مركز عدن للدراسات التاريخية

احتفالات المولد النبوي في مصر زمن سلاطين المماليك (648-923هـــــ/1250-1517م)

د. مصطفى وجيه مصطفى

دكتور مصطفي وجيه مصطفي إبراهيمأستاذ مشارك تاريخ العصور الوسطى بكلية الدراسات الإسلامية -ولاية منيسوتا الأمريكية

ملخص

     وهذه الدراسة المعنونة بـ “احتفالات المولد النبوي في مصر عصر سلاطين المماليك” هي محاولة للإسهام في رصد مظاهر احتفالات المصريين بالمولد النبوي في عصر مر عليه خمسة قرون تقريبًا.  وتم تقسم هذا البحث إلى تمهيد يبحث في أصول الاحتفالات بالمولد النبوي وأهدافها , وثلاثة مباحث : كان المبحث الأول عن الاحتفالات الرسمية (السلطانية) وتناول أهمية الاحتفالات في السياسة المملوكية ,وأماكنها وأوقاتها, ومظاهر الاحتفال وسماط المولد والأعمال المصاحبة للاحتفالات  ومشاركة الضيوف الأجانب والاحتفالات المصاحبة. وكان المبحث الثاني عن احتفالات العامة والفرق بين موالد الرجال وموالد النساء والموالد التي تمت في المقابر وصفات المغنون… إلخ ثم جاء المبحث الثالث والأخير متناولًا العوامل التي أثرت على الاحتفالات.. .  

Summary

Celebrations Of Almawlid Alnubuii In Egypt At The Time Of The Mamluks Sultans

648-923/ 1250-1517

This study, entitled “Celebrations of almawlid alnubuii  in Egypt during the Mamluk Sultans era”, is an attempt to contribute to monitoring the manifestations of Egyptians’ celebrations of the almawlid alnubuii  in an era that has passed for nearly five centuries. . This research was divided into a preface that examines the origins and goals of celebrations of the almawlid, and three topics: The first topic was about official ceremonies and dealt with the importance of celebrations in the Mamluk policy, places and time of their establishment, aspects of the celebration, food almawlid  actions accompanying the celebrations and the participation of foreign guests and accompanying celebrations. The second topic was on public celebrations and the difference between male and female almawlid, almawlid that took place in cemeteries, attributes of singers … etc. Then the third and final topic came up with the factors that influenced the celebrations …

مُقدِّمَة

         يعد الاحتفال بذكرى مولد سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)  من أفضل الأعمال وأعظم القربات لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبي ثراء القلوب، ومحبته أصل من أصول الإيمان، والاحتفاء بمحبته ركن من أركان الإيمان، وقد صح عنه أنه (صلى الله عليه وسلم) قال: “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين”[1]، ومحبة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) من أصول الإيمان وهي مقرونة بمحبة الله عز وجل .

     وهذه الدراسة المعنونة بـ “احتفالات المولد النبوي في مصر عصر سلاطين المماليك” هي محاولة للإسهام في رصد مظاهر احتفالات المصريين بالمولد النبوي في عصر مر عليه خمسة قرون تقريبًا.  .

       والمدهش حقًا؛ هو عدم وجود دراسة أكاديمية متخصصة عن الاحتفال بالمولد النبوي في مصر في أي عصر من عصور السيادة الإسلامية, وكل ما كتب عن هذا الموضوع ينحصر فيما جاء في الكتب التي تعرضت للنظم والرسوم في ثنايا عرضها للاحتفالات الدينية عامة فتأتي إشاراتهم عن ذلك عابرة  في جمل محدودة, بحكم تشعب موضوعات كتب الرسوم والنظم[2]. ويوجد كتاب للأستاذ حسن السندوبي([3])  كُتب في النصف الأول من القرن العشرين, وعنوانه “تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي من عصر الإسلام الأول إلى عصر فاروق” وهو كتاب عبارة عن رصد لتاريخ الدول الإسلامية التي حكمت مصر ويتخلل عرضه إشارات للمولد النبوي في كل دولة على طريقة القصاصين؛ وربما كانت قلة المصادر المطبوعة والمعروفة آنذاك,  وراء وقوع الأستاذ السندوبي في هنات عن الاحتفال بالمولد في عصور السيادة الإسلامية وبالذات العصر المملوكي . ولكن رغم ذلك فالكتاب سد خلل كان موجود في زمنه. أيضًا هناك مقال للأستاذ محمد رجب البيومي من ثلاث صفحات نشر في عدد من أعداد مجلة الأزهر[4]. ومن مطالعة المقال تبين أن الأستاذ محمد رجب لم يشر لغير احتفال الأشرف قايتباي فقط , علاوة على نقله الحرفي في غالب المقال من كتاب الأستاذ حسن السندوبي دون الإشارة إليه. فكان ما ذكره ما هو إلا تكرارًا لما ورد عند السندوبي.

           وعلى ذلك فإن هذه الدراسة, ربما تكون الدراسة المتخصصة الأولى والوحيدة حتى الآن؛ وهي محاول للتعريف بدور المماليك في إحياء ليالي ربيع الأول احتفالًا بمولد النبي صلى الله عليه وسلم, وابتداعهم  مراسم وطقوس خاصة بهم , والتعرض لاحتفالات المصريين من عامة القاهرة بالخصوص بالذكرى العطرة.               

       وكما هو مبين من العنوان فإن الإطار المكاني للدراسة هو “مصر” التي كانت آنذاك حاضرة الخلافة, والزمان هو زمن سلاطين المماليك الذين جعلوا من مصر حاضرة الخلافة بعد احيائها , علاوة على أن مصر في عهدهم كانت الحصن الحصين, والمعقل الأخير للمسلمين الناجين من المغرب الإسلامي المضطرب بالفتن, والأندلس التي كانت يوما عن يوم تتقلص مساحتها الإسلامية لصالح المساحة الكاثوليكية ؛وعلى ذلك فإن هذه الدلالات كلها كانت الأرضية التي استندت إليها مبادئ الدراسة.

 وتم تقسم هذا البحث إلى تمهيد يبحث في أصول الاحتفالات بالمولد النبوي وأهدافها , وثلاثة مباحث : كان المبحث الأول عن الاحتفالات الرسمية (السلطانية) وتناول أهمية الاحتفالات في السياسة المملوكية ,وأماكنها وأوقاتها, ومظاهر الاحتفال وسماط المولد والأعمال المصاحبة للاحتفالات  ومشاركة الضيوف الأجانب والاحتفالات المصاحبة. وكان المبحث الثاني عن احتفالات العامة والفرق بين موالد الرجال وموالد النساء والموالد التي تمت في المقابر وصفات المغنون… إلخ ثم جاء المبحث الثالث والأخير متناولًا العوامل التي أثرت على الاحتفالات.. .  

        والمنهج المتبع، هو الأسلوب الوصفي التحليلي في تفسير جوانب الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية لموضوع الدراسة مع استخدام وسائل الإيضاح ؛للوقوف على دور هذا الجانب في فلك السياسة العامة لمصر.

 كما تجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة تتناول احتفالات المولد النبوي المصرية الرسمية والشعبية في العصر المملوكي , من الناحية التاريخية ولم تتطرق إلى الأمور التي تتعلق بمشروعية الاحتفال من حرمته , أو أي أمر من الأمور الفقهية التي تتعلق بعنوان الدراسة؛ لأن كل موضوع منهما يحتاج  إلى دراسة مستقلة.

تمهيد : أصول وأهداف الاحتفال بالمولد النبوي

          يُجْمِعْ المؤرخون على أنَّ بداية ظهور احتفالات المولد النبوي الشريف في مصر كان مع عصر الدولة الفاطمية, بعدما انتقل الفواطم إلى مصر وأقاموا خلافة فيها . حيث تفهم الفاطميون روح الشعب المصري المحبة للفرح والبهجة, ونتج عن ذلك أن أرسى الفاطميين قواعد كثير من الاحتفالات بمناسبات دينية ودنيوية([5]), كما حولوا بعض احتفالات المصريين الشعبية إلى احتفالات رسمية للدولة([6])، وكان من ذلك ابتداعهم احتفالات المولد النبوي وظهرت لهذه الاحتفالات زمن الفاطميين رسوم دقيقة لم تعرف قبلًا([7]).

         وقد رصدت المصادر المعاصرة صورة احتفالات المولد النبوي الفاطمية الرسمية  وكان منها أنه إذا كان اليوم الثاني عشر من ربيع الأول يقوم  الخليفة بتقديم عشرين قنطارًا من السكر اليابس إلى دار الفطرة([8]) لتصنع منها حلواء يابسة، وتعبأ في ثلاثمائة صينية من النحاس، وتفرق تلك الصواني على أرباب الرسوم من ذوى المراتب، الذين يذهبون لقصر الخليفة يقدمون له التهاني ويرد عليهم التحية , ثم بعد ذلك يستفتح قراء الحضرة بالقراءة، ثم يخطب الخطباء، فإذا انتهت خطابة الخطباء أخرج الرجل رأسه ويده من الطاقة ورد على الجماعة السلام، فينفض الناس([9]).

          وحين سقطت الدولة الفاطمية في مصر وقامت على أنقاضها دولة بني أيوب, لم يفلح الأيوبيون في مصر في استئصال شأفة احتفالات المولد النبوي في إطار جهودهم للقضاء على الموروث الفاطمي, وإذا كان الأيوبيون على الجانب الرسمي لم يهتموا بالاحتفالات اهتمام الفاطميين إلا أنهم أبقوا على الاحتفال بالمولد النبوي/الشعبي. وقد حفظ لنا التاريخ صورة من احتفالاتهم  بالمولد النبوي في جزء من دولتهم هو “أربيل” حيث كان يحكم الملك المظفر أبو سعيد([10])، ففي ذلك الموسم كان الملك المظفر يأمر بذبح خمسة آلاف رأس من الغنم وعشرة آلاف دجاجة ويقدم مائة ألف زبدية وثلاثين ألف صحن حلوى ويستقبل رجال الطرق الصوفية ويشترك معهم في حفلة الذكر، وكان هذا الاحتفال يكلفه ثلاثمائة ألف دينار(.([11]

المبحث الأول – الاحتفالات الرسمية

 1- (السلطانية).

           تسببت الطريقة التي آل بها حكم مصر وبعض البلاد العربية إلى المماليك في أمور جل خطيرة , فبالإضافة إلى ما دار في شوارع البلاد من أحاديث عن أصل المماليك وشرعيتهم ؛ باعتبارهم عبيد لا يحق لهم الجلوس على عرش البلاد , شعر المماليك بأنهم أغراب عن البلاد وأهلها, مغتصبين للحكم من أصحابه  وأسيادهم بني أيوب , وقد صاحب ذلك الشعور السلبي من قبل المماليك خطوات تصعيدية من قبل المصريين بمختلف فئاتهم , فإلى جانب عامة المدن من صغار التجار والباعة والسوقة ورواد الأسواق وأصحاب المهن الوضيعة ممن كانوا يعيشون حياة فقيرة في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية… هذه الفئات من العامة أخذوا يرددون احاديث  تعيب المماليك وأصلهم , ونظروا إليهم نظرة سخرية وازدراء , آنفين أن يحكمهم هؤلاء الغرباء المجلوبين عبيدًا في طفولتهم والمغتصبين للسلطة من بني أيوب , وقد اتضح ذلك منذ اللحظات الأولى لقيام الدولة المملوكية ,  فمثًلا  تربص عامة مصر بالسلطان عز الدين أيبك (حكم سنة 648ه)  كلما ركب للمرور في شوارع مصر والقاهرة من وإلى القلعة يسمعوه من الكلام ما يكره , ويقولون له :”… لا نريد إلا سلطانًا رئيسًا ولد على الفطرة …”[12], ويقول ابن إياس[13] :”وأهل مصر لا تطاق ألسنتهم إذا اطلقوها”, وإذا كان هذا هو موقف العامة, فإن الأمر عند قبائل العربان لم يكن مختلفاً, إذ أنفت قبائل العربان من الحكم المملوكي, واعتبروا الأيوبيين خوارج والمماليك عبيد للخوارج لا يتوجب لهم طاعة[14]. ولم يكن المعممون من الفقهاء والعلماء والقضاة ,وهم طليعة المثقفين آنذاك, أقل رفضًا للحكم المملوكي – في البداية- من العامة والقبائل العربية , فطعن سلطان العلماء , الشيخ العز بن عبد السلام[15]  في شرعية تولي بعض أمراء المماليك الحكم ؛ لأن حكم الرق قائم عليهم, ولا يصح لهم بيع ولا شراء ولا نكاح, كما أفتى بأن حكم الرق قائم عليهم لبيت مال المسلمين فتعطلت مصالحهم بذلك[16].

           ومن ثم فإنه تعين على المماليك أن يواجهوا متاعب عدم الاعتراف بهم كحكام شرعيين منذ البداية, فسعى المماليك لصرف نظر الفرد العادي عن النظر إليهم  بأمرين أساسين في إطار الحكم الإسلامي, وهما: الشرعية والشعبية ؛ وقد تحققت الشرعية بإحياء الخلافة العباسية في القاهرة بأيدي المماليك[17] “… فسُر الناس بذلك سروراً عظيماً وشكروا الله على عودة الخلافة العباسية …”([18])، وكانت تلك مناورة سياسية ذكية من قبل سلاطين المماليك، إذ جعلوا دولة المماليك تبدو صاحبة الفضل على العالم الإسلامي بإحيائها الخلافة العباسية

           أما الشعبية فقد تجلت في التوسع في إقامة مؤسسات الرعاية الاجتماعية , وترك جميع الوظائف في دواوين الدولة لأبناء الشعب المحكوم , أضف إلى ذلك أن لحظ المماليك أن الشخصية المصرية  محبة للفرح والبهجة[19], فأكثروا من الاحتفالات ونال الحظ الأوفر من الاهتمام تلك الاحتفالات التي ارتبطت بمناسبات دينية , وهي محاولة من المماليك تهدف إلى التنفيس عن الناس مع تعظيم السلطان وإجلاله[20],من ناحية, ومحاولة كسب مكانة دينية وسياسية تسهم في دعم مركزهم السياسي كأعظم قوة إسلامية آنذاك .

          وكان من هذه الاحتفالات, احتفالات المولد النبوي في مصر زمن سلاطين المماليك , والحق أن مراعاة المماليك لاحتفالات المولد النبوي آتت ثمارها المرجوة ,حيث أثنى المصريين على مراعاة المماليك هذا الأمر شاكرين لهم فضلهم , ورددوا أنه لو لم يكن من وراء احتفال سلاطين المماليك بالمولد النبوي “… إلا إرغام الشيطان وسرور أهل الأيمان من المسلمين , وإذا كان أهل الصليب اتخذوا ليلية مولد نبيهم عيدًا أكبر , فأهل الإسلام أولى بالتكريم وأجدر , فرحم الله امرءًا اتخذ ليالي هذا الشهر المبارك وأيامه أعيادًا , ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وأعيا داء..”[21]، وطالما المماليك قد أدركوا قيمة الاحتفالات فحرصوا على تنظيم احتفالات المولد النبوي بصورة رسمية مؤثرة تهز المشاعر, وتحرك نوازع الرغبات الروحية الكامنة شوقًا , وقد اتضح ذلك جليًا في نقل المصادر خبر الاحتفالات , ففي نقله لخبر احتفالات المولد سنة 845هـ قال السخاوي: “… وفي هذا الشهر كان المولد النبوي السلطاني على العادة , ولا زال أهل الإسلام يحتفلون بشهر مولده(صلى الله عليه وسلم) ويعملون الولائم لذلك, ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات , ويطهرون السرور ويزيدون في المبرات ويعتنون بقراءة مولده الكريم, ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم …”[22].

            لا شك أن ذلك الحرص مرجعه النظرية السياسية التي استندت عليها دولة المماليك هذه النظرية التي تمثلت في القوة العسكرية من ناحية ,-والواجهة الدينية من ناحية أخرى- , وطالما أن القوة العسكرية ملحوظة وملموسة فالأصل هو تدعيم مسألة الواجهة الدينية لكسب قلوب المسلمين وعقولهم ونجحوا في ذلك بتقوية المحكومين برباط الدين وهو الرابطة الوحيدة التي تربط بين المماليك والشعوب التي يحكمونهم ؛ من أجل تأكيد شرعية حكمهم للأراضي العربية الإسلامية , وكانت الاحتفالات الدينية , ومنها احتفالات المولد, شكل من أشكال هذه الواجهة.

             ويمكن القول أن اهتمام المماليك باحتفالات المولد النبوي قد نتج عنه نجاح في كسب الزعامة الروحية , فضلًا عن الزعامة السياسية في العالم الإسلامي, إذ نجح المماليك بهذه الطريقة في كسب القاعدة العريضة من الشعب بظهورهم بمظهر المحافظين على الدين ورعاية سنة أخر النبيين وتخليد ذكرى سيد المرسلين , وهو الأمر الذي ظهر واضحًا في تعبيرات المصادر , حيث أشار المؤرخون المعاصرون لدولة سلاطين المماليك في هذا الصدد ذاكرين أن أكثر الشعوب الإسلامية احتفالًا بمولد النبي “… أهل مصر والشام , وللسلطان في تلك الليلة مقام يقوم فيه أعظم مقام …”[23], ينقل السيوطي رأي أحد المحدثين المعاصرين له  عن  احتفالات المولد السلطانية فيقول أن الاحتفالات: “… من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي (صلى الله عليه وسلم) وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف…”[24].

          وهنا يجب التأكيد على أمر مهم وهو أن الاهتمام باحتفالات المولد النبوي , باعتبارها شكل مهم من أشكال الواجهة الدينية , كانت أمرًا ضروريًا في بداية الحكم المملوكي, (خاصة بعد أن نجحوا في استئصال شأفة الوجود الصليبي من بلاد الشام وفلسطين وصد الخطر المغولي, وأصبح الوقت ملائمًا أن يفكر العامة في مسألة أصل المماليك بعد انتهاء التهديدات الخارجية) ومع تمكن المماليك في البلاد , أصبح هذا الأمر من المراسم الشكلية المعتادة .

          على أية حال فقد كان هناك دافع أخر للمماليك من وراء اهتمامهم باحتفالات المولد النبوي وهو حب المماليك “… الافتخار وحسن الثناء بإطعام الفقراء ومواساة المحتاجين والمناظرة بذلك بين الأمراء…”[25], وكان ذلك ناتجا عن الاستقرار السياسي الذي عرفته مصر في عصر سلاطين المماليك والذي كان له انعكاس واضح على النواحي الحضارية التي وجدت كل الاهتمام والعناية من سلاطين هذه الدولة, وبطبيعة الحال فإن ذلك يشكل معيارا دقيقاً لثروة مصر العامة وسعتها , ومرآة للازدهار الاقتصادي الخارق الذي غمر مصر منذ قيام دولة سلاطين المماليك في مصر . وانعكس كل ذلك على الاحتفالات المملوكية التي أعجب بها العامة والمثقفين على السواء ,  وقد عبر عن ذلك شيخ مؤرخي مصر الإسلامية أحمد بن علي المقريزي قائلًا [26] إن رجال دولة المماليك “… كانت لهم في المواسم والأعياد وأوقات النُزَهْ والفرح أعمال لا يمكن حكايتها…”. وهذا الأمر كان أمراء وسلاطين دولة المماليك يرددوه, ويتفاخرون به, فكان بعضهم إذا عمل حفلًا يبالغ فيه ويقول أحب أن: “…يبقى لي مكارم على الناس أذكر بها …”[27].

           وفي ضوء ما تقدم؛ يمكن القول أنه إن كانت دوافع المماليك في الاهتمام باحتفالات المولد مردها المحافظة على تدعيم الشرعية المملوكية في الحكم , فإن المبالغة في الاحتفالات الخاصة بالمولد النبوي تعود إلى حب المماليك في التباهي وتخليد ذكراهم. يبدو ذلك في تمكين الحكام لكثير من الطقوس الاحتفالية العامة والسهرات الغنائية من الشرب إلى الاحتفال لا للعبرة والاعتبار ولكن للمتعة والتسلية, وعدُّوها وسيلة من وسائل إبراز السرور, وتثبيت نفوذهم في أوساط العامة وتوسيعه وجعلها دائمة التبعية لهم.

2- أماكنها:

              المدهش حقًا أننا لا نجد في المصادر التاريخية التي تعود للعصر المملوكي –على حد اطلاعي- خبر يمكن من خلاله التعرف على مراسم وطقوس احتفال سلاطين المماليك البحرية بالمولد النبوي الشريف , أو أماكن الاحتفال أو أية خبر يمكن تفسيره في هذا الجانب وذلك قبل عام 736هـ وسلطان البلاد يومئذ محمد بن حاجي ابن الناصر محمد بن قلاوون (762-764هـ) حيث جاء عند ابن إياس في حوادث السنة المذكورة خبرًا مقتضبًا عن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يقول فيه :”… وفي شهر ربيع الأول, عمل السلطان المولد النبوي الشريف , ثم بات وأصبح فعدى هو والأتابكي يلبغا إلى بر الجيزة , على سبيل التنزه , وبات هناك ثم عدى من إنبابة, وتوجه إلى باب البحر, وتوجه من هناك , وشق من القاهرة في موكب حفل, وكان يومًا مشهودًا…”[28]، وفي عصر الأشرف شعبان(765هـ-778ه) روى ابن إياس في حوادث سنة 776هـ ما نصه “… وفي شهر ربيع الأول, فيه عمل السلطان المولد النبوي…”[29]، وباستثناء هذين الخبرين لا نجد أي ذكر لاحتفالات المولد النبوي /السلطانية قبل زمن الظاهر برقوق (784-801هـ).

          المهم أنَّ الخبرين السابقين الذين أوردناهم عن ابن إياس, على الرغم من أنهما يحملان خبر يفيد احتفال السلطان بالمولد إلا أنهما لم يتطرقا إلى ذكر المكان الذي احتفل فيه السلطان , ولا اليوم الذي تم الاحتفال فيه , ولا أي ذكر لمراسم الاحتفال متى بدأ ومتى انتهى وما تخلل الفترة بين البداية والنهاية من طقوس احتفالية , ولا شخصية الحضور أكانت مدنية /دينية أم عسكرية أم كلاهما وهل كان للعوام نصيب في الحضور ومشاهدة حفل السلطان .. وغير ذلك من الأسئلة التي لا نجد لها إجابات -حتى الآن- بسبب غياب الإشارات المصدرية عن ذلك , في فترة ما قبل برقوق .

              وفي واقع الأمر, فإنه حتى سنة 785ه لم تأخذ  احتفالات المولد النبوي الشريف في مصر طابعها الطقوسي, ولم تظهر معالم تقاليدها وطقوسها وتترسخ؛ لذلك لم تتعرض المصادر  بشيء من التفصيل والتحليل والنقد , ولكن هذا لا ينفي وجودها,  والدليل على ذلك طريقة ابن إياس في رواية الخبرين المشار إليهما آنفا , إذ لا يفهم منه أن الاحتفال محدث فلا نجد دهشة من ابن إياس عند روايته للخبر , كما هي عادته حين يعلق على أمر أحدثه المماليك في رسوم الحكم . وذلك يدفعنا للترجيح بأن احتفالات المولد النبوي كانت موجودة في العصر المملوكي وتقام تبعًا للظروف , ومن المرجح أيضًا أن الاحتفالات السلطانية في هذه المرحلة الباكرة كانت تقام في قلعة الجبل مثلها في ذلك مثل احتفالات ختم صحيح البخاري وختم القرآن بقلعة الجبل , والتي كان يغلب عليها طابع الوعظ . أضف إلى ذلك, أنه ربما كان الاقتضاب في ذكر خبر الاحتفالات مرجعه أن الاحتفالات بالمولد النبوي آنذاك كانت تتسم بصورة من البساطة , من حيث تحديد مكان إقامتها وزمانها المحدد , ومن كان عليه الحضور وترتيب مجلس الحاضرين .. وغير ذلك,  قبل أن تتغير , وتشهد تطورًا سريعًا ومستمرًا من سلطان إلى أخر, حتى وصلت  ذروة الاحتفالات في عصر الأشرف قايتباي لأن “… مبدأ كل أمر ليس كنهايته…” كما قال المؤرخ المملوكي أبو المحاسن بن تغري بردي[30].

             على أية حال, فإن المدقق في روايات كتاب الأخبار يلحظ أن أصحاب هذه المصادر حددوا  الأماكن التي كانت تقام فيها احتفالات المولد الرسمية/السلطانية, وفرقوا بينهما جيدًا في تناولهم للخبر, محددين ثلاثة أماكن خصصت لاحتفالات المولد النبوي السلطانية وهم : [داخل القصر/القلعة- الحوش السلطاني بالقلعة- الخيمة أو المدورة داخل الحوش السلطاني بالقصر] ويلحظ أن كل مكان من الأماكن يشير إلى تطور نوعي للاحتفالات في مرحلة معينة من مراحل دولة سلاطين المماليك ؛ باعتبار أن الاحتفالات داخل القصر السلطاني كانت البداية المعتادة للاحتفالات وذلك في عصر المماليك البحرية , ثم الحوش السلطاني الذي قطع شوطًا كبيرًا في تطور الطقوس والذي ظهر الاحتفال فيه للوجود في بداية عصر الجراكسة , وأخيرًا كانت الخيمة أو المدورة التي ظهرت في عصر الأشرف قايتباي والتي تعد قمة التطور الطقوسي والمكاني للاحتفالات زمن سلاطين المماليك.

              وكيفما كان الأمر , كان الاحتفال داخل قلعة الجبل– أو القصر كما نوهت المصادر لذلك- هو أول صور الاهتمام المملوكي باحتفالات المولد النبوي, وكان يتم ذلك في زمن المماليك البحرية بالخصوص, وقد بيَّن المؤرخون ذلك بقولهم :”عمل السلطان المولد النبوي بالقصر على العادة”[31] أو “عمل السلطان المولد في القصر الكبير”[32]وكذلك “كان المولد بالقلعة”[33].

             ويتوجب القول, أن اهتمام  سلاطين المماليك البحرية  بالمولد واحتفالاته والذي يرجح أنه اتسم بالبساطة وكان يتم بين جدران القلعة , كان متوافقًا مع شخصية سلاطين المماليك في العصر  الأول أي ” الشخصية الحربية” وإذا استثنينا فترة السيولة السياسية التي كان يحكم فيها أبناء السلاطين كواجهة حتى يتم حسم الصراع على كرسي الحكم لصالح أحد كبار الأمراء المتصارعين ,لا نجد سلطان مملوكي في العصر الأول إلا وترك سيرة حربية تجاه الوجود الصليبي أو الخطر المغولي ؛ وفي ضوء ذلك كان اهتمام المماليك الأوائل بالجانب الحضاري ضعيفًا, لأن غالب إيرادات الدولة موجهة لخدمة المجهود الحربي من ناحية, كما أن جهاد المماليك ضد الصليبيين والتتار كان بمثابة شرعية وجودية  للمماليك كحماة ومدافعين عن المسلمين , وقد اكتسبت دولة المماليك بالفعل من وراء ذلك مكانة  لدى المصريين في الداخل ولدى حكام دول الجوار في  الخارج , وقد ظهر ذلك عندما حج سلطان اليمن الملك المجاهد ( 721-764هـ) سنة 659هـ وطلعت أعلامه وأعلام سلطان مصر المملوكي، فقال له أحد أمرائه: “هل أطلعت أعلامك يا مولانا السلطان قبل أعلام المصريين؟” فقال له ابن رسول “أتراني أؤخر أعلام ملك كسر التتار بالأمس وأقدم أعلامي لحضوري ومغيبة، لا أفعل هذا أبداً”([34]).

         هكذا كان دور الجهاد في تدعيم السياسة الداخلية والخارجية , وهو الأمر الذي جاء على حساب الجانب الحضاري, وقد ظهر ذلك في ندرة تناول كتاب الأخبار لاحتفالات المولد النبوي في العصر المملوكي الأول. ولكن حين انحسر العدوان الخارجي التفت المماليك لجني ثمار الاستقرار , وقد انعكس ذلك على الجانب الحضاري عامة والاجتماعي خاصة , وكان من ذلك الاهتمام بالجانب الاحتفالي , ونالت احتفالات المولد حظًا وافرًا من ذلك الاهتمام , حيث اتخذها المماليك وسيلة لتأكيد تدعيم الواجهة الدينية للسياسية الداخلية بالتقرب إلى الرعية , عن طريق ظهورهم بمظهر حماة الدين ومقيمي شعائره , المحافظين على ذكرى نبيه؛ الراعين لتدارس سيرته وأصحابه .  

          ولعل السؤال هنا: هل كان عصر المماليك الجراكسة هو بداية النهاية لاحتفالات المولد النبوي بقلعة الجبل؟ أو بمعنى أخر: هل توقفت روايات كتاب الأخبار عن ذكر أية ملامح لاحتفالات المولد النبوي بقلعة الجبل  في عصر الجراكسة بحكم التطور الطقوسي في المراسم الاحتفالية للمولد وانتقالها من بين جدران القلعة إلى الحوش وجعل الاحتفال السلطاني  احتفالا عامًا بعد أن كان مقصورًا على مدعوين معينين يدعوهم السلطان من بين المعممين والعسكر ؟ 

             الإجابة على هذا السؤال تقتضي الإقرار بأن لا يمكن القول أن مرحلة الاحتفال داخل القلعة كانت مرحلة خاصة بالمماليك البحرية دون البرجية, فذلك أبعد ما يكون عن الواقع التاريخي, وهناك روايات كثيرة تفيد بعقد السلطان الاحتفالات بالقلعة في الشطر الثاني من عمر الدولة,فلا يمكن أن نجزم على أن إقامة المولد بالقلعة أو بالحوش وكذلك الخيمة كانت مقصورة على زمن دون غيره, إذ كان ذلك –غالبًا- مرتبط بالظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد , إذ حدث في عصر السلطان برقوق أن أقيمت الاحتفالات بالقلعة وليس بالحوش وحدث أيضا في عصر السلطان قايتيباي والسلطان الغوري أن الاحتفالات لم تقام بالمدورة إنما اقيمت داخل القصر أو بالحوش دون الخيمة[35] .

           فعلى سبيل المثال ,ذكر المقريزي في حوادث سنة 790ه أن السلطان برقوق عمل المولد بالقصر وليس بالحوش[36], وحدث الأمر نفسه  سنة 796 ه[37], وسنة 824ه[38], وسنة 830 وسنة 831هـ[39] وغيرها من السنوات[40]. وهو ما يعني انتظام سلاطين المماليك في الاحتفال بالمولد سنويًا-تقريباً.

                هذه السنوات التي نصت فيها المصادر صراحة على اقامة ” المولد الذي يعمله السلطان ويحضره بقلعة الجبل”[41], مع التأكيد على أن المصادر نفسها بيَّنت في سردها لحوادث بعض  السنيين المذكورة الأسباب التي دفعت السلطان لإقامة الاحتفالات داخل القلعة , والتي كان غالبها بسبب أذى الجلبان والاضطرابات التي يصنعوها, أو بسبب التربص السياسي . مع التنبيه, على أن هناك سنوات لم تفصح فيها المصادر عن سبب إقامة الاحتفال الخاص بالمولد  داخل القلعة , مكتفين بالإشارة إلى عمل الاحتفالات وكفي, وهو ما يدفعنا للترجيح بأن إقامة الاحتفالات الرسمية للمولد كانت تتم –أحيانًا- تبعًا لمراد السلطان أو ما يتوافق مع الحالة العامة للمجتمع.

          على أية حال, هناك دلالات تفيد أن السلطان حرص في بعض السنيين على الاحتفال بالمولد داخل القلعة خشية من غضب الرعية , إذا هدف السلطان لإقامة الاحتفالات لأمر سياسي يخالف به المزاج العام للعامة , والدليل على ذلك ما ذكرته المصادر في حوادث سنة 864ه من خبر الاحتفال الرسمي بالقلعة حيث ذكر المؤرخون :”… وفي ربيع أول كان المولد النبوي بالقلعة وحضر جاكم الفرنجي ابن صاحب قبرس وجلس مع أعيان المباشرين , ولما بلغ ذلك الناس خاصة العوام أخذوا في التشنيع…”[42] وعظم ذلك على الناس قاطبة[43].

          وحين اتسعت دائرة معارضة العامة للسلطان بسبب هذا الإجراء, انطلق المعممون- وهم طليعة المثقفين آنذاك- لتبرير الموقف قائلين: “…أنه لا حرمة ولا شناعة في ذلك, ولعله أراد بذلك أن يريه عز الإسلام…”[44]، وهو ما يدل على أهمية الرأي العام للسلطة المملوكية الحاكمة من ناحية, وحرص المماليك على تفادي غضب العامة وعدم إقامة الاحتفالات التي قد تؤدي لغضب الناس في العلن.

          ويجب أن نأخذ موقف المعممين وتبريراتهم في ضوء دورهم ” كحلقة وصل” بين عامة المصريين والسلطة المملوكية العسكرية، مع العلم أنه لم يكن يعني تمثيل المعممون للعامة  أو التعبير عنهم بصورة تعكس وعيهم الاجتماعي بخطورة سلبية أو محدودية  الدور الذي تقوم به الدولة . حيث قاموا بدور بالغ الأهمية في تطبيع حياة المجتمع بطبائع الاتكالية والاستسلام، ولذلك كانت الدولة تلجأ إلى المعممين ؛ للتسكين  من روع الأهالي وإقناعهم بأن أفعال السلاطين صواب, وضرورة طاعة ولي الأمر، والصبر والإذعان لكل ما ينالهم من ممارسات السلطة وهو ما دفع الدولة إلى تبني أفكار الصوفية والعلماء، وإغداق الأموال عليهم والأوقاف وتثبيت المشايخ والعلماء في نظارتها([45])، ومن ثم كان من الصعب على هؤلاء الآخرين أن يكونوا قيادة حقيقية للعامة.

          وهكذا نجحت السلطة المملوكية في السيطرة على هذه القيادة التي كانت قادرة على إثارة روح الانتفاضة الشعبية بصورة سريعة، لولا حرصت الأخيرة على تأمين مصادر دخلها ورواتبها من خلال توطيد علاقاتها بأهل الحكم، وهو ما أثار حفيظة بعض الفقهاء أو الإصلاحيين المعاصرين([46]). وإذا كان المماليك نجحوا في أن يجعلوا يربطوا العامة والمماليك جميعاً بعلماء الدين. وهذه الأمور تمثل اعترافاً بمكانتهم، وهي مكانة لم تتحقق لغيرهم، حتى وإن بدا السلطان أقوى وأنفذ كلمة، فإنه لا يستطيع أن يقوم بهذا الدور، بسبب المسحة الدينية التي ميزت ذلك العصر. ولكن كل ذلك يبين الثقل الذي مثله العامة في هذا الجانب الاحتفالي.

             إذ أن الاحتفال المملوكي عامة كان فيه “… نوعاً يعظم الملوك، والنفوس تحب التعظيم بالطبع,… وفيه زيادة فرجة …”([47]). وطالما كان من ضمن أهداف الاحتفال تعظيم السلطان, فربما لو حضر العامة الاحتفال ووجدوا ما تناقلته المصادر من جلوس ابن صاحب قبرس بجوار أعيان المباشرين , كان تشنيعهم على السلطان سيؤدي إلى تدهور مكانة السلطان أمام ابن صاحب قبرس ومن الممكن أن يؤثر ذلك على مكانة مصر في قبرس. وهذا يدفعنا إلى الترجيح بأن السلطان كان حكيمًا من ناحية , وأن الانتقال بالحفل من الحوش للقلعة كان مرتهنًا بظروف معينة من ناحية أخرى.

          على أية حال, كان المكان الثاني الذي أقيمت فيه احتفالات المولد النبوي هو الحوش السلطاني بقلعة الجبل , وقد حدد المقريزي بداية اتخاذه مكانًا للاحتفال , وذلك في كتابه “الخطط”[48] حين تعرض لتاريخ حوش القلعة وتطوره, وقد أوضح أن البداية الحقيقية لاستغلال الحوش وتعميره يعود إلى زمن الناصر محمد ابن قلاوون[49] وبالتحديد سنة 738هـ[50] وجعله مختصًا بتربية أعداد كبيرة من الثروة الحيوانية “… فلما كانت أيام الظاهر برقوق عمل المولد النبوي بهذا الحوش  أول ليلة جمعة من شهر ربيع الأول من كل عام, فإذا كان وقت ذلك ضربت خيمة عظيمة بهذا الحوش, … واستمر ذلك مدة أيامه ثم أيام ابنه الملك الناصر فرج …” وقدرت مساحة هذا الحوش بأربعة أفدنة[51]

         إذن هذا النص دليل واضح يؤكد أن البداية الحقيقية لاتخاذ الحوش مكانًا للاحتفال يعود لعصر الظاهر برقوق , وربما كانت تلك الخطوة من قبل برقوق خطوة ذات دوافع سياسية أكثر منها احتفالية/دينية , إذ أن برقوق كان يسعى وراء الواجهة الدينية التي تدعم حكمه[52]. عند العامة بعد أن أيقن أهميتهم في تغيير الموازين في فترات الصراع, خاصة في فترة خلعه من الحكم وسجنه وإسهام العامة في عودته للحكم ثانية بعد مقاومتهم الثورية ليلبغا الناصري[53], والدور الكبير الملموس الذي ظهر فيه العامة اثناء الصراع بين يلبغا ومنطاش[54] , ومن هنا سعى برقوق بخطوته تلك وهي الانتقال بالاحتفال من داخل القلعة , إلى العلن ودعوة الرعية قبلها للحضور والمشاركة في الاحتفال، ونجح بهذه الفكرة (ضمن أفكار أخرى) في توثيق الصلة بينه وبين المصريين المحكومين على اختلاف مشاربهم، فقد كان انتقال السلطان برقوق باحتفالات المولد النبوي من جدران القلعة إلى الحوش الفسيح نتاجاً لتفنن السلطان برقوق في البحث عن سبل لزيادة توثيق صلته بالعامة، وهو الأمر الذي ألمحت إليه المصادر، بمحاولات برقوق التقرب للعوام طيلة فترة حكمه([55]).

              إذ أن اهتمامه باحتفالات المولد النبوي ومبالغة إقامتها في هذا الجانب تأتى ضمن ما تمثله ذكرى المولد النبوي من أهمية وقداسة خاصة في حياة المسلمين عموماً، وهو ما يدفع بالرعية إلى تقربهم من سلطانهم المملوكي، وزيادة ثقتهم فيه لما يقوم به من الاهتمام والمحافظة على شعائر دينهم والاحتفال بأعيادهم وعلى ذلك كانت المرحلة التالية المتمثلة في الانتقال لاحتفالات المولد النبوي الرسمية من حضور بضعة أشخاص من صفوة المجتمع إلى مشاركة المجتمع ككل مناورة ذكية من برقوق، زادت من تعلق الرغبة به، ومن جانبه اهتم برقوق بتنمية هذا الشعور عند الشعب المصري([56]) وحافظ على استمالة نفس الشعب الجياشة بالعواطف الدينية.

            على أية حال، كان المكان الثالث الذي أقيمت فيه احتفالات المولد النبوي الرسمية هو “خيمة المولد” التي كانت أشبه بالقاعة المدورة، وكان مكانها في الحوش السلطاني أيضاً، ولكنها لا تقام إلا للاحتفال بالمولد النبوي فقط دون غيره ([57])، وبداية هذه المرحلة ترجع إلى عصر الأشرف قايتباي وبالتحديد سنة888 ه حيث روى ابن إياس في بدائعه[58] في حوادث السنة ما نصه. “وفيه عمل السلطان المولد النبوي، وكان حافلاً، واجتمع الأمراء والقضاة الأربعة، وكان السلطان شرع في عمل خيمة كبيرة مدورة برسم المولد الشريف، وقيل إن مصروفها ثلاثة وثلاثون ألف دينار، فنصبها في ذلك اليوم بالحوش”.

          ومن هذا التاريخ صارت خيمة المولد أو السرادق الأشرفي هو المكان المخصص للاحتفال السلطاني بالمولد النبوي الشريف، وطوال العصر لم يظهر بعد المدورة مكاناً آخر ذكرته المصادر أقيم فيه المولد النبوي الشريف، وعلى ذلك فأماكن إقامة احتفالات المولد النبوي السلطانية كانت تقام إما في القصر، أو في الحوش ثم في الخيمة “المدورة” في رقابة الأمر.

مع التأكيد على أنه ليس كل مرحلة (القصر – الحوش) كانت تختص بإقامة احتفالات المولد النبوي دون غيرها، في المرحلة التي ظهرت فيها، بل كان السلطان حراً (أو مجبراً من قبل الظروف السياسية والأمنية) في اختيار المكان الذى ستقام فيه الاحتفالات، وإن كنا قد نوهنا إلى أنه على الرغم من انتقال احتفالات المولد إلى العلن في عصر الطاهر برقوق، بعد تخصيصه إقامة الاحتفال بالمولد في الحوش، إلا أنه كانت هناك سنوات طوال عصر الدولة أقيمت فيها الاحتفالات داخل القصر، تبعاً للظروف السائدة. وهو نفس الأمر بالنسبة “للمدورة” إذ على الرغم من ظهور مسألة “خيمة المولد” بداية من ســ888ه إلا أن الأشرف قايتباي نفسه أقام الاحتفالات في العام التالي 889ه في القلعة وليس بالخيمة ([59]) كما أسهمت الظروف السياسية وأزمة العرش سنةــ904ه في إقامة المولد داخل القصر، ولم يصعد لتهنئة السلطان والمشاركة في الاحتفال من الأمراء إلا القليل ([60])، وفي سنة 907, 908هـ أقام الغوري الاحتفالات بالحوش دون الخيمة[61]، وهكذا، لم يكن الحال يسير على وتيرة واحدة بل حسب مقتضيات الظروف السائدة.

          وطالما أننا تحدثنا عن الأماكن التي كانت تقام فيها الاحتفالات السلطانية الخاصة بالمولد النبوي فيتوجب علينا الإشارة إلى أن الظروف السياسية كانت تدفع السلطان أحياناً إلى الاحتفال بالمولد النبوي خارج مصر كلها، مثلما كان الحال سنة 820ه، إذ تصادف أن عزم السلطان المؤيد شيخ (815-824هـ) على السفر لدمشق في العام المذكور ودخلها يوم الاثنين مستهل ربيع الأول، ولم يمر أكثر من يومين على وصوله دمشق حتى أمر السلطان بالمناداة بإقامة المولد النبوي في ليلة الجمعة رابعة، وعمل احتفالات المولد بالمصطبة ظاهر برزة([62]) .

         ولعل حفاظ السلطان المؤيد على إقامة لاحتفالات لا ينفك عن الاستمرار في تدعيم الواجهة الدينية، خاصة وأنه وصل للحكم عن طريق الانقلاب العسكري على السلطان الناصر فرج بن برقوق وبالتالي كانت الاحتفالات المولد على الرغم من أنها موسماً دينياً خاصاً، إلا أن المماليك جعلوه سياسياً، وإن كان لا يخلو من بعض الأهداف الدينية.

3- أوقات الاحتفالات:

           الثابت عند كتاب الأخبار أن احتفالات المولد النبوي/الرسمية  كانت تتم في شهر ربيع الأول، ولكن ليس هناك موعد ثابت في شهر ربيع الأول خصص للاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، إذ كانت مواعيد الاحتفالات عرضة للتغيير لأسباب كثيرة، وكثيراً بدون سبب ظاهر، وبالملاحظة الدقيقة فقط والتحري في موقع الخبر يمكن للمرء أن يتأكد من الموعد، وإذا كان الخبرين اللتين ساقهما ابن إياس عن إقامة احتفالات المولد النبوي عام 763ه في عصر السلطان محمد بن حاجى(762-764هـ)، والأخرى 776ه في عهد السلطان الأشرف شعبان(764-778هـ) لم يحدد في أياً من الخبرين المكان الذى أقيمت فيه احتفالات المولد النبوي في العامين المذكورين، فإنه لم يضن علينا بالموعد حين حدده بشهر ربيع الأول ([63]).

          إلا أن توقيت اليوم نفسه غير موجوداً عند ابن إياس، وربما كان ذلك سببه أن سلاطين المماليك لم يخصصوا يوماً معيناً للمولد في بداية دولتهم وكانوا يحتفلون به حسب مقتضيات الظروف، وقد اتضح ذلك جيداً عند روايات كتاب الأخبار، إذ لم يهتموا في سنين كثيرة بتحديد اليوم، واكتفوا بالإشارة الاحتفال بعبارة “… ربيع أول، وفيه عمل السلطان المولد النبوي بالقصر على العادة…”([64]).

وكان الظاهر برقوق هو أول من حدد يوم بعينه للاحتفال الرسمي بالمولد النبوي وكان “.. في أول ليلة جمعة من شهر ربيع الأول في كل عام …، واستمر ذلك مدة أيامه ثم أيام ابنه الملك الناصر فرج…” ([65])، وإن كان برقوق هو من وضع الأساس الزمنى للاحتفال العلني بالمولد في ليلة الجمعة الأولى في شهر ربيع الأول من كل عام، وسار على نهجه ولده، فإن الأمر لم يكن على نفس الحال في عهود السلاطين التالية عليه, وإن ظل الأفضلية لإقامة الاحتفالات في النصف الأول من شهر ربيع أول([66]),

           وهناك نص له دلالة في هذا الصدد يعود إلى سنة 828هــ في عهد المؤيد شيخ بالخصوص, إذ تشير المصادر إلى الخبر على النحو التالي :.”وفي ربيع الأول عمل السلطان المولد الشريف، وعجل به، في خامس ربيع الأول لأمر أوجب ذلك” ([67]).

         هذا الخبر له دلالة غاية في الأهمية، وهى أن الأمر الذي كان متعارفاً عليه في عهدي السلاطين برقوق وفرج من إقامة الاحتفالات في أول ليلة جمعة من الشهر، أصبح في عهود السلاطين الآخرين أبكر، وهو ما يتضح في قول ابن إياس: (وعجل به، فعمل في خامس ربيع أول) لكن ظلت الاحتفالات غالباً تقام ليلة الجمعة طوال عصر الدولة على الرغم من اختلاف التاريخ إلا أن اليوم ظل ثابتاً مع مراعاة أنه إن كانت الاحتفالات تقام يوم الحادي عشر فغالباً ما يكون يوم الأحد ليلة الاثنين. وفي عهد السلطان الأشرف برسباي(825 ه – 841ه) غلب على الاحتفالات السلطانية أن تتم في ليلة الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول وربما تقدم ذلك يوماً أو يومين ([68]).

            وفي واقع الأمر كان الاحتفال بالمولد النبوي في ليلة الثاني عشر من ربيع الأول هي المحببة والغالبة على سلاطين دولة المماليك في مرحلة ما بعد السلاطين برقوق وفرج بن برقوق، ولعل ما يؤكد ذلك أن المصادر ([69]) حافظت على ذكر خبر الاحتفال بشكل سنوي تقريباً في صيغة “…وفي ربيع عمل المولد النبوي  على العادة …” ولم تشير إلى اليوم إلا في حالة كان الاحتفال في يوماً غير متعارف عليه، مثلما كان الحال سنة 842هـ والسلطان الظاهر جقمق(742– 857هـ) حديث عهد بالحكم، فأمر بإقامة الاحتفالات بين يديه في القلعة ليلة السابع والعشرين من شهر ربيع.

           ثم عاد في العام الثاني مباشرة إلى إقامة الاحتفالات بالحوش وفي اليوم المعروف والمحبب لدى العامة وهو ليلة الثاني عشر من ربيع الأول([70])، ويمكن تفسير ذلك في إطار أن جقمق كان لا زال داخل القصر، لكن عندما ثبت حكمه سار على نهج أسلافه في التقرب إلى الرعية ومراعاة المزاج العام للاحتفالات بإقامتها في الحوش في الموعد المتعارف، وظل على هذا الحال في إقامة الاحتفالات في النصف الأول من ربيع الأول باقي مدة حكمه، ولم تشر المصادر إلى تجاوزه النصف الأول من الشهر.

             وفي عهد السلطان الأشرف أينال(858هـ – 865هـ) عُملت الاحتفالات السلطانية للمولد في موعدها في النصف الأول من الشهر([71]) باستثناء عام 862هـ الذى أُحتفل فيه السلطان بالمولد في يوم الخميس سابع عشر([72]) وعام 864هـ والذي احتفل فيه السلطان بالمولد في يوم الأحد خامس عشرين شهر ربيع الأول ([73]).

            وتشير المصادر إلى الاحتفالات في عهد السلطان الظاهر خشقدم (865 – 872ه) تمت طيلة مدة حكمه في ليلة الحادي عشر أو الثاني عشر من ربيع الأول ([74]) عدا سنة 871هـ التي بكر فيها السلطان بالاحتفالات وإقامتها في يوم الأحد ثامن عشر ربيع الأول([75]).

          وبمراجعة المصادر نجد أن السلطان الأشرف قايتباي(873هـ – 901هـ) حافظ على أن تكون احتفالات المولد النبوي الشريف في ليلة الثاني عشر من ربيع الأول طيلة فترة حكمه، ولم نعثر على دليل يشير عكس ذلك سوى في عام واحد هو عام 887هـ حيث أقيمت الاحتفالات في يوم الأحد الخامس عشر ([76]) وحتى عام 901ه وهو آخر عام أقام فيه الأشرف قايتباي احتفالات المولد النبوي([77])، لا يوجد في المصادر ما يشير إلى تغيير موعد الاحتفالات عن ليلة الثاني عشر من الشهر، وذلك على اعتبار أن المصادر لا تشير إلى الأمر إلا إذا تغير عن المعهود([78])، ونفس الأمر بالنسبة للسلطان الغوري(906هـ – 922هـ) إذ لا يوجد أية رواية  تفيد أن الأشرف قانصوه الغوري خالف ليلة الثاني عشر من الشهر في الاحتفال بالمولد، بل نصت المصادر على ذلك صراحة في كل عام بأن الاحتفالات كانت في يوم حادي عشر ([79]).

         الخلاصة لا نجد قبل السلطان الظاهر برقوق موعد محدد لاحتفالات المولد النبوي السلطانية، فإليه يعود تحديد ليلة الجمعة الأولى من كل شهر، ثم تطور الأمر إلى أن أعتاد السلاطين على إقامة الاحتفالات في ليلة الثاني عشر من الشهر، إن لم يحدث مع يغير اليوم تبكيراً أو تأخيراً، إلا أن الأصل كان ليلة الثاني عشر. لكن على الرغم من ذلك وجدت حالات ذكرتها المصادر إلى إقامة المولد النبوي في غير شهر ربيع الأول بدافع الظروف السياسية الطارئة، مثلما كان الحال صفر سنة 813هـ، “…وفي حادي عشر عجل السلطان بالمولد النبوي الشريف في غير شهره لأجل سفره إلى الشام”([80]). كما كان للظروف السياسية والفتن دخل في ذلك -كما سيأتي. كما تكرر الأمر سنة 904هــ  حيث تمت الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف في شهر جمادى الأولى، يقول ابن إياس في حوادث السنة وفيه جمادى الأولى صنع السلطان مولداً في غير وقته بالحوش السلطاني([81])، ولعل ذلك كان محاولة من السلطان الظاهر قانصوه الأشرفي(904 – 905ه) لتدعيم سلطته التي استمرت بضعة أشهر وخلعه الأمراء متقربين إلى العامة.

  • مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي في مصر زمن المماليك

               في واقع الأمر ليس لدينا نصوص تفيد بصورة الاحتفال بالمولد النبوي في العصر المملوكي قبل السلطان برقوق، وإن كان من المؤكد أنها اتسمت بالبساطة وعدم التكلف، وبداية من عصر برقوق وُضِع لاحتفالات المولد النبوي طقوس مميزة سواء في شخصية الحضور، أو في مراسم الاحتفال.

           فمنذ هلال ربيع الأول وحتى نهاية الشهر كان المجتمع المصري (الحاكم والمحكوم) يقيمون الموالد احتفالاً بالذكرى ويجتهد الجميع في إعداد ما يلزم الاحتفال بالمولد النبوي، فعلى المستوى الرسمي كانت التجهيزات تجرى على قدم وساق لأن السلطان برقوق كان يقيم الاحتفال في ليلة أول جمعة من الشهر، وهناك خلع لابد من تجهيزها وأسمطة طعام وحلوى ودعوة لكبار الفقهاء والمنشدين إلى غير ذلك من التجهيزات، وتستمر التجهيزات حتى إذا ما كان يوم الاحتفال يُكون المكلفين بنصب الصوان أي الخيمة التي سوف يجلس فيها السلطان والمنشدين وقارئ القرآن … وكل من له دور، وكانت العادة أن تبدأ الاحتفالات بعد صلاة الظهر مباشرة ([82]) ويستمر طوال الليل.

         وكان المتبع في زمن السلطان الظاهر برقوق في هذه الاحتفالات (والتي يتضح أنها يغلب عليها الجانب الديني/الاحتفالي) أنه عندما يستقر السلطان في صدر المجلس (أو الخيمة أو المدورة) أن يكون جالساً على يمين السلطان شيخ الإسلام وعن يساره قضاة القضاة الأربعة وشيوخ العلم، في حين يأخذ الأمراء أماكنهم على مسافة من السلطان، ويبدأ الاحتفال بتلاوة القرآن فيتعاقب المقرئون، وهم قراء الجوق الذين يقرؤون  القرآن بالمقامات، وكلما فرغ أحدهم من تلاوة الجوقة المخصصة له، ينعم عليه السلطان، وبعد قراءة الجوف يأتي دور المنشدين، ثم يليهم الوعاظ واحداً بعد آخر، وكلما فرغ أحدهم من الوعظ، أنعم عليه السلطان برقوق بالمال والأمراء بالحرير، ويستمر ذلك حتى صلاة المغرب، فإذا صلى الحاضرون، تمد أسمطة الطعام يليها أسمطة الحلوى، وطوال الليل يكون الإنشاد والسماع  ([83]).

           وقد أمدنا المقريزي([84])  بتفاصيل ذلك حين نعرض لخبر حوش القلعة وهو نفسه ما أمدنا به أبو المحاسن ولكن أبو المحاسن زاد من روايته لخبر صورة احتفالات المولد زمن برقوق   في القلعة فقال[85]: “… وفي 2 ربيع أول سنة 800هـ عمل السلطان المولد النبوي على العادة مراسم وحضر السلطان بمخيمه بالحوش السلطاني، وحضر القضاة والأمراء ومشايخ الاحتفال العلم والفقراء، فجلس الشيخ سراج الدين عمر البلقينى عن يمين السلطان وتحته الشيخ برهان الدين إبراهيم بن رقاعة، وجلس على يسار السلطان الشيخ المعتقد أبو عبد الله المغربى، ثم جلس القضاة يميناً وشمالاً على مراتبهم، ثم حضر الأمراء فجلسوا على بعد من السلطان، والعساكر ميمنة وميسرة فقرأت الفقهاء، فلما فرغ القراء وكانوا عدة جوق كثيرة، قام الوعاظ واحداً بعد واحد، وهو يدفع لكل منهم صرة فيها أربعمائة درهم فضة، ومن كل أمير شقة حرير خاص وعدتهم عشرون واحداً…”. وأنعم أيضاً على القراء لكل جوقة بخمسمائة درهم فضة وكانوا أكثر من الوعاظ، ثم مد سماط جليل يكون مقداره قدر عشرة أسمطة من الأسمطة الهائلة، فيه من الأطعمة الفاخرة ما يُستحى من ذكره كثرة، بحيث إن بعض الفقراء أخذ صحناً فيه من خاص الأطعمة الفاخرة فوزن الصحن المذكور فزاد على ربع قنطار([86]).

          ولما انتهى سماط الطعام مدت أسمطة الحلوى من صدر المخيم إلى آخره، وعند فراغ ذلك مضى القضاة والأعيان وبقى السلطان في خواصه وعنده فقراء الزوايا والصوفية، فعند ذلك أقيم السماع من بعد ثلث الليل إلى قريب الفجر، وهو جالس عندهم ويده تُملأ من الذهبـ وتُفرغ لمن له رزق فيه والخازن دار يأتيه بكيس بعد كيس، حتى قيل أنه فرق في الفقراء ومشاع الزوايا والصوفية في تلك الليلة أكثر من أربعة آلاف دينار هذا والسماط من الحلوى والفاكهة يتداول مدة بين يديه، فتأكله المماليك والفقراء([87]) وتكرر ذلك أكثر من عشرين مرة ثم أصبح السلطان ففرق في مشاع الزوايا القمع من الزهراء لكل واحد حسب حاله وقدر فقراته، كل ذلك خارج مما كان لهم من الرواتب عليه في كل سنة([88]).

            كما زاد في أمر الاحتفالات بدعوة المداحين للاحتفال، واجتمع في كل سنة ليلة المولد “… المداحين لمدح النبي (صلى الله عليه وسلم) مثل علم الدين سلمان القرافي المداح … وكان يأخذ في هذا اليوم ألف درهم… ” ([89]). وفي بعض السنين أبطلوا قراءة القرآن بالأجواق لأجل التنهيك[90] مع إقامة” السماع بإبراهيم بن الجمال وأخيه خليل المشبب وأعوانه بالدف” ([91]). ثم زادت المراسم أمراً آخر وهو أنه إذا مضى الثلث الأول من الليل تأتى طوائف الصوفية طائفة بعد طائفة لكل منها شعارها وأعلامها، حيث كثرت فرقها في مصر على عصر المماليك، وكانت طوائف الصوفية تقوم بالذكر الذى يصحبه التغني بحب الله أو الموسيقى مما يقضى بهم إلى الرقص، حيث يستمر ذلك إلى بقية الليل ([92]). وبطبيعة الحال، كان عدد القراء في زيارة من سلطان إلى آخر، حتى استقر الأمر على أن يكون قراء القرآن في المولد ثلاثون قارئ ومثلهم يكون عدد الوعاظ ([93]).

         وينقل السخاوي أن  المؤرخ ابن الجزري  حضر إحدى هذه الاحتفالات ووصفها بقوله : “… ولقد حضرت ليلة من مولد النبي من سنة خمس وثمانين وسبعمائة، عند الظاهر برقوق رحمه الله بقلعة الجبل، فرأيت ما هالني، وحزرت ما أُنفق في تلك الليلة مع القراء والحاضرين وغيرهم، نحو عشرة آلاف مثقال من الذهب العين ما بين خُلع، ومطعوم ومشروب ومشموم وشموع، وغير ذلك، وعددت في هذا المجلس خمساً وعشرين جوقة من القراء الصيتين (المشهورين) لم ينزل واحد منهم إلا بنحو عشرين خلعة من السلطان والأمراء…([94]).

          وهكذا نلحظ من روايات المصادر التي رصدت أمر احتفالات المولد النبوي أنها لم تعتن بها قبل زمن برقوق إلا مرتين وبصورة عابرة، وقد يكون سبب الإهمال في تداول الخبر بين المصادر المعاصرة هو أن الاحتفالات ابتدأت بصورة من البساطة متمثلة في جلوس السلطان بقلعة الجبل في ليلة الثاني عشر من ربيع الأول، وحوله كبار الفقهاء، وإحياء الذكرى بقراءة ما تيسر من القرآن، ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) وما وقع في مولده من الآيات، ثم يعد للحاضرين سماطاً يأكلونه، وينصرفون من غير زيادة على ذلك([95]).

           هذه الطقوس الاحتفالية البسيطة ما لبثت أن تغيرت، وشهدت تطوراً سريعاً ومستمراً من سلطان إلى آخر, بل إنها تطورت من سنة إلى أخرى في زمن برقوق نفسه, وقد رصد ابن الفرات ملمح من ملامح زيادات السلطان برقوق في طقوس الاحتفال, التي نقلناها عن المقريزي وأبو المحاسن سابقًا , وذكر من هذه التطورات التي زادها برقوق سنة 790هــ  ما نصه :”وفيه حضر إبراهيم ابن الجمال رئيس المغنيين وشقيقه خليل رئيس المشيبين وعملا السماع بحضرة السلطان كما جرت عاداتهما في موالد السلطان واخلع عليهما” ([96]). وهكذا صارت الطقوس الاحتفالية في تزايد وتطور إلى أن بلغت ذروتها  في عهد السلطان قايتباي، ثم السلطان الغوري، فإن كان برقوق هو أول من نقل الاحتفال من الضيق إلى الاتساع ومن المحدود إلى الجماهيرية والعلن، فإن من جاء بعده زاد من هذه الشرارة وطورها واستمر هذا التطور مع الحفاظ على حضور “…الأمراء والقضاة ومن عادته الحضور…” ([97])، واستحداث السماعات بالمغاني وآلات الطرب ([98])، وحافظ من جاء بعده على هذا التطور في طقس الاحتفال، وكلما تقدمت الدولة في العمر تقدمت في شكل الاحتفالات الخاصة بها، إلا أن ذلك مر بسلسلة من التعديلات كما أشرنا فمثلاً لم تكن الاحتفالات الخاصة بالمولد النبوي في عصر قايتباي مثلما كانت عليه في عصر الأشرف شعبان، إنما زاد الاحتفال بحسب اجتهاد السلاطين “…كما وقع ذلك في غيره من الفنون والملاعيب، فإن مبدأ كل أمر ليس كنهايته..” وإنما شرع كل سلطان في اقتراح نوعاً من أنواع الاحتفال ولا سبيل إلى غير ذلك ([99]).

         وهذا يعنى أن ما ذكره ابن إياس عن مظاهر الاحتفالات الخاصة بالمولد في زمنه لم تحدث مرة واحدة وإنما تطورت من وقت لآخر حسب رؤية السلطان، وتتضح هذه الصورة جيداً من تغييرات المصادر المعاصرة التي انتقت تغيراتها متناسبة مع كل مرحلة، فحين كانت الاحتفالات في مراحلها الأولى اكتفت المصادر بقولها “عمل السلطان المولد النبوي الشريف” ([100]). وفي عصر برقوق زادت المصادر “عمل السلطان بالمولد على عادته..”([101]) لأن برقوق كان له عادات وتقاليد متبعة في احتفالات المولد قد ذكرتها المصادر في تغيراتها وفي زمن ولده فرج  قال المؤرخون : “عمل السلطان المولد النبوي على عادة أبيه..” ([102]) أي سار على نفس استعدادات ورسوم والده برقوق في إحياء الذكرى الشريفة، وفي المرحلة التالية درجت المصادر على قول “…عمل المولد السلطاني كما هي العادة في عمله كل سنة….” ([103]).

  • سماط المولد:

             عد سماط المولد أساس من أساسيات الاحتفالات ووضح ذلك في تعبيرات المصادر التي حافظت على ذكر خبر السماط ,وكانت العادة أن يمد سماط الطعام بعد صلاة المغرب[104] , يليه أسمطة الحلوى السكرية من الجوارشات والعقائد ونحوها فتؤكل ويتخطفها الحاضرون[105], وحافظت المصادر على التعرض لخبر السماط إذا ما حدث إضافة في رسومه المعهودة أو التقليل منها وتشير المصادر لذلك صراحة، مثلما كان الحال سنة 830ه التي رصدت المصادر ما حدث فيه من تطور ذاكرين أنه في ربيع أول “عمل المولد بالقلعة، وعمل في سماط المولد عشر كباش حتى عد ذلك من النوادر…” ([106])،كناية عن تواضع السماط عما هو معتاد, وفي سنة 842ه يشير عبد الباسط ابن جليل إلى أنه “عمل المولد النبوي للسلطان أو كان حافلاً، وزاد فيه زيادات حسنة من كثرة الأسمطة والحلاوات …”([107]). وكثيرة هي تعبيرات المصادر التي اهتمت بخبر سماط المولد مثل ” ومد السماط المعظم ثم الشراب المليح”[108] أو ” وعمل فيه السماط الزايد في التناهي والإمعان من أحسن الألوان وأطيب الطعوم”[109]وكذلك ” كان وقتًا حسنًا وأسمطة جليلة”[110] ” وعملت المدة العظيمة والمشروب”[111] ” وكان مولدًا عظيمًا إلى الغاية وسماطًا ملوكيًا وعظمة زائدة”[112] أيضًا ” “ومد السماط العظيم على العادة”[113]و” مد السماط على العادة فكان أمرًا عظيمًا”[114] , وكذلك ” وكان مولدًا عظيمًا وسماطًا حافلًا وهيئة عظيمة”[115]

         على أية حال, ظل المؤرخون يعبرون عن بهجة احتفالات المولد بجمل مثل ” وكان حافلاً” ([116])أو “وكان له يوما مشهود” ([117]) أو كان للسلطان “مولداً حافلاً” ([118])، وكذلك “وكان مولداً حافلاً جداً” ([119]) و”وكان يوماً حافلاً”([120]), وهي التعبيرات التي ذكرها المؤرخون في عصر كل سلطان مما يدل على الاهتمام والتطور , من جانب السلاطين المماليك أجمع, حيث لم تكن تعبيراتهم تلك مقصورة على سلطان معين بل تحدثوا بها حين تعرضوا لذكر الخبر طوال الدولة.

           ولعل كلمات “حافلاً مشهوداً، عظيماً، حافلاً جداً، …، وغيرها من الكلمات التي استخدمتها المصادر  طوال العصر للدلالة على صورة العناية بالاحتفالات والتي ظلت تستخدم طوال عصر الدولة (إلا إن ظهر ما يعكر صفو ذلك) والتي أوردناها بنصها من المصادر، شاهد على ما كانت تمثله احتفالات المولد النبوي من أهمية للشعب المصري الذي زادت ثقته في حكامه عن طريقها، ومن جانبهم تنافس سلاطين المماليك في إدخال طقوس جديدة على هذه الاحتفالات وظلت في تطور مستمر طوال العصر الدولة.

              على أية حال , كانت الخطوة الكبرى في مجال تطور احتفالات المولد النبوي الرسمية في عهد السلطان قايتباي وبالتحديد في ربيع أول سنة 888هـ ([121]) حيث كان السلطان “…شرع في عمل خيمة كبيرة مدورة برسم المولد الشريف، وقيل إن مصروفها ثلاثة وثلاثون ألف دينار، فنصبها في ذلك اليوم بالحوش …” وقد أطلق عليها السرادق النبوي، وقال المعاصرون أنه حين تنصب “…هذه الخيمة صارت السموات السبع ثمانية…” ([122]).

            ولعل من الغرائب النادرة أن نعرف أن السلطان قايتباي قد أعد سرادقًا خاصا بالمولد النبوي يضم آلافا من القطع المطرزة المبطنة بالحرائر والديباج , وقد حليت بمختلف الزخارف والرسوم , وكتب عليها نماذج متعددة من آيات القرآن وأحاديث الرسول وقلائد الأبيات بخطوط أنيقة مختلفة الألوان والحجوم , وإذا كان الفن الزخرفي قد بلغ روعته في هذا العصر كما يلحظ من يشاهد آثاره الناطقة في دار الآثار العربية وفي مساجد السلاطين ومزارات الأولياء فإن هذا السرادق الحافل قد جمع من آيات الفن الإسلامي ما جعله حديث الناس في الشرق والغرب([123]). فقد كان هذا السرادق النبوي يشبه إيوانا فخمًا متسع الجوانب … متعدد الأرجاء، وهو على هيئة دائرة فخمة  ذات أبعاد وأطوال تعلوه قبة شاهقة تنهض على أربعة أساطين وقد زينت سماؤها بالمصابيح البلورية ذات الألوان المتعددة من أبيض وأحمر وأخضر فإذا تقابلت أنوارها نسجت للناظرين أبدع حلة من الضياء أما الطنافس والأرائك والنمارق والبسط فمما يخلب ويروع , وقد رتبت ترتيبًا بديعًا يرعى المقامات والمراسيم فالكراسي الذهبية لرجال الصف الأول من الحكام والرؤساء والكراسي الموشاة بالفضة لمن يليهم من صدور الأعيان ووجهاء القوم أما بقية المقاعد فقد كساها المخمل الناعم والديباج الوثير فأضحت رمزًا للبهجة والترف الحضاري الجميل , وقد جرت العادة أن ينصب هذا الإيوان الفخم في الليلة الأولى من ليالي ربيع الأنوار, ولا يقوم بتشييده وإعداده غير ستمائة  بطل من أبطال الأسطول المصري قد دربوا تدريبًا كاملًا على إحكامه  وإتقانه مع جمهرة من المهندسين وأرباب الفن والذوق([124]) .

         أما مراسم الاحتفال في المدورة زمن قايتباي ,فقد جرت العادة على أن يحضر الناس إلى السرادق كل ليلة من الليالي السابقة لليلة الأخيرة دون ترتيب , وإذ ذاك يسمعون الترتيل والوعظ, ويقومون بالذكر والأدعية ويتناولون الخفيف من الطعام والشراب  , أما الليلة الثانية عشرة فإنها تقليدها المتبع , ومنهجها المرسوم , إذ تقام الزينات في الشوارع والميادين , وتمر المواكب غاصة بالقراء والمنشدين , وتدوي الطبول في كل ساحة ثم تتوجه الجموع إلى السرادق , وفق ترتيب خاص , إذ يتقدم الموكب الأول الخليفة العباسي ومعه القضاة الأربعة وأصحاب المناصب الدينية في الدولة من علماء وفقهاء ثم يأتي في الموكب الثاني وفيه علية القوم من أمراء المماليك وقواد الجيش ووراءهم عظماء الدولة من أرباب الوظائف وحكام الأقاليم وأصحاب الحسبة والالتزام وفي الموكب الأخير رجال الشعب من العامة على ترتيب في الأقدار ومراعاة لمكانة كل رجل واستحاقه. أما طوائف المتصوفة وأصحاب الطريق فيظلون في الساحة الواسعة ينشدون ويقرءون حتى ينزل السلطان فيصافح رجال الموكب, ويسامر الضيوف من السفراء والأجانب , ثم يأذن لمن بالخارج من العامة أن يأخذوا أماكنهم في هدوء , فيهرع معهم المتصوفة إلى منتصف السرادق يرتلون وينشدون([125]).

           ثم يبدأ الاحتفال الرسمي على نحو يقرب من النحو الفاطمي إذ يرتل القرآن الكريم أولا , ثم يستمع الحاضرون إلى الوعظ الديني متجهًا إلى سيرة الرسول مولدًا وبعثة وغزو وجهادًا , انتصارا والتحاقًا بالرفيق الأعلى صلوات الله وسلامه عليه , ثم تمد الأسمطة الزاخرة بالأطعمة ,  فلا يتخلف أحد من الحاضرين عن تناول أطايب الطعام ولذائذ الشراب, ولك أن تقدر ما ينفق على هذا الحشد الزاخر من مال وما يذبح من حيوان , وما يبذل من هدايا , وما يخلع على العلية من تحف وأوسمة وما يفرق على المحتاجين من صدقات , بل إن الدراهم والدنانير كانت تنثر نثرًا على الجموع . وينتهي الحفل الساهر مع الفجر المشرق في فرحة غامرة وسرور عميم([126]).     

         وكما مر –  كانت المواقيت التي  تحدد لإتمام مراسيم الاحتفال بالمولد  تتم عادة من بعد الظهر حتى فجر اليوم التالي لكن  حدث أن تم الاختصار فيها في بعض السنين، مثلما حدث سنة 829ه([127])، وسنة 843هـ  إذ عمل فيهما المولد “وفرغ وقت العشاء سواءً”([128]). يقول ابن حجر([129]) : “ففي يوم الخميس سابع ربيع أول “عمل المولد النبوي وابتدعوا به من بعد الخدمة، ومد السماط بعد العصر وفرغ بين العشاءين، وكانت العادة أن يبدأ به بعد الظهر ويمد السماط الغرب ويفرغ عند ثلث الليل…”، ومثلما كان سنة 842ه([130]) التي انفض فيها الحفل بعد صلاة المغرب”  وسنة 847هـ([131]) التي فرغ فيها المولد بعد العشاء، وكذلك سنة 874هـ([132]).

  •  الأعمال المصاحبة للاحتفالات  

يمكن إيضاح الأعمال المصاحبة لاحتفالات المولد النبوي على النحو الآتي:  أعمال  إدارية , عسكرية , منصب أمير الحج, الأعمال الخيرية,  الديون، السجن، خلع وظيفة.

أ- وظائف عسكرية:

          صاحب مراسم احتفالات المولد تقليداً للوظائف فجرت العادة أن يجلس من خلع عليه بوظيفة جديدة على رأس ميمنة السلطان ([133])، وكذلك الإنعام بتقدمة الإمارة من رتبة لرتبة، مثل سنة 868 هــ فبينما السلطان يحتفل مع الحضور بالمولد النبوي “أنعم السلطان على سبطه الشهابي أحمد بن العيني بتقدمة ألف وقرر في إمرة الحج…” ([134]).

ب- تقليد أمير الحاج:

           ومن ناحية أخرى، استغل المماليك احتفالات المولد النبويفي المحافظة على إعلان السيطرة المملوكية على الحرمين، وهو ما يساعد على التأكيد على المحافظة على لقب السلطان بأنه خادم الحرمين الشريفين، إذا كانت احتفالات المولد النبوي أحد أوجه الدعاية المنشودة في أوساط الرعية، والطهور أمام جمهور المصريين، أنه بذلك خادم الحرمين الأول وخديمهم، وقد تمثل ذلك في تخصيص المماليك ليلة الاحتفال بالمولد النبوي لتعيين أمير الحاج ومن ثم الإعلان عن تجهيز القافلة، وقيادة حجج العالم الإسلامي وتأمينهم، علاوة على حماية الحرمين وخدمتهم وتيسير سبل العيش لأهلهما، والاهتمام بتسهيل حركة الحج إليها والتدخل برحمتهم من جور أشراف الحجاز وعربان الطريق المفسدين([135]).

وهذا يعد احتفال المماليك بالمولد النبوي، والربط بين الذكرى النبوية وأمر رعاية الحرمين والحجيج شكل مهم من أشكال الواجهة الدينية التي كانت حلقة الوصل بين الحكام من المماليك وعامة الشعب بها للدين من سلطان روحي على العامة.

            ففي ليلة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وحين يكون الأمراء مجتمعين هم ومقدمي الألوف لخدمة السلطان والاحتفال معه في تلك الليلة، وعندما يقرر السلطان تعيين أحد الأمراء في إمارة الحج، تكون له حينئذ إشارة لطيفة، وهى أنه إذا دار المشروب يبدأ بالسلطان، وعندما ينتهي السلطان من شرب ما تيسر له، يشير إلى الساقي بإعطاء باقي مشروبه إلى من عينه أميراً على الحاج في تلك السنة، وعند وصول المشروب إليه يفهم الإشارة، ويقوم على أقدامه مسرعاً لتقبيل يد السلطان، وتهنئة الأمراء باستقراره في هذا المنصب الجليل ([136]).انفرد الجزيري بنقل تلك المعلومة صراحة، وهو ما نقله عن دفاتر والده في نهاية عصر الغوري، ولكن مصادر العصر كانت تكتفي بالإشارة إلى تعيين أمير الحج في ليلة الاحتفال بالمولد النبوي دون ذكر تفاصيل ([137]).

  • الأعمال الخيرية

            وكان هناك أمر أخر أضفى على احتفالات المولد معنى سياسياً ظاهرا، علاوة على الجانب الديني والاحتفالي. وهو ما  صاحب الاحتفال بالمولد النبوي من الإعلان عن الأعمال الخيرية للسلطان وخاصة فيما يتعلق بالحرمين، وهو الأمر الذي لم تغفله المصادر([138]) ، حيث نقل المعاصرون في ليلة الاحتفال بالمولد النبوي سنة 885هــ، وبعد أن تكامل المجلس بالقضاة الأربعة والأمراء، وانتهى أمر السماط، حضر كاتب السر ابن مزهر، وأبو البقاء ابن الجيعان وخشقدم الزمام، وخلفهم ستة أطباق على رءوس ستة طواشية، فحطت بين يدي السلطان بحضرة القضاة والأمراء، وكشفوا عنها فإذا فيها ستون ألف دينار ذهب عين، فأخذ كاتب السر يقول في المجلس العام إن السلطان لما حج في العام الماضي، رأى أهل المدينة المشرفة في فاقة زائدة من عدم الأقوات، فنذر السلطان الأشرف قايتباي على نفسه أن يفعل بالمدينة المشرفة خيراً يكون مستمراً من بعده، وقد رصد لذلك مال من حل ماله من دون مال بيت مال المسلمين ليشتري به ما يوقفه بعه على فقراء المدينة من ضياع وأماكن وربوع، وغير ذلك، مما يصنع بالمدينة في كل يوم من الدشيشة والخبز والزيت وغير ذلك، كما يفعل بمدينة الخليل عليه السلام “فارتفعت له الأصوات بالدعاء في ذلك المجلس..” ([139]).

            هذا الحرص من السلطان قايتباي في إعلان ما رصده من أعمال خيرية بالمدينة الشريفة مع تعيين أمير الحاج في احتفاله بليلة المولد النبوي، مرجعه الغطاء الديني الذي حافظ المماليك على رونقه فالمصادر تشير إلى أن السلطان قايتباي نذر في نفسه إبان تأدية فريضة الحج على إقامة عمل خيري بالمدينة النبوية، ورغم ذلك لم يعلن منه إلا إبان احتفاله بالمولد النبوي، وهنا يظهر المغزى السياسي العميق إلى جانب المغزى الديني، ويستند هذا المغزى السياسي إلى مكانة خاتم السنين والمرسلين عند جماهير المسلمين، وهو الأمر الذي تكونت منه أرضية قواعد السياسة المملوكية التي أرسبت في هذا المجال، كما في مجالات أخرى عديدة، من قبل السلاطين المماليك.

            على أية حال، كان هناك أعمال خيرية أخرى من جانب سلاطين المماليك حافظوا على الإعلان عنها إبان احتفالات المولد النبوي، ومنها الإفراج عن بعض المساجين وخاصة من حبس منهم على دين، قبل سنة 835هـ التي احتفل فيها السلطان برسباي بالمولد النبوي الشريف في موعده، وبينما الحضور يتابعون مراسم الاحتفال “…رسم السلطان بخلاص من سجن على دين…” ([140]). كما كانت تصدر أوامر السلاطين في احتفالات المولد النبوي بتفرقة القمح من المخازن السلطانية  لمشايخ الزوايا لكل واحد حسب حاله وقدر فقرائه، كل ذلك خارج عما كان لهم من الرواتب في كل سنة ([141]).

– مشاركة الضيوف الأجانب الاحتفالات :

             وبطبيعة الحال كانت احتفالات المولد النبوي أكثر روعة وأبهة وبهجة إذا ما كان في مصر سفير، أو وزير أو مبعوث من قبل أحد الحكام، واللافت للنظر أن كتاب الأخبار كانوا يتفهمون الأمر ودونوه، وقد أفاد المقريزي([142]) في حوادث سنة 823 هــ أن احتفالات المولد النبوي في العام المذكور كانت ليلة الجمعة سابع شهر ربيع أول، وكان المولد حافلاً وحضر الأمراء “…والقضاة ومشايخ العلم وأهل الدولة، ورسل ابن عثمان، وابن الفنزي، وكان وقتاً جليلاً…” ، وهنا المقريزي يفيد بوجود رسل من عند سلطان بني عثمان والتي كانت علاقة العثمانيين والمماليك في ذلك الوقت طيبة ويسودها تبادل الهدايا ونصرة المسلمين، ثم أشار إلى وجود ابن حاكم قبرس، والتي كانت تدين بالولاء منذ عام 830هـ لدولة سلاطين المماليك[143]. وفي عام 864هـ عمل السلطان احتفالات المولد النبوي بالحوش السلطاني على عادته في الفخامة والترتيب، وكان في الحضور حاكم الفرنجي ابن صاحب قبرس، وشاهد ما يقوم به السلطان والمماليك من ترتيب في الحفل ونفقات وتوسيعات وخلع وقرارات، وقد فسر ابن تغرى بردى([144]) السبب قائلاً “…ولعل السلطان ما أحضره في هذا المجلس إلا ليريه عز الإسلام وذل الكفر…”.  وفي سنة 890هـ كانت احتفالات المولد النبوي بالقلعة، ونصب الخيمة العظيمة “السرادق الأشرفي، بالحوش، وكانت الاحتفالات على جانب كبير من الفخامة بسبب وجود ابن ملك التجار أحمد بن محمود بن كاوان، في مصر ودعوة السلطان له لحضور احتفالات المولد النبوي، وفي نهاية الحفل أكرمه السلطان وخلع عليه ([145]). ويفيد ابن إياس في حوادث سنة 915هـ وسنة 916هـ ([146])أن السلطان الغوري طور في طقوس الاحتفالات بسبب وجود سفراء ابن عثمان فقال ابن إياس ربيع الأول سنة 915هـ “… في يوم الجمعة حادي عشر عمل السلطان المولد النبوي، واجتمع الأمراء والقضاة الأربعة على العادة، وحضر فرقد بيك بن عثمان،…. وفي ذلك اليوم لبس السلطان الشاش والقماش، ولم يكن عادة أن السلطان يلبس الشاش والقماش في المولد، وإنما فعل ذلك لأجل ابن عثمان، وأظهر السلطان في ذلك اليوم غاية العظمة بخلاف كل سنة…” هذه العبارة الأخيرة التي ذكرها ابن إياس يُغنينا عن شرح عدة صفحات للأمر إذ يؤكد على أمور منها أن:

– احتفالات المولد في حضور السفراء أو شخصيات أجنبية كانت تتميز بجودة وترتيب وتطوير أكثر من الاحتفالات المعتادة في كل سنة على الرغم من فخامتها في كل سنة أيضاً.

– أن الاهتمام باحتفالات المولد في حضور سفراء الدول كان يؤدى بالسلطان إلى فعل أمور لم يكن يفعلها قبل ذلك، وهذا التطور في الرسوم مرده سياسي بحت وليس ديني كما أوضح ابن إياس.

– حرص السلطان على حضور الأمراء الكبار الحفل في حضور السفراء كما وضح في خبر ابن إياس سنة 916هـ فرقد بك ابن عثمان كان حاضراً في المولد، وكان المولد حافلاً “وحضر .. وسائر الأمراء المقدمين…”([147]) وكأن السلطان جعل من الحفل عرض عسكري، بسبب تطور العلاقات السياسية بين المماليك والعثمانيين آنذاك، كما يظهر أمام سفراء العالم الإسلامي مقدار العناية بمظاهر الدين وسنين الأولين والعناية بذكرى سيد المرسلين وخاتم النبيين خاصة مع وجود الخلافة وحماية الحرمين.

– احتفالات مصاحبة:

أ- مولد خوند

          ومن جهة أخرى، ظهرت في مصر زمن سلاطين المماليك في العقود الأخيرة احتفالات أخرى للمولد ولكن كان هذا الاحتفال طارئاً، وهو أنه في صبيحة اليوم التالي للمولد يعمل السلطان احتفال آخر للمولد ولكن باسم زوجته، ويرجع الفضل في ابتداع ذلك إلى السلطان قايتباي فكان ذلك في ربيع أول سنة 867هـ، فبعد ما عمل السلطان المولد النبوي في القلعة على العادة، أصبح السلطان من غده فعمل مولداً آخر لزوجته لخوند شكرباي الأحمدية، ولم يحضره القضاة ومقدمي الألوف وعد عمله من النوادر ([148]). وتكرر ذلك في العام التالي أي سنة 868هـ إذ عمل المولد في القلعة على العادة ثم عمل في ثانية مولد خوند أيضاً على العادة التي استجدها السلطان ([149])، ويشير أبو المحاسن في حوادث سنة 869هـ أن السلطان بعدما انتهى من عمل المولد السلطاني عمل مولد خوند الأحمدية زوجة السلطان من الغد بالحوش([150])، وباستثناء هذه السنوات الثلاث لا نجد خبر عن احتفالات المولد النبوي الخاصة  بـ”خوندات” السلاطين والتي عدها المؤرخون من النوادر.

ب- مولد الخليفة

           على أية حال كان هناك احتفالاً آخر طارئاً ابتدعه أيضاً السلطان قايتباي ضمن سلسلة احتفالات المولد، وهو “مولد الخليفة” والذى ظهر سنة 889هـ، ففي ربيع أول منها رسم السلطان بعمل مولد عند مشهد السيدة نفيسة (رضي الله عنها(، ورسم للخليفة-المتوكل الثاني بن المستعين-  بأن يحضر به، والقضاة الأربعة وأعيان الناس، واجتمع هناك قراء البلد قاطبة ومد هناك أسمطة حافلة، هو أول من أحدث هذا المولد بالمشهد النفيسي  وصار يقال له مولد الخليفة، وكان من العادة أن يعمل السلطان احتفالات المولد السلطانية بعد مولد الخليفة ([151])، وهو ما تكرر سنة 890 ه ([152]).

           وعدا ذلك لا نجد خيراً لمولد الخليفة بعد عهد قايتباي، وهو ما يمكننا أن نقول أن مولد خوند ومولد الخليفة انفرد بهم قايتباي في سنواته الأخيرة، حيث بلغ عهده شوطاً كبيراً في الاحتفال بالمولد النبوي، وطوال عصر الغوري حتى نهاية الدولة لا نجد خبر غير خبر الاحتفال السلطاني بالمولد.

            ويغلب على الظن  أن الروح المملوكية هي التي هيأت ظهور مثل هذه الحفلات والرسوم في البلاط المملوكي، فمن الجدير أن نذكر هنا أن الدولة المملوكية كانت دولة بحاجة إلى شرعية متجددة، فكانت الاحتفالات بالنسبة للمماليك مناسبة لتأكيد شرعيتهم، حيث كان معظمها يقام عادة في الأعياد الدينية فقد عرف المماليك كيف يصبغون الأعياد بصبغة إسلامية، وكان هذا دليلاً قوياً على طابع المماليك الجديد في الاحتفالات. ومن ناحية أخرى، نلاحظ أن ثراء مصر كان سبباً في ظهور احتفالات المماليك ورسومهم، وحرصهم على مشاركة العامة فيها، وهو الذي أحدث تغييراً في حياة سلاطين المماليك، فكان حب البذخ يجد سبيله إلى احتفالاتهم بالمواسم والأعياد، ولقد كان من الأغراض الرئيسية للسياسة المملوكية توطيد سلطتهم في المنطقة العربية بكل الطرق الممكنة، وقد تهيأ الشعب المصري لأن تناله بسهولة أبهة هذه الاحتفالات، فكانت وسيلة ناجحة جداً للتأثير فيه. فجميع احتفالات المماليك كانت مطبوعة بطابع خاص من الأناقة والبذخ.

المبحث الثاني- احتفالات العامة

 يمكن إبراز مظاهر احتفالات العامة (الشعبية) على النحو الآتي :

                   كان عامة الناس يترقبون أيضاً الاحتفال بالمولد النبوي، فيعدون الولائم لذلك، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور ويزيدون في العبرات ويعتنون بجراءة مولده الكريم، كذلك أعتاد كثير من الناس إحياء الذكرى الكريمة في بيوتهم، وتطرف بعضهم في هذه الحفلات فجاءوا بالمغاني وآلات الطرب وتسابقوا في اللعب بالدف والشبابه وأقيمت أمثال هذا الاحتفال بالمولد النبوي للنساء خاصة فتكثر البدع والمخالفات، وجرت العادة أن المدعوين إلى مثل هذه الحفلات “ينقطون” صاحب الدار ببعض الدراهم من باب المجاملة، على أن يردها لهم في إحدى حفلاتهم أو أفراحهم المقبلة ([153]).

            ولكن يجب التأكيد هنا على أن معلومات  كتاب الأخبار عن احتفالات العوام بالمولد النبوي  تعد  قليلة ,وفي أحيان كثيرة  تصل إلى حد الندرة، ولا تشير إلى احتفال العامة إلا إذا ارتبط بحادثة، مثلما تناقل كتاب الأخبار خبر احتفال بعض أهالي القاهرة بالمولد النبوي سنة 790هــ، حيث ذكروا أنه في ليلة الخميس ثالث عشرة ربيع أول، عمل بعض أهل مصر مولداً بإبراهيم ابن الجمال وأخيه وصبيانه، فلما قاموا إلى السماع سقط البيت عليهم فمات ابن الجمال وآخرون (وكان إلى ولدى ابن الجمال المنتهى في صناعتهما) ([154]). وكما مر علينا فإن ابنا الجمال هما من كان يحيون احتفالات المولد السلطانية وبما أن العامة كانوا يفعلون الأمر نفسه، فإن العامة كانوا يحاكون السلطة في احتفالات المولد.

           والراجح من المصادر أن اهتمام العامة بالمولد النبوي وإقامتهم الاحتفالات انتشرت بصورة كبيرة، يؤكد ذلك ابن الحاج ما شاهده ورواه سنة 738هـ وانتقاده لكثير من الطقوس التي صاحبت الاحتفالات مع التأكيد على أنه لم ينكر احتفالات العامة بالمولد النبوي ولكنه اعترض على بعض الأمور التي صاحبت هذه الاحتفالات.ولفت الانتباه إلى ضرورة أن يكون الاحتفال بالشهر مرتبط بزيادة الأعمال الزاكيات والصدقات إلى غير ذلك من القربات. فقال: “… أنه إذا دخل هذا الشهر العظيم يسارعون فيه إلى اللهو واللعب بالدف والشبابة، ويا ليتهم عملوا المغاني ليس إلا، بل يزعم بعضهم أنه يتأدب فيبدأ المولد بقراءة الكتاب العزيز، وينظرون إلى من هو أكثر معرفة بالهنوك والطرق المهيجة لطرب النفوس فيقرأ عشراً…” ([155]). ويتحسر ابن الحاج  ذاكرًا أنه يا ليت ذلك لو كان يفعله سفلة الناس ولكن عملت البلوى، فنجد بعض من يُنسب إلى شيء من العلم أو العمل يفعله وكذلك بعض من ينسب إلى المشيخة أي من هم في تربية المريدين وكل هؤلاء داخلون فيما ذكر([156]). ويفهم من حديثه أن بعض الأهالي كانوا يقيموا المولد بدون مغاني وسماع فبعد أن انتقد ما يصاحب احتفالات المولد من المغاني وغير ذلك قال “…وهذه المفاسد مركبة على فعل المولد إذا عمل بالسماع، فإن خلا منه، وعُمِل طعاماً  فقط، ونوى به المولد، ودعا إليه الإخوان، وتسليم من كل ما تقدم ذكره…” ([157])، (ومن لا يعمل عملهم يرون أنه مقصر بخيل)

وهذا النص الذى ورد عند ابن الحاج له دلالات هي :

–  تبدأ الاستعدادات  للاحتفال بالمولد منذ بداية الشهر ربيع أول.

– محاكاة العامة للسلطات الحكومية (سلاطين وأمراء) في فخامة الاحتفالات وعظمتها .

–  تقتصر الاحتفال بالمولد عند البعض على إعداد الولائم ودعوة الأقارب والأصحاب للطعام.

– أن ابن الحاج لم يذم المولد، بل ذم ما يحتوى عليه من محرمات ومنكرات ([158]).

– دوافع العامة:

            تتلخص دوافع العامة في عدة أمور منها :  أن بعض العوام كان  يفعل المولد لغرض اقتصادي وهو أن له فضة (نقوط) عند الناس متفرقة كان أعطاها في بعض الأفراح أو المواسم، ويريد أن يستردها ويستحى أن يطلبها بذاته، فيعمل المولد حتى يكون ذلك سبباً لأخذ ما اجتمع له عند الناس ([159]) ومنهم من يعمل المولد لأجل جمع الدراهم، وهم على قسمين : القسم الأول أن تكون له دنيا ويتظاهر بأنه من الفقراء المساكين فيعمل المولد لتزيد دنياه بمساعدة الناس له. “… ووجه آخر وهو أنه يطلب بذلك ثناء الناس عليه والنفس تجد المحامد كثيراً، وهذا فيه ما فيه، القسم الثاني منه، وهو أن يكون له مال إلا أنه ممن يخاف الناس من لسانه وشره فيعمل المولد حتى يساعده الناس تقية على أنفسهم وأعراضهم … القسم الثاني من التقسيم الأول وهو أن يكون ضعيف الحال فيريد أن يتسع حاله فيعمل المولد لأجل ذلك. الثاني منه أن يكون من الفقراء لكن له لسان يُخاف منه ويُتقى لأجله فيعمل المولد حتى يحصل له من الدنيا ممن يخشاه ويتقيه حتى أنه لو تعذر من حضور المولد الذي يفعله أحد من معارفه لحل به من الضرر ما يتشوش به وقد يؤل ذلك إلى العداوة، أو الوقوع في حقه في محافل بعض ولاة الأمور قاصداً بذلك حظ رتبته بالوقيعة في، أو نقص ماله إلى غير ذلك مما يقصده من لا يتوقف على مراعاة الشرع الشريف…” ([160]).

– موالد النساء([161]):

              والمدهش في احتفالات العامة أنه كانت هناك موالد خاصة بالرجال وأخرى للنساء, وينكر ابن الحاج في المدخل, حضور النساء المولد، وتأثرهم بموالد الرجال، لذلك حاول التقليد، وابتدعوا احتفالات مولد النساء، فبعد أن أنكر المحدثات والمنكرات في مولد الرجال  اعطانا صورة عن موالد النساء وانتقدها من جهة أن بعض الرجال يتطلع عليهن من بعض الطاقات ومن السطوح, أضف لذلك أنهن اقتدين بالرجال في الذكر جماعة برفع أصواتهن كما يفعل الرجال”…  وأصوات النساء فيها من الترخيم والنداوة ما هو فتنة في الغالب في الواحدة فكيف بالجماعة فتكثر الفتنة في قلوب من يسمعهن الرجال أو الشبان وأصواتهن عورة فإن كان البيت الذى يُعمل فيه المولد على الطريقة أو على السوق زادت الفتنة وعمت البلوى لكثرة من يسمع أو يرى ذلك في الغالب. كما أشار أن النساء في موالدهم يصفقون بالأكف كما “…أن بعضهن يرقصن…. ([162]) والمدهش أن أنهن لا يجتمعن للمولد  إلا بحضور من يزعمن أنها شيخة على عرفهن وقد تكون وهو الغالب فمن تدخل نفسها في التفسير لكتاب الله عز وجل فتفسر وتحكى قصص الأنبياء (صلوات الله عليهم) وتزيد وتنقص… ([163]). ورغم انتقادات ابن الحاج فإن نقده يعطينا صورة عن اتجاه النساء لتقليد الرجال في احتفالاتهم.

– الموالد في المقابر([164]):

             وفي إطار تعدد أماكن احتفالات العوام بالمولد كانت المقابر إحدى الأماكن التي حرص المصريون من العامة على احياء ذكرى المولد فيها ,  حيث كان هناك فريق من عامة القاهرة :”… آل أمرهم إلى الخروج إلى المقابر وهتك الحريم هناك بسبب اجتماع الرجال والنساء والشبان مختلطين على الواعظ أو الواعظة وتنصب لهم المنابر ويصعدون عليها يعظون ويزيدون وينقصون ويتمايلون كما قد علم من أفعال الوعاظ وزعقانهم بتلك الطرق المعروفة عندهم والهنوك المذمومة شرعاً التي لا تليق بالمؤمنين مفتونة قلوبهم وقلوب من أعجبهم شأنهم ويتمايلون مع كل صوت ويرجعون بحسب حال ذلك الصوت مع التكسير والضرب بأيديهم وأرجلهم على المنبر والكرسي وإظهار التحزن والبكاء وهو خالٍ من البكاء والخشية وقد يكون عنده شيء من ذلك وهو عرى (عريان/جاهل) عن التوفيق فيه”[165].

– صفات المغنون:

            ومن جهة ثانية أعطانا ابن الحاج الصفات التي أعتاد العامة على أن تكون في المغنى الذي يحيى ذكرى المولد : “…أن يكون المغنى شاباً نظيفاً الصورة حسن الكسوة والهيئة أو أحد من الجماعة الذين يتصنعون في رقصهم، بل يخطبونهم للحضور فمن لم يحضر منهم ربما عادوه … وهم (المغنون) يأتون إلى ذلك الاحتفال شبه العروس التي تجلى … وهؤلاء عليهم العنبر والطيب يتخذون ذلك بين أثوابهم ويتكسرون مع ذلك في مشيهم إذ ذاك وكلامهم ورقصهم[166].

أجازة المولد

          نظرًا لأهمية الاحتفال بالمولد النبوي في مصر المملوكية , كان بعض المعلمين والفقهاء يعطون تلاميذهم عطلة من الدراسة في هذا اليوم , (وهو نفس الأمر الذي تتبعه الحكومة المصرية  في الوقت الحالي) ويشير الأدفوي لذلك  في كتابه الطالع السعيد بأن أبا الطيب محمد بن إبراهيم السيتي المالكي نزيل قوص أحد العلماء العاملين “كان يجوز بالمكتب في أيام الاحتفال بالمولد النبويr فيقول: “يا فقيه هذا يوم سرور أصرف الصبيان فيصرفنا”([167]).

مناقشات الفقهاء

            لعل الرسالة اللطيفة التي أعدها السيوطي بعنوان “حسن المقصد في عمل المولد” والتي جرى فيها على إثبات أهمية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف موضحاً أن الاختلاف بين الفقهاء في ذلك كان اختلافاً في كيفية الاحتفالات، وما جاء به فيها من أقوال المؤرخين والفقهاء وآرائهم في عمل المولد وما يستحدث فيه من مغاني وسماع، … وغير ذلك، دليل على انتشار احتفالات المولد بين عامة القاهرة بالخصوص، لأن الفتاوى كلها جاءت متعلقة بأحوال العامة في المولد.

            ومن ناحية أخرى، نلحظ من رسالة السيوطي أن احتفالات العامة بالمولد لم تنقطع أبداً ففي رسالته جاء السيوطي بقول الشيخ تاج الدين اللخمي في عمل المولد، وكان صيغة السؤال الذى أورده السيوطي على لسان اللخمي كالتالي قال اللخمي “أما بعد فإنه تكرر سؤال جماعة من المباركين عن الاجتماع الذى يعمله بعض الناس في شهر ربيع الأول، ويسمونه المولد”([168]).

           ويلحظ في صيغة السؤال أن الأمر يتعلق باحتفالات العامة وليس السلطة، ومما يؤكد أن المناقشات كلما كانت بصدد احتفالات العامة، أن السيوطي أيضاً جاء برأي ابن حجر في ذلك فقال “…وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه : أصل عمل المولد بدعة … ولكنها مع ذلك فقد اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن، وتجنب ضدها، كان بدعة حسنة وإلا غلا” ([169]).

            وبعد أن ذكر أدلة على جواز عمل المولد والاحتفال به وقال “… وأما ما يعمل فيه فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة، والإطعام، والصدقة، وإنشاء شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير، والعمل للآخرة وأما ما يتبع ذلك من السماع واللهو وغير ذلك، فينبغي أن يقال : ما كان من ذلك مباحاً بحيث يقتضى السرور بذلك اليوم، لا بأس بإلحاقه به([170]).

ومن المؤكد أن حديث ابن حجر كان خاص باحتفالات المولد التي يقيمها العامة لأن ابن حجر كان ممن يدعوهم السلطان لحضور الاحتفال الرسمي السلطاني بالمولد  النبوي، لأن شيخ الإسلام والفقهاء كانوا أساس الحضور في احتفالات السلطان، ولم تغفل المصادر ذلك وذكرت صراحة في الاحتفالات “…وكان المشار إليه في المجلس العلامة الشهاب ابن حجر…”([171])، ولكن في الوقت نفسه يدل هذا النقاش في مسألة احتفالات المولد على كثرة حفلاتها وانتشارها وشيوعها بين العامة، كما يدل على اختلاف طقوس الاحتفالات بين العامة أنفسهم.

المبحث الثالث- العوامل المؤثرة على احتفالات المولد النبوي

           وإذا سأل سائل لماذا أصر المماليك على هذه الاحتفالات واجتهدوا في تطوير طقوسها، مع أن سببها لا يمت إلى العقيدة وإلى شعائر الدين بصلة، فالراجح أن دافع المماليك من وراء هذه الاحتفالات هو ضمان الولاء والبراء ,حيث كان هذا الاحتفال بمثابة عيد قومي , وذلك بسبب طبيعة المصريين وميلهم للمرح والسرور ؛ حتى قال بن بطوطة: “إن أهل مصر ذو طرب وسرور ولهو “([172]).وهو هنا يشير إلى حقيقة هامة مؤداها أن احتفالات أهل مصر في ذلك الزمان كانت كثيرة من ناحية, كما تمكننا من التعرف على جانب من جوانب حياة المصريين اليومية في عصر سلاطين المماليك من ناحية أخرى ,ودور الحكام في إقامة الاحتفالات وتحديد الأعياد والمبالغة في الاهتمام بمظاهرها الصاخبة في محاولة لتغطية الواقع المرير وحجب أنين شعوبهم وهى ترزخ تحت وطأة الظلم والفاقة.

           وعلى الرغم من كل هذا الاهتمام من جانب المماليك، فإن الباحث في التاريخ عامة، والتاريخ الاجتماعي بخاصة، يجد أن لا شيء يسير على وتيرة واحدة، فثمة أسباب لابد أن تؤدي إلى حوادث معينة تعكر من صفو الظاهرة، وتؤدي إلى خلل ما في بعض الاتجاهات. وفي موضوعنا هنا على سبيل المثال نجد تأثير الظروف السياسية من فتن وحروب ,والظروف الأمنية، لاسيما الخاصة بفساد الجلبان, علاوة على الظروف الطبيعية مثل الطاعون والرياح في الموضوع لتؤثر كلها بالسلب، في بعض الأحيان ,على احتفالات المولد النبوي. ويمكن إيجازها في :

– فتن الأمراء:

            كانت فتن الأمراء وصراعاتهم صورة من صور الاضطراب التي أثرت سلبًا على جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية زمن المماليك البرجية بالخصوص, مع العلم أن الاضطراب السياسي الداخلي لم يكن ظاهرة مقصورة على عصر الجراكسة، وإن كان هو اللون الغالب فيها، وإنما كان ظاهراً طوال العصر. ويفسر أحد المعاصرين([173]) ذلك في ضوء المفاهيم السياسية للدولة ” والتي جعلت العرش من حق الجميع، وهو الأمر الذي بمقتضاه تنافس أمراء المماليك على عرش السلطنة الذي اعتبره حقًّاً للأقوى، وبين الآونة والأخرى كان بعض الأمراء الطموحين يترجمون طموحهم إلى عمل عسكري في شوارع القاهرة التي تتحول إلى ميدان قتال لجيوش المماليك المتحاربة” ، وقد تمتد على مدى عدة أيام تضطرب خلالها الأحوال، وتموج البلاد بالفوضى والفزع، وسرعان ما تخلو الطرقات من روادها ؛لتكون ميداناً لقتال فرسان المماليك الدموية([174]).بعد تراجع قوة السلطة المركزية لدولة سلاطين المماليك في العقود الأخيرة من عمرها، وتلاشي عدد كبير من مظاهرها، لما ساد الدولة من اضطراب أواخر عصر البرجية وكانت الدولة كلها تنهار فكان من الطبيعي أن تتأثر الاحتفالات.

           مثال ذلك ما حدث سنة 813هـ من التعجيل باحتفالات المولد في غير شهره، وعملها السلطان فرج بن برقوق في الحادي عشر من صفر ” …لأجل سفر السلطان إلى الشام…”([175]) بسبب فتن الأمراء ضده وخروج الشام عن طاعته , وقد بيّن المقريزي([176]) وضع الفتن والثورات في عصره قائلًا : “…هذا مع تواتر الفتن واستمرارهم بالشام ومصر، وتكرار سفره إلى البلاد الشامية، فما من سفره  إلى الشام.. ، فيخرب … ثم يعود وقد تأكدت أسباب الفتنة وعادت أعظم ما كانت…وقتل في الفتن بمصر مدة أيامه خلائق لا تدخل تحت حصر…”. وهو ما يبين الصورة  السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي كانت عليها البلاد في أوقات الفتن . وهو الأمر الذي يستحيل معه أن تقام الاحتفالات بشكلها المعتاد الطيب في مثل تلك الظروف.  وفي ربيع أول سنة 872هـ يقول ابن إياس([177]): “…عمل السلطان المولد النبوي وكان غير حافل…”. بسبب تربص كل طرف للآخر من الأمراء.

            على أية حال , كان لاستمرار الوضع المتردي  في سنة 904هـ ([178])أن زادت الظروف السياسية المتمثلة في فتن الأمراء ومكائد كل طرف للآخر، في قلة من حضر من الأمراء الكبار، تلك التربة الخصبة للجلبان لممارستهم أذاهم في حق الناس، حيث يشير ابن إياس أنه بينما كان الاحتفال بالمولد”…وقع في ذلك اليوم من المماليك الجلبان في حق الأمراء والفقهاء ما لا خير فيه، فرجموا الأمراء من الطباق بالحجارة، ورموهم بالماء المتنجس بالأقذار، وخطفوا عمائم الفقهاء وكان يوماً مهولاً…”[179]. وفي سنة 878هـ كان للظروف السياسية دوراً مهماً في قلة الحضور الرسمي من قبل الأمراء للاحتفالات لأن بعضهم خرج في تجريدة عسكرية لردع فساد العربان، لذلك لم يحضر الاحتفالات من الأمراء المقدمين سوى ثلاثة أنفار([180])، وهو نفس الحال في سنة 891هـ لم يكن في احتفالات المولد غير ثلاثة أمراء مقدمين لأن كان أكثر الأمراء غائباً في تجريدة ابن عثمان ([181]) وتكرر نفس الأمر وتسببت الحملات العسكرية ضد ابن عثمان سنة 894هـ في قلة حضور الأمراء لاحتفالات الحج حيث “…وكان غالب الأمراء مسافر في التجريدة بحكم النصف عن العادة…” ([182]).

– فساد الجلبان:

            مما سبق يتبين أن حوادث وفتن الأمراء كانت لها تأثير ملحوظ على الاحتفالات , بيد أن هذه الحوادث العنيفة والفتن  زاد معدل وقوعها في الشطر الأخير من العصر، وزاد معها اضطراب الأسواق والخلل الاقتصادي بعدما صارت الاضطرابات السياسية هي نغمة الحياة اليومية بمصر وغدا الاستقرار – السياسي أو الاقتصادي– نغمة استثنائية تستحق التسجيل!! مع الأخذ في الاعتبار أن القلاقل التي كانت تحدث في الدولة الأولى كانت بفعل الأمراء ولكن في الدولة الثانية كانت بفعل المماليك أنفسهم؛ وذلك بسبب خلل نظام تربية المماليك في عصر البرجية عما كان سارياً منذ بداية الدولة, إذ درج السلاطين منذ أواخر الطور الأول للدولة على شراء المماليك بعد سن البلوغ وهم الذين عرفوا باسم “الأجلاب” أو “الجلبان” وكان من نتيجة ذلك انهيار نظام تربية المماليك الذي كان يشكل ركناً من أركان النظام السياسي آنذاك، وانهارت رابطة الأستاذية التي كانت تربط المماليك بأستاذهم، كما تفككت عُرَى رابطة الخشداشية التي كانت تجمع بين المماليك من أبناء الطائفة الواحدة. وكان من نتيجة رفع السلطان برقوق الحظر على نزول المماليك من ثكناتهم في القلعة والسكن بالقاهرة أن ضعفت الرقابة عليهم وقلت فرصة السيطرة على حركتهم([183]). وهو الأمر الذي زاد من معدل التدهور السياسي الداخلي بفعل النفوذ المتنامي للمماليك الجلبان وعدم قدرة السلطان والأمراء على ردعهم, ومن ثم تكررت حوادث الشغب والاضطراب التي كانوا يثيرونها، فضلاً عن حوادث نهب الأسواق وخطف البضائع والاعتداء على الناس في الشوارع والأسواق، وكانت النتيجة الطبيعية لمثل هذه الأمور دائماً أن يسري الفزع في النفوس وتضطرب البلاد وسكانها بالفوضى والخوف، وتتعطل حياة الناس اليومية([184]). فقد كانت من أكثر الأمور التي أثرت على احتفالات المولد النبوي، وقللت من بهجتها في بعض الأوقات، هي حوادث فساد المماليك الجلبان، والذين زادت شرورهم في الطور الثاني من عمر الدولة بحكم تغير نظام المماليك نفسه، فبعد أن كان يؤتى بالملوك طفلاً في عمر الصغر، ويتعلم القرآن واللغة ثم القتال، تغير هذا الأمر وأصبح المعتاد هو جلب المماليك في سن البلوغ، ليس هذا فحسب بل تغير أمر السكن بعد أن كانوا في الطباق، سمح لهم بالسكن في القاهرة، ونتج عن هذا أن العسكر المملوكي (الأجلاب) يحكم احتكارهم للسلاح اعتدوا على موظفي الدولة بدأ من الوزير نفسه إلى آخر موظف، وبطبيعة الحال كان تعرضهم للناس أدهى وأمر، ولم تخفي المصادر ذلك، فإن مرت احتفالات المولد دون أذاهم ذكرت المصادر ذلك وحمدت وشكرت، وفي هذا المنحنى فإننا نملك عشرات النصوص الدالة على اعتداءات الأجلاب على الناس في الاحتفالات[185], وإذا كان ابن إياس ذكر أن أول حوادثهم قد وقعت عام 877هـ([186])، فإن ابن الصيرفي وعبد الباسط ابن خليل أشاروا في حوادث شوال سنة 832هـ أنه برز أمر سلطاني بمنع الناس من عمل الولائم والأعراس لكثرة فساد جلبانه وإثارة آذاهم حتى اشتد البلاء بالناس وعظم الضرر([187]). كما أن المصادر لم تشير إلى خبر احتفالات المولد في هذه السنة , ولعل ذلك يؤكد رواية ابن الصيرفي وعبد الباسط بن خليل,  وبالضرورة فإن ذلك أدى ذلك إلى إعاقة بعض جوانب الحياة الاجتماعية آنذاك. فعلى سبيل المثال أشار ابن حجر في حوادث سنة 843هـ، إلى حرص السلطان على انتهاء احتفالات المولد في غير أوانها وانتهى الحفل “… وفرغ وقت العشاء سواءً، ورجعنا وخرج الناس، والأسواق مفتحة والليلة مقمرة جداً ولله الحمد…”([188]).

              هذا النص إن كان لا يمكن فهمه إلا بفهم الحالة التي صارت عليها الدولة جراء الجلبان والذين كان يزداد شرهم إذا لم يكن السلطان حازماً، أوضحه ابن حجر نفسه في حوادث سنة 847ه، حيث قال أنه في يوم الأحد تاسع شهر ربيع أول “…عمل المولد السلطاني، وكان مختصراً في كل أحواله، بحيث إن عدد القراء انحط من ثلاثين إلى عشرة، وكذلك الوعاظ، وفرغ بعد العشاء، وتوجه الناس إلى منازلهم سالمين من عبث المماليك..”([189]).

           هذا النص إن كان يفيد إلى حرص الناس على المشاركة ومشاهدة احتفالات المولد السلطاني، فإنها في الوقت نفسه تؤكد على أن تعديات الأجلاب أصبحت أصل في ذلك الزمان وليس فرعاً. وكلما تقدمت الدولة في العمر صار تعدى الجلبان وتجاوزتهم أصلاً ثابتاً في الحياة اليومية، وهو ما يرويه بحسرة أحد المؤرخين ذات الأصول المملوكية وهو أبو المحاسن ابن فئة أولاد الناس الذي يروى في أحداث سنة 870هـ ([190])، “… وفي يوم الأحد ثالث عشرة عمل المولد بالحوش على العادة وقاسى الناس من الأجلاب شدائد من خطف العمائم والشقق الحرير المنعم بها على القراء والوعاظ وأصبح السلطان من الغد فأبطل مولد زوجته خوند بالحوش وجعله بتربته بالصحراء مخافة أن يقع لها كما وقع له ..” ([191]).

              ولم يكن حال احتفالات المولد سنة 871هــ بأحسن حال من العام السابق، إذا قاسى ممن حضروا المولد شدائد من الأجلاب، فقد كانت احتفالات المولد في العام المذكور في يوم الأحد من ربيع الأول “…. لكن أفحش الجلبان من مماليك السلطان فيه، وأمعنوا في الأذى والتشويش على الناس، ما بين نهب سماط، وضرب للخلف، وغير ذلك من الأذى، وقاسى الناس منهم الشدائد التي لا تعد ولا تحصى…” ([192])،وقد عبر أبو المحاسن عن تلك الحالة ومقت الناس معيشتهم على لسان مؤرخيهم قائلًا :”… وأما السلطان فإنه كان في هذه الأيام في أمر عظيم … من سوء سيرة مماليكه الأجلاب وفعلهم بالرعية تلك الأفعال القبيحة وأيضًا وقوع فتنة فيما بينهم …فخاف السلطان من قتال يقع بينهم ويفني بعضهم بعضًا. قلت ما أحسن هذا لو وقع ودام إلى أن يفنوا جميعًا ويريح الله المسلمين منهم , وما ذلك على الله بعزيز…”([193]), مما يدل على مقدار الأذى الذي سببه الأجلاب للرعية في الاحتفالات والحياة العامة.

              وعلى ذلك؛  أصبح أمراً معتاداً استهلال كتاب الأخبار حوادث السنين بقولهم: “استهلت متتابعة الحوادث المظلمة والبواعث المؤلمة المحتملة لمجلدة  والمطولة في الصحف المخلدة” أو “استهلت بما بها من النكايات العامة في الرعايا، لاسيما ذو الولايات والغنية بشهرتها عن الروايات” ([194]) أو أبيات شعرية يتحسر فيها الناس على المعيشة بمصر بسبب الجلبان مثل:

وماذا بمصر من المؤلمات فذو اللُب لا يرتضي يسكُن

فترك وجور وطاعون وفرط وغلاء   وهم وغم والسّراجُ يدخن([195])

          من أجل ذلك كله؛ نقرأ تشفىِّ المصريين في موت الجلبان أثناء الطواعين على لسان مؤرخيه. فهذا عبد الباسط ابن خليل يقول :”… ضبط عدة من مات من الجلبان فكانوا زيادة على الألفين وأربعمائة “ذلك تخفيف من ربكم ورحمة…”([196]). وهذا أبو المحاسن يقول في وباء سنة 864هـ أنه مات “… من المماليك الأجلاب الإينالية، ستمائة وثلاثون مملوكاً إلى لعنة الله وسقر، إلى حيث ألقت…”([197])، ومما لا شك فيه أن أقوال المؤرخين هي رصد لأقوال ومشاعر الناس الذين ضاقوا ذرعا بأفعال الجلبان فيهم, وإن كان الأمر هنا قاصرًا على تأثير المماليك الجلبان السلبي على احتفالات المولد.

– الطاعون:

           وما دمنا تحدثنا عن أثر الظروف السياسية على احتفالات المولد النبوي، فلابد أن نتحدث عن تأثير الأوبئة[198] على الاحتفالات أيضاً،  فبحدوث الوباء يعظم القلق والاضطراب عند عامة الشعب، ويترتب على انتشاره موت عدد كبير من طبقات الشعب، فينشغل الناس بموتاهم ويترتب عليه عدم المشاركة في الاحتفالات أو مشاهداتها. مثلما كان الحال سنة 919هـ، إذ فقدت الاحتفالات بهجتها لأنه “كان الطعن عمالاً والناس في غاية النكد، ومات بالطاعون من العسكر ما لا يوصف…” ([199]) .

            ونلحظ أن المصادر لم تشر إلى تأثير الطاعون على احتفالات المولد في غير هذه السنة . ولكن رغم ذلك لا نغفل حقيقة تاريخية مهمة وهي  أن الأوبئة والمجاعات في ذلك العصر، لا سيما في شطره الثاني، كانت كثيرة ومترادفة بحيث لا يمكن أن نتتبع كلاً منهما على حدة، ولكنها جميعاً تشترك في كونها تحالفت مع ظلم الحاكمين وعبث العربان واللصوص والمماليك المفسدين لطحن جميع المصريين، والتضييق عليهم في احتفالاتهم([200]).

– الريح([201]):

         وفي نفس الصدد , أجبرت الرياح الشديدة سنة 891هـ على تغيير رسوم المولد، إذ كانت الرياح  يوم المولد شديدة جداً بحيث سقطت المدورة المعدة لاحتفالات المولد، “…وما بها، بل وتمزق بعضها وقصف بعض عمدها، ولو لم يتبادر إلى طيها لتمزقت كلما … ثم مد السماط تحت دكة الحوش…”([202]).

        هذه كانت محاولة لرسم صورة احتفالات المولد النبوي والعوامل المؤثرة عليها زمن سلاطين المماليك .

الخاتمة:

بعد دراسة موضوع احتفالات المولد النبوي زمن سلاطين المماليك  تبين أن :

أن أصول الاحتفالات الخاصة بالمولد تعود لزمن الفاطميين والتي كانت  بعض دوافعها  سياسية.

فشل الدولة الأيوبية في استئصال شأفة احتفالات المولد  النبوي على المستوى الشعبي , بالرغم من نجاحهم في القضاء على الاحتفالات الرسمية /السلطانية .

  تفهم المماليك لطبيعة الشعب المصري المحبة للفرح والاحتفالات كانت سببًا أساسيًا في سعي المماليك للاحتفال بالمولد وتطوير طقوسه بين الفينة والفينة.

تسببت الطريقة التي آل بها حكم مصر وبعض البلاد العربية إلى المماليك , في أن تلعبت الواجهة الدينية دورًا كبيرًا في اهتمام المماليك بالاحتفالات الدينية عامة ومن ضمنها الاحتفال بالمولد, وهو الأمر الذي كان ضمن محوري النظرية السياسية لدولة سلاطين المماليك القائمة  على القوة العسكرية  والشرعية . وقد تحقق للمماليك مرادهم بالمناورة السياسية الذكية من قبل سلاطين المماليك، إذ جعلوا دولة المماليك تبدو صاحبة الفضل على العالم الإسلامي بإحيائها الخلافة العباسية.

   كان الاهتمام باحتفالات المولد النبوي , باعتبارها شكل مهم من أشكال الواجهة الدينية أمرًا ضروريًا في بداية الحكم المملوكي ,  ومع تمكن المماليك في البلاد , أصبح هذا الأمر من المراسم الشكلية المعتادة .

 اهتم كتاب الأخبار بذكر خبر الأماكن التي كانت تقام فيها احتفالات المولد الرسمية/السلطانية, وفرقوا بينهما جيدًا في تناولهم للخبر, محددين ثلاثة أماكن خصصت لاحتفالات المولد النبوي السلطانية وهم : [داخل القصر/القلعة- الحوش السلطاني بالقلعة- الخيمة أو المدورة داخل الحوش السلطاني بالقصر] ويلحظ أن كل مكان من الأماكن يشير إلى تطور نوعي للاحتفالات في مرحلة معينة من مراحل دولة سلاطين المماليك.

تبين من قراءة مدونات كتاب الأخبار أن احتفالات بالمولد النبوي/الرسمية  كانت تتم في شهر ربيع الأول، ولكن ليس هناك موعد ثابت في شهر ربيع الأول خصص للاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، إذ كانت مواعيد الاحتفالات عرضة للتغيير لأسباب كثيرة، وكثيراً بدون سبب ظاهر.

تنوع مراسم الاحتفال وتطورها من سلطان إلى أخر تلبية لرغبات السلاطين في الافتخار من ناحية, وترسيخً لمكانتهم عند العامة من ناحية أخرى.

صاحب احتفالات المولد قرارات سلطانية إدارية متمثلة في ترقية بعض الأمراء أو تولية بعض الأمراء لمناصب جليلة كما في حالة أمير الحاج.

تنوع احتفالات العامة بين احتفالات للرجال وأخرى للنساء, واختلاف الأماكن التى احتفل فيها العامة بين المنازل والمقابر والمساجد

كان العنصر الأساس في تعكير صفو الاحتفالات في بعض السنين  هم الجلبان. إذ لم تشر المصادر لأثر العوامل الطبيعية سوى مرات معدودة.



[1] ) الحديث جاء في : مسلم : صحيح مسلم (44) , النسائي: سنن النسائي (5013, 5014) , ابن ماجة:  سنن ابن ماجة (87) , الدارمي : سنن الدارمي (2783) , أحمد بن حنبل : المسند  ( 12814, 13911).

[2] ) ويلحظ أن كتب النظم والرسوم  التي تعود لجيل الرواد , في عرضها السريع للاحتفال بالمولد النبوي  انقسمت لفريقين فريق أسقط  الرسوم الاحتفالية التي وضعها  الظاهر برقوق على الاحتفال بالمولد طوال العصر, والفريق الآخر أسقط  الرسوم الاحتفالية التي زادها قايتباي على العصر كله . ومن ثم تناقلت الدراسات التالية الأمر بنفس الصورة كل حسب مدرسته, وسيأتي تفصيل ذلك .   

[3] )  السندوبي, حسن : تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي من عصر الإسلام الأول إلى عصر فاروق, مكتبة الاستقامة (القاهرة) 1948م.

[4] ) محمد رجب البيومي : من تاريخ المماليك : مصر تحتفل  بالمولد النبوي, مقال بمجلة الأزهر  , عدد ربيع أول 1428هـ  الجزء السادس السنة  80, من ص 695-697..

)[5]) wiet, G ,CIA – Materiaux pour un corpus Inscriptionum Arabicum Ier  partie-egypte II ,le caire – IFAO 1929-30( egypte,II),pp.176-177.

)[6]) canard ,M, “Le ceremonial fatimide et le ceremonial byzantine – Essai de comparaison” Byzantion XXII,1951,p.356

([7]) ابن المأمون , جمال الدين أبو علي موسى (ت 588ه): نصوص من أخبار مصر ، حققها وكتب مقدمتها وحواشيها ووضع فهارسها أيمن فؤاد سيد، القاهرة ، المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية، (د. ت), ص 62, 82-83؛ المقريزي, تقي الدين أحمد بن علي (ت. 845هـ): المقفى الكبير , تحقيق محمد اليعلاوي ,ط1,دار الغرب الإسلامي (بيروت)1991م, ج6 ص484  

[8] ) دار الفطرة : هى دار بجوار قصر الخليفة مخصصة للولائم والاحتفالات.  قال عنها ابن عبد الظاهر عن دار الفطرة: وهي قُبالة مشهد الحسين، وهي الفندق الذي بناه الأمير سيف الدين بهادر (الآن) في شهور سنة ست وخمسين وست مائة. وأول من رتب هذه الفطرة الإمام العزيز بالله وهو أول من سنّها. وكانت الفطرة قبل أن ينتقل الأفضل إلى مصر تُعمل بالإيوان وتُفرّق منه، وعندما تحول إلى مصر نقل الدواوين من القصر غليها واستجد لها مكاناً قُبالة دار الملك إلاّ ديواني المكاتبات والإنشاء فإنهما كانا معه في الدار يُتوصل إليهما من القاعة الكبرى التي فيها جلوسه. ثم استجد للفطرة داراً عُملت بعد ذلك ورّاقة وهي الآن دار الأمير عز الدين الأفرم بمصر قبالة دار الوكالة وعُملت بها الفطرة مدة وفرّق منها إلا ما يخص الخليفة والجهات والسيدات والمستخدمات والأستاذين فإنه كان يُعمل بالإيوان على العادة. ولما توفي الأفضل وعادت الدواوين إلى مواضعها أنهى خاصة الدولة ريحان متولي بيت المال أن المكان بالإيوان يضيق بالفطرة، فأمره المأمون أن يجمع المهندسين ويقطع قطعة من إسطبل الطّارمة يبنيه دار الفطرة، وأنشأ الدار المذكور قبالة مشهد الإمام الحسين، والباب الذي بمشهد الحسين يعرف بباب الديلم، وصار يعمل بها ما استجد من رسوم المواليد والوقودات. وعقدت لها جملتان إحداهما وُجدت فسُطرت وهي عشرة آلاف دينار خارجاً عن جواري المستخدمين، والجملة الثانية فُصّلت فيها الأصناف وشرحها: دقيق ألف حملة، سكر سبعمائة قنطار، قلب فستق ستة قناطير، قلب لوز ثمانية قناطير، قلب بندق أربعة قناطير، تمر أربعمائة أردب، زبيب ثلاثمائة قنطار، خل ثلاثة قناطير، عسل نحل خمسة عشر قنطاراً، شيرج مائتا قنطار، حطب ألف ومائتا حملة، سمسم أردبان، أنسون أردبان، زيت طيب رسم الوقيد ثلاثين قنطاراً، ماء ورد خمسون رطلاً، مسك خمس نوافج، كافور قديم عشرة مثاقيل، زعفران مطحون مائة وعشرون درهماً. وبيد الوكيل برسم المواعين والبيض والسقائين وغير ذلك من المؤن على ما يحاسب به ويرفع المخازيم خمسمائة دينار. ووجدت بخط ابن ساكن قال: كان المرتب في دار الفطرة ولها ما يذكر وهو: زيت طيب برسم القناديل خمسة عشر قنطاراً، مقاطع سكندري برسم القوّارات ثلاثمائة مقطع، طيافير جدد برسم السماط ثلاثمائة طيفور، شمع برسم السماط وتوديع الأمراء ثلاثون قنطاراً، أجر الصناع ثلاثمائة دينار، جاري الحامي مائة وعشرون ديناراً، جاري المباشرين والعامل مائة وثمانون ديناراً.   ابن عبد الظاهر، أبو الفضل عبد الله، الروضة البهية الزاهرة في خطط المعزية القاهرة، نحقيق أيمن فؤاد السيد، القاهرة: الدار العربية للكتاب، 1996، ص 26- 28.

([9]) القلقشندي ,أبو العباس أحمد بن علي (ت. 821هـ) : صبح الأعشي في صناعة الإنشاء  ، القاهرة ، دار الكتب المصرية، (1913 – 1919 ), ج3ص502-503.

([10]) هو الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن علي بن بكتكين بن محمد ت 630هـ/1232م ؛ ابن خلكان , أبو العباس أحمد بن محمد (ت681ه): وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان , تحقيق إحسان عباس , دار الثقافة  (بيروت) 1969-1972م ج4ص121-133؛ زامباور , معجم الأنساب , مصر 1951م ,ج2ص 344.

([11])  السخاوي: التبر المسبوك في ذيل السلوك، تحقيق لبيبة إبراهيم ونجوى مصطفى، دار الكتب والوثائق، (القاهرة)، 2007م.ج1 ص 155-156.وهو ينقل ذلك عن ابن الجزري .

([12]) المقريزي :أحمد بن علي (ت845هـ), المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، مكتبة الآداب، (القاهرة)، 1996م, ج3ص386؛  ابن اياس:  أبو البركات محمد بن أحمد، (ت. 930هـ)، بدائع الزهور في وقائع الدهور، تحقيق محمد مصطفى ، ط3، دار الكتب والوثائق القومية؛ (القاهرة)، 2008م.ج1ق1ص289.

([13]) ابن اياس: بدائع الزهور في وقائع الدهور,  (ط دار الشعب, القاهرة 1960م ) , ص 716  .

([14]) المقريزي :  السلوك لمعرفة دول الملوك، تحقيق محمد مصطفى زيادة وسعيد عاشور، ط3، دار الكتب والوثائق، (القاهرة)، 2009م ج1ص386.

([15] ) الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام ولد عام 577هـ . قال عنه جلال الدين السيوطي: الشيخ عز الدين أبو محمد، شيخ الإسلام، سلطان العلماء، أخذ الأصول، وسمع الحديث، وبرع في الفقه والأصول والعربية، وقدم مصر فأقام بها أكثر من عشرين عامًا ناشرًا للعلم، آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، يغلظ على الملوك فمن دونهم، وله من المصنفات والكرامات الكثير، ثم كان في آخر عمره لا يتقيد بالمذهب – يقصد الشافعي – بل اتسع نطاقه، وأفتى بما أدى إليه اجتهاده , السيوطي : جلال الدين عبد الرحمن (ت902هـ)، حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي، (القاهرة)، 1998م , ج1ص  343.

([16]) رشيدة عطا:  شرعية الحكم في دولة المماليك، بحث بكتاب حكومة مصر عبر العصور، هيئة الكتاب  (القاهرة)، 2001م، ص154؛ مصطفى وجيه مصطفى : احتفالات الحج المصرية في عصر سلاطين المماليك ,دار عين (القاهرة)2014م, ص14

([17])المقريزي: السلوك، ج1، ص 540

([18]) أبو شامة: شهاب الدين أحمد بن عبدالرحمن المقدسي(ت665هـ),  الذيل على الروضتين، تحقيق السيد عزت العطار: ط2، دار الجيل (بيروت)، 1974م. ، ص 213.

([19]) قال ابن بطوطة عن مصر في رحلته أنها  مدينة الطرب واللهو والسرور,  ينظر : ابن بطوطه: أبو عبد الله محمد بن عبد الله (ت. 779هـ)،  رحلته،  تحقيق محمد السعيد الزيني: المكتبة التوفيقية، (القاهرة)، د.ت., ص33. وهو نفسه ما شاهده ورواه ابن الصباح الأندلسي في رحلته  زمن برقوق(784-801هـ)   : ابو عبدالله الصباح : أنساب الأخبار وتذكرة الأخيار ,نشر وتحقيق محمد بنشريفة : ط1,دار ابي رقراق (الرباط)2008م., ص116

([20]) ابن حجر: شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد، (ت. 852هـ)،  إنباء الغمر بأبناء العمر، تحقيق حسن حبشي: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية (القاهرة)، 2009م، ج3، ص 402؛ ابن تغري بردي : أبو المحاسن يوسف (ت. 874هـ)،  حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور، ج1 تحقيق فهيم شلتوت: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، (القاهرة) 1990م ،  ص 379؛ ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة , ط دار الكتب المصرية, ج16، ص 123- 126.

([21]) السخاوي : التبر ج1ص155-156 وهو ينقل عن ابن الجزري الذي شاهد اهتمام المماليك باحتفالات المولد النبوي وحضرها في عصر برقوق.

([22]) التبر ج1ص155

([23]) هو لا زال ينقل عن ابن الجزري.

([24]) السيوطي: جلال الدين عبد الرحمن (ت. 902هـ)،  حسن المقصد في عمل المولد , تحقيق مصطفى عبدالقادر عطا: دار الكتب العلمية (بيروت) 1985م ,  ص 41.

([25]) الجزيري : عبد القادر بن محمد بن القادر (ت. 944هـ)، الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحج وطريق مكة المعظمة، نشر حمد الجاسر: ط1 (الرياض)، 1403هـ , ص 287؛ وانظر : المقريزي : السلوك ج1ص 917؛ ابن تغري بردي:  النجوم ج8ص 146, 169.

([26]) المقريزي: السلوك ج2ق3ص678.

([27]) المقريزي: السلوك ج2ق3ص561.

([28]) ابن إياس: بدائع الزهور  , ج1ق1ص587.

([29]) ابن إياس : بدائع , ج1ق2ص136.

([30]) ابن تغري بردي: النجوم ج7ص311.

([31]) المقريزي : السلوك ج3ق2ص575

([32]) ابن اياس : بدائع ج1ق2ص465

([33]) السخاوي : الذيل التام على دول الإسلام للذهبي , تحقيق حسن إسماعيل :دار ابن العماد (بيروت) 1992م, ص392؛ ابن خليل : عبدالباسط بن خليل بن شاهين الظاهري (ت920هـ ), نيل الأمل في ذيل الدول ,تحقيق عمر عبدالسلام تدمري :ط1,المكتبة العصرية (بيروت)2002م.  ج4ص 84, 127, 210, 248؛ ابن حجر: إنباء الغمر: ج3ص241, 300؛ المقريزي: السلوك ج4ق2ص631, 838 ؛ ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة ج16ص 274, 283؛ ابن إياس: بدائع ج2ص 66, 85, 123.

([34]) ابن فهد : نجم الدين عمر بن فهد , إتحاف الورى بأخبار أم القرى، الأجزاء 1- 3 تحقيق فهيم شلتوت: مركز البحث العلمي وإحياء التراث 1984م، ج3، ص 83.

([35]) سيأتي تفصيل ذلك في مبحث مظاهر الاحتفالات  .

([36]) المقريزي: السلوك ج3ق2 ص575؛ ابن الصيرفي: نزهة النفوس في تواريخ الزمان، تحقيق حسن حبشي: ط2، دار الكتب والوثائق، 2010م , ج1ص168

([37]) ابن اياس:  بدائع ج1ق2ص465

([38]) ابن اياس: بدائع ج2ص66

([39]) المقريزي: السلوك ج4ق2ص 738, 767

([40]) على سبيل المثال حدث نفس الأمر سنة 838ه, المقريزي: السلوك ج4ق2ص934, وسنة 846هـ ابن اياس: بدائع ج2ص357, وسنة 849هـ عبدالباسط بن خليل: الروض الباسم في حوادث العمر والتراجم : تحقيق فرج محمد سلام (رسالة ماجستير بكلية الآداب جامعة بنها)2015م , ج1ص404؛ السخاوي: التبر المسبوك ج1ص252 وسنة 869هـ عبدالباسط بن خليل الروض الباسم ج3ص14 ,  وسنة 871هـ ابن اياس: بدائع ج2ص 444, وسنة 873هـ ابن تغري بردي: حوادث الدهور ج3ص 681,عبدالباسط ابن خلي: الروض الباسم ج4ص 17, وسنة 874هـ عبدالباسط ابن خليل: الروض الباسم ج4ص 151,  نيل الأمل ج6ص 396 وسنة 878 هـ  ابن إياس: بدائع ج3ص 90, وسنة 882هـ, 885, 889هـ ابن اياس: بدائع ج3ص 130, 164-165, 206.

([41]) المقريزي: السلوك, ج4ق2ص 767.

([42]) عبدالباسط ابن خليل: نيل الأمل ج6ص273؛ ابن اياس : بدائع ج2ص357.

([43]) ابن تغري بردي:  النجوم ج16 ص 136

([44]) ابن تغري بردي النجوم : ج16 ص 136؛ عبدالباسط ابن خليل: نيل الأمل ج6ص273.

([45]) هناك عدة دراسات تناولت دور العلماء والصوفية عصر المماليك منها على سبيل المثال: علاء طه: فتاوى العلماء، ص62 ؛ حسن أحمد البطاوي: أهل العمامة في مصر عصر سلاطين المماليك، ط1، دار عين (القاهرة)، 2007م.، ص101 ؛ عبد الغني عبد العاطي: التعليم في مصر زمن الأيوبيين والمماليك، ط2، دار المعارف، (القاهرة)، 2002م.، ص115 ؛ محمد محمد أمين: الأوقاف والحياة الاجتماعية في مصر: دراسة تاريخية وثائقية، ط1، دار النهضة (القاهرة)، 1980م.، ص208 ؛ محمد حسن محمد، الأبعاد الاجتماعية لظاهرة التصوف في مصر عصر سلاطين المماليك ,دكتوراه بآداب الزقازيق 1996م، ص222.

([46]) السبكي: معيد النعم ومبيد النقم ,تحقيق محمد علي عمر النجار وغيره ,ط3, مكتبة الخانجي(القاهرة)1996م. ، ص187، 179 ؛ ابن طولون:  نقد الطالب لزغل المناصب ,تحقيق احمد دهمان وغيره :ط1,دار الفكر المعاصر (بيروت)1992م.، ص118

([47]) ابن تغري بردي: حوادث الدهور، ج3  ، ص180   .

([48]) المقريزي: الخطط ج3ص372-373.

([49]) حكم الناصر محمد على ثلاث فترات كانت الأولى (693-694هـ) وكانت الفترة الثانية لحكمة  (698-708هـ) بينما كانت فترة حكمه الثالثة والأخيرة ( 709-741هـ).

([50]) جعله الناصر محمد مرتعًا للثروة الحيوانية التي استقدمها من الوجهين القبلي والبحري ومن برقة ومن غير ذلك , المقريزي: الخطط , ج3ص 372.

([51]) المقريزي: الخطط ج3ص 372-373

([52]) مع التأكيد هنا على أن برقوق كان يؤسس لحكمه هو , وليس لتدعيم الحكم لدولة الجراكسة ؛ لأنه لم يكن يعلم أن وجوده في الحكم يؤسس لدولة ثانية .

([53]) يلبغا الخاصكي الناصري هو من ثار على الملك الناصر حسن فعزله وقتله في شهر جمادى الأولى 862هـ/1361م، وولى مكانة ابني أخيه الملك المنصور محمد بن الملك المظفر حاجي، وأصبح يلبغا صاحب السلطة الحقيقية في الدولة، ، للمزيد عنه انظر، المقريزي، السلوك، ج3 ص60 – 62؛ نجم الدين عمر بن فهد؛ إتحاف الورى، ج3، ص286 – 287 .

([54]) لمعرفة المزيد عن هذا الصراع، انظر المقريزي، السلوك، ج3، ص589 وما بعدها؛ ابن قاضي شهبة، تاريخ ابن قاضي شهبة، ج3، ص263 وما بعدها؛ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج11، ص255.

([55])المقريزي: السلوك ج 3ص 859، 235، 783، 784 ، 405، 597؛ ابن حجر: إنباء الغمر  ج 1 صــ422, 219, 366؛ ابن الفرات :  تاريخ ابن الفرات: الأجزاء 7- 8- 9، تحقيق قسطنطين رزيق: وغيره، المطبعة الأمريكية، (بيروت)، 1942م.  مجلد 9 ج 1,ص 85 ,124؛ ابن تغري بردي:  النجوم الزاهرة ج 12، صــ 110 – 111.؛ابن الصيرفي:  نزهة النفوس ج 1ص 190 ,430 ، 359 , 199, 211,  500؛ ابن اياس: بدائع ,ج1ق2 صــ298؛ إيمان عمر شكر: برقوق مؤسس دولة المماليك الجراكسة , ط1, مكتبة مدبولي (القاهرة) 2002م. صــ 301 – 396

([56]) ينظر إيمان عمر شكر:  برقوق، صــ 301 – 396.

([57]) ابن اياس: بدائع الزهور ج 3 صــ200.

[58]) ) نفسه, نفس الجزء والصفحة.

([59]) ابن اياس: بدائع ج 3 صــ206.

([60]) ابن اياس: بدائع ج3 400 – 401, ج4 صــ20 ، 41.

[61])) ابن إياس , بدائع ج4ص 20, ص41.

([62]) المقريزي: السلوك ج 4 صــ400؛ ابن الصيرفي : نزهة النفوس,  ج 2 صــ387.

([63]) ابن اياس: بدائع ج1 ق1 صــ587، ج1 ق2 صــ136.

([64]) المقريزي: السلوك ج 3 ق2، صــ575؛ عبدالباسط بن خليل: نيل الأمل ج 4 صــ84، 127؛ ابن حجر:  انباء الغمر ج 3 صــ241؛ ابن اياس: بدائع ج 2 صــ66، ج 1 ق2 صــ465،

([65]) المقريزي: الخطط, ج 3 صــ372 – 373.

([66])المقريزي: السلوك, ج 4 صــ631، ج 4 ق2 صــ905 ؛ ابن حجر :انباء الغمر,  ج 3 صــ268؛ ابن الصيرفي: نزهة النفوس,  ج 3 صــ274، 307.

([67]) المقريزي: السلوك ,ح4 ق2 صــ680؛ ابن اياس: بدائع ج 2 صــ96.

([68]) المقريزي: السلوك ,ج 4 ق2 صــ905، 998؛ ابن الصيرفي:  نزهة النفوس , ج 3 صــ372.

([69]) المقريزي: السلوك, ج 4 ق3 ص 1090؛ ابن تغري بردي :النجوم ,ح15 صــ263؛ ابن الصيرفي : نزهة النفوس, ج 4 صــ27.

([70]) ابن الصيرفي :نزهة النفوس  ج4ص 153 وكذلك حوادث  سنة 847هــ ؛ ابن تغري بردي: النحو م ح 15 صــ357.

([71]) ابن اياس: بدائع ج 2 صــ 318 – 319, 323 ,364, 338؛ ابن تغري بردي: حوادث الدهور, ج 1 صــ415 ,447 ؛  النجوم ج16ص155؛ عبدالباسط ابن خليل: الروض الباسم, ج2ص9.

([72]) ابن تغري بردي: النجوم ج 16 صــ116.

([73]) ابن تغري بردي: النجوم ج 16 صــ136.

([74]) ابن تغري بردي: حوادث الدهور ج 3 صــ416, 485 , 510 ؛النجوم ج 16 صــ274، صـ283، صـ291؛عبدالباسط بن خليل: الروض الباسم ج 2 ص106، 151،ج3ص63؛ نيل الأمل ج 6 صــ135 156, 229؛ ابن اياس: بدائع ج 2 صــ390، 402, 414.

([75]) ابن تغري بردي: النجوم ج 16 صـ296.

([76]) ابن الصيرفي: علي بن داود الجوهري، إنباء الهصر بأنباء العصر، تحقيق حسن حبشي، هيئة الكتاب (القاهرة)، 2000م، صــ334.

([77]) ابن اياس: بدائع ج 3 صــ317.

([78]) ابن تغري بردي: حوادث الدهور، ج 3 صــ681؛ عبدالباسط بن خليل: الروض الباسم ح4 صــ17، 151؛ نيل الأمل ج 6 صـــ396؛ ابن اياس:  بدائع ج 3 صــ 21 ، 38 ، 53 ، 63، 90، 108، 119، 130، 145، 164 – 165، 181 – 182، 193، 200، 206، 216، 226، 239، 248، 260، 269، 280، 285، 294، 298، 306، 317.

([79]) ابن اياس: بدائع ج 3 صــ449، ج 4 صــ20، 41، 58، 66، 81، 96، 116، 132، 157، 184، 218، 261، 306، 309، 371، 447, ح5 24 – 25.

([80]) ابن اياس: بدائع ج 1 ق2 صــ804.

([81]) ابن اياس: بدائع ج 3 صــ408.

([82]) ابن حجر: انباء الغمر ج3 صــ365.

([83]) المقريزي: السلوك ج3 ق2 صــ890 – 891 ؛ ابن حجر: انباء الغمر ج2 صــ21؛ ابن اياس: بدائع ج1 ق2 صــ494.

([84]) انظر بالتفصيل :المقريزي:  الخطط, ج1 صــ372 – 373.

[85] ) ابن تغري بردي:  النجوم , ج12ص73

([86]) ابن تغري بردي:  النجوم ج12ص73

[87] ) يقصد بالفقراء هناء الصوفية  (الباحث)

([88])  ابن تغري بردي: النجوم ج12ص74

([89]) ابن الفرات: تاريخه,  1/9 صــ26.

[90] ) التنهيك هو نوع من التغني أو الإنشاد  شاع استعماله في العصر المملوكي .

([91]) ابن الصيرفي : نزهة النفوس, ج1 صــ168.

([92]) عبد المنعم ماجد: نظم ورسوم دولة سلاطين المماليك في مصر , مكتبة الأنجلو مصرية (القاهرة)1979م , ج2 صــ161– 163.

([93]) ابن حجر: انباء الغمر , ج4 صــ208.

([94]) السخاوي: التبر المسبوك ج1 صــ155 – 156.

([95]) السيوطي، حسن المقصد، صــ41؛ ابن اياس: بدائع ج1 ق1 صــ587 ج1 ق2 صــ136.

([96]) ابن الفرات: تاريخه , ج9 ق1 صــ26.

([97]) المقريزي: السلوك ج3 ق3 صــ986؛ ابن اياس: بدائع ج1 ق2 صــ558.

([98]) ابن حجر: انباء الغمر ج1 صــ351؛المقريزي:  السلوك ج3 ق2 صــ576.

([99]) ابن تغري بردي: النجوم ج7 صــ311.

([100]) المقريزي: السلوك ج3 ق2 صــ575ج3 ق3 صــ986 ؛ ابن اياس: بدائع ج1 ق1 صــ587.

([101]) المقريزي: السلوك ج3 ق2 صــ828؛ ابن الصيرفي: نزهة النفوس ج1 صــ168، 375، 400.

([102]) المقريزي: السلوك ج3 ق3 صــ986؛ ابن اياس:  بدائع ج1 ق2 صــ558.

([103]) المقريزي: السلوك ج4 ق2 صــ680؛ ابن اياس:  بدائع ج2 صــ96 – 152؛ ابن حجر:  انباء العز ج3 صــ268، 330؛ عبدالباسط بن خليل: الروض الباسم ج1 صــ404.

([104]) بطبيعة الحال كانت هناك استثناءات مثلما كان الحال سنة 829هـ حيث ” مد السماط بعد العصر… وكانت العادة … أن يمد السماط بعد المغرب…”ابن حجر:  انباء الغمر ج3ص365.

([105]) المقريزي: الخطط ج3ص372-373؛ السلوك ج4ق2ص738

([106]) عبدالباسط بن خليل: نيل الأمل ج4 صــ210؛ المقريزي: السلوك 214 صــ838.

([107])  نيل الأمل ج5 ص56؛ وينظر: ابن تغري بردي:  النجوم ج15 صــ263؛ حوادث الدهور, ج1 صــ415 , 447، ؛ ابن اياس: بدائع ج2 صــ318 – 319، 323.

([108]) ابن الصيرفي: نزهة النفوس,  ج1ص375

([109]) ابن الصيرفي: نزهة النفوس , ج4ص27وينظر أيضًا: لمقريزي:  السلوك , ج4ق3ص1090 ابن تغري بردي: النجوم ج15ص263.

([110]) المقريزي, السلوك ج4ق3ص1090

([111]) ابن الصيرفي: نزهة النفوس  ج4ص153

([112]) ابن الصيرفي :  إنباء الهصر ص21

([113]) ابن الصيرفي: انباء الهصر ص140

([114]) ابن الصيرفي: انباء الهصر ص213

([115]) ابن الصيرفي: انباء الهصر ص 334

([116])ابن حجر:  ابناء الغمر ج4 صــ137.

([117])المقريزي: السلوك ج4 ق3 صــ1164 ؛ ابن اياس: بدائع ج2 صــ220.

([118]) ابن تغر بردي: حوادث ج1 صــ203 ؛ ابن اياس : بدائع ج2 صــ278.

([119])ابن اياس:  بدائع ج2 صــ290.

([120]) ابن اياس: بدائع ج 2,ص 338.

([121]) ابن اياس: بدائع ج3 صــ200.

([122]) الحسيني :حسين بن محمد (معاصر للغوري) نفائس المجالس السلطانية , تحقيق ونشر عبدالوهاب عزام ( ضمن كتاب : مجالس الغوري ) مكتبة الثقافة الدينية (القاهرة) 2010م صــ89.

([123]) محمد رجب البيومي : من تاريخ المماليك: مصر تحتفل بالمولد النبوي, مقال بمجلة الأزهر , عدد ربيع أول 1428هـ  الجزء السادس السنة  80,  ص 293.

[124] )ابن إياس , بدائع , ج3ص200.

[125] ) ابن إياس, نفسه , نفس الجزء والصفحة. ؛ محمد رجب البيومي : من تاريخ المماليك: مصر تحتفل بالمولد النبوي, مقال بمجلة الأزهر ,  ص 293.

[126] ) ابن إياس , نفسه ؛ محمد رجب البيومي , نفسه.

([127]) ابن حجر : انباء الغمر  صــ365 ج3.

([128]) المقريزي: السلوك ج4 ق3 صــ1164.

[129] ) ابن حجر  انباء الغمر ج4 صــ137.

([130]) ابن الصيرفي: نزهة النفوس ج4 صــ27؛ ابن تغري بردي: النجوم ج15 صــ23وانظر أيضًا مثال مشابه عند : المقريزي:  السلوك ج4 ق3 صــ1090.

([131]) ابن حجر :إنباء الغمر  ج4 صــ208.

([132]) ابن الصيرفي : إنباء الهصر صــ140، وكان لذلك أسباب إما عبث الجلبان  أو فساد البدو أو فتن الأمراء وسيأتي تفسيرها لاحقاً.

([133]) ابن اياس: بدائع ج3 صــ53 ، 449؛ عبدالباسط ابن خليل:  الروض الباسم ج3 صــ 179 – 180؛ نيل الأمل ج6 صــ286؛ ابن تغري بردي:  النجوم ج16 صــ360  .

([134]) ابن اياس: بدائع ج2 صــ414.

[135] ) للمزيد : مصطفى وجيه مصطفى, احتفالات الحج المصرية زمن سلاطين المماليك, دار عين (القاهرة) 2014م ص18حيث توجد مناقشة تفصيلية حول هذا الموضوع.

([136]) الجزيري: درر الفرائد صــ287.

([137]) ينظر: ابن اياس:  بدائع ج2 صــ364، 414، ج4 صــ58، 66، ج3 صــ135 ، صــ181 – 1821؛ الجزيري: درر الفرائد صــ287.

[138] ) ابن اياس: بدائع ج3 صــ164 – 165؛ ابن الصيرفي:  انباء الهصر صــ478؛ عبدالباسط بن خليل: نيل الأمل ج7 صــ343؛ السخاوي: النيل التام صــ363.

([139]) ابن اياس: بدائع ج3 صــ164 – 165؛ ابن الصيرفي:  انباء الهصر صــ478؛ عبدالباسط بن خليل: نيل الأمل ج7 صــ343؛ السخاوي: النيل التام صــ363.

([140]) ابن اياس: بدائع ج2 صــ140.

([141]) ابن تغري بردي: النجوم ج12 صــ74.

([142]) المقريزي: السلوك ج4 ق1 صــ524.

[143] ) ينظر التفاصيل عند : صالح بن يحيى (ق9هـ)، تاريخ بيروت , نشر لويس شيخو (بيروت)1927م ص221-224.

([144]) ابن تغري بردي: النجوم ج16 صــ136.

([145]) عبدالباسط بن خليل: نيل الأمل ج7 صــ413؛ ابن اياس :  بدائع ج3 صــ216.

([146]) ابن اياس: بدائع, ج4 صــ184 .

([147]) ابن اياس: بدائع , ج4 صــ184.

([148]) ابن تغري بردي: النجوم ج16 صــ274؛ عبدالباسط بن خليل: نيل الأمل ج6 صــ156؛ الروض الباسم ج2 صــ151، ؛ ابن اياس: بدائع ج2 صــ402.

([149]) عبدالباسط بن خليل : نيل الأمل ج6 صــ181؛ ابن تغري بردي:  النجوم ج16 صــ283؛ ابن اياس:  بدائع ج2 صــ414.

([150]) ابن تغري بردي: حوادث ج3 صــ485.

([151]) ابن اياس: بدائع ج3 صــ206.

([152]) ابن اياس: بدائع ج3 صــ216.

([153]) سعيد عبدالفتاح عاشور: المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك، دار النهضة العربية، (القاهرة)، 1992م, صــ199.

([154]) المقريزي,  السلوك ج3 ق2 صــ576؛ابن حجر: انباء الغمر، ج1 صــ351؛ ابن الصيرفي,  نزهة النفوس  ج صــ167 – 168.

([155]) ابن الحاج:  المدخل إلى الشرع الشريف، المكتبة التوفيقية (القاهرة) د.ت  ج2 صــ5.

([156]) ابن الحاج: المدخل ج2 صــ6.

([157]) ابن الحاج: المدخل , ج2 صــ10.

([158])  هذا الرأي هو ما رواه : السيوطى: حسن المقصد,  صــ61. في مناقشته لحديث ابن الحاج عن المولد.

([159]) ابن الحاج : المدخل , ج2 صــ24.

([160]) ابن الحاج: المدخل ج2 صــ24.

([161]) ابن الحاج: المدخل ج2 صــ11 – 14.

([162]) ابن الحاج : المدخل صــ12.

([163]) ابن الحاج: المدخل, ج2، صــ12.

([164]) لم تكن المقابر أو القرافة خاصة بالأموات بل كانت متنزهًا لأهل القاهرة , وعنها ينظر ابن بطوطة , الرحلة ص 31-33..

[165] ) ابن الحاج: المدخل , ج2 صــ15 – 16

[166] ) ابن الحاج, المدخل , ج2 ص 24.

([167]) ينقل :السيوطى: حسن المقصد، صــ67. عن الأدفوي  في الرسالة التي خصها لمناقشة أمر المولد.

([168]) السيوطي: حسن المقصد صــ46 – 47.

([169]) السيوطى: حسن المقصد  صــ63.

([170]) السيوطى: حسن المقصد , ص 64.

([171]) ابن اياس: بدائع ج2 صــ200.

([172]) ابن بطوطه :رحلة ,ص53.

([173]) قاسم عبد قاسم: دراسات في تاريخ مصر الاجتماعي عصر سلاطين المماليك، دار الشروق (القاهرة)، 1994م.، ص72

([174]) ابن أيبك : أبو بكر عبد الله بن أيبك (ت. 709هـ)، كنز الدرر وجامع الغرر, ج8 تحقيق أولرخ هارمان، (القاهرة) 1971م, ص 348؛ المقريزي: السلوك، ج1 ص803 ؛ ابن تغري بردي: النجوم، ج10 ص159، ج11 ص174

([175]) المقريزي: السلوك ج2 ق1 صــ134؛ ابن اياس: بدائع ج1 ق2 صــ804.

([176]) المقريزي: السلوك، ج4 ص226 – 227؛ وحتى ابو المحاسن نفسه بالرغم من دفاعه الكثير عن الظاهر فرج يقول عن ايامه “…ثم وقع فتن كثيرة بين الأمراء الظاهرية , وتداول ذلك بينهم سنين عدة , وأفنى بعضهم بعضا قتلا وحبسا . وخربت غالب بلاد مصر في تلك الايام واستمر ذلك وزاد ..” ابن تغري بردي : مورد اللطافة فيمن ولي السلطنة والخلافة، تحقيق محمد عبد العزيز أحمد، دار الكتب (القاهرة)، 1997م., ج 2 ص 123

([177]) ابن اياس: بدائع ج2 صــ460.

([178]) ابن اياس: بدائع ج3 صــ400 – 401.

[179] ) نفسه , نفس الجزء والصفحة.

([180]) ابن اياس: بدائع ج1 صــ90.

([181]) ابن اياس: بدائع ج3 صــ226.

([182]) ابن اياس: بدائع ج3 صــ260.

([183]) قاسم عبده قاسم: في تاريخ الأيوبيين والمماليك ، دار عين (القاهرة)، 2007م.,ص298 ؛ نفسه,  دراسات في تاريخ مصر ، ص73

([184]) المقريزي: السلوك، ج3 ص608، 613 ؛ ابن الصيرفي نزهة النفوس: ج1 ص203، ج2 ص161 ؛ ابن تغري بردي :النجوم ، ج12 ص320 ؛ ابن اياس ,بدائع، ج1 ق2 ص587

([185]) ابن حجر: إبناء الغمر، ج3، ص 402؛ ابن تغري بردي: المصدر السابق، ج14، ص 326- 327؛ ج16، ص 123- 126.

([186]) ابن إياس: نفسه ، ج3 ص82.

([187]) ابن الصيرفي: المصدر السابق ، ج3 ص161 ؛ عبد الباسط ابن خليل: المصدر السابق ، ج2 ق4 ص257

([188]) ابن حجر: انباء الغمر ,  ج4 صــ137.

([189]) ابن حجر: انباء الغمر ج4 صــ208؛ السخاوي: التبر المسبوك ج1 صــ155.

([190]) ابن تغري بردي: حوادث ج3 صــ510.

([191]) عبد الباسط بن خليل: الروض الباسم  ج3 صــ63، نيل الأمل ج6 صــ؛ ابن تغري بردي: النجوم ج16 صــ291,

([192]) عبد الباسط بن خليل: الروض الباسم ج3 صــ119؛  نيل الأمل  ج6 صــ253؛ ابن تغري بردي: النجوم 6 صــ296.

([193]) ابن تغري بردي: حوادث الدهور ج3ص525

([194]) السخاوي :المصدر السابق ، ج3 ص1029، 1069

([195]) السخاوي: وجيز الكلام ، ج1 ص205

([196]) عبد الباسط ابن خليل: نيل الأمل، ج2 ق6 ص82 ؛ بدائع، ج2 ص360

([197]) ابن تغري بردي: النجوم، ج16 ص145

([198]) لمزيد من التفاصيل عن الأوبئة والطواعين ينظر :

Aylon , the plague and its effect upon the mamluk Army ” J.R.A.S” 1946  p . 69-100; Aylon , Regarding population Estimates in the countries of medieval islam ” in his : Outsiders in the land of islam : mamluks , mongo and Eunuchs “variorum Reprints ,London 1988,p 16_18;  Dols,the black death .p-p305-314

([199]) ابن اياس: بدائع ج4 صــ306.

([200]) ينظر طواعين وأوبئة العصر بالتفصيل عند : قاسم عبده قاسم: دراسات في تاريخ مصر ، ص 166.

([201]) رصدت مصادر عصر المماليك أضرار أخرى سببتها الرياح للمصريين على المستوى الاقتصادي ينظر: ابن أيبك :كنز الدرر، ج8، 239 ؛ المقريزي: السلوك, ج2ص637، ج4، ص635؛ابن اياس: بدائع، ج2، ص374.

([202]) السخاوي: الذيل التام، ص392.


قائمة المصادر والمراجع

أولًا المصادر:

  1. ابن إياس، أبو البركات محمد بن أحمد، (ت. 930هـ)، بدائع الزهور في وقائع الدهور، تحقيق محمد مصطفى ، ط3، دار الكتب والوثائق القومية؛ (القاهرة)، 2008م.
  2. ابن أيبك , أبو بكر عبد الله بن أيبك (ت. 709هـ)، كنز الدرر وجامع الغرر، الجزء الثامن المسمى “الدرة الزكية في الدولة التركية” تحقيق أولرخ هارمان، (القاهرة) 1971م.
  3. ابن بطوطه:  أبو عبد الله محمد بن عبد الله (ت. 779هـ)، رحلته، المعروفة بـ “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب السفار”، تحقيق محمد السعيد الزيني، المكتبة التوفيقية، (القاهرة)، د.ت.
  4. ابن تغري بردي: أبو المحاسن يوسف (ت. 874هـ)، حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور، ج1 تحقيق فهيم شلتوت، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، (القاهرة) 1990م، ج2،ج3 تحقيق ,وليم بوبر ,1931,1942
  5. ـــــــــــــــــــــــــــ ، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، الأجزاء من 1- 12 تحقيق القسم الأدبي بدار الكتب، ج13 تحقيق فهيم شلتوت (القاهرة)، 1970م. ج14، تحقيق فهيم شلتوت وجمال محرز (القاهرة)، 1971م. ج15 تحقيق إبراهيم طرخان، (القاهرة) 1971م. ج16 تحقيق جمال الشيال وفهيم شلتوت (القاهرة)، 1972م.
  6. ــــــــــــــــــــــــ , مورد اللطافة فيمن ولي السلطنة والخلافة، تحقيق محمد عبد العزيز أحمد، دار الكتب (القاهرة)، 1997م.
  7. الجزيري : عبد القادر بن محمد بن القادر (ت. 944هـ)، الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحج وطريق مكة المعظمة، نشر حمد الجاسر، ط1 (الرياض)، 1403هـ
  8. ابن الحاج:  أبو عبد الله محمد بن محمد العبدري، (ت. 737هـ)، المدخل إلى الشرع الشريف، المكتبة التوفيقية (القاهرة) د.ت .
  9. ابن حجر: شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد، (ت. 852هـ) إنباء الغمر بأبناء العمر، تحقيق حسن حبشي، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية (القاهرة)، 2009م
  10. ابن خليل ,عبدالباسط بن خليل بن شاهين الظاهري (ت920هـ)نيل الأمل في ذيل الدول ,تحقيق عمر عبدالسلام تدمري ,ط1,المكتبة العصرية (بيروت)2002م.
  11. ــــــــــــــــــــــــــــــــ, الروض الباسم في حوادث العمر والتراجم , تحقيق فرج محمد سلام (رسالة ماجستير بكلية الآداب جامعة بنها)2015م
  12. ابن خلكان , أبو العباس أحمد بن محمد (ت681ه): وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان , تحقيق إحسان عباس , دار الثقافة  (بيروت) 1969-1972م
  13. السبكي، تاج الدين عبدالوهاب(ت771هـ)معيد النعم ومبيد النقم ,تحقيق محمد علي عمر النجار وغيره ,ط3, مكتبة الخانجي(القاهرة)1996م.
  14. السخاوي: محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن بكر (ت. 902هـ)، التبر المسبوك في ذيل السلوك، تحقيق لبيبة إبراهيم ونجوى مصطفى، دار الكتب والوثائق، (القاهرة)، 2007م.
  15. ـــــــــــــــــــ , الذيل التام على دول الإسلام للذهبي , حوادث (745-850هـ) تحقيق حسن إسماعيل ,دار ابن العماد (بيروت) د.ت
  16. السيوطي:  جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت. 902هـ)،, حسن المقصد في عمل المولد , تحقيق مصطفى عبدالقادر عطا, دار الكتب العلمية (بيروت) 1985م .
  17. أبو شامة:  عبد الرحمن بن إسماعيل، (ت. 665هـ)، الذيل على الروضتين، تحقيق السيد عزت العطار، ط2، دار الجيل (بيروت)، 1974م..
  18. ابن الصباح : ابو عبدالله الصباح (النصف الثاني من ق الثامن الهجري )رحلته المعروفة بـ : أنساب الأخبار وتذكرة الأخيار ,نشر وتحقيق محمد بنشريفة ,ط1,دار ابي رقراق (الرباط)2008م.
  19. ابن الصيرفي، علي بن داود الجوهري (ت. 900هـ)، نزهة النفوس في تواريخ الزمان، تحقيق حسن حبشي، ط2، دار الكتب والوثائق، 2010م
  20. ـــــــــــــــــــــ إنباء  الهصر بأبناء العصر , تحقيق حسن حبشي, هيئة الكتاب (القاهرة) 2001م 
  21. ابن طولون:  الحسن بن حسين ابن احمد (ت923هـ)، نقد الطالب لزغل المناصب ,تحقيق احمد دهمان وغيره ,ط1,دار الفكر المعاصر (بيروت)1992م.
  22. ابن الفرات ناصر الدين محمد بن عبد الرحيم بن علي المصري (ت. 807هـ)، تاريخ ابن الفرات، الأجزاء 7- 8- 9، تحقيق قسطنطين رزيق، وغيره، المطبعة الأمريكية، (بيروت)، 1942م.
  23. ابن فهد نجم الدين عمر بن محمد بن محمد (ت. 885هـ)، إتحاف الورى بأخبار أم القرى، الأجزاء 1- 3 تحقيق فهيم شلتوت، مركز البحث العلمي وإحياء التراث 1984م
  24. القلقشندي : أحمد بن علي القلقشندي ( ت 820 هـ / 1417 م )  صبح الأعشي في صناعة الإنشاء ، الأجزاء ( 1 – 14 ) ، القاهرة ، مطبعة دار الكتب المصرية ، (1913 – 1919 )م
  25. ابن المأمون : جمال الدين أبو علي موسى بن المأمون البطائحي (ت 588هـ/ 1192م). نصوص من أخبار مصر ، حققها وكتب مقدمتها وحواشيها ووضع فهارسها أيمن فؤاد سيد ، القاهرة ، المعهد العلمي ، الفرنسي للآثار الشرقية ، ( د . ت )
  26. المقريزي: تقي الدين أحمد بن علي (ت. 845هـ)،, المقفى الكبير , تحقيق محمد اليعلاوي ,ط1,دار الغرب الاسلامي (بيروت)1991م.
  27. ــــــــــــــــــــــ , المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، مكتبة الآداب، (القاهرة)، 1996م
  28. ـــــــــــــــــــــــــ ,  السلوك لمعرفة دول الملوك، تحقيق محمد مصطفى زيادة وسعيد عاشور، ط3، دار الكتب والوثائق، (القاهرة)، 2009م

ثانيًا- المراجع:

  1. إيمان عمر شكر، برقوق مؤسس دولة المماليك الجراكسة ,ط1,مكتبة مدبولي(القاهرة)2002م.
  2. حسن أحمد البطاوي، ، أهل العمامة في مصر عصر سلاطين المماليك، ط1، دار عين (القاهرة)، 2007م
  3. زامباور:  أدوارد زافون, معجم الأنساب والأسرات الحاكمة  , مصر 1951م .
  4. عبد الغني عبد العاطي، التعليم في مصر زمن الأيوبيين والمماليك، ط2، دار المعارف، (القاهرة)، 2002م.
  5. عبدالوهاب عزام مجالس الغورى , مكتبة الثقافة الدينية (القاهرة) 2010م .
  6. عبد المنعم ماجد، نظم ورسوم دولة سلاطين المماليك في مصر , مكتبة الأنجلو مصرية (القاهرة)1979م
  7. محمد محمد أمين، الأوقاف والحياة الاجتماعية في مصر: دراسة تاريخية وثائقية، ط1، دار النهضة (القاهرة)، 1980م.،
  8. سعيد عبدالفتاح عاشور، المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك، دار النهضة العربية، (القاهرة)، 1992م,.
  9. رشيدة عطا,  شرعية الحكم في دولة المماليك، بحث بكتاب حكومة مصر عبر العصور، هيئة الكتاب  (القاهرة)، 2001م
  10. . محمد حسن محمد، الأبعاد الاجتماعية لظاهرة التصوف في مصر عصر سلاطين المماليك ,دكتوراه باداب الزقازيق 1996م,اشراف قاسم عبده قاسم .
  11. محمد رجب البيومي , من تاريخ المماليك: مصر تحتفل بالمولد النبوي, مقال بمجلة الأزهر, عدد ربيع أول 1428هـ  الجزء السادس السنة  80, من ص 695-697..
  12. مصطفى وجيه مصطفى , احتفالات الحج المصرية في عصر سلاطين المماليك ,دار عين (القاهرة)2014م
  13. قاسم عبده قاسم  ، دراسات في تاريخ مصر الاجتماعي عصر سلاطين المماليك, دار الشروق (القاهرة) 1993م
  14. قاسم عبده قاسم، في تاريخ الأيوبيين والمماليك, دار عين (القاهرة) 2009م.
  15.  السندوبي, حسن : تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي من عصر الإسلام الأول إلى عصر فاروق, مكتبة الاستقامة (القاهرة) 1948م.
  16. Aylon , the plague and its effect upon the mamluk Army ” J.R.A.S” 1946 
  17. Aylon , Regarding population Estimates in the countries of medieval islam ” in his : Outsiders in the land of islam : mamluks , mongo and Eunuchs “variorum Reprints ,London 1988,
  18. Dols, Michael W., The black death in the middle east (Princeton),N G ,1977
  19. wiet, G ,CIA – Materiaux pour un corpus Inscriptionum Arabicum Ier  partie-egypte II ,le caire – IFAO 1929-30. ,
  20. canard ,M, “Le ceremonial fatimide et le ceremonial byzantine – Essai de comparaison” Byzantion XXII,1951.