د. وليد عبدالباري قاسم صالح
South Arabia Colonization، Revolution and independence
د. وليد عبدالباري قاسم صالح – أستاذ العلاقات الدولية المساعد – كلية المجتمع -عدن
ملخص البحث:
مثّل موقع عدن الجغرافي الاستراتيجي أهمية بالغة للتاج البريطاني، ولذلك أخذ يوليه الاهتمام منذ القرن التاسع عشر، وقد استعرض البحث خلفية تاريخية موجزة للمراحل المبكرة لاحتلال عدن للتقديم التاريخي لفهم المتغيرات اللاحقة لطبيعة الصراع الجيوسياسي الذي حصل بعد الحرب العالمية الثانية وبين عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي والتوجهات الدولية لمفهوم تقرير المصير، واحتدام الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي، ودور وتأثير النفوذ المصري في ثورة 26 سبتمبر، ومخاوف بريطانيا من عواقب خروجها الخاسر من عدن بالطريقة العنيفة والدموية التي سرّعت من عملية الجلاء. وأختتم المبحث بعرض مقتضب لطبيعة الصراع السياسي بين الجبهتين (القومية والتحرير) لاستقلال الجنوب العربي الذي أدى إلى انتصار الجبهة القومية لاستلام السلطة وتوقيع اتفاقية مع المملكة المتحدة (بريطانيا) في جنيف نوفمبر 1967م أفضت إلى الاستقلال.
كلمات مفتاحية: الجنوب العربي، عدن، استعمار، ثورة، نزاع مسلح، الجبهة القومية، استقلال.
Abstrac:
The historical research of the early stages of the occupation of Aden was a historical background for understanding the subsequent changes in the nature of the geopolitical conflict that took place after the Second World War and between the quintets of the 1950s and the sixties of the last century International trends in the concept of self-determination، the conflict between the eastern and western camps، the role and influence of Egyptian influence in the September 26 revolution، and Britain’s fears of the consequences of its losing out of Aden in the violent and bloody way that accelerated Of the evacuation process. It concluded with a brief presentation of the nature of the political conflict between the two fronts (the national and liberation) of the independence of the Arab South، which led to the victory of the National Front for the taking of power and the signing of an agreement with the United Kingdom (Britain) in Geneva November 1967، which led to independence.
Keywords: South Arabia، Aden، Colonization، Revolution، Arm conflict، National front، Independence.
مقدمة:
يتمتع الجنوب العربي بموقع جغرافي ذي أهمية استراتيجية بالغة، فهو يشرف على مضيق باب المندب الاستراتيجي الذي يعد البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، ويعد البحر الاحمر طريقًا رئيسًا للتجارة ما بين جنوب شرق آسيا حيث كانت الهند تمثل درة التاج البريطاني وأوروبا في يوم من الأيام. ولقد تضاعفت هذه الأهمية ثلاث مرات منذ احتلال عدن مطلع القرن التاسع عشر. المرة الأولى حين افتتحت قناة السويس سنة 1869م. مشكلة بوابة شمالية للبحر الأحمر، والمرة الثانية حين اكتشف النفط في دول الخليج العربي في ثلاثينيات القرن العشرين فأصبح البحر الأحمر خطًّا ملاحيًا ضروريًا لوصول ناقلات النفط الخارجية من الخليج العربي عبر مضيق هرمز متوجهة إلى أوروبا، أو الداخلة إليه، والمرة الثالثة بعد الحرب العالمية الثانية عندما تصاعدت موجة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي وتنامت التطلعات السوفيتية(1) للوصول إلى المياه الدافئة في الشرق الاوسط لحفظ التوازنات العسكرية والأمنية أو ما تسمى بمصطلح اليوم الجيوبولتيك(2)·.
لهذا مثلت عدن موقعًا مفصليًا مهمًّا وأسآسيا على الطريق الطبيعي الممتد ما بين المحيط الهندي والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، وعقدة جوهرية حاسمة في خط التجارة الدولي القديم والدائم الأهمية ما بين الهند والشرق الأقصى وبلدان البحر الأبيض وأوروبا. وبسبب هذه الأهمية حدث الصراع التاريخي المحموم بين الامبراطوريات الفارسية واليونانية والرومانية للسيطرة على عدن وإرسال الحملات العسكرية من أجل تحقيق هذا الغرض. وقد تضاعفت أهمية عدن الاستراتيجية وغدت ساحة أساسية من ساحات الصراع الدولي قبيل بزوغ عصر النهضة في القرن السادس عشر الميلادي.. عصر الفتوحات الجغرافية والصراعات البحرية والتجارية الملتهبة بين الدول الأوروبية وخاصة البرتغال وإسبانيا وهولندا وإنجلترا وفرنسا.
وبالنسبة لبريطانيا فإن نظرتها قد تركزت على عدن منذ تأسيس شركة الهند الشرقية البريطانية سنة 1600. فقد كان الاستيلاء على عدن يعني تأمين الطريق البحري التجاري بين الهند و بريطانيا، كما أنه كان يعني أيضًا طرق مواصلات الدول الاستعمارية المنافسة لبريطانيا وخاصة فرنسا-حيث حاول الفرنسيون احتلال جزيرة بريم او ما تعرف اليوم بجزيرة ميون في عام 1799م، إلا أنهم سريعًا ما انسحبوا منها لصعوبة البقاء وندرة المياه فيها، ولم يكن الروس ببعيدين عند ذلك الوقت عندما أرسلوا حامية عسكرية إلى الحدود من الطرف الأريتيري المقابل إلا أن الفرنسيين سرعان ما طردوهم؛ لفتح سوق جديدة في منطقة الجزيرة العربية والقرن الأفريقي(3).
وقد جاء الاستيلاء البريطاني على عدن يوم 19 يناير 1839م بعد سلسلة مطولة من التقارير والزيارات الاستطلاعية لبعثات عسكرية واستكشافية مختلفة استمرت لعشرين سنة قبل الغزو كجزء من عملية بسط السيادة والنفوذ البريطانية على القارة الهندية التي لم تستكمل إلا في النصف الأول من القرن التاسع عشر 1839–1842م.
مشكلة البحث:
يستعرض البحث مجمل الصراع الذي حدث في الجنوب العربي في فترة الخمسينيات والستينيات، ويلقي الضوء على دور جملة من العوامل الخارجية والداخلية التي أججت الوضع لإحداث هذا النزاع وفقًا لمتغيرات تقرير المصير لبعض التوسعات والنفوذ والاحتكاك بين الدول العظمى (أمريكا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي).
كذلك التدخل المصري-كالوسيط الاقليمي-الذي لعب دورًا كبيرًا في دعم حركات التحرر في اليمن، ويعرض البحث تفاصيل ما جرى في هذه المتغيرات فيما إذا كان الصراع سيآسيا او سلميًّا او عسكريًّا حيث يعزى بأنه ربما جرى تحوله إلى صراع دموي بخصوصية التركيبة القبلية والجغرافية لليمن، حيث كانت القبائل مسلحة والإحباط الذي عاناه الشعب اليمني لكونه من أكثر الدول التي استُعمرت لفترة طويلة دامت 129 سنة من بريطانيا، ناهيك عن التدخل الخارجي الدموي، فضلًا عن الجهل والبيئة المتردية في المنطقة حينذاك.
هدف البحث:
يهدف هذا البحث إلى:
أهمية البحث
تكتسب أهمية البحث التاريخية اليوم في الكشف عن الحقائق، التي سببت استمرارية دورية ودموية للصراعات في اليمن المعاصر عمومًا وعدن حصريًّا حيث إن طبيعة الصراع والتجاذبات الإقليمية والدولية على النفود والثروات وبين القوى نفسها التي خاضت غمار تلك المواجهات في نهاية العقود الأخيرة من القرن الماضي، ما زالت كما يذهب اعتقادنا وتدل عليه المعطيات والمتغيرات على الأرض التي تنشرها التقارير الإخبارية وتبثها وسائل التواصل الاجتماعي لكل ما يجري يوميًّا من صراع متعدد الأطراف والمصالح وبالأشكال والأدوات والسمات، وكأنها تؤكد قول المثل المأثور “ما أشبه الليلة بالبارحة”.
لهذا يحاول الباحث رغم مشقة المهمة وتعقيد المشهد بالقراءة التحليلية لفهم ما تحت السطور من دلالات عواقب هذا الصراع ومراكز القوى المتنفذة فيه ودرجة التشابه نحو السعي لاستقراء النهايات لإحداث حسم تاريخي وسياسي لمسألة الصراع على السلطة وبتوافقات تأخذ بعين الاعتبار مصالح الأطراف الإقليمية والدولية وخدمة المصالح الوطنية لتحقيق مؤشرات التنمية وتحويلها إلى هدف بديل؛ للاستثمار في الموارد البشرية والمادية بدلًا من تجارة الحروب وتوقف التنمية وتدميرها.
المبحث الاول
سياسة بريطانيا في عدن
مثلت تطلعات محمد علي باشا حاكم مصر نقطة تحول كبيرة في المنطقة العربية وذلك بسبب محاولته الانسلاخ عن المشروع العثماني الذي كان يسود المنطقة وتكوين امبراطورية خاصة به في الوطن العربي، لكن السياسة البريطانية كانت له بالمرصاد، فعملت بريطانيا على إثارة القلاقل لقواته في تلك المناطق وتمكنت مع القوى الأخرى بما فيها الدولة العثمانية من توقيف زحف قواته على عدن، ثم إخراجها فيما بعد من الحجاز والشام واليمن(2).
لم تبق بريطانيا مكتوفة الأيدي، أمام جملة من التغيرات حول عدن، فقام الكابتن هينس عام 1835م بعملية مسح ساحل عدن فاختبر جميع النقاط على هذه الساحل، وقاس أعماق البحر في كافة أجزائه، ورسم الخرائط وعليها أسماء عربية وإنجليزية لكل جزء، وكان هذا الفعل من الأعمال التمهيدية للاحتلال البريطاني لعدن(3).
“وفي ذلك الوقت وصل هينس إلى عدن، وقابل السلطان محسن فضل العبدلي، في أثناء صراعه مع قبائل أبين (الفضلي) وتباحث معه حول إقامة محطة تجارية في عدن”(4).
في يناير 1837م، قام أهالي عدن بنهب السفينة الشراعية الهندية (دوريا دولت)، ولم يتمكن هينس من متابعة حادث الاعتداء على السفينة؛ لأنه كان منشغلًا في مسح السواحل اليمنية –على رغم أن هذه الحادثة ستكون ذريعة لاحتلال عدن– فقد مُهِّد واقعيًّا لهذا الاحتلال بقيام هينس في عام 1837م، مع ثلاثة ضباط في الباخرة (كوت)، التابعة لشركة الهند الشرقية بدراسة عدن، وأوضاعها العامة وسبل إقامة التحصينات فيها، والهجوم المتوقع من قبل القبائل، ودراسة حالة الناس واستئجار العمال، وكيفية استغلال عدن لتكون محطة تجارية بريطانية.(5)
وفي العام نفسه قام الميجر باجنولد المقيم والمعتمد السياسي البريطاني في ميناء المخا بإقناع السلطان محسن بن فضل بأن يعرض ميناء عدن وملفها على الحكومة البريطانية مقابل شروط مغرية(6).
في عام 1838م أوحى هينس إلى السلطان محسن، بأنه موشك على مغادرة عدن، راجيًا منه ألا يحل بها الخطر الذي يخشاه من المصريين، في أثناء غيابه، وكان هينس قد كتب في تقرير له إلى حكومة بومباي -تضمن هذا التقرير احتلال بريطانيا لمدينة عدن– حيث قال في التقرير: إن عدن ستصبح مكانًا من الدرجة الأولى في الأهمية التجارية، وستكون مدينة من أعظم المدن التجارية في العالم، وهي أعظم ميناء مهيأ في الوجود لاتصالاتنا على الأرضية عبر البحر الأحمر، وإذا ما بني فيها رصيف فإن البواخر ستتمكن في كل الأوقات والفصول، من أن ترسي أمامه وتتزود بالوقود(7).
كان على بريطانيا الاستيلاء على عدن بسرعة ليس فقط لإحباط خطط حاكم مصر بل لتثبيت وجود بريطانيا في عدن لتكون مركزًا تجاريًا ومحطة لتزويد السفن التجارية التي تسافر بين السويس والهند بالوقود))(8).
قبيل احتلال مدينة عدن، بعث السلطان محسن العبدلي برسالة إلى هينس بتاريخ 22 يناير 1838م أعلن فيها عن تسليم عدن مقابل إعانة مالية ونسبة من الرسوم الجمركية على البضائع، مطالبًا إياه بالإسراع حتى لا يغتصبها محمد علي باشا منه ولا يكون عليه لوم أمام بريطانيا(9).
أسرع الكابتن هينس لملاقاة السلطان محسن وعقد اتفاقية معه لتسليم عدن لبريطانيا مقابل مبلغ من المال حسب طلبه، أما من جهة ثانية فقد أظهرت الرسالة استغلال السلطان للتنافس بين بريطانيا وجيش محمد علي باشا في تهامة، ومن الواضح أن هذا الوجود المصري كان يشكل خطرًا كبيرًا على مصالح بريطانيا الاستعمارية*.
لذا توصل هينس والسلطان محسن إلى أن المبلغ المطلوب لتسليم عدن هو (8700$) سنويًا ولا يسلَّم المبلغ دفعة خشية أن يثير ذلك طمع جيران السلطان محسن العبدلي(10).
كان هينس مطمئنًا إلى أنه قد وصل أخيرًا إلى الغاية من مهمته، ولم يكن يتوقع حدوث أي تراجع أو غدر، ولكنه تحسَّب كعادته لأي مكروه، فوجد المترجم الخاص به في حال من الانفعال الشديد، وراح يخبر هينس بأن هناك مؤامرة لاختطافه وإجباره على تسليم الرسائل المتعلقة بالاتفاق، التي كان السلطان محسن قد ختمها بختمه، وكذلك الصك القاضي بدفع التعويض المالي عن بضائع السفينة (دوريا دولت)، ورأى هينس أن الحكمة تقتضي تنفيذ خطة احتلال عدن بالقوة لتوفر عوامل السيطرة عليها، وعدم وجود مانع يعيق تحقيق هذا الهدف الذي سعت بريطانيا لتنفيذه على الواقع بطرق شتى؛ لذلك فرض هينس الحصار على عدن حتى تصله التعزيزات من بومباي، والاستيلاء عليها بالقوة فخُصِّصت سفينتان حربيتان (فولاج) و(كرون) للمهمة ووضعتها تحت قيادة المايجور بيلي ووضع بيلي نفسه تحت قيادة هينس، وعين سميت قائدًا في السفينة فولاج (11).
وفي يوم 19 يناير 1839م كانت القوات البريطانية تستعد للهجوم وتنفيذ الخطة بإنزال القوات حول جزيرة صيرة في فرقتين، حيث استولى الإنجليز على الجزيرة، واحتلوا قسمًا من عدن يسمى التواهي (12).
ثم تقدم المايجور بيلي مع فرقة أخرى نحو باب عدن واستولوا عليه بسهولة. واستكملوا السيطرة على مدينة عدن التي سقطت بعد أن روتها دماء شهدائها، وفي يوم 18يونيو 1839م قام الإنجليز بعد احتلال عدن بتوقيع اتفاقية صداقة مع السلطان محسن العبدلي (سلطان لحج)، رُصِد بمقتضاها مرتب سنوي للسلطان(13).
كانت هذه الاتفاقية بمنزلة تجديد اعتراف سلطان لحج بشرعية امتلاك بريطانيا لمدينة عدن، مقابل القيمة التي حددت قبيل احتلال عدن، فضلًا عن تسلم السلطان مرتبًا سنويًا حسب الاتفاقية المذكورة، التي شكلت العلاقة الحميمة بين السلطان محسن والكابتن هينس، إلا ان تلك العلاقة سرعان ما تدهورت بعد أن اكتشف السلطان تآمر هينس مع بعض أقاربه للإطاحة به، وهم ابنه أحمد ومستشاره حسن عبدالله العاطف، وقريبه السيد محمد حسين(14).
أدى هذا التدهور في العلاقة بين السلطان وهينس، إلى قيام القبائل اللحجية بعدة حملات حربية؛ لتخليص عدن من يد البريطانيين، ولم تقتصر الحملات على القبائل اللحجية بل انضمت إلى جانبها القبائل الفضلية والعقربية، معلنين الجهاد ضد الاحتلال البريطاني، وأُحكم الحصار الاقتصادي على عدن، وحُوّلت القوافل التجارية إلى مينائي الفضلي والعقربي في كل من شقرة وعدن الصغرى*.
كان السلاطين ومن يعاونهم لا يرغبون في توحيد القبائل تحت راية الدعوة إلى الجهاد ضد الاحتلال البريطاني، فكانت الأخبار تنقل أولًا بأول إلى هينس من بعض جواسيسه، لا سيما في لحج، كعبد الله عاطف فقد أخبره أن اجتماعًا حصل بين القبائل المجاورة لعدن من كل الجهات، وأنهم اتفقوا على أن يهجموا على عدن يوم 19مايو 1840م(15).
نفذت القبائل خطة الهجوم على عدن في اليوم نفسه، وسيطروا على جبل حديد إلا أنه بسبب التحصينات ونوعية الأسلحة البريطانية المتطورة، زيادة على معرفة هينس بالحملة القبلية وتحركاتها مسبقًا عن طريق الجواسيس لم تنجح القبائل اليمنية في تحرير عدن، فعادوا إلى ترتيب الصفوف وتطهيرها من الجواسيس الذين يقومون بإبلاغ هينس بالتحركات القبلية.
عقدت تلك القبائل اجتماعًا قرب لحج ضم رؤساء هذه القبائل، وفي الاجتماع عرضت رسائل تم الحصول عليها موجهة من عبدالله عاطف والسيد محمد حسين إلى هينس تخبره عن ذلك الهجوم وتحركات القبائل صوب عدن لتحريرها، وقررت تلك القبائل قتل هذين العميلين فورًا وإعادة الزحف على عدن(16).
بلغ إلى مسامع هينس عبر استخباراته أن اليمنيين سيقومون بهجوم آخر، فعمل على الاستعداد له وتوزيع جنوده وإقامة ثلاثة أبراج على جبل حديد لمنع القبائل المهاجمة من السيطرة على التل، وفي 4 يونيو 1840م، شوهدت القوات القبلية تعبر جزيرة سوابا وجبل حديد، واشتبكت قوات قبلية أخرى من جهة الشرق مع قوات الاحتلال، وفي جوقة المعركة عمل عملاء السلاطين على نشر روح الهزيمة بين القبائل بترديدهم ألا قوة لهذه القبائل بهزيمة الاحتلال الذي قتل سلاحه المتطور في هذه المعركة ثلاثمائة يمني وحوالي خمسين جريحًا، فكانت النتيجة انسحاب القبائل التي أوشكت على النصر(17).
في عام 1841م قام هينس بعد أن تلقى تعليمات من حكومة بومباي بالهجوم على القوات القبلية المسيطرة على الطرق المؤدية إلى عدن والتوغل في المناطق القبلية المجاورة لها كي يُقضى على الأخطار المهددة للقوات البريطانية المرابطة في عدن، وإلزام السلاطين بالتوقيع على معاهدات الحماية الاستعمارية، ومنع تمتع جميع الوحدات القبلية بالشخصية الدولية، وهي الشخصية الوطنية المرتبطة بعموم الوطن اليمني وإيجاد كيانات سلاطينية تابعة للسياسة البريطانية.
لذلك رأى سلطان لحج، أن من مصلحته التقارب مرة أخرى مع هينس لأن القبائل لم تعد تثق في تصرفاته، فقام بإبرام معاهدة مع هينس في 20 فبراير 1844م ومضمون المعاهدة فرض الحماية على منطقة نفوذ سلطان لحج(18).
مات السلطان عام 1847م وخلفه ابنه أحمد الذي سبق تآمره مع هينس ضد والده، وباعتلاء السلطان الجديد وُسِّع التعاون بين الطرفين لما فيه خدمة سياسة الاحتلال البريطاني*.
لقد ظلت عدن تحت إدارة التاج البريطاني ولكن من خلال إدارة بومبي في الهند، ولم تكن مباشرة من لندن، واستمر ذلك الوضع منذ الاحتلال البريطاني في القرن التاسع عشر حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية، حيث شهدت المنطقة بعد الحرب العالمية جملة من الأحداث التاريخية وثيقة الصلة في وجهة نظرنا لتكون المحرك الرئيس لتسريع توجهات التاج البريطاني في تطوير استراتيجيته العسكرية والسياسية لترسيخ تواجده في عدن والجنوب العربي عمومًا، التي يمكن إجمالها في الآتي:
وهكذا يتضح لنا هدف بريطانيا من وراء خلق كيان سياسي في الجنوب ومركزه عدن يضم المشيخات والسلطنات الخاضعة للحماية البريطانية في جنوب اليمن.
لذلك سخّرت بريطانيا كل الإمكانات في خدمة تطبيق القانون الاستعماري؛ لأن هذا القانون سيوجد هوية جديدة في جنوب اليمن المحتل، وهي دولة الجنوب العربي، ولتحقيق ذلك على الواقع، تم استجلاب مواطنين من الهند في عدن لكونهم أكثر تعليمًا ومرونة وقادرين على تنفيذ الأوامر وتلبية الخدمات للبريطانيين بعكس سكان عدن، مما سهل ربط المناطق المستعمرة بالحكومة الهندية، (وإن كان بعض الهنود للأمانة التاريخية قد استجلبوا إلى عدن مبكرًا ضمن عمليات التهجير القسري في أحداث التمردات لبعض المناطق من الهنود المسلمين، مثل عائلة آل خان التي حاولت إقامة ولاية إسلامية، والتي جرى سحقها وتشتيتها بين المستعمرات البريطانية في عدن ومصر مع نهاية القرن التاسع عشر).
وهكذا فقد تمثلت في خلق دولة، لها جيش مكون من جيش محمية عدن، الليوي والحرس القبلي، والحرس الحكومي، والجيش النظامي اللحجي، وجيش المكلا النظامي، والشرطة القعيطية، والشرطة الكثيرية، وجيش البادية الحضرمي، ثم استنادًا إلى معاهدة الاستشارة، ثم تشكيل قوات المحمية الشرقية وقوات المحمية الغربية، لإقناع السلاطين على قبول فكرة اتحاد بينهم يحقق أغراض السياسة البريطانية في المنطقة، ولتحقيق ذلك الهدف عرضت المملكة البريطانية في العام 1952. مشروع قرار يتضمن النقاط الآتية:
1-قيام اتحادين فيدراليين، حسب التقسيم الإداري القائم في الإمارات.
2-توحيد هذه الكيانات الجديدة، ضمن دولة واحدة هي دولة الجنوب العربي الاتحادية.
3-تبقى مستعمرة عدن خارج هذا الاتحاد وإن كان دخولها فيه ليس بالأمر المستبعد مع مضي الوقت(21).
وفي عام 1954م قدمت الحكومة البريطانية وجهة نظرها، بشأن الاتحاد الفيدرالي، والشكل المقترح لإدارة الاتحاد على النحو الآتي:
1-مندوب سامي يتمتع بالسلطات التي يتمتع بها الحاكم العام لعدن، ومجلس رؤساء يضم رؤساء البلاد الداخلة في الاتحاد.
2-مجلس تنفيذي، يتكون من عضوين من أعضاء مجلس الرؤساء، وعضوين من المجلس التشريعي، والمستشار العام وهو اللقب الجديد للمعتمد البريطاني.
3-مجلس تشريعي يتكون من اعضاء يمثلون البلاد الداخلة في الاتحاد. وأهم ما في المشروع هو الشكل المقترح للاتحاد، بأن يكون المندوب السامي رئيسًا للاتحاد، والمسؤول عن العلاقات الخارجية والدفاع، ويحق له اتخاذ الإجراءات المناسبة في حالة الطوارئ(22).
عارضت الجامعة العربية فكرة الاتحاد، وأرسلت بعثتين لتقصي الحقائق وأصدرت الجامعة قرارات وتوصيات بأن هذه الأراضي هي أراضٍ يمنية، والشعب هنالك جزء من الشعب اليمني، وإن الاعلان عن الاتحاد محاولة بريطانية لتقسيم اليمن إلى دولتين(23).
في 11 فبراير عام 1959م اعلن رسميًا قيام اتحاد امارات الجنوب العربي، كاتحاد فيدرالي شمل ست امارات لكن السياسة البريطانية، حاولت تقوية هذا الكيان، عن طريق تغيير الاسم من اتحاد إمارات الجنوب العربي إلى اتحاد الجنوب العربي وذلك في 4 إبريل، وهذه السياسة مكنت بريطانيا من تجميع احدى عشرة امارة بحلول عام 1963م ليبلغ عدد الامارات في الاتحاد الفيدرالي للجنوب العربي (11) إمارة على النحو الآتي:
1-بيحان 4-العواذل 7-العوالق السفلى 10-العقربي
2-الضالع 5-يافع السفلى 8-دثينة 11-مستعمرة عدن(24).
3-الفضلي 6-العوالق العليا 9-الواحدي
واستند نظام الحكم في الاتحاد الفيدرالي، إلى تقسيم السلطات إلى سلطة تشريعية، وسلطة تنفيذية، وسلطة قضائية، على رأسها المحكمة العليا في قمة الجهاز القضائي، وتتمتع بتغيير الدستور وتحويل القضايا ورفع الأحكام الاستثنائية إلى الهيئة القضائية لمجلس مستشاري ملكة بريطانيا.. وسيرًا على المنهجية نفسها للسياسة البريطانية تم تكوين جيش دولة اتحاد الجنوب العربي (1959-1967م) ليقوم بالدفاع عن حدود الدولة الوليدة المستقلة(25).
في 13 يونيو عام 1967م ساعد تصريح جورج براون وزير الخارجية البريطاني الذي ألقاه في مجلس العموم البريطاني وتطرق إلى أن الجنوب العربي سيصبح مستقلًا في يناير 1968. وأحاط مجلس العموم على تفجير الموقف المتأزم داخل جيش اتحاد الجنوب العربي، فما كان من جورج تومبسون وزير الدولة البريطانية إلا أن يعترف أن ذلك التمرد ينسف تاريخ العسكرية البريطانية ويلغي وجود الحكومة الاتحادية(26).
المبحث الثاني
ثورتا سبتمبر وأكتوبر ودورهما في استقلال الجنوب العربي
لماذا سعت بريطانيا من أجل قيام سلطة مستقلة في عدن، في وقت كان فيه الثوار في صنعاء يواجهون خطر تنامي هجمات القوى الأمامية الملكية على النظام الجمهوري، في محاولة لعودة الحكم الأمامي إلى كرسي السلطة؟
تتحدد الإجابة بتقصي الحقائق في التصور البريطاني لقيام دولة الجنوب العربي المستقل بعد قيام ثورة 26 من سبتمبر 1962م فقد أدركت بريطانيا سلفًا أبعاد الثورة اليمنية في المناطق المحتلة، فعزمت في مخطط اتجاهه الأول: على التحالف مع القوى الامامية الملكية، لاستنزاف القوى الثورية بعضها ببعض، أو القيام بهجمات عسكرية من قبل القوات الإمامية، واتجاهه الثاني: يهدف إلى عزل الثورة اليمنية عن المناطق الجنوبية (المحميات)، وبالتالي تُكوَّن حكومة تضم عدن وبقية المناطق في الجنوب العربي، بخلق دولة تحل مكان السلطة البريطانية وتسمى “دولة اتحاد الجنوب العربي”.
فقامت السلطات البريطانية بدمج عدن في حكومة الاتحاد والإعلان عن تشكيل حكومة الاتحاد برئاسة حسن علي بيومي زعيم الحزب الوطني الاتحادي، وجرى التصديق على دمج عدن في الحكومة بوصفه رئيسًا لها وصدق على الدمج المجلس التشريعي الاتحادي ومجلس العموم البريطاني، وأُعلن بأن الحكومة الاتحادية تتكون من (24) عضوًا، وقصد بذلك مناهضة الثورة اليمنية من جهة، ومن جهة ثانية اتخذتها الحكومة البريطانية تكتيكًا سياسيًا قد يؤدي إلى تنفيذ مراميها في تأخير بريطانيا اعترافها بالجمهورية العربية اليمنية كمساومة للاعتراف بدولة الاتحاد من قبل العاصمة صنعاء(27).
كانت ثورة 26 سبتمبر منذ انطلاقها تسعى لوحدة النضال ضد الإمامة وبريطانيا معًا، واقترن هذا في توجهات الثورة وأهدافها، فبعد قيامها عُيِّن قحطان الشعبي مستشارًا بدرجة وزير في أول حكومة جمهورية (28).
وفي معترك علاقة سلطة الثورة بقضية تحرير الأراضي الجنوبية المحتلة كانت ضمن هدف استراتيجي لثورة 26 سبتمبر، وزاد من تطور تلك العلاقة ازدياد وعي القوى المعارضة للاحتلال البريطاني، والتنسيق مع تنظيم الضباط الأحرار، وشكّل عبدالله المجعلي وناصر السقاف وعلي ناصر العنسي حلقة وصل بين فصائل القوى المعارضة لتحرير الجنوب وحكومة الثورة، فقد وجه عبدالله المجعلي، رسالة للرئيس السلال في 21 فبراير 1963م جاء فيها: “نلتمس أمركم بتعيين السيد قحطان الشعبي وزيرًا لشؤون الأراضي المحتلة، لأنه الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يجمع أبناء الأراضي اليمنية المحتلة حول أهداف الثورة والجمهورية، بالنسبة لمعركتنا في الأراضي المحتلة.. وننتظر اليوم الذي نخوض فيه المعركة بحد السلاح ضد الاستعمار البريطاني كجبهة تحرير موحدة، تشمل جميع المناضلين الذين يؤمنون بوحدة الإقليم اليمني، واستجاب السلال للالتماس الوارد في الرسالة بتعيين قحطان الشعبي، مصدرًا قرارًا بذلك”(29).
وفي 24 فبراير 1963م عُقد في دار السعادة بصنعاء مؤتمر القوة الوطنية اليمنية، إلى جانب ممثلين عن الضباط الأحرار، وقادة حركة القوميين العرب، وتوصل المجتمعون إلى توحيد الحركة الوطنية، وحماية النظام الجمهوري والدفاع عن ثورة 26 سبتمبر (في نطاق جبهة وطنية موحدة)، واتخاذ الكفاح المسلح وسيلة لتحرير الأراضي اليمنية، وشُكلت لجنة تحضيرية على رأسها قحطان الشعبي”(30).
وفي 7 مارس 1963م ألقى الرئيس عبدالله السلال خطابًا دعا فيه أبناء مناطق الجنوب العربي إلى النضال الثوري لتحرير بقية أجزاء الوطن من الاستعمار.. وفي اليوم التالي 8 مارس قدمت اللجنة التحضيرية سالفة الذكر مشروع ميثاق تكوين الجبهة إلى الاجتماع الموسع، الذي أعلن فيه بانتقال فكرة الثورة اليمنية المسلحة من حيز الإيمان النظري إلى حيز التطبيق العملي(31).
واتساقًا مع أهداف الثورة، قامت الجمهورية اليمنية يوم 22 يونيو 1963م بأسر مجموعة من رجال الخدمة البريطانية المكونة من (44) فردًا، وأشرفت قيادة الثورة برئاسة السلال في 2 فبراير 1964م على عملية قصف مقر الضابط البريطاني في ردفان / لحج(32).
هذا التوجه في حركة الثورة وتطورها، دفع الرئيس جمال عبدالناصر لزيارة اليمن في يوم الثالث والعشرين من أبريل 1964م واتفق مع الرئيس السلال على استراتيجية العمل الثوري ضد الوجود البريطاني، في الأراضي اليمنية المحتلة، وعُرفت تلك الاستراتيجية بعملية صلاح الدين، وهو اسم كودي حربي لخطة حربية من أجل تقوية نضال الثورة اليمنية ودعمها، وتنفيذ هدف تحرير الأراضي المحتلة من الاستعمار.. وقد كشف أحد كبار القادة المصريين في مذكراته بداية العملية قائلًا: “إنه في اليوم التالي لوصول عبدالناصر اليمن، ألقى خطابًا، في حشد جماهيري كبير بمدينة تعز، وكان خطابه نقطة تحول مهمة في تاريخ اليمن، وفي تاريخ حرب اليمن؛ لأن ذلك الخطاب كان مولد حرب جديدة في جنوب الجزيرة العربية أو ظهور عملية صلاح الدين لتحرير الأراضي اليمنية من بريطانيا(33).
وأصبحت مدينة تعز قاعدة لتدريب وتسليح ثوار التحرير، بمختلف فصائلهم لتنفيذ عملية صلاح الدين، وفق تطبيق مضامين الخطة العملية والعسكرية لتحرير المناطق الجنوبية والشرقية اليمنية من بريطانيا.
“أكد وزير الدفاع البريطاني “بيتر تورينكر” في مجلس العموم البريطاني بلندن يوم 14 مايو 1964م أن رجال القبائل – أي الثوار – يتم تدريبهم تدريبًا جيدًا مع تزويدهم بالأسلحة الأوتوماتيكية والمدافع من قبل حكومة الثورة اليمنية مما يستلزم استخدام الحكومة البريطانية الطائرات إلى جانب القوات البرية في القتال، مذكرًا مجلس العموم البريطاني بأهمية تكرار ما حدث في 28 مارس 1964م حين قامت طائرات سلاح الجو البريطاني بشن غارة عنيفة على منطقة حريب في الجمهورية العربية اليمنية، وهاج الرأي العام العربي والعالمي، وأعلنت الحكومة البريطانية، في لندن أن الغارة جاءت ردًّا على الأعمال التخريبية، التي تقوم بها الجمهورية اليمنية في منطقة (ردفان) جنوب اليمن(34).
وقد اعتبرت بريطانيا نضال الثوار وعملياتهم في ردفان أعمالًا تخريبية من جانب الجمهورية اليمنية، لأن النظام الجمهوري في صنعاء والثوار في ردفان هم جانب واحد عنوانه ثورة 26 سبتمبر”(35).
“ردت القوى الثورية، على السياسة البريطانية ببيان مشترك من الهيئات الوطنية في عدن، قررت فيه الإجماع على التمسك بجلاء الجنود البريطانيين عن عدن وإزالة القاعدة البريطانية منها”(36).
في 12 أكتوبر 1964م احتجت حكومة الجمهورية اليمنية على الاعتداءات البريطانية ضد المواطنين في عدن، وقدمت هذا الاحتجاج إلى مجلس الأمن الدولي(37).
اتخذت حكومة بريطانيا سياسة الخنق والحصار، لإسقاط الثورة والنظام الجمهوري، متخذة أساليب التحالفات المتعددة فيما بينها وبين الدول المجاورة، التي تدعم تجمعات الجيش الامامي، الذي يقودها بروس كوند، كما ركزت السياسة البريطانية على شق الصف الجمهوري وإظهار مشاريع بديلة عن أهداف الثورة، مثل مشروع دولة اليمن الإسلامية عام 1965م وظهور الذين سموا أنفسهم القوة الثالثة(38).
كانت الصراعات على الثورة اليمنية قد وصلت أوج قوتها، لبروز الخلافات الإدارية والوظيفية والسياسية، على سطح العلاقات بين جميع القيادات السياسية الثورية، متسببًا في إقالة الحكومة السادسة، حيث تم في 20/4/1965م تشكيل الحكومة السابعة برئاسة الأستاذ أحمد محمد نعمان، لتمثل رمزًا للتلاعب بأهداف الثورة، لأنها خلت من منصب يهتم بشؤون المناطق المحتلة التي تشكل المناطق الشرقية والجنوبية من اليمن(39).
وعدّت حكومة لندن وضعية حكومة صنعاء فرصة ذهبية لا تعوض، فعملت على صياغة استراتيجية سياسية جديدة تحقق أهدافها بعدم خضوع عدن لصنعاء، وذلك على خطوات مترتبة كالآتي:
تنبهت التيارات الثورية والجمهورية لخطوة وضع حكومة النعمان باستبعاد وزير شؤون المناطق المحتلة، والتحدث عن مؤتمر لندن، فشُكِّلت الحكومة الثامنة، وأعيد فيها منصب وزير شؤون الجنوب المحتل وتلتها الحكومتان التاسعة والعاشرة متضمنتان المنصب نفسه، لكي تظهر شرعيتهما الثورية والوطنية.
كانت رسالة الشرعية الثورية لقيام الحكومة الثامنة – وتمسكها في التشكيل بالبنية الجغرافية والبشرية والسياسية وتأييد المظاهرات في عدن يوم 20 يوليو 1965م لتوجهاتها الثورية، قد وصلت إلى دهاليز السياسة البريطانية، فما كان من الخارجية البريطانية في 22 فبراير 1966م إلا إصدار الكتاب الأبيض، معلنة فيه انسحابها من عدن وبقية المحميات في عام 1968م كان الهدف من صدور الكتاب الابيض يتمحور في الآتي:
وفي 11 فبراير 1967م شهدت مدينة عدن مظاهرات جماهيرية عارمة، مقاطعةً للاحتفالات بذكرى قيام (اتحاد الجنوب العربي) ومطالبة بانضمام الأراضي اليمنية المحتلة إلى سلطة حكومة الثورة اليمنية رافعة صور الرئيس السلال وأهداف الثورة اليمنية(43).
في الجانب الآخر شعرت الحكومة البريطانية بخطورة المرامي السياسية لتلك المظاهرات، فبعثت إلى عدن اللورد شاكلتون مبعوثًا لوزير الخارجية البريطاني، لدراسة الموقف في عدن والمحميات، وتقييم الوضع الراهن فيها، وعند وصوله إلى عدن يوم الثاني عشر من أبريل 1967م أجرى شاكلتون اتصالات ولقاءات علنية وسرية، مع مختلف الفرقاء والأطراف من الجبهة القومية وقيادة جبهة التحرير ورموز سلاطينية، وفي ختام مهمته أفصح بأن حكومة العمال البريطانية، تسعى لتنفيذ خطة في عدن والمحميات، لتكوين حكومة واحدة، تناهض حكومة الثورة في صنعاء، وأوحى شاكلتون في تقريره بأن لا تخسر الحكومة البريطانية الأطراف والفصائل المتصارعة على إقامة حكم ذاتي في مفاوضات الاستقلال، لأن كل طرف سواء جبهة التحرير أو الجبهة القومية أو حزب الرابطة أو السلاطين والمشايخ، يرغب في إقامة حكومة مستقلة عاصمتها عدن، ليس لها ارتباط بحكومة صنعاء، واستحسن في التقرير التعامل مع الجبهة القومية، لأن لديها الكفاءات القيادية المتعلمة والمتمكنة بالعمل السياسي، وبالتالي المقدرة لإقامة دولة إيديولوجية في المناطق التي تحتلها بريطانيا(44).
في ذلك الوقت أثرت هزيمة 5 يونيو 1967م على الوضع السياسي في اليمن، فقد سُحِب الجيش المصري من اليمن، وقُطع الدعم المادي عن الثورة اليمنية ونظامها الجمهوري، الأمر الذي أفضى إلى خضوع الأراضي اليمنية المحتلة، إلى ترتيبات تأخذ بالتأثيرات الخارجية للدول العظمى ذات المصالح الحيوية في الخليج والجزيرة العربية، وكانت بريطانيا من الدول العظمى، التي وضعت يدها في صورة الترتيبات، لتنعكس على المفاوضات التي جرت في جنيف لتحديد مستقبل الوضع في الجنوب العربي بين الجبهة القومية ووفد الحكومة البريطانية برئاسة الوزير شاكلتون نفسه، بما يحقق رغبة الطرفين في قيام دولة مستقلة عاصمتها عدن، ولكن كان عليها أن تتخلص من حكومة الاتحاد الضعيفة(45).
وفي العشرين من يونيو 1967م قامت الجبهة القومية بعملية عسكرية نوعية تمثلت بالسيطرة على مدينة كريتر في عدن وأحكمت غلق جميع منافدها وتمت تصفية العملاء وإدارة المشاريع فيها ولو لبضعة أيام لكنها رسالة قوية وواضحة للحكومة البريطانية عمن هي القوة الأبرز في الميدان عسكريا وسياسيًّا. وما زالت هذه الحركة تثير الكثير من التساؤلات عن مدى التدخلات الخارجية وحجمها في التخطيط والتنفيذ لإدارتها بين القوى المتصارعة آنذاك في الشرق الأوسط بين المخابرات السوفيتية والمصرية والبريطانية(46)-حيث اعتبرتها الجبهة القومية عملية نوعية لرد الاعتبار العربي لهزيمة مصر في سيناء، وبالتالي مثلت نقطة تحول في موقف جمال عبدالناصر والقيادة المصرية من الجبهة القومية وتحديدًا بعد هزيمة 1967م ومقتل عبدالحكيم عامر نائب الرئيس المصري والمشرف على ملف اليمن وكذلك بعد عزل صلاح نصر رئيس المخابرات المصرية ذي السمعة السيئة في موقفه من الجبهة القومية ومطاردة قادتها في مراحل الكفاح المسلح في المحافظات الشمالية(48).
لذلك وفي اليوم نفسه، تخلت الحكومة البريطانية عن تلك الحكومة الضعيفة، وفتحت النوافذ للجبهة القومية، للدخول من الباب السياسي إلى طاولة المفاوضات، التي تفضي في النهاية إلى تثبيت دولة مستقلة، تديرها الجبهة القومية ذات الطابع الإيديولوجي.
كان السلال يخشى ذلك، فقام بإجراء تعديل في حكومته وعين عبده عثمان وزيرًا لشؤون المناطق المحتلة وأحمد الشجني وزيرًا للإعلام، بعد إدراكه أن الجبهة القومية تضع إيديولوجيا اليسار فوق العمل الوطني، فحاول مغازلة الجبهة بتعديله الحكومي، معتقدًا أن عبده عثمان وأحمد الشجني هما ممثلان للجبهة في حكومته(47).
ولكن في 5 نوفمبر 1967م حدث انقلاب على حكومة السلال ونُفي إلى خارج اليمن وعين محمد عبده نعمان وزيرًا لشؤون المناطق المحتلة في حكومة العيني، فرفضت الجبهة القومية من إقامة علاقات مفتوحة مع الوضع الجديد، مدعية بالتوجهات اليمينية الرجعية لقادة الانقلاب(48).
حيث أن انقلاب 5 نوفمبر في صنعاء قادته القوى البعثية ليكون بذلك مرحلة في نهاية النفود المصري ومقدمة لمفاوضات لاحقة تفضي لتسوية سياسية مع القوى الملكية والمعادية للثورة للعودة لتقاسم الحكم وهو ما تحقق لاحقا في اتفاقية 1970م للمصالحة بين الجمهوريين والملكيين. وكانت تلك الخطوة ليست بالطبع بمعزل عن الخارطة الجيوبوليتيكية للتسابق على فرض النفود بين معسكر الشرق والغرب والذي أكدته الأيام لاحقًا في امتداد النفود السوفيتي واستيلائه الكلي على عدن والجنوب في أقل من ثلاث سنوات وتحديدًا منذ حركة الانقلاب اليساري يونيو 1969م.
الخاتمة:
يمكن القول إن مشروع اتحاد إمارات الجنوب في جوهره استهدف الإبقاء على الوجود البريطاني في جنوب اليمن وخاصة في عدن لمواجهة أعباء الالتزامات العسكرية البريطانية على الصعيد العالمي وللدفاع عن الحلفاء وعن مصادر البترول العربي في شبه الجزيرة العربية. وهذا ما ذكرته بالنص جوليان كنج في كتابها عن أهداف الاستعمار في عدن “ويمكن سد متطلبات الأمن في عدن نفسها ولا ريب بقوة صغيرة نسبيًّا تعمل كحامية كتلك التي يؤمنها الجيش الاتحادي، ولا ريب في أن هذا العرض للتطورات السياسية يقود المرء إلى الاستنتاج بأن الحاجة المفروضة للقاعدة، لابد أن تثير مشكلة من مشاكل الأمن تفوق ما تستطيع الحامية الصغيرة العدد تأمينها. وإذا كان الضغط الخارجي من اليمن أو غيرها، يعرض مثل هذه الحامية إلى الاجتياح، فان بالإمكان تأمين المساعدة العاجلة بسرعة من بريطانيا نفسها(49)“. ولكن من نظرة موضوعية يمكن القول: “إن رؤية بريطانيا تلك وللأمانة الموضوعية والقراءة التاريخية بعيون اليوم عكست رؤية ثاقبة من منظور الحضارة الصناعية الأوربية المتطورة لصيغة بناء الدولة اليمنية الحديثة فيما بعد خروج بريطانيا، وهو الصيغة نفسها التي هندستها بريطانيا للدول التي بقيت تحت مظلة الكومنولث في الجزيرة العربية والمعروفة بدول الخليج العربي اليوم (الإمارات، البحرين، قطر، الكويت وسلطنة عمان)، ولو قُدِّر لهذا المشروع وكُتب له النجاح آنذاك لكانت عدن والجنوب العربي رائدة للنهضة والاستقرار والازدهار لكل الجزيرة، وحتى نموذج قدوة وتطلع ودعم ومساندة للشطر الشمالي من اليمن فيما عرف بعد الاستقلال.
في ضوء هذا التاريخ الحافل بالصراع الذي غذّته عوامل خارجية تمثلت في مؤامرات السلاطين وأجهزة المخابرات البريطانية والمصرية ومن خلفها السوفيتية، لم يكن مستبعدًا أن تتطور الامور بشكل خطير إلى درجة اندلاع حرب أهلية بين الجبهتين (القومية والتحرير) عشية الاستقلال، كنتيجة حتمية للصراع على السلطة بعد أن اقترب موعد الانسحاب البريطاني وتحقق الاستقلال.
من هنا يتضح لنا كيف قامت الجبهة القومية بتحقيق أهدافها الإيديولوجية اليسارية بقيام سلطة مستقلة بعد الانسحاب البريطاني من عدن. فأقدموا على صياغة الهيكل التنظيمي للجبهة القومية، كدولة مستقلة بدأت بوادرها على الواقع، بالاتفاق على ميلادها عبر الحوارات في جنيف بين وفد المملكة المتحدة برئاسة شاكلتون، ووفد الجبهة القومية برئاسة قحطان الشعبي، ومن الملاحظ أن هذه الاتفاقية تكرس شرعية الدولة الوليدة المستقلة.
وما يوضح ذلك أكثر البند الأول الذي ينص على أنه: “سينال الجنوب العربي الاستقلال في 30 تشرين الثاني 1967م ويسمى يوم الاستقلال(50).
أما البند الثاني ينص على أنه: “ومن يوم الاستقلال تؤسس دولة مستقلة ذات سيادة” كما تتعهد حكومة بريطانيا بتأييد طلب عضوية الأمم المتحدة للدولة المستقلة الجديدة بموجب نص البند الخامس(51).
وفي 30 نوفمبر أُعلن عن تشكيل أول حكومة لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية برئاسة قحطان الشعبي(52)
ملحق
بنود الأتفاق (3)
الذي تم بين وفد المملكة المتحدة (بريطانيا)
ووفد الجبهة القومية
30 نوفمبر1967م-جنيف
بعد المحادثات بين وفد المملكة المتحدة برئاسة الوزير شاكلتون كطرف أساسي في حل قضية الجنوب العربي، ووفد الجبهة القومية برئاسة قحطان الشعبي، كطرف مقابل يسعى للاتفاق مع وفد الحكومة البريطانية حول القضية نفسها، وقد تم الاتفاق بين وفد المملكة المتحدة – بريطانيا – ووفد الجبهة القومية في مؤتمر جنيف في القضايا المتفق عليها بموجب التزام الطرفين بتنفيذ بنود الاتفاق التالي:
البند (1): سينال الجنوب العربي الاستقلال في 30 نوفمبر1967م ويسمى يوم الاستقلال.
البند (2): ومن يوم الاستقلال تؤسس دولة مستقلة ذات سيادة تعرف بجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بشكل رسمي من قبل الجبهة القومية، التي يحق لها تشكيل حكومة لهذه الدولة.
البند (3): ستتخذ الخطوات من قبل حكومة صاحبة الجلالة لإنهاء سيادة احتلالها وحمايتها وسلطتها التشريعية، كما تتطلب الحال منذ يوم الاستقلال على أراضي جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.
البند (4): تعترف حكومة صاحبة الجلالة بجمهورية اليمن الشعبية منذ يوم الاستقلال وستكون هناك علاقات دبلوماسية تامة بين المملكة المتحدة وجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية منذ يوم الاستقلال، وتبعًا لذلك فستقوم كلا الحكومتين بتعيين السفراء متى كان ذلك ممكنًا، وفي ذلك الوقت طالما التزمت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بميثاق فيينا سنة 1961م فإن العلاقات الدبلوماسية بين القطرين سينظِّمها القانون في أثناء تعيين السفراء تقام بعثات دبلوماسية منذ يوم الاستقلال، وحتى بموجب الميثاق الخاضع إلى قاعدة التبادل مع أي تحفظ يبديه طرف آخر وبعد ذلك تنظم العلاقات الدبلوماسية أو سيبديه فيما بعد أي من الطرفين.
البند (5): سيكون متروكًا لحكومة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية تقرير مسألة طلب عضوية الأمم المتحدة، وستكون حكومة صاحبة الجلالة راغبة في تأييد أي طلب للعضوية يقدم للأمم المتحدة إذا كان ذلك رغبة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.
البند (6): عند وبعد يوم الاستقلال سوف لا يكون للملكة المتحدة أية مسؤولية دولية بالنسبة لحكومة اليمن الجنوبية الشعبية، الذي سوف يوجه كذلك إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ويعبر عن وجهات نظرها بخصوص مسألة استمرار الالتزامات الدولية.
البند (7): جميع المعاهدات والاتفاقيات الأخرى المتضمنة التزامات دولية سينظمها إعلان رسمي من قبل حكومة اليمن الجنوبية الشعبية، الذي سوف يوجه كذلك إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ويعبر عن وجهات نظرها بخصوص مسألة استمرار الالتزامات الدولية.
البند (8): أن أية معاهدات واتفاقيات وامتيازات وترتيبات أخرى سبقت يوم الاستقلال بين حكومة التاج، والحكومات الأخرى، حاكمًا أو حكومة أو أية سلطات أخرى للأجزاء المختلفة تنهى في يوم الاستقلال.
البند (9): أن جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية اعتبارا من يوم الاستقلال تملك جميع حقوق الأراضي والادعاءات التي عملت من قبل حكومة التاج أو ممثليه بواسطة الحكام أو الحكومات أو أية سلطات أخرى بجميع أجزاء أراضي الجمهورية.
البند (10): أن المعرفة المسبقة للقانون في أراضي جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية أو في أي جزء من أراضيها يوم الاستقلال مباشرة سوف يستمر نافذًا في سلطة تديره في الجمهورية.
البند (11): أن حكومة صاحبة الجلالة سوف تتخذ خطوات قبل يوم الاستقلال من أجل تنظيم الإلغاء بواسطة أمر من مجلس جلالتها المسئول عن ذلك، وستكون هذه الأوامر دستورية نافذة في أراضي الجمهورية اليمنية، أو في أي جزء منها مع إبقاء شروط ملائمة من أجل ضمان مجموعة القوانين العامة من الإضراب.
البند (12): جميع الحقوق والمسؤوليات والالتزامات الموجودة في أراضي الجمهورية مباشرة قبل يوم الاستقلال للتاج أو للممثلية أو الحكومات الأخرى في تلك الأراضي ستكون في يوم الاستقلال حقوقًا ومسؤوليات والتزامات الجمهورية دون أي اجحاف على شرط ألا يلحق الضرر بحقوق حكومة الجمهورية لتنفيذ أي رأي أو موقف ناتج عن ذلك أو اتخاذ أي إجراء تراه مناسبًا.
البند (13): جميع المصالح في الأراضي والممتلكات ومصادر القوة الأخرى في أراضي جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، التي كانت قبل يوم الاستقلال مباشرة تدار من قبل التاج أو نيابة عنه لأغراض الحكومة، أو كما قد تكون الحال لتنفيذ سلطة صاحبة الجلالة في الأراضي التي كانت تدار مباشرة قبل يوم الاستقلال من قبل أو نيابة عن التاج من أجل أغراض القوات المسلحة للمملكة المتحدة، يجب أن تحول للجمهورية منذ يوم الاستقلال مع جميع الحقوق والالتزامات والمسؤوليات دون إجحاف لأي إعادة نظر لاحقة أو عمل ناتج عن حكومة الجمهورية فيما يتعلق بامتلاك الأرض للأغراض الدبلوماسية أو الاستشارية أو لأغراض أخرى.
البند (14): إن حكومة الجلالة وحكومة جمهورية اليمن الجنوبية سوف تتشاوران سوية فيما يتعلق بمسائل الجنسية التي تنشأ عن استقلال الجمهورية قبل أن تتخذ الحكومة صاحبة الجلالة خطوات لتجريد مواطني المملكة المتحدة في المستعمرات الذين هم في ذلك الوضع بسبب اتصالهم بأراضي الجمهورية من وضعهم كرعايا للمملكة المتحدة والمستعمرات.
البند (15): سوف تسلم حكومة المملكة المتحدة حكومة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية أية وثائق وتقارير ودراسات وخرائط تعود إلى أرض الجمهورية، التي قد تكون حكومة صاحبة الجلالة قادرة على امتلاكها، والاستشارات فيما يتعلق بالإدارة المناسبة لتحقيق هذا الهدف سوف تتم بين الحكومتين.
وسوف تزود حكومة صاحبة الجلالة حكومة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بأية مادة موجودة في حوزتها، والتي لا تملكها حكومة الجمهورية المذكورة لحد الآن ولا سيما القضايا المتعلقة بتقرير الحدود.
البند (16) بسبب ضيق الوقت، فإن المناقشات بشأن الوظائف العامة والرواتب التقاعدية يجب أن تتم في وقت مبكر بعد الاستقلال.
البند (17): بسبب ضيق الوقت فإن المناقشات بسبب قضية مسؤوليات القرض إلى حكومة صاحبة الجلالة والدين العام لقانون أراضي الجمهورية غير المدفوع إلى حكومة صاحبة الجلالة، المدفوع عند تاريخ الاستقلال يجب أن يؤجل للمداولة في مفاوضات لاحقة في وقت مبكر بعد الاستقلال.
موقع نيابة عن الجبهة القومية موقع عن المملكة المتحدة
قحطان الشعبي شاكلتون (الوزير بلا وزارة)
الهوامش
(2) شاكر الجوهري، الصراع في عدن. مكتبة مدبولي، القاهرة 1992. ص 17
(*) الجيوبوليتيك (الجيوسياسية) مصطلح تقليدي ينطبق على تأثير الجغرافيا في السياسة، فهو علم دراسة تأثير الأرض (برها وبحرها ومرتفعاتها وجوفها وثرواتها وموقعها) على السياسة في مقابل مسعى السياسة للاستفادة من هذه المميزات وفق منظور مستقبلي. Wikipedia.org)).
(3) انظر: سيد مصطفى سالم، تكوين اليمن الحديث، اليمن والإمام يحيى 1904-1948، ط2، القاهرة، 1993م، صـ21.
(4) مجلة اليمن، العدد (7/8) 1997م، صـ232.
(5) سلطان القاسمي، الاحتلال البريطاني لعدن، مطابع البيان التجارية، بدون تاريخ، صـ145.
(6) المصدر نفسه صـ152.
(7) حمزة علي إبراهيم لقمان، معارك حاسمة من تاريخ اليمن، مركز الدراسات صنعاء (بدون تاريخ)، ص 157.
(8) water Field Suttans OF Aden Jon Murray Iondon 1968 p.30
(9) اريك ماكرو، اليمن والمغرب، 1571،1962، ترجمة حسين العمري، ط2، دار الفكر دمشق 1987م، صـ140
(10) أحمد فضل العبدلي، مصدر سابق ص، 133
(*) نلاحظ أن السلطان محسن لم يستغل الصراع بين محمد علي وبريطانيا لصالح اليمن، وإنما لصالحه الشخصي منحازًا إلى القوى الاستعمارية التي ستحافظ على مصالحه.
(11) حمزة على إبراهيم لقمان، عدن وجنوب الجزيرة العربية، ص133
(12) انظر: عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليماني، تاريخ اليمن المسمى فرجة الهموم والحزن في حوادث وتاريخ اليمن، ط2، دار اليمن الكبير للنشر والتوزيع، صنعاء 1991م، ص 94.
(13) سلطان ناجي، التاريخ العسكري لليمن 1839-1967 ط2، دار العودة، بيروت، 1988م، صـ 17
(14) انظر: المصدر نفسه، صـ19
(15) المصدر نفسه، صـ31
(*) شاكر الجوهري، الصراع في عدن. 1992م، القاهرة.
(16) انظر: حمزة علي إبراهيم لقمان، تاريخ عدن وجنوب الجزيرة العربية، صـ135.
(17) جاد طه، سياسة بريطانية في جنوب اليمن، دار الفكر العربي، ط1، بيروت، 1970م، ص73.
(19) انظر: سلطان ناجي، مصدر سابق، صـ19.
(20) R Gavin Report of Aden 1939 P. 40-35
(*) من الملاحظ أن السلاطين كانوا حلفاء لبريطانيا، وتعاملوا معها لكسب نفوذ ومصالح شخصية، بعيدًا عن الانتماء الوطني، إلا أن تلك العوامل لم تثنِ القوى الوطنية عن أداء رسالتها لتحرير الوطن، حيث تمكنت هذه القوى من حشد القبائل ضد بريطانيا.
(19) لبابة عاشور، العلاقات الدولية بين الاستقطاب الأحادي وتعدد الأقطاب، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2002م، ص 88.
(20) يونس البحيري، نظام الأمم المتحدة في مواجهة تحولات الربيع العربي، المطبعة والوراقة الوطنية، الداوديات مراكش، ط الأولى 2012م، ص129.
(21) انظر: قحطان الشعبي، الاستعمار البريطاني ومعركتنا العربية في جنوب اليمن (عدن والإمارات)، دار النصر، القاهرة، 1962م، ص 178.
(22) انظر: علي الصراف، اليمن الجنوبي من الاستعمار إلى الوحدة، لندن، رياض الريس للكتاب، 1992م، ص 124.
(23) جاد طه، مصدر سابق، ص182.
(25) انظر: شاكر الجوهري، الصراع في عدن، مكتبة مدبولي، ط، 1القاهرة، 1992صـ40.
(26) انظر: الثقافة الجديدة، العدد (1) 1970، صـ 61-62م.
(27) أحمد عطية المصري، نصرية اليمن الديمقراطية، 1950-1972م القاهرة 1974م. ص38.
(28) محمد حسين الفرح، واحدية الثورة اليمنية، صحيفة الوحدة، العدد (263) 27/9/1995م، ص20.
(29) صحيفة 26سبتمبر العدد (394) 23 نوفمبر 2000م، ص12.
(30) صحيفة الوحدة العدد (264)، 4/10/1995م، ص5.
(31) انظر: عبدالفتاح إسماعيل، حول الثورة الوطنية الديمقراطية وآفاقها الاشتراكية، المجلد الأول، دار الفارابي، بيروت، 1979م، ص16.
(32) انظر: اليمن في 100 عام، مركز البحوث والمعلومات، ص 112.
(33) محمد الفرح، وأحدية الثورة، ص 21.
(34) صحيفة الوحدة 18 أكتوبر 1995م، ص13.
(35) محمد الفرح نفس المرجع، ص21.
(36) أحمد عطية المصري، النجم الأحمر فوق اليمن، بيروت، 1988م، ص113.
(37) اليمن في 100 عام مصدر سابق، ص112.
(38) محمد الفرح، واحدية الثورة، ص21.
(39) ادجار اوبلانس، مصدر سابق، ص254.
(40) بالفعل تم التحضير لعقد مؤتمر لندن لتنفيذ هذه الخطوة على الرغم من اختلاف الفصائل فيما بينها في أثناء انعقاد المؤتمر في أغسطس 1965م.
(41) من الملاحظ أيضًا أن وقوف بريطانيا إلى جانب الجبهة القومية إنما كان نكاية لعبدالناصر الذي يؤيد جبهة التحرير.
(42) عبدالله الجابري، الجنوب العربي في سنوات الشدة، جدة، 1968م، ص127.
(43) التقرير السياسي إلى المؤتمر الثاني لاتحاد الشعب الديموقراطي، عدن، 1975م، ص2.
(44) انظر: صلاح العقاد، جزيرة العرب في العصر الحديث، القاهرة، 1969م، ص117.
(45) انظر: اليمن في 100 عام مصدر سابق، ص130.
(46) Jonathan Walker(2014)ADEN INSURGENCY-the savage war in Yemen 1962-1967،Pen & Sword Books Ltd،UK
(48) (راجع مذكرات جارالله عمر عن حرب السبعين في صنعاء، صادر 1985م).
(47) اليمن 100 عام، مصدر سابق ص131.
(48) اليمن 100 عام، نفس المصدر ص130.
(49) جيليان كينج، أهداف الاستعمار في عدن، ترجمة خيري حماد، القاهرة. 15/2/1966م.
(50) وثيقة الاتفاق بين وفد المملكة المتحدة (بريطانيا) ووفد الجبهة القومية (البند الأول).
(51) المصدر نفسه، البند الثاني والبند الخامس.
(52) انظر: القرار الجمهوري رقم (18) العام، 1967م.
مصادر البحث
الكتب العربية
المجلات والصحف
الكتب الاجنبية