تراجم الشِّلِّي (ت: 1094هـ/ 1683م) في كتابه “المشرع الروي” .. دراسة تاريخية وقواعد بيانات تحليلية للمتوفين في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين/ السابع عشر والثامن عشر الميلاديين ـــ أنموذجًا
د. محمد يسلم عبدالنور
د. محمد يسلم عبدالنور – أستاذ التاريخ الإسلامي وحضارته المشارك
كلية الآداب ــــ جامعة حضرموت
المستخلص:
تعد كتب التراجم والطبقات الحضرمية بمختلف أنواعها العمود الفقري والمصدر الأساس لتاريخ حضرموت، وهي بالكثرة من أي مصدر آخر، ومن الأسرة الحضرمية التي حظيت بنصيب الأسد من هذه الكتابة التاريخية أسرة آل أبي علوي التي لها الأثر الحضاري في تاريخ حضرموت.
ولذا فقد كثرت في تراجم هذه الأسرة المصنفات، ومن أشهرها وأقدمها وأفضلها ــ حسب علمي ــ كتاب “المشرع الروي” للشلي (ت: 1094هـ/1683م).
من أجل هذا؛ كان هذا البحث والدراسة التاريخية تعريفًا بالكتاب وبمؤلفه، ومن ثم تحليل تراجمه للمتوفين في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين/ السابع عشر والثامن عشر الميلاديين ـــ لأهميتها ومعاصرة المؤلف لبعضها.
الكلمات المفتاحية: كتاب “المشرع الروي”، محمد بن أبي بكر الشلي، تراجم القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين ــ السابع عشر والثامن عشر الميلاديين.
: Abstract
The various types of Hadhrami biographies and social classes’ books are considered the main pillar and source of the history of Hadramout which are much more than any other source. One of these Hadhrami families which has been shed light on among these historical writings is Al-Ba’alwi family which has a Civilizational impact in the history of Hadramout.
So, there have been many biographies of this family members. According to me, Ashelli’s ‘Al-Mashra’ Al-Rawi’ (1094 AH / 1683 AD) is the best, famous and oldest biography..
Therefore, the current historical study presents this book and its author. Then it analyzes the biographies of those who died in the eleventh and twelfth Centuries AH due to the importance of these two centuries where the author had witnessed part of them..
Keywords: ‘Al-Mashra’ Al-Rawi,’ Mohammad Abu- Baker Ashelli, Biographies of the Eleventh and Twelfth Centuries..
المقدمة:
تعد كتب التراجم والطبقات بمختلف أنواعها: الفردية، أو الجماعية، أو الأسرية، أو التخصصية، سواء كانت لمدة محددة بعينها، أو من بداية التدوين التاريخي الحضرمي حتى عصر مؤلفها، العمود الفقري والمصدر الأساس لتاريخ حضرموت، وهي بالكثرة من أي مصدر آخر([1])، وقد حظيت أسرة آل أبي علوي بنصيب الأسد من ذلك -كما يقال-، وفي هذه البحث سوف نحلل أحد هذه الكتب، وهو كتاب (المشرع الروي في مناقب السادة الكرام آل أبي علوي) لمحمد بن أبي بكر الشلي (ت 1094هـ/ 1683م)، وربما أن القارئ قد قرأه أو اطلع عليه أو سمع عنه باختلاف مشاربه، لشهرة الكتاب والمؤلف وطباعته وانتشاره وتداوله بين الناس، في الداخل والخارج.
وقبل الولوج في ذلك؛ لعله لزامًا علينا أن نعرِّف بالمؤلِّف، ولو إيجازًا قبل الحديث عن المؤَلَّف.
التعريف بالمؤلِّف([2]):
لقد أراحنا المؤلف من مؤنة البحث عن ترجمته، وذلك بتدوينها وإفرادها ترجمة مستقلة من تراجم كتابه (المشرع الروي)، ولعله في هذا قد حاكى غيره ممن نهج ذلك في مؤلفاتهم([3]).
فهو: جمال الدين محمد بن أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر بن عبدالله الشِلِّي، ولد بتريم في حضرموت، في منتصف شهر شعبان سنة 1030هـ/ 1621م، ونشأ في أسرته، وأول ما بدأ بحفظه كتاب الله العلي العظيم، حيث أرسله والده -كعادة الأولاد آنذاك- إلى إحدى معلامات البلد الشهيرة، وهي معلامة باغريب للتلقي والتهجي وقراءة القرآن وحفظه، فأتم حفظه وهو ابن عشر سنين على يد معلم المعلامة الشيخ عبدالله بن عمر باغريب، ثم اتجه بعد حفظه للقرآن إلى طلب العلم الشرعي -ولا شك أن دراسته بالمعلامة كان بداية تلقينه أبجديات العلوم الشرعية التي ترافق حفظ القرآن الكريم- حيث رافق ذلك قراءة عدد من المتون الحديثية والفقهية والنحوية وغيرها وحفظها، سواء على يد شيوخه أو بالاجتهاد الذاتي بما نسميه بالتعليم بالوجادة؛ حيث حفظ في العقيدة: العقيدة الغزالية للغزالي (ت: 505هـ/ 1111م)، وفي القراءات: الجزرية للجزري (ت: 833هـ/ 1429م)، وفي الحديث: الأربعون النووية للنووي (ت 676هـ/ 1277م)، وفي الفقه: الإرشاد لابن المقري (ت: 836هـ/1432م)، وفي النحو: ملحة الإعراب للحريري (ت516هـ/1123م)، والآجرومية لابن آجروم (ت: 723هـ/1322م)، وقطر الندى لابن هشام (ت: 761هـ/1360م).
وتتحفنا مصادر ترجمته بعدد كبير من شيوخه، سواء كانوا في تريم وحضرموت مسقط رأسه، أم في البلدان والمراكز العلمية التي ارتحل إليها كظفار، والهند، والحجاز (الحرمين الشريفين)، وسواء كان هؤلاء الشيوخ شيوخ تبرك أم شيوخ أخذ وتَلَقٍّ.
وخلف لنا الشلي تراثًا علميًا تمثل في مجموعة من الكتب الفقهية والعربية، ومنها كتب التاريخ والسير والتراجم والطبقات، وكتب الفلك، وعلوم الآلة، وأصبحت هذه الكتب فيما بعد مصدرًا من المصادر التي يعتمد عليها الفقهاء والمؤرخون والعلماء، منها ما طبع، ومنها ما لم يزل مفقودًا وضائعًا، وثالثًا لم يزل مخطوطًا، وهي على النحو الآتي:
1. المشرع الروي في مناقب السادة الكرام آل أبي علوي، (موضوع الدراسة).
2. السناء الباهر بتكميل النور السافر([4]).
3. نفائس الدرر في أخبار القرن الحادي عشر، أو عقد الجواهر والدرر في أخبار القرن الحادي عشر([5]).
4. المنهل المورود في أخبار ملوك مكة القتاديين أهل النجدة والجود (تاريخ مكة) ([6]).
5. ترجمة الشيخ أبي بكر بن سالم([7]).
6. مشيخة والده (مفقود).
7. ثبت، معجم مشايخه (مفقود).
8. المنحة المكية شرح التحفة القدسية في الفرائض (مفقود).
9. شرح مختصر الإيضاح للشيخ ابن حجر (ت: 974هـ/ 1566م)، والإيضاح هو إيضاح المناسك للإمام النووي (ت: 676هـ/ 1277م) (مفقود).
10. رسالة في نجاة أبويِّ النبي صلى الله عليه وسلم (مفقود).
11. شرح على أوائل جمع الجوامع للسيوطي، لم يتمَّه (مفقود).
12. رسالة مطولة في معرفة ظل الزوال لعرض مكة (مفقود).
13. رسالة في المقنطر(مفقود).
14. رسالة في معرفة اتفاق المطالع واختلافها (مفقود).
15. رسالة مطولة في علم الميقات بلا آلة (مفقود).
16. رسالة في الاسطرلاب (مفقود).
17. رسالة في ربع المجيب وشرحها([8]).
18. شرح رسالة الإمام السنوسي، وهو مسودة (مفقود).
19. شرح رسالة السيوطي المسماة: صون المنطق والكلام عن فنون المنطق والكلام (مفقود).
20. شرح التسهيل (مفقود).
عاش الشلي مدة من الزمن تقدر بثلاثة وستين عامًا، قضى معظمها بمكة المكرمة، التي فضل الإقامة بها ومجاورة البيت الحرام، وتوفي بها في آخر يوم من ذي الحجة 1093هـ/ 1682م، أي سنة 1094هـ/1683م([9])، وصلى عليه ضحى يومها بالمسجد الحرام إمامًا بالناس الشيخ أحمد البشبيشي([10])،ودفن بالمعلاة([11]) بحوطة آل باعلوي. ولا يعرف شيء عن أبناء الشلي؛ إلا قول المحبي: وله عقب بمكة الآن([12])، مما يؤكد أن له أولادًا عاشوا بمكة المكرمة من بعده. ويكنى بابنه علوي؛ وهو أول أولاده([13]).
التعريف بالمؤَلَّف:
سمى المؤلف كتابه كما في مقدمته بـ(المشرع الروي في مناقب بني علوي) ([14])، في حين أن العنوان على غلاف الكتاب (المشرع الروي في مناقب السادة الكرام آل أبي علوي)، وبنو علوي هم مَنْ يعرفون في المجتمع الحضرمي بالسادة آل أبي علوي؛ المنتمين إلى علوي بن عبيدالله بن المهاجر أحمد بن عيسى (ت: 412هـ/ 1021م) ويقع في جزأين، حوى مقدمة في فضل القرابة والآل، وبابين: الأول في نسبهم وتنقلهم في الأقاليم واستقرارهم بتريم، والثاني في تراجمهم ووصف أحوالهم، وخاتمة في خرقتهم الصوفية، وقد طبع أولًا بمصر بالمطبعة الشرفية سنة 1319هـ/ 1901م، وطبع ثانية في جزأين كذلك بدون تاريخ وناشر، ووضع مقدمتها محمد أحمد الشاطري سنة 1401هـ/ 1980م، وبها فهارس للأعلام والأماكن والقبائل خلاف الأُولى، وفي الثانية حذف الكرامات التي حواها، وقد أشار في الهامش إلى أماكن الحذف، وحجته في ذلك أن هذه الكرامات ربما لا يرضى أصحابها بنشرها عنهم ولا بنسبتها إليهم، إلا أن وجود تلك الكرامات لا تنقص من قيمة الكتاب ولا من قدر مصنفه، بقدر ما تعطينا صورة عن الوضع العلمي والعقدي آنذاك([15]).
والكتاب أحد كتب الشلي التاريخية الأربعة المشهورة، وقد رتب تراجمه ترتيبًا ألفبائيًا من غير تقديم مؤخر عن مقدم، ولا تأخير عظيم عن أعظم([16])، فكان عليه أن يبدأ بمن اسمه إبراهيم غير أنه بدأ بمن اسمه محمد تيمُّنًا باسمه صلى الله عليه وسلم، وأسماهم بالمحمديِّين وهم كذلك، ثم ختم بمن اسمه محمد بترجمة نفسه كما يفعل بعضهم، وقد ذكرنا ذلك سلفًا، وهي الترجمة رقم (54)، وكان لها أن تأتي أول التراجم بحسب مقتضى ذلك الترتيب.
وهذه الطريقة ليست من ابتكار الشلي؛ فقد سبقه إلى ذلك الكثير، ولعل من بدأها الحميدي([17]) في كتابه (جذوة المقتبس في أخبار علماء الأندلس).
ورغم أن الشلي حصر من ترجم له بقوله: (من كثر في طريق القوم زاده، وكبر في العلوم مزاده)([18])، إلا إن هذا المقياس قد خالفه بعدم ذكر بعض من اتسم بذلك رغم شهرتهم، ولا ندري هل أجهلًا منه أو نسيانًا أو تعمدًا على ما سنوضحه لاحقًا.
حوى الكتاب عددًا من التراجم بلغت (284) ترجمة على النحو الآتي:
الجزء | عدد التراجم |
الأول | 44 |
الثاني | 240 |
الإجمالي | 284 |
هذه التراجم توزعت من نهاية القرن الخامس([19]) إلى القرن الثاني عشر الهجريين ــ الحادي عشر إلى القرن الثامن عشر الميلاديين ـــ، وما يعنينا في ذلك تراجم القرنين الحادي عشر، والثاني عشر الهجريين ــ السابع عشر والثامن عشر الميلاديين.
وقبل أن نحلل تراجم مدة البحث، نشير إلى أن الكتاب قد حاز أهمية، فحين فرغ المؤلف من تبييض أول نسخة منه تناقلها بعض النساخ، وكان لها صدىً عظيم في الأوساط العلوية والحضرمية وفي المهجر، وأقبل على نسخه وقراءته طلاب العلم، حتى لقد أشار عبدالله بن علوي بن محمد الحداد (ت: 1132هـ/ 1719م)، على مريده أحمد بن زين الحبشي (ت: 1144هـ/1731م) بأن ينقل عن هذا الكتاب، ويجمع فوائد منه، فامتثل لأمره، فكان حصيلة ذلك كتابه (المسلك السوي في جمع فوائد مهمة من المشرع الروي)([20]).
كما ذيَّل على (المشرع الروي) السيد عبدالرحمن بن مصطفى العيدروس (ت 1192هـ/ 1778م)، ولا توجد منه نسخة سوى نسخة خطية في سورت بالهند([21]).
واعتمد على الكتاب كمصدر من مصادر معلوماتهم كُلٌّ من: المحبِّي (ت 1111هـ/1698م) في كتابه (خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر)([22])، والحبشي (ت 1144هـ/1731م) في كتابه (شرح العينية)([23])، والزركلي (ت 1396هـ/1976م) في كتابه الموسوعي (الأعلام)([24]).
أولًا: عدد التراجم: بعد عملية الإحصاء والتتبع لتراجم مدة الدراسة، وجدنا أن عدد التراجم بلغت (119) ترجمة، أي بنسبة 42%، منها (11) ترجمة في الجزء الأول، والبقية (108) في الجزء الثاني، أرّخ لوفاة بعضها، وترك وفاة بعضها الآخر، وعاصر آخرين كانوا أحياء حين تدوين كتابه، وذلك على النحو الآتي:
تراجم مدة الدراسة | العدد |
مؤرخة وفياتهم | 85 |
مجهولو الوفاة | 24 |
تراجم لشخصيات عاصرها | 10 |
الإجمالي | 119 |
وتبين أن آخر ترجمة أرخ لوفاتها كانت سنة 1091هـ/1679م([25])، أي قبل وفاته بأقل من ثلاث سنوات، وهذا يعطي دلالة على سنة كتابة الكتاب في هذه المدة، في حين أن هناك ترجمة وفاتها سنة 1113هـ/1701م، وهي بعد وفاة المؤلف، إلا أن ناشر الكتاب قد تنبه لذلك، وأشار إلى أن المؤلف قد ترك فراغًا فوافته المنية فأكمل ذلك الناشر([26])، وليته فعل في بقية التراجم.
ثانيًا: الأسر: تنوعت تراجم الشلي على أسر آل أبي علوي وكاد يذكرها كلها، ومن أكثر الأسر ذكرًا أسرة العيدروس، ولعل فيهم من كثر من رجالها على شرط المؤلف، أو لعل هناك قرابة نجهلها قد لعبت دورًا في ذلك، ومن هذه الأسر: السقاف، وآل الشيخ أبي بكر بن سالم، وباحسن، وابن سميط، وابن شهاب، وخرد، والجفري، والحبشي، وبافقيه، والبيض، في حين أن هناك أسماء أسر قد انقرضت أو دخلت مسمياتها في مسمى أسر قائمة الآن من مثل: الشلي، وبافرج، وعوهج، والحديلي، وحمدون، وكريشه، وباشيبان.
كما أننا نأخذ عليه تجاهله ذكر بعض الأسر الشهيرة، وشهرة رجالها من مثل أسرة العطاس.
ثالثًا: أهمية التراجم: تكتسب تراجم مدة الدراسة أهمية خاصة عن غيرها من تراجم الكتاب، فضلًا عن أهمية المعاصرة والمعاينة والمشاهدة، وذلك على النحو الآتي:
- منها تراجم لأفراد أسرته، فقد ترجم لجده أحمد بن أبي بكر الشلي (ت 1004هـ/ 1596م)([27])، وعمه محمد بن أحمد الشلي (ت 1040هـ/ 1630م)([28])، ووالده أبي بكر بن أحمد الشلي (ت 1053هـ/1643م)([29])، وأخيه أحمد بن أبي بكر الشلي (ت 1057هـ/ 1647م)([30])، فضلًا عن ترجمته الذاتية([31]).
واتصاله الأسري بهذه الشخصيات وارتباطه بها ومعاشرته إياها، أنتج عنه تراجم أكثر مصداقية من أية تراجم أخرى.
- منها تراجم لشيوخه في مساره العلمي وارتحاله، سواء في تريم أو في الحجاز (الحرمين) أو غيرها، من أمثال: عبدالرحمن بن علوي بافقيه (ت 1047هـ/ 1637م)([32])، وأحمد بن حسين بلفقيه (ت: 1048هـ/ 1638م)([33])، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن شهاب (ت: 1061هـ/ 1651م)([34])، ومحمد بن علوي السقاف (ت: 1071هـ/ 1661م)([35]).
وترجمة الطالب لشيخه تحوي معلومات صادقة في أغلب الأحيان، وتحوي جزئيات يجهلها الكثير لارتباط الطالب بالشيخ وطريقة تدريسه، وغير ذلك.
- زملاؤه ورفقاؤه في مرحلة الطلب العلمي، أو ممن التقى بهم، بقوله: “رفيقي في الطلب”([36])، أو “اجتمعت به”([37])، من مثل: محمد الباقر بن عمر باحسن (ت: 1079هـ/1669م)([38])، وأحمد بن عبدالرحمن بلفقيه([39])، وعمر بن عبدالله فقيه([40])، وجميل جدًّا أنْ يترجم الشخص لزميل دربه، وكأنه يترجم لنفسه.
رابعًا: مكان الميلاد وتاريخه: رغم أن تراجم الشلي في كتابه لأعلام من آل أبي علوي، الذين كانت مدينة تريم موطنهم ومستقرهم، فإن مكان ميلاد كل هؤلاء لم يكن بتريم، بل كان في تريم وضواحيها، وفي خارجها من مناطق حضرموت، ومناطق اليمن، وخارج اليمن كما تشير إليه الإحصائية اللاحقة، وهذا يدل دلالة على هجرات الحضارم عامة، وهؤلاء خاصة، وانتشارهم في مناطق العالم:
مكان الميلاد | عدد التراجم |
تريم وضواحيها (قسم، عينات، روغة، بيت مسلمة) | 96 منهم، 15 في الضواحي |
سيئون وضواحيها (مريمة، وتريس) | 4 |
مناطق الساحل | 3 |
مناطق اليمن (لحج) | 1 |
الحجاز (مكة وجدة) | 8 |
ظفار | 2 |
الهند | 2 |
مجهولو الميلاد | 3 |
الإجمالي | 119 |
ولم يولِ الشلي اهتمامًا كبيرًا بتاريخ الميلاد كما أولاه في تاريخ الوفاة، وهو مع هذا لم يهمله البتة، فأحيانًا يذكر سنة الميلاد([41])، بل وفي حين آخر يذكر معها اليوم والشهر([42])، ولعل هذا راجع للمادة العلمية للمترجم له.
خامسًا: مكان الوفاة وتاريخها: بما أننا في هذه الورقة العلمية قد اخترنا تراجم الشلي في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين، وأحصيناهم بعدد (119) ترجمة من إجمالي تراجمه، فإن العدد الأكثر منهم توفوا في القرن الحادي عشر، والقليل منهم في القرن الثاني عشر، وهم من أرخ وفياتهم أو من المعاصرين له، كما أن ممن لم يؤرخ وفياته قد توفي في القرن الحادي عشر، كما في الإحصائية الآتية:
تاريخ الوفاة | عدد التراجم |
القرن الحادي عشر | 84 |
القرن الثاني عشر | 1 |
مجهولو الوفاة | 24 |
معاصرون | 10 |
الإجمالي | 119 |
ولم يكن مكان الوفاة في تراجمه واحدًا دون شك، وليس بالضرورة أن يكون مكان الميلاد واحدًا، نتيجة الهجرة والانتشار في بلاد الإسلام، وبطريقة إحصائية وبالتعقب والتتبع يمكن أن نحدد حركة الهجرة والانتشار بمقارنتها بمكان الميلاد على النحو الآتي:
مكان الوفاة | عدد التراجم |
تريم وضواحيها | 47 |
شبام وسيئون وضواحيها | 3 |
مناطق الساحل (الشحر، والمكلا) | 7 |
دوعن | 2 |
مناطق اليمن (عدن، الوهط، زيلع، المخا) | 7 |
الحجاز (مكة، والمدينة) | 18 |
ظفار | 2 |
الهند (حيدر أباد، الدكن، بروج، بيجافور) | 12 |
مجهولو المكان | 11 |
أحياء ومعاصرون | 10 |
الإجمالي | 119 |
وفي ذكره لتاريخ الوفاة كان حريصًا على تحديد اليوم والشهر([43])، خاصة في التراجم التي حضر وفاتها في مكة، ومن حضرها من الأعيان والسلاطين([44])، كما يحدد مكان القبر أكان في تريم في (مقبرة زنبل)([45]) مقبرتهم التي يقبرون فيها موتاهم إلى اليوم، أو في مكة في (المعلاة)([46])، أو (الشبيكة)([47])، أو (البقيع) بالمدينة المنورة([48])، بل إنه يذكر ما أقيم على القبر من بناء كقبة([49]) أو نحوه، وحين لم يعرف تاريخ الوفاة لم يأنف ذكر ذلك، بقوله: “لم أقف على تاريخ وفاته”([50])، أو “لم يحضرني تاريخ وفاته”([51])، وقد حاولنا البحث عن تاريخ وفاة المجهولين فأمكننا من العثور على القليل منهم.
سادسًا: مصادر التراجم: اعتمد الشلي في كتابه على عدد من المصادر، كان قد ذكرها في مقدمة كتابه، لكن نجد أن هذه المصادر هي لتراجمه في القرن العاشر وما قبله، وهي معروفة في التاريخ الحضرمي، لكن في مصادره في مدة الدراسة لم يشر إلى شيء منها، ربما لعدم وجودها آنذاك؛ إذ إن مصادر القرن الحادي عشر كانت بعد كتابه، سواء كانت الحضرمية أو الإسلامية كـ(شرح العينية)([52])، أو (خلاصة الأثر)([53])، لذا فإن مصادر معلوماته هنا هي على النحو الآتي:
ـــ ما اكتسبه من معلومات لمترجميه لمعايشته لهم، واحتكاكه بهم، وهم من أسرته، وشيوخه، وزملائه، ورفقائه.
ــــ المشاهدة والعيان من غيرهم والإخبار بذلك.
ــ ما وصل إليه من أخبار ومعلومات عمن سأل عنهم من مترجميه الذين بعدوا عنه؛ إذ ألّف كتابه في مكة مكان استقراره، مما جعله في هذا تصل إليه بعض المعلومات الخاطئة، وربما التناقل والأخبار كانت سببًا في الزيادة والنقصان.
ــ التراجم الفردية والذاتية([54]) لبعض تراجمه أشار إليها في صلب الترجمة، وهي من الصحة والقوة بمكان.
سابعًا: الحياة العلمية: أعطت تراجم الشلي صورة عن الحياة العلمية في حضرموت في مدة الدراسة وما قبلها، فمن مظاهر هذه الحياة وملامحها تلك المقررات الدراسية، فكان أول مقرر على الطالب بعد إجادته قراءة القرآن الكريم حفظه، فنجد الكثير من هؤلاء قد حفظه، فضلًا عن قراءته وترتيله، وبالأخص منهم من ولد بتريم، فقد استخدم لهم صياغة واحدة مسجوعة بقوله: (ولد بتريم وحفظ القرآن العظيم)([55])، مما حدا بالكاتب أمير البيان شكيب أرسلان([56]) بعد قراءته للكتاب أن يقول كلمته الشهيرة: (إذا كان في العمر بقية أريد أن أؤلف كتابًا أسميه “الحجر الكريم في من ولد بتريم وحفظ القرآن العظيم”).
بعد ذلك تأتي مرحلة التحصيل العلمي والاستزادة من العلوم بأنواعها وأصنافها، وبمختلف تخصصاتها، إذ يذكر أسماء تلك الكتب، فمثلًا في العقيدة، وعلوم القرآن، تذكر كتب العقيدة الغزالية للغزالي (ت 505هـ/ 1111م)([57])، والتبيان في آداب حملة القرآن للنووي (ت676هـ/ 1277م)([58])، والجزرية للجزري (ت 833هـ/1429م)([59])، والشاطبية للشاطبي (ت950هـ/ 1193م)([60])، وفي الحديث تأتي الأربعون النووية([61])، وألفية الحافظ العراقي (ت 806هـ/ 1403م)([62]).
وفي الفقه يأخذ الطالب من كتب الفقه الشافعي؛ إذ تبرز كتب النووي (ت676هـ/ 1277م) كالمنهاج([63])، والإرشاد لابن المقري (ت836هـ/1432م)([64])، وجامع المختصرات للنشائي (ت757هـ/1356م)([65])، والإمداد لابن حجر الهيتمي (ت974هـ/1566م)([66])، وفتح الجواد للرملي (ت957هـ/1201م)([67])، والمنهج لزكريا الانصاري (ت926هـ/1520م)([68])، وورقات الأصول لإمام الحرمين الجويني (ت478هـ/1085م)([69]).
أما علم النحو فمن مقرراته: ملحة الإعراب للحريري (ت516هـ/1123م)([70])، وألفية ابن مالك (ت 672هـ/1273م)([71])، والآجرومية (ت723هـ/1322م)([72])، وقطر الندى لابن هشام (ت 761هـ/1360م)([73]).
وفي التصوف تبرز كتب الإمام الغزالي (ت505هـ/1111م) كالإحياء ([74])، وبداية الهداية([75])، ومنهاج العابدين([76])، وعوارف المعارف للسهروردي (ت 632هـ/1234م)([77])، وأذكار النووي (ت676هـ/ 1277م)([78]).
في حين أن هناك علومًا قد تزودوا منها ونهلوا من حياضها لم يمن علينا الشلي بذكر شيء من مقرراتها.
وفي أثناء التحصيل العلمي كان الطالب يرتحل إلى المراكز العلمية للأخذ عن شيوخها، فكانت هناك الرحلة العلمية كملمح آخر من ملامح هذه الحياة، وبرز لهذا شكلان من أشكال هذه الرحلة:
الرحلة الداخلية: بين المراكز العلمية الحضرمية، أو بينها وبين مراكز العلم اليمنية، فارتحل طلاب ضواحي تريم إلى تريم([79])، كما ارتحل بعضهم إلى مناطق الساحل([80])، ووادي دوعن([81])؛ إذ كان يسمى وادي الفقهاء، بل إلى عدن([82])، والوهط([83])، وزيلع ([84])، والمخا([85]).
الرحلة الخارجية: إلى مراكز العالم الإسلامي، كالحرمين الشريفين([86])، ومصر([87])، كما وصلوا إلى مناطق أخرى ربما لطلب العلم أو التجارة ونشر الإسلام كالهند([88])، والسواحل([89])، وظفار([90]).
ولعل الرحلة إلى الحرمين الشريفين التي من أهدافها أداء النسكين من أهم هذه الرحلات؛ إذ تبرز معها ومن غيرها ظاهرة الجوار، فيجاور الطالب بهما أعوامًا عديدة قد تصل إلى عشر سنوات، ثم يعود إلى مسقط رأسه([91])، أو أن بعضهم يحبذ الإقامة بهما حتى وفاته([92]).
ومع أن الميزة المشتركة لتلك التراجم هي اصطباغها بالصبغة الصوفية، تلك الصبغة التي اصطبغتها حضرموت في حياتها عامة، والعلمية على وجه الخصوص، وتفوقهم كذلك في العلوم الشرعية، وبالأخص علم الفقه، فإنه قد ظهرت هناك تخصصات أخرى إلى جانب هذه العلوم، فكان منهم من أجاد علم الأنساب والتاريخ([93])، وعلوم الرمل([94])، والهيئة([95])، والكيمياء([96])، وغيرها من العلوم ليدل ذلك التفوق دلالة قاطعة على أن هذه العلوم كانت لها الحلقات العلمية والمقررات التدريسية، وإن سكت عنها الشلي وغيره.
ولهذا فقد جلس هؤلاء الشيوخ للإقراء والتدريس([97]) في المؤسسات العلمية الموجودة آنذاك كالمساجد، والمدارس، والبيوت وغيرها، حتى قُصدوا من جهات بعيدة، وارتُحل إليهم، وأصبحوا أصحاب الرحلة([98])، كما أنهم لم يكتفوا بذلك في بلدانهم فعقدوا تلك الدروس في بلد الارتحال كالحرمين الشريفين، والهند([99])، حتى إنهم تولوا التدريس في الحرم المكي الشريف([100]).
اشتهر هؤلاء الشيوخ وبرزوا، ومن أدلة ذلك العدد الكبير من الطلاب، فضلًا عن نتاجهم العلمي في شتى العلوم، ورغم قلته في علماء حضرموت مقارنة بعلماء بلاد الإسلام، فإن المؤلف قد أشار إلى شيء من ذلك على وجه الإجمال([101])، أو على وجه التفصيل والذكر([102])، وكان أكثره في التصوف، ثم يأتي الفقه، والعلوم الأخرى.
ثامنًا: القضاء: وظيفة دينية سياسية اجتماعية يقام بها العدل، وينصف بها المظلوم، وتستقيم بها المجتمعات، لذا فإن الأحرى بإقامتها هو السلطان بتكليفه العلماء، ولذا فقد انبرى جماعة منهم بتوليه في مناطقهم، رغم أن بعضهم كان يعرض عليه فلا يقبله([103])، وكانوا يعتزلون القضاء لمشاكل أشار المؤلف إلى بعضها -وسنذكر جزءًا منها فيما بعد- ولأن مدينة تريم قد أخذت الحيز الأكبر من الكتاب، فكان لها أن تأخذ الحيز الأكبر في عدد القضاة المذكورين([104])، فلم ينسَ المؤلف أن يتحفنا بذكر قضاة في مناطق أخرى كعَيْنات([105])، وتَريْس([106])، وسيئون، كما أن هناك أُسرًا بعينها قد توارثت القضاء كأسرة آل طه بن عمر السقاف بسيئون([107]).
تاسعًا: الأحداث والوقائع التاريخية: رغم كثرة الأحداث والوقائع التاريخية في مناحي الحياة في حضرموت في مدة الدراسة، فإن الشلي بخل علينا بذكر عدد منها، وربما أن النظرة الصوفية للتاريخ والابتعاد عن تدوين تلك الأحداث وما ارتبط منها بالسياسة هي ميزة مؤرخي حضرموت، ومع هذا فهناك ثلاث وقائع أشار إليها لارتباطها الوثيق بالمترجم له، وشاهد عيان عليها:
الأولى: مسألة رؤية الهلال في دخول رمضان وشوال سنة 1047هـ/1637م: وهي أن ثلاثة شهدوا برؤية الهلال يوم التاسع والعشرين قبل طلوع شمسه، ثم قامت بينة برؤية الهلال بعد غروب الشمس ليلة الثلاثين، فقبل الرؤية الثانية القاضي أحمد بن حسين بلفقيه (ت 1048هـ/1638م)، وحكم بثبوت دخول شوال، وأفتى القاضي أحمد بن عمر البيتي (ت 1050هـ/1640م)، برد شهادتهم وقبول شهادة الأولين، وألف كل واحد منهما رسالة في بيان ما ظهر له، فسمى البيتي رسالته (تحرير المقال لما وقع لحاكم تريم إذ ذاك في دخول شوال)([108]).
اختلفت فتاوى علماء حضرموت في هذه الواقعة، فأرسلوا يستفتون علماء الحرمين، فاختلفت فتاواهم أيضًا، وكان الشلي يؤيد رأي بلفقيه.
الثانية: مسألة النذر: وهي أن عبدالله بن شيخ العيدروس (ت944هـ/1537م)، نذر لابنه علي (ت 1041هـ/1631م) ببعض العقار دون أخويه شيخ (ت1041هـ/1631م)، ومحمد (ت 1034هـ/1624م)، مما أدى إلى وقوع خصومه بين الإخوة، وكان ذلك في عهد القاضي أحمد بن حسين بلفقيه، فقد سعى شيخ في إبطال النذر عند القاضي، مما حدا بأخيه علي أن يشي بالقاضي عند السلطان([109])، فيعزل السلطان القاضي بلفقيه، ويولي القضاء تلميذه حسين بن عمر بافقيه، الذي حكم بصحة النذر، ومع أن المسألة خلافية بين الفقهاء، لم يسكت عنها الشلي، فأخذ يورد لنا من أيّد ومن عارض تلك المسألة من فقهاء حضرموت والعالم الإسلامي([110]).
الثالثة: تطلع إمام الزيدية المؤيد بالله محمد بن القاسم (ت 1054هـ/1644م) إلى مد نفوذه وسيطرته إلى حضرموت، فكتب وزيره وأخوه الحسن لسلطان حضرموت([111]) وأعيانها يدعوهم إلى طاعته، فأجابه السلطان برسالة طويلة من إنشاء علي بن عبدالله بن شيخ العيدروس (ت 1041هـ/1631م)([112])، واذا كانت الفرصة غير مواتية للإمام المؤيد لتحقيق حلمه، فأن أخاه الامام المتوكل إسماعيل بن القاسم([113]) قد تهيأت له الاسباب لتحقيق هدفه وحلم أخيه.
نستنتج من هذه الوقائع التاريخية أن الاختلاف والتباين في المسائل الدينية واقع بين العلماء لا محالة، دون تجريح، محافظين على الود فيما بينهم، فتجري بينهم المناظرات، ويناصرها العلماء من كل فريق، ويسن كل منهم اليراع في ذلك.
كما نستنتج تأثير العلماء على السلاطين وأصحاب القرار، وتبرز أسر في هذا التأثير، حتى عبر عنها الشلي بقوله: “إن السلطان طوع كلمته يتصرف بما شاء في مملكته، وكان يأتيه إلى بيته”([114])، فهل لمركزهم الاجتماعي والمالي سبب في ذلك؟!
عاشرًا: الجوانب الشخصية للمترجمين: يذكر الشلي فيما يذكره من معلومات عن مترجميه بعضًا من أمورهم الشخصية، ربما يكون للبعض منها تأثيره الاجتماعي من تقلد البعض أمور المنصبة، وإكرام الضيوف والفقراء والمحتاجين والمعوزين.
وتبرز في المجتمع بعض الظواهر السيئة فيعنف عليها، وينكرها العلماء، كشرب الدخان مثلًا([115])، كما تعتري البعض منهم الحدة الشديدة التي تجاوز الحد([116]).
وتأتي مسألة الزواج والإقبال عليه والإكثار منه والعزوف عنه من المعلومات التي تورد بكثرة في كتب التراجم والطبقات، والشلي مثل غيره في ذلك، يذكر لنا من هذه الصورة ممن لم يتزوج([117])، في حين أنه سكت عمن كان مثنّيًا أو مثلّثًا أو مربّعًا، أو من كان مزواجًا كحال كثير من العلماء، وكأنه معترض على ذلك. وهناك أمور أخرى يستشفها الدارس من تراجم هذه الأعلام.
حادي عشر: الملاحظات: من الطبيعي لهذا الكتاب كعمل ضخم عن حضرموت ألّفه صاحبه في مكة، أن تكون هناك بعض الملاحظات والهنات، وكونه عملًا بشريًا شأنه شأن كل الأعمال البشرية يعتريها النقص والخطأ، وهي لا تقلل من قيمته وأهميته العلمية، بل يعد من أوائل الكتب التي اهتمت بتاريخ حضرموت وأعلامها إذا ما قورن بغيره من المصادر المتقدمة عليه؛ إذ امتاز بحسن التبويب والترتيب والمنهجية العلمية الواضحة والسليمة، ومع هذا تظل هناك بعض الملاحظات، مثل:
- استخدام المؤلف في كتابه المحسنات البديعية من السجع والجناس، بكثرة غالبة، حتى ليخيَّل لقارئه أنه أمام مقامة أدبية، فضلًا عن إطلاق الألقاب بصورة مبالغ فيها([118])، وهي ظاهرة تفشَّتْ في نتاج ذلك العصر.
- لم يكن المؤلف مكثرًا من إيراد كرامات المترجم لهم، كما يفعل من سبقوه، فقد ذكر القليل منها، وأشار بالإجمال لغيرها دون ذكرها، ويمكن للباحث استنتاج بعض الدلالات التاريخية منها.
- نسيان ذكر وفيات بعض الأعلام المترجم لهم أو تجاهلها، كما أوضحت ذلك سلفًا.
- نسيان ذكر أعلام من الشهرة بمكان أو تجاهلها، ذكرتهم كتب تراجم القرن الحادي عشر، مثل: (شرح العينية)، و(خلاصة الأثر)، وهم على شرط المؤلف، ومن أهم هؤلاء عمر بن عبدالرحمن العطاس (ت 1075هـ/ 1664م)؛ إذ يقول فيه الحبشي:
وأبي حسين عمر العطاس من صار من أهل اليقين بموضعِ([119])
فقد كان عالمًا عاملًا داعيًا إلى الله بقوله وفعله وحاله، وقد أثنى عليه غالب صالحي قطره وعصره، فلم يذكره الشلي مع أنه ترجم لبعض تلاميذه، منهم عبدالله بن علوي الحداد.
وعندما أتم المؤلف كتابه نسخ منه نسخة فأرسلها من مكة إلى تريم، فقرئ في مسجد المحضار، فحضر كل علويٍّ وسمع منقبة أهله، فجاء الفقيه علي بن أحمد بامصباح من حريضة([120]) يريد أن يسمع مناقب شيخه وحبيبه العطاس، فمر عليه القارئ على كل قبيلة إلا العطاس، فرجع إلى حريضة فقصد المشهد وفيها علي بن حسن العطاس (ت 1172هـ/ 1758م) فقال له: يا سيدي علي: آل العطاس ليسوا من آل أبي علوي!؛ لأن الشلي صنف (المشرع) ولم يذكرهم، فتبسم السيد علي، وقال: نحن نؤلف للشيخ عمر العطاس مشرعًا يعدل مشرع الشلي كله، فألف (القرطاس في مناقب العطاس)، في ثلاث مجلدات في ترجمة شخص واحد([121]).
وممن لم يذكرهم كذلك: أحمد بن أبي بكر بن سالم بن شيخان (ت 1091هـ/1680م)، والحامد بن أبي بكر بن سالم (ت 1030هـ/1618م)، مع أنه ترجم لأخيه الحسين، وكذا عمر بن الحامد (ت 1116هـ/1700م)، وعمر بن الحسين (ت 1126هـ/1710م)، والفقيه عبدالله بن أحمد بلفقيه (ت 1112هـ/1697م)، -أبو العلامة عبدالرحمن (ت 1162هـ/1650م) الملقب (علامة الدنيا) -مع أنه كان بمكة.
- غياب تراجم العنصر النسائي في تراجمه، رغم وجودهن، شأنه في هذا شأن معظم كتب التراجم والطبقات الحضرمية.
وهناك ملحوظات أخرى على الكتاب اكتفينا بما ذكرناه، تاركين غيرها لتناولها في مناسبات قادمة، تسعف بها الأيام.
الخاتمة
ــ إن كتب الطبقات والتراجم تتضمن معلومات مهمّة تبلورُ ما ورد في المصادر الأخرى.
ـــ اشتملت كتب الطبقات والتراجم على مادة تتعلق بالجوانب الاجتماعية والعلمية والسياسية التي تهم الباحث موزعة على التراجم.
ــ يعد كتاب: “المشرع الروي” من أفضل ما صنف ــ بحسب علمي ــ في تراجم أسرة آل أبي علوي الحضرمية.
ـــ دعوة الباحثين والدارسين لدراسة كتب التراجم والطبقات الحضرمية لأهميتها في الكتابة التاريخية.
([1]) منها: الجوهر الشفاف للخطيب، الغرر لخرد، أنس السالكين لباهارون، الدر الفاخر لباجمّال، تاريخ بافقيه، شرح العينية، البنان المشير لباكثير، صلة الأهل لبافضل، المنهج القويم لباعباد، الدر المدهش لباعلوي، عرائس الوجود للخطيب، مواهب الرب الرؤف لباجمال، غاية القصد لبن سميط، القرطاس للعطاس، نشر محاسن الاوصاف للسقاف، الأمالي للسقاف.
([2]) الشلي: المشرع الروي 2/ 17 -المحبي: خلاصة الأثر 3/ 336 -الزركلي: الأعلام 6/ 59.
([3]) من مثل: ابن حجر العسقلاني (ت 852هـ/1448م)، السخاوي (ت 902هـ/1496م)، السيوطي (ت 911هـ/1505م)، ابن المقري (ت 836هـ/1432م)، ابن الديبع (ت 944هـ/1537م)، الفاسي (ت 832هـ/1428م)، ابن حجر الهيتمي (ت 974هـ/1565م)، العيدروس (ت 1034هـ/1623م).
([4]) طبع بتحقيق: إبراهيم محمد المقحفي، الطبعة الأولى، 1425هـ/ 2004م، مكتبة الإرشاد، صنعاء.
([5]) طبع بتحقيق: إبراهيم أحمد المقحفي، الطبعة الأولى، 1424هـ/ 2003م، مكتبة الإرشاد، صنعاء.
([6]) مخطوط، وقيد الدراسة والتحقيق.
([7]) مخطوط، منه نسخة ناقصة بمركز النور للدراسات والأبحاث، تريم، حضرموت.
([8]) مخطوط، منها نسخة بمركز النور للدراسات والابحاث، تريم، حضرموت.
([9]) استحسنت أن أضع تاريخ وفاة الشلي سنة 1094هـ، رغم أن جميع المصادر تشير إلى سنة 1093هـ لأمور منها: أنه توفي آخر يوم في السنة، ويحتمل أن يكون اليوم الأول من السنة اللاحقة، وعدم اعتقاد البعض أن الوفاة أول السنة أو في أوساطها، كما أن معظم المؤرخين يضعون السنة القادمة بعد شهر رمضان أو ذي الحجة، كما أنني وقفت على مخطوطة من كتابه (تاريخ مكة) نسخها تلميذه، وأرخ فيها وفاته بسنة 1094هـ، كما أنني لا ألزم غيري بما ذهبت إليه.
([10]) أحمد بن عبداللطيف البشبيشي الشافعي: الإمام العالم المحقق الحجة، متضلع في علوم عدة، تصدر للإقراء والتدريس بالجامع الأزهر، حج سنة 1092هـ، وأقام بمكة يدرس، ثم عاد إلى بلده بمصر، وتوفي بها سنة 1096هـ/1685م (المحبي، خلاصة الأثر 1/ 238، 239ـــ الزركلي، الأعلام 1/ 155).
([11]) المعلاة: هي مقبرة أهل مكة، وتسمى (الثنية العليا)، وهو القسم العلوي من مكة، ويطلق اليوم على حي بين الحجون وسوقها، والمسجد الحرام (شراب، المعالم الأثيرة 78، 277).
([13]) الشلي: المشرع الروي 2/17.
([15]) ومع هذا لم تحظ هذه الطبعة بالشهرة والانتشار كما حظيت به الطبعة الأولى.
([17]) أبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح الحميدي: ولد في قرطبة، مؤرخ محدث، أندلسي، كان شديد الحفظ بارعًا في الاستنتاج، ظاهري المذهب، له العديد من المؤلفات في التفسير والفقه والحديث، واللغة العربية، رحل إلى مصر ودمشق ومكة وأقام ببغداد فتوفي فيها سنة 488هـ/ 1095م (الزركلي، الأعلام 6/327).
([19]) بترجمته لمحمد بن علوي بن عبيدالله بن أحمد المهاجر، وترجمته لابنه علوي (ت 513هـ/1119م)، وبسنة وفاة ابنه علوي استدللنا على وفاة الأب (محمد) بأنها في نهاية القرن الخامس، رغم أن المؤلف لم يحدد سنة الوفاة (الشلي: المشرع الروي 1/ 191، ترجمة رقم (31).
([21]) مجلة الرابطة العلوية، المجلد الاول، 1347ه/1927م، 111.
([22]) خلاصة الأثر 1/78، 90، 94، 134، 165، 2/2، 23، 94، 109، 3/37ــ42، 114، 116 4/26، 33، 103، 203.
([24]) الأعلام 2/62، 64، 3/70، 4/39.
([25]) الشلي: المشرع الروي 2/ 48، ترجمة رقم (80).
([26]) المصدر نفسه 2/76، ترجمة رقم (109).
([41]) المصدر نفسه 1/ 172، 2/ 48.
([43]) المصدر نفسه 2/ 59، 103، 104، 175، 177، 200، 203، 221.
([44]) المصدر نفسه 1/ 192، 2/ 227.
([45]) المصدر نفسه 1/ 189، 2/ 29، 46.
([46]) المصدر نفسه 2/ 81، 130.
([47]) المصدر نفسه 2/ 60، والشبيكة: بين مكة والزاهر على طريق التنعيم (ابن شمايل، مراصد الاطلاع 2/782).
([48]) الشلي: المشرع الروي 2/ 100.
([52]) شرح العينية للحبشي: هي شرح قصيدة شيخه عبدالله بن علوي بن محمد الحداد (ت1132هـ/ 1719م) ومطلعها: يَا سَائِلي عَنْ عَبْرتَي وَمَدامِعي… وَتَنَهُّدٍ تَرْتَجُّ مِنهُ أَضَالِعي، ذكر فيها عددا من علماء الأمة الإسلامية ورجال التصوف وشيوخ أسرته آل أبي علوي في (139) بيتًا.
([53]) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي: ترجم لأبرز الشخصيات الإسلامية التي توفيت بين 1001 ـــ 1100هـ /1592 -1686م على امتداد العالم الإسلامي، واشتمل على (1289) ترجمة.
([54]) الشلي: المشرع الروي 2/ 104، 249.
([55]) المصدر نفسه 1/ 171، 188، 2/ 20، 76، 138.
([56]) شكيب بن حمود أرسلان: عالم بالأدب، والسياسة، مؤرخ، ينعت بأمير البيان، من أعضاء المجمع العلمي العربيّ، اضطلع بالقضايا العربية وتحمس لها، فما ترك ناحية منها إلا تناولها تفصيلًا وإجمالًا، قام بسياحات كثيرة في أوربا وأمريكا وبلاد العرب، توفي بلبنان سنة 1366هـ / 1946م (الزركلي، الأعلام 3/173).
([57]) المشرع الروي 1/ 184، 2/ 61.
([59]) المصدر نفسه 1/ 172، 184.
([64]) المصدر نفسه 1/ 172، 2/ 44.
([70]) المصدر نفسه 1/ 172، 2/ 102.
([71]) المصدر نفسه 2/ 48، 100.
([73]) المصدر نفسه 2/ 102، 127.
([74]) المصدر نفسه 2/ 88، 131.
([79]) المصدر نفسه 2/ 49، 125.
([80]) المصدر نفسه 2/ 29، 49، 123.
([81]) المصدر نفسه 2/ 44، 181.
([82]) المصدر نفسه 1/ 174، 2/ 49.
([83]) المصدر نفسه 1/ 192، 2/ 29.
([85]) المصدر نفسه 2/ 102، 128.
([86]) المصدر نفسه 1/ 171، 2/ 53.
([88]) المصدر نفسه 1/ 185، 2/ 31.
([89]) المصدر نفسه 2/ 45، 123.
([93]) المصدر نفسه 2/ 48، 168.
([94]) علم الرمل: علم يعرف به الاستدلال على أحوال المسألة حين السؤال بأشكال الرمل؛ وهي اثنا عشر شكلًا على عدد البروج، وأكثر مسائل هذا الفن أمور تخمينية مبنية على التجارب (القنوجي، أبجد العلوم 407).
([95]) علم الهيئة: هو من أصول الرياضي وهو علم يبحث فيه عن أحوال الأجرام البسيطة العلوية والسفلية من حيث الكمية والكيفية والوضع والحركة اللازمة لها وما يلزم منها (القنوجي، أبجد العلوم 556).
([96]) الشلي: المشرع الروي 2/ 170، وعلم الكيمياء: هو علم يعرف به طرق سلب الخواص من الجواهر المعدنية وجلب خاصية جديدة إليها وإفادتها خواصًّا لم تكن لها (القنوجي، أبجد العلوم 489).
([97]) الشلي: المشرع الروي 1/ 179، 2/ 31.
([99]) المصدر نفسه 1/ 185، 2/ 86.
([100]) المصدر نفسه 2/ 48، 81، 85.
([101]) المصدر نفسه 1/ 179، 2/ 48.
([102]) المصدر نفسه 2/ 20، 147.
([104]) المصدر نفسه 2/ 56، 77.
([105]) المصدر نفسه 2/ 88، وعينات: قرية من ضواحي تريم، تبعد عنها مسافة (8) كم شرقًا (السقاف، إدام القوت 974).
([106]) الشلي: المشرع الروي 2/ 123 وتريس: قرية تبعد عن سيئون (7) كم غربًا (السقاف، إدام القوت 650).
([107]) الشلي: المشرع الروي 2/ 125.
([108]) المصدر نفسه 2/ 56، 77.
([109]) لعله السلطان: بدر أبو طويرق (ت977ه/1570م) (ابن هاشم، تاريخ الدولة الكثيرية 56).
([110]) ممن أفتى بعدم الصحة شيخ الإسلام أبو زكريا الأنصاري، وعبدالرحمن بن زياد، والكمال الرداد، وأبو قضام، ومن أفتى بالصحة المزجد، وعبدالله بافضل، وعبدالله بامخرمة، وابن حجر الهيتمي.
([111]) وهو السلطان: بدر بن عبدالله بن عمر الكثيري (ت 1075ه/ 1664م) (ابن هاشم، تاريخ الدولة الكثيرية 101).
([112]) الشلي: المشرع الروي 2/ 224، وأخطأ في جعل الوزير الحسن إماما بديلا عن أخيه المؤيد محمد.
([113]) المتوكل إسماعيل بن القاسم الهادي: الإمام الزيدي صاحب اليمن، استولى على حضرموت وسائر اليمن، وصنف كتبًا، وتوفي سنة 1087هـ/1676م (المحبي، خلاصة الأثر1/411 ــ الزركلي، الأعلام1/322).
([117]) المصدر نفسه 2/ 120، 249.
([118]) المصدر نفسه 1/179، 2/131، 221.
([120]) حريضة: عاصمة وادي عمد وقاعدته، تبعد عن سيئون مسافة (100) كم غربا (السقاف، إدام القوت 283).
([121]) باجندان، اللوامع البينات 2/ 569.
قائمة المصادر والمراجع
ابن جندان، سالم بن أحمد باعلوي (ت 1389هـ/ 1969م)
- اللوامع في ذكر من وفد إلى مولى عينات، (مخطوط).
الحبشي، أحمد بن زين (ت 1144هـ/1731م)
- شرح العينية، دار التراث، دون تاريخ.
- المسلك السوي في جمع فوائد مهمة من المشرع الروي، الطبعة الأولى،1425هـ/2004م، دار مقام الإمام أحمد بن زين، حضرموت.
الزركلي، خير الدين بن محمود (ت 1396هـ/1976م)
- الأعلام، الطبعة الخامسة عشرة، 2002م، دار العلم للملايين، لبنان.
السقاف، عبد الرحمن بن عبيد الله (ت1375هـ/1955م)
5. إدام القوت معجم بلدان حضرموت، تحقيق محمد بن أبي بكر باذيب وآخرون، الطبعة الأولى، 1426هــ/2005م، دار المنهاج، جدة، السعودية.
شراب، محمد حسن
- المعالم الأثيرة في السنة والسيرة، دار القلم، دمشق، الطبعة الأولى،1411هـ.
ابن شمائل، عبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي (ت 739هـ/1338م)
- مراصد الأطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع، الطبعة: الأولى، 1412هـ/1992م، دار الجيل، بيروت.
الشلي، محمد بن أبي بكر (ت 1094هـ/1683م)
- المشرع الروي في مناقب السادة الكرام آل أبي علوي، الطبعة الأولى، 1319هـ/ 1901م، المطبعة العامرة الشرفية، مصر.
القنوجي، أبو الطيب محمد صديق خان (ت 1307هـ/1889م)
- أبجد العلوم، الطبعة: الطبعة الأولى 1423 هـ/2002 م، دار ابن حزم، بيروت.
- مجلة الرابطة العلوية، المجلد الاول، ربيع الاول والثاني، 1347هـ/1927م.
المحبي، محمد أمين بن فضل الله (ت 1111هـ/1698م)
- خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، دار صادر، بيروت، بدون تاريخ.
ابن هاشم، محمد العلوي (ت1380هـ/1960م)
12. تاريخ الدولة الكثيرية، الطبعة الأولى، 1423هـ /2002م، تريم للدراسات والنشر، اليمن.