مركز عدن للدراسات التاريخية

الحاكم والفقراء .. (جهود سلاطين المماليك لتوفير الاحتياجات الأساسية للفقراء في مصر أوقات الرخاء ونوبات الغلاء)

د. مصطفى وجيه مصطفى

دكتور/ مصطفى وجيه مصطفى إبراهيم – أستاذ مشارك تاريخ العصور الوسطى

كلية الدراسات الإسلامية – ولاية منيسوتا الأمريكية

الملخص:

 تعد الحياة الاقتصادية في أية مجتمع إنساني من أكثر المظاهر تأثرًا بالوضع السياسي السائد في ذلك المجتمع، كما أنها تعد أشد الجوانب تأثرًا بما يحدث في تلك الدائرة الاجتماعية من تغييرات سياسية وانعكاسات ناتجة من تطور طبيعة المنهج المتبع في نظام الحكم، فضلًا عن ذلك فقد وجد نوع من الارتباط الطردي بين الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي في جميع المجتمعات الإنسانية دون استثناء.

 وفي هذا الإطار كان للاستقرار السياسي الذي عرفته مصر في عصر سلاطين المماليك انعكاس واضح على النواحي الحضارية التي وجدت كل الاهتمام والعناية من سلاطين هذه الدولة، حيث أولوا اهتماما خاصا بالتنظيم الإداري والمالي وأوجدوا وظائف ودواوين متعددة وشهد الجانب الاقتصادي نموًّا وازدهارًا كبيرًا نتيجة للاستقرار السياسي والتنظيم الإداري والمالي، وكان التطور الثقافي والعمراني من أهم ثمار هذا الاستقرار، وأدى كل ذلك إلى مظاهر الرفاهية التي عاشتها دولة سلاطين المماليك.

 وفي هذا البحث سوف نقوم برصد صور من جهود سلاطين المماليك إزاء الفقراء في مصر، والتي تنوعت بين توفير الطعام والعمل على تواجده بكل حزم وقوة.

Governor and poor

The efforts of the Mamluk sultans to provide the basic needs of the poor in Egypt are times of prosperity and time of high prices.

Dr / Mustafa Wageeh Mustafa

 Economic life in any human society is one of the most affected by the political situation prevailing in that society. It is also the most affected by what is happening in that social circle of political changes and the repercussions of the evolution of the nature of the approach used in the system of government. In addition، Between political stability and economic prosperity in all human societies without exception.

 In this context، the political stability that Egypt experienced in the era of the Mamluk Sultans was a clear reflection on the civilized aspects that found all the attention and care of the sultans of this country. They paid special attention to the administrative and financial organization and created multiple jobs and documents. The economic aspect witnessed great growth and prosperity as a result of stability. Political and administrative and financial، and cultural and urban development was one of the most important fruits of this stability، and all this led to the manifestations of prosperity experienced by the Mamluk Sultans

 In this research we will monitor the efforts of the Mamluk sultans towards the poor in Egypt، which varied between providing food and working on its presence firmly and forcefully.

المقـدمة:

حكمت دولة المماليك أجزاء ليس بقليلة من المنطقة العربية فترة تزيد على مائتين وسبعين عامًا (648-932هـ) وقد أولى سلاطينها، مماليكهم عناية فائقة؛ وشملوهم بالرعاية الطبية والتعليمية والشخصية؛ وحرصوا على تدريبهم تدريبًا صارمًا. ولما كان هذا النظام من أهم أركان الدولة، كان السلطان، وهو من المماليك أصلًا، يدرك أهمية المماليك في حمايته. وقد نتجت عن ذلك حقيقتان: أولاهما أن المماليك كانوا يتّسمون بالغيرة والحماسة الدينية؛ وثانيتهما أنهم ارتبطوا بالولاء الشخصي لسيدهم الإقطاعي، سواء كان هو السلطان أو أحد كبار الأمراء الإقطاعيين، والأهم من ذلك هو أن كرسي العرش كان قائمًا على أساس مبدأ “الحكم لمن غلب”.

أولًا-الاهتمام بالحياة الزراعية:

فإن الدارس لتاريخ مصر في العصر المملوكي يلحظ أن سلاطين هذا العصر ورجال دولتهم أمَّنوا معيشة الفقراء إلى حد معقول، ومنعوا ولاة الأقاليم ومدبري الولايات من ظلم الرعية ولعل ما يؤكد هذا مقولة الأمير ططر مدبر مملكة السلطان أحمد بن المؤيد شيخ سنة 824هـ، لصدر الدين العجمي محتسب القاهرة: “… لا تظلم أحدًا من السوقة وإلا شنقتك على باب زويلة…”[1] وكذلك مقولة السلطان جقمق للمحتسب سنة 865هـ: “…لا تأخذ من السوقة شيئًا مما كان يأخذه أمثالك، واجتهد في إصلاح البضائع والنصيحة لجميع الرعية، وإن كان رزقك ضعيفًا فأخبرني حتى أزيده…”([2]).

هذا الحرص على عدم ظلم العامة وتوفير ما يحتاجونه من ضروريات الحياة، كان سمة الدولة في فترات قوتها في نواحٍ عديدة، ففي الجانب الغذائي مثلًا – وهو المهم – وفروا الحاجيات اللازمة من المواد الأولية المرتبطة بالمواد الفلاحية ومشتقاتها، فانتعشت معظم الصنائع الأساسية، التي تكفي حاجيات الناس المعيشية اليومية، ففي بداية اعتلائهم سدة الحكم، اهتم المماليك بالزراعة اهتمامًا كبيرًا؛ لأن الدولة تقوم بالأساس على نظام الإقطاع الزراعي، كما أن الزراعة المصرية في عصر المماليك كانت فِي مجملها زراعية/ غذائية، واهتمامهم هذا من شأنه توفير الغذاء والترف في آن واحد؛ واهتموا بالثروة الحيوانية فعملوا على تنميتها ورعايتها([3]). فانبسطت أحوال الناس في الدولة الأولى، بفضل حكمة سلاطينها وبذل الجهود للارتقاء بالحالة الاقتصادية، نذكر هنا على سبيل المثال ما أشارت إليه المصادر عن المنصور قلاوون الذي ما كان يعلم بأرض لم تصلها الماء أو شيء يعرقل العملية الإنتاجية للغذاء حتى كان يكتب إلى ولاته بجمع أرباب من المهندسين وغيرهم، ويأمرهم بالخروج على الفور لعمل ما فيه المصلحة للبلاد والعباد([4]). وفي ذلك يشير شافع بن علي إلى أنه عندما علم قلاوون بعدم وصول الماء إلى أرض بإقليم البحيرة “…فبادر مولانا السلطان بنفسه وجيشه وأمراء دولته وخاصكية خدمهِ وتوجه إلى الأعمال.. فرأيته منتصبًا بنفسه من الشمس إلى الظل، وأمراء دولته وخاصكية ملكه، يعملون بالقفة في الطين…” ولم يزل هناك يتابع العمل بنفسه حتى اكتملت الإصلاحات ووصل الماء إلى الأرض ورويت وزُرعت([5]).

كما أشارت المصادر إلى اهتمام الناصر محمد بن قلاوون[6] بتعمير الأراضي وإقامة الجسور وتنمية الزراعة والصناعة، فانعكس ذلك على أحوال الغذاء في عهده([7]) “… فزاد في أيامه خراج مصر زيادة هائلة في سائر الأقاليم، وكان إذا سمع بشراقي بلد أو قرية من القرى أهمّه ذلك وسأل المقطع بها عن أحوال القرية المذكورة، بل كلما وقع بصره عليه، ولا يزال يفحص عن ذلك حتى يتوصل إلى ريّها بكل ما تصل قدرته إليه، كل ذلك وصاحبها لا يسأله في شيء من أمرها فيكلمه بعض الأمراء في ذلك فيقول: هذه قريتي، وأنا الملزم بها والمسئول عنها، فكان هذا دأبه. وكان يفرح إذا سأله بعض الأجناد في عمل مصلحة بلده بسبب عمل جسر أو تقاوي أو غير ذلك، وينبُل ذلك الرجل في عينه، ويفعل له ما طلبه من غير توقف ولا ملل في إخراج المال، فإن كلَّمه أحد في ذلك فيقول: فلم نجمع المال في بيت مال المسلمين إلا لهذا المعنى وغيره! فهذه كانت عوائده…” ويستطرد أبو المحاسن في ذكر الكثير من اجتهادات الناصر محمد في مجال الإنتاج والارتقاء به ويبين آثار ذلك الجهد بقوله: “وعلى هذا ازدادت الديار المصرية في أيامه مقدار النصف…”([8]).

ونعتقد أن روايات المصادر تنم عن التدبير العقلاني للمداخيل والذي يعد إجراءً اقتصاديًا متميزًا، وكان لهذا الإجراء أهمية قصوى تجلَّت في أهمية العائدات التي استفاد منها بيت المال من ناحية، ومن ناحية أخرى تدل النصوص السابقة على قوة سلاطين الدولة – الأولى– ونفاذ أمرهم على أمرائهم؛ كما توضح صورة الهرم الإقطاعي الذي يتربع السلطان على قمته ويعد نفسه صاحب كل شيء، ويشهد على ذلك قول الناصر محمد “هذه قريتي” مع أنها تتبع في إقطاعها أحد أمرائه. ومن جهة أخرى؛ يتضح مما سبق نشاط السلطة القائمة وعلى رأسها السلطان تجاه الجانب الاقتصادي والجوانب الأخرى محاولة منهم في إصلاح شئون البلاد، وحتى إن كان هذا النشاط بغرض زيادة المداخيل الجبائية، إلا أننا يمكننا القول إنه نظرًا لأن أراضي الإقطاعات كانت تتبع – من الناحية النظرية على الأقل- بيت المال فكان لزامًا عليهم أن يعملوا شيئًا يُظهر أمام الرعية حبهم للإصلاح، وعدم إسرافهم في إهدار أموال المسلمين، بل الظهور بمظهر المحافظين عليها والعاملين على زيادتها؛ وهذا ما قد يؤدي إلى رضى فئات المجتمع بحكامه والعمل على مساندتهم.([9]).

وعلى هذا الأساس؛ كان سلاطين المماليك في طور القوة لا يتوانون في إنزال العقوبات فيمن أدين من عمالهم بالتعسف الذي كان يستهدف شرائح واسعة من المستضعفين، وهذا ابن حجر يشير في حوادث سنة 793ه أنه عندما بلغ السلطان فساد بعض ولاة الأقاليم وظلمهم للفلاحين، فأمر أن يعزل جميع ولاة الأعمال بالريف وألّا يولَّي عليها أحد ممن كان قد وُلي، فاختار النائب ثلاثة أنفس فولاهم بغير رشوة، حتى لا يحاولوا تعويض ما بذلوه على حساب الفلاح والإنتاج الغذائي بالتأكيد([10]).

ثانيًا- جهود سلاطين المماليك في تخفيض الضرائب:

الملاحظ أن المماليك الأوائل، وإن وفروا الأمن والاستقرار، في عهودهم، إلا أنهم فرضوا ضرائب على السكان، وهذه الضرائب التي فُرضت عليهم كانت معتدلة أحيانًا، وأدى ذلك الاعتدال الضريبي إلى توافر السلع الغذائية وكثرة الصناعات وانتشارها ورواجها وتسويقها واستقرار أسعارها حتى بالنسبة للسوّال والشحاذين، فتشير المصادر إلى توافر الغذاء بكثرة في أوقات الاستقرار([11])، علاوة على إدراك المماليك لمسألة أن الإسراف في فرض الضرائب سيؤلب عليهم الرعية؛ ولهذا أدخلوا إصلاحات في هذا المجال سواء بالعمل على ثبات سعر العملة، مثلما فعل بيبرس سنة 662ه عندما رُفعت إليه قصة مفادها ضمان دار الضرب ووقف التعامل بالدراهم العتيقة “وأن ضمانهم مبلغ مائتي ألف وخمسين ألف درهم: فأمر السلطان أن يحط من ضمانهم مبلغ خمسين ألف درهم، وقال: “..لا نؤذي الناس في أموالهم..”([12]).

وعبارة بيبرس لا يجب أن نأخذها بمأخذ التقوى والورع بقدر ما يمكن أن نستدل بها على ذكاء الظاهر بيبرس الذي كان يعمل على تأسيس الدولة ومحاولة إيقافها على أرض ثابتة، وتيقنه أن التلاعب في سعر العملة قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء التي كانت شاغل المجتمع المصري آنذاك؛ ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى نفور الرعية من الحكم وخلق الاضطرابات، وهو ما لا يتوافق مع سياسة الدولة في مرحلة التأسيس.

وقد اتبع منهاج بيبرس في سياسته تلك، كثير ممن جاء بعده من السلاطين، بشكل جديّ. فكان أول ما اعتمده المنصور قلاوون عند جلوسه على تخت السلطنة إذ أمر بإبطال زكاة الدولة بالديار المصرية وكانت قد أجحفت بالرعية؛ لأنها كانت تؤخذ من مستخدمي الآلات في الري أو صناعة السكر([13]).. وبطبيعة الحال فإن القائمين على هذه الصناعات كانوا يرفعون من سعر إنتاجهم حتى يسدوا المغارم التي تُفرض عليهم مما يؤدي إلى إنهاك الفئات الفقيرة وقلة غذائها، ويشرح لنا شافع بن علي آثار تلك الضريبة التي كانت مفروضة على الناس وألغاها السلطان قائلًا: “…ذكر مظلمة عظيمة أزالها مولانا السلطان، كان الناس في شدة شديدة من أمر لم يفرضه الله تعالى من زكاة يقال لها الدولبة أفقرت التجار وعفت وما عفت الآثار، وخربت الديار. وهي زكاة مقررة تؤخذ في كل سنة من غير وجوب ولا متجر به التاجر يؤوب، وبطل جماعة التجار من جورها وهي منهم تجبى والحريم يهرب أزواجهم تسبى…”([14]) فكان إلغاؤها من محاسن قلاوون من ناحية، كما ساعد على اعتدال السعر واستقراره من ناحية أخرى، وفي الصدد نفسه أمر قلاوون بمسامحة الفلاحين على أموال كثيرة كانت انكسرت عليهم، ولم يستطيعوا تسديدها([15]). وكان أول ما اعتمده السلطان الأشرف خليل بن قلاوون بعدما تولى الحكم أيضًا أن أمر سنة 693هـ برفع المظالم عن الناس([16]). وهذا أيضًا إن كان من سمته أن يؤدي إلى حب الرعية لسلطانهم الجديد؛ فهو في الوقت نفسه يعمل على انخفاض الأسعار وتظل المواد الغذائية بمقدور الشرائح المستضعفة.

وكان الناصر محمد كثير الاجتهاد لما فيه الإصلاح وزيادة الإنتاج، وسار على طريق أبيه وأخيه في التخفيف عن الرعية وإلغاء الضرائب بين الحين والآخر، ومن ذلك، المرسوم الشهير الذي أصدره عام 715هـ بإبطال ضرائب من عدة جهات نذكر منها ما يتصل بالغذاء، ويأتي في مقدمتها “مكس ساحل الغلة” التي كان الناس فيها في أنواع من الشدائد لكثرة المغارم والتعب والظلم، فإن أمرها كان يدور ما بين ظلم نواتية المراكب والكيالين والمشدين والكتاب؛ وكان المقرر منها على كل إردب مبلغ درهمين للسلطان ويلحقه نصف درهم آخر سوى ما يُنهب، وكان لهذا المكس ديوان في بولاق، وكان في هذه الجهة نحو الستين رجلًا، ما بين نظار ومستوفين وكتاب وثلاثين جنديًا. وكانت غلال الأقاليم لا تباع إلا فيه([17]). وطالما أن التاجر كان يبذل مالًا لإرضاء العاملين في هذه الجهة غير الضرائب الرسمية للديوان، فكان لابد له أن يعوض ما دفعه على حساب المستهلك برفعه قيمة الغلة الغذائية، فكان إلغاء الناصر لذلك المكس من النعم العظيمة على العباد([18]).

ومن المغارم التي أبطلها الناصر محمد أيضًا وعملت على استقرار الأحوال المعيشية لفئات المجتمع المصري آنذاك “مكس نصف السمسرة” ويعني أنه من باع شيئًا فإن دلالته على كل مائة درهم درهمين، يؤخذ منهما درهم للسلطان؛ فصار الدلال يحسب حسابه، ويخلص درهمه قبل درهم السلطان. كما ألغى الناصر” رسوم الولايات والمقدمين والنواب والشرطية “وكانت جهة تتعلق بالولاة والمقدمين فيجبيها المذكورون من عرفاء الأسواق، ومن ثم يقوم العرفاء بجباية ذلك من الباعة فيرتفع السعر([19]). ومما ألغاه أيضًا “مقرر الحوائص والبغال”. وهي تجبى من القاهرة وسائر معاملات مصر كلها من الوجهين القبلي والبحري، فكان على كل من الولاة والمقدمين مقر يحمل في كل قسط من أقساط السنة إلى بيت المال عن ثمن حياصة ثلاثمائة درهم، وعن ثمن بغل خمسمائة درهم، وكان عليها عدة مقطعين سوى ما يحمل، يجمعونها من عامة أهل مصر، وكان فيها من الظلم بلاء عظيم([20]).

وفي السياق ذاته، يذكر المقريزي إلغاء الناصر محمد للضريبة المعروفة “بمقرر طرح الفراريج” فيقول: “…وكان فيها من العسف والظلم وأخذ الأموال من الأرامل والفقراء والأيتام ما لا يمكن شرحه وعليها عدة مقطعين ومرتبات، ولكل إقليم ضامن مفرد ولا يقدر أحد أن يشتري فرُّوجًا فما فوقه إلا من الضامن…”([21]). كما ألغى “مقرر الفرسان” وهي شيء يستهديه الولاة والمقدمون من سائر الأقاليم، فَيُجْبَى من مُهَجِ أهل مصر وقلوبهم لذلك مال عظيم، يؤخذ فيه الدرهم ثلاثة لكثرة الظلم([22]). وكان إلغاؤه ” لمقرر الأقصاب والمعاصر” ذا نفع عظيم على الرعية؛ لأنه كان يجبى من مزارعي الأقصاب وأرباب المعاصر ورجال المعصرة، أي مغارم على السكر إنتاجًا وتوزيعًا، وألغى مكس “حماية المراكب” وهي تجبى من سائر المراكب التي في النيل بمُقرر معين على كل مركب يقال له “مقرر الحماية” سواء كانت المراكب ناقلة للزراعات الغذائية أو غيرها، وتجبى أيضًا من المسافرين في المراكب أغنياء كانوا أو فقراء، كما ألغى أيضًا “مكس متوفر الجراريف” وتجبى من المهندسين والولاة بسائر الأقاليم([23]).

والملاحظ، أن كل تلك الضرائب التي ألغاها الناصر محمد كانت مفروضة على كل مواد المعيشة تقريبًا، أو بمعنى أخر كانت سببًا مباشرًا في ارتفاع ما ارتفع سعره من مواد الطعام والشراب؛ لأن صاحب المركب مثلًا مطلوب منه ضرائب فإن كان الإردب ثمنه 15 درهمًا، فيباع بـ 20 درهمًا بسبب مكس ساحل الغلة ومكس المراكب… وغير ذلك؛ وتلك المغارم تؤدي إلى ارتفاع أثمان الغذاء أو نقص وزنها وقلة جودتها، وفي كلتا الحالتين فإن الأكثر تضررًا من ذلك هو المستهلك المطحون في ظروف المعيشة البائسة، ومن ناحية أخرى نجد أن الناصر محمد كان يملك فراسة الحكم؛ لأنه ألغى ضرائب على السلع التي تباع في المدن وضرائب على مراكب التجار، وضرائب على الفلاحين، أي إنه يساعد بذلك الفلاح (المنتج الرئيس) وتاجر الجملة وتاجر التجزئة والمستهلك الفقير أيضًا، وكل ذلك يوضح قوة دور الدولة في مجال توفير احتياجات عامة مصر الأساسية المعيشية في أثناء فترات الازدهار.

على أية حال، فإنه يمكننا القول: إن سياسة إلغاء الضرائب -التي كانت تؤدي إلى استقرار الأوضاع المعيشية-ظلت سياسة قائمة بشكل قوي حتى نهاية عصر الظاهر برقوق تقريبًا([24])، وليس معنى ذلك أن هذه السياسة اختفت من الوجود تمامًا في دولة المماليك الثانية، بل على العكس تمامًا، فقد ظلت قائمة حتى الأيام الأخيرة من عمر الدولة([25]). ولكن في حقيقة الأمر فإن هذه السياسة في عصر الجراكسة لم تكن – غالبا-سوى إجراءات دعائية، كانت تبرز مع عهد كل سلطان جديد، مما يعني أن المكس بعد أن صدر قرار بإلغائه عاد إلى الوجود ثانية؛ ويكشف هذا الإجراء في أواخر الدولة عن شيوع جملة من المكوس والمغارم واجهتها المصادر الرسمية بغطاء من الصمت، بحيث لم تبرز إلا لإظهار يُمن عهد سلطان جديد من خلال إسقاطها ورفع جورها عن الناس.

وفي هذا الصدد، أوردت المصادر أن محتسب القاهرة قام بإلغاء ضريبة المشاهرة والمجامعة في سنة 857هـ وكذلك فعل من بعده عبد العزيز بن محمد الصغير، عندما تولى الحسبة في سنة 858هـ “… وأظهر النداء في أسواق البلد أنه لا مشاهرة ولا مجامعة، ولا غير ذلك من أنواع الغرامات والكشف بعد ثلاثة أيام وقال: ما الدرة (السوط) أنا لا أعرف ما هي، وإنما ضربي بالمقارع، فخاف منه الباعة خوفًا عظيمًا…”، واتبعهما في نفس الأمر محتسب القاهرة في سنة 863هـ([26]). وهو ما يؤكد ما ذهبنا إليه بأن السياسة الإصلاحية في المجال الضريبي عصر المماليك الجراكسة لم تكن مستمرة لفترة طويلة، يُدعم ذلك أن محتسب القاهرة أبطل المشاهرة والمجامعة أيضًا سنة 872هـ([27]). وفي ذلك يتحسر ابن إياس ويقول: “… فبطل ذلك مدة يسيرة، ثم عاد بعد ذلك كل شيء على حاله…”([28])، ثم يعود في سنة 919هـ ليتحدث عن إلغاء الضريبة نفسها مرة أخرى في جمادى الآخر من السنة المذكورة، حتى عدَّها من الغرائب([29]).

ومما تجدر إليه الإشارة، هو أنه إذا كنا قد تحدثنا عن سياسة الدولة تجاه ضريبة واحدة هي المشاهرة والمجامعة، فإننا نؤكد على أن الضرائب الأخرى كانت سياسة الدولة حيالها في شطرها الثاني تسير بموازاة مع تلك الضريبة، مثل ما عُرف باسم “مكس الفاكهة” الذي كان مفروض على باعة الفاكهة بالأسواق، فعلى الرغم من إبطال المؤيد شيخ ذلك المكس سنة 823هـ وأمر بنقش القرار على جامعه([30]).فإنه عاد إلى الوجود ثانية عام 825هـ بأمر الوزير([31]).

وربما كان السلاطين الأواخر مجبورين على ذلك لمواجهة خطر المجاعة النقدية والعينية التي حلَّت بالدولة الحربية جراء فراغ بيت المال؛ لأن الدولة الجركسية هي من جنت آثار تدهور نظام الإقطاع الحربي؛ وليس معنى كلامنا هو أننا نقوم بدور محامٍ عن المماليك الجراكسة؛ بل العكس من ذلك، فالحقيقة أن الدولة كانت قائمة على نظام الإقطاع الزراعي، وهذا النظام ورثه سلاطين المماليك عن أسيادهم الأيوبيين، وكانت آثاره متوقعة منذ بداية العمل به ونتيجة طبيعية لإفرازات ذلك النظام من إهمال الأرض والجسور… وعندما حلَّت دولة الجراكسة محل البحرية كانت الآثار السيئة قد بدأت في الظهور، ونتيجة لتخبط سياسات الدولة في كافة النواحي وعدم الاهتمام بإصلاحات شأنها الاهتمام بالري أو الزراعة.. كان ميراثهم هو مجاعات عينية ونقدية لسد نفقات الحروب والترف الذي لم يتنازلوا عنه، فاستعاضوا لتعويض ذلك بضرائب، أثرت سلبًا في الأنشطة الحرفية والفلاحية والتجارية، وبمعنى آخر كان لزامًا على دولة المماليك الثانية بعدما طالها الفساد والخراب أن تفرض ضرائب غير طبيعية على الرعية لتستعين بها على النقص المالي والعيني الذي ظل يواجهها حتى سقطت، وإذا تساءل البعض لما كانت تصدر مراسيم بإلغاء بعض الضرائب بين الحين والآخر؟ وما الذي دفعهم للعودة إلى فرضها مرة أخرى؟ فنقول: إن الإجابة على ذلك -كما قلنا – هي إجراءات دعائية إما لصالح السلطان الجديد لبيان حسناته أو إلغائها ابتغاء الأجر والثواب من الله تعالى إبان المجاعات والأوبئة، ثم تعود سيرتها الأولى، كما أن هناك عاملًا غاية في الأهمية بشأن ذلك وهو أن بعض السلاطين في أثناء أزمات الغلاء بالتحديد تنازلوا عن ضرائب معينة حتى لا تتفاقم الأمور وينتشر السلب والنهب وتخرب الديار على رأس حاكمها، علاوة على الرغبة في ظهور الحاكم بمظهر العالم بشعور رعيته، والعامل على تيسير الأمور أمامهم وتخفيف حدة الأوضاع السيئة التي يحيونها، فإلغاء بعض الضرائب هنا يأتي ضمن محاولة السلطة تهدئة الرأي العام ومنعًا لتفاقمه.

ثالثًا-محاربة الفساد:

الجدير بالذكر هنا هو أن بعض سلاطين الجراكسة الذين كان لهم أرضية ثابتة في حكم البلاد مثل برقوق عملوا على أن تشمل الضرائب جميع الواقعين تحت حكمهم حتى الأمراء والأجناد دون مفاضلة أو حماية أحد لأحد؛ لأن نظام الحمايات كما ذكرنا كان يعمل على حماية بعض التجار أو الفلاحين أو أصحاب الحوانيت من رماية بعض السلع مقابل مبلغ من المال يدفعونه للحامي([32]). وهذا سيؤدي أيضًا إلى أن يكون المبلغ المطلوب تسديده مفروضًا على عدد كبير من الناس فيكون الأمر على عظمه، إلا أنه هين إذا ما فرضت على مجموعة واحدة([33]).

لذلك، ساوى برقوق بين الجميع، ويشير إلى ذلك ابن الصيرفي في حوادث سنة 797هـ فيقول: “وفي يوم السبت جلس السلطان بالميدان تحت القلعة لخلاص المظلومين والحكم بينهم… وطلب مباشري الأمراء وقال لهم: “بلغني أنكم تحمون البلاد!” فحلفوا عن ذلك فأجابهم: “متى سمعت أن أحدًا حمى بلدًا نقبت جنبه بالمقارع وأشهُرُه بالقاهرة مسمّرًا بالحديد وأوسطه، بل يكون الأمراء والأجناد متساوون في المغارم”. وكتب بذلك إلى الكشاف والولاة وألا يحمي أحد أحدًا من المغارم ولا يحمي أحدًا الفلاحين…”([34]). أي أن الضرائب كانت موزعة على الجميع، ومن ناحية ثانية عمل بعض سلاطين دولة المماليك البحرية والجراكسة أيضًا على المحافظة على استقرار سوق الغذاء بمنعهم الرشي، فمثلًا قال السلطان خشقدم سنة 865هـ للمحتسب، وهو الأمير تنم رصاص: لا تأخذ من السوقة شيئًا مما كان يأخذه أمثالك، واجتهد في إصلاح البضائع والنصيحة لجميع الرعية، وإن كان رزقك ضعيفًا فأخبرني حتى أزيده، فكف عن الأخذ للرشى، فانصلح أمر الناس، ورخصت جميع الأسعار.. فارتجت الأسواق، وجميع المحال، بالدعاء للسلطان..”([35]). وفي سنة 894هـ تفقد السلطان الأسواق فوجد الأسعار مرتفعة فطلب السلطان كسباي المحتسب فوبخه وقرَّعه –ضربه بالمقارع – وأنكر عليه كونه لم ينظر في المصالح بنفسه وأمر به فبطح وضرب زيادة على العشرين عصا، فنزل إلى القاهرة وبعث أعوانه لإحضار الباعة والسماسرة وهددوهم، وأعاد الاستقرار لأسعار المأكولات([36]).

كما كانت السلطات المملوكية تعمل في أوقات الاستقرار على دعم السوق والعمل على وجود كافة السلع الغذائية فيه، وإذا ما حدث انكماش أو قلة معروض من سلعة غذائية ما، فإن الدولة تسارع بتوفيرها للاستهلاك مثلما كان الحال في سنة 752هـ حيث ارتفع سعر اللحم بالقاهرة وعز وجوده ووقف حال المعاملين فأبطلهم الوزير، وصار يشتري الأغنام من أربابها بالثمن نقدًا وعدَّا، وكتب إلى الشام وإلى الوجه القبلي وبعث الأموال لتحصيل الأغنام فوصلت بعد ذلك الأغنام وانحط السعر([37]).

ونلحظ أيضا في هذا الصدد، تكرار مصادر أواخر العصر لحالات تصف فيها صغر رغيف الخبز إلى أقل من الرطل حتى صار الرغيف نصف رطل في بعض السنين ولا نجد المحتسب ولا الدولة تحرك ساكنا حيال ذلك([38])، وربما يكون هذا السكوت يعني اتجاه سياسة الدولة لتلك التصرفات خوفا من جنون الأسعار، فعمدت إلى إنقاص وزنه مع المحافظة على سعر يكون في متناول الناس، فيصبح الخبز متوفرًا في الأسواق وفي مقدور الفئات الفقيرة، وتبعا للمستوى الاقتصادي يشتري المستهلك من الكمية ما يكفيه؛ وذلك يعد أحد الحلول التي استخدمتها الدولة حيال الغذاء.

رابعًا-المحافظة على أمن المنتِج:

وكيفما كان الأمر؛ فإنه بالموازاة مع التخفيف الضريبي بين الحين والأخر، درجت دولة المماليك على تأمين الإنتاج الغذائي إذا ما حدث له تهديدات طبيعية كانت أو بشرية، وتتمثل التهديدات الطبيعية في انهيار الجسور أو الشراقي.. أو غير ذلك مما من شأنه تعويق عملية الزراعة وقلة الإنتاج، وفي هذا المضمار قامت الدولة بجهود كبيرة في أوقات الاستقرار لتأمين الغذاء. وإذا كانت معظم الدراسات المهتمة باقتصاد المجال المعني بالدراسة تجمع على تنوع الإنتاج الغذائي/ الزراعي بمصر عصر سلاطين المماليك -كما تدل على ذلك الأدبيات الفلاحية والجغرافية-فهذا لا يعني بالضرورة أن الغذاء كان بمأمن دائمًا لعدة اعتبارات منها: اضطراب أحوال النيل، وسرعة تبدله وتغيره، فأحيانًا يسود الجفاف والقحط، وأحيانًا أخرى تشتد الزيادة والغرق. إلى جانب تعقد البنية العقارية للأراضي الزراعية من الناحيتين الاستغلالية والقانونية. وعلى هذا الأساس كانت عملية الغذاء برمتها محكومة بدور الدولة، فكلما نشطت وأقامت الجسور، واهتمت بالتطهير والحفير كانت مساحة الأرض المزروعة في ازدياد والإنتاج الغذائي في اكتفاء، وكان هذا الجهد ميزة تميزت به الدولة الأولى عن الثانية من حيث الاهتمام بالجسور وكشفها والعمل على إصلاح الماء وحفر الخلجان([39])، وليس أدل على ذلك من إفاضة المصادر المعاصرة في ترجمتها لسلاطين الدولة وذِكر أعمالهم الكثيرة واهتماماتهم بتأمين الإنتاج والاستفادة بأكبر قدر من مياه النيل في الزراعة لتوفير الغذاء اللازم([40]).

وفي التهديدات البشرية التي كانت تؤثر على احتياجات الفقراء المعيشية وتصدت لها الدولة بقوة، ثورات العربان وتعدِّيهم على المزروعات ونهبها، وما كانت تسببه من آثار على اقتصاد الدولة.. فقد تحدثت المصادر عن دور الدولة في ذلك، ونلاحظ أن دولة المماليك الأولى (648-784هـ) قد شهدت ثلاث ثورات عربية كبرى من هذا النوع، وكان مركزها الصعيد: الأولى: سنة 651هـ المرتبطة باسم حصن الدين بن ثعلب([41])، والثانية: سنة 701هـ، ولم تشر المصادر إلى أسماء معينة([42]). والثالثة: سنة 754هـ تزعمها شخص يسمى محمد بن واصل المعروف بالأحدب من قبيلة عرك بالصعيد([43]). وفي عصر دولة المماليك الثانية (874-923هـ) شملت ثورات العربان جميع أقاليم مصر، وبخاصة البحيرة والشرقية مع استمرارها في الصعيد، فلا يمر عام إلا ويخرج العربان على الدولة في أحد الأقاليم. وكان أكثر هذه الثورات فردية وليست جماعية، مما يسهل القضاء عليها من قبل المماليك الذين تميزوا بالبراعة القتالية([44]).

وفي حقيقة الأمر، فإن الشاهد من مقارنة ثورات العربان عصر البحرية بثوراتهم عصر البرجية هي قلتها في عصر البحرية، على الرغم من مقاومة البرجية لهم بشدة إلا أن قلتها عصر البحرية بالتأكيد كان سببه قوة السلطة المركزية مع محدودية الجور والمصادرات التي تسببت في قلاقل العربان إذا ما قورنت بالدولة الثانية، كما تشير إلى ارتعاش يد الدولة تجاههم في الشطر الثاني، وهو ما أدركه العربان؛ لذلك تعددت اضطراباتهم التي وصفتها المصادر المعاصرة بعبارات تدل على أفعالهم مثل “كثر فسادهم” و “أكثروا من الفساد” و “كثر فساد لهانة وهوارة ” أو “وكانت الفتن ونفاق العربان” “نافقت العربان بالصعيد” وكذلك “خرج عربان الوجه القبلي عن الطاعة” وغير ذلك كثير من الصفات التي لاصقتهم نتيجة أفعالهم([45]).

كما إن قلاقل العربان كانت تزيد من تفاقم الأوضاع الغذائية؛ فقطعهم للجسور في أثناء صراعهم مع السلطة يؤدي إلى غرق الأراضي المزروعة، وهو ما يتسبب في غرق الزرع أو غرق جرون الغلال([46]). كما أن غاراتهم على القرى ونهبها وذبحهم للفلاحين تسهم في تناقص الأيدي المنتجة في أماكن الإنتاج، أو فرار الفلاحين من القرى بأنفسهم فرارًا من الذبح.. وعدم وصول التموين الغذائي للقاهرة والمدن التي تعتمد على القرى بشكل كامل ونهبهم معاصر السكر وأخذ آلاتها سيؤدي إلى خراب أهم صناعة غذائية وقلة المتحصل منها([47]).

لذلك كله، لم تكن السلطة المملوكية لتقف مكتوفة الأيدي أمام تهديدات العربان لغذاء الدولة من ناحية، وتأثر التجارة الداخلية التي هي إحدى أعمدة الدولة الرئيسة من ناحية أخرى، أو السماح بانتقاص أحد من هيبة الدولة وسيطرتها من ناحية ثالثة، كما أن قطعهم الطرق يؤدي إلى عدم وصول التجار من الوجه القبلي والأقاليم إلى القاهرة والمدن؛ فإذا كانت هناك أزمة اشتدت حدَّتها، وإن كان هناك استقرار تحدث أزمة بسبب ذلك([48]). كل تلك الأمور دفعت الدولة لتجريد الحملات العسكرية التي تميزت بالقسوة والشدة المفرطة، وتعددت أساليب عقابهم للمفسدين من توسيط وتسمير وعصر([49]) ونشر الأجسام وسلخ الجلود وشَيّ بالنار، ودفن الأحياء وتعليق رؤوس القتلى في رقاب نسائهم، وبناء مآذن من رؤوس القتلى، وسبي النساء ومصادرة الأموال..([50]).

فقد حدث في سنة 701هـ أن كثر فساد العربان بالوجه القبلي، وتعدى شرهم في قطع الطريق فقلَّ الجالب وخاف التجار؛ لأنهم فرضوا على التجار وأرباب المعايش بأسيوط ومنفلوط فرائض جبوها، واستخفوا بالولاة ومنعوا الخراج وأكثروا من الفساد… فتوجه الأمراء لمحاربتهم وقسموا أنفسهم أربعة كتائب “…وضرب الأمراء على الوجه القبلي حلقة كحلقة الصيد، وقد عميت أخبارهم على أهل الصعيد، فطرقوا البلاد على حين غفلة من أهلها، ووضعوا السيف من الجيزية بالبر الغربي، والإطفحية من الشرق، فلم يتركوا أحدًا حتى قتلوه.. ووقع الرعب في قلوب العربان حتى طبقت عليهم الأمراء، وأخذوهم من كل جهة فروا إليها…”، وتقاسموا ما نهبوه من الغلال والحيوانات وغيره وأمَّنوا الطريق([51]). وفي سنة 791هـ توجه أربعون أميرًا من المقدمين والطبلخاناه والعشروات إلى الشرقية للكبس على العربان الزهيرية([52]). وقد كثر عبثهم وعظم فسادهم في الريف، فسار الأمراء إليهم وشنوا عليهم الغارات وقتلوا منهم جماعة، وأسروا آخرين بلغوا 300 رجل وجلبوا من متحصلاتهم ما استطاعوا، وعادوا بهم بعدما أمَّنوا البلاد([53]).

والشاهد هنا هو عمل المماليك، في أثناء قوتهم على فرض سيطرتهم، والعمل على تأمين وصول الإمدادات الغذائية بصورة منتظمة، علاوة على المحافظة على سعر احتياجات الناس الأساسية وتواجدها بأسواقها، وجعلها في متناول الشرائح الفقيرة؛ لأن فرض الإتاوة سوف يؤدي إلى البيع بسعر مرتفع، كما أن حجب الخراج سيعمل على قلة الغلال بالشون وأسواق البلاد المستهلكة.

لذلك، كانت القيادة السياسية للدولة المملوكية تعمل على إحكام سيطرتها على مناطق الإنتاج بتعيينها موظفين ذي جبروت وتأمرهم باتباع القسوة تجاه كل من يحاول انتقاص هيبة الدولة، وفي هذا الصدد أورد اليوسفي وصية الناصر محمد بن قلاوون لأحد الأمراء ممن عينهم كاشفًا للشرقية قائلًا له: “…أريد منك أن تعمل عملًا أرضى به عنك في أهل الشرقية، وأكبرك بعدها، فقال له: عليّ أن أرضيك وأُسخط الله تعالى، فخلع عليه وركب إلى بلبيس، وشرع في كبس أهلها وبلادها، وابتدأ مهمته بقتل ستين شخصًا، وادّعى أنهم من المفسدين، وأمعن في قتل الناس حتى قيل: “إن الرطب الذي يأتي من بلبيس لا يأكله أحد لا في الشرقية ولا في غيرها من كثرة الطير الذي يقف على جثث الموسّطين ثم يطير على النخل..”!([54]).

ومن جهة أخرى، اتبعت الدولة المملوكية تجاه مخاطر العربان سياسة الرومان، وهي سياسة “فرق تسد” بين قبائل العربان، أو ما يُعرف بـ”عرب الطاعة” و”عرب المعصية” واستخدام “عرب الطاعة” في قتال “عرب المعصية” في مقابل جعلهم أمراء للعرب في هذه الأقاليم، وتقديم أصاغر العربان على أكابرهم([55])، ولا شك من أن الهدف من هذه السياسة هو شق الصف وبث الخلافات بين القبائل العربية وإشغالهم بصرعات داخلية، بدلًا من توحدهم في وجه الدولة، والمستفيد من ذلك هو السلطة المملوكية. كما استخدم المماليك الأعراب كحماة للطرق والتجار مقابل أموال مقررة لهم، نظير حمايتهم للتجارة وهذه مناورة ذكية من السلطة، حتى إنه في عهد السلطان بيبرس كانت “…المرأة تسافر من القاهرة إلى الشام بمفردها راكبة أو ماشية لا تحمل زادًا ولا ماء…”([56])، هذا الأمان عمل على زيادة القوافل التجارية من وإلى القاهرة والتي تضم سلعًا غذائية، فتكثر بالبلاد وتزدهر الأسواق بتواجد السلع فيها، وهو الأمر الذي يُبين دور الدولة في مجال توفير الاحتياجات المعيشية مرة أخرى.

أضف إلى ما تقدم، محاولات الدولة إحكام سيطرتها على الأقاليم صاحبة الثقل في توفير المواد الخام الزراعية والصناعية بصورة أكثر قوة، عن طريق استحداث بعض الوظائف العسكرية في الأقاليم؛ لضمان استقرار التجارة الداخلية، ومسيرة الحالة الاقتصادية إلى الأفضل؛ فبعدما كان هناك نائب واحد للسلطنة، استحدثت الدولة وظيفة نائب الوجه القبلي وآخر للوجه البحري؛ يختارهما السلطان من بين أمراء المئين مقدمي الألوف، على أن يكون مقر نيابة الوجه القبلي مدينة أسيوط، ومقر نيابة الوجه البحري مدينة دمنهور بالبحيرة أو بلبيس بالشرقية([57]).

ومهمة نائب الوجه القبلي هي: “…ألا يُمكِّن أحدًا من العرب ولا الفلاحين أن يركب فرسًا، ولا يُمكِّنهم من حمل السلاح ولا ابتياعه ولا استعارته ولا استيداعه؛ لأنه يعده للخروج على الدولة، وعلى ذلك فقد وجب على نائب الوجه القبلي تحذير هؤلاء العرب من مخالفة هذه الأوامر وإلا تعرضوا للقتل من جانب الدولة…”([58]). كما كانت نفس التعليمات لنائب الوجه البحري([59])، ومن المؤكد أن اتجاه السلطة إلى ذلك هو وجود رغبة في إحكام السيطرة على البلاد المنتجة، ووضعها في قبضة قوية.

وربما كان الاهتمام المملوكي بتحجيم العربان راجع بنسبة كبيرة إلى نظام الجيش المملوكي نفسه، القائم على نظام الإقطاع الحربي، الذي يعد المصدر الرئيس لدخل سلاطين المماليك وأمرائهم وجنودهم، أي قوت يومهم، وبما أن الخراج كان المصدر الأساس لدخل الدولة في ذلك الحين، فإن الامتناع عن دفع الخراج أو تهديد وصوله يعني ضرب نظام الإقطاع في مقتل وحرمان المقطعين من موارد دخلهم وهم من الأمراء والجنود ومن ثَمَّ إضعاف الجيش، الذي هو الركيزة الأساسية لوجودهم في الحكم وفي البلاد أصلًا، ولم تخف المصادر ذلك، ففي سنة 700هـ يقول ابن أيبك: إن العربان “…تسلطوا تسلطًا عظيمًا حتى منعوا الجند والأمراء إقطاعاتهم وخراجاتهم بجميع الصعيد…”([60]). ويقول بيبرس الدودار أيضًا: “…منعوا الحقوق واعتمدوا العقوق وقطع أراذلهم الطريق وهاشوا على الأجناد…”([61]). ويوضح العيني أن العرب طمعوا “…في مغل الأمراء والجند ومنعوا الحقوق، فأصلح تلك البلاد حتى أخذ الناس مغلهم كاملًا…”([62]). وعندما ثار عربان الصعيد سنة 754هـ “…كسروا مغل الأمراء والأجناد…”([63]). هذه النصوص وغيرها مما ورد في المصادر، تفسر أسباب كثرة الحملات المملوكية ضد الأعراب في نواحي مصر المختلفة، والتي كانت تقلم أظافر العربان بالاستيلاء على كل ما يملكون من خيل وجِمَال.

خامسًا-الاهتمام بالتصنيع والتوزيع:

 طالما أننا قد تحدثنا عن جهود الدولة في مجال توفير الحاجات المعيشية لأفراد المجتمع المصري من حيث تأمينها وتوفيرها، فيجدر بنا أن نشير إلى دورها أيضًا في الاهتمام بالتوزيع والتصنيع والاستهلاك في أوقات الاستقرار خاصة في المدن، إذ إن من طبيعة المدن الاستهلاك ورواج الصناعات الغذائية؛ لذلك احتاج القائمون على هذه الصناعات والحرف المتصلة بمطاعم الناس ومشاربهم إلى الرقابة والصرامة فيما يخص الجودة في الإعداد، أو السعر. وهنا تتبين ثقل الأعباء الملقاة على عاتق المحتسب المسئول أمام السلطان والناس عن كل ذلك، فعلى الرغم من أن الحسبة كانت تقع في المرتبة الخامسة بين الوظائف الديوانية والدينية في مصر المملوكية، إلا أنها كانت أخطرها لارتباطها بحياة الناس اليومية عامة؛ ولذلك وجد في مصر –آنذاك- محتسب للقاهرة ويقوم بتعيين نواب له في الوجه البحري يكون دورهم مراقبة الأسواق والعمل على تأمين معاش الناس وطعامهم، وإلى جانبه وجد محتسب الفسطاط ويقوم بتعيين نواب له في الوجه القبلي أيضًا له الاختصاصات نفسها، وإلى جانب هذين كان للإسكندرية محتسب أيضًا([64]).

سادسًا-رقابة المحتسب على الأطعمة والأشربة:

وفي واقع الأمر، فإن سياسة تعدد المحتسبين كانت تتماشى بالضرورة مع التطور الذي حدث في العصر المملوكي، فقد شهدت الدولة الأولى استقرارًا اقتصاديًا، وتعددت المداخيل المالية بها، ونشطت الحركة التجارية فيها، وارتفعت معدلات السكان بالبلاد، فكان لزامًا أن تتعدد احتياجات الناس المعيشية، وتكثر المعروضات وباعتها، وقد تطلب ذلك موظفين ومراقبين، فأدى إلى تعدد المحتسبين والمعاونين لهم. ولا شك أن تعدد الوظائف المرتبطة بالمراقبة والإشراف يُعد دليلًا في حد ذاته على دور الدولة لمراعاة حاجات المصريين في تلك الفترة.

ففي فترات الاستقرار سعت الدولة لتكريس سلطتها داخل السوق المصرية لأهميتها الفائقة في نظم التجارة كآخر مكان تستقر فيه السلع؛ ونظرًا لأن التجار والباعة وأرباب الأسواق كانوا يستعملون صنجًا وأرطالًا ومكاييل، كان لا بد من نظام دقيق للأسواق منعًا للتلاعب في الموازين والمكاييل وغش السلع والأسعار وجباية الضرائب والرسوم المقررة؛ لذلك فقد عرفَت الأسواق، أي أماكن التوزيع، في القاهرة وغيرها من الأقاليم بالرقابة الصارمة من قبل الدولة المملوكية حيث خصصت لهذه الأسواق موظفا من قبلها وهو “المحتسب” له عرفاء يختارهم بنفسه، فيأخذ من كل طائفة حرفية أنشط أعضائها لتتخذه الدولة عريفًا على طائفته ليخبر المحتسب عن سلعهم وبضائعهم، ومدى جودتها ورداءتها وأسعار أثمانها، وغير ذلك من الأسباب التي تلزم معرفتها([65])، وهؤلاء العرفاء كانوا الواسطة بين الدولة من ناحية، وبين أرباب الصنائع من ناحية أخرى. وقد أدى ذلك العمل إلى تحسين المنتجات اللازمة للفقراء وغير الفقراء ومراعاة الصحة العامة لأهل البلاد، ولا غرو أن تهتم الدول في عهود قوتها بتوفير التجهيزات اللازمة لتطوير وإنعاش التجارة؛ لهذا أقدمت على بناء دكاكين وحوانيت تؤجَّر للتجار وإعدادها.. إلى جانب بناء الأسواق والفنادق والقيساريات وترميمها([66]).

كما راعت السلطة في اختيارها للمحتسب، أن يكون ملمًا بأدق زوايا الحياة العملية التي يشرف عليها من تجارة وصناعة وبيع وشراء.. وغيرها؛ حتى تنكشف أمامه طرق الغش التي تصيب الحياة الاقتصادية. فوجود الحسبة واستقرارها دليل على إحساس المجتمع بتنظيم أفراده وطبقاته واستقرار أسعاره، ونشاط أسواقه، وصحة موازينه وصنجه ومكاييله، كما أن خللها يؤدي إلى تدهور اقتصاديات الدولة؛ وبالتالي تدهور الحالة الاستهلاكية والصحة العامة لأفراد المجتمع من ناحية. وتراجع المداخيل الجبائية التي تطعم بيت المال من ناحية ثانية.

وتفيض كتب الحسبة في الحديث عن جهود الدولة ونشاطها في هذا المجال وفي تصوير رقابتها الشديدة، عبر صاحب السوق، بمساعدة أعوانه، على أنواع الأطعمة التي كانت تباع بالمحلات أو في الطرقات للتأكد من نظافتها وسلامتها وصلاحيتها حفاظًا على صحة الناس عامة وفي إصدار المراسيم بترتيب السلع المختلفة في الأسواق كلٌّ في المكان الذي يليق به([67])، وأضف إلى ذلك أنه اشتُرط على المحتسب أن يكون مُلازمًا لسوق الغذاء، يركب في كل وقت ويدور على أماكن البيع والباعة ويتفقد سائر أنواع المعايش، ويفعل ذلك نهارًا وليلًا في أوقات مختلفة؛ وذلك على غفلة منهم، والأمر وأداء الأمانات ومراقبة النقود المضروبة؛ لأنها أساس معايش الناس([68]).

وقد بدأت جهود الدولة في هذا المضمار بالمياه من حيث الرقابة والإشراف على السقّائين، الذين كانت أعدادهم كثيرة؛ ففي القاهرة وحدها تعدت أعدادهم اثني عشر ألف سقّاء كما ذكرت بعض كتابات الرحالة([69])؛ لذلك لم تترك هذه الفئة من السقائين، دون رقابة أو إشراف، فكان المحتسب يعين عريفًا عليهم يساعده في مراقبتهم والإشراف عليهم نظرًا لأهمية عملهم وحاجة الناس الشديدة إليهم، وأن أي إهمال يقع من جانب تلك الفئة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة. وكانت مهمة العريف هي إلزام السقائين عندما يملؤون قربهم من ماء النيل، أن يتوغلوا داخل الماء بعيدًا عن الشطوط لتجمع الأقذار والأوساخ عليه، وإلزامه لهم أيضًا بألا يستقوا من مكان قريب من حمام ولا مجراه، وإذا استخدموا قِربة جديدة فلينقل بها الماء أيامًا ولا يستعمل هذا الماء في الشراب؛ لأن طعمها قد يكون متغير الطعم والرائحة من أثر الدباغ، وعندما يزول التغير يأذن لهم في بيع الماء للشراب، علاوة على ذلك، مباشرة النظافة للسقائين سواء في ملبسهم أو قربهم التي يسقون الناس بها([70]).

كما تميزت جهود الدولة حيال طعام العامة من الناس (وهو الخبز) بالدقة والصرامة الشديدين، منذ البداية حتى نُضج رغيف الخبز. ويظهر ذلك في إشراف الدولة ورقابتها على بائعي الحبوب والدقيق، فقد كان المحتسب يعين عليهم عريفًا بصناعتهم، يمنع بائعي الغلة من خلط جيدها برديئها، ولا عتيقها بجديدها، كما كان يأمر بغسل الغلة وتجفيفها قبل بيعها، ويلزم بائعي الدقيق غربلة الغلة من التراب وتنقيتها من الشوائب قبل طحنها، كما كان يمنعهم من خلط دقيق الشعير المنخول بدقيق الباقلاء والحمص ونحو ذلك، أو ما هو مطحون على رحى منقورة، حتى لا تتفتت حجارة الرحى وتختلط بالغلة، علاوة على إلزامهم بتوريد كمية معينة يوميًّا لحوانيت الخبازين([71]). كما عملت السلطة على استقرار أسعار الحبوب في الأسواق، والعمل على انخفاض أسعارها إذا ما استشعرت الدولة بتحسن الأسعار([72]).

ومن أهم الصناعات وأشهرها التي لاقت اهتمامًا من قبل الدولة، صناعة إعداد الخبز ونضجه، وهم من عرّفتهم المصادر باسم الفرانين أو الخبازين([73])؛ نظرًا لحاجة الناس الماسة لهم، لارتباطهم بالصحة العامة، فكان المحتسب يختار لهم عريفًا بصيرًا بصناعتهم، وكان العريف يشرف على عمل الاستعدادات والتجهيزات الغذائية/الصحية، بإعداد الأوعية والتأكد من نظافتها([74])، وإعداد الدقيق ونخله، وغطاء الخبز، ثم الإشراف على طريقة العجن نفسها، ومراقبة الخبازين في لباسهم ونظافتهم البدنية.

وكان عريف الخبازين يأمر الخباز أن يكون مُلثَّمًا أيضًا لأنه ربما عطس أو تكلم فقطر شيء من بصاقه في العجين؛ كما شدد العريف على تواجد شخص آخر بجوار الخَبَّاز في يده مذبّة يطرد بها الذباب، ومنعه من استعمال غير يده في العجين سواء قدميه أو ركبتيه أو مرفقيه، كذلك يمنع الخَبَّازين من إضافة أية مواد غريبة إلى العجين بغرض زيادة وزنه وتحسين شكله؛ لأن في ذلك ضررًا بالغًا بصحة أفراد المجتمع، ويأمرهم أيضًا بتزيين وجه الخبز أمام المشترين([75]).

ولم يكتمل دور الدولة على الخَبَّازين دون إشرافها على الفرانين، فكان المحتسب أو من ينوب عنه يشدد على الفرانين بأن لا يُخرجوا الخبز للاستعمال إلا بعد التأكد من نضجه بالأفران لأن الخبز غير الناضج ثقيل على المعدة وضار بالصحة، كما يأمرهم بإصلاح مداخل الأفران وتنظيف بلاط الفرن في كل ساعة من اللباب المحترق والرماد المتناثر حتى لا يلتصق بأسفل الخبز منه شيء([76])، ومن جملة توجيهاته للفرانين يشترط المحتسب عليهم أن يكون لهم مخبزان أحدهما للخبز والآخر للسمك حتى يجعل السمك بعيدًا عن الخبز لئلا يسيل شيء من دهنه على الخبز فيصبح غير مرغوب فيه، كما كان يُلزم كل فَرَّان بأن يجعل بين يديه إناءً نظيفًا من ماء، فإذا فرغ من الخبز أراق ما بقي فيه؛ لأنه إذا بقي فيه تغيرت رائحته وأصبح غير صالح للاستعمال، وعليه أن يعيد غسل الإناء مرة أخرى في اليوم الثاني، وأن يحافظ على نظافة اللوح الخشبي الذي يرش به العجين باستمرار([77]).

والمعروف أن الخبز كان يأخذ نصيب الأسد من دور الدولة في مجال الغذاء عن باقي الصناعات والحرف والأنواع الغذائية الأخرى، حتى كان السلطان يتفقد حالة رغيف الخبز، وثبات وزنه ويراقب المحتسب نفسه في هذا الأمر، نذكر من ذلك على سبيل المثال ما حدث سنة 823هـ حيث “…مر السلطان (شيخ) في طريقه بخَبَّاز فأخذ منه رغيفًا..، فوزن الرغيف فجاء نصف رطل، فأنكر على المحتسب، وكان يُذكر أن الرغيف ثماني أواق، فشق على المحتسب لما بلغه وضرب الخَبَّاز ضربًا مبرحًا…”([78]). وقد أتت هذه الرقابة من قبل السلاطين للمحتسبين ثمارها، فاجتهد موظفو الأسواق في عملهم، حتى كان بعض من تولوا الحسبة يجلس أحيانًا يبيع الخبز بنفسه للعامة حتى تستقر الأسواق وتتوقف حالات الغلاء([79]). ولعل ذلك يبين أن السلطان لم يترك الرقابة والإشراف الغذائي كله على المحتسب وحده، بل كان يشرف أحيانًا على هذا الأمر بنفسه.

ومهما يكن من الأمر؛ فقد شملت رقابة الدولة العاملين في مهنة الغذاء الأساسي للشرائح الفقيرة وهم الفوالون (الباقلانيون) إذ كان المحتسب يقيم على الباقلانيين عريفًا ثقة بصيرًا بعملهم، مهمته التشديد على هؤلاء الباقلانيين بعدم عمل الباقلاء المسوّس؛ وأن يكون هذا الباقلاء منقىً من القديم ومنقىً أيضًا من الحجارة والطين([80]). وكانت أوامر العريف لباعة الحمص ألا يخلطوا ما بقي مسلوقًا من حمص الأمس بحمص اليوم، ويأمرهم كذلك بأن ينثروا عليه الملح المطحون والكمون الأبيض عند بيعه ليدفع مضاره، وكذلك عليهم أن يقوموا بنقع الترمس في الماء ثلاثة أيام لتزول مرارته، ثم يسلق جيدًا ويرش عليه الكمون المدقوق بالملح، وكذلك يفعل في كل الباقلاء حتى يتيسر هضمها([81]).

وانطلاقًا من السلطات الواسعة المخولة للمحتسب، من قبل السلطة الحاكمة في الرقابة والإشراف على الطباخين، وحفاظًا من المحتسب على استقرار الوضع الغذائي والاقتصادي والصحي، فقد كان المحتسب يتأكد من تغطيتهم لأوانيهم حتى تكون بمنأىً عن الذباب وهوام الأرض، كما كان يأمرهم بغسل القدور والأواني جيدًا بالماء الحار وعدم خلط لحوم الماعز مع لحوم البقر لأنها بذلك تكون ضارة([82])، وربما يكون السبب في ذلك هو اختلاف سعر لحم الماعز عن نظيره من البقر فإذا خلط الطباخ بين الاثنين عُتم على المستهلك واستفاد الطباخ من فارق السعر، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، ربما يكون ذلك أيضًا مرده إلى أن كل نوع من أنواع اللحوم يتطلب درجة حرارة معينة حتى ينضج، فإذا اختلطت يكون من الصعب إنضاجهما معًا، أو أن يكون حالة كل إنسان الصحية تتطلب نوعًا معينًا من اللحوم فلو خلطت هذه الأنواع ببعضها، ربما تكون ضارة بمن يتناولها من ناحية ثالثة.

وفي الواقع، فقد أعطت الدولة للمحتسب الحق في الإشراف والرقابة على السمّانين، والطريف، أن مهنة السمّانين تعني باعة السمن، غير أنه في العصور الوسطى كان السَّمان يبيع الكثير من حاجات البيوت فضلًا عن بيعه السمن وغيره من المأكولات السائلة، فغلبت عليهم كلمة السمّانين([83]). وكان المحتسب ينبه عليهم بعدم خلط البضاعة الرديئة بالجيدة أو رش الماء على التمر والزيت ليرطبه ويزيد من وزنه، أو الزبيب بالزيت ليحسن شكله ويمنع من يغش منهم الزيت بدهن القرطم. وكان المحتسب يكشف غشه بأن يتركه على النار فيكون له دخان عظيم يخنق، كما كان المحتسب يكشف غش بعض السمانين للخل بعد خلطه بالماء، عن طريق صبه على الأرض، فإن كان مغشوشًا لم يسمع له صوت، أو عن طريق حشيشة الطحلب التي تشرب الماء دون الخل، أيضًا كان يعمل على أن يكون اللبن صالحًا للغذاء والعمل على عدم غش الباعة إياه. إذ أن بعضهم كان يضيف الماء للبن، فكان المحتسب يستخدم لكشف هذا الغش شعرة يغمسها في اللبن فإن لم يعلق فيها شيء فهذا دليل على غش البائع له، وإن علق بها شيء كان اللبن غير مغشوش([84]). كما عمل المحتسب على منع السمانين من تذوق الجبن بأفواههم؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى انتقال عدوى ما عند السمان، إلى المستهلك الذي يتناوله بعد ذلك([85]).

علاوة على ذلك، شملت رقابة الدولة وإشرافها على باعة الخضر أيضًا حيث كان المحتسب يأمر الباعة ببيع الخضر منتقاة ومغسولة ونظيفة وينهاهم عن غسل البصل والثوم؛ لأن الماء يؤذيهما ويتسبب في فسادهما وكان كذلك يمنع الخضريين من بيع التين والقثاء والبطيخ قبل أن يتم نضجها؛ لأن الضرر فيهما يكون أكثر من النفع([86]). ولم يُستثن أحد ممن يعملون في مجال الأطعمة من الرقابة حتى باعة المخلل، الذين أخذوا جانبًا من اهتمام المحتسب، حتى كان يأمرهم بعدم بيع ما تطرقت إليه الحموضة والفساد([87]). وبلغت الرقابة والإشراف ذروتها حين اهتم المحتسب بطرق تخزين السلع والبضائع عند السمانين، فقد كان يلزمهم بتخزين بضائعهم في الأوعية والقفاف المحكمة الغلق حتى لا تصيبها الأتربة أو القاذورات أو الحشرات مثل الذباب، وإذا عرضوا للبيع فكان عليهم أن يعهدوا إلى شخص يحمل مذبة يطرد بها الذباب عن البضاعة. كما أمر المحتسب السمانين بنظافتهم الشخصية في البدن والملبس ونظافة مكاييلهم وموازينهم([88]).

وعن مراعاة الدولة لغذاء اللحوم، فقد اهتمت بالرقابة عليها في أثناء الذبح والبيع علاوة على الطبخ؛ وهو ما ظهر في إشراف المحتسب على الجزارين والقصابين. ففي هذا المجال كان المحتسب يعين عليهم عريفًا بصيرًا بغشوشهم، فكان العريف يمنع الجزارين من ذبح الحيوانات على أبواب حوانيتهم؛ لأنهم يلوثون الطريق بالدم والروث، وفي ذلك تضييق للطريق وإضرار بالناس([89]). وكان على العريف أيضًا منع الجزارين من ذبح الحيوانات المريضة لأن لحومها ضارة بصحة أفراد المجتمع، ويتابع عملية السلخ ويمنعهم من نفخ لحم الحيوانات بعد السلخ؛ لأن نكهة الآدمي تغير اللحم وتزفره([90]).

أما القصابون فكان يشدد عليهم من قبل المحتسب أو العريف بعدم إخراج اللحم على مصاطب حوانيتهم لئلا تلاصق ثياب الناس فيتضررون من ذلك، وكان يراقبهم أيضًا لئلا يغشوا اللحم بخلطه ببعضه وحتى يأمن شر الباعة في ذلك، فقد ألزمهم بترك أذناب الماعز معلقة على لحومها حتى آخر البيع حتى لا يختلط الأمر على المشتري([91]). كما يعمل المحتسب على التأكد من سلامة ذبح الحيوان هل هو ميتة أم ذُبِحَ ذبحًا شرعيًّا، وكان يتحقق من ذلك عن طريق إلقاء الحيوان في الماء، فإن رسب فهو مذبوح، وإن كان غير ذلك فهو ميتة؛ لأن عريف القصابين هو من يتولى ختم اللحوم والنظر في صلاحيتها أو عدم صلاحيتها للأكل، كما كان المحتسب ومعاونه حريصين على أن تكون الأدوات التي يستخدمها القصاب نظيفة، فكان يشدد على القصاب إذا انتهى من البيع عليه قبل انصرافه إلى بيته أن يأخذ ملحًا مسحوقًا وينثره على القرمة التي يقطع عليها اللحم لئلا تلحسها الكلاب أو يدب عليها شيء من هوام الأرض([92]).

وكانت رقابة المحتسب داخل سوق الغذاء أيضًا تطال الشوّائين، إذ أن المحتسب كان حريصًا على التفتيش على لحومهم حتى يتأكد من نضج الطعام، وكان سبيله إلى التحقق من ذلك هو جذب كتف الشواء بسرعة، فإذا جاءت فالشواء نضج، أو أن يشق ورك الشواء فإن ظهر فيه عروق حمراء ونزل منه ماء اللحم، فيكون الطعام نيئًا وغير ناضج([93]). وكان من صلاحيات المحتسب أيضًا منع الشوائين من دهن اللحم بالعسل؛ لأنه إذا نزل في التنور على هذه الحالة فإنه يحمر بسرعة فيخيل لمن يراها أنها ناضجة فيقبل على شرائها، أيضًا كان المحتسب يلزم الشوائين بعدم تغطية الشواء عند إخراجه مباشرة من التنور، وأن لا يوضع في أوانٍ مصنوعة من الرصاص أو النحاس وهو ساخن حتى لا يتسمم، وعن تنانير الشوائين فكان المحتسب يأمرهم أن يطينوا تنانيرهم بطين حر قد عُجن بماء طاهر؛ لأنهم يأخذون الطين من أراضي حوانيتهم، وهو مختلط بالدم وربما يخرج من الحوش من المواد وذلك نجس، وربما انتثر على الشواء منه شيء عند فتح التنور فينجس([94]).

وبما أن مهنة طهي رؤوس الحيوانات المنمورة وأكارعها لقيت إقبالًا كبيرًا من المصريين لاسيما الفئات الفقيرة منهم، فقد حرصت الدولة على مراقبة مزاولي تلك المهنة في إطار الحرص على صحة أفراد المجتمع، فكان المحتسب يأمر الرواسين بسمط الرؤوس والأكارع بالماء الشديد الحرارة وتنظيفها وتنقية الشعر والصوف منها جيدًا ثم تغسل بالماء البارد والنظيف، وكذلك كان المحتسب يلزمهم عدم الغش والإضرار بالمستهلكين من خلط الرؤوس البائتة مع الرؤوس الطازجة، بل لا بد أن تكون كل منهما على حدة حتى يعرف المشتري البائتة من الطازجة ولا يلتبس عليه، علاوة على أمره لهم بإنضاج الطعام الذي يزاولون طهيه جيدًا، وعدم إخراج الرؤوس من وعاء الطهي إلا بعد أن تنضج تمامًا بسبب الأضرار التي قد تصيب المستهلك إذا ما تناول طعامًا غير ناضج([95]).

وفي السياق ذاته، كان المحتسب يهتم بالإشراف والمراقبة على النقانقيين ويقصد بهم تلك الطائفة من حرفيي الغذاء التي تقوم بصناعة المصارين المحشوة باللحم والتوابل والبصل، حتى إنه جعل مواضعهم التي يصنعون فيها النقانق بقرب دكته ليراعيهم بعينه([96])، فإن غشهم فيها كثير لا يكاد يعرف، وكان يأمرهم بضرورة اختيار اللحم الجيد، ونعومة دقة على القرم النظيفة، وعلى الصانع للحم أن يستعين بآخر يحمل مذبة في يده يطرد بها الذباب حتى لا يسقط منه شيء في اللحم، وكانت التعليمات للصناع بألا يسرع صانع النقانق بعد دقة اللحم بوضع البصل والتوابل على النقانق إلا في حضور العريف الذي يختاره المحتسب؛ ليتأكد من المقدار المناسب منها بالوزن وأيضًا ليتعرف على نوع اللحم وجودته؛ لأن التوابل تغير شكله فيخفى ولا يمكن اكتشاف الغش الواقع فيه([97]).

وسبب ذلك هو أن بعض النقانقيين كانوا يلجئون إلى غش هذه النوعية من الطعام بوسائل عدة منها: استخدام اللحوم المفرومة أو اللحوم الهزيلة الواقعة، أو الفول المقشور والبصل بدلًا من اللحم الجيد؛ لذا كان المحتسب يتفقد اللحم بنفسه أو عريفه، كما كان يقوم بشق النقانق قبل قليها ليتأكد من سلامة ما تحويه من مكونات غذائية. كما يلزمهم بأن يكون الدهن الذي تقلى به طيب الطعم والرائحة غير عتيق ولا متغير، ثم ينثرون عليها بعد قليها الأبازير الطيبة([98]). فيشير المقريزي في حوادث سنة 742هـ أن المحتسب قبض على رجل بواردي ممن يبيعون الطيور واللحوم المجمدة بعدما وجد بمخزنه من اللحوم المجمدة كميات كبيرة، جميعها قد نتنت وتغيرت ألوانها فأدبه وشهره وأتلف الكمية كلها([99]).

ولما كانت الأسماك غذاء الكثيرين من فئات الشعب، خاصة ممن لا يستطيعون شراء اللحوم، فقد حرص المحتسب على مراقبة الذين يشتغلون بهذه المهنة، فكان المحتسب يأمرهم بغسل موازينهم وقفافهم وأطباقهم التي يضعون فيها السمك ثم ينثرون عليها الملح كل ليلة؛ لأنهم إذا أهملوا في نظافتها تسببوا في فساد السمك الطازج إذا وضع فيها، ويبالغون في غسل السمك عند شقه وتنظيفه ثم ينثرون عليه الملح والدقيق، علاوة على متابعة الباعة حتى لا يخلطوا السمك الطازج بالبائت، وكان العريف يتابع عملية القلي بصورة منتظمة حتى لا يضيف القلاؤون دهن شحم السمك إلى زيت القلي أو يستخدموا زيتًا معادًا غير صالح([100])، ومنعهم أيضًا من بلّ السمك بالماء عند القلي لأن ذلك يزيد من زفارته ويحول دون إتمام نضجه، ومنعهم من إضافة مكونات ستؤدي إلى قلة القيمة الغذائية أو الإخلال من نضجه([101]).

ومن الطريف، أن المطالع لكتب الحسبة يجدها بوَّبت بابًا خاصًّا بصناعة الزلابية -وهي نوع من الحلوى يدخل في صناعتها العسل واللوز- وقد يكون ذلك مرده إلى كثرة إقبال الناس عليها، وبالتالي زيادة العاملين فيها وزيادة حوانيتهم بطبيعة الحال، أو أن ذلك راجع إلى كثرة غش العاملين في هذه المهنة؛ لذلك كان المحتسب يتعاهد صناع الزلابية بالمرور عليهم، حيث كان يصدر التوجيهات التي يتوقف عليها نجاح صنعتهم وعدم الإضرار بأحد من الناس؛ وذلك بأن تكون مقلاة الزلابية من النحاس الأحمر الجيد المجلي حتى لا تؤدي إلى تسمم الآكلين، وعدم البدء في قلي الزلابية حتى يختمر عجينها، وعلامة اختمارها أنها تطفو على وجه الزيت، وغير المختمر منها يرسب في أسفل المقلى، ولا يجعل في عجينها ملحًا لأنها تؤكل بالعسل([102]).

وكان المحتسب يختار لمراقبة القائمين على صناعة الحلوى عريفًا خبيرًا بعملهم وعلى دراية تامة بأنواع الحلوى العديدة والمختلفة؛ وذلك لكثرة ما يقع من هذه الفئة من غش، فأنواعها كثيرة، وأجناسها مختلفة([103])، وكانت أهم تحذيرات العريف للقائمين عليها هي أمرهم بنضج الحلوى، وعدم حرقها أيضًا، ولا تفارق مذبة طرد الذباب يد البائع حتى الانتهاء من بيعها([104]).

والجدير بالذكر، أن المحتسب ومعاونيه لم يتوقف دورهم على الرقابة والإشراف الصحي على أصحاب المهن السابقة فقط، بل كان المحتسب يقوم بترتيب الحرف والصناعات حسب أنماط كل حرفة وتجانسها مع التي تجاورها. فالطباخ والخباز مثلًا ممن تحتاج صنعتهم إلى وقود، كان يلزمهم بأن تكون حوانيتهم بعيدة عن حوانيت العطارين والحريرين وغيرهم، ممن تسبب النار لهم خراب حوانيتهم. وكل ذلك يوضح الدور الشاق الذي قام به العاملون في مجال مراعاة احتياجات المصريين في عصر المماليك.

هذا الاهتمام الذي حظي به مجال الحاجات المعيشية وتجارتها، لا ينفك عن رغبة السلطة في تطعيم بيت المال بموارد جبائية جديدة تُضاف إلى المغارم المفروضة على الفلاحة والحِرَف لتلبية نفقات الحرب والترف؛ لأن هذه الدقة والمراقبة تؤدي إلى إقبال الناس على الاستهلاك؛ وذلك يؤدي إلى كثرة الضرائب، وهو ما يصب في مصلحة السلطة.

سابعًا-جهود الدولة إبان الأزمات:

وإذا ما انتقلنا للحديث عن دور الدولة في تأمين الطعام إبان الأزمات الغذائية، فإننا نلاحظ تفاوت هذا الدور من سلطان إلى آخر، فإذا كان السلطان قويًّا استطاع التحكم في الأزمة بتوفيره احتياجات الشعب وتحكمه في الأسعار، أما إذا كان السلطان ذا شخصية ضعيفة، فإن الأزمة تتفاقم حدَّتها، مع الأخذ في الاعتبار أن دور الدولة اختلف في عصر الدولة الأولى عنه في عصر الدولة الثانية اختلافًا عامًّا، بيد أن الموقف كان متشابهًا من حيث كونه إفرازًا للعلاقات بين الحكام والمحكومين في ظل نظام الإقطاع العسكري الذي ارتكزت عليه دولة المماليك([105]).

  1. توزيع الفقراء:

كانت سياسة التوزيع الإجباري للفقراء على كبار أمراء الدولة وأثريائها؛ وإلزامهم بإطعام الفقراء حتى يزول الداء، هي إحدى سبل السلطة إبان نوبات الغلاء والمجاعات، وكالعادة فإن مؤسس هذه اللبنة في الدولة هو السلطان الظاهر بيبرس، حينما حدثت في عهده مجاعة بدأت في ربيع الآخر سنة 662هـ، فنزل إلى دار العدل، وأمر بالمناداة في الفقراء فاجتمعوا تحت القلعة، ونزل الحجّاب إليهم فكتبوا أسماءهم، ومضى إلى كل جهة حاجب، فكتب ما بقى في القاهرة ومصر من الفقراء، فبلغت عدتهم ألوفًا([106])، فقال السلطان: “والله لو كانت عندي غلة تكفي هذا العام لفرقتها”، ثم أخذ ألوفًا منهم وأعطى لنواب ابنه الملك السعيد مثل ذلك، وأمر ديوان الجيش فكتب باسم كل أمير جماعة على قدر عدته، وأعطى للتجار طائفة من الفقراء، وأعطى الأغنياء على اختلاف طبقاتهم كل أحد بقدر حاله، وأمر أن يُعطى لكل فقير كفايته من الغذاء مدة ثلاثة شهور([107]). وترتب على ذلك أنه لم “…يبق أحد من الخواص ولا من الحواشي ولا من الحجّاب، ولا من الولاة وأرباب المناصب وذوي المراتب وأصحاب المال، حتى أخذ جماعة من المساكين…”([108]).

ومن الطريف في الإجراءات التي اتخذها بيبرس في أثناء هذه المجاعة، هو قول السلطان للأمير صارم الدين المسعودي والي القاهرة: “خذ مائة فقير أطعمهم لله، فقال الأمير: قد فعلت ذلك وأخذتهم دائمًا، فقال السلطان: ذلك فعلته ابتداء من نفسك، وهذه المائة خذها لأجلي”، فأخذ مائة مسكين أخرى، وشرع الناس في فتح المخازن فانحط السعر عشرين درهمًا للإردب، وقلَّ الفقراء، وعلى الرغم من استمرار ذلك الإجراء مدة شهرين حتى دخل المغل في رمضان وانخفض السعر في يوم واحد أربعين درهمًا([109]). فإن ذلك يبين القوة الاقتصادية لأمراء الدولة وقوة السلطان السياسية والعسكرية، ويُظهر الحوار بين الأمير صارم الدين والسلطان عن الطبيعة التنافسية للنظام السياسي المملوكي حتى في مجال الصدقات.

وطالما أن بيبرس وضع أسس السياسة الجبرية لتوزيع الفقراء، فقد قلد سياسته تلك العادل كتبغا في أثناء مجاعة (694-695هـ) فبعد أن اشتدت المجاعة أمر الأمير كتبغا بجمع الفقراء والمحتاجين، وألزم الأمراء والتجار والأغنياء بإطعام مجموعة معينة من الفقراء مراعيًا حالة كل منهم، فأرسل إلى أمير مائة مائة فقير، ولأمير خمسين خمسين فقيرًا ولأمير عشرة عشرة فقراء، ولم يجبر كتبغا الأثرياء بطعام الفقراء بطعام معين، وإنما تُرك الأمر للأمير المتكفل بهم، فكان منهم من يمد لهم سماطًا ليأكلوا جميعًا مع بعضهم، ومنهم من وزع عليهم خبزًا وآخر وزع الكعك، وثالث كان يعطيهم الرقاق “…فخف ما كان بالناس من الفقر..”([110]).

ولما أخذ الفقراء الموت جوعًا في مجاعة 775-776هـ. أمر السلطان النائب بجمع “…الفقراء والمساكين وفرقهم على الأمراء كبارًا وصغارًا على عدد مماليكهم، فبعث إلى كل مقدَّم ألفٍ مائةَ فقير، وقيس على هذا بقية الأمراء…” وبعث إلى المباشرين كل حسب شأنه، وكذا إلى تجار التوابل وغيرهم من التجار وأرباب الأموال ليُقْرُوهم ويعينوهم بمقدار ما يسد رمقهم([111]). وتكرر الأمر نفسه في رمضان عام 808هـ حين اشتد الغلاء فنادى النائب في الفقراء فاجتمعوا بالميدان ففرقهم على الأغنياء ما بين الأمراء والقضاة والتجار، فقل سؤالهم وخف صياحهم وسكنوا([112])، ويشير قاسم عبده قاسم([113]) إلى أنها – أي سنة 808هـ- كانت المرة الوحيدة التي يحدث فيها مثل هذا التصرف في عصر المماليك الجراكسة.

ونود أن نشير إلى أن السياسة الجبرية لتوزيع الفقراء، كانت تحدث في أثناء المجاعات الشاملة فقط([114]). أما المجاعات النوعية فقد كان لها إجراءات أخرى تصب في محاولة السلطة تخفيض الأسعار؛ ومن جهة ثانية، تشير المصادر إلى منع السلطات الشحاذة والتسول بعد توزيع الفقراء، بحيث تكثر المناداة “…في القاهرة ومصر بأن لا يتصدق أحد على حرفوش، وأي حرفوش وجد يشحذ فإن عقابه الصلب، فآوى كل أحد فقراءه في مكان…” بعدما وفر لهم حاجتهم الغذائية التي تعينهم على البقاء([115]). كما قام بعض الفقراء من تلقاء أنفسهم بالإحسان على الفقراء، وتوزيع الطعام عليهم في أثناء بعض الأزمات ابتغاء الأجر والثواب([116]).

2. توزيع الخبز:

ومن ناحية أخرى، فقد صاحب سياسة توزيع الفقراء على من هم دونهم فقرًا إجراءات أخرى للتخفيف عليهم، منها توزيع الخبز على المتعبدين في الجوامع وعلى الصوفية في الزوايا والخانقاوات والربط، وغالبًا ما كان الخبز الذي يوزع في أثناء الأزمات يخرج من الشون السلطانية، وفي ذلك يقول المقريزي عن بيبرس: “…وأمر أن يفرق من الشون السلطانية على أرباب الزوايا في كل يوم مائة إردب، بعدما يعمل خبزًا بجامع ابن طولون…”([117]). وفي عام 764هـ نقص النيل فوقع الغلاء “…ولما وقع الغلاء بمصر فرق الأمير يلبغا الغلال من الشون على الفقراء (الصوفية) وأهل العلم وغير ذلك من الناس…”([118]). وفي عام 819هـ كان الغلاء بالقاهرة مستمرًا منذ أواخر السنة الماضية فأرسل السلطان أحد أمرائه يسمى فارس الخازندار الطواشي بمبلغ كبير من الفضة فرقها على الجوامع والمدارس والخوانق، فكان لكل شيخ عشرة دنانير وإردب قمح، ولكل طالب أو صوفي أربعة عشر مؤيديًا، فكان جملة ما فرق أربعة آلاف دينار([119]). وكانت هذه الصدقات الغذائية التي توزع على المتعبدين تذهب بذهاب الغلاء، تؤكد ذلك كلمات المصادر بقولها “…بطلت تفرقة الأخبار السلطانية على الفقراء، لسعة الوقت وذهاب الغلاء…”([120]).

3. فتح الشون السلطانية:

وبالنسبة لمحدودي الدخل والفقراء، فقد قامت الدولة حيالهم أيضًا بدور مهم، تمثل في العمل على وجود الحاجة الضرورية أمام أعين الناس؛ لأنه في تلك الأحوال كثير ما نقرأ عن اختفاء الخبز مثلًا من الأسواق بالثلاثة الأيام والأسبوع([121])؛ لذلك كان السلطان يأمر بإخراج الغلال من الشون السلطانية، ويُوزَّع القمح على الطحانين ليقوموا بطحنه وتوزيعه على أصحاب الأفران والمخابز؛ وذلك بقصد تخفيف واقع الأزمة على الناس([122]). ومن جهة ثانية، كان السلطان يأمر أحيانًا بأن يباع من مخازن القمح السلطانية للفقراء، وغالبًا ما كان يقيد ذلك بتحديد الحد الأقصى للكمية المسموح لكل فرد بشرائها حتى لا يلجأ بعضهم إلى التخزين، ويقع الحجر على من يخزن([123]). ففي أزمة الغلاء الشهيرة التي حدثت في سنة 736هـ في عصر السلطان الناصر محمد “…كسبت الناس في هذه السنة من المتجر شيئا كثيرًا، إذ أن أكثر الناس من كان يأتي إلى الشونة ويشتري منها بثلاثين درهمًا الإردب ويحمله إلى بيته ويبيعه بستين وسبعين لكل من يحتاج…” فلما علم الناصر محمد ذلك أمر بالمناداة في المدينتين مصر والقاهرة، بأنه من وجد حاصله غلة تزيد عن استهلاكه ولم يبعها نهبت”([124])، ليس هذا فحسب، بل كان السلطان يأمر أمراءه بفتح شونهم؛ والبيع منها بسعر منخفض حتى يهبط السعر، ففي عهد المنصور قلاوون وبالتحديد سنة 682هـ تحرك سعر الغلة حتى بلغ الإردب من القمح 35 درهمًا فكتب إلى الأمراء بفتح شونهم لأن الأمراء لا يضرهم إذا نقصت شونهم نصف ما فيها، فنفذ الأمراء الأمر وفتحوا الشون وباعوا منها بـ 25 درهمًا للإردب فانحط السعر إلى عشرين ثم إلى ثمانية عشر درهمًا، واستمر كذلك حتى قدوم المغل الجديد([125]). وتكرر ذلك في السنوات 736هـ([126])، 796هـ([127])،892هـ([128]).

ولم يكن أمام الأمراء –وهم رجال المال والتجارة في ذلك الحين-مفر من تنفيذ قرار السلطان بفتح الشون أو بيعها بالسعر الذي قرره وإلا تعرضوا للعقاب؛ والشواهد كثيرة على ذلك، نذكر منها مثلًا ما أشار إليه أبو المحاسن في أحداث غلاء سنة 853هـ بقوله: “…رسم السلطان بنفي الأمير سودون السودوني الحاجب الثالث، ثم شفع فيه، وأمر بإقامته بالصحراء بطّالًا، وسبب نفيه أنه كان له مغلٌ في إقطاعه، فحضر المغل إلى ساحل بولاق، فكلمه المحتسب في بيع نصف مغله وتخلية نصفه فامتنع، وكان القمح قد عز وجوده، فكلم أبو الخير ابن النحاس – وكيل بيت المال – السلطان في أمره، فأمر بنفيه…” بعدما صادر إقطاعه([129]).

ولعل ما سبق، يعد دلالة على تفشي ظاهرتي الادخار والاحتكار، فالأولى مرتبطة بسلوك الدولة سعيًا لتأمين الغذاء لوقت الحاجة والضرورة، أما الثانية فطالما اعتمدها التجار والمضاربون تحينًا لأوقات الشدة والمجاعة والغلاء لتحقيق الربح السريع بعد مضاعفة السعر.

4. توزيع الطعام على المحتاجين:

شهدت المصادر بعمليات توزيع الطعام على بعض الفقراء، وهي غير عملية توزيع الفقراء أنفسهم على الأثرياء، لمساعدتهم في تجاوز المحنة، فأخبار تفرقة السلاطين أو من ينوب عنهم للخبز والأطعمة على المحتاجين تعج بها المصادر حتى في عصر الجراكسة، إذ لم تنقطع تلك العادة بل استمرت؛ فحينما علت الأسعار وغلت في سنة 798هـ لقلة الغلال، وصار الخبز لا يجلس أحد به في الحوانيت لا بالقاهرة ولا بمصر مدة سبعة أيام متوالية مع زحام الناس على الأفران، توجه السلطان برقوق إلى بر الجيزة وعمل في كل يوم طعامًا للفقراء يفرق فيهم اللحم والمرق والخبز، فبلغ عدد الفقراء الذين يأخذون ذلك خمسة آلاف نفس، ومن فاته الأخذ وأخذ من الطعام، أخذ عوض الخبز نصف درهم، ومن فاته الطعام والخبز أخذ درهمًا ونصفًا([130]). فصار يُعمَلُ في كل يوم عشرون إردبًا من القمح خبزًا، وحصل به النفع العام “…بحيث سد جوع الكثير، بل وما عرفوا الغلاء…”([131]). وظل المؤيد يوزع يوميًّا ستة آلاف رطل من الخبز على المستضعفين يوميًا مدة شهرين حتى زال الغلاء سنة 818هـ([132]) حتى برسباي نفسه الذي عرف بشرهه للمال “…لما وقعت هذه الغلوة -عام 829هـ-شرع السلطان بجمع الفقراء، ويفرق عليهم الخبز في كل يوم مدة هذه الغلوة..”([133])

فضلًا عما تقدم، درج السلاطين منذ عهد بيبرس على ذبح الأبقار والأغنام.. وغيرها، وتفريقها على الفقراء، خاصة طوال شهر رمضان وأوقات الغلاء، فكان بيبرس يطعم في كل ليلة خمسة آلاف فقير([134]). وسار على سيرته من جاء بعده من السلاطين وإن كان بعضهم يقطعها بين الحين والآخر([135]).

ولا شك أن هذه الأمور التي أشرنا إليها كلها تساعد بعض الفئات لا سيما الكادحة منها في حياتهم المعيشية؛ إلا أن هذا التصرف من قبل سلاطين المماليك – في مجمله – كان يصدر عن تصور ديني يجعل منه إحسانًا وصدقة للتخفيف من حدة الأزمة على الناس، ولم يكن يصدر عن موقف تلتزم فيه الدولة برعاية الناس وتقديم الخدمات العامة لهم، إذ إن مثل هذه المفاهيم كانت غائبة عن مجال العلاقة بين سلاطين المماليك ورعاياهم، بل إن كثيرًا من هذه التصرفات الأخلاقية الطابع، تلاشت في عصر الجراكسة، وحلَّ محلها موقف مناقض تمامًا، وهو ما يمكن تفسيره في ضوء التدهور الشامل لكافة مناحي الحياة في مصر آنذاك([136]).

5. التسعير:

وثمة تصرف آخر كانت الدولة تتبعه في مجال الغذاء في أثناء نوبات الغلاء والقحط، وهو اللجوء لتسعير السلع والمواد الغذائية، ولكن التسعير كإجراء اقتصادي كان يلقى بعض المعارضة من الفقهاء أحيانًا([137]). وفي أحيان أخرى كان يأتي التسعير بعكس المرجو منه، فتتفاقم الأمور وتختفي السلع من أسواقها فتضطر الدولة إلى إلغاء التسعير ثانية([138]). وبالنسبة لمعارضة الفقهاء فنلاحظ من شواهد المصادر أن الفقهاء– في الغالب– لم يعترضوا طالما روعي في التسعير مصلحة الجميع من بائعين ومشترين، وكلما كانت السلعة عامة– كالقمح مثلًا– كان التسعير واجبًا، وليس هناك حاجة أشد من حاجة الناس إلى الأقوات، وأوجبت الدولة التسعير عند حاجة الناس إلى السلع وفي حالة الاحتكار، وفي حالة حصر البيع في أناس مخصوصين، وفي حالة تواطؤ البائعين وتأمُّرهم على المشترين والعكس، وبالنسبة لعودة الدولة لإلغاء التسعير في بعض الأحيان؛ لأنه لم يأت بالثمار المرجوة، فنقول إن التسعير الجبري كان ينجح عندما كانت السلطة تعمل على توفير الغلال وإجبار المحتكرين سواء من التجار أو من الأمراء على البيع بالسعر المحدد.

ففي جمادى الأولى عام 859هـ “…انحطت الأسعار بعد أن سعَّر السلطان والمحتسب غالب المأكولات…”([139]). وفي عام 885هـ طلب السلطان قايتباي السوقة للمثول ين يديه والطحانين كذلك وهددهم بقطع الأيادي والتوسيط بسبب ارتفاع الأسعار وأمر بالمناداة بتسعير كافة السلع الغذائية. “…فاطمأن الناس كافة بهذه المناداة…”([140]). وهناك الكثير من الإشارات عن دور الدولة في التسعير مثل: “فرسم السلطان بالنظر في أسعار المسلمين”([141]) و”نودي بالقاهرة وظواهرها أن يكون سعر الإردب..”([142])، وشق المحتسب القاهرة “وسعَّر سائر البضائع جميعًا، حتى الكنافة سعرها بدرهمين للرطل وكانت بأربعة دراهم كل رطل وسعر الأجبان واللحوم”([143]). وكذلك “ثم إن السلطان.. رسم بأن ينادي في القاهرة بتسعير البضائع”([144]) و”اهتم السلطان بأمر الأسعار”([145])، أو “وتصدى السلطان للنظر في أمر القمح بنفسه”([146]).

وكان التسعير لا يعجب الجلبان وبعض التجار والمضاربين؛ لأن لديهم مخزونًا يريدون بيعه بأعلى الأسعار، والتسعير يحد من ذلك، فاختلقوا أزمات عدة منها في سنة 891هـ حيث ثار جماعة من الجلبان وتوجهوا إلى بيت بدر الدين بن مزهر المحتسب، وقصدوا حرق بيته “…بسبب تسعير البضائع من اللحم والجبن وغير ذلك.. “فتصدى لهم السلطان بنفسه“([147]). وفي سنة 919هـ نزل الزيني بركات بن موسى المحتسب وأشهر المناداة على لسان السلطان بتسعير البضائع حتى الدقيق، ففرح الناس وعز ذلك على السوقة وغلقوا الدكاكين أيامًا، واضطربت بسبب ذلك القاهرة، ثم امتثلوا كذلك وسكن الاضطراب([148]). وهذا يؤكد ثانية بأن التسعير لم يكن يرقى لبعض الفئات الاحتكارية والانتهازية التي كانت تستميت لتُفشل عملية التسعير بإخفاء البضائع، لذا لم يكن التسعير يفشل حين يُفرَض إلا بسبب الإهمال أو التقصير في توفير كميات كبيرة من الغلال والسلع الاحتكارية، وعدم التحكم في أسعار الغلال عند المحتكرين من التجار والأمراء فتشتد الأسعار ارتفاعًا.

على أية حال، فقد كان الخبازون والطحانون يتعرضون للعقوبات البدنية بشتى ضروبها في حالة تسببهم في الأزمة. فمن المعروف أن المحتسب كان يتولى مراقبة الأسعار، ومراقبة عمليات البيع والشراء، وحين يمتنع أصحاب المطاحن والمخابز عن البيع لأمر ما، يعاقبهم بأبشع صنوف العقاب، ويوجه إليهم إنذارًا بفتح حوانيتهم “وأن يبيعوا بسعر الله” ويهددهم بنهب محلاتهم([149]). وفي هذا الصدد، أوردت المصادر أمثلة تدل على فعالية هذا الدور على مدار فترات طويلة؛ وقد أدت تلك الطريقة إلى تواجد السلع الغذائية بالأسواق بعد اختفائها([150]). فعلى الرغم من التدهور الذي أصاب كافة وجوه الحياة في مصر أواخر الدولة إلا أن وظيفة المحتسب ظلت لها كثير من قيمتها – رغم انفلات أمرها – ولم يخف مؤرخو العصر ذلك، فكلما ظهر أحد المحتسبين ومارس أمور وظيفته بدقة وحرص ونجح في القضاء على الأزمة سجلتها أقلامهم، فعندما نجح المحتسب إينال الششماني سنة 833هـ في القضاء على الغلاء الذي لاحت بوادره، وانخفض السعر، وتوافر الخبز بالحوانيت بعد فقده أيامًا، قال المعاصرون: “…فانحل السعر ولله الحمد، وربما صحت الأجسام بعد العلل…”([151]). في إشارة إلى دور المحتسب.

6. جلب الغلال من الريف للمدن:

وقد بذلت السلطة مجهودًا يذكر لتوفير الغذاء إذا ما حدثت غلوة أو حالة من فقد السلع الغذائية من سوقها، فكانت الدولة تلجأ إلى جلب الغلال من الأرياف وإقطاعات الأمراء من نواحي البلاد المختلفة أي الاستيراد الداخلي للقاهرة؛ فقد رسم الناصر محمد سنة 736هـ أن يُكتب إلى سائر ولاة الأقاليم أن يركب كل بنفسه إلى كل بلد وضيعة من عمل إقليمه، ويحمل سائر ما فيها، ولا يدع غلة في مطمورة ولا مخزنًا، ولا أحد عنده غلة حتى يحمل ذلك كله إلى مصر، ويحضر أربابها لأخذ أثمانها عن كل إردب مبلغ ثلاثين درهمًا وهو ما قرره السلطان لسعر القمح([152]).

وعندما اعترض أحد كبار تجار الصعيد، ويدعى محمد بن علي بن السديد، على أمر والي قوص له ببيع ما عنده من الغلال وهي تزيد على ألفين وخمسمائة إردب بالسعر المذكور، تنفيذًا لمنشور السلطان، كتب الوالي للناصر محمد يعرفه الأمر، فأمره السلطان باستعمال الشدة مع التاجر ومصادرته وإرساله وغلاله إليه بالقاهرة([153]). ولما حدث ذلك وأشيع أمره “…خشيت أهل البلاد والتجار، فباعت غلالها في الأقاليم…” وقدمت أحمال كثيرة من الغلال من بلاد الصعيد، وتبعها الحمل في البر والبحر من الشرقية والغربية والبحيرة، ولم ينسلخ رمضان حتى قدم بوادر المغل الجديد وبيع الخبز ثمانية أرطال بدرهم، حتى كانوا يطلعون الخبز من مصر على الطبالي ويشهدونه فيها([154]).

وحينما غلا السعر في عهد المؤيد شيخ سنة 818هـ، وفُقد الخبز، ركب المحتسب بنفسه “…إلى البلاد الغربية، وتتبع مخازن القمح وألزم أصحابها بالبيع…”([155]). ولما قدم السلطان من غيبته بالبلاد الحلبية تولى النظر في الأسعار بنفسه وسير خازنداره ومعه السمسار بمال جزيل إلى الصعيد ليشتروا به قمحًا ويحضروه بسرعة ليكثر بالقاهرة، وتبطل المزاحمة على الخبز([156]). وعندما حضر الخازندار ومعه الغلال كان السعر قد انخفض بالفعل، فأمره المؤيد بأن يبيع ما معه بالسعر الحاضر ولو خسر فيه النصف([157]).

7. جلب الغلال من خارج مصر:

ومن جهة أخرى، سعت السلطة المماليكية لاستيراد الغذاء من خارج بلاد السلطنة إذا ما دعت الحاجة([158]). فنجد في سنة 695هـ عندما ألم الغلاء والمجاعة بالبلاد المصرية، ركن السلطان العادل كتبغا على مخزون الغذاء المتواجد ببلاد الكرك لتخفيف ويلات الغلاء، وكان ببلاد الكرك والشوبك وبلاد الساحل لما يرصد لمهمات البواكر والحملات والحرب عامة ما ينيف على عشرين ألف غرارة، فحملت إلى الأمصار المملوكية([159]). وفي الوقت نفسه “… تواصلت الغلال إلى الإسكندرية وتواترت من جزيرة صقلية والقسطنطينية وبلاد الفرنجة، حتى إن الواصل إليها نيف على ثلاثمائة ألف إردب قمحًا…”([160]).

وفي سنة 700هـ وقع فناء في الأبقار بالديار المصرية، فقلّت اللحوم في الأسواق وتعطلت الصناعات الغذائية القائمة عليها لا سيما إدارة دواليب السكر وطحن الحبوب. فكتب إلى نائب الشام بأن يجهز إليهم أبقار شامية فوصلت أبقار كثيرة([161]). وعندما عم الغلاء عام 736هـ وقلت المؤونة “…فكتب السلطان –الناصر محمد- بحمل الغلال من غزة والكرك والشوبك وبلاد دمشق ولا يترك بها غلة مخزونة حتى تحمل إلى القاهرة…”([162]). ومثل هذا حدث سنة 741هـ عندما توجه الأمير طيبغا المجدي إلى الكرك وأحضر جميع ما فيها من المحاصيل([163]). ولما ألمّ بالبلاد الغلاء الشديد الذي ظل بمصر منذ سنة 853هـ حتى سنة 855هـ، جهز السلطان أحد الأمراء “…إلى جزيرة قبرص من بلاد الفرنج ليشري منها مغلًا يجيء به معه إلى القاهرة، وأحاله بثمنه على صاحب قبرص، مما عليه من الجزية، بل ودفع له أيضًا مبلغًا…”([164]).

8. العمل على تأمين السلع المجلوبة:

وثمة أمر أخر اتبعته السلطة المملوكية في أثناء الغلوات، وهو تأمين الواصل أو المتواجد من السلع والمواد الغذائية من نهب الجلبان أو الحرافيش والفئات الكادحة من المصريين، وتوزيع المتواجد والواصل على الطحانين والخبازين لضمان وجود الخبز أمام أعين الناظرين فتهدأ الأمور؛ فقد أمر نائب الغيبة في ذي القعدة سنة 818هـ، أن يكون على كل فرن جماعة من المماليك السلطانية يدفعون الناس من الزحام والنهب([165])، وواكب ذلك تأمين تفرقة القمح وتوزيعه على الطحانين في ساحل بولاق التي تباع فيها كل الغلال القادمة من الأقاليم، فكان يقف بساحل بولاق المحتسب بنفسه يوزع مقادير الاحتياجات على الطحانين ومعه بعض الأمراء والجنود للحماية من النهب([166]) وفي ذلك يقول ابن حجر([167]) عن المحتسب: “واجتهد في ذلك حتى رأى الخبز على الحوانيت”. والشاهد هنا هو محاولة تأمين وصول القمح باعتباره الغذاء الأول للطحانين ثم العمل على حماية الطحانين أنفسهم والخبازين ووقوف فرق المماليك ليس لتأمين الخبازين، بل لتأمين السلعة الاستراتيجية التي يعملون في صناعتها.

وفي بعض الأحيان عملت السلطة على حماية الغذاء من نهب الجلبان، فكثيرا ما نقرأ عن مهاجمة الأجلاب للتجار ومراكب القمح ومواد الغذاء الواصلة من الأقاليم مما كان يتسبب في رفع السعر؛ كما يمتنع التجار عن التجارة فيعظم الغلاء، وحينما حدث ذلك سنة 854هـ أرسل السلطان الأمير مرجان العادلي نائب مقدم المماليك السلطانية ومعه عدة مراكب، لحماية شون الأمراء، حتى يباع ما فيها من الغلال حسب ما رسم به السلطان ولملاقاة التجار وسفن الغلال القادمة في النيل، ومنع الأجلاب من ذلك فكفّوا([168]). وفي سنة 891هـ أقام الأجلاب فتنة لنهب المواد الغذائية بسبب التسعير، فركب السلطان لهم بنفسه وتوجه إلى بولاق– مركز تجمع الغلال-فلما رأوه فروا من وجهه([169])، وعلى الرغم من أن ذلك يشير إلى تردي الأوضاع وفساد المماليك وقلة حرمة السلطان وقراراته عندهم، فإننا إذا ما وضعنا ذلك في إطار التدهور الشامل لكافة جوانب الحياة في مصر آنذاك، يمكننا القول إن ذلك التصرف يعد محاولة من السلطة في أسوأ حالاتها، لتأمين وجود المواد الغذائية بالأسواق.

9. الاهتمام بطعام أرباب السجون:

يسّر بعض سلاطين المماليك وجود الغذاء للمسجونين إبان الأزمات، عن طريق توفير الطعام وإرساله لهم بالسجون أو إلزام المدين بإطعام المُدان، أو عدم حبس أحد على دَينٍ أصلًا، فقد أمر الظاهر برقوق سنة 784هـ حينما حدث غلاء بالديار المصرية بإخلاء سبيل من سُجِنَ بسبب دَين، كما أصدر أوامره للقضاء بعدم سجن أحد من الناس في أثناء الغلاء([170])، ومن جهة ثانية كان المسجونون ينالهم حظ من الغذاء الذي يفرقه السلاطين على الرعية في أثناء موجات الغلاء. ففي غلاء سنة 798هـ رسم الظاهر برقوق أن تُعمل آلاف من أرغفة الخبز وتوزع على الفقراء “…وأصحاب السجون ومن فيها…”([171]). والأمر نفسه حدث سنة 822هـ، إذ أمر السلطان بذبح الذبائح وتفرقة الخبز “…وأرسل إلى المسجونين من الطعام والخبز…”([172]).

ولعل هذا دليل جيد على المفاهيم التي كانت سائدة في تلك العصور، والتي في ضوئها كانت تعالج الأمور في أثناء هذه الأزمات من ناحية، كما يدل على أن السلطة كانت تهتم بإطعام المساجين إبان الأزمات سواء هي بنفسها بتفريق الصدقات أو بإلزام أصحاب الدين بإطعام المدينين، وإن دل على شيء فإنما يدل على أن الدولة كانت تقوم بإطعام المساجين في الأوقات العادية بشكل مستمر بدليل أنها لم تنسهم في أثناء الغلوات([173]).

وإذا كان بعض الباحثين([174]) يقول: “إن الدولة لم تهتم بالحد الأدنى من الرعاية وهو توفير الطعام للمسجونين باعتباره شرطًا أساسيًا لبقائه في الحياة الأمر الذي أدى في حالات كثيرة إلى موت بعض المسجونين جوعًا أو اضطرارهم إلى أكل أشياء لا تصل للاستعمال الآدمي لمواجهة تلك النهاية القاسية”، واستدل على كلامه بمثال حدث في مجاعة سنة 776هـ التي فيها: “…رمي طين بالسجن لعمارة حايط به، فأكله المسجونون من شدة جوعهم…”([175]).

فإننا نقول: إن هذا التوزيع كان في أثناء المجاعات، حين كان الفقير ينادي بأعلى صوته: “أعطوني لله تعالى لبابة في قدر شحمة أذني أشمها وخذوها، فلا يغاث ولا يزال على ذلك الصياح حتى يموت ولم يجد ما يقوَّت به”([176]).

فإذا كان هذا وضع الذي يملك حريته ويستطيع العمل والكسب! فكان من الطبيعي أن تنعكس آثار المجاعة على كل شيء في البلاد وليس السجون فقط، وليس معنى ذلك أننا نقول إن أهل السجون كانوا دائمًا في حالة مميزة، بل إن ما نقصده هو أن الدولة في أوقات الاستقرار وبعض أوقات الأزمات كانت توفر لهم طعامًا يجعلهم على قيد الحياة. وقد أشارت المصادر إلى خروج المسجونين أحيانًا يسألون الناس في الطرقات فإذا وصل إلى أيديهم شيء من الصدقة استولى السجَّان على معظمه بحجة توزيعه عليهم فيما بعد، ولا ينال المسجون من هذه الصدقات إلا ما يسد رمقه([177]). ويقول فابري: إنه شاهد السلطة المملوكية وهي تسمح للسجناء بالخروج إلى الشوارع مكبلين في أغلالهم ثلاث مرات أسبوعيًّا بصحبة حَّراسهم يتجولون في الشوارع والطرقات لكي يطلبوا إحسانًا من الناس، وإذا منحهم شخص شيئًا من هذه الأموال تدّخر لهم حتى يتم لهم بفضل هذه الأموال افتداء أنفسهم، ويقول: إنه شاهد حالة تؤكد ذلك([178])، وقال: إنه يسمح لهم في أثناء سيرهم في الشوارع أخذ ما يريدون من محلات الباعة بأيديهم غير الموثقة دون دفع مقابل لها، كما يأخذون ما تقع عليه أيديهم من فاكهة أو لحوم أو خبز يحملها الناس في الطرقات ولا ينكر عليهم أحد([179]).

وهذا يعد دليلا على أن السلطة إن لم تكن تعطي المساجين الطعام في بعض الأوقات ولم تلزم صاحب الدين بإطعام السجين إن كان المسجون على دين، ولم ترد تحمل أعباء مالية وغذائية لأن النظام الحاكم كان في حالة شكوىً دائمة من العجز المالي تعبيرًا عن واقع، تمثَّل في عجز السلاطين عن صرف مرتبات الجند النقدية والعينية، وكانت تسمح للمسجونين بالتسول حتى لا يموتوا جوعًا، وبصرف النظر عن فساد النظام الإداري المتمثل في السجان، فإن ذلك يعد سبيلًا اتخذته الدولة في بعض الأحايين حتى لا يقع المحبوس صريعًا للجوع.

وإذا كان استدلال الباحث صحيحًا بعدم اهتمام الدولة بإطعام المحبوسين وتعرضهم للموت جوعا دائمًا؛ فلماذا كان بعض السلاطين يأمرون بإخراج المساجين من حبسهم إبان الأزمات مثلما أمر السلطان برسباي أيضًا سنة 841هـ بإغلاق السجون والإفراج عمن فيها من المساجين “…وصار من له عند أحد حق لا يصل إليه، وانتشر السرَّاق في البلاد…”([180])، ولماذا أمر الغوري سنة 909هـ بمنع الفقهاء من الجلوس للحكم في القضايا وألا يشتكي أحد أحدًا إلا من الشرع الشريف”([181]) إلا إذا كان وجودهم على ذمة الدولة– في السجون- يكلفهم ماديًا، والتكلفة هنا هي توفير الغذاء؟

ولم تكن الإجراءات التي أشرنا إليها هي كل ما اتبعته الدولة المملوكية في مجال توفير احتياجات الفقراء في مصر، فهناك إجراءات أخرى بطبيعة الحال، مثل الأمر بتوجه العسكر خارج القاهرة، وتفرقة الجند في البلاد؛ وذلك حتى ترخص الأسعار؛ لأن تجميعهم في بلد واحد يؤدي إلى ارتفاعها([182]). وكانت سياسة تغيير المحتسب أيضًا بسبب عدم القدرة على مواجهة الأزمة إحدى الإجراءات الحاضرة في ذهن سلاطين المماليك كثيرًا وتعيين محتسب جدير بالمسئولية([183])، ومحاولات بعض السلاطين إصلاح العملة لمواجهة ارتفاع الأسعار([184]) وتسكين غضب الناس عن طريق المناداة بقراءة صحيح البخاري أو الابتهال والاستسقاء وصيام ثلاثة أيام.. وغير ذلك.

الخاتمة

مما سبق تبين أن اقتصاد مصر كان اقتصادًا زراعيًّا حرفيًّا، وترتب على ذلك:

من الناحية الزراعية أن جودة الأراضي الزراعية في مصر ووفرة إنتاجها وتعدده وتميزه كان سببًا مباشرًا في ثراء مصر المملوكية من ناحية، ومن ناحية أخرى كان وراء جودة الأراضي عوامل شتى: فأما من جهة الأرض فقد كانت أرض مصر ضمن أراضي الوادي الخصبة والتي تمتد على جانبي النيل واختلطت تربتها بطينة نهر النيل، وأما من جهة الإنسان فقد استطاع تسخير مياه الفيضان والاستفادة بكل قطرة منها في زراعة المساحات الشاسعة من الأرض، فضلًا عن كونه استخدم في ذلك الوقت المخصبات الطبيعية لتحسين الأرض واستعان ببعض الآلات لتقليب الأرض مثل الفأس والمحراث وغيرها وعرف أيضًا أفضل طرق الري والزراعة آنذاك والدورات الزراعية وغيرها مما كان له أثره في رعاية ازدهار الصنائع والحرف وظهر وامتد في عهود الاستقرار والقوة.

رعاية سلاطين المماليك لمسألة الري المتمثلة في الاهتمام بالخلجان والجسور التي حظيت هي الأخرى بكامل الرعاية من الدولة، وكان لها أفراد مشرفون عليها فانتشرت المساحات الخضراء وزاد معها الإنتاج الحيواني وكثرت الثروة الحيوانية في البلاد وتعددت أنواعها وأسواقها، وبفضل النيل والبحار وجدت ثروة سمكية كبيرة مكنت الفقراء من الحصول على وجبة من البروتين؛ وأسهم الإنتاج برمته في الارتقاء بالنواحي الحضارية بالبلاد.

أما في جانب الصناعات والحرف: يعزى ازدهار الحرف والصناعات إلى عدة عوامل، ذلك أن سلاطين عهود القوة اتخذوا عدة إجراءات وتدابير للنهوض بالإنتاج الحرفي والصناعي.

كان من جهود المماليك ما هو هيكلي تنظيمي ومنها ما هو مادي واقعي.

من بين مظاهر هذه الإجراءات اعتناء بعض السلاطين بمشاكل الحرفيين عبر المحتسب، ومراقبة السلطان للمحتسب نفسه بنزوله للأسواق وتفقده بعض السلع والاطمئنان على وزنها وسلامتها.

كانت الضرائب المفروضة في طور القوة تسير بموازاة مع ذلك – فكانت معقولة-وملائمة للرواج ومستوى الدخل فترتب على ذلك اقتصاد داخلي قوي، وبيت مال موفور.

كان نشاط البيع والشراء في الأسواق المحلية في قمة الانتعاش والازدهار.

نَعِم مجتمع مصر المملوكية في أوقات قوة الدولة بعوامل الاستقرار والأمان والرخاء.

برز تعدد سياسة المماليك الإصلاحية في طور القوة إزاء الزراعة والري ومكافحة الأزمات الاقتصادية ومحاربة الاحتكار وحماية طوائف المنتجين والفلاحين والمستهلكين.

كان التسعير من واجب السلطان.

كانت النهضة الصناعية التي قامت في عهدهم لا مثيل لها في مصر منذ الفتح العربي الإسلامي إلى حين تولي المماليك أمرها واستولوا على أعنة الحكم فيها.

تنوع جهود الحكام في رعاية الفقراء في أوقات القوة بالخصوص، وإن كانوا لم يغفلوا رعايتهم أيضًا في أوقات الاضطراب ولكن كانت جهودًا محدودة نوعًا ما.


[1])) ابن إياس (أبو البركات محمد بن أحمد ت: 930هـ)، بدائع الزهور في وقائع الدهور، ج2، تحقيق محمد مصطفى، ط3، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، 2008م، ص65

[2])) البقاعي (إبراهيم بن عمر ت: 885هـ)، إظهار العصر لأسرار أهل العصر، ج3، تحقيق محمد سالم بن شديد العوفي، ط1، الرياض، 1992م، ص237.

([3]) السحماوي (شمس الدين محمد ت: 868هـ)، الثغر الباسم في صناعة الكاتب والكاتم، ج1، تحقيق: أشرف محمد أنس، ط1، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، 2013م، ص245

([4]) شافع بن علي (شافع بن علي بن عباس ت:730هـ)، الفضل المأثور في سيرة الملك المنصور، تحقيق عمر عبد السلام تدمري، ط1،المكتبة العصرية، بيروت، 1998م، ص172؛ السحماوي، الثغر الباسم، ج1، ص230.

([5]) شافع بن علي، الفضل المأثور، ص173؛ السحماوي، الثغر الباسم، ج1ص242-246.

[6]) حكم الناصر محمد على ثلاثة فترات: الفترة الأولى من 692-694هـ، وانتهت بعزله من قبل العادل كتبغا، ثم حكم الفترة الثانية 698-708هـ، وانتهت بعزله على يد بيبرس الجاشنكير، ثم كانت الفترة الثالثة والأخيرة من 709-741هـ. (الباحث)

([7]) ابن إياس، جواهر السلوك في أمر الخلفاء والملوك، تحقيق محمد زينهم، ط1، الدار الثقافية للنشر (القاهرة)، 2006م، ص170.

([8]) ابن تغري بردي (أبو المحاسن يوسف ت: 874هـ)، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، ج9، تحقيق القسم الأدبي بدار الكتب، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2008م، ص192، 198؛ السحماوي، الثغر الباسم، ج1، ص244.

([9]) ولعل هذا ما يعطي لنظرية ابن خلدون مصداقية في التحليل، مما يعكس خبرة الرجل في العمران البشري؛ وذلك حين أكد أنه “…إذا قلَّت الوزائع والوظائف على الرعايا نشطوا للعمل ورغبوا فيه، فيكثر الاعتمار ويتزايد محصول الاعتباط بقلة المغرم، وإذا كثرت أعداد تلك الوظائف والوزائع، فكثرت الجباية التي هي جملتها…”ابن خلدون (عبد الرحمن بن محمد ت. 808هـ)، المقدمة، دار الكتب العلمية، بيروت، 1992م، ص294.

([10]) ابن حجر (شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد ت: 852هـ)، إنباء الغمر بأبناء العمر، ج1، تحقيق حسن حبشي، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، 2009م، ص422.

([11]) ابن أيبك (أبو بكر عبد الله بن أيبك ت. 709هـ)، كنز الدرر وجامع الغرر، ج9 “الدر الفاخر في سيرة الملك الناصر” تحقيق هانس روبرت رويمر، القاهرة، 1960م، ص320

([12]) ابن حبيب (الحسن بن عمر بن الحسن ت. 779هـ)، درة الأسلاك في دولة الأتراك، ج1، تحقيق محمد محمد أمين، دار الكتب المصرية، القاهرة، 2014م، ص199؛ المقريزي (تقي الدين أحمد بن علي ت: 845هـ)، السلوك لمعرفة دول الملوك، ج1، تحقيق محمد مصطفى زيادة وسعيد عاشور، ط3، دار الكتب والوثائق، القاهرة، 2009م، ص508؛ السحماوي، الثغر الباسم، ج1ص223.

([13]) النويري (شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب ت. 733هـ)، نهاية الأرب في فنون الأدب، ج31 تحقيق: نجيب فواز وغيره، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 2004م، ج31، ص4.

([14]) الفضل المأثور، ص170؛ الهاشمي (الحسن بن أبي محمد عبد الله الهاشمي ت:717هـ)، نزهة المالك والمملوك في مختصر سيرة من ولى مصر من الملوك: يؤرخ من عصر الفراعنة والأنبياء حتى سنة 717هـ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، ط1، المكتبة العصرية، بيروت،2003م، ص161.

([15]) شافع بن علي، الفضل المأثور، ص171.

([16]) العيني (بدر الدين محمود ت. 855هـ)، عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان، ج3، تحقيق محمد محمد أمين، دار الكتب والوثائق، القاهرة، 2010م، ص211؛ السحماوي، الثغر الباسم، ج1، ص231.

([17]) النويري، نهاية الأرب، ج32 ص175؛ السحماوي، الثغر الباسم، ج1، ص 244-245،

([18]) ابن حبيب، تذكرة النبيه في أيام المنصور وبنيه، ج2، تحقيق محمد محمد أمين، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1982م، ص69.

([19]) الهاشمي، نزهة المالك، ص 176، 229-231؛ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج9، ص46-48؛ المقريزي، السلوك، ج2، ص150 – 151

([20]) المقريزي، السلوك، ج2، ص150؛ ابن حبيب، تذكرة النبيه، ج2، ص143.

([21]) ولعل أمراء السوء قد أعادوا هذا الظلم ثانية حيث نجد أن الظاهر برقوق قد أبطل مكس معمل الفراريج بالنحريرية وما معها من بلاد الغربية سنة 791هـ. انظر: المقريزي، السلوك ج3ص945؛ ابن تغري بردي، المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي، ج3، تحقيق محمد محمد أمين، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1985م، ص339.

([22]) المقريزي، السلوك، ج2، ص150؛ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج9، ص47.

([23]) النويري، نهاية الأرب، ج32، ص175؛ المقريزي، السلوك، ج2، ص150.

([24]) فقد تعددت إشارات المصادر التي تفيد بقيام سلاطين المماليك حتى نهاية عهد برقوق بإصدار مراسيم تقضي بإلغاء ضرائب معينة على مواد المعيشة وبالخصوص الغذائية منها، نذكر على سبيل المثال: ما أصدره الكامل شعبان سنة 747هـ إلى ولاة الأعمال بإعفاء النواحي من المغارم ورماية الشعير والبرسيم. كما تعددت الضرائب التي ألغاها برقوق من على القمح والأسماك والبقر، وبعض مغارم البلاد، بعدة نواحٍ من مصر. انظر: المقريزي، السلوك، ج3، ص217، 266، 267، 405، 597؛ ابن حجر، إنباء الغمر، ج1ص85-59، 219، 366؛ ابن تغري بردي، النجوم، ج12 ص110-111.

([25]) ابن إياس، بدائع الزهور، ج4، ص304؛ ج5، ص7، 81؛ شرف الدين المدني (ت910هـ تقريبا)، مواهب اللطيف في فضل المقام الشريف في مناقب السلطان قنصوة الغوري، تحقيق مديحة الشرقاوي، ط1، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 2001م، ص16-17.

([26]) البقاعي (إبراهيم بن عمر البقاعي ت: 885هـ)، إظهار العصر لأسرار أهل العصر، تحقيق محمد سالم بن شديد العوفي، ط1، الرياض، 1992م، ق1، ص352؛ ق2، ص20؛ ق3 ص16.

([27]) عبد الباسط بن خليل (ت:920هـ)، نيل الأمل في ذيل الدول، ج2، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، ط1، المكتبة العصرية، بيروت، 2002م، ص315.

([28]) ابن إياس، بدائع الزهور، ج3 ص7 – 8.

([29]) ابن إياس، بدائع الزهور، ج4 ص304.

([30]) المقريزي، السلوك، ج4، ص527؛ عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج1 ق4، ص58؛ ابن حجر، إنباء الغمر، ج3، ص217، 235.

([31]) المقريزي، السلوك، ج4، ص621؛ عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج1 ق4، ص118

([32]) ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج16، ص160؛ الأسدي، محمد بن محمد بن خليل (ق 9هـ)، التيسير والاعتبار والتحرير والاختبار فيما يجب من حسن التدبير والتصرف والاختيار، تحقيق: عبد القادر طليمات، ط1، دار الفكر العربي، القاهرة، 1969م، ص96، 135؛ البقاعي، إظهار العصر، ق2، ص285.

([33]) فمثلًا إذا كان السلطان قد قرر رمي قمح مقابل ألف دينار ومطلوب تسديد الألف دينار من تجار القاهرة كلها، وعدد تجار القاهرة مائتي تاجر وبائع، فيكون المفروض على كل تاجر خمسة دنانير على عكس ما إذا حمى بعض الأمراء مائة تاجر فيكون الألف دينار كله على المائة تاجر الآخرين فيصبح على كل تاجر 10 دنانير، وهذا يعني ظلم بعض التجار والباعة من ناحية، كما يؤدي إلى ارتفاع السعر حتى يعوض التاجر ما دفعه؛ لأنه حينئذ يكون السعر حرًّا فيتغالى التجار في الأسعار بحجة توفير ما عليهم من هذه الضريبة. يراجع: ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج 15، هامش ص60.

([34]) ابن الصيرفي (علي بن داود الجوهري ت. 900هـ)، نزهة النفوس والأبدان في تواريخ الزمان، ج1، تحقيق: حسن حبشي، ط2، دار الكتب والوثائق، 2010م، ص413.

([35]) البقاعي، إظهار العصر، ق3، ص237.

([36]) عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج2، ق8، ص141؛ السخاوي (محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن بكر ت. 902هـ)، وجيز الكلام في الذيل على دول الإسلام، ج3، تحقيق بشار عواد معروف وآخرون، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1995م، ص1085.

([37]) عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج1، ق1، ص223؛ المقريزي، السلوك، ج2ص854.

([38]) ابن تغري بردي، حوادث الدهور، ج3، ص 512، 628؛ ابن الصيرفي، إنباء الهصر بأنباء العصر، تحقيق حسن حبشي، هيئة الكتاب (القاهرة)، 2000م، ص187، 476؛ عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج2، ق7، ص322، 345.

([39]) شافع بن علي، الفضل المأثور، ص170– 173؛ المقريزي، السلوك، ج2 ص704؛ عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج1 ق1، ق128؛ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج9 ص192.

([40]) ابن عبد الظاهر، تشريف الأيام، ص24-26؛ ابن شداد (محمد بن علي بن إبراهيم ت. 684هـ)، تاريخ الملك الظاهر، تحقيق أحمد حطيط، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2009م، ص347؛ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج9 ص178؛ المقريزي، السلوك، ج2، ص251، 261-262، 473. وقد كفتنا بعض الدراسات الحديثة الحديث عن ذلك وأفاضت في دور الدولة في مجال الزراعة والاهتمام بشبكة الري. انظر: سامي محمد نور، المنشآت المائية بمصر من الفتح الإسلامي حتى نهاية العصر المملوكي، دار الوفاء، القاهرة، 1999م، ص56 – 190.

([41]) المنصوري (بيبرس ت: 725هـ/1324م)، التحفة الملوكية في الدولة التركية، تحقيق: عبد الحميد صالح، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط2، 1987م، ص37؛ العيني، عقد الجمان، ج1، ص108.

([42]) المنصوري، مختار الأخبار: تاريخ الدولة الأيوبية ودولة المماليك البحرية حتى سنة 702هـ، تحقيق عبدالحميد صالح حمدان، ط1، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 1993م، ص119؛ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج8 ص148.

([43]) المقريزي، السلوك، ج2 ص910؛ ابن إياس، بدائع الزهور، ج1 ق1، ص550.

([44]) عن ذلك انظر: ابن إياس، بدائع الزهور، ج4 ص325؛ جواهر السلوك، ص405.

([45]) انظر: المقريزي، السلوك، ج3 ص638، ج4 ص678؛ ابن حجر، إنباء الغمر، ج2 ص42؛ ابن تغري بردي، حوادث الدهور، ج1 ص121؛ النجوم الزاهرة، ج11، ص352؛ عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج1، ق1، ص218، 263؛ المنصوري، التحفة المملوكية، ص37؛ ابن الصيرفي، نزهة النفوس، ج1، ص232.

([46]) المقريزي، السلوك، ج2، ص896؛ السحماوي، الثغر الباسم، ج1، ص252؛ ابن اياس، بدائع الزهور، ج4 ص96.

([47]) المقريزي، السلوك، ج2، ص728، 770، 907.

([48]) المنصوري، مختار الأخبار، ص93؛ العيني، عقد الجمان، ج4 ص174.

([49]) التوسيط: هو قتل المتهم بضربه بالسيف من تحت السُرة، والتسمير: هو صلب المتهم على خشبتين وتسميره فيهما بالمسامير الغلاظ. والعصر يتم بوضع المذنب بين خشبتين مربوطتين يوضع فيهما الجزء المراد عصره للمتهم ثم تشد الخشب فتكسر عظامه. انظر: علاء طه رزق حسين، السجون والعقوبات في مصر عصر سلاطين المماليك، دكتوراه بآداب الزقازيق،1996م، ص101.

([50]) المقريزي، السلوك، ج1، ص387؛ ج2، ص912؛ ج4، ص274، 396؛ السحماوي، الثغر الباسم، ج1ص245-246؛ ابن إياس، بدائع الزهور، ج1 ق2، ص368؛ ج3 ص43.

([51]) الهاشمي، نزهة المالك، ص184؛ المقريزي، السلوك، ج1، ص920-922.

([52]) بني زهير وهم بطن من جذام. عنهم انظر: المقريزي، البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب، تحقيق عبد المجيد عابدين، ط1، عالم الكتب، القاهرة، 1961م، ص65.

([53]) المقريزي، السلوك، ج3، ص638.

([54]) اليوسفي (موسى بن محمد بن يحيى ت: 759هـ/1358م): نزهة الناظر في سيرة الملك الناصر، تحقيق: أحمد حطيط، عالم الكتب، بيروت، ط1، 1986م، ص254-255.

([55]) ابن الصيرفي، نزهة النفوس، ج1، ص213. وانظر: سيد عبد العال، ثورات العربان وأثرها في الاقتصاد المصري زمن سلاطين المماليك، المؤرخ المصري،ع20، أكتوبر 2012م.، ص400.

([56]) المقريزي: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، ج1، مكتبة الآداب، القاهرة، 1996م، ص367؛ ابن حجر، إنباء الغمر، ج1، ص134،210.

([57]) المقريزي، السلوك، ج3 ص394؛ القلقشندي (أبو العباس أحمد بن علي ت. 821هـ)، صبح الأعشى في صناعة الإنشا، ج4، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2004م، ص6، 24، 25، 26؛ ابن إياس، بدائع الزهور، ج2 ص223.

([58]) القلقشندي، صبح الأعشى، ج11، ص428، 430.

([59]) القلقشندي، ضوء الصبح المسفر وجني الدوح المثمر، نشر محمود سلامة، القاهرة، 1906م، ص265.

([60]) كنز الدرر وجامع الغرر، ج9، ص63.

([61]) بيبرس المنصوري، زبدة الفكر في تاريخ الهجرة، ج9، تحقيق: زبيدة عطا، مركز عين للدراسات، القاهرة، 2001م، ص392.

([62]) عقد الجمان، ج4، ص138-139.

([63]) المقريزي، السلوك، ج2، ص907.

([64]) القلقشندي، صبح الأعشى، ج4 ص37؛ ابن شاهين (غرس الدين خليل الظاهري ت: 872هـ/1467م): زبدة كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك، تحقيق: بولس روايس، باريس، 1894م، ص131؛ ابن فضل الله (شهاب الدين أحمد بن يحيى ت: 749هـ/1348م): التعريف بالمصطلح الشريف، تحقيق سمير الدروبي، منشورات جامعة مؤتة-الأردن، 1992م، ص75.

([65]) الشيزري (عبد الرحمن بن نصر ت: 589هـ/1193م): نهاية الرتبة في طلب الحسبة، تحقيق: السيد الباز العريني، لجنة التأليف والنشر والترجمة، القاهرة، 1946م، ص12؛ ابن بسام (ت: 542هـ/1147م): نهاية الرتبة في طلب الحسبة، تحقيق: حسام الدين السامرائي، مطبعة المعارف، بغداد، 1968م، ص17-18؛ ابن خلدون، المقدمة، ص225.

([66]) القلقشندي، صبح الأعشى، ج5، ص9.

([67]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص12؛ ابن بسام، نهاية الرتبة، ص17؛ ابن الأخوة (محمد بن محمد بن أحمد القرشي ت: 729هـ/1328م): معالم القربة في أحكام الحسبة، تحقيق: روين ليوي، مطبعة دار الفنون، كمبردج-انجلترا، 1937م، ص92.

([68]) ابن تيمية (تقي الدين أحمد بن عبد السلام ت: 728هـ/1327م): الحسبة في الإسلام، دار الفكر، بيروت، (د.ت)، ص493-494؛ السبكي (عبد الوهاب على ت: 771هـ/ 1369م): معيد النعم ومبيد النقم، تحقيق: محمد على النجار وغيره، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط2، 1993م، ص66.

([69]) ابن بطوطة (محمد بن عبد الله اللواتي ت:779هـ/1377م): تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، تحقيق محمد السعيد الزيني، المكتبة التوفيقية، القاهرة، (د.ت)، ص43.

([70]) ابن بسام، نهاية الرتبة، ص25-26.

([71]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص21؛ ابن الأخوة، معالم القربة، ص152؛ ابن تيمية، الحسبة، ص20.

([72]) ابن حجر، إنباء الغمر، ج3، ص436.

([73]) الجدير بالذكر أن الخَبَّاز في هذا العصر هو من كان يعد الخبز. أما الفَرَّان فهو متولي نضج الخبز. انظر: قاسم، دراسات في تاريخ مصر الاجتماعي عصر سلاطين المماليك، دار الشروق، القاهرة، 1994م، ص54.

([74]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص23؛ ابن الأخوة، معالم القربة، ص91-92.

([75]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص23؛ ابن الأخوة، نهاية الرتبة، ص91-92؛ ابن تيمية، الحسبة، ص20.

([76]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص23؛ ابن الأخوة، نهاية الرتبة، ص91.

([77]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص23، 24.

([78]) ابن حجر، إنباء الغمر، ج3، ص215.

([79]) ابن إياس، بدائع الزهور، ج1، ق2، ص137.

([80]) ابن بسـام، معالم القربة، ص51.

([81]) ابن الحاج (أبو عبد الله محمد بن محمد العبدري ت. 737هـ)، المدخل إلى الشرع الشريف، دار الحديث، القاهرة، 1981م، ج4، ص161.

([82]) الشيرزي، نهاية الرتبة، ص34؛ ابن بسام، نهاية الرتبة، ص44.

([83]) الشيرزي، نهاية الرتبة، ص58.

([84]) الشيرزي، نهاية الرتبة، ص58-59.

([85]) ابن بسام، نهاية الرتبة، ص29.

([86]) ابن بسام، نهاية الرتبة، ص 29-30؛ الشيزري، نهاية الرتبة، ص60.

([87]) الشيرزي، نهاية الرتبة، ص59.

([88]) الشيرزي، نهاية الرتبة، ص60.

([89]) ابن الأخوة، معالم القربة، ص99.

([90]) ابن الحاج، المدخل، ج4 ص182؛ الشيزري، نهاية الرتبة، ص27؛ ابن الأخوة، معالم القربة، ص99

([91]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص28-29؛ ابن الأخوة، معالم القربة، ص99، 101.

([92]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص29؛ ابن الأخوة، معالم القربة، ص101؛ السبكي، معيد النعم، ص142-143

([93]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص30؛ ابن الأخوة، معالم القربة، ص37.

([94]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص30؛ ابن بسام، نهاية الرتبة، ص37-38؛ ابن الأخوة، معالم القربة، ص38؛ ابن الحاج، المدخل، ج4 ص165.

([95]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص32؛ ابن بسام، نهاية الرتبة، ص43.

([96]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص38؛ ابن بسام، نهاية الرتبة، ص44

([97]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص38؛ ابن بسام، نهاية الرتبة، ص44.

([98]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص38-39؛ ابن بسام، نهاية الرتبة، ص44-45.

([99]) المقريزي، السلوك، ج2 ص613.

([100]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص33.

([101]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص58.

([102]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص25-26؛ ابن بسام، نهاية الرتبة، ص41-42؛ ابن الأخوة، معالم القربة، ص112؛ ابن البيطار (ضياء الدين عبد الله بن أحمد الملقي ت:664هـ)، الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، القاهرة،1291هـ، مج1، ج2، ص166.

([103]) ابن بسام، نهاية الرتبة، ص47-48.

([104]) الشيزري، نهاية الرتبة، ص40؛ ابن الأخوة، معالم القربة، ص114.

([105]) قاسم، دراسات، ص174

([106]) المنصوري، مختار الأخبار، ص27؛ المقريزي، السلوك، ج1، ص507.

([107]) النويري، نهاية الأرب، ج30 ص59؛ ابن حبيب، درة الأسلاك، ج1، ص195.

([108]) المقريزي، السلوك، ج1 ص508.

([109]) المقريزي، السلوك، ج1 ص508؛ العيني، عقد الجمان، ج1، ص376؛ ابن إياس، جواهر السلوك، ص117.

([110]) المقريزي، إغاثة الأمة بكشف الغمة، تحقيق، محمد مصطفى زيادة وجمال الدين الشيال، لجنة التأليف والترجمة، القاهرة، 1940م، ص35؛ ابن حجر، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، ج3، نشر سالم الكرنكوي، دار الجيل (بيروت)، 1993م، ص263.

([111]) عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج1، ق2، ص80-82؛ المقريزي، السلوك، ج3، ص232-236؛ السحماي، الثغر الباسم، ج1، ص258؛ السخاوي (محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن بكر ت. 902هـ)، وجيز الكلام في الذيل على دول الإسلام، ج1، تحقيق: بشار عواد معروف وآخرون، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1995م، ص143.

([112]) ابن حجر، إنباء الغمر، ج2، ص324؛ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج13، ص53.

([113]) قاسم، دراسات، ص175.

([114]) تجدر الإشارة إلى أن المجاعات الشاملة التي حدثت في الدولة المملوكية هي سنوات 694-695هـ، 775 -776هـ، 808هـ، 892هـ، وفي المجاعات الثلاث الأولى اتبعت الدولة سياسة تفريق الفقراء بقوة. أما المجاعة الشاملة التي حدثت في العقود الأخيرة من عصر الجراكسة سنة 892هـ فلم تتبع السلطة تلك السياسة على الرغم من تفاقمها بشدة وقامت بتسعير المواد الغذائية، وفتح الشون. انظر: عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج2، ق8، ص55-65؛ السخاوي، وجيز الكلام، ج3 ص992-1008.

([115]) المقريزي، السلوك، ج3، ص235؛ ابن حجر، إنباء الغمر، ج1، ص71؛ ابن إياس، بدائع الزهور، ج1، ق2، ص140.

([116]) المقريزي، المقفى الكبير، ج2، تحقيق محمد اليعلاوي،، ط1، دار الغرب الإسلامي، بيروت،1991م، ص328، 365؛ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج7، ص216؛ ج8، ص192.

([117]) المقريزي، السلوك، ج1، ص507.

([118]) ابن حجر، إنباء الغمر، ج3، ص477.

([119]) المقريزي، السلوك، ج4 ص366؛ ابن حجر: إنباء الغمر، ج3 ص85؛ ابن إياس، بدائع الزهور، ج2 ص25. وللمزيد من الأمثلة انظر: عبد الباسط ابن خليل، نيل الأمل، ج1، ق3، ص311.

([120]) المقريزي، السلوك، ج،4 ص349.

([121]) عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج1، ق2، ص91؛ ج1، ق3، ص293؛ المقريزي، السلوك، ج3 ص239؛ ج4 ص336؛ البقاعي (إبراهيم بن عمر ت:885هـ)، إظهار العصر لأسرار أهل العصر، ق2، تحقيق محمد سالم بن شديد العوفي، ط1، الرياض، 1992م، ص251؛ ابن إياس، بدائع الزهور، ج2 ص24

([122]) شافع بن علي، حسن المناقب السرية المنتزعة من السيرة الظاهرية، تحقيق: عبد العزيز الخويطر، ط2، الرياض، 1989م، ص151؛ المقريزي، إغاثة الأمة، ص33؛ عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج2، ق6، ص330، 410؛ السخاوي، التبر المسبوك، ج3، ص89؛ ابن إياس، بدائع الزهور، ج3، ص16، 17.

([123]) شافع بن علي، حسن المناقب، ص152؛ المقريزي، السلوك، ج1، ص705؛ إغاثة الأمة، ص40.

([124]) اليوسفي، نزهة الناظر، ص299.

([125]) المقريزي، السلوك، ج1، ص717.

([126]) اليوسفي، نزهة الناظر، ص294.

([127]) المقريزي، السلوك، ج3 ص818؛ ابن الصيرفي، نزهة النفوس، ج1، ص391.

([128]) عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج2، ق8، ص56.

([129]) ابن حجر، إنباء الغمر، ج3، ص85، 175؛ ابن تغري بردي، حوادث الدهور، ج1، ص161.

([130]) ابن الصيرفي، نزهة النفوس، ج1 ص426؛ المقريزي، السلوك، ج3، ص856؛ ابن إياس، بدائع الزهور، ج1، ق2، ص482.

([131]) ابن قاضي شهبة (تقي الدين أبي بكر بن أحمد)، تاريخ ابن قاضي شهبة، ج1، تحقيق عدنان درويش، المعهد الفرنسي للدراسات العربية، دمشق، 1994م، ص576؛ السخاوي، وجيز الكلام، ج1، ص321؛ عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج1، ق2، ص366.

([132]) ابن حجر، إنباء الغمر، ج3 ص85؛ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج14، ص40؛ ابن إياس، بدائع الزهور، ج2، ص25.

([133]) المقريزي، السلوك، ج4، ص711؛ عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج2، ق4، ص191؛ ابن إياس، بدائع الزهور، ج2، ص104.

([134]) شافع بن علي، حسن المناقب، ص74؛ اليونيني (قطب الدين موسى بن محمد ت: 726هـ/1326م): ذيل مرآة الزمان، ج3، تحقيق: وزارة التحقيقات والأمور الثقافية بالهند، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، ط2، 1992م، ص252-253؛ المقريزي، السلوك، ج4، ص711.

([135]) المقريزي، السلوك، ج4، ص366؛ عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج1، ق3، ص311؛ ابن إياس، بدائع الزهور، ج2، ص28.

([136]) للمزيد انظر: قاسم، دراسات، ص176.

([137]) عن رأي الفقهاء في التسعير بالتفصيل انظر: محمد أحمد صالح، التسعير في نظام الشريعة الإسلامية، مجلة البحوث الإسلامية، القاهرة، ع4، 1398هـ، ص238.

([138]) المقريزي، السلوك، ج1، ص706؛ إغاثة الأمة، ص33؛ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج7، ص214.

([139]) ابن تغري بردي، حوادث الدهور، ج1، ص452.

([140]) ابن الصيرفي، إنباء الهصر، ص476-477.

([141]) ابن الصيرفي، إنباء الهصر، ص476-477.

([142]) ابن تغري بردي، حوادث الدهور، ج2 ص676.

([143]) ابن إياس، بدائع الزهور، ج5، ص81.

([144]) ابن إياس، بدائع الزهور، ج4، ص338.

([145]) ابن حجر، إنباء الغمر، ج3 ص477

([146]) ابن حجر، إنباء الغمر، ج3 ص70-71

([147]) ابن إياس، بدائع الزهور، ج3، ص233.

([148]) ابن إياس، بدائع الزهور، ج4، ص305.

([149]) قاسم، دراسات، ص176.

([150]) مثلًا تشير المصادر سنة 736هـ إلى تواجد مواد الغذاء بالأسواق بعد ضرب المحتسب لكثير من الخبازين والطحانين بالمقارع، وتكرر الأمر أكثر من مرة. انظر: ابن الفرات (ناصر الدين محمد بن عبد الرحيم ت. 807هـ)، تاريخ ابن الفرات، ج9، تحقيق قسطنطين رزيق، ونجلاء، المطبعة الأمريكية، بيروت، 1942م، ص387، 424، 435؛ اليوسفي، نزهة الناظر، ص294؛ المقريزي، السلوك، ج2، ص39-392؛ ابن الصيرفي، إنباء الهصر، ص477؛ ابن إياس، بدائع الزهور، ج3، ص238.

([151]) المقريزي، السلوك، ج4، ص820؛ ابن الصيرفي، إنباء الهصر، ج3، ص436؛ نزهة النفوس، ج3، ص181.

([152]) اليوسفي، نزهة الناظر، ص299؛ المقريزي، السلوك، ج2، ص396.

([153]) الأدفوي (أبو الفضل جعفر بن ثعلب ت. 748هـ)،الطالع السعيد الجامع لأسماء نجباء الصعيد، تحقيق: سعد محمد حسن، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، 1966م، ص545.

([154]) اليوسفي، نزهة الناظر، ص299؛ المقريزي، السلوك، ج2، ص397.

([155]) ابن حجر، إنباء الغمر، ج3 ص71، 72.

([156]) ابن حجر، إنباء الغمر، ج3 ص71، 72؛ العيني، السيف المهند في سيرة الملك المؤيد، تحقيق فهيم شلتوت، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2003م، ص341، 342.

([157]) ابن حجر، إنباء الغمر، ج3، ص86.

([158]) ذكر ابن العبري في سرده لحوادث عام 661هـ أن البندقدار صاحب مصر-أي بيبرس– سير لحاتم ملك الأرمن بحيث يدخل في طاعة بيبرس ويحمل الجزية ويمكّن الناس من مشترى الخيل والبغال والحنطة والشعير… من بلده وهم أيضًا يخرجون إلى الشام ويتاجرون ويشترون ويبيعون، وفي هذا النص إشارة إلى عمل مؤسس دولة المماليك على تقوية الاقتصاد وترويجه للتجارة من ناحية، وأن مصر كانت تستورد القمح والحاصلات الغذائية الأخرى من هذه البلاد في أيام الاستقرار وبالتالي تكرر في أوقات الشدة. انظر: مخطوطة تاريخ الأزمنة، ترجمة: شادية توفيق، المركز القومي للترجمة، القاهرة،2007م، ص232.

([159]) المقريزي، إغاثة الأمة، ص34.

([160]) المنصوري، زبدة الفكر، ص305-307؛ العيني، عقد الجمان، ج3، ص276.

([161]) العيني، عقد الجمان، ج4 ص138.

([162]) اليوسفي، نزهة الناظر، ص300؛ أبو الفداء (عماد الدين إسماعيل ت. 732هـ)، المختصر في أخبار البشر، تحقيق: محمد زينهم عزب، ويحيى سيد حسين، دار المعارف، القاهرة، 1999م، ج4، ص57؛ المقريزي، السلوك، ج2، ص394.

([163]) المقريزي، السلوك، ج2، ص515.

([164]) السخاوي، التبر المسوك، ج3، ص31.

([165]) ابن تغري بردي، النجوم، ج14، ص39؛ ابن الصيرفي، نزهة النفوس، ج2، ص357.

([166]) المقريزي، السلوك، ج4، ص343.

([167]) ابن حجر، إنباء الغمر، ج3، ص70-71.

([168]) ابن تغري بردي، حوادث الدهور، ج1، ص235؛ السخاوي، التبر المسبوك في ذيل السلوك، ج3، تحقيق لبيبة إبراهيم ونجوى مصطفى، دار الكتب والوثائق، القاهرة، 2007م، ص290.

([169]) ابن إياس، بدائع الزهور، ج3، ص233.

([170]) المقريزي، السلوك، ج3، ص466؛ ابن إياس، بدائع الزهور، ج1، ق2، ص303.

([171]) ابن حجر، إنباء الغمر، ج1، ص507؛ ابن الصيرفي، نزهة النفوس، ج1، ص425.

([172]) المقريزي، السلوك، ج3 ص944؛ ابن حجر، إنباء الغمر، ج3، ص199؛ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج12 ص109؛ ابن الصيرفي، نزهة النفوس، ج2 ص455. ومن الطريف ما حدث في عهد السلطان برسباي في الثالث من جمادي الآخرة سنة 839هـ حيث رسم السلطان بعرض المسجونين بسائر الحبوس، ليطلقوا إلى حال سبيلهم من شكواهم الجوع، ثم توقفت لأجل ما يترتب على هذه المصلحة من المفاسد لأرباب الديون في تضييع حقوق، ثم رسم لأصحاب الديون أن يُموِّنوا المسجونين حتى يزول الغلاء، هذا إذا كان الدَّين كثيرًا، أما إذا كان يسيرًا ألزم رب الدين بتقسيطه على المدين، وإن لم يرض بذلك أخرج المسجون، فاتفق أن شخصًا ادعى عند بعض نواب الحفني على شخص بمال، وآل الأمر إلى حبسه، فكتب القاضي على ورقة اعتقال المدين ما صورته “يعتقل بشرط أن يفرض له رب الدين ما يكفيه من المؤونة” المقريزي، السلوك، ج4 ص967؛ ابن الصيرفي، نزهة النفوس، ج3، ص340.

([173]) ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج11، ص235؛ ابن الصيرفي، نزهة النفوس، ج1 ص223.

([174]) علاء طه، السجون، ص69؛ سعاد حسن علي الضويني، الطب والرعاية الصحية في مصر المملوكية، ماجستير بآداب عين شمس،1992م، ص70.

([175]) المقريزي، السلوك، ج3، ص235.

([176]) المقريزي، السلوك، ج3 ص234؛ ابن قاضي شهبة، تاريخه، ج3 ص447؛ ابن حجر، إنباء الغمر، ج1 ص72؛ السخاوي، وجيز الكلام، ج1، ص143-205؛ عبد الباسط بن خليل، نيل الأمل، ج1، ق2، ص60-81؛ ابن إياس، بدائع الزهور، ج1، ق2، ص140.

([177]) المقريزي، الخطط، ج1، ص88؛ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج9، ص46.

)[178]) Fabri،voyage Fabri، F.Voyage en Egypte de Felix Fabri، (ed)masson.j، (paris) 1975،p 413

)[179]) ibid، tom2،p 413،441.

([180]) ابن الصيرفي، نزهة النفوس، ج3، ص400.

([181]) ابن إياس، بدائع الزهور، ج4، ص76-77؛ وانظر: قاسم، دراسات، ص178.

([182]) المقريزي، السلوك، ج1، ص717.

([183]) المقريزي، السلوك، ج2، ص394؛ ابن إياس، بدائع الزهور، ج1، ق2، ص125.

([184]) ابن تغري بردي، حوادث الدهور، ج2، ص310.


 المصادر والمراجع:

  1. الأدفوي (أبو الفضل جعفر بن ثعلب ت. 748هـ)، الطالع السعيد الجامع لأسماء نجباء الصعيد، تحقيق: سعد محمد حسن، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، 1966م
  2. ابن الأخوة (محمد بن محمد بن أحمد القرشي ت: 729هـ/1328م): معالم القربة في أحكام الحسبة، تحقيق: روين ليوي، مطبعة دار الفنون، كمبردج-انجلترا، 1937م.
  3. الأسدي، محمد بن محمد بن خليل (ق 9هـ)، التيسير والاعتبار والتحرير والاختبار فيما يجب من حسن التدبير والتصرف والاختيار، تحقيق: عبد القادر طليمات، ط1، دار الفكر العربي، القاهرة، 1969م
  4. ابن أيبك (أبو بكر عبد الله بن أيبك ت. 709هـ)، كنز الدرر وجامع الغرر، ج9 “الدر الفاخر في سيرة الملك الناصر” تحقيق هانس روبرت رويمر، القاهرة، 1960م
  5. ابن إياس (أبو البركات محمد بن أحمد ت: 930هـ)، بدائع الزهور في وقائع الدهور، ج2، تحقيق محمد مصطفى، ط3، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، 2008م
  6. ابن إياس، جواهر السلوك في أمر الخلفاء والملوك، تحقيق محمد زينهم، ط1، الدار الثقافية للنشر (القاهرة)، 2006م.
  7. ابن بسام (ت: 542هـ/1147م): نهاية الرتبة في طلب الحسبة، تحقيق: حسام الدين السامرائي، مطبعة المعارف، بغداد، 1968م
  8. البقاعي (إبراهيم بن عمر البقاعي ت: 885هـ)، إظهار العصر لأسرار أهل العصر، تحقيق محمد سالم بن شديد العوفي، ط1، الرياض، 1992م.
  9. ابن بطوطة (محمد بن عبد الله اللواتي ت:779هـ: تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، تحقيق محمد السعيد الزيني، المكتبة التوفيقية، القاهرة، (د.ت).
  10. بيبرس المنصوري، زبدة الفكر في تاريخ الهجرة، ج9، تحقيق: زبيدة عطا، مركز عين للدراسات، القاهرة، 2001م.
  11. ابن البيطار (ضياء الدين عبد الله بن أحمد الملقي ت:664هـ)، الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، القاهرة،1291هـ.
  12. ابن تغري بردي (أبو المحاسن يوسف ت: 874هـ)، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، ج9، تحقيق القسم الأدبي بدار الكتب، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2008م
  13. ابن تغري بردي، المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي، ج3، تحقيق محمد محمد أمين، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1985م.
  14. ابن تيمية (تقي الدين أحمد بن عبد السلام ت: 728هـ/1327م): الحسبة في الإسلام، دار الفكر، بيروت، (د.ت)
  15. ابن الحاج (أبو عبد الله محمد بن محمد العبدري ت. 737هـ)، المدخل إلى الشرع الشريف، دار الحديث، القاهرة، 1981م.
  16. ابن حجر (شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد ت: 852هـ)، إنباء الغمر بأبناء العمر، تحقيق حسن حبشي، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، 2009م.
  17. ابن حجر، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، ج3، نشر سالم الكرنكوي، دار الجيل (بيروت)، 1993م.
  18. ابن حبيب (الحسن بن عمر بن الحسن ت. 779هـ)، درة الأسلاك في دولة الأتراك،، تحقيق محمد محمد أمين، دار الكتب المصرية، القاهرة، 2014م
  19. ابن حبيب، تذكرة النبيه في أيام المنصور وبنيه، ج2، تحقيق محمد محمد أمين، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1982م.
  20. ابن خلدون (عبد الرحمن بن محمد ت. 808هـ)، المقدمة، دار الكتب العلمية، بيروت، 1992م.
  21. السبكي (عبد الوهاب على ت: 771هـ/ 1369م): معيد النعم ومبيد النقم، تحقيق: محمد على النجار وغيره، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط2، 1993م.
  22. السحماوي (شمس الدين محمد ت: 868هـ)، الثغر الباسم في صناعة الكاتب والكاتم،، تحقيق: أشرف محمد أنس، ط1، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، 2013م
  23. السخاوي (محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن بكر ت. 902هـ)، وجيز الكلام في الذيل على دول الإسلام، ج3، تحقيق بشار عواد معروف وآخرون، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1995م
  24. السخاوي، التبر المسبوك في ذيل السلوك، ج3، تحقيق لبيبة إبراهيم ونجوى مصطفى، دار الكتب والوثائق، القاهرة، 2007م.
  25. شافع بن علي (شافع بن علي بن عباس ت:730هـ)، الفضل المأثور في سيرة الملك المنصور، تحقيق عمر عبد السلام تدمري، ط1، المكتبة العصرية، بيروت، 1998م
  26. شافع بن علي، حسن المناقب السرية المنتزعة من السيرة الظاهرية، تحقيق: عبدالعزيز الخويطر، ط2، الرياض، 1989م
  27. ابن شاهين (غرس الدين خليل الظاهري ت: 872هـ/1467م): زبدة كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك، تحقيق: بولس روايس، باريس، 1894م
  28. ابن شداد (محمد بن علي بن إبراهيم ت. 684هـ)، تاريخ الملك الظاهر، تحقيق أحمد حطيط، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2009م
  29. شرف الدين المدني (ت910هـ تقريبا)، مواهب اللطيف في فضل المقام الشريف في مناقب السلطان قنصوة الغوري، تحقيق مديحة الشرقاوي، ط1، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 2001م.
  30. الشيزري (عبد الرحمن بن نصر ت: 589هـ/1193م): نهاية الرتبة في طلب الحسبة، تحقيق: السيد الباز العريني، لجنة التأليف والنشر والترجمة، القاهرة، 1946م
  31. ابن الصيرفي (علي بن داود الجوهري ت. 900هـ)، نزهة النفوس والأبدان في تواريخ الزمان، ج1، تحقيق: حسن حبشي، ط2، دار الكتب والوثائق، 2010م.
  32. ابن الصيرفي، إنباء الهصر بأنباء العصر، تحقيق حسن حبشي، هيئة الكتاب (القاهرة)، 2000م،
  33. ابن العبري: مخطوطة تاريخ الأزمنة، ترجمة: شادية توفيق، المركز القومي للترجمة، القاهرة،2007م.
  34. عبد الباسط بن خليل(ت:920هـ)، نيل الأمل في ذيل الدول، ج2، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، ط1، المكتبة العصرية، بيروت، 2002م.
  35. العيني (بدر الدين محمود ت. 855هـ)، عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان، ج3، تحقيق محمد محمد أمين، دار الكتب والوثائق، القاهرة، 2010م
  36. العيني، السيف المهند في سيرة الملك المؤيد، تحقيق فهيم شلتوت، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2003م.
  37. أبو الفداء (عماد الدين إسماعيل ت. 732هـ)، المختصر في أخبار البشر، تحقيق: محمد زينهم عزب، ويحيى سيد حسين، دار المعارف، القاهرة، 1999م
  38. ابن الفرات (ناصر الدين محمد بن عبد الرحيم ت. 807هـ)، تاريخ ابن الفرات، ج9، تحقيق قسطنطين رزيق، ونجلاء، المطبعة الأمريكية، بيروت، 1942م
  39. ابن فضل الله (شهاب الدين أحمد بن يحيى ت: 749هـ/1348م): التعريف بالمصطلح الشريف، تحقيق سمير الدروبي، منشورات جامعة مؤتة-الأردن، 1992م.
  40. ابن قاضي شهبة (تقي الدين أبي بكر بن أحمد)، تاريخ ابن قاضي شهبة، ج1، تحقيق عدنان درويش، المعهد الفرنسي للدراسات العربية، دمشق، 1994م.
  41. المقريزي (تقي الدين أحمد بن علي ت: 845هـ)، السلوك لمعرفة دول الملوك، تحقيق محمد مصطفى زيادة وسعيد عاشور، ط3، دار الكتب والوثائق، القاهرة، 2009م.
  42. المقريزي، إغاثة الأمة بكشف الغمة، تحقيق، محمد مصطفى زيادة وجمال الدين الشيال، لجنة التأليف والترجمة، القاهرة، 1940م.
  43. المقريزي، المقفى الكبير، ج2، تحقيق محمد اليعلاوي، ط1، دار الغرب الإسلامي، بيروت،1991م المقريزي، البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب، تحقيق عبد المجيد عابدين، ط1، عالم الكتب، القاهرة، 1961م.
  44. المقريزي: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، ج1، مكتبة الآداب، القاهرة، 1996م
  45. المنصوري (بيبرس ت: 725هـ/1324م)، التحفة الملوكية في الدولة التركية، تحقيق: عبد الحميد صالح، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط2، 1987م.
  46. المنصوري، مختار الأخبار: تاريخ الدولة الأيوبية ودولة المماليك البحرية حتى سنة 702هـ، تحقيق عبد الحميد صالح حمدان، ط1، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 1993م.
  47. القلقشندي (أبو العباس أحمد بن علي ت. 821هـ)، صبح الأعشى في صناعة الإنشا، ج4، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 2004م.
  48. القلقشندي، ضوء الصبح المسفر وجني الدوح المثمر، نشر محمود سلامة، القاهرة، 1906م.
  49. النويري (شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب ت. 733هـ)، نهاية الأرب في فنون الأدب، ج31 تحقيق: نجيب فواز وغيره، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 2004م، ج31.
  50. الهاشمي (الحسن بن أبي محمد عبد الله الهاشمي ت:717هـ)، نزهة المالك والمملوك في مختصر سيرة من ولى مصر من الملوك: يؤرخ من عصر الفراعنة والأنبياء حتى سنة 717هـ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، ط1، المكتبة العصرية، بيروت،2003م.
  51. اليوسفي (موسى بن محمد بن يحيى ت: 759هـ/1358م): نزهة الناظر في سيرة الملك الناصر، تحقيق: أحمد حطيط، عالم الكتب، بيروت، ط1، 1986م.
  52. اليونيني (قطب الدين موسى بن محمد ت: 726هـ/1326م): ذيل مرآة الزمان، تحقيق: وزارة التحقيقات والأمور الثقافية بالهند، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، ط2، 1992م
    1. Fabri،voyage Fabri، F.Voyage en Egypte de Felix Fabri، (ed)masson.j، (paris) 1975.

المراجع العربية

  1. سامي محمد نور، المنشآت المائية بمصر من الفتح الإسلامي حتى نهاية العصر المملوكي، دار الوفاء، القاهرة، 1999م.
  2. سعاد حسن علي الضويني، الطب والرعاية الصحية في مصر المملوكية، ماجستير بآداب عين شمس،1992م.
  3. سيد عبد العال، ثورات العربان وأثرها في الاقتصاد المصري زمن سلاطين المماليك، المؤرخ المصري،ع20، أكتوبر 2012م.
  4. علاء طه رزق حسين، السجون والعقوبات في مصر عصر سلاطين المماليك، دكتوراه بآداب الزقازيق،1996م.
  5. قاسم عبده قاسم، دراسات في تاريخ مصر الاجتماعي عصر سلاطين المماليك، دار الشروق، القاهرة، 1994م.
  6. محمد أحمد صالح، التسعير في نظام الشريعة الإسلامية، مجلة البحوث الإسلامية، القاهرة، ع4، 1398هـ