أ. د. طه حسين هُديل
أ. د. طه حسين هُديل([1])
ملخص البحث
يتناول هذا البحث الموسوم بـ: أبين في كتابات الرحالة والجغرافيين في العصر الإسلامي في المدة الزمنية من القرن الثالث وحتى العاشر الهجريين/ التاسع حتى السادس عشر الميلاديين؛ دراسة تاريخية لما دونه الرحالةُ والجغرافيون اليمنيون والعرب والمسلمون عن أبين في المدة موضوع الدراسة، وذلك من خلال مشاهداتهم لأبين، أو ما سمعوا عنها من غيرهم من الرحالة والجغرافيين من معلومات تعد اليوم مادة مهمة لأي باحث في تاريخ أبين بحدودها الجغرافية ومدنها وقراها وجبالها وأوديتها المعروفة في وقتنا الحاضر، علمًا بأن عدم زيارة العديد من الجغرافيين لهذه الجهة واعتمادهم على ما جاء به غيرهم أوقع العدد منهم في إشكالية الخلط في المعلومات، لعدم تأكدهم منها، وهو ما دفعنا إلى دراسة كل هذه الجوانب في بحثنا هذا.
Abyan in the Writings of Travelers and Geographers in the Islamic era
(From the third to the tenth centuries AH / ninth to the sixteenth century AD)
This entitled research “ Abyan in the Writings of Travelers and Geographers in the Islamic era from the third to the tenth century AH / ninth until the sixteenth century AD” tackles the historical study of what Yemeni geographers and Yemeni travelers as well as Arab Muslim recorded on Abyan in the period of this current study through their observations of Abyan or what information they heard from other travelers and geographers that is today considered an important material for any researcher interested in studying Abyan history with its geographical borders, cities, villages, mountains and valleys known in our present time. Mentioning that as a reason many geographers have not visited this entity and have not relied on what others have brought up made a number of them fell into the problem of confusion in information due to the lack of information accuracy. Consequently, this research aims at studying these aspects .
المقدمة
حظيت أبين بمدنها وقراها التاريخية المعروفة اليوم، بنصيب لا باس به في كتابات المؤرخين اليمنيين وغيرهم من المؤلفين العرب والمسلمين، الذين تركوا لنا مادة تاريخية مهمة لا يمكن الاستغناء عنها عند تدوين تاريخ أبين ومحيطها في العصر الإسلامي، وشكلت تلك المادة العلمية ذخيرة لأي باحث أراد الكتابة عن تاريخ أبين في المدة موضوع الدراسة، علمًا بأنه لا يمكن الخوض في دراسة تاريخ أبين إلا بالعودة إلى تلك المؤلفات والمصادر التاريخية التي تنتشر أخبار أبين بين سطور صفحاتها، لاسيما وأنه من الصعب على أي باحث أن يجد مادة متكاملة عن أبين في جزء من مؤلف واحد أو كتاب خاص بها، مما يدفعنا – اليوم – إلى ضرورة إعادة جمع ما كُتِبَ عن أبين في المصادر التاريخية، لما لقيته من إهمال كبير من قبل المؤرخين اليمنيين، الذين ترك بعضهم مؤلفات كاملة شاملة للعديد من المناطق والمدن اليمنية الأخرى مثل: عدن وحضرموت وصنعاء وزبيد ووصاب وتعز وغيرها، مع إهمالهم وضع كتاب خاص بهذا الجزء المهم من مناطق جنوب الجزيرة العربية، مما يجعلنا أمام تاريخ مجهول لمعظم مناطق أبين ومدنها وقبائلها وسكانها مقارنة بغيرها من المدن اليمنية المذكورة خلال مدة الدراسة.
وعلى الرغم من تنوع الأخبار التاريخية لأبين بين مصادر التاريخ العام والخاص المختلفة، إلا أن كتب الجغرافيا والبلدانيات والرحالات وغيرها تعد من بين أهم المصادر التاريخية التي لا يمكن الاستغناء عنها عند الكتابة عن تاريخ أبين، لما احتوته من مادة تاريخية – وإن كانت بسيطة – سخرها مؤلفوها لذكر أبين، وما جاء عنها وعن موقعها، وعادات أهلها وتقاليدهم، وما اشتهرت به من ثروات، فضلًا عن ذكرهم للمناطق الأخرى التي تدخل اليوم في إطار المساحة الجغرافية لهذه البلاد التي من الصعب ضبط حدودها الجغرافية التاريخية بمنطقة أو مدينة معينة، مما دفعني إلى جمع ما يمكن جمعه عنها كما جاء في وثائق الرحالة والجغرافيين اليمنيين والعرب المسلمين في محاولة للخروج بتصور عن هذه المنطقة وتاريخها في العصر الإسلامي.
ولتحقيق الهدف المنشود قمت بتقسيم هذه الدراسة إلى مقدمة، ومبحثين رئيسين، تناولت في المبحث الأول منها ما جاء من وصف عن موقع أبين ومدنها وتحصيناتها في كتب الرحالة والجغرافيين، وما تناولوه عن تسميتها والمناطق التابعة لها اليوم، وحدودها وتقسيماتها، وأهم حصونها، وخصصت المبحث الثاني لمعرفة أوضاع أبين الاجتماعية والاقتصادية كما تحدث عنها الرحالة والجغرافيون، من حيث طبيعة أهلها وقبائلها وتفرعاتهم القبلية، وعاداتهم وتقاليدهم المختلفة كما وصفها هؤلاء الرحالة والجغرافيون في المدة موضوع الدراسة، وطبيعتها الاقتصادية، وأهم أوديتها ومنتجاتها الزراعية التي اشتهرت بها في ذلك الحين، وأنهيت دراستي هذه بخاتمة لخص من خلالها أهم النتائج والاستنتاجات التي توصلت إليها، وقائمة بأهم المصادر والمراجع التي اعتمدت عليها الدراسة.
المبحث الأول
موقع أبين ومدنها وتحصيناتها في كتب الرحالة والجغرافيين
تُعَّد كتب الجغرافيا والرحلات من أهم المصادر التي يمكن الاعتماد عليها في كتابة التاريخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي وغيره، لاحتوائها على معلوماتٍ تاريخيةٍ نادرة قد لا نجدها في غيرها من أمهات المصادر التاريخية المختلفة، وكانت أبين التي ارتبط اسمها عبر التاريخ بعدن من بين اهتمامات المؤرخين الجغرافيين والرحالة الذين اهتموا بالحديث عن طبيعتها الجغرافية والبيئية، وموقعها وحدودها التاريخية المفتوحة التي لم تحدد بمساحة معينة، نتيجة لسعة التسمية، لاسيما وأن أبين لم تكون مدينة بعينها بل منطقة جغرافية واسعة، ضمت بين حدود أراضيها مدن وقرى وأودية وجبال وحصون متعددة، إضافة إلى مناطق وبلاد تدخل اليوم في حدودها مثل دثينة وأحور وغيرها، وقبل الحديث عن كل هذا لابد أولًا من التطرق إلى أصل مصطلح أبين ودثينة وأحور، ومصدره بحسب ما جاء عند هذا النوع من المصادر التاريخية الجغرافية والبلدانية.
أولًا- تسمية أبين:
مما تميزت به كتب الرحالة والجغرافيين والبلدانيين أن مؤلفيها ركزوا عند حديثهم عن أي منطقة أو مدينة على ضبط التسمية، وأصلها وأسبابها ونسبتها، كجانب مهم للتعريف بها، وأبين من المناطق التي فسر بعض الجغرافيين أصل تسميتها، ومن نسبت إليه، وعلى الرغم من أن المؤرخ والجغرافي والنسابة اليمني الهمداني([2])، قد ذكر أبين وتتبع مدنها وقراها، إلا أنه لم يشر إلى أصل التسمية، وإلى من تنسب في كتابه: ((صفة جزيرة العرب)) – وهو من أوائل كتب الجغرافيا التي أشارت إلى أبين وغيرها – ويجتهد هنا المحقق الأستاذ محمد بن علي الأكوع ويشير إلى أنها تنسب إلى أبين بن ذي يقدم بن الصوار بن عبدشمس من حمير، معتمدًا في ذلك – فيما يبدو – على ما جاء به بعض النسابة والجغرافيين المسلمين، أمثال: الهمداني([3]) نفسه في كتابه: “الإكليل”، والبكري([4]) الذي ينسب أبين إلى رجل من وائل بن الغوث من حمير، ويقول في ذلك: ((أبين بن ذي يقدم بن الصوار بن عبد شمس بن وائل بن الغوث)). كما اعتمد الأكوع على بعض المؤلفات التاريخية وكتب التراجم والطبقات التي تطرقت إلى بعض هذه الأمور في أثناء تعريفها لبعض الشخصيات من العلماء والفقهاء الذين ينسبون إلى أبين وغيرها من مناطق جنوب الجزيرة العربية، مثل كتاب: ((طبقات فقهاء اليمن))([5]) الذي يذهب مؤلفه إلى نسب أبين إلى رجل من ولد قحطان دون أن يذكر اسمه، فيقول في ذلك: ((أبين بفتح الهمزة، وهو اسم رجل من ولد قحطان، فسميت البلد به)).
ويورد المؤرخ والجغرافي الزمخشري([6]) معلومة يذكر فيها أن أبين سميت برجل من حمير، دون أن يحدد اسمه، فيقول في ذلك: ((عَدن أبيَن: بلد باليمن نسب إلى أبيَن، وهو رجل من حمير أقام بها، ويقال عَدَن يَبين)).
بينما ينقل بعض الجغرافيين ومنهم ياقوت الحموي([7]) رأيًا أن: أبين يفتح أوله ويكسر بوزن أحمر، ويقال يبين، وذكره سيبويه في الأمثلة بكسر الهمزة، ولا يعرف أهل اليمن غير الفتح، وحكى أبو حاتم قال: سألنا أبا عبيدة كيف تقول عدن أبين أو إبين؟ فقال: أبين وإبين جميعًا، وهو مخلاف باليمن منه عدن، ويشير في موضع آخر إلى أن أبين تنسب إلى شخص يسمى: أبين بن زهير، ويعيد نسبه إلى حمير بن سبأ([8])، الذي يقول في تعريفه لسبب التسمية: ((سمي بأبين بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ)). ويذكر في موضع آخر نقلًا عن الطبري أن عدن وأبين أبناء عدنان بن أدد([9]). ويضيف أيضًا أن: ((أبين اسم رجل نسبت إليه عدن إبين))([10]).
ويقدم الجغرافي الحميري([11]) معلومات يشير فيها إلى أن أبين تنسب إلى رجل دون أن يحدد اسمه، ويقول في ذلك: ((أبين باليمن، قيل فيه بكسر الألف وفتحها، وهو اسم رجل في الزمن القديم إليه تنسب عدن أبين من بلاد اليمن، وبينها وبين عدن اثنا عشر ميلًا)).
كما اهتمت كتب الجغرافيين في العصر الإسلامي بمنطقة دثينة التي تدخل اليوم في الإطار الجغرافي لأبين، فأطلق عليها الزمخشري([12]) اسم الدثينة والدفينة، مشيرًا إلى أنها منزل لبني سليم، ويقول عنها ياقوت الحموي([13]): ((دثين بفتح أوله وكسر ثانية، وياء مثناة من تحت، وآخره نون، اسم جبل، يقال دثن الطائر تدثينًا))، أي أسرع في طيرانه في السماء وسقط في مواضع متقاربة، فيقال لها دثين. وشكلت تلك المنطقة أحد الهضاب التي حظيت باهتمام الشعراء وغيرهم، يقول الشاعر الكلابي فيها:
سقى اللهُ ما بين الشطونِ وغمرة ** وبئرَ دريراتٍ وهضبَ دثينِ
ونصل هنا إلى خلاصة، أنه على الرغم من اختلاف المصادر الجغرافية حول أصل التسمية لأبين وبعض المناطق التابعة لها؛ إلا أن أصل التسمية تعود لرجل تعددت الروايات حوله، واختلفت كتب الجغرافيا في جذوره القبلية والأسرية.
ثانيًا- حدود أبين وتقسيماتها:
ذهب بعض الجغرافيين في العصر الإسلامي إلى تحديد موقع أبين، معتمدين في ذلك على موقعها بالنسبة للجزيرة العربية عامة أو للمنطقة المجاورة لها، وعرف بعضهم موقعها بحكم قربها من عدن، لهذا كثيرًا ما كان يرتبط اسم أبين بعدن، لتمييز عدن عن بقية المناطق اليمنية التي كانت تحمل الاسم ذاته، كعدن لاعة وغيرها، فأطلق عليها عدن أبين([14])، مما يثبت لنا مدى التقارب الجغرافي بين المنطقتين، وتداخل حدودهما المكانية، والتاريخ المشترك بينهما، دون تحديد للفواصل الجغرافية بينهما، ويعد المؤرخ والجغرافي والرحالة ابن خرداذبة([15]) من أوائل من أشاروا من الجغرافيين المسلمين إلى موقع أبين، في أثناء تحديده لمحطات السفر عبر ساحل جنوب الجزيرة العربية، للمسافرين من شرقها إلى غربها ثم شمالها، موضحًا أنها أحد محطات قوافل المسافرين بين عُمان ومكة، حيث يقول في ذلك: ((وأما من عُمان إلى مكة فعلى طريق الساحل …، بلاد الشحر، مخاليف كندة، مخاليف عبد الله بن مذحج، مخلاف لحج، أبين، عدن، مغاص اللؤلؤ، مخلاف بني مجيد، المنجلة، مخلاف الركب، المندب، مخلاف رمع، زبيد، مخلاف عك، الحردة، مخلاف الحكم، عثر، … إلى مرسى ضنكان ثم مرسى حلى ثم السرّين ثم أغيار ثم الهرجاب ثم الشعيبة ثم منزل ثم جدة ثم مكة)).
ويأتي المؤرخ والجغرافي الهمداني([16]) في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي ليرسم أمامنا صورة للمساحة المعروفة لأبين في ذلك الوقت، دون التوسع في ذلك بما يخرج عن نطاق التسمية، مما لا يعطي لنا تصورًا عن حدود أبين الشاملة اليوم، وما يدخل فيها من مناطق ومدن معروفة في وقتنا الحالي، وكأن أبين منطقة محدودة بعدد من المدن والقرى والأودية، ولا يدخل في إطارها الجغرافي بقية المناطق المعروفة اليوم والتابعة لها عامة، مثل: دثينة وأحور وغيرها، ويحدد في تعريفه لأبين المناطق التي تعد الحد الأول لها، وحتى آخر نهاية مساحتها التي بها تنتهي أبين، ليدخل في إطار التسمية لأبين مناطق أخرى، قد تكون تداخلت معها حدوديًا، ويقول في ذلك: ((أبين أولها شوكان([17]) قرية كبيرة لها أودية وهي للأصبحيِّين، والمدينة الكبيرة خنفر وهي أيضًا للأصبحيين وقوم من بني مجيد يدعون الحرميين وقوم من مذحج يدعون الزّفريِّين، المضري قرية يسكنها الأصبحيُّون، الرواع يسكنها بنو مجيد، الملحة يسكنها بنو مجيد، والمصنعة يسكنها الأصبحيون، الجشير يسكنها الأصبحيُّون أيضًا، الطَّريَّة يسكنها العامريون من ولد الأشرس، الباردة يسكنها قوم يقال لهم الرَّبيعيُّون من كهلان، الجثوة يسكنها الرَّبعيُّون أيضًا، الحجبور يسكنها الأخاضر من مذحج، الفقُّ يسكنها الأصبحيون. وقرى أبين كثيرة بين بني عامر من كندة وبين الأصابح من حمير وبني مجيد ومن يخلط الجميع من مذحج وهو يسير، فإلى السفال إلى البحر، بوزان يسكنها قوم من حضبر يدعون بني الحضبري وعدادهم في مذحج، الشريرة يسكنها الأصبحيُّون، نخع يسكنها بنو مسلية، الروضة يسكنا الأصبحيون، وحلمة يسكنها الأصبحيون، قحيضة يسكنها الأحلول من بني مجيد، قرية تعرف بيوسف بن كثير وبني عمه وهم قوم ربعيون، قرية تعرف بمحل حميد يسكنها قوم من أحور ناجعة وقد توطنوها، قرية على ساحل البحر ذهب عني اسمها يسكنها قوم من مذحج، تمت صفة أبين)).
ويبدو أن، شوكان التي وصفها بالقرية كبيرة المساحة دون أن يطلق عليها اسم مدينة هي أول مناطق أبين، مع عدم تحديده للجهة والمنطقة المحادة لها، واكتفى بالقول بأن لها أودية، وقبائل تسكنها – سوف نتحدث عنها بالتفصيل لاحقًا -، ومن خلال التفاصيل الداخلية التي وردت في النص المذكور سابقًا عن بقية مناطق أبين، التي ذكر فيها نخع، ويبدو أنه يقصد بها النخعين أو وادِ نخعن، لقبيلة النخع المعروف سكنهم فيما بين مدينة لودر شمالًا ومدينة شقرة جنوبًا([18])، ثم وصفه الطويل لبقية مناطق وقرى أبين، يصل في الأخير إلى ذكر أن هناك قرية على ساحل البحر – يقول إنه قد نسي اسمها – هي نهاية صفة أبين، أو يمكن أن نقول نهاية حدودها الجغرافية، ويبدو أن هذه القرية – في تقديري – هي قرية شقرة، التي اكتسبت صفة المدينة اليوم لسعة مساحتها الجغرافية، أو قرية أخرى على ساحل بحر أبين اندثرت فيما بعد، لاسيما وأنه حدد لنا موقعها على البحر، المعروف اليوم ببحر العرب، مع أن أول ذكر لشقرة في المصادر التاريخية ورد في القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي، عندما وصفها الصاغاني([19]) بقوله: ((شُقرة بضمتين مرسى بين أحور وأبين)).
ومن خلال كل ذلك يمكن أن نستنتج، أن المساحة التي يمكن أن نطلقها على أبين في العصر الإسلامي كانت محصورة بين شوكان في غرب أبين أو في شمالها الغربي لها جهة عدن ولحج، وحتى النَّخع في الشرق، نزولًا إلى سواحل بحر العرب وقرية شقرة جنوبًا، حتى إن ما بعد تلك الحدود تتداخل حدودها من جهة الغرب مع عدن التي ارتبط اسمها بأبين، ومع لحج أيضًا، ومن الشرق يتداخل مع قرى دثينة، ومن الجنوب الشرقي مع بلاد أحور، لاسيما وأن الهمداني وصف كل منطقة على حدة، وكأنها مستقلة بذاتها – كما سوف نلاحظ -.
وفي الوقت نفسه، يصف لنا الرحالة والجغرافي المغربي([20]) في القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي أبين، ويحدد موقعها بالنسبة لعدن، لما كان بينهما من روابط تاريخية، فيقول في ذلك: ((وهي بليدة مشهورة بينها وبين عدن مرحلتان صغيرتان)).
ويأتي بامخرمة([21]) ليقول عن أبين وموقعها: ((وهي من بلاد اليمن بالقرب من عدن، بينها وبين عدن أقل من مرحلتين)). ثم يتوسع في ذكر حدودها الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية، ليعطي لنا تصور عن الحدود الجغرافية التي شملتها أبين بين القرنين التاسع والعاشر الهجريين/ الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، وتكاد مقاربة للحدود المتعارف عليها اليوم بقوله: ((وشرقها أحور وغربها لحج وشمالها جبل يافع وجنوبها البحر))([22]).
كما شكلت منطقة دثينة وأحور اليوم جزءًا لا يتجزأ من أبين؛ لما يجمع بينهما من تاريخ مشترك، وروابط قبلية وأسرية، وعادات وتقاليد وأعراف متداخلة من الصعب على أي باحث فصلها عبر التاريخ، ومع ذلك يصف الهمداني كل منها بشكل منفصل، لتوضيح المساحة الجغرافية لكل منطقة أصبحت اليوم ضمن مسمى أبين، وكما هو معروف أن دثينة جزءٌ من أبين، إلا أن الهمداني يتطرق لها، ويفصل في تعريفها، فيصف طبيعتها بالمنبسط من الأرض، حتى إنه يشبهها بمنطقة مأرب ذات الطبيعة الجغرافية المستوية، فيقول: ((ودثينة غائط كغائط([23]) مأرب))([24]).
ثم يصف حدودها الجغرافية، وأهم مناطقها بقوله: ((دثينة أولها عرَّان([25]) واسمه الرُّقب([26]) لبني كتيف وهم رهط رزام بن محمد، ولهم الموشح وهي مدينة كبيرة الحار، وتاران واديان لبني قيس من بني أود، وهما أبناء عبد الله بن سحيطة أعني كتيفًا وقيسًا، ولهم قرية تعرف بالظاهرة، يرى وادٍ كبير لبني شكل بن حي من أود، وادي ثرة لبني حباب وهم أخوة بني شبيب وقريتهم يقال لها منهى، عرفان وادٍ لبني أفعى وهم من بني ربيعة بن أود، وهم رهط ابن الصِّنديد، المقيق لبني شهاب بن الأرقم بن حيّ بن أود، الغمر وادٍ لثقيف رائش وهو جبل يحله بنو أود جميعًا، يسقي لبني عمرو وهم إخوة بني شهاب، المعوران وادٍ والحميراء وادٍ كلاهما لبني مزاحم وهم من الدَّهابل، وهم من أشراف بني أود وسادتهم وهم من بني ربيعة بن أود وهم رهط ابن عثمان الدَّهبلي، أقام بالثغر غازيًا دهرًا ثم عاد، الشَّرفة وادٍ عظيم وهو لبني عدا بن أسامة يقولون إلى ربيعة الفرس، حبل وادٍ فيه قرية تعرف بالسَّوداء للأصبحييِّن من حمير، الحافة للأصبحييِّن، الدَّبيَّة لبني الحماس من بلحارث بن كعب، مران وكبران ونزعة وحجومة وملاحة والتَّيبب كلها للنخع، وفي وادي مران منها بنو قباث منهم سادتهم وأشرافهم منهم محمد بن قباث مطعم الذِّئب وله خبر عجيب، وحر لكندة، ذروعان الجزع لبني عيذ الله بن سعد، الرَّوضة وطبُّ وديان لبني عيذ الله بن سعد، القرن والعارضة ومهار لبني عجيب وهم من أزد شنوءة، الخنينة مدينة لبني سويق من بني حيّ بن أود، والسَّهل من دثينة ممّا يلي يرامس دار الحفينات الحصن وساكنه بنو شبيب وبنو حباب في ثلاث قرى متفرقة، وأكمة لبني أفعى فهذه دثينة )) ([27]).
وفي موضع آخر يقول الهمداني([28]): ((نعيد الصّفة في دثينة: فأول دثينة أثرة لبني حباب من أود، ودثينة غائط كغائط مأرب فيه بنو أود، لكل بني أب منهم قرية حولها مزارعهم، فيها قرية بني شبيب وبني قيس وهي الظاهرة، والموشح وهي أكبر قرية بدثينة وهي مدينة لبني كتيف، والمعوران لبني مزاحم ولهم الخضراء، والقرن لبني كليب، العارضة لسبأ، السَّوداء ووديتها للأصبحيين، ذو الخنينة لبني سويق، الجبل الأسود منقطع دثينة وهو للعودييِّن والخمسييِّن من حمير، هذه دثينة من هذا الحيز الأيسر)).
ولقي موقع دثينة اهتمام خاص من قبل بعض الجغرافيين والرحالة أمثال: ياقوت الحموي([29]) الذي ذهب إلى تحديد موقعها مع عدم الدقة في الوصف، بحسب ما وصل إليه أو قرأ، لاسيما وأنه لم يزرها أو يشاهدها، فقال عنها: ((دثينة بفتح أوله وكسر ثانيه وياء مثناة من تحت ونون، ناحية بين الجند وعدن)).
وبعد مرور مدة من الزمن تصل إلى الثلاثة قرون يأتي بامخرمة([30])، ليصف دثينة وموقعها كما كانت عليه في القرنين التاسع والعاشر الهجريين/ الخامس والسادس عشر الميلاديين بقوله: ((دثينة بالفتح وكسر المثلثة وسكون التحتانية ثم نون مفتوحة ثم هاء، صقع معروف باليمن بناحية أبيَن من الشمال، وتهامة رداع الحوامل تحت الكور من الشرق، وهي بلاد متسعة)).
وفي السياق نفسه وصف الهمداني([31]) أحور وموقعها وحدودها التي شملت مساحة واسعة امتدت على ساحل بحر العرب، ويقول في ذلك: (( نعيد الصِّفة في أحور: أحور أوَّلها الجثوة قرية لبني عيذ الله بن سعد، القويع لبني عامر من كندة، الشَّريرة لبني عامر أيضًا، المحدث قريب من البحر لبني عامر من ساحل، عرقة لبني عامر، ثم انتهيت إلى حجر وهب من هذه الطريق أيضًا فلقيت الطريق الأول هنالك)).
والمعروف لدينا أن أحور يحدها من الجهة الغربية أبين، ومن الجهة الشمالية مناطق دثينة، وبحر العرب جنوبًا، بينما يحدها من جهة الشرق الشحر، ويفصل بينهما سبع قرى سود كما يذكر ابن المجاور، ويبدو أنه يقصد بها قرى تمتد على خط جبال العرقوب البركانية وبئر علي وحصن الغراب ومناطق أخرى على طريق الساحل بين أبين والشحر، ويقول ابن المجاور([32]) في ذلك: ((ما بين الشجر وأحور سبع قريات سود أي سبع قرى مسودة الأرض)).
ومن الملاحظ أن أبين بمناطقها المختلفة قسمت في العصر الإسلامي إلى مخاليف ثلاثة، إذ يذكر ياقوت الحموي([33]) نقلًا عن عمارة بن الحسن اليمني الشاعر، أن أبين موضع في جبل عدن، وهو عبارة عن مخلاف كما يصفه، والمخلاف عادة عبارة عن منطقة ذات مساحة واسعة فيها العديد من المدن([34])، ويعرفه ابن المجاور([35]) الذي زار عدن في القرن السابع الميلادي/ الثالث عشر الميلادي، وبقي فيها مدة من الزمن بأن: ((المخلاف عند أهل اليمن عبارة عن قطر واسع، وليس تعرف المخاليف إلا بجبال اليمن، وأما في التهائم فليس يعرف)). علمًا بأن هذه التسمية اختلفت من قطر إلى قطر إسلامي آخر كما تؤكد بعض كتب الجغرافيا([36]).
علمًا بأن أبين قسمت إلى مخاليف منذ مدة زمنية سابقة لمدة ياقوت الحموي وقبله الهمداني، ومما يؤكد ذلك وصف ابن خرداذبة([37]) لها في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، وتقسيمه لمناطقها إلى ثلاثة مخاليف توزعت بين: مخلاف أبين، ومخلاف دَثينة، ومخلاف أحْوَر، كدليل على أن مصطلح أبين كان يطلق على منطقة محدودة من أبين اليوم، وهي التي وصفها لنا فيما بعد الهمداني، وبنوع من التفصيل – كما أشرنا سابقًا – بينما باقي المناطق عرفت بأنها مخاليف مستقلة.
3- مدن أبين وقراها:
من بين أهم المعلومات التي يقدمها لنا الرحالة والجغرافيون في العصر الإسلامي ذكرهم لبعض المدن والقرى الرئيسة التي وجدت في أبين والمناطق التابعة لها في المدة موضوع الدراسة، مع حرص بعضهم على مدنا باليسير من التفاصيل الدقيقة المتعلقة بكل مدينة أو قرية تحدثوا عنها، لتتكون لدينا صورة ولو بسيطة عن تلك المناطق وما تحتويه من مدن وقرى، وقد نجد أنفسنا في حيرة حول بعض أسماء المدن والقرى التي وردت في مدونات هؤلاء الرحالة والجغرافيين، لاسيما وأن عامل الزمن كان سببًا في تغير تلك الأسماء، أو تحريفها بحسب لهجة المنطقة ولكنة أهلها التي بما لا يدع مجالًا للشك أنها تغيرت مع الوقت. ويعد الهمداني وغيره من المؤرخين الجغرافيين من أوائل من تطرق إلى ذكر أسماء مناطق أبين وقراها، على الرغم من عدم تفصيله لكل ما يتعلق بها، وتحديدًا موقعها، مما يجعلنا وغيرنا من الباحثين في حيرة تتطلب ضرورة إعادة دراسة كلما جاء في مدونات الرحالة والجغرافيين وعلى رأسهم الهمداني الذي يعد أكثر من فصّل عن أبين وأهم مناطقها وما تحتويه من مدن وقرى نجهل أسماء أكثرها اليوم، وقد حاولنا حصر تلك المدن والقرى ورصدها لمعرفة أهمها، وهي:
– خنفر: وقد وصفها الهمداني([38]) بالمدينة الكبيرة في أبين([39])، ويبدو أنها كانت أكبر مدن أبين في ذلك الحين، وقد سكنها خليط من القبائل اليمنية التي استقرت فيها، لاسيما من الأصبحيين، والحرميين من بني مجيد، والزفريين من مذحج وغيرهم، ويبدو أن تلك القبائل عاشت مع بعضها حياة مشتركة في الماء والزرع، مع احتفاظ كل منها بما تحت يده من أراضي، وحسن الجوار، ويذكر في موضع آخر أن أبين بها مدينة خنفر والرواغ([40]) التي وصف سكانها بأنهم من بنو عامر من قبيلة كندة([41])، وتقع هذه المدينة في وسط وادي أبين، وتعد من مدن أبين الأثرية القديمة([42])، التي احتوت على بعض قبور الصالحين والأولياء([43]).
ويقدم لنا بامخرمة([44]) معلومات قيمة عن هذه المدينة التي يشير إلى أنه من ينتسب إليها يعرف بالخنْفري، معتمدًا على ما وصله من بعض المعاصرين له أو ممن سبقوه ووصلت أخبارهم إليه، على اعتبار أن خنفر كانت قاعدة أبين الرئيسة، ومقر حاكمها، واصفًا جامعها، وجمال طرازه المعماري الذي يظهر في مأذنته ذات الطابع المتميز في بنائها، فضلًا عن ذكره لبعض سكانها وعلمائها الذين اتخذوا من التصوف نهجًا لهم في العصر الإسلامي، مشيرًا إلى أنها تعرضت لهجمات بعض قبائل المنطقة من الهياثم والطوالق وآل أيوب، وأصبحت خراب بعدما استولت عليها تلك القبائل التي وصفها بالبداوة وأخربتها خلال القرنين التاسع والعاشر الهجريين/ الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، نتيجة لما شهدته المنطقة من صراعات قبلية، نتيجة لضعف هيبة الدولة في ذلك الوقت، لاسيما مع نهاية الدولة الرسولية، وفترات الفوضى التي تعرضت لها الدولة الطاهرية التي خلفتها في حكم اليمن، ويصف ذلك بقوله: ((الخَنْفَري: نسبة إلى خَنفَر بالفتح وسكون النون، وفتح الفاء ثم راء مهملة، مدينة باليمن من مدن أبْيَن، وهي قاعدة أبين، وحاكم أبين يسكنها، وبها جامع كبير حسن البناء وعمارته جيدة أكيدة ومأذنة الجامع أعجوبة، وهي طويلة، وكان بها فقهاء صالحون منهم الشحبلي أي بفتح الشين المعجمة وسكون الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة ثم لام، وفي وسط المدينة قوم متصوّفة يسمون البركانيون يدهم للشيخ موسى بن عمر بن الزغب، وهؤلاء البركانيون يسافرون بركب اليمن من الشحر وأحور وأبين ولحج والجبل جميعه وتهامة جميعها، وهذا مشهور معروف، وكذا يزورون قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم صحبة الصوفي البركاني، ويعود بالزائر والواقف قفولًا كما يخرج من بلده، كذا ذكر ذلك القاضي مسعود على ما كان في زمنه، وأما اليوم فهي خراب استولى عليها البدو، مثل الهياثم والطَّوالق وآل أيوب وغيرهم من داعية الفساد، وانتقل البركانيون الذين كانوا بها إلى وادي لحج وخرب أكثرها، وغالب قراها وذلك بسبب التفات الدولة إلى جمع الحطام الفاني، وعدم اعتنائهم بمصالح المسلمين، فالله يختم بخير ويجعل العاقبة إلى خير انتهى)).
– شوكان: ووصفها الهمداني([45]) بالقرية الكبيرة، وعلى ما يبدو أن وصفه هذا جاء بحكم ما كان يحيط بها من أودية مختلفة تسقي أراضيها، فكانت سببًا في أن تصبح من أكثر مناطق أبين زراعة وأهمية اقتصادية، وقد سكنت هذه القرية الواسعة قبائل الأصبحيين الذين كانوا يتوزعون في مناطق مختلفة من أبين ومدنها وقراها المتعددة، وهي قرية معروفة كما يشير الأكوع ولم يبق منها إلا انقاض نتيجة لخرابها، وتتميز بمآثرها الحميرية، التي لقيت عناية من قبل بعض المستكشفين الإنجليز، مثل: العالم الأثري ميلن، بعدما وجد فيها عددًا من التماثيل([46]).
– المضري: ووصفت بالقرية، سكنتها قبائل الأصبحيين، ويبدو أنه لم يعد لها ذكر اليوم بسبب اندثارها، أو هجرة أهلها وانتهائها، حتى إن الأكوع([47]) يصفها بأنها في أخبار كان، إي أنه لا وجود لها اليوم.
– الرواغ: لم يصفها الهمداني([48]) لا بالقرية ولا بالمدينة، إلا أنه يشير إلى سكانها من بني مجيد، ويذكر الأكوع أنها قد تكون هي الرواع أو الرواء، والرواء بلده كبيرة أشبه بالمدينة، تقع في شمال خنفر في أبين([49]).
– الملحة: وهي من المناطق السكنية التي كانت عامرة في أبين في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، وسكنتها قبائل بني مجيد([50])، ويذكر الأكوع أنها من المناطق العامرة في أبين([51]).
– المصنعة([52]): من مناطق أبين التي سكنتها قبائل الأصبحيين، دون تحديد صفتها أكانت مدينة أو قرية([53])، ويصفها الأكوع بأنها قرية آهلة بالسكان، وتسمى اليوم المصينعة بلفظ التصغير([54]).
– الجشير: من بين مناطق أبين التي نجهل موقعها بالضبط، وكلما عرف عنها أن ساكنيها كانوا من الأصبحيين([55]).
– الطَّريَّة: من أهم قرى أبين([56])، التي وردت في المصادر الجغرافية، وقد سكنها العامريون من ولد الأشرس([57])، وأطلق على من ينتسب إليها اسم الطروي أو الطريي، ومن أبرز من انتسب إليها الفقيه العلامة أبو محمد بن نعيم بن محمد الطروي (ت بعد: 600هـ/ 1203م)، الذي اشتهر بأنه كان فقيهًا عالمًا عارفًا صالحًا، وبرع في علم التعبير، وفي عشرة علوم أخرى، حتى عرف بين الناس بالعشري، كما عرف عنه سعيه في مساعدة الناس، والخروج لقضاء حوائجهم، ونشر العلم، من الرباط الذي كان يقيم فيه بتلك الناحية([58])، ونسب إلى الطرية أيضًا الفقيه أبو بكر بن محمد بن عبد الله بن بكر بن عمر بن سعيد الشعبي الخطيب الأبيني (ت: 697هـ/ 1297م)، إذ كان أبوه خطيب هذه القرية([59])، واشتهرت بوجود بعض الصالحين والأولياء فيها([60])، وتقع الطرية اليوم شرقي وادي حسن وجنوب الكثيب.
– البادرة: من مناطق أبين التي سكنها قوم يقال لهم الرَّبيعيُّون من كهلان، ويذكر الأكوع أنها قد تكون البادة بحذف الراء، وهي قرية مندثرة بجوار قرية الخاملة اليوم([61]).
– الجِثوة: من بين قرى أبين العديدة، وهي للعشائم، ولبني عبد الله بن سعد، كما يسكنها الربيعيون([62])، ويذكر الأكوع أنها قرية ما زالت عامرة([63])، وهذه القرية وردت أيضًا في أحور، ويبدو أن سكانها انتقلوا إلى أبين واسموا قريتهم بالاسم نفسه، لهذا هي معروفة في أحور أما أبين فلا تعرف.
– الحجبور: من مناطق أبين التي لم تحدد المصادر موقعها وتصنيفها، وهل هي قرية أو مدينة، وقد سكنها فرع من قبيلة مذحج يعرفون بالأخاضر، ويشير الأكوع إلى أنه لم يعد لهذه القرية – مثلما يصفها – ذكر اليوم، ولم يبق إلا وادي يحمل الاسم نفسه، ويقع بجوار خنفر([64]).
– الفقُّ: من قرى أبين، التي سكنتها قبائل الأصبحيون واستقرت فيها، دون أن تحدد المصادر موقعها بالضبط في أبين([65]).
– بوزان: من القرى الساحلية أو القرى القريبة من بحر العرب، فهي إلى السفال إلى البحر، ويسكنها قوم من حضبر يدعون بني الحضبري، ونسبهم في قبائل أبين المذحجية، وأصبحت اليوم أطلال لا ذكر لها، إلا بوادي – يبدو أنه – سمي بها، ومازالت معروفة باسم عبر بوران قرب جعار.
– الشريرة: من قرى أبين المندثرة، التي لم يعد لها ذكر إلا بواديها الواقع شرقي مشروع مياه أبين، وقد سكن هذه القرية الأصبحيُّون الذي سكنوا أكثر مناطق أبين وقراها([66]).
– نخع: ويبدو أنه يقصد بها النخعيين، أو وادي نخعن، لقبيلة النخع المعروف سكنهم فيما بين مدينة لودر شمالًا ومدينة شقرة جنوبًا ([67])، وقد سكنها من خلال ذكر الهمداني بنو مسلية مع عدم إضافة أي معلومات عنها.
– الروضة: قرية آهلة بالسكان، وتقع في وادي حسان، وفيها العديد من المعالم والمآثر والمعاقل المنيعة، وقد سكنها الأصبحيون زمن الهمداني، وسكنها من آل فضل، وأصولهم ترجع إلى حمير.
– حَلَمة: ويصفها الأكوع([68]) بأنها بلدة عامرة، شهدت العديد من الأحداث التاريخية، وتعد في وقتنا الحاضر مركزًا ممتازًا لتوزيع مياه منطقة أبين بواسطة القوة الكهربائية، ويذكر الهمداني أنه كان يسكنها الأصبحيون.
– قحيضة: من قرى أبين التي لم يعد لها ذكر، وما وصلنا عنها أنه كان يسكنها الأحلول من قبائل بني مجيد.
– يوسف بن كثير: قرية تعرف بيوسف بن كثير، وقد سكن فيها مع بني عمه، وهم قوم ربعيون، ولم يحدد موقعها، ويبدو أنها من قرى أبين التي انتهى ذكرها وموقعها([69]).
– شُرجان: وهي بلدة عامرة، لبني مالك من الوذ، يسكنها الدهابل، وهي بين دثينة وسرو مذحج (البضاء اليوم) ([70])، وهي من دثينة اليوم.
– محل حميد: ويبدو أنها قرية نسبت إلى شخص يسمى حميد، وقد سكنها قوم من أحور ناجعة، وتوطنوها، لما وجدوا فيها من مراعي ومياه لقربها من ضفة الوادي، إضافة إلى الأمطار، وهو ما يفسره الأكوع من خلال تسمية ناجعة التي يقول إنها مشتقة من الانتجاع، وهو طلب الماء والمرعى ومساقط الغيث([71]).
– عرَّان: من قرى دثينة، وهي الحد الأول لها، واسم عران هو الرُّقب، ويذكر الأكوع أن عران بالفتح أو الضم، لا يعرف اليوم موقعها، وإنما يعرف الرَقُب، الواقع بين دبان والعواذل أعلاه للكور، وأسفله لدثينة، وقد تكون عرَّان – من وجهة نظرنا – حرفت عن عزان الوادي المعروف في أرض العواذل، وقد سكنت هذه المنطقة أو المدينة أسر من بني كتيف، وهم رهط رزام بن محمد.
– الموشح: من مدن منطقة دثينة، وقد وصفها الهمداني بالقرية الكبيرة، كما وصفها بالمدينة، وكان من سكانها بني كتيف، من رهط رزام بن محمد، وهي اليوم بلدة عامرة آهلة بالسكان، إلا أنها صغيرة وليس كما وصفها الهمداني، وتدخل في حد العواذل.
– الظاهرة: وهي قرية بني قيس من بني أود، وكان يسكنها أبناء عبد الله بن سحيطة، لاسيما كتيفًا وقيسًا، وتنطق اليوم الظاهر بدون هاء، وتدخل في حدود دثينة، ويسكنها النخعيون، وقد تكون هي مكيراس اليوم.
– منهى: قرية يسكنها بني شبيب أخوة بني حباب في وادي ثرة.
– السَّوداء: قرية يسكنها لأصبحيِّون من حمير تقع في وادي حبل([72]).
– الحافة: قرية كبيرة من دثينة، وفيها مآثر حميرية للأصبحيِّين([73])، وقد سكنتها قبائل الهياثم وسلاطينهم من الجحافل([74]) في القرون المتأخرة من العصر الإسلامي، وكان مقدم الهياثم من آل قاحل أحد فروعهم، ثم صار مقدمهم في زمن بامخرمة([75]) شخص يسمى حيدرة بن مسعود وولده محمد، الذَينِ اشتهرا بفسادهما، واعتدائهما على عامة الناس.
– الدَّبيَّة: قرية تحتفظ باسمها، لبني الحماس من بلحارث بن كعب.
– مران وكبران ونزعة وحجومة وملاحة والتَّيبب: يبدو أنها قرى كلها للنخع، وهي أيضًا من أودية مودية اليوم([76]).
– قرى بني أب: وتقع في دثينة، وتمتاز بكثرة مزارعها، ويسكنها بنو أود، ومن أشهر هذه القرى: قرية بني شبيب، وقرية بني قيس وهي الظاهرة([77]).
– القرن والعارضة ومهار: يبدو أنها قرى لبني عجيب، وهم من أزْد شنوءة.
– الخنينة: مدينة لبني سويق من بني حيّ بن أود.
– السَّهل: من دثينة ممّا يلي يرامس دار الحفينات الحصن، وساكنه بنو شبيب وبنو حباب في ثلاث قرى متفرقة، وأكمة لبني أفعى فهذه دثينة([78]).
– الرباط: قريةٌ وموضعٌ عند البحر من الجنوب للفقيه سالم، وقبره بها، وله أسباط صالحون ضعفاء([79])، اشتهرت بمسجدها المعروف بمسجد الرباط([80])، وما زالت قرية الشيخ سالم عامرة حتى يومنا هذا، وتقع على خط الخارج من أبين (زنجبار) إلى شقرة.
– الجثوة: قرية أول حدود أحور، لبني عيذ الله بن سعد.
– القويع: من قرى أحور لبني عامر من كندة.
– الشَّريرة: قرية لبني عامر أيضًا.
– المحدث: قرية قريبة من ساحل البحر لبني عامر.
– عرقة: من قرى أحور الواقعة على ساحل بحر العرب، وكان ساكنوها من بني عامر([81]).
– جبنون: من نواحي أبين القريبة من خنفر والطرية، ولم تحدد المصادر صفتها، هل كانت مدينة أو قرية؟ وقد احتوت على قبور بعض الصالحين والأولياء([82]).
– المحل: ويبدو أنها قد سميت بالمحل لشخصية دينية معروفة قد حلت فيها، واستقرت بين سكانها، أو دفنت في أحد مساجدها أو زواياها، ومن الملاحظ أنها قريبة من خنفر والطرية([83]).
– السلامة: لم يحدد موقعها إلا أنها من نواحي خنفر والطرية([84])، وتقع شمال المحل على وادي بناء.
كما انتشرت على طول الساحل الجنوبي لحدود أبين البحرية العديد من القرى التي عاش أكثر أهلها على الصيد والزراعة كمصدر رزق لهم ولأسرهم، ولم تمدنا المصادر التاريخية وكتب الرحلات والجغرافيا بأسمائها إلا فقط في صورة إشارات فقط وردت عنها لدى الهمداني دون ذكر اسمها.
3- حصون أبين:
كان لطبيعة أبين القبلية أثره الواضح في ضرورة العمل على تحصين القبائل لمناطقها، لاسيما وأنه قد عرف عن قبائل أبين استقلاليتها في السكن، على الرغم من اتساع مساحة أراضيها، ومع ذلك كان لكل قبيلة بقعة منقطعة تحكمها، دون أن تخضع لغيرها أو تطيعها، لما كان بينها من عداوات وصراعات لا تنقطع، حتى أصبح الصلح بين هذه القبائل عزيز ولا يتم إلا بين فترات متباعدة([85])، وقد فرضت هذه الأوضاع القبلية على هذه القبائل ضرورة إقامة استحكامات عسكرية، وتحصينات دفاعية تقيها هجمات القبائل المباغتة.
وحظيت تلك التحصينات باهتمام بعض الرحالة والجغرافيين الذين عملوا على حصرها، وذكر أسمائها، وتدوين مشاهداتهم عنها. ويعد المؤرخ الجغرافي ياقوت الحموي([86]) من أكثر من تطرق إلى ذكر حصون أبين، على الرغم عدم زيارته لها، وهو ما تسبب في وقوعه في عدد من الأخطاء حول مواقعها، وعدم الدقة في تسميتها، وعلى ما يبدو أن اهتمامه بأبين وحصونها جاء لكثرة ما سمعه عنها وعن كثرة حصونها، فيقول في ذلك: ((مخلاف أبين هو قرب عدن فيه حصون وقلاع وبلدان)).
ومع ذلك شكلت المادة التي قدمها لنا عن تلك الحصون فائدة علمية في حاجة إلى دراسة واسعة ودقيقة للتأكد منها، من قبل مختصين من أبناء أبين نفسها، بحكم معرفتهم للمنطقة ومدنها وحصونها، ومن بين أهم تلك الحصون:
– حصن دار الحفينات: ويقع في أقصى سهل دثينة المجاور لوادي يرامس، وكان ساكنوه بنو شبيب وبنو حباب في ثلاث قرى متفرقة في دثينة ([87]).
– حصن القمر: من حصون دثينة للأصبحيين، وأصبح أكثره في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي للدُّعام بن رزام الكتيفي سيِّد أود([88]).
– حصن براش: ويقول ياقوت الحموي([89]) عنه: ((الشين معجمة حصن باليمن من نواحي أبين لابن العليم))، وعلى ما يبدو أنه قد حدث خطأ في تحديد موقع هذا الحصن في أبين، أو أن هناك تحريف حدث للاسم من قبل المؤلف ونقله بالغلط دون أن يتأكد منه([90]).
– حصن جَيلة: بالفتح من حصون أبين باليمن([91]).
– حصن ريشان: حصن باليمن من ناحية أبين([92]).
– حصن الساقة: حصن باليمن من حصون أبين([93]).
– حصن سهلة: من حصون أبين باليمن([94])، وهي قرية اليوم موجود في ناحية أبين([95]).
– حصن صرر: من حصون اليمن في نواحي أبين([96])، ويقع على رأس جبل صرر شمال قرية الطرية وخنفر، وفي قمته بقايا تحصينات وصهريج([97]).
– حصن غفر: من حصون اليمن من أعمال أبين([98]).
ومن خلال كل ذلك، يتضح لنا أن ما قدمه بعض الرحالة والجغرافيين عن أبين ونسبتها وموقعها وأهم مدنها وقراها وحصونها وغير ذلك قد شكل فائدة كبيرة لنا اليوم، ومدتنا بمعلومات من الصعب أن نجدها في مصادر أخرى، على الرغم من شحة مضمونها، وعدم دقة بعضها لاكتفاء مؤلفيها بما سمعوه، بحكم بُعد بعضهم عن اليمن وعدم زيارتهم لها، فدونوا معلوماتهم معتمدين على ما وصلهم من غيرهم، مما أوقعهم في العديد من الأخطاء في تحديد المواقع، والأنساب وغيرها.
المبحث الثاني
النواحي الاجتماعية والاقتصادية لأبين في كتب الرحالة والجغرافيين:
من بين الاهتمامات التي ركزت عليها كتب الرحالة والجغرافيين الإشارة إلى بعض النواحي الاجتماعية والاقتصادية التي تناولها هؤلاء بنوع من التوسع عند بعضهم، والاختصار أحيانًا أخرى، ومع ذلك شكلت تلك المادة التي قدمها الرحالة والجغرافيون فائدة علمية كبيرة لا يمكن لأي باحث الاستغناء عنها عند التدوين التاريخي لأي منطقة كُتب عنها في مشاهداتهم، لاسيما وأن الأهمية العلمية لتلك المادة تأتي من كون مؤلفها قد زار وشاهد بأم عينه أو أنه سمع من شخص شاهد بنفسه، أو وجدها في مؤلف عاصره أو قريبًا من زمنه، ومن هناء تأتي أهمية مشاهدات هؤلاء الاجتماعية والاقتصادية.
أولًا- الناحية الاجتماعية:
دون الرحالة والجغرافيون مشاهداتهم الاجتماعية المختلفة عن أبين من باب الوصف لما شاهدوه أو سمعوا عنها من غيرهم، وأكثر ما ركزوا عليه في هذا الجانب هو سكان هذه المناطق وقبائلها والوافدين إليها، والكتابة عن عاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم التي رأوا فيها نوعًا من التعجب بحكم اختلاف الثقافات والعادات المتنوعة التي جاءت مع تنوع التركيبة السكانية لكل منطقة، وهو ما سوف نتطرق له في هذا المبحث.
1- قبائل أبين:
اتسمت أبين كغيرها من مناطق جنوب الجزيرة العربية بتنوع تركيبتها السكانية القبلية، ومن الملاحظ أن التسميات التي عرفت بها بعض قبائل أبين منذ القرون الأولى للإسلام حتى القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي؛ قد اختلفت بعضها عن التسميات التي عرفت بها قبائل المنطقة حتى القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، بحكم التطور التاريخي أو تغير اللهجة وتحريف بعض الأسماء، أو التفرع القبلي عبر القرون لهذه القبائل الأبينية، وتقسيمها إلى فخوذ اختلفت أسماء فروعها بحكم عامل الزمن، لهذا اختلفت تسميات سكان مناطق أبين وقبائلها. ودوَّن كل جغرافي أو رحالة في ذلك الوقت معلوماته بحسب مشاهداته لتلك القبائل وأسمائها، علمًا بأنه يعود الفضل لهذه القبائل في بناء وتعمير مدن أبين وقراها، واستصلاح أراضيها، والعمل على زراعتها لمراحل زمنية طويلة. وتعد قبيلة بني عامر من أكثر تلك القبائل التي كان لها الفضل في استيطان العديد من مدن أبين الشهيرة في ذلك الوقت مثل: خنفر والطرية وجبنون والمحل والسلامة وغيرها([99]).
ويعد المؤرخ الجغرافي والرحالة والنسابة الحسن بن أحمد الهمداني([100]) من أوائل من دون من الجغرافيين لقبائل أبين وفروعها ومواطن سكنها، بما فيها مناطق دثينة وأحور ومدنها وقراها المختلفة، فكان أدقُّ وصفٍ عن التركيبة العامة لقبائل أبين، قوله: ((وقرى أبين كثيرة بين بني عامر من كندة، وبين الأصابح من حمير وبني مجيد، ومن يخلط الجميع من مذحج وهو يسير)). في حين يقدم لنا بامخرمة([101]) في مدة متأخرة من التاريخ الإسلامي وصفًا لطبيعة الحياة القبلية في أبين، لاسيما في منطقة دثينة عند وصفه لها بقوله: ((وهي بلاد متسعة في كل بقعة منها قبيلة منقطعة لا تطيع غيرها والعداوة بينهم قائمة، والصلح قد يقع بينهم في بعض الأزمان)).
ومن خلال هذا الوصف، يقدم لنا الهمداني معلومات متنوعة لسكان قرى أبين، واضعًا أمامنا فكرة أن قبائل هذه المنطقة ومدنها وقراها توزعت بين قبائل: حمير، ومذحج، وكندة بفروعها المختلفة التي سكنت أبين بمساحتها الجغرافية المعروفة اليوم، مع اختلاف تلك التسميات في الأزمنة المتأخرة من العصر الإسلامي واليوم، علمًا بأن تشعب فروع تلك القبائل وتداخلها وانصهارها مع بعضها البعض جاء نتيجة المصاهرة والتزاوج أو السكن، مما تسبب في تداخل أنسابها القبلية، مع محافظة بعضها على ذلك النسب، لهذا يمكن حصر تلك القبائل التي سكنت أبين في العصر الإسلامي وفروعها كما وردت لدى بعض الرحالة والجغرافيين في الآتي:
أ- قبائل مذحج([102]):
وقد انتشرت في مناطق مختلفة من أبين، بين أبين ودثينة وأحور على ساحل بحر العرب، كما يشير الهمداني عن القرى التي كان يسكنها قوم من مذحج([103])، ومن أشهر فروع هذه القبائل المذحجية:
ب- قبائل حمير:
ج- قبائل كندة([123]):
وتوزعت بطون قبائل كندة الكهلانية في مناطق مختلفة من أبين ودثينة([124])، وكان من أشهر تلك البطون التي سكنت منطقة القويع والشريرة والمحدث وعرقة من أحور: بنو عامر([125])، علمًا أن سلاطين أحور في الزمن القديم كانوا من قبائل كندة، ومن فرع منهم عرفوا بآل شجوة([126])، كما سكن فرع من العامريين من ولد الأشرس قرية الطرية في أبين([127])، وسكن غيرهم من بني عامر مدينة خنفر والرواغ([128]).
هـ- قبائل أزد شنوءة([129]):
ومن أبرز فخوذها التي وجدت في دثينة: بنو عجيب، الذين سكنوا مناطق القرن والعارضة ومهار من دثينة([130]).
ومن خلال كل تلك التفرعات القبلية يتضح لنا أن أبين بمناطقها المختلفة ودثينة وأحور ضمت بين مدنها وقراها ووديانها وجبالها قبائل مختلفة جمعتها المصلحة المشتركة، وصلات النسب العميق الذي يعود أصلًا لقبيلتي حمير وكهلان، التي تفرعت عنها باقي قبائل المنطقة من: مذحج، والأصابح، وبنو مجيد وكندة وأزد شنوءة بفروعها المختلفة التي خرجت منها بقية قبائل أبين اليوم.
2- عادات أبين ومعتقدات أهلها:
على الرغم من المساحة الجغرافية الواسعة التي ضمتها أبين والمناطق التابعة لها في دثينة وأحور، والتركيبة السكانية المتداخلة لقبائلها المختلفة ذات التنوع القبلي إلا أن كتب الرحالة والجغرافيين لم تمدنا بمعلومات دقيقة عن حياة هذه القبائل الاجتماعية وصفات أفرادها، وعاداتهم وتقاليدهم المختلفة في العصر الإسلامي، ومع ذلك ترك لنا بعض الجغرافيين إشارات بسيطة لا تشبع شهيتنا البحثية، وتكفيها لهذا الجانب المهم المرتبط بالمجتمع الأبيني، وهو ما دفعنا إلى جمع ما يمكن جمعه عن النواحي الاجتماعية علَّنا نُكوِّن فِكرةً عن بعض جوانب الحياة الاجتماعية في أبين في المدة موضوع الدراسة، لاسيما وأن هذه المنطقة كانت قد اكتسبت أرثًا حضاريًّا وسكانيًّا قديمًا، ظلت شواهده باقية إلى مدة متأخرة من العصر الإسلامي، إذ احتوت أبين على حضارة سادت ثم بادت، فترك أهلها آثارهم التي تدل عليهم في مناطق متفرقة من أراضيها، ومما يؤكد ذلك الإشارة التي يذكرها بامخرمة([131]) عن تلك الحضارة التي لم يبقَ منها إلا أطلالها التي كانت باقية حتى زمن هذا الجغرافي والتي وصفها بقوله: ((وكان فيها من قديم الزَّمان قُرى ومُدن خُربت وبقيت بلا ساكن)).
وعلى أية حال، تُعد الإشارة والوصف البسيط الذي قدمه لنا بعض المؤرخين الجغرافيين، مثل: بامخرمة عن أهل أبين، وطبيعة مزاجهم العام، ومناخ المنطقة وهواها، ومستوى نوعية تربتها الزراعية؛ المعلومة اليتيمة التي تحصلنا عليها في كتب الجغرافيا التي دونت لأبين في العصر الإسلامي، إذ يقول فيها: ((وأهلها أصلح الناس مزاجًا، وهي أطيب النواحي ماءً وهواءً وتُربةً))([132])، ومع ذلك تعطي لنا هذه المعلومة البسيطة تصور عن طبيعة المنطقة وأهلها من وجهة نظر هذا الجغرافي الذي عاش في مدينة عدن مدة زمنية طويلة، ويبدو أن ملاحظته هذه كانت بحكم رحلته إلى أبين أو احتكاكه مع بعض أهلها الذين كانوا يصلون إلى عدن لبعض أغراضهم الخاصة أو للتجارة أو تلقي العلم.
ومن الملاحظ، أن أبين كغيرها من مناطق جنوب الجزيرة العربية التي انتشرت فيها المعتقدات الدينية والمذهبية في المدة موضوع الدراسة، إذ كان أهلها على الطريقة الصوفية التي انتشرت في عموم بلاد اليمن في ذلك الوقت، حتى سعى الناس إلى ترسيخ هذه الطريقة ببناء الأربطة والزوايا الصوفية، وإقامة الزيارات لقبور أوليائهم وساداتهم، وتعد قرية الشيخ سالم أو الرباط كما أطلق عليها بعض المؤرخين خير دليل على ما ذهبنا إليه من معلومات وثقتها كتب الرحالة والجغرافيين([133]).
ويذكر ابن المجاور([134]) أنه قد انتشر بين أهل أبين، وفي بعض نواحيها ومدنها وقراها وجملة أعمالها، مثل: خنفر والطرية وجبنون والمحل والسلامة ومسجد الرباط؛ قبور لبعض الأولياء والأنبياء حسب وصفه، مثل قبر النبي صالح – وهو ما نستبعده – و قبر رجل ولي صالح، لم يمدنا باسمه([135]).
كما يعد قبر الشيخ عمرو بن ميمون من القبور المشهورة التي عرفتها أبين في العصر الإسلامي، وبحكم موقعه في منطقة أحور؛ صارت زيارة هذا القبر من الأمور التي اعتادها أهالي أحور خاصة وأبين واليمن عامة، راجين بالتقرب منه وزيارته الخير والبركة، كما يشير إلى ذلك المؤرخ والجغرافي بامخرمة([136]).
علمًا بأن أهالي أبين عرفوا عدد من المواضع التي وصفوها بالمباركة في نظرهم، مثل منطقة الكثيب الأبيض، الذي ورد ذكره لدى الجندي([137]) على اعتبار أنه من المواضع المباركة على مستوى اليمن، ويقول في ذلك: ((وقد تطلع النفوس إلى خبر الكثيب، أما الشأن فيه فهو موضع في أبين عدن، وهو أحد المواضع المباركة في اليمن على ما ذكر الثقة فيما رواه الرازي مقدم الذكر أن في اليمن أربعة مواضع مباركة بالاتفاق منها الكثيب الأبيض عند وادي يرامس أرض أبين)).
ثانيًا- الناحية الاقتصادية:
إن المطّلع على طبيعة أبين الزراعية قد يلاحظ بأن اقتصادها قام على الزراعة، بحكم خصوبة تربتها، ووفرة مياهها، وآبارها التي كانت منتشرة في مختلف القرى والطرقات والأودية، مثل بئر العماد القديمة التي كانت مصدر للسقي على طريق أبين للقادم من عدن، لاسيما أيام الموسم([138])، مع اعتماد بعض مناطق أبين على مياه الأمطار الموسمية مثل: منطقة أحور، كما يشير إلى ذلك بامخرمة([139]) الذي يقول عن أحور: ((وهي ذات فروع تسقى بماء المطر)). وقد ساعدت هذه الطبيعة القابلة للزراعة الأهالي على استصلاح الأراضي وحرثها وزراعتها وجنيها في عموم قرى أبين وأوديتها، مشكلين بذلك أحد أهم مصادر الدخل لأبناء هذه المنطقة وقبائلها([140])، محولين بعض المناطق ذات المياه الوفيرة والتربة الخصبة في بعض مناطق أبين وأحور ودثينة إلى جنان خضراء تسر الناظرين إليها لجمال خضرتها([141]).
ومما لا شك فيه، أن تاريخ الزراعة في أبين كان قد أزدهر منذ التاريخ القديم، وخلال القرون الأولى للإسلام، إذ يقدم لنا الرحالة والجغرافي المقدسي البشاري وصفًا دقيقًا لحال الزراعة فيها في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، على اعتبار أنها أقدم من عدن – على ما يبدو – من ناحية عمرانية وزراعية، وكانت مصدر تموين رئيس لأهالي مدينة عدن الذين اعتمدوا على مزارع أبين في الحصول إلى تموينهم الزراعي من الحبوب والفواكه والخضروات، بحكم طبيعة عدن الجبلية القاسية غير القابلة للزراعة؛ لعدم توافر المياه والتربة الخصبة فيها، فضلًا عمّا كانت تمتاز به أبين من قرى زراعية وأراضٍ خصبة جعلت منها أرض خير وفير. ويصف المقدسي البشاري([142]) ذلك بقوله: ((وأبين هي أقدم من عدن، وإليها تنسب عدن؛ لأن برّهم وفواكههم وخضرهم منها لكثرة القرى والمزارع بها)).
كما شكلت الحياة الطبيعية لأبين وما احتوته الصحاري والبراري من حشرات وحيوانات مادة اتجه بعض المؤرخين الجغرافيين إلى تدوينها وتوثيق ما جاء عنها، وممن اهتم بذلك الرحالة ابن المجاور الذي تحدث عن الحيوان الذي وجد في مختلف مناطق اليمن، واختلف الأهالي في تسميته، فمنهم من كان يطلق عليه الحرباء، ومنهم من يسميه الفخاخ مثل أهالي أبين، موضحًا خوف الناس من هذا النوع من الحيوانات الزاحفة، واصفًا أيَّاها بأنها قد تسبب الوفاة([143]).
وعلى الرغم من اعتماد الأهالي على الزراعة والفلاحة؛ إلا أن بعضهم اتجه إلى مزاولة بعض الأعمال الأخرى، مثل التجارة التي – على ما يبدو – كان لها رواج كبير لا يقل في أهميته عن تجارة مدينة عدن ذات الميناء الاستراتيجي الحي، وفي إشارة بسيطة يقدمها لنا الرحالة ابن المجاور الذي زار عدن يؤكد فيها عند وصفه لعدن والتطور العمراني والتجاري الذي شهدته في القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي؛ أن ذلك الازدهار لعدن لم يأتِ إلا بعد خراب فرضة أبين، كإشارة إلى أن أبين كان فيها فرضة تجارية مزدهرة، انعشت تجارتها وأسواقها التي خربت فيما بعد، لأسباب نجهلها قد يكون منها: هجمات القبائل على أسواق أبين، ونشر الرعب والخوف بين مرتادي هذه الأسواق من التجار أو المشترين، حتى كان ذلك سببًا في تدمير الحياة الاقتصادية في أبين، ويقول ابن المجاور([144]) في ذلك: ((والأصح إنما عمرت إلا بعد خراب فرضة أبين)).
ومما لا شك فيه، أن ما زاد من انتعاش الجانب التجاري في أبين في العصر الإسلامي وجود المرافئ البحرية التي كانت تصل إليها السفن من مختلف مواقع الثقل التجاري في ذلك الوقت من موانئ جنوب الجزيرة العربية أو سواحل شرق أفريقيا، مثل المنفذ البحري الذي ورد ذكره لدى ابن المجاور([145]) والذي يطل من على جبل قريب المسافة من عدن([146])، ويسمى دار زينة، وتسكنه قبائل الجحافل، وكانت تصله المراكب من سائر الأقاليم، ويتم تزيينه عند وصولها ورسوِّها فيه([147])، ويبدو أن هذا المرفأ من أعمال منطقة دثينة.
وشكلت أحور بحكم وقوعها على ساحل بحر العرب أحد أهم المنافذ البحرية التي ربطت أبين بالعالم، ومما يؤكد ذلك الإشارة التي أوردها بامخرمة([148]) وقال فيها: ((وفيها بندر ترسي فيه الخواطف من الشحر وبربرة وعدن وغيرهم)).
ولم تكن الزراعة والتجارة هي المصدر الرئيس لاقتصاد أبين وأهلها بل تشير بعض كتب الجغرافيا إلى أن أبين كانت هي مصدر تصدير الطين إلى مدينة عدن القريبة منها، لاسيما وأن هذه مدينة كانت ذات طبيعة جبلية خالصة، وتحيط بها مياه البحر من جوانبها المختلفة باستثناء باب العقبة الذي كان المنفذ الوحيد للدخول إليها. ويشير ابن المجاور([149]) إلى أن أهالي مدينة عدن عندما أرادوا بناء الصهاريج لأجل حفظ الماء الذي كانت تفتقر إليه عدن وجدوا صعوبة في بنائها لعدم وجود الطين فيها والمستخدم في عملية البناء، مما دفعهم إلى نقل هذه الطين من نواحي أبين المختلفة، ومما لا شك فيه أن ذلك شكل مصدر دخل لأهل أبين، ووفر لهم ذلك فرص عمل بنقل الطين على دوابهم المختلفة، أو حتى في أعمال البناء والتعمير للصهاريج.
شكلت المعلومات التي قدمتها كتب الرحلات والجغرافيا عن أهم أودية أبين مادة مهمة يمكن الاعتماد عليها في تكوين تصور عن الحياة الزراعية في عموم مناطق أبين، وقد ساعدت وفرت المياه في هذه الأودية قبائل المنطقة في تعمير مدن أبين وقراها، واستصلاح أراضيها، والعمل على زراعتها لفترات زمنية طويلة ([150])، وقدم الهمداني عبر بعض القصائد التي نقلها لنا من شعراء ذلك الزمن مادة عن مدى حجم السيول التي كانت تنعم بها أبين وأحور ودثينة خلال بعض المواسم، ومستوى الخضرة التي كانت تتحول فيها تلك المناطق إلى جنان خضراء يتغنى بها الشعراء، ومن ذلك قول شاعر يعرف بأبي الحياش الحجري([151]) الذي قال في إحدى قصائده:
ربّ ما خاب من دعاك ولا يحــ * جب يا ذا الجلال عنك الدّعاءُ
لم يخب للنّبيّ يعقوب يا ذا الــ * ــعرش فيما دعا لديك الرّجاء
إلى أن يقول:….
طبقت بالسّيول أبين حتى * لحجها وهي والسماء سواء
تلكمُ أحورٌ وتلك الدُّثينا * تُ مع السرو جنّة خضراء([152])
ومن خلال ما قدمته لنا وثائق الرحالة والجغرافيين في العصر الإسلامي يمكن أن تتكون لنا صورة عن أهم تلك الأودية التي يمكن حصرها في الآتي:
– وادي يرامس: ويعد من أشهر أودية أبين العظيمة، ذات الطبيعة الخلابة، الذي اشتهر بزراعة أشجار النخيل والعطب (القطن)، وبه كثيب يعرف بكثيب يرامس، وهو عبارة عن رباط لعلماء وفقهاء الصوفية وطلابهم، وليس كما ذهب إليه الأكوع من أن المقصود بالرباط أي مما يرابط فيه لدفع الأعداء([153])، وقد ورد ذكر هذا الكثيب لدى الجندي([154]). وتقع يرامس اليوم شرقي أبين ولا تزال معروفة بواديها المعروف بوادي يرامس([155]).
– أودية دثينة: وهي كثيرة جدًّا، أوردها الهمداني لما كان لها من أهمية في تاريخ أبين، وما احتوته من مخزون بشري كبير، للعديد من القبائل التي استقرت فيها لتوافر سبل العيش والحياة فيها، ومن أهم هذه الأودية: الحار، وتاران، ووادي يرى المعروف بكبره، وثره، وعرفان، والغمر، والمعوران، والحميراء، والشَّرفة، وحبل، ومران، والرَّوضة([156])، ووادي عدو الذي اشتهر بكثرة زراعة الأبصال والأعناب فيه، ووادي صحب للنَّخع وبني أود([157]).
وزبدة القول، أن ما قدمه الرحالة والجغرافيون من أخبار مختلفة عن الجوانب الاجتماعية والاقتصادية دليل على أن أبين بمناطقها المختلفة شهدت حالة من التطور في الجوانب المذكورة، على الرغم من المعلومات البسيطة التي مدونا بها، وحاولنا جمعها وإخراجها هنا.
الخاتمة:
لقد توصلنا في بحثنا المتواضع هذا والموسوم بـ: ((أبين في كتابات الرحالة والجغرافيين في العصر الإسلامي))، إلى عدد من النتائج والاستنتاجات التي يمكن تلخيصها في الآتي:
([1])أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية – كلية التربية عدن (جامعة عدن).
([2]) أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب (ت: 360ﻫ / 970م )، صفة جزيرة العرب، تحقيق: محمد بن علي الأكوع، مكتبة الإرشاد، صنعاء، 1410ﻫ/ 1990م، ص190، حاشية رقم (2).
([3]) الإكليل، ج2، تح: محمد بن علي الأكوع، ط3، دار التنوير، بيروت، 1407هـ/ 1986م، ص29، 33. ويبدو أن معظم المؤرخين والنسابة والجغرافيين اعتمدوا على ما جاء به الهمداني في الإكليل.
([4]) أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز الأندلسي (ت: 487هـ/ 1094م)، معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، ج1، تحقيق: مصطفى السقا، ط3، عالم الكتب، بيروت، 1403هـ، ص103 – 104.
([5]) ابن سمرة الجعدي، عمر بن علي (ت: 586هـ/ 1190م)، تحقيق: فؤاد سيد، دار القلم، بيروت، (د. ت)، ص29.
([6]) أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد جار الله (ت: 538هـ/ 1143م)، الجبال والأمكنة والمياه، تحقيق: د. أحمد عبد التواب عوض، دار الفضيلة للنشر والتوزيع، القاهرة، 1319هـ/ 1999م، ص237.
([7]) أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله (ت: 626هـ/ 1229م)، معجم البلدان ج1، دار الفكر، بيروت، (د. ت)، ص86.
([10]) معجم البلدان، ج1، ص206.
([11]) محمد بن عبد المنعم (ت: 900هـ/ 1495م)، الروض المعطار في خبر الأقطار، ج1، تحقيق : إحسان عباس، ط2، مؤسسة ناصر للثقافة، بيروت، طبع على مطابع دار السراج، 1980م، ص11.
([12]) الجبال والأمكنة والمياه، ص128.
([13]) معجم البلدان ج2، ص439 – 440.
([14]) ابن المجاور، جمال الدين أبو الفتح يوسف بن يعقوب بن محمد ( ت: 690ﻫ/ 1291م )، صفة بلاد اليمن ومكة وبعض الحجاز المسماة تاريخ المستبصر، اعتنى بتصحيحها: أوسكر لو فقرين، ط2، دار التنوير، بيروت، 1407ﻫ / 1986م، ص183.
([15])أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله ( ت: 280هـ/ 893م )، المسالك والممالك، مطبعة بريل، ليدن، 1309هـ، ص193.
([16]) صفة جزيرة العرب، ص190 – 191.
([17]) سوف يتم التعريف بها وببقية المناطق والمدن والقبائل لاحقًا عند الحديث عن مدن أبين وقبائلها في كتب الرحالة والجغرافيين.
([18]) من بين أهم مراكزهم اليوم: امصرة والقرين والمسهال وجودة الوادي والفيض، وهي قرى تتبع اليوم مديرية لودر، وأهم قبائلها آل مقفع. انظر: المقحفي، إبراهيم بن أحمد، معجم البلدان والقبائل اليمنية، ج2، دار الكلمة، صنعاء، المؤسسة الجامعية للدراسات، بيروت، 1422هـ/ 2002م، ص1728.
([19]) الحسن بن محمد بن الحسن (ت: 650هـ/ 1252م)، التكملة والذيل والصلة لكتاب تاج اللغة وصحاح العربية، ج3، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الكتب، القاهرة، 1973م، ص54. وانظر: الزَّبيدي، مرتضى أبو الفيض محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، تاج العروس من جواهر القاموس، ج12، تحقيق: مجموعة من المحققين، دار الهداية، (د. ن)، ص222.
([20]) أبو الحسن علي بن موسى بن سعيد (ت: 685هـ)، كتاب الجغرافيا، حققه ووضع مقدمته وعلق عليه: إسماعيل العربي، المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، بيروت، 1970م، ص101.
([21])جمال الدين عبد الله الطيب بن عبد الله بن أحمد ( ت: 947هـ/ 1540م): النسبة إلى المواضع والبلدان، مركز الوثائق والبحوث، أبو ظبي، 1425هـ/ 20014م، ص34.
([23]) الغائط: المطمئن الواسع من الأرض. انظر: ابن سيده، أبو الحسن علي بن إسماعيل المرسي (ت: 458هـ )، المحكم والمحيط الأعظم، ج4، تحقيق : عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية، بيروت، 2000م، ص164؛ المناوي، محمد عبد الرؤوف، التوقيف على مهمات التعاريف، تحقيق: د. محمد رضوان الداية، ط1، دار الفكر المعاصر , دار الفكر، بيروت, دمشق، 1410هـ، ص533.
([24]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص189.
([25]) وقد يقصد به جبل عرفان المعروف اليوم في منطقة العواذل لودر، إلا أن التسمية حرفت.
([26]) يذكر الأكوع أن عران بالفتح أو الضم، لا يعرف اليوم موقعها، وإنما يعرف الرَقُب، الواقع بين دبان والعواذل أعلاه للكور، وأسفله لدثينة. انظر: الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص177، حاشية رقم (7).
([27]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص177 – 179.
([36]) المخلاف أو الإقليم: وهو كل ناحية مشتملة على مدن وقرى، وظهرت بعض الاصطلاحات المماثلة لها في بعض أقاليم العالم الإسلامي، ومنها: (الرستاق) لدى أهل الشام، و(المِخلاف) لدى أهل اليمن، و (الكُورُ) وغيرها. انظر: أبو زيد، بكر بن عبدالله، خصائص جزيرة العرب، ط2، (د. ب)، (د. ن)، 1421هـ، ص7.
([37]) المسالك والممالك، ص38 – 39.
([39]) وتعد اليوم أكبر مديريات محافظة أبين سكانًا، ومركزها مدينة جعار. انظر: المقحفي، معجم البلدان، ج2، ص583.
([40]) سوف يتم الحديث عنها لاحقًا.
([41]) صفة جزيرة العرب، ص95. وانظر: ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج2، ص394.
([42]) كان لهذه المدينة شهرة تاريخية عظيمة لما كان لها من دور في التاريخ، إذ تمركز فيها علي بن الفضل الجدني القرمطي، ومنها شن غاراته على الملك علي بن أبي العلا الأصبحي الحميري صاحب مخاليف لحج وأبين والسرةين وحضرموت وسلبة مملكته، وإليها ينسب الذهب الخنفري المشهور. انظر: صفة جزيرة العرب، ص95، حاشية رقم (2).
([43]) ابن المجاور، تاريخ المستبصر، ص248.
([46]) صفة جزيرة العرب، ص190، حاشية رقم (3).
([47]) صفة جزيرة العرب، ص190، حاشية رقم (4).
([49]) صفة جزيرة العرب، ص190، حاشية رقم (3).
([50]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص190.
([51]) صفة جزيرة العرب، ص190، حاشية رقم (6).
([52]) المصنعة: مفرد مصانع، ويقصد بها الحصون والقلاع، وقد انتشرت في مناطق واسعة من بلاد اليمن. انظر: الحجري، معجم البلدان، ج2، ص1549. ولم يمدنا الهمداني بأي معلومات عنها عدى ساكنيها.
([53]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص190.
([54]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص190، حاشية رقم (7).
([55]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص190.
([56]) الحجري، مجموع بلدان اليمن، مج2، ج3، ص558.
([57]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص190.
([58]) الجندي، السلوك، ج1، ص369؛ الشرجي، أبو العباس أحمد بن عبد اللطيف ( ت: 893ﻫ/ 1487م )، طبقات الخواص أهل الصدق والإخلاص، دار المناهل، بيروت، 1406ﻫ / 1986م، ص354.
([59]) الجندي، السلوك، ج2، ص392 – 395.
([60]) ابن المجاور، تاريخ المستبصر، ص248.
([61]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص190، حاشية رقم (9).
([62]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص179، 189، 190.
([63]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص179، حاشية رقم (4).
([64]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص190، حاشية رقم (11).
([65]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص190 – 191.
([66]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص191، حاشية رقم (1)، (2).
([67]) للمزيد انظر: المقحفي، معجم البلدان، ج2، ص1728.
([68]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص191، حاشية رقم (5).
([69]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص191، حاشية رقم (3)، (4).
([70]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص188.
([71]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص191، حاشية رقم (5).
([72]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص177، حاشية رقم (7)، (9)، (10)، 189.
([73]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص178.
([74]) سوف يتم الحديث عن الجحافل فيما بعد عند الحديث عن قبائل مذحج.
([76]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص178، حاشية رقم (5).
([77]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص189.
([78]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص177 – 179.
([81]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص189.
([87]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص179.
([88]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص177.
([89]) معجم البلدان، ج1، ص364.
([90]) تطرق إسماعيل بن علي الأكوع لأسماء جميع الحصون التي وردت باسم براش في اليمن، دون أن يذكر أن هناك حصن في أبين عرف بهذا الأسماء، واكتفى بعدم التعليق على ذلك. انظر: البلدان اليمانية، ص40، حاشية رقم (3).
([91]) معجم البلدان، ج2، ص202.
([92]) معجم البلدان، ج3، ص112.
([93]) معجم البلدان، ج3، ص172.
([94]) معجم البلدان، ج3، ص291.
([95]) الأكوع، البلدان اليمانية، ص157، حاشية رقم (1).
([96]) معجم البلدان، ج3، ص401.
([97]) الأكوع، البلدان اليمانية، ص174، حاشية رقم (3).
([98]) معجم البلدان، ج4، ص207.
([99]) ابن المجاور، تاريخ المستبصر، ص248.
([100]) صفة جزيرة العرب، ص191.
([102]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص176 – 177. واسم مذحج: مالك بن أُدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ. انظر: الحجري، مجموع بلدان اليمن وقبائلها، مج3، ج4، ص699.
([103]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص191.
([104]) السمعاني، أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي ( ت: 562 هـ)، الأنساب، تقديم وتعليق: عبد الله عمر البارودي، مركز الخدمات والأبحاث الثقافية، دار الجنان، (د. ت)، ص226؛ ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج2، ص97.
([105]) الحجري، مجموع بلدان اليمن، مج1، ج1، ص92.
([106]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص177، 179، 189.
([107]) الجزري، أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد الشيباني (ت: 630هـ)، اللباب في تهذيب الأنساب، ج2، دار صادر، بيروت، 1400هـ/ 1980م، ص368.
([108]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص178.
([109]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص179، 189.
([110]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص177، 179، 178، 189.
([111]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص191.
([112]) وهؤلاء بنو الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد بن مالك بن أدد. انظر: ابن حزم، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الأندلسي، جمهرة أنساب العرب، ج2، دار الكتب العلمية، ط3، بيروت، 1424هـ/ 2003م، ص416.
([113]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص178.
([114]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص190، 191.
([115]) للمزيد من التفاصيل عن دور هذه القبائل انظر: هُـديل، طه حسين عوض، التمردات القبلية في عصر الدولة الرسولية وأثرها على الحياة العامة في اليمن ( 626 – 858ﻫ )، ط1، دار الوفاق، عدن، 1433هـ/ 2012م، ص265 – 278.
([116]) ابن المجاور، تاريخ المستبصر، ص249.
([118]) بامخرمة، النسبة، ص253، 268. انظر: الملك الأشرف، عمر بن يوسف بن عمر بن رسول ( ت: 696ﻫ/ 1296م )، طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب، تحقيق: ك. د. ستر ستين، ط2، دار التنوير، بيروت، 1406ﻫ/ 1985م، ص65، 136 – 138، 139.
([119]) بامخرمة، النسبة، ص268.
([120]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص177، 189.
([121]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص92، حاشية رقم (3)، 190، .
([122]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص191.
([123]) كندة: وهو ثور بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ. ابن حزم، جمهرة أنساب العرب، ج2، ص485.
([124]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص178.
([125]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص179.
([127]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص190.
([128]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص95.
([129]) وتنسب إلى أزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ. ابن الجزري، اللباب في تهذيب الأنساب، ج1، ص46.
([130]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص179.
([135]) يتناقل الأهالي في أبين روايات أن بالكثيب قبر 70 نبيًا، ويقول بعضهم 70 صحابيًا، وليس هناك تأكيدات على تلك الروايات.
([138]) ابن المجاور، تاريخ المستبصر، ص134.
([140]) ابن المجاور، تاريخ المستبصر، ص248.
([141]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص335 – 336.
([142]) أبو عبد الله محمد بن أحمد ( ت: 380ﻫ/ 990م )، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، ط3، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1411هـ/ 1991م، ص85.
([143]) ابن المجاور، تاريخ المستبصر، ص135.
([146]) يقع هذا الجبل في سلسلة جبال المراقشة، منطقة الخبر.
([147]) وبهذا المكان تغتسل الناس وتتزين لتهيئة لدخول عدن بحرًا.
([150]) ابن المجاور، تاريخ المستبصر، ص248.
([151]) لم نجد ترجمة لهذا الشاعر.
([152]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص335 – 336.
([153]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص92، حاشية رقم (2)، ص146، 147، 179، 190.
([154]) الجندي، السلوك، ج2، ص615.
([155]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص92، حاشية رقم (2)، ص 147، 179، 190.
([156]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص179.
([157]) الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص188 – 189.
المصادر والمراجع:
الأكوع، إسماعيل بن علي:
بامخرمة، جمال الدين عبد الله الطيب بن عبد الله بن أحمد ( ت: 947هـ/ 1540م):
البكري، أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز الأندلسي (ت: 487هـ/ 1094م):
الجزري، أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد الشيباني (ت: 630هـ):
الحجري، محمد بن أحمد:
ابن حزم، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الأندلسي:
الحميري، محمد بن عبد المنعم (ت: 900هـ/ 1495م):
ابن خرداذبة، أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله ( ت: 280هـ/ 893م ):
الزَّبيدي، مرتضى أبو الفيض محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني:
الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد جار الله (ت: 538هـ/ 1143م):
أبو زيد، بكر بن عبدالله:
ابن سمرة الجعدي، عمر بن علي (ت: 586هـ/ 1190م):
السمعاني، أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي ( ت: 562 هـ):
ابن سيده، أبو الحسن علي بن إسماعيل المرسي (ت: 458هـ ):
الشرجي، أبو العباس أحمد بن عبد اللطيف ( ت: 893ﻫ/ 1487م ):
الصاغاني، الحسن بن محمد بن الحسن (ت: 650هـ/ 1252م):
ابن المجاور، جمال الدين أبو الفتح يوسف بن يعقوب بن محمد ( ت: 690ﻫ/ 1291م ):
المغربي، أبو الحسن علي بن موسى بن سعيد (ت: 685هـ):
المقحفي، إبراهيم بن أحمد:
المقدسي البشاري، أبو عبد الله محمد بن أحمد ( ت: 380ﻫ/ 990م ):
الملك الأشرف، عمر بن يوسف بن عمر بن رسول ( ت: 696ﻫ/ 1296م ):
المناوي، محمد عبد الرؤوف:
هُـديل، طه حسين عوض:
الهمداني، أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب (ت: 360ﻫ / 970م ):
ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله (ت: 626هـ/ 1229م):