أ.م. د/ عبدالحكيم عبدالمجيد الهجري
أ.م. د/ عبدالحكيم عبدالمجيد الهجري – قسم التاريخ، كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة صنعاء
ملخص البحث:
يعاني التاريخ اليمني من غياب منهجية وطنية قومية تنتهَج علميًّا في كتابة التاريخ فضلًا عن غياب استراتيجية واضحة للدراسات العليا تراعي التنوع والفوز في الجيد للمختصين في جوانب الدراسة والبحث، وفضلًا عن غياب قانون وطني يحسم ملكية الموروث التاريخي والحضاري الوطني أمام المهددات الكثيرة المادية والعلمية.
ومما لا شك فيه أن الفترة التاريخية التي عاشها المؤرخ الجرموزي (1003-1077ه/ 1594-1666م)، كان لها بالغ الأثر في صقل شخصه كسياسي ومؤرخ، وقد تظافرت عدة عوامل أثرت على نتاجه الفكري وفي رفع شأنه كمؤرخ، منها قرابته للأئمة الزيدية -أسرة القاسم-وارتباطه المباشر بأركان الدولة القاسمية كونه أحد المسؤولين فيها. ومثلت سيره الثلاث التي كتبها عن الإمام القاسم بن محمد وولديه الإمام المؤيد بالله محمد، والإمام المتوكل على الله إسماعيل مصدرًا مهمًا وموثوقًا به في التاريخ اليمني الحديث، وكانت تلك السير تاريخًا حافلًا لليمن وللأئمة الثلاثة ودولهم وتراجم لمعاصريهم من العلماء والفقهاء والأدباء في أرجاء اليمن قاطبة، وكان الجرموزي ممن شاهدها أو عاصرها ودوّن وقائعها. وهو بذلك قد رسم لنا صورة شاملة واضحة لمجريات أحداث ذلك العهد بكل ظروفه وملابساته السياسية، وهي بالتالي تساعد على توضيح وجهات النظر المختلفة مما كان يعمق في النهاية لتطور الأحداث، وفي حقيقة الأمر فإن المؤرخ الجرموزي يعد أحد النماذج البارزة بين مؤرخي عصره؛ وذلك لغزارة مادته التاريخية ولعمق نظرته وتحليلاته.
Research Summary:
Yemeni history suffers from the absence of a national methodology that follows the scientific process for writing the history. Furthermore، the absence of clear strategy for high studies that should take into account the standard of diversity in studies and the successful study is decided by the specialists in the aspects of study and research. In addition to the absence of the national law that resolves the ownership of the national، historical and cultural heritage in front of many physical and scientific threats.
Undoubtedly، the historical period experienced by the historian Al-Jarmouzi (1003-1077 Ah /1594-1666 A.D.)، had a great impact in refining his personality as a politician and historian، and several factors influenced his intellectual output and raised his status as a historian، including his kinship with the Zaidi Imams- Al-Qasim Family- and his direct connection with the pillars of “Al Qasimiyah State ” being one of its officials.
His three biographies، which he wrote about Imam Al-Qasim Bin Muhammad and his two sons Imam Al-Mu’ayyad BeAllah Muhammad، and Imam Al-Mutawakil Ala-Allah Ismail represented an important and reliable source in the modern history of Yemen. In fact، The historian “Al-Jarmouzi ” is one of the most prominent examples among the historians of his time، because of the abundance of his historical material and the depth of his outlook and study analysis…
المقدمة:
يعاني التاريخ اليمني من غياب منهجية وطنية قومية تنتهج علميًّا في كتابة التاريخ فضلًا عن غياب استراتيجية واضحة للدراسات العليا تراعي التنوع قي جوانب الدراسة والبحث إضافة إلى غياب قانون وطني يحسم ملكية الموروث التاريخي والحضاري الوطني أمام المهددات الكثيرة المادية والعلمية.
وفي واقع الأمر فقد شهدت حركة التأليف في اليمن الحديث في العهد العثماني الأول (945-1045هـ/ 1538 -1635م) نشاطًا ملحوظًا تمثل في ظهور العديد من المؤرخين في هذه المدة، تناولوا في مؤلفاتهم التاريخية الأوضاع والنواحي المختلفة لأحداث ذلك العهد، من تاريخ اليمن الحديث، وكان المؤرخ المطهر بن محمد الجرموزي أحد أبرز مؤرخي ذلك العهد.
مشكلة البحث:
تناولت العديد من الدراسات والندوات والمؤتمرات المهتمة -المحلية أو الدولية-بتاريخ اليمن الحديث في العهد العثماني الأول المسائل المتعلقة بالأحداث والتطورات العسكرية والسياسية في مدة الصراع بين الأئمة الزيدية والعثمانيين، إلا أن تلك الندوات والمؤتمرات لم تتطرق بشكل دقيق للحديث عن المؤرخين اليمنيين في تاريخ اليمن الحديث، ولهذا سنحاول الحديث بشكل خاص عن المدة التاريخية الهامة من تاريخ اليمن الحديث التي عنيت بها مؤلفات المؤرخ المطهر بن محمد الجرموزي.
هدف البحث:
يهدف البحث إلى توضيح جهود المؤرخ المطهر بن محمد الجرموزي في كتابة تاريخ اليمن الحديث؛ لمعاصرته لثلاثة من الأئمة هم: الإمام القاسم بن محمد وولديه الإمام المؤيد محمد والإمام المتوكل على الله إسماعيل، خاصة وهو أحد المؤرخين المنحازين للأئمة الزيدية في أثناء صراعهم مع الوجود العثماني الأول في اليمن (1538-1635م)، فضلًا عن أهمية علم التاريخ ومدى ارتباطه بالسياسة والحكم مما دونه المؤرخ الجرموزي، وما فيه من فائدة في تجنب الأخطاء وتحاشي الزلات والاعتبار مما مضى.
أهمية الدراسة:
أما أهمية هذا البحث فهي تنبع من أهمية المرحلة التاريخية ذاتها. حيث نشطت حركة التأليف والتدوين التاريخي في عهد الحكم العثماني الأول في اليمن، نتيجة لتأثرها بالأحداث السياسية والعسكرية الواقعة في ذلك العهد، وبالتالي فقد تأثرت الحياة الثقافية والفكرية لهذه الأحداث، إذ كان من الطبيعي أن يشترك القلم في المعارك القائمة آنذاك، وتأتي أهمية هذا البحث أيضًا في أن المؤرخ الجرموزي كان من أبرز مؤرخي السِّيَر في عصره،، حيث تميز بغزارة مادته وعمق نظراته وتحليلاته التاريخية وحرصه على الدقة في الإسناد وضبط الأحداث والتوقيت، ولذا فقد اهتم بتفاصيل المعارك وتابعها متابعة دقيقة، وتقصى الأخبار والحوادث التي جرت في عهده.
منهجية البحث:
سوف تعتمد دراسة البحث المنهج التاريخي التحليلي.
تعد الفترة الزمنية (1538 -1635م) إحدى الفترات التاريخية الهامة في تاريخ اليمن الحديث؛ إذ ارتبطت مجريات أحداثها ووقائعها، التي تصل إلى قرابة مائة عام هي فترة الوجود العثماني الأول في اليمن-بأحداث سياسية هامة نتجت عن ذلك الصراع الذي احتدم بين العثمانيين واليمنيين-خاصة الأئمة الزيديين -حيث برزت الإمامة الزيدية-وقتئذ قوةً رئيسة واجهت العثمانيين الذين قاموا بـــ”قيادة الثورات الوطنية حينذاك ضد العثمانيين “([1])، الأمر الذي مكنهم في النهاية أن يقوموا بدور رئيس في تاريخ اليمن الحديث بل المعاصر.
ولم تكن العلاقة بين القوتين -الآنفتي الذكر-حسب مؤرخ معاصر: “حربًا دائمًا أو سلامًا دائمًا”([2]). بل كانت مزيجًا من الاثنين، فلقد كان همّ العثمانيين إقامة عمق استراتيجي داخل اليمن لما من شأنه إحكام نفوذهم وسيطرتهم عليه، فيما رأى الأئمة في الوجود العثماني -حينئذ-عقبة أمام مد نفوذهم في كل أنحاء البلاد ثم الاستقلال عن دار الخلافة، وذلك ما تم نتيجة لثورة الإمام القاسم بن محمد ومن بعده ابنه المؤيد.
ولقد تأثرت حركة التأليف في اليمن بالأوضاع السياسية الناجمة عن ذلك الصراع، ونتج عنه تصادم آخر في النواحي الثقافية والفكرية أدت إلى اشتراك القلم في رصد وقائع الأحداث ومجرياتها -في الحرب والسلم على السواء- وظهرت كتابات ومؤلفات، عالجت النواحي المختلفة الخاصة بتلك الفترة، ورسمت خطوطها السياسية رسمًا واضحًا في أبعاد متفاوتة، ومن وجهات نظر مختلفة، ولقد أدرك المؤرخون اليمنيون في العهد العثماني الأول أهمية علم التاريخ ومدى ارتباطه بالسياسة والحكم، وما فيه من فائدة في تجنب الأخطاء وتحاشي الزلات والاعتبار مما مضى، ودفعهم إدراكهم هذا إلى الاشتراك في أحداث الصراع السياسي الدائر آنذاك بين القوى المحلية بزعامة الأئمة الزيدية، والدولة العثمانية بتأليف مصنفات تاريخية مثلت نوعًا من الدعاية الإعلامية لهذا الطرف أو ذاك، وقد عبّر المؤرخون عن تلك الأهمية بأساليب وطرق مختلفة ([3])، وكانت تلك المؤلفات مصدرًا مهمًّا يستند إليه كل من أراد أن يؤرخ لهذه الفترة ويعول على مصداقيته باتجاه طرح رؤاه وتحليلاته عنها، وكان لاشتراك المؤرخين في تلك الأحداث- من خلال مؤلفاتهم- تأثيرًا إيجابيًّا على حركة التأليف التاريخي كمًّا وكيفًا، حيث أدى ذلك إلى غزارة الانتاج الفكري من المؤلفات التاريخية التي دونت فيها أحداث الصراع السياسي وسير قادته وزعامته للفترة التاريخية نفسها بطرق وأساليب مختلفة، ظهر فيه تأثر مؤلفيها بعوامل مذهبية وسياسية واجتماعية، فأبرزت تلك المؤلفات المختلفة ملامح الأوضاع السياسية لليمن من وجهات نظر مختلفة، وهو ما ميز حركة التأليف التاريخي في هذه الفترة دون غيرها من الفترات التاريخية([4]).
وما زالت أغلب تلك المؤلفات والكتابات حبيسة المكتبات العامة أو الخاصة منها، وهي بلا ريب تمثل تراثًا وطنيًا ثريًا، ومن الأهمية بمكان القيام بتحقيقها ونشرها ليتمكن المهتمون والباحثون من دراستها وتحليلها، ولعل على سبيل المثال مخطوط (النبذة المشيرة إلى جمل من عيون السيرة)، للمؤرخ المطهر بن محمد الجرموزي، يعد واحدًا من نماذج مؤلفات ذلكم العصر كونه -الجرموزي-أحد معاصري فترة نشوء الدولة القاسمية (الزيدية) التي أرسى دعائم بنائها الإمام القاسم بن محمد في آخر سنوات الوجود العثماني الأول في اليمن.
ولقد كتب المؤرخ الجرموزي ثلاثة مؤلفات -سنأتي على ذكرها-أولها -النبذة المشيرة إلى جمل من عيون السيرة-وهي سيرة أحداث ووقائع الإمام القاسم بن محمد([5]) فيما تناول في مؤلَّفَيه الآخرين سيرة كل من ولدي الإمام القاسم، وهما الإمام المؤيد بالله محمد (ت1054ه/1664م)، والإمام المتوكل على الله إسماعيل (ت1087ه/1676م).
ولعلنا فيما يلي نوضح بالتفصيل ترجمة عن المؤرخ الجرموزي، مستقصين أخباره بما حصلنا عليه من مصادر.
هو السيد العلامة المجاهد فخر الدين([6])، المطهر بن محمد بن أحمد بن أحمد بن عبد الله المنتصر بن محمد بن أحمد بن القاسم بن يوسف بن المرتضى بن المفضل بن منصور بن الحجاج بن عبد الله بن علي بن يحيى بن القاسم بن يوسف الداعي بن يحيى الناصر بن أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن علي بن أبي طالب([7]).
أما شهرته بالجرموزي فترجع إلى قريته -مسقط رأسه-بني جرموز من بلاد بني الحارث شمال صنعاء([8]).
في حقيقة الأمر لم نستطع بما وقع بين أيدينا من مصادر -شحيحة-معرفة ما كنا نؤمل من تفاصيل دقيقة عن نشأته أو المشايخ الذين تتلمذ على أيديهم، ويبدو أن مطولات التراجم اليمنية قد أغفلته، فهو لم يُذكر في كتاب (مطلع البدور ومجمع البحور) لمعاصره القاضي أحمد بن صالح ابن أبي الرجال؛ ولعل سبب إغفاله ذلك مرده إلى أن أبا الرجال لم يتناول في تراجمه سوى من تفقهوا في المذهب الزيدي([9]). فيما لم يشر إليه كذلك العلامة المؤرخ محمد بن علي الشوكاني في مؤلفه: (البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع).
ولد المؤرخ الجرموزي في (جمادى الآخرة سنة 1003ه/1594م)([10]) حيث نشأ في كنف والده([11]). وكان لقربه من الأسرة القاسمية الأثر البالغ في تحصيله العلمي، حيث نال حظًا وافرًا من العلم فصار عالمًا فقيهًا صاحب دراسة ومعرفة دقيقتين بعلوم الدين لا سيما الأصول والفقه منها([12]).
وهو بذلك حسب المحبي قد: “كان من أعيان الدهر وأفراد العصر علمًا وعملًا ونباهة وفضلًا”([13]). قرّبه الإمام القاسم إليه فكانت له مكانة عالية لديه([14]). فيما ولاه الإمام المؤيد بالله محمد القضاء على نواحي آنس ووصاب وعتمة([15])، وأبقاه في منصبه كذلك الإمام المتوكل على الله إسماعيل.
لم تتفق المصادر التي أرخت للمؤرخ الجرموزي في تحديد تاريخ دقيق لوفاته، فلقد ذكر مؤرخ معاصر أن وفاته كانت في (27 ذي الحجة سنة 1077ه/1666م)([16])، بينما ذكر المؤرخ يحيى بن الحسين في مؤلفه (بهجة الزمن) أن وفاته كانت في (يوم الاثنين السادس من شهر ذي الحجة سنة 1076ه/التاسع من مايو1665م)([17]) ووافقه إلى ذلك صاحب (مختصر طيب أهل الكسا) إسماعيل بن أحمد([18])، وشاركهما كذلك الجنداري في مؤلفه (الجامع الوجيز)([19])، وربما كان الأرجح بينهم جميعًا ما أكده مؤرخ محدث: “أن وفاته كانت في شهر المحرم من سنة 1077ه/1666م”([20]) استنادًا إلى ما ذهب إليه حفيد المؤرخ الجرموزي، أحمد بن الحسن في كتابه (عقود الجوهر في أنباء آل المطهر) عن عمر ناهز السبعين عامًا، وقد ووري جثمانه الثرى في قرية سماه من نواحي مديرية عتمة([21]) وقبره مشهور مزور.
مما لا شك فيه أن الفترة التاريخية التي عاشها المؤرخ الجرموزي (1003-1077ه/1594-1666م)، كان لها بالغ الأثر في صقل شخصه كسياسي ومؤرخ، فالنبت غالبًا ما ينمُّ عن التربة التي تحمله، فكذلك الشخوص عن محيطاتهم الاجتماعية، والجرموزي تنقل في نموّه عبر مراحل متناغمة الإيقاع والموقع، تكاملية الفعل والمحصلة، فسني طفولته التي عاشها في كنف والده أسست للبذرة الأولى في شخصيته التي ازدهرت في السنين اللاحقة من عمره، فكان للشخصية المحاربة التي عرف بها والده كأحد المقاتلين في صفوف جيش الإمام القاسم، إبان ثورته ضد العثمانيين (1006-1029ه/1597-1619م) أثرها البالغ في رسم المعالم الأولى لشخص مؤرخنا، وعندما شب عن الطوق عاش وضعًا سياسيًا حافلًا بالأحداث لتلك الفترة([22]) -الصراع بين الأئمة والعثمانيين- التي اشتدت أوضاعها السياسية تأزمًا في عهد الإمام المؤيد بالله محمد، وانتهت بالجلاء العثماني الأول عن اليمن في عام (1635م)، وبعد وفاة المؤيد (1054ه/ 1644م) تسنّم سدة الحكم من بعده أخوه الإمام المتوكل على الله إسماعيل الذي بسط نفوذ الدولة على مناطق اليمن قاطبة”([23]).
وقد تظافرت عدة عوامل أثرت على نتاجه الفكري وفي رفع شأنه كمؤرخ، منها قرابته للأئمة الزيدية -أسرة القاسم-وارتباطه المباشر بأركان الدولة القاسمية كونه أحد المسؤولين فيها. ومثلت سيره الثلاث التي كتبها عن الإمام القاسم بن محمد وولديه الإمام المؤيد بالله محمد، والإمام المتوكل على الله إسماعيل مصدرًا مهمًا وموثوقًا به في التاريخ اليمني الحديث، وكانت تلك السير: “تاريخًا حافلًا لليمن وللأئمة الثلاثة ودولهم وتراجم لمعاصريهم من العلماء والفقهاء والأدباء”([24]) كان الجرموزي ممن شاهدها أو عاصرها([25])، ودوّن وقائعها. وهو بذلك قد: “رسم لنا صورة شاملة واضحة لمجريات أحداث تلك الفترة بكل ظروفها وملابساتها السياسية”([26]) وهي تساعد حسب مؤرخ معاصر: “باستمرار على توضيح وجهات النظر المختلفة مما كان يعمق في النهاية لتطور الأحداث”([27]).
وفي حقيقة الأمر فإن المؤرخ الجرموزي يعد أحد النماذج البارزة بين مؤرخي عصره وذلك لغزارة مادته التاريخية ولعمق نظرته وتحليلاته، فقد سجل المؤرخ الجرموزي أحداثًا تاريخية وسياسية وعسكرية واجتماعية قد نقف عليها للمرة الأولى، وأسهب في تفاصيل دقيقة عن حياة الإمام المؤيد محمد بن القاسم وإخوته ورجال دولته، وعرض نظام حكم الولاة العثمانيين وسياستهم، وشرح التفاصيل التاريخية، والمعارك العسكرية التي جرت في ذلك العصر. وباعتبار أن مؤرخنا كان شاهد عيان على تلك الفترة التاريخية ومن المقربين للإمامة والسلطة، وتحمله بعض المهام والوظائف الإدارية والسياسية فقد رسم وسجّل كل الأحداث التاريخية بدقة ورؤية تاريخية حيَّة وصادقة ([28]).
ولعل ذلك يتضح جليًّا في كتاباته، نورد منها على سبيل المثال ما ذكره عن معركة دارت أحداثها في صعدة إبان فترة الإمام القاسم بن محمد –في مخطوطته النبذة المشيرة التي اخترناها أنموذجًا لمؤلفاته في موضوع دراستنا هذه -بين القوات الإمامية والقوات العثمانية في سنة (1023ه/1614م)، في أثناء محاصرة علي ابن الإمام القاسم لقوات جعفر باشا لبسط نفوذ الإمام على صعدة، حيث يقول: “وأما أصحاب مولانا علي… فإنهم لما سمعوا الحرب عادوا ناشرين رايتهم يضربون مرفعهم مجدّين وقد خالطهم الشجن على مولانا علي…” ([29]).
وهو في جانب آخر، يتطرق إلى ذكر الصلح الذي عقد بين الإمام القاسم وجعفر باشا في سنة (1025ه/1616م) قائلًا: “ثم حصلت المكاتبة بهذا الصلح سرًا فما عرف الناس إلا والسيد العلامة جمال الدين عامر بن محمد الذماري قد تقدم إلى صنعاء لعقد الصلح وتحليف الباشا جعفر..” ([30]).
ولعله من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن مؤلفاته التاريخية لم تقتصر في محتوياتها على الجانب السياسي، وإن هو حظي بالنصيب الأكبر والأوفر من اهتمام المؤلف، بل تناولت الجانب الاقتصادي كذلك، حيث يذكر على سبيل المثال في مؤلفه -النبذة المشيرة- ضمن أحداث عام (1028ه/1618م) أن أسعار الغذاء -الحبوب- قد ارتفعت نتيجة لقلة الأمطار في أغلب مناطق البلاد، حيث يقول: “أما المطر فلا عهد لها به والظواهر مثلًا والبلاد الإمامية يعني مشارقها أقل، وارتفعت الأسعار وكاد الطعام يعدم”([31]).
وأما الجانب الاجتماعي، فقد حرص المؤرخ الجرموزي على تضمين مؤلفه- النبذة المشيرة- بعضًا من عادات الأهالي وتقاليدهم، أو ما كان سائدًا في أوساط الناس من طقوس اجتماعية أو معتقدات، فهو يشير – على سبيل المثال- إلى واحدة من المعتقدات وهي ظاهرة التبرك بالموجودات، حيث يذكر أن الأهالي تداعوا للتبرك بإحدى الأشجار العملاقة الواقعة في منطقة المير، وعمدوا إلى زيارتها، ويوضح ذلك بقوله: “إنه كان في الفراع من أعلى المير وما يقرب من شام صور شجرة عظيمة من أجناس شجر مجموعة من ثلاثة أنواع أو أكثر فكان يقصدها البدوان من الشام واليمن البلاد المقاربة للزيارة والذبائح من الإبل والبقر والغنم”([32]).
كما اهتم الجرموزي -أيضًا-بالجانب العمراني وذلك بتدوينه كل ما بُني أو أُصلح ورُمِّم من المساجد والمدارس، مما كان موضع اهتمام الإمام القاسم، فهو يذكر الأعمال العمرانية التي أُنجزت في مدينة شَهَارة حيث يقول: “أسّس الإمام.. مسجده الجامع في محروس شهارة في رابع شهر محرم عام خمسة عشر وألف…. وساق معظم حجارته من خارج الباب”([33]).
ولم يقتصر المؤرخ الجرموزي على ذكر النواحي الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية في مؤلفاته فحسب، بل إنه عمد إلى تضمينها الظواهر الطبيعية التي حدثت في تلك الفترة من الزمن، ومن ذلك تتبعه لسير أحد النجوم حيث يقول: “طلع النجم ذو الذنب المشهور وصفته أنه طلع نجم مع الفجر له رأس كالسنان المرتفع، وله نور يطلع قبله، ثم لا زال يطلع حتى انتهى إلى نحو ثلث السماء أو يزيد، وهو يطلع قبل الفجر نوره في كل يوم حتى انتهى إلى ما ذكرناه”([34]).
ولم تصرف اهتمامات مؤرخنا الجرموزي التاريخية عن الأدب، حيث اتخذ له مساحة لا بأس بها من اهتماماته عامة([35])، ولقد ضمن مؤلفاته العديد من القصائد التي قيلت سواء كانت مدحًا في الإمام القاسم أو ابتهاجًا بالانتصارات التي حققتها قواته على الجانب العثماني أو غيرها من المناسبات كما تناولتها مؤلفاته.
ولعل ما أوضحناه -آنفًا-يؤكد تأكيدًا جليًّا سعة اطلاع مؤرخنا الجرموزي ومعرفته بعلوم عصره، ويتبين ذلك – على سبيل المثال -من مؤلفه -النبذة المشيرة إلى جمل من عيون السيرة- فهو إلى جانب اهتمامه بالتاريخ وتتبعه بالرصد لمجريات العصر وأحداثه كان على جانب كبير من الإلمام بالعلوم الأخرى، حيث نجد كتابه زاخرًا بالاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فضلًا عن قصائد الشعر والأمثال، ولعله بذلك حسب مؤرخ محدث: “شأنه شأن غيره من معاصريه الذين تشبعوا بالثقافة الإسلامية التي سادت في تلك الفترة الزمنية”([36]).
كتب مؤرخنا الجرموزي في سني حياته أربعة مؤلفات، أرّخ في ثلاثة منها للدولة القاسمية، وهي سير للأئمة الثلاثة: الإمام القاسم بن محمد، وولديه الإمام المؤيد بالله محمد، والإمام المتوكل على الله إسماعيل، فيما خصص مؤلفه الرابع للحديث عن أخبار ملوك اليمن منذ عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حتى زمانه. ونتناول فيما يلي بالتفصيل نتاجه الفكري:
تناول فيه الجرموزي سيرة الإمام القاسم بن محمد (ت1029ه/1619م) وهناك مسمىً آخر لهذه السيرة تحت عنوان (الدرة المضيئة في السيرة القاسمية)([37]). وقد تناول -المؤرخ-فيه جوانب حياة الإمام القاسم الشخصية والعلمية والسياسية والحربية([38]).
وبين الجرموزي في مقدمة كتابه الدافع من تأليفه لهذا الكتاب مؤكدًا حرصه على تدوين أحداث الفترة -الإمام القاسم-ووقائعها وجمع أخبارها ممن شاهد أو شارك أو اتصل بالأحداث في حينها([39]) حيث قال: “…فإني قد سمعت كثيرًا من أخبار مولانا وإمامنا المنصور بالله القاسم بن محمد فأخذ النسيان أكثره، فرأيت أن أعلق في هذا المختصر ما أمكن مما بقي، وأجعل في هذه الأوراق اليسيرة توقيعًا لما أمكن من الجمل”([40]).
وقد ضمن المؤرخ الجرموزي في كتابه (النبذة المشيرة) العديد من الرسائل التي تبادلها الإمام القاسم بن محمد مع مؤيديه ومناصريه، وبعض العهود لتعيينات بعض أبنائه وكبار رجال إمامته ممن تولوا مهام تسيير الأمور في الأقاليم التابعة لنفوذه”([41]). كما تطرق كذلك إلى تلك الإصلاحات التي قام بها الإمام في مجالات عدة كبناء المدارس وشق قنوات المياه المستخرجة من الينابيع([42]). وسنجد أنه أبدى اهتمامًا كبيرًا لثورة الإمام القاسم، وهو الجزء الهام في أحداث هذه السيرة، حيث أفرد أغلبه للحديث مفصلًا تفصيلًا دقيقًا لدعوة الإمام وثورته التي خاضها ضد الوجود العثماني الأول في اليمن.
ووثق مؤرخنا في مؤلفه تلك الرسائل التي تبادلها الإمام مع بعض الولاة العثمانيين الذين تولوا ولاية اليمن في فترة الإمام القاسم، وأورد كل اتفاقيات الصلح التي وقعها -الإمام-مع هؤلاء الولاة. كما أنه أورد تراجم لعدد من العلماء والفقهاء، وغيرهم من الأدباء ممن عاصروا الإمام القاسم.
وتناول مؤرخنا في كتابه كذلك العلاقات الخارجية التي كانت قائمة بين الإمام وبعض زعماء دول الجوار([43]). من خلال الرسائل التي كان يبعثها إليهم.
ومن الأهمية بمكان ان نذكر أن مؤرخنا كان قد سجل مجريات الأحداث لمؤلفه (النبذة المشيرة) في سنوات حكم الإمام المتوكل على الله إسماعيل وهو ما أشار إليه في نهاية كتابه بقوله: “حررت في أيام مولانا أمير المؤمنين المتوكل على الله إسماعيل لعشر بقين من شهر ربيع الأول خمس وستين وألف من الهجرة النبوية”([44]).
2. الجوهرة المنيرة في تاريخ الخلافة المؤيدية:
تناول مؤرخنا في مؤلفه (الجوهرة المنيرة) الحديث عن سيرة الإمام المؤيد بالله محمد([45]). منذ توليه الإمامة عقب وفاة أبيه الإمام القاسم سنة (1029ه/1619م) حتى وفاته سنة (1054ه/1635م). وأفرد الجرموزي جانبًا كبيرًا من كتابه لثورة الإمام المؤيد بالله محمد ضد العثمانيين، حيث سجّل وقائع الحروب وأحداثها التي خاضها معهم، انتهاءً بخروجهم وجلائهم عن اليمن سنة (1036ه/1635م)، كما أنه تطرق إلى تلك السياسة التي اتبعها الإمام المؤيد ضد معارضيه([46]).
وتحدث الجرموزي في مؤلفه عن العلماء والفقهاء والأدباء الذين عاصروا الإمام المؤيد ووالده الإمام القاسم، فضلًا عن رجال الدولة وحكام المناطق المختلفة في اليمن –في أثناء حكم المؤيد-الذين اشتركوا في القتال ضد العثمانيين أو المعارضين لحكم الإمام المؤيد بالله محمد([47]).
3. تحفة الأسماع والأبصار بما في السيرة المتوكلية من غرائب الأخبار:
تناول المؤرخ الجرموزي في كتابه (تحفة الأسماع) سيرة الإمام المتوكل على الله إسماعيل، وتطرق في مقدمته للحديث عن المعارضين لإمامة الإمام المتوكل على الله، وكيف حسم الإمام -المتوكل-الصراع القائم -وقتئذ-بين أفراد الأسرة القاسمية -المعارضين-الذي انتهى بتوليه إدارة شئون البلاد في عام (1054ه/1644م)([48]).
ورسم مؤرخنا بدقة متناهية صورة واضحة للسياسة التي اتبعها الإمام لمد نفوذه إلى المناطق الجنوبية من البلاد بغرض ضمها في إطار الدولة الواحدة، وقد خصص حيزًا كبيرًا من السيرة للحديث عن الوقائع والأحداث التي خاضتها قوات الإمام بقيادة أحمد بن الحسن بن القاسم في تلك المناطق، كما وضح توضيحًا جليًّا المعارك التي خاضتها قوات الإمام المتوكل في المناطق الجنوبية، الهادفة إلى توحيد اليمن تحت لواء دولة مركزية واحدة امتدت سيطرتها إلى حضرموت وما جاورها من مشرق اليمن وجنوبه([49]).
وتطرق المؤرخ كذلك إلى الحياة السياسية والعلمية للإمام المتوكل على الله إسماعيل، فضلًا عن إصلاحاته الاقتصادية.
واهتم المؤرخ برصد معالم السياسة الخارجية التي انتهجها الإمام المتوكل مع عدد من الأقطار العربية والإسلامية، وبعض الدول الأوروبية([50])، كما أنه ترجم للمعاصرين من علماء، وفقهاء، وأدباء ممن عاصروا الإمام المتوكل على الله، فضلًا عن الحياة العلمية التي شهدها عصره([51]).
4- عقد الجواهر البهية في معرفة المملكة اليمنية، والدولة الفاطمية الحسينية:
تناول مؤرخنا في كتابه (عقد الجواهر البهية) أخبار من ملك اليمن منذ عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وانتهاء بعصره، ولم يقدِّر أهمية هذا الكتاب كما يقول مؤرخ معاصر: “سوى ناس قليلين منهم الشيخ حمد الجاسر الذي يمتلك نسخة من الأم المجهولة”، وأورد المؤرخ الجرموزي إلى جانب الأحداث التاريخية والسيرة الشخصية والمفصلة للإمام المؤيد محمد بن القاسم وسياسته العسكرية والإدارية والمالية وعلاقاته الخارجية، كل الرسائل والخطابات والتوجيهات التي أرسلها الإمام إلى شخصيات يمنية وعربية مختلفة، وأصبحت المخطوطة بمنزلة أرشيف وثائقي لكل تلك الرسائل.
وتناولت المخطوطة أخبار إخوة الإمام المؤيد محمد: الحسن والحسين وأحمد أبناء الإمام القاسم وسيرهم. وتطرقت إلى أعمالهم وحروبهم ومواقفهم تجاه الإمامة والعثمانيين قبل الاستقلال وأعمالهم السياسية والإدارية بعد الاستقلال.
وأبرزت المخطوطة الأدوار التاريخية والشخصية للعلماء والقادة والشخصيات البارزة ورؤساء القبائل وأدوارهم العسكرية قبل الاستقلال حتى انسحاب العثمانيين من اليمن، وتوضيح أدوارهم وإسهاماتهم من أجل بناء الدولة القاسمية المستقلة.
وقد أظهرت المخطوطة الجوانب الإيجابية والسلبية العامة لكل الشخصيات والأفراد في تلك المرحلة التاريخية، وشرحت لنا أدق التفاصيل عن أخبار المدن والقرى والعزل والجبال والوديان والقبائل والحصون في كل أقاليم اليمن الشمالية والجنوبية. ولذا قد لا نختلف في اعتبار أن هذه المخطوطة قد أعطتنا صورة واضحة وصادقة لتلك الفترة التاريخية من تاريخ اليمن([52]).
كان لحركة التأليف التاريخي في اليمن جذورها التاريخية، فهذه الحركة تنتسب للمدرسة الإسلامية التي التزمت المنهج العلمي والذي سارت عليه الكتابات التاريخية في العصور الوسطى، فقد حرصوا في مقدمات مؤلفاتهم على توضيح الغرض والدافع من التأليف، واتصفت حركة التأليف التاريخي في اليمن بالتدوين المحلي، أي التوسع في تدوين الأحداث التاريخية المحلية وتسجيلها، أو سيرة أئمة الفترة خصوصًا، وتناول الأحداث المتعلقة بالفترة نفسها، ولم يخرجوا إلى الأحداث الخارجية إلا نادرًا إذا ما دعت الحاجة لهذا الخروج.
لقد أثرت الفترة التاريخية التي عاشها مؤرخنا الجرموزي (1003-1077ه/ 1594-1666م) تأثيرًا كبيرًا في أسلوب صياغته للأحداث بحكم قربه من البيت الحاكم (الأسرة القاسمية) فضلًا عن دخوله في خدمة هؤلاء الأئمة، فهو أحد المسؤولين([53])، وهو الأمر الذي ترك بصماته واضحة جلية في منهج المؤرخ في كتابته لمؤلفاته.
ولقد استقى المؤرخ الجرموزي معلوماته من مصادرها لكونه قريبًا من الأحداث من جانب، ومن جانب آخر فإنه يعد من مؤرخي السير البارزين باحثًا مدققًا وراء ما يجمع من الأخبار وروايتها، ولم يغفل عن ذكر من أخذ عنهم حيث يسند رواياته إلى أصولها وكان المؤرخ الجرموزي شاهد عيان على الأحداث، وكثيرًا ما ذكر قربه من الحدث أو مشاركته فيه، وحاول استخدام منهج الضبط والتوقيت، وتجديد وضبط السنوات، ولذلك فقد ذكر في أثناء تدوين أحداث هذه السيرة استشهاده بمصدر معلوماته ([54]).
وتبدو لنا معالم منهجه واضحة فهو على سبيل المثال في مؤلفه (النبذة المشيرة) أشار إلى الغرض من تأليفه بقوله: “…أما بعد فإني كنت سمعت كثيرًا من أخبار مولانا وإمامنا، ووسيلتنا إلى ربنا الإمام الأعظم والحجة لله سبحانه على أهل عصره من ولد آدم، المنصور بالله القاسم بن محمد بن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، فأخذ النسيان أكثره، فرأيت أن أعلق في هذا المختصر ما أمكن مما بقي، وأجعله في هذه الأوراق اليسيرة توقيعًا لما أمكن من الجمل، وأما الإحاطة بها فما أبعدها، والتفصيل لها أبعد من نيل النجوم وعدها، لطول المدة وتأخرنا عنها…”([55]).
فيما بيّن المؤرخ الجرموزي، بعناية بالغة، وتفصيل دقيق المنهج الذي اتبعه في كتابه (النبذة المشيرة) سيرة الإمام القاسم بن محمد، من جميع جوانبها الشخصية والحربية والسياسية، وقد عرض هذا المنهج في مقدمة كتابه، حيث قال: “…ونذكر نسبه الشريف، ونشأته، وحلته، وخصائصه، وعلمه، وشجاعته، وورعه، وتدبيره، وسخاه، وشفقته على الأمة، وصبره، ونبذًا من مواعظه ورسائله وكراماته، ونبذًا من أشعاره، ويسيرًا مما امتدحه به أهل الإجادة، وتعداد عيون العلماء من أهل عصره، ودعوته، وحروبه، ونهضاته، ووفاته وموضع قبره…”([56]).
ثم يبدأ بعد ذلك عرض موضوعات كتابه ذاكرًا كل عنصر ذكرًا مفصلًا، فيقول: “أما نسبه الشريف فهو الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن يوسف الأصغر الملقب الأشل…”([57]). وقد تطرق المؤرخ في نحو (65) ورقة في مؤلفه إلى الحديث عن صفات الإمام ومناقبه، فيما تناول في بقية الكتاب دعوة الإمام وحروبه (ثورته) في مراحلها الأربع حتى وفاته وهي تمثل الجزء المهم في مؤلفه.
وحرص المؤرخ على تدعيم كتابه بالوثائق مثل رسائل الإمام التي كان يبعثها إلى رؤساء القبائل يدعوهم فيها إلى الثورة على العثمانيين.
وعلى سبيل المثال وثّق المؤرخ في مخطوطته (النبذة المشيرة) إحدى رسائل الإمام يحث فيها على الجهاد ضد العثمانيين حيث يقول: “…ثم إنا ندعوكم إلى جهاد أعداء الله الذين ظلموا العباد وأظهروا في الأرض الفساد…”([58]) كما اهتم الجرموزي بتلك الرسائل التي كان الإمام القاسم بن محمد يتبادلها مع قواده أو حكام الأقاليم، والتي كانت تحمل أوامره وتعليماته وتوجيهاته لتسيير الأمور في مراكز نفوذه([59])، كما أنه لم يغفل تلك الرسائل التي كان يبعثها الإمام إلى بعض أمراء الدول العربية، من ذلك رسالة وجهها الإمام إلى شريف مكة حسن بن نمي يبين له فيها الفتنة التي حدثت في البلاد (اليمن) جراء خروج عبد الله المؤيدي عن الطاعة وإعلانه الإمامة لنفسه.. فيقول: “…أما بعد فكتابنا هذا إلى سلالة النجباء من عترة النبي المجتبى مفاخر الزمن وذؤابة بني الحسن، أهل الشوكة في حرم الله وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم…”([60]). ولقد مثلت محتويات تلك الرسائل وثائق بالغة الأهمية عن هذا العصر وما اتصل به من ظروف محلية (ثورة الإمام ضد العثمانيين)، وعلاقات كانت قائمة بين الإمام وبعض أمراء الدول العربية.
ولعل سعة اطلاعه وقربه من مواقع الأحداث، فضلًا عن موقعه كواحد من كبار مسؤولي الأسرة القاسمية، قد أثرت هي الأخرى في منهجه عند كتابة مؤلفاته. ولقد تميز مؤرخنا دون غيره من المؤرخين المعاصرين له في رصده بعض الأحداث في مؤلفاته، وكأنه يكتب مذكراته([61])، فهو على سبيل المثال يدوِّن الأحداث-في مخطوطته النبذة المشيرة – حول حصار شهارة ضمن مجريات الأحداث لسنة 1011ه/1601م([62]) من قبل العثمانيين، وكيفية خروج الإمام منها (شهارة) في بضع أوراق، لكنه يتوقف فجأة عن أخبار الحصار، تاركًا أكثر التفاصيل لنتائج ذلكم الحدث، لينقلنا إلى أخبار وصول الإمام إلى برط، وما دارت من أحداث بين الإمام وأهالي برط([63]) ثم يتوقف عن سرد أخبار الإمام في برط، ليعود بنا مرة أخرى لمتابعة أحداث شهارة التي كان قد ذكرها فيما قبل، ليضيف إليها ما استجد من الأحداث عقب خروج الإمام إلى برط، كان قد رصدها في مذكراته، غير أنه لم يدونها في كتابه، ومن ثم يعود بالسرد التاريخي بعبارته التقليدية على مثل هذا النحو: “ولنرجع إلى أخبار شهارة المحروسة بالله، فإنهم صبروا بعد خروج مولانا الإمام وأحربوا حروبًا كثيرة…”([64]).
ولقد اتبع المؤرخ الجرموزي في تناوله للأحداث في كتاباته أسلوب السرد القصصي مع حرصه على التوقيت الزمني ورصد الأحداث بتبيان تواريخها([65])، وهو بذلك يختلف عن نهج من عاصره من المؤلفين ممن كتبوا عن الفترة أمثال عيسى بن لطف الله في مؤلفه (رَوْح الروح) التي كانت تنهج في رصدها الأحداث منهج المدرسة العربية الإسلامية الكلاسيكية([66])، بالتزامها بترتيب الأحداث على طريقة الحوليات([67]).
وعني مؤرخنا كذلك عناية دقيقة بتوثيق مادته التاريخية بما وقع بين يديه من كتب المؤرخين المعاصرين له، كان الغرض منها تأكيد مصداقية تلك المعلومات والأحداث التي سطرها في مؤلفاته، شأنه في ذلك شأن سائر مؤرخي عصره، ويبدو ما ذهبنا إليه واضحًا في مؤلفه: (النبذة المشيرة)، حيث حرص على توثيق كثير من أحداثه مما استقاه من كتاب: (اللآلئ المضيئة في أخبار الأئمة الزيدية) للعلامة أحمد بن محمد الشرفي([68])، ..مثل قوله: “…قال السيد أحمد نفع الله به: فتح جهات خولان صعدة وما جرى فيها من الحوادث..”([69])، وهو في موضع آخر ينقل من كتاب (روح الروح في ما جرى بعد المائة من الفتن والفتوح) لمؤلفه المؤرخ، عيسى بن لطف الله([70]) حيث يقول: “…قال السيد عيسى إن الذين أنذرهم وأطلع خبر هذا الظالم رجل من عيال يزيد اسمه سبحا…”([71]) وتجدر الإشارة إلى أن ما نقله من هذه المصادر قد اقتصر على النقل الحرفي ليس أكثر، فلا هو علق عليها إثباتًا أو نفيًا أو ترجيحًا ولا هو عابها منتقدًا”([72]).
وإذا ما ألقينا نظرة على مؤلفات المؤرخ الجرموزي سنجد أنها اتسمت بالتحيز الشديد للأئمة الزيدية، فهو على سبيل المثال عند ذكره للإمام القاسم بن محمد يحيطه بألقاب التعظيم وهالات التقديس([73]) يقول: “…سمعت كثيرًا من أخبار مولانا وإمامنا ووسيلتنا إلى ربنا الإمام الأعظم والحجة لله سبحانه على أهل عصره من ولد آدم المنصور بالله القاسم بن محمد..”([74]) وأهم ما يميز منهج الجرموزي هو تعصبه الشديد لآل القاسم على اعتبار أنه كان أحد رجال الدولة ومن المقربين للسلطة، واتضح من كتاباته التحيز الشديد للإمام المؤيد محمد وإخوته، فكان لا يذكر اسم الإمام مجردًا بل يحيطه بألقاب التعظيم والتفخيم، وكذلك بالنسبة لإخوته الحسن والحسين وأحمد أبناء الإمام القاسم، ولذا اعتُبر المؤرخ الجرموزي نموذجًا للمؤرخين المنحازين إلى الجانب الإمامي ضد الطرف الآخر، وهم العثمانيون من الشخصيات التي شاركت في تلك المرحلة.
وقد سجل لنا المؤرخ كل المصاعب والمشاكل التي واجهت الإمام المؤيد محمد في أثناء الحرب وحصار المدن، وكيف تمكن الإمام المؤيد من حل كل تلك المصاعب والمشاكل وتدبرها، وكبح طموح الطامعين والمتطلعين للنفوذ والسلطة. وقد تطرقت المخطوطة لمختلف المواضيع الاقتصادية والزراعية والمناخية، فقد تعرضت لمواسم الأمطار والزراعة، وحلول فترات الجفاف والقحط والفاقة الاقتصادية والمعيشية التي واجهتها أقاليم مختلفة من اليمن، وشرح اهتمام الإمامة بالموانئ والتجارة، ووضع القوانين المنظمة لهذه الشؤون، وشرح اهتمام الحسن والحسين كذلك باستصلاح الأراضي الزراعية والتوسع في زراعتها خاصة زراعة البن. وقد اهتم الجرموزي بإبراز المآثر العمرانية التي حرص على إقامتها مختلف رجال السلطة في ذلك الحين وعلى رأسهم الإمام المؤيد والحسن والحسين أبناء الإمام القاسم، وكان للرسائل الكثيرة والمختلفة أهميتها التي حرص على تسجيلها المؤرخ الجرموزي في المخطوطة، وأسهمت تلك الرسائل في توضيح وجهات النظر المختلفة للإمام المؤيد محمد وللأطراف الأخرى التي حاول الإمام مراسلتها، إما لجمع الأنصار المؤيدة لدولته، أو لإقامة علاقات وطيدة تثبت سياسة دولته المستقلة. وقد تأثر المؤرخ بالوجود العثماني وأورد كثيرًا من المصطلحات العثمانية مثل: الجامكية والسباهية والباشلية والبلك، وأبرز المؤرخ في مؤلفه السيرة الشخصية للمؤيد محمد بن القاسم وحروبه ضد العثمانيين، وفترات الهدنة أو الصلح. واهتم بكل الأحداث التاريخية المتعلقة بحصار المدن وخروج العثمانيين منها، ونزوحهم إلى سواحل تهامة، ([75]).
مما لا شك فيه أن اللغة هي وسيلة الكاتب المؤثر في محيطه، فبها يستشف المعاني والمفردات ويتغلغل في أعماق النفس البشرية، وبها يستلهم مفردات الحياة، وهي تكشف عن هويته على الدوام، ومن الأهمية بمكان أن يكون ملمًّا بقواعدها دارسًا لأبجدياتها عارفًا بجزئياتها وتركيبها وصياغتها؛ كونها أساس كل عمل كتابي قويم، فإن شابها خلل (ركاكة) في تناغم انسيابها أو اتساق مفرداتها أثرت بالتالي على محتويات مادتها.
وإلى ذلك نستطيع القول إن مؤرخنا الجرموزي كان ذا اطلاع ودراية وإلمام واسع بلغته العربية، نستشف ذلك حين نقرأ ما سطرته يداه من مؤلفات تؤكد: “مقدرته الفائقة على التصرف بألفاظها وتوظيفها في تحقيق ما يصبو إليه”([76]).
وفي حقيقة الأمر فقد كان لاطلاعه الواسع باللغة، أثرها على مؤلفاته التاريخية، فهو قد جعل قلمه ينساب في أثناء تدوينه لوقائع الأحداث ليسطر في أسلوب أدبي رائع عبارات جزيلة المعنى، رصينة المأخذ، رائقة الصفاء، ليترجم بها ما كان يؤمله، ويتضح ما ذهبنا إليه من عبارة كهذه: “…فكم له من موطن في الجهاد، تشهد له السيوف فيها أنه الذي أعطاها حقها، وأهداها من أعناق الإسلام إلى واضح طرقها…”([77]) هكذا يتضح لنا ولع مؤرخنا بجماليات اللغة وبمحسناتها البديعة من جناس وطباق ونحوهما([78])، وهو في عبارة أخرى يستخدم السجع، كما جرى عليه مؤرخو تلك الفترة.. حيث يقول: “…فلما ظهر فضل علمه على العلماء، وعمله على العملة الصلحاء، وإعراضه عن الدنيا وإقباله إلى الأخرى..”([79]).
ولقد أضفت قصائده التي تخللت كل مؤلفاته بعدًا أدبيًا وجماليًا حيكت أبياتها الشعرية في كل القصائد بإيقاعات جزيلة المعنى وحكت أحداث ذلك العصر([80]).
أهمية مؤلفات المؤرخ المطهر الجرموزي:
مثلت المرحلة التي عنيت بها مؤلفات المؤرخ الجرموزي فترة تاريخية مهمة من تاريخ اليمن الحديث، حيث رسمت الخارطة السياسية للبلاد -وقتئذ- في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، وجملة الأحداث التي أفرزتها الظروف السياسية لتلك الفترة، كما أبرزت تلك المؤلفات الميزات الهامة والفريدة لهذه الفترة التي تمثلت في الحنكة السياسية والشخصية القوية للإمام القاسم بن محمد وولديه من بعده الإمام المؤيد بالله محمد والإمام المتوكل على الله إسماعيل الذين يعدون من أهم الشخصيات اليمنية في تاريخ اليمن الحديث؛ لدورهم الكبير في إرساء دعائم الدولة القاسمية([81]).
وفي حقيقة الأمر فإن تلك المؤلفات تكتسب أهميتها من أهمية الفترة التي أرّخت لها؛ كونها قد غطت جميع الأحداث التي دارت وقائعها -وقتئذ-بين الجانبين الإمامي والعثماني وفي فترة الاستقلال إبان حكم الإمام المتوكل على الله إسماعيل.
ولعل معاصرة مؤرخنا الجرموزي لوقائع تلك الفترة الزمنية، وجمع أخبارها من مصادرها ممن شارك أو اتصل بالأحداث في حينها، قد أضفى قدرًا كبيرًا من الأهمية على مؤلفاته.
وتبرز أهمية تلك المؤلفات لكونها قد تطرقت إلى تلك العلاقات التي كانت قائمة -وقتئذ-بين الإمام القاسم بن محمد وولديه الإمام المؤيد محمد والإمام المتوكل على الله إسماعيل وبعض الأقطار العربية، حيث اهتم الجرموزي بتوثيق الرسائل التي تبودلت بين الأئمة الثلاثة وأشراف مكة.
فيما نلمس أهمية تلك المؤلفات كذلك في أنها تناولت الجانب الاقتصادي، بتدوين المؤرخ لما حدث من جدب ومجاعات([82]) في الشمال الجبلي، وارتفاع للأسعار كمظهر لتردي الموارد الاقتصادية وشحّتها، كما أنها تناولت الجانب الاجتماعي، ويتضح ذلك من تطرق المؤرخ الجرموزي للعادات والتقاليد التي كانت سائدة في مجتمعه، فضلًا عن تناولها الجانب العمراني والإصلاحات العمرانية التي أقيمت في هذا المجال([83]).
وجانب آخر يكتسب قدرًا من الأهمية، هو الجانب العلمي، يتضح ذلك في ذكر المؤرخ لعدد كبير من العلماء والفقهاء([84]) الذين عاصروا الأئمة الثلاثة، وتدوينه للعديد من الرسائل التي كان يبعثون بها العلماء([85]).
وفي حقيقة الأمر فإن مؤلفات المؤرخ المطهر الجرموزي تمثّل تجسيدًا للوضع الراهن في ذلك الوقت نتيجة سيطرة الأئمة الزيدية على مجريات الأحداث السياسية والعسكرية والثقافية، ومنها حركة التأليف التاريخي التي شهدتها تلك الفترة، والتي يعد المؤرخ الجرموزي رمزًا من رموزها(86).
في ختام هذا البحث نوصي بالآتي:
([1]) سالم، سيد مصطفى: المؤرخون اليمنيون في العهد العثماني الأول (1538-1635)، المطبعة العالمية، القاهرة، 1971م، ص11.
([2]) المصري، أحمد صالح: موقف المؤرخين اليمنيين المعاصرين للحكم العثماني الأول بين مؤيد ومخالف مع دراسة وتحقيق مخطوطة (بلوغ المرام في تاريخ دولة مولانا بهرام) للمؤرخ محمد بن يحيى المطيب، رسالة ماجستير( لم تنشر)، قسم التاريخ، كلية الآداب، جامعة صنعاء، 2006م، ص87.
([3]) سالم، سيد مصطفى: المصدر السابق: 11.
([4]) الجرموزي، المطهر بن محمد: تحفة الأسماع والأبصار بما في السيرة المتوكلية من غرائب الأخبار، دراسة وتحقيق، عبد الحكيم الهجري: مجلدين، مؤسسة الإمام زيد، الأردن، 1423هـ/ 2001م)، 1/12؛ المصري أحمد صالح: المصدر السابق، ص91-92.
([5]) المحبي، محمد أمين: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر: الجزء الثالث، بيروت، دار صادر، 3/406.
([6]) الجرموزي، المطهر بن محمد: تحفة الأسماع، ص3.
([7]) العمري، حسين بن عبد الله: مصادر التراث اليمني في المتحف البريطاني، دمشق، دار المختار، 1980م، ص87؛ سالم: المؤرخون اليمنيون: ص 73؛ الزركلي، خير الدين: الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، 1984م، 8/160.
([8]) سالم: المؤرخون اليمنون: ص 73؛ زبارة، محمد بن علي: نبلاء اليمن في القرن الثاني عشر للهجرة (نشر العرف لنبلاء اليمن بعد الألف)، ط2، مركز الدراسات والبحوث اليمني، صنعاء، 1985م، 1/ 177.
([9]) الحييد، عبد الله حامد: المطهر بن محمد الجرموزي ومؤلفاته عن الدولة القاسمية: مجلة المؤرخ العربي، العدد الثامن، الأمانة العامة لاتحاد المؤرخين العرب، بغداد، ص 58.
([10]) السيد، أيمن فؤاد: مصادر تأريخ اليمن في العصر الإسلامي: المعهد الفرنسي للآثار الشرقية، القاهرة، 1974م، ص 236-237.
([11]) المصدر السابق والصفحة نفسهما.
([12]) الجرموزي: تحفة الأسماع: ص 5.
([13]) المحبي: خلاصة الاثر: 4/406.
([14]) د/ العمري: مصادر التراث: ص87.
([15]) الجرموزي: تحفة الأسماع: ص 5.
([16]) سالم: المؤرخون اليمنون: ص 77.
([17]) الأمير، أمة الغفور عبدالرحمن علي: الأوضاع السياسية في اليمن في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري السابع عشر الميلادي (1054-1099هـ/1644-1688م)، مع تحقيق بهجة الزمن في تاريخ اليمن للمؤرخ يحيى ين الحسين ين القاسم، صنعاء، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، الطبعة الأولى،1426هــ/ 2008م، ص 514.
([18]) المتوكل، إسماعيل بن أحمد: مختصر طيب أهل الكساء، تحقيق عبد الله الحبشي، مطابع المفضل، صنعاء، 1990م، ص 95-96.
([19]) الجنداري، أحمد بن عبد الله: الجامع الوجيز في وفيات العلماء أولي التبريز (مخطوط)، دار المخطوطات، المكتبة الغربية، صنعاء. رقم (2524)، ق148/أ.
([20]) الجرموزي: تحفة الأسماع، ص 5.
([21]) نفس المصدر السابق: ص 6.
([22]) الجرموزي: تحفة الأسماع، ص 5.
([23]) الجرموزي: تحفة الأسماع، ص6.
([24]) العمري: مصادر التراث، ص 33.
([25]) نفس المصدر السابق والصفحة.
([26]) الجرموزي: تحفة الأسماع، ص 7.
([27]) سالم، سيد مصطفى: الفتح العثماني الأول لليمن (1538-1635)، ط3، مطبعة الجبلاوي، القاهرة، 1978م، ص 504.
([28]) سالم: المؤرخون اليمنيون، ص 77؛ الثور، أمة الملك إسماعيل قاسم: بناء الدولة القاسمية في اليمن في عهد الإمام المؤيد محمد بن القاسم (995-1054هـ/1583-1644م) مع تحقيق مخطوطة الجوهرة المنيرة في مجمل من عيون السيرة (جزآن) للمؤرخ المطهر بن محمد الجرموزي، صنعاء، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، الطبعة الأولى،1429هــ/2008م، 1/174.
([29]) الهجري، عبدالحكيم: ثورة الإمام القاسم بن محمد ضد الوجود العثماني الأول في اليمن (1006-1029هــ/1597-1620م) مع تحقيق النبذة المشيرة إلى جمل من عيون السيرة، للمؤرخ المطهر بن محمد الجرموزي، رسالة دكتوراه –لم تنشر-كلية الاداب، جامعة صنعاء1425هـ/2004م، ص 485.
([30]) المصدر السابق: ص924-926.
([31]) المصدر السابق: ص 991-992.
([32]) المصدر السابق: ص 802-803.
([33]) المصدر السابق: ص780-781.
([35]) الجرموزي: تحفة الأسماع: ص 10.
([36]) المصدر السابق: ص 11؛ سالم: المؤرخون اليمنيون: ص75.
([37]) العمري: مصادر التراث اليمني في المتحف البريطاني: 88؛ الحبشي، عبد الله: مصادر الفكر الإسلامي: مركز الدراسات والبحوث، صنعاء، اليمن، 1978م، ص 429.
([38]) الجرموزي: تحفة الأسماع: ص11؛ السيد، أيمن فؤاد: مصادر تاريخ اليمن في العصر الإسلامي: ص236؛ الحييد، عبد الله: المطهر بن محمد الجرموزي ومؤلفاته عن الدولة القاسمية: ص61.
([40]) الهجري، عبدالحكيم: ثورة الإمام القاسم: ص 276.
([41]) المصدر السابق: ص 890-977.
([43]) المصدر السابق: ص 207 -210.
([44]) المصدر السابق: ص 507-508.
([45]) الثور، أمة الملك: بناء الدولة القاسمية: 1/174.
([46]) الحييد، عبد الله حامد: المطهر بن محمد الجرموزي: ص 64؛ العمري: مصادر التراث اليمني في المتحف البريطاني، ص 87؛ سالم: المؤرخون اليمنيون: ص74؛ الواسعي، عبد الواسع بن يحيى: تاريخ اليمن المسمى فرجة الهموم والحزن في حوادث تاريخ اليمن: الطبعة الثانية، مكتبة اليمن الكبرى، صنعاء، 1991م، ص 229.
([47]) الجرموزي: تحفة الأسماع: ص37.
([48]) المصدر السابق والصفحة نفسهما.
([49]) الجرموزي: تحفة الأسماع: ص 14؛ الحداد، محمد يحيى: تاريخ اليمن السياسي: خمسة أجزاء، دار التنوير، بيروت،1986م، 2/166؛ الشوكاني، محمد بن علي: البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، تحقيق الدكتور حسين بن عبد الله العمري ، جزآن، دار الفكر، دمشق، سوريا، 1419هـ/ 1998م، ص1/148؛ العمري، حسين: مائة عام من تاريخ اليمن الحديث، دار الفكر، دمشق، 1984م، ص230؛ العرشي، حسين أحمد: بلوغ المرام في شرح مسك الختام فيمن تولى اليمن من ملك وإمام، نشرها وحققها الأب، أنستاس ماري الكرملي، مطبعة البرتيري، القاهرة، 1939م، ص 67-68.
([51]) الجرموزي: تحفة الأسماع: ص 40.
([52]) العمري، حسين بن عبد الله: المؤرخون اليمنيون في العصر الحديث: دار الفكر المعاصر، دمشق، 1988م: ص43؛ الثور، أمة الملك: بناء الدولة القاسمية: 1/ 178.
([53]) سالم: المؤرخون اليمنيون: ص74.
([54]) المصدر السابق: ص75؛ الثور، أمة الملك: بناء الدولة القاسمية، 1/174.
([55]) الهجري، عبدالحكيم: ثورة الإمام القاسم: ص 276.
([58]) الهجري، عبدالحكيم: ثورة الإمام القاسم: ص 307.
([60]) المصدر السابق: ص 608-611.
([61]) المصدر السابق: ص632-633.
([63]) الهجري، عبدالحكيم: ثورة الإمام القاسم: ص652-653.
([65]) الجرموزي: تحفة الأسماع: ص25.
([66]) العمري، حسين بن عبد الله: المؤرخون اليمنيون: ص42.
([67]) سالم: الفتح العثماني: ص 503.
([68]) انظر مصادر ترجمته: (الشوكاني: البدر الطالع: 1/136).
([69]) الهجري، عبدالحكيم: ثورة الإمام القاسم: ص494.
([70]) انظر مصادر ترجمته: (الشوكاني: البدر الطالع: 2/517-518).
([71]) الهجري، عبدالحكيم: ثورة الإمام القاسم: ص 452.
([72]) الجرموزي: تحفة الأسماع: ص 28.
([73]) سالم: المؤرخون اليمنيون: ص 76؛ الحييد: المطهر الجرموزي: ص 69؛ العمري، حسين بن عبد الله: المؤرخون اليمنيون: ص248.
([74]) الهجري، عبدالحكيم: ثورة الإمام القاسم: ص276.
([75]) الهجري، عبدالحكيم: ثورة الإمام القاسم: ص 1001؛ الثور، أمة الملك: بناء الدولة القاسمية: 1/178.
([76]) الجرموزي: تحفة الأسماع: ص 30.
([77]) الهجري، عبدالحكيم: ثورة الإمام القاسم: ص 503.
([78]) الجرموزي: تحفة الأسماع: ص30.
([79]) الهجري، عبدالحكيم: ثورة الإمام القاسم: ص 403-405.
([82]) الهجري، عبدالحكيم: ثورة الإمام القاسم: ص 1000.
(86) المصري، أحمد صالح: موقف المؤرخين اليمنيين المعاصرين للحكم العثماني الأول: ص 78.
ثانيًا: المصادر والمراجع:
ثالثا-الرسائل العلمية: