالاس” ملكًا باسم أنطيوخوس السادس Antiochus VI في مدينة أفاميا[59] (خارطة رقم3)، وزادت صعوبة الموقف حتى لم يتح لدمتريوس من تحقيق انتصار على أنطيوخوس السادس، مما جعل البلاد تنقسم إلى مملكتين 145 ق.م، وقد استغل يونثان هذا الضعف الذي لحق بدمتريوس وتعاون مع أنطيوخوس السادس الذي منح يوناثان رتبة “قريب الملك” وحكم المناطق التي سيطر عليها[60]، مما زاد من طمع يوناثان واتصل بروما ليحصل على اعترافها بالأراضي التي آلت إلى حكمه[61].
كما هو متوقع كان التحالف بين أنطيوخوس السادس ويوناثان مؤقتًا بهدف ترتيب الأوراق، فما كاد أنطيوخوس يفرغ من ترتيب أمور الحكم حتى التفت لحليفه وأرسل جيشًا تمكن من قتل يوناثان[62]، إلا أنه لم يستطع أن يكسر شوكة المكابيين. وأعلن فيما بعد نبأ وفاة أنطيوخوس السادس 140 ق.م، وذلك بعدما أجريت له عملية جراحية لم تنجح[63]، وثارت الشكوك حول تورط تروفون في قتل الملك[64]. ولكي يعزز شرعية حكمه أرسل تروفون تمثالًا من ذهب وقطعًا ذهبية بلغ عددها عشرة آلاف قطعة لمجلس الشيوخ الروماني، إلا أن الأخير رفض قبول الهدية مالم يدوَّن عليها اسم الملك القتيل، وهذا دلالة على عدم الاعتراف بحكم تروفون[65]. ويبدو أن الهدية التي قدّمها تروفون لمجلس الشيوخ، قد أرهقت السكان الذين تحملوا عبء توفير هذا الكم الكبير من الذهب، مما أدى إلى زيادة الأعباء الاقتصادية.
وفي ظل هذه الظروف دخل دمتريوس الثاني مفاوضات مع سمعان Simon طمعًا في دعم المكابيين، ووافق سمعان على التحالف مع دمتريوس الثاني[66]، وقد يكون فشل تروفون في الحصول على اعتراف من روما هو الذي شجع سمعان على التحالف مع دمتريوس، فضلًا عن قيام تروفون بقتل يونثان المكابي. ولم يبخل دمتريوس الثاني في إعطاء اليهود المزيد من الاستقلال نظير دعمهم له حتى أصبح لديهم عيدًا للاستقلال[67].
في هذه الأثناء كان الفرثيون قد استولوا على بابل[68] 140 ق.م، وكان دمتريوس الثاني يحتاج لدعم شعبيته بصفته مدافعًا عن الإغريق الذين تعرضوا لسوء المعاملة على يد الفرثيين، لذا جهز جيش وذهب لمحاربة ميثيريداتس الأول Mithridates I، وتمكن في البدء من تحقيق انتصار على جيش الفرثيين، إلا أنه وقع ضحية خديعة وسقط أسيرًا بيد ميثيريداتس[69].
لم يتسنَ لتروفون التفرد بالسلطة في سوريا، فعندما وصلت أخبار أسر دمتريوس الثاني لشقيقه أنطيوخوس 138 ق.م، توجه إلى سوريا[70] وتمكن من كسب تأييد الأهالي، وهرب تروفون إلى بلدة دورا Dora متحصنًا فيها بأمل الحصول على مساعدة من سمعان، إلا أن أنطيوخوس سبقه بإرسال رسالة إلى سمعان يذكره بالصداقة بينهم لكي يحرم تروفون من دعم سمعان[71]، ولم يجد تروفون حلًّا سوى الهروب إلى أفاميا، ويقال بأنه في أثناء انسحابه نثر المال على طول الطريق لكي يؤخر جيش أنطيوخوس الذي سينشغل بجمع المال[72]، وفي النهاية تمكن أنطيوخوس من القبض على خصمه وأجبره على الانتحار[73].
بعدما قضى أنطيوخوس السابع على خصومه في الداخل بدأ يلتفت إلى المشاكل التي تسبب فيها اليهود، خصوصًا أن الشكاوى كانت تصل لأنطيوخوس من رعايا الدولة السلوقية بسبب تعرضهم لهجمات العصابات اليهودية، لذا أرسل أنطيوخوس أثينوبيوس Athenobius ليخبر سمعان بأن عليه دفع 500 تالنت عن الأضرار التي لحقت بموظفي الدولة السلوقية، و500 أخرى عن الأماكن التي تعرضت للاحتلال والتدمير، وحاول سمعان أن يفاوض ليخفض الغرامة إلى 100 تالنت، لكن اثينوبيوس لم يصغِ لمثل هذه المساومة، كما أن وجوده في بلاد سمعان سمح له بمعرفة مقدار الثروة التي حققها اليهود نتيجة الضعف الذي لحق بالدولة السلوقية[74]، في مقابل أن يحصل اليهود على حريتهم وبعض الامتيازات التي تمتعوا بها[75].
ويبدو بأن سمعان اعتقد لوهلة أن مساندته لأنطيوخوس في صراعه ضد تروفون[76] سيشفع له عند الأول، وعلى الرغم من أن الجيش الأول الذي أرسله أنطيوخوس تعرض لهزيمة، إلا أنه تمكن في نهاية المطاف من دخول القدس وبسط نفوذه على اليهود، ولم يستمع أنطيوخوس لمشورة قادته الذين كانوا يقترحون عليه الانتقام من اليهود[77]. في هذه الفترة كانت روما مهتمة بأن يصل للحكم شخص قوي يستطيع أن يقف بوجه الفرثيين[78]، لذلك لم تتدخل روما في الإجراءات السلوقية تجاه اليهود.
لم يكد يفرغ أنطيوخوس السابع من توطيد حكمه حتى بدأ في التجهيز لمحاربة الفرثيين، على الرغم من تحذير المقربين له من خطر الانزلاق في صدام مع الفرثيين في هذه المرحلة، إلا أنه لم يستمع للنصائح، واندفع في حربه ضد الفرثيين يقود جيشًا يعاني من مشاكل جمة[79]، وفي نهاية المطاف خسر وقُتل 129 ق.م[80]. وقبل مقتل أنطيوخوس كان الفرثيون قد أطلقوا سراح دمتريوس الثاني[81]، لكي يساعدهم بإشغال أنطيوخوس في صراع على السلطة، وكان الحظ حليف دمتريوس فبعد مقتل أنطيوخوس، تمكن من الوصول للحكم، وعلى الرغم من ذلك لم يكن في أحسن أحواله بسبب قضائه فترة طويلة مسجونًا لدى الفرثيين[82].
انهيار نظام الحكم السلوقي وانقسام الدولة:
أثمرت سياسة روما تجاه الدولة السلوقية والبطالمة في دفع الطرفين للتورط في صراع أصبح في جزء منه صراعًا أسريًّا، وذلك بفضل سياسة إثارة الفتن والتحريض على الانشقاقات والصراعات المسلحة، انطلاقًا من مبدأ “فرق تسد”[83].فدخلت الدولة السلوقية في أزمة انتهت بانهيارها وتفككها.
وما كاد دمتريوس الثاني يتنفس الصعداء حتى لجأت إليه كليوبترا الثانية Cleopatra II ملكة مصر[84]؛ وطلبت منه مساعدتها على استرجاع ملكها[85]، إلا أنه لم يتمكن من تقديم المساعدة المأمولة منه، كما فتح على نفسه جبهة صراع مع البطالمة هو في غنىً عنها في هذه الفترة الحرجة. وفي المقابل دعم بطليموس الثامن Ptolemy VIII الإسكندر زابيناس Alexander II Zabinas، الذي يدّعي بأنه ابن إسكندر بالاس، وتمكن بفضل البطالمة من الانتصار على دمتريوس الثاني 126 ق.م[86]، وعندما وصل الإسكندر زابيناس للحكم أخذ في ترتيب أوراقه، فتحالف مع هركيانوس الحشموني John Hyrcanus ليتفرغ لحل المشاكل الداخلية[87]. ومن المحتمل بأن زابيناس كان مغامرًا وانتهى به المطاف مقتولًا على يد أنطيوخوس الثامن[88]. وقد حظي أنطيوخوس الثامن بدعم خاله بطليموس الذي زوّجه من ابنته كليوبترا تروفاينا Cleopatra Tryphaena. وقام أنطيوخوس فيما بعد بالتخلص من أمه كليوبترا ثيا Cleopatra Thea بسبب ضغطها عليه وتدخلها في شؤون الحكم[89]، إلا أنه لم يهنأ بذلك فقد خرج عليه أخوه أنطيوخوس التاسع[90]، وعكس الصراع بين الأخوين تدخل البطالمة في الحكم السلوقي لدرجة أن الأخوين تزوجا من أختين بطلميتين.
كان تدخل البطالمة في الشؤون الداخلية السلوقية، من أكثر الكوارث التي حلت بالدولة السلوقية، وخصوصًا بعد المصاهرات السياسية التي عقدها البطالمة مع السلوقيين وذلك بتزويج السلوقيين نساء بطلميات. فكليوبترا ثيا على سبيل المثال تزوجت من أنطيوخوس السابع وأنجبت منه “أنطيوخوس التاسع”، كما أنها تزوجت من دمتريوس الثاني وأنجبت منه “أنطيوخوس الثامن”[91]، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فأبناء كليوبترا ثيا تزوجوا من بطلميات؛ فأنطيوخوس التاسع تزوج من كليوبترا الرابعة، وفي المقابل تزوج أنطيوخوس الثامن من كليوبترا تروفاينا الأخت الكبرى لكليوبترا الرابعة. وقد كانت كليوبترا الرابعة زوجة لبطليموس التاسع، وعندما أجبر الأخير بسبب ضغط أمه “كليوبترا الثالثة” بتطليق زوجه، ذهبت الطليقة إلى سوريا وعرضت نفسها على أنطيوخوس التاسع.
وبسبب المصاهرة السياسية التي ربطت السلوقيين والبطالمة، أصبحت سوريا ساحة للصراع البطلمي الذي تفجر بعد وفاة بطليموس أيوارجتيس الثاني 116 ق.م[92]، وكان الصراع بين الأخوين أنطيوخوس الثامن وأنطيوخوس التاسع، في جزء منه صراع بين الأختين، وهذا ما يفسر قيام كليوبترا الثالثة بالوقوف بثقلها خلف أنطيوخوس الثامن، نكاية في ابنتها كليوبترا الرابعة التي ثارت على والدتها، وهذا شجع أنطيوخوس الثامن على إعدام زوجة شقيقه “كليوبترا الرابعة” بفضل تحريض أختها عام 112 ق.م، وفي السنة التالية تمكن أنطيوخوس التاسع من الاقتصاص لزوجته بإعدام كليوبترا تروفاينا عام 111 ق.م. ولم تنتهِ مشاكل السلوقيين عند هذا الحد، فسرعان ما جاء بطليموس لاتيروس Ptolemy IX Lathyros يطلب الدعم والمساعدة من أنطيوخوس التاسع، ولم يتردد الأخير في دعمه بسبب موقف كليوبترا الثالثة الداعم لأنطيوخوس الثامن.
وانقسمت سوريا بين الأخوين وزاد الانشقاق بتدخل البطالمة في الصراع الذي نشب بين الإخوة، مما جعل اليهود يستغلون الأمر ويتوسعون على حساب الدولة السلوقية، بل إن مجلس الشيوخ الروماني أصدر مرسومًا اعترف باليهود كأصدقاء لروما[93]. وهذا الأمر زاد من الضغوط على السلوقيين. وقد كانت روما حريصة على أن ينهك السلوقيون والبطالمة أنفسهم في صراعات داخلية حتى يتسنى لروما التفرغ لحل المشاكل التي طرأت في حوض البحر المتوسط، وحتى تفرغ روما من حل مشاكلها تكون سوريا ومصر قد أنهكت بالصراعات ولم يعد في وسعهم أن يدفعوا عنهم الأطماع الرومانية، وهذا الأمر سيسهل على روما احتلال مصر وسوريا.
إن الانقسام الذي بدأ يلوح في الأفق في سوريا تزامن مع انشغال روما في التصدي لمشاكل بدأت تتفاقم في شمال أفريقيا، ومشكلة القرصنة في حوض البحر المتوسط التي كانت تحظى بدعم من مملكة بونتس Pontus، وأدركت روما بأنه لكي تقضي نهائيًا على القرصنة فلابد من السيطرة على السواحل الشرقية للبحر المتوسط؛ لأنها أصبحت ملجأ للقراصنة، وخصوصًا السواحل الشمالية الغربية من سوريا بالقرب من أنطاكيا[94]. وتوجه بومبي إلى سوريا لحسم هذه المشكلة، ووصل في سنة 64 ق.م، وقضى على ما تبقى من الدولة السلوقية وذلك بعزل أنطيوخوس الثالث عشر[95]، وكان الأخير قد توسل لبومبي لكي يقره حاكمًا لأنطاكيا إلا أن القائد الروماني وبّخه وذكّره أنه كان مختبأ في كليكيا عندما كان تيجرانس Tigranes the Great يحكم أنطاكيا؛ وأنه غير مؤهل لحكم سوريا وحمايتها من أن تتعرض للنهب من العرب واليهود[96]، وقتل أنطيوخوس الثالث عشر[97] في عام 64 ق.م، على يد أمير حمص شمشقراموس Sampsiceramus.
خاتمة:
كانت سياسة روما تجاه سوريا ترتكز على مراقبة الصراع الداخلي، والتدخل لضمان توازن القوى بين المتصارعين، لكي يستمر الصراع مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تدهور الأوضاع الداخلية ويسهل على روما مهمة احتلال سوريا.
ومن خلال هذه السياسة استعملت روما عددًا من الأساليب، فعلى المستوى السياسي، لجأت إلى عقد المعاهدات السياسية مع اليهود لكي تقطع الطريق في وجه السلوقيين عندما يشرعون في تأديب اليهود وإرجاعهم إلى حظيرة الدولة، وفاقم ذلك من الانقسامات الداخلية في سوريا. كما أن روما تبوأت مكانة سمحت لها بالتحكم بالأمراء السلوقيين عبر اعترافها بشرعية الحاكم أو حجبها عنه، لذلك كان الحكام السلوقيون المتأخرون يتسابقون لكسب صداقة روما واعترافها، مما أفقدهم سيادتهم قبل أن تصل الجيوش الرومانية إلى سوريا. وعلى المستوى العسكري حرصت روما على إضعاف الجيش السلوقي بتقليص عدد الجيش ومنعه من استخدام الفيلة وإرهاقه بصراعات داخلية استنزفت قواه. أما على المستوى الاقتصادي فقد كبلت الدولة السلوقية بديون استمر الملوك السلوقيون في دفعها لروما، فضلًا عن الهدايا والهبات التي يقدمها الملوك السلوقيون لكسب ود روما والحصول على اعترافها، مثلما حدث مع تروفون عندما قدم عشرة آلاف قطعة ذهب لمجلس الشيوخ على الرغم من أنه لم يحصل على مبتغاه.
أدرك البطالمة مغزى سياسة روما تجاه سوريا، لذلك كانوا حريصين على انتهاز الفرصة بمد نفوذهم والتدخل في الشؤون السلوقية، ونظرًا لأن روما ظلت صامته عن تدخلهم، فقد اعتقدوا بأن هذا ضوء أخضر من روما ليطلقوا يدهم في الشأن السلوقي. في نهاية المطاف أثمرت هذه السياسة في تحطيم الدولة السلوقية وانقسامها وتشرذمها؛ مما سهّل الأمر على روما عندما قررت أن تحتل سوريا.
الهوامش:
[1] حسين الشيخ، الشرق الأدنى في العصرين الهللينستي والروماني، (الرياض: مكتبة الرشد، 2008م) ص 172-174.
[2] إبراهيم رزق الله أيوب، التاريخ الروماني، (لبنان: الشركة العالمية للكتاب، 1996م) ص 143.
[3] يقصد بجوف سوريا المنطقة الممتدة من السفوح الشرقية لجبال لبنان الغربية وتشمل البقاع والمنطقة التي بين نهر العاصي وجبال لبنان الشرقية، فضلًا عن جنوب سوريا، وقد توسعت بعض المصادر في مساحة جوف سوريا فجعلتها تبدأ من رفح Raphia كما يشير بولبيوس Polybius انظر Polybius, The Histories, III, Translation by W.R. Paton, (Massachusetts: Harvard University press, 1979), p. 197. وقد ذكر الجغرافي بطليموس كلاوديوس Ptolemy Claudius عددًا من المدن التي تقع في جوف سوريا ومن ضمنها دمشق Damascus وهذا يؤكد بأن حدود جوف سوريا كانت تختلف من كاتب إلى آخر. انظر: بطليموس كلاوديوس والجزيرة العربية، عبدالله العبدالجبار، السيد جاد، (الرياض: دارة الملك عبدالعزيز، 2017م) ص 63-64. ويعود سبب الاختلاف في تحديد مصطلح جوف سوريا بدقة بين الكتاب الكلاسيكية، للظاهرة الجغرافية “البقاع”، انظر: مليحة بنت علي عصبي الزهراني، إقليم جوف سوريا في العصر الهللينستي، (رسالة دكتوراه، كلية الآداب بالدمام، 1423هـ) ص 35-36.
[4] مازن جميل دقة، “العلاقات السلوقية البطلمية في عصر الملك انطيوخس الثالث (الكبير) 223–187 ق.م”، صحيفة دار العلوم للغة العربية وآدابها والدراسات الإسلامية 16،ع33، (يوليو2009م) ص 333.
[5] محمد الزين، “الحلف المكابي-الروماني: فصل من تاريخ فلسطين في العصر الهلنستي”، مجلة دراسات تاريخية-جامعة دمشق، ع 67-68، (كانون الثاني 1999م) ص 23.
[6] مراد محمد إسماعيل، حركات التمرد في الدولة السلوقية في ضوء المصادر اليونانية والرومانية، (رسالة ماجستير، جامعة عين شمس-كلية الآداب، 2010م) ص 162.
[7] John D. Grainger, The fall of the Seleukid Empire 187-75 BC, (Barnsley: Pen & Sword Military, 2015) p. 5
[8] حسن حمزة جواد، نشوء الدولة السلوقية وقيامها: دراسة تاريخية 312-64 ق.م، (رسالة ماجستير، جامعة بغداد، 2008م) ص243-244.
[9] Appian’s, Roman History, II, The Syrian Wars, Translation by Horace White, (London: William Heinemann, 1974), p. 179.
[10] Appian’s, Roman History, II, 191, and Edwyn Robert Bevan, The House of Seleucus, II, (London: Edward Arnold Publishers, 1902) p. 125.
[11] مفيد رائف العابد، سورية في عصر السلوقيين، (دمشق: دار شمال، 1993م) ص 20. تقع مملكة برجامة Pergamum في أقصى غرب أسيا الصغرى، وتعد من أهم حلفاء روما في المنطقة، ودفعها الموقع المتوسط بين السلوقيين والمقدونيين للبحث عن حليف يحفظ استقرارها وأمنها، ولم يكن هنالك سوى روما التي كان بمقدورها أن تمد يد العون لمساعدة مملكة برجامة في حال تعرضها لتهديد من جيرانها، لذلك تحالفت مملكة برجامة في وقت مبكر مع روما وكان لها دور في مساندة روما في صراعها ضد السلوقيين والمقدونيين، انظر Richard Evans, A History of Pergamum: Beyond Hellenistic Kingship, (London: Continuum, 2012), p. 30.
[12] مصطفى العبادي، العصر الهلينستي: مصر، (بيروت: دار النهضة العربية، 1988م) ص 86.
[13] Polybius, The Histories, XXIX, Translation by W.R. Paton, (London: William Heinemann, 1972), p. 91.
[14] وفاء الساعدي رزق الله الساعدي، “النتائج السياسية للتوسع الروماني في شرق المتوسط 27-146 ق.م”، مجلة بحوث الشرق الأوسط-جامعة عين شمس، ع 38 (2016م) ص 342.
[15] هانيبال هو ابن القائد القرطاجي عملكار بركا، ورث مشروع والده واستكمل فتح أسبانيا، وقاد حربًا شرسة ضد روما في الحروب البونيقية الثانية، تميز بقدراته القتالية المميزة التي أرهقت روما في حرب طويلة تصدى لها هانيبال ليدفع عن بلاده خطر الاحتلال الروماني. أنظر اصطيفان اكصيل، تاريخ شمال أفريقيا القديم: التاريخ العسكري لقرطاجة، ترجمة محمد التازي سعود، (الرباط: مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، 2007م) ص 125-155.
[16] ممدوح درويش مصطفى، التاريخ الروماني: من أقدم العصور حتى بداية العصر الإمبراطوري، (الرياض: مكتبة الرشد، 1428هـ) ص 99-100.
[17] Warwick Ball, Rome in the East, (New York: Rutledge, 2014) p. 9-10.
[18] Murat Arslan, “Piracy on the Southern Coast of Asia Minor and Mithridates Eupator”, in Publication of the Research Center of Cilician Archaeology (KAAM)-VIII, ed. Serra Durugonul, Murat Durukan, (Mersin: Mersin University, 2003) p. 195.
[19] قائد عسكري، نشأ في مدينة أفاميا السورية، وخدم في جيش الإسكندر بالاس، وسعى بعد وفاة الأخير للاستيلاء على السلطة، وتمكن من تحقيق مساعيه. أنظر: جان رستو، العرب في العصور القديمة من الآشوريين إلى الأمويين، ج1، ترجمة عبدالله بن عبدالرحمن العبدالجبار والسيد محمد جاد، (الرياض: دار جامعة الملك سعود للنشر، 2016م) ص444-445.
[20] Strabo, The Geography, XIV, Translation by Horace Leonard, (London: William Heinemann, 1960) p. 327.
[21] Alfred S. Bradford, Flying the Black Flag: A Brief History of Piracy, (Westport, Praeger Publishers, 2007) p. 38.
[22] Murat Arslan, “Piracy on the Southern Coast of Asia“, p. 198.
[23] Jesper Majbom Madsen, “The Ambitions of Mithridates VI: Hellenistic Kingship and Modern Interpretations”, in Mithridates VI and the Pontic Kingdom, ed Jakob Munk Hojte, (Denmark: Aarhus University Press, 2009), p. 193.
[24] Bradford, Flying the Black, p. 39.
[25] Arslan, “Piracy on the Southern Coast of Asia“”, p. 201.
[26] Madsen, “The Ambitions of Mithridates VI”, p. 206.
[27] سامح العبدي، تاريخ الرومان، (الرياض: مطابع الحميضي، 1424هـ/ 2003م) ص 116-.117
[28] Bradford, Flying the Black Flag, p. 41.
[29] Henry A. Ormerod, Piracy in the Ancient World: An Essay in Mediterranean History, (Liverpool: Liverpool University Press, 1924), p. 212.
[30] Louis H. Feldman, Jewish Life and thought among Greeks and Romans, (Edinburgh: T&T Clark, 1996), p. 147.
[31] هنالك عدة حركات انفصالية شهدتها الدولة السلوقية ومنها القبائل العربية التي بدأت في الضغط على الدولة السلوقية لتحصل على مكاسب، وبعض هذه القبائل العربية تمكنت فيما بعد من تأسيس إمارات محلية مثل حمص، والفارق بين القبائل العربية واليهود، هو أن اليهود أول من اتصل بالدولة الرومانية وتعاون معها ضد الدولة السلوقية في وقت مبكر 161 ق.م. انظر L. T. Zollschan, “The Earliest Jewish Embassy to the Romans: 2 Macc. 4:11?,” Journal of Jewish Studies, Vol. LV, No 1, (2004) p. 37-38، بينما لم تتواصل القبائل العربية مع روما ولم تتعامل معها حتى وصل الرومان لسوريا واسقطوا الدولة السلوقية. انظر Cicero, The Letters to his Friends, III, translated by M. Cary, (London; William Heinemann LTD, 1960) p. 230.
[32] عيسى اسعد الخوري، تاريخ حمص: منذ نشأتها الأولى إلى ظهور الإسلام 2300 ق.م-622م، ج1، (طرابلس: مكتبة السائح، 1983م) ص 262.
[33] Shailer Mathews, “Antiochus Epiphanes and the Jewish State”, The Biblical World 14, No.1, (1899): 15.
[34] L.T. Zollschan, “The Earliest Jewish Embassy to the Romans: 2 Macc. 4:11?”,Journal of Jewish studies LV, 1, (2004): 42.
[35] أبو اليسر عبدالعظيم فرح، “موقف الملك أنطيوخس الرابع من اليهود في فلسطين”، مجلة مركز الدراسات البردية والنقوش-جامعة عين شمس25، (2008م): 52.
[36] Appian, Roman History, p. 195.
[37] العابد، سورية في عصر السلوقيون، ص 128.
[38] Appian, Roman History, p. 191.
[39] Diodorus Siculus, The Library of History, XXXI, Translation by Francis R. Walton, (London: William Heinemann, 1957) p. 387.
[40] الزين، “الحلف المكابي الروماني: فصل من تاريخ فلسطين في العصر الهلنستي”، ص 29.
[41] Peter Schäfer, The History of the Jews in the Greco-Roman World, (London: Routledge, 2003) p. 51.
[42] يهوذا المكابي هو ابن ماثياس Mattathis، برز يهوذا المكابي في الفترة الممتدة من 167-160 ق.م، وشارك في جيش والده في حروب العصابات ضد الدولة السلوقية، وأصبح فيما بعد من ألد أعداء السلوقيين. انظر Schäfer, The History of the Jews in the Greco-Roman World, p. 46-47.
[43] العابد، سورية في عصر السلوقيين، ص 130.
[44] Polybius, The Histories, III, 13.
[45] Polybius, The Histories, XXXIII, 289.
[46] Appian, Roman History, p. 233.
[47] سيد أحمد علي الناصري، “الصراع على البحر الأحمر في عصر البطالمة”، في دراسات تاريخ الجزيرة العربية، الكتاب الثاني: الجزيرة العربية قبل الإسلام، إشراف عبدالرحمن الطيب الأنصاري، (الرياض: مطابع جامعة الملك سعود، 1404هـ) ص 414.
[48] إبراهيم نصحي، تاريخ الرومان: من أقدم العصور حتى عام 133 ق.م، (القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، د.ت) 1: 333.
[49] Siculus, The Library of History, XXXI, p. 395..
[50] The Works of Flavius Josephus, Translated by William Whiston, (Michigan: Baker Book House, 1979) p. 212.
[51] The Works of Flavius, p. 214.
[52] The Works of Flavius, p. 215.
[53] Diodorus Siculus, The Library of History, XXXIII, Translation by Francis R. Walton, (London: William Heinemann, 1967) p. 7.
[54] John Whitehorne, Cleopatras, (London: Routledge, 1994) p. 105.
[55] Siculus, The Library of History, XXXII, 445.
[56] Siculus, The Library of History, XXXIII, 9.
[57] The Works of Flavius, p. 227.
[58] Edmund Spenser Bouchier, A short history of Antioch: 300 B.C-1268 A.D, (London: Basil Blackwell, 1921) p. 38.
[59] Edwyn Robert, The House of Seleucus, p. 226.
[60] The Works of Flavius, p. 229.
[61] Schäfer, The History of the Jews, p. 56.
[62] The Works of Flavius, p. 235.
[63] Livy, Rome’s Mediterranean Empire, Translated by Jane D. Chaplin, (Oxford: Oxford University Press, 2007) p. 268.
[64] Bevan, The House of Seleucus, II, 230.
[65] Siculus, The Library of History, XXXIII, 47.
[66] Schäfer, The History of the Jews, p. 57.
[67] العابد، سورية في عصر السلوقيين، ص 138.
[68] حسن بيرنيا، تاريخ إيران القديم: من البداية حتى نهاية العهد الساساني، ترجمة محمد نورالدين عبدالمنعم، (القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2013) ص 278.
[69] Bevan, The House, II, p. 234.
[70] Appian, Roman History, p. 233.
[71] The Works of Flavius, p. 241.
[72] Sextus Julius Frontinus, The Stratagems and The Aqueducts of Rome, Translated by Charles E. Bennett, (London: William Heinemann, 1925) p. 197.
[73] The Geography of Strabo, VI, translated by Horace Leonard Jones, (London: William Heinemann, 1960) p. 327.
[74] Bevan, The House, II, p. 238-239.
[75] Henry Cotton, The Five Books of Maccabees in English, (Oxford: Oxford University Press, 1832), p. 139.
[76] The Works of Flavius, p. 241.
[77] Siculus, The Library of History, XXXIV, I, 53.
[78] نسبة لفرثيا Parthia وهي منطقة في شرق إيران، اشتق منها اسم الدولة الفرثية، التي توسعت وشكلت إمبراطورية مدت نفوذها إلى مناطق عدة، وبدأ يزداد نفوذ الفرثيين مع وصول مثراداتيس الأول Mithridates I (195-132 ق.م) للحكم في عام 175 ق.م، وبدأ في مد نفوذ دولته نحو الشرق والجنوب، وبعد تأمين حدوده تطلع نحو الغرب وبدأ يتوسع على حساب الدولة السلوقية التي كانت تعاني من مشاكل داخلية. انظر Neilson C. Debevoise, A Political History of Parthia, (Chicago: The University Press, 1938) p. 19-25.
[79] Justin, Cornelius Nepos, and Eutropius, Translated John Selby Watson, (London: George Bell and sons, 1876) p. 263-264.
[80] Siculus, The Library of History, XXXIV, 105.
[81] The Works of Flavius, p. 246.
[82] The Works of Flavius, p. 246.
[83] رزق الله، “النتائج السياسية للتوسع الروماني في شرق البحر المتوسط 146-27 ق.م،” ص 342.
[84] John, Cleopatras, p. 119.
[85] العبادي، العصر الهلينستي، ص 90.
[86] John, Cleopatras, p. 105.
[87] The Works of Flavius, p. 249.
[88] Siculus, The Library of History, XXXIV, 117.
[89] Justinus, Philippic Histories, XXXIX.
[90] Appian, Roman History, p. 235.
[91] Appian, Roman History, p. 235.
[92] محمد عواد حسين، “النزاع الأسرى في مصر البطلمية من عام 116 إلى عام 80 ق.م،” حوليات آداب جامعة عين شمس، مج2، مايو، (1953م): 111-112.
[93] العابد، سورية في عصر السلوقيين، ص 146.
[94] Downey, A History of Antioch, p. 140.
[95] Appian’s, Roman History, p. 237.
[96] Justin, Cornelius Nepos, p. 271.
[97] Siculus, The Library of History, XL, 277.
قائمة المصادر والمراجع العربية
-ابراهيم نصحي، تاريخ الرومان: من أقدم العصور حتى عام 133 ق.م، (القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، د.ت).
-ابو اليسر عبدالعظيم فرح، “موقف الملك أنطيوخس الرابع من اليهود في فلسطين”، مجلة مركز الدراسات البردية والنقوش-جامعة عين شمس 25، (2008م).
-……………..، “دور اليهود في الصراع على العرش السلوقي”، مجلة الدراسات البردية والنقوش، جامعة عين شمس، ع 24، (2007م).
–بطليموس كلاوديوس والجزيرة العربية، عبدالله العبدالجبار والسيد جاد، (الرياض: دارة الملك عبدالعزيز، 1439هـ).
-حسن بيرنيا، تاريخ إيران القديم: من البداية حتى نهاية العهد الساساني، ترجمة محمد نورالدين عبدالمنعم، (القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2013).
-سامح العبدي، تاريخ الرومان، (الرياض: مطابع الحميضي، 1424هـ).
-سيد أحمد علي الناصري، “الصراع على البحر الأحمر في عصر البطالمة”، في دراسات تاريخ الجزيرة العربية، الكتاب الثاني: الجزيرة العربية قبل الإسلام، إشراف عبدالرحمن الطيب الأنصاري، (الرياض: مطابع جامعة الملك سعود، 1404ه).
-عيسى اسعد الخوري، تاريخ حمص، منذ نشأتها الأولى إلى ظهور الإسلام 2300ق.م-622 م، (طرابلس: مكتبة السائح، 1983م).
-مازن جميل دقة، “العلاقات السلوقية البطلمية في عصر الملك انطيوخس الثالث (الكبير) 223 – 187ق.م”، صحيفة دار العلوم للغة العربية وآدابها والدراسات الإسلامية16، ع 33، (2009م).
-محمد الزين، “الحلف المكابي الروماني: فصل من تاريخ فلسطين في العصر الهلنستي”، مجلة دراسات تاريخية، ع67-76، (1999م).
-محمد عواد حسين، “النزاع الأسرى في مصر البطلمية من عام 116إلى عام 80ق.م” حوليات آداب جامعة عين شمس 2، مايو، (1953م).
-مصطفى العبادي، العصر الهلينستي: مصر، (بيروت: دار النهضة العربية، 1988م).
-مفيد رائف العابد، سورية في عصر السلوقيين، (دمشق: دار شمال، 1993م).
-مليحة بنت علي عصبي الزهراني، إقليم جوف سوريا في العصر الهللينستي، (رسالة دكتوراه، كلية الآداب بالدمام، 1423هـ).
-ممدوح درويش مصطفى، التاريخ الروماني: من أقدم العصور حتى بداية العصر الإمبراطوري، (الرياض: مكتبة الرشد، 1428هـ).
-وفاء الساعدي رزق الله، “النتائج السياسية للتوسع الروماني في شرق البحر المتوسط 146-27 ق.م،” مركز بحوث الشرق الأوسط، جامعة عين شمس، ع 38، مارس، (2016م).
قائمة المصادر والمراجع الأجنبية
–Alfred S. Bradford, Flying the Black Flag: A Brief History of Piracy (Westport, Praeger Publishers, 2007).
-Appian’s, Roman History, II, The Syrian Wars, Translation by Horace White (London: William Heinemann, 1974).
-Diodorus Siculus, The Library of History, Translation by Francis R. Walton (London: William Heinemann, 1967).
-…………., The Library of History, XXXI, Translation by Francis R. Walton (London: William Heinemann, 1957).
-Edmund Spenser Bouchier, A short history of Antioch: 300 B.C-1268 A.D (London: Basil Blackwell, 1921).
-Edwyn Robert Bevan, The House of Seleucus, II (London: Edward Arnold Publishers, 1902).
-Henry A. Ormerod, Piracy in the Ancient World: An Essay in Mediterranean History, (Liverpool: Liverpool University Press, 1924).
-Henry Cotton, The Five Books of Maccabees in English (Oxford: Oxford University Press, 1832).
-Jesper Majbom Madsen, “The Ambitions of Mithridates VI: Hellenistic Kingship and Modern Interpretations”, in Mithridates VI and the Pontic Kingdom, ed. Jakob Munk Hojte (Denmark: Aarhus University Press, 2009).
-John Whitehorne, Cleopatras (London: Routledge, 1994).
–Justin, Cornelius Nepos, and Eutropius, translated John Selby Watson (London, George Bell and sons, 1876).
-Livy, Rome’s Mediterranean Empire, Translated by Jane D. Chaplin (Oxford: Oxford University Press, 2007).
-Louis H. Feldman, Jewish Life and Thought among Greeks and Romans (Edinburgh: T&T Clark, 1996).
-L.T. Zollschan, “The Earliest Jewish Embassy to the Romans: 2 Macc. 4:11?” Journal of Jewish studies LV, 1, (2004).
-Murat Arslan, “Piracy On the Southern Coast of Asia Minor and Mithridates Eupator”, in Publication of The Research Center of Cilician Archaeology (KAAM)-VIII, ed Serra Durugonul, Murat Durukan (Mersin: Mersin University, 2003).
–Neilson C. Debevoise, A Political History of Parthia, (Chicago: The University Press, 1938).
–John D. Grainger, The fall of the Seleukid Empire 187-75 BC, (Barnsley: Pen & Sword Military, 2015).
-Peter Schäfer, The History of the Jews in the Greco-Roman World, (London: Routledge, 2003).
-Polybius, The Histories, Translation by W.R. Paton (London: William Heinemann, 1972).
-…………., The Histories, III, Translation by W.R. Paton (London: William Heinemann, 1957).
–Richard Evans, A History of Pergamum: Beyond Hellenistic Kingship, (London: Continuum, 2012).
-Sextus Julius Frontinus, The Stratagems and The Aqueducts of Rome, Translated by Charles E. Bennett (London: William Heinemann, 1925).
-Shailer Mathews, “Antiochus Epiphanes and the Jewish State”, The Biblical World 14, No.1 (1899).
–The Geography of Strabo, VI, translated by Horace Leonard Jones, (London: William Heinemann, 1960).
-…………., XIV, Translation by Horace Leonard (London: William Heinemann, 1960).
–The Works of Flavius Josephus, translated by William Whiston (Michigan: Baker Book House, 1979).
– Warwick Ball, Rome in the East, (New York: Routledge, 2014).
خارطة رقم ( 1) حدود الدولة السلوقية باتجاه الشرق وممتلكاتها سابقًا، نقلا عن جواد، نشوء الدولة السلوقية وقيامها، ص353.
خارطة رقم (2) الأجزاء الوسطى والغربية من حدود الدولة السلوقية، نقلًا عن جواد، نشوء الدولة السلوقية وقيامها، ص 354.
خارطة رقم (3) المدن السلوقية ومدينة افاميا (اباميا) التي انطلقت منها حركة تروفون، المرجع Ball, Rome in the East, p. 33