مركز عدن للدراسات التاريخية

عدن منطلق النهضة الثقافية في اليمن الحديث والمعاصر .. (عصر النهضة العدنية) 1918 – 1967م

د. إسماعيل قحطان

د. إسماعيل قحطان([1])

الملخص:

تعد مدينة عدن من أهم المدن اليمنية في القرن العشرين، بل كانت في النصف الأول من ذاك القرن أهم مدينة يمنية، فإلى جانب موقعها الاستراتيجي في الملاحة الدولية، كانت تشكل نقطة جذب للسكان المحليين، أو لشعوب الدول الأخرى؛ الأمر الذي أدى إلى تعدد الثقافات فيها.

شكلت الأسر المستنيرة في عدن أهمية كبرى في أحداث النهضة التي شهدتها المدينة، هذه النهضة لم تتوقف على عدن وحدها، بل انتقلت إلى المناطق المجاورة في المحميات وفي الشمال، وكان من أهم نتائج تلك النهضة أن أدت إلى تخليص اليمن من الاستعمار البريطاني في الجنوب، ونظام الإمامة الاستبدادي في الشمال.

لحوالي نصف قرن كانت عدن هي مركز التنوير والنهضة ليس على مستوى اليمن فحسب بل وعلى مستوى الجزيرة العربية.

The city of Aden is considered to be on the most significant cities of Yemen during the 20th century, specially during the first half, it was the most important city. Besides having a strategic position, it was an attractive hub for both locals and visitors alike, which resulted in having a diversified mixture of cultures.

The enlightened families in Aden had an important role impacting the events of the growth that civil life has witnessed. This advancement did not stop in Aden, but it went on to expand in other surrounding areas, specially the reserves and the north. As a result, south Yemen was able to get rid of the British colonialism, while north Yemen was freed from the oppressive regime of the Imam.

For almost half a century, Aden was the enlightenment and development center not only for Yemen, but also for the Arabian Peninsula.

المقدمة:

شد انتباهي حين كنت أعد رسالة الماجستير وأتتبع تطور الفكر السياسي في اليمن منذ 1930م إلى 1962م، أن غالبية الحراك الثقافي والتطور الفكري في اليمن قد نشأ وتبلور في مدينة عدن دون غيرها من باقي المناطق اليمنية. بل إن باقي المناطق اليمنية لم تستطع مجاراة ذلك التطور الذي كان يتشكل في عدن، وكانت تلك المناطق عبارة عن متلقي لما يصل إليها من أفكار وثقافات وتحولات سياسية تحدث في عدن. وبدا لي وكأن عدن في نهضتها الفكرية وتأثيرها في النهضة اليمنية تشبه إلى حد كبير فلورنسا في النهضة الإيطالية، والقاهرة في النهضة العربية.

تمكنت عدن من خلق نهضة خاصة بها، وهذه النهضة بدورها أوجدت تحولًا فكريًا كبيرًا ليس على مستوى عدن فحسب، بل في المنطقة المحيطة بها في المحميات المحتلة في الجنوب ودولة الإمام في الشمال. ولا نبالغ إن قلنا إن تأثير النهضة العدنية قد تعدى اليمن إلى خارجها وأصبح تأثيرها حتى على مستوى الجزيرة العربية.

مشكلة البحث:

بالرغم من الدور الكبير الذي أدَّته مدينة عدن في خلق النهضة في اليمن، إلا أنها لم تحظ بالدراسات الأكاديمية التي توفيها حقها. وظلت تراودني فكرة القيام بعمل دراسة كاملة عن دور عدن في صناعة التنوير في اليمن، ودورها في تحقيق النهوض الفكري والتطور السياسي في اليمن في القرن العشرين. وهي نهضة ذاتية نبعت من اهتمام الأسر العدنية بصنوف الثقافة، ولم يكن للوجود البريطاني دور مباشر في خلق هذه النهضة.

هدف البحث:

يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على التاريخ الفكري لعدن خلال النصف الأول من القرن العشرين والعقد السادس من القرن نفسه، وهي المدة التي أدَّت فيها عدن الدور التنويري الكبير في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، الذي يمكنني أن أطلق عليه عصر النهضة العدنية.

يحاول الباحث هنا تقديم صورة مبسطة عن نصف قرن من النهضة والحراك الثقافي والفكري في عدن. كما يسعى في الوقت نفسه إلى أن يكون هذا البحث دافعًا له أو مستحثًا لغيره للقيام بدراسةٍ موسعةٍ في هذا الجانب، وتكريم عدن بما تستحقه من الدراسات الفكرية. فكمية الوثائق المحلية أو الأجنبية التي تؤرخ الدور الفكري لعدن وعصر نهضتها، يمكنها أن تخرج العديد من الدراسات القيمة. ولا أعلم إن كان هناك من تصدر لمثل هذا الموضوع في وقتنا الحالي، حتى ساعات انتهاء هذا البحث.

أهمية البحث:

وتأتي أهمية هذا البحث من خلال محاولة الباحث تتبع خط سير النهضة في عدن، ومدى تأثيرها على باقي المناطق اليمنية، ويقدم صورة واضحة عن أسبقية عدن في تحقيق التنوير في اليمن، وتفردها في صناعة تلك النهضة الثقافية، تلك الثقافة التي استطاعت تغيير وجه اليمن وإخراجه من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة.

التمهيد:

امتلكت مدينة عدن موقعًا استراتيجيًا مهمًا أعطاها مكانة متميزة بين باقي المدن اليمنية وسماها البعض “عين اليمن”)[2](، حيث كانت محط أنظار القوى الدولية في العصر الحديث، وتحديدًا القوى الأوروبية. وقد حاولت الدول الأوروبية مرارًا فرض هيمنتها على هذه المدينة بدءًا من البرتغاليين الذين كانوا أول الواصلين إلى المحيط الهندي وانتهاءً بالبريطانيين الذين تمكنوا من احتلالها وفرض هيمنتهم عليها عام 1839م.

مثَّل الاحتلال البريطاني والوجود العثماني آخر قوتين عسكريتين تواجدتا في اليمن وتقاسمت أراضيه. إلا أنه بحلول عام 1918م، وهو تاريخ نهاية الحرب العالمية الأولى أصبح البريطانيون هم القوة الوحيدة الباقية هناك، وتمثل وجودهم في عدن وأيضًا في سلطنات ومشيخات الجنوب، كما تواجدوا في مدينة الحديدة في الشمال لعدة سنوات ثم تخلوا عنها.

ًاصبح عام 1918م تاريخ تحول للأوضاع في اليمن، جنوبه وشماله. ففي حين بدأت المناطق الشمالية الخارجة من تحت السيادة العثمانية، والواقعة تحت حكم الإمام يحيى حميد الدين بمذهبه الزيدي تدخل مرحلة الانكماش والانطواء والتراجع، نتيجة سياسة العزلة التي فرضها الإمام على المناطق التي يحكمها ([3])، فإن عدن بدأت تدخل مرحلة تحول ونهضة ثقافية نقلتها إلى مركز استقطاب ثقافي ليس على مستوى اليمن فقط، بل حتى على مستوى الجزيرة العربية، ناهيك عن التعدد الثقافي لشعوب العالم التي كانت تفد اليها على اعتبارها ميناءً عالميًا تحط فيه غالبية سفن العالم.

وهنا نتساءل هل أن النهضة التي حدثت في عدن كان سببها الاحتلال البريطاني، أم أن هناك عوامل أخرى أدت الى حدوث هذه النهضة؟

يقدم هذا البحث الإجابة عن هذا السؤال، مؤكدًا أن هذا التحول الثقافي الذي بدأت عدن تسير فيه لم يكن للبريطانيين الفضل فيه، إنما كان الفضل فيه للأسر العدنية المستنيرة، وكذلك لبعض الشخصيات المستنيرة القادمة من مختلف المناطق اليمنية سواءً المحميات أو الشمال، والتي قادت عملية التنوير، وكانت سببًا مباشرًا في نهضة عدن. أما الأسباب غير المباشرة في هذه النهضة فقد تمثلت في السياسات التعسفية للاحتلال البريطاني في عدن والجنوب من جهة، والحكم الإمامي في الشمال من جهة أخرى، واللذين كانا دافعين للشعب اليمني للسعي إلى تغيير وضعه البائس إلى وضع أفضل مما هو عليه.

وفي هذا البحث سوف نقف على عدد من المحاور العامة التي ستسهم في توضيح الصورة بشكل أبرز، وتقدم الصانع الحقيقي لهذه النهضة. وذلك من خلال تتبع المحاور التالية:

أولًا: عدن مخزن لتمويل السفن البريطانية.

ثانيًا: العوامل المؤثرة في نهضة عدن (الأسباب غير المباشرة).

ثالثًا: مراحل تطور النهضة في عدن (الأسباب المباشرة).

أولًا: عدن مخزن لتمويل السفن البريطانية.

جاء احتلال بريطانيا لعدن في 1839م لأسباب سياسية واقتصادية، تمثل السبب الاقتصادي في البحث عن مركز تموين للسفن البريطانية، بينما تمثل السبب السياسي في قطع الطريق على الفرنسيين من الوصول إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي والخليج العربي)[4](.

وجدت بريطانيا في موقع عدن الاستراتيجي، المكان المناسب في خط سير السفن البريطانية من أوروبا إلى الهند، لأجل تمويل هذه السفن بالفحم والمواد الغذائية والماء. ولهذا السبب سعت بريطانيا في النصف الأول من القرن التاسع عشر لفرض هيمنتها على عدن بشتى الوسائل، وحققت بعضًا من مبتغاها أولًا على يد السلطات العثمانية حين حصلت من العثمانيين على فرمان يمنح من خلاله السلطان العثماني البريطانيين مخازن في عدن لتخزين الفحم)[5](.

أدركت بريطانيا بعد ذلك أن عدن لا يمكن حصرها في مخزن للفحم لتمويل السفن، وإن موقعها يمنحها أهمية أكبر من ذلك بحيث يمكن أن تصبح قاعدة عسكرية بريطانية. فسعت لاحتلال عدن عسكريًا عن طريق استخدام القوة العسكرية وذلك في يناير 1839م على يد القبطان “هينس” الذي أصبح أول حاكم بريطاني لعدن)[6](.

ورغم مقاومة السلطان العبدلي حاكم عدن للاحتلال البريطاني، إلا أن هذه المقاومة كانت ضعيفة الإمكانات، مقارنة بما يمتلكه الأسطول البريطاني من قوة عسكرية، وبعد ستة أشهر من المواجهات بين الطرفين، وكذلك المراسلات المستمرة لإيقاف الحرب، تمكنت بريطانيا من توقيع معاهدة الحماية مع سلطنة العبدلي في يونيو 1839م)[7](، وأصبحت عدن مستعمرة بريطانية لا تتبع أي حكومة أو سلطنة يمنية، بل أصبحت تحت إدارة حكومة الهند البريطانية، واستمرت هذه الحالة حتى عام 1937م حين تم نقل مستعمرة عدن إلى وزارة المستعمرات البريطانية مباشرة)[8](.

تركزت السياسة البريطانية حول أساليب إخضاع عدن وما حولها من سلطنات للنفوذ البريطاني، فعقدت المعاهدات مع السلاطين وشيوخ القبائل، فكانت هذه المعاهدات في أول الأمر عبارة عن معاهدات حماية، ثم تحولت إلى معاهدات صداقة ومعاهدات استشارة)[9](.

منذ عام 1839م وحتى عام 1937م ولمدة مائة عام، -وهي الفترة التي كانت تتبع فيها عدن حكومة الهند البريطانية- لم تحظ هذه المدينة باهتمام السلطات البريطانية، واكتفى البريطانيون بالتعامل معها كميناء لرسو سفنهم، وكمخزن للتزود بالوقود، وأيضًا قاعدة عسكرية لبوارجهم وقواتهم العسكرية، وبسبب استقلال الهند من الاحتلال البريطاني. وخوفًا من أن تفقد بريطانيا مدينة عدن بموقعها الاستراتيجي، عملت السلطات البريطانية على تحويل تبعية هذه المدينة من حكومة الهند إلى إدارة وزارة المستعمرات في لندن، وجاء هذا التحويل ليكشف التمسك البريطاني بعدن ضمن الممتلكات البريطانية، فكان أول عمل قامت به السلطات البريطانية، التهيئة لخلق كيان سياسي خاص بالمدينة تحت مسمى الحكم الذاتي، وكانت البداية من خلال تشكيل المجلس التشريعي الذي تم افتتاحه في 6 يناير 1947م)[10](.

وبالرغم من محاولة السلطات البريطانية إبداء بعض الاهتمام بمدينة عدن إلا أنه ظل اهتمامًا سياسيًا، ولم يكن ليشكل علامة فارقة أو تحول نحو النهضة الشاملة، الثقافية والفكرية، وهو الأمر الذي كان أبناء عدن يفتقرون إليه، ولذلك سعوا بقدراتهم الذاتية لخلق هذه النهضة دون الاعتماد على المحتل البريطاني. وكما سنلاحظ فيما سيأتي سنجد أن أبناء عدن كانوا قد بدأوا بالتوجه نحو النهضة الثقافية بدافع ذاتي قبل هذا التاريخ -1947م- بحوالي ربع قرن، دون دعم أو مساندة من سلطات الاحتلال البريطاني.

استمرت السياسة البريطانية في تطويق عدن بالأساليب الاستعمارية لضمان بقائها ضمن النفوذ البريطاني، فكشفت عن رغبتها في جعل المحميات المجاورة لعدن من سلطنات ومشيخات تحت الحكم البريطاني المباشر، حيث سعت لإقامة الاتحاد الفيدرالي للجنوب عام 1959م، والذي بموجبه تتشكل حكومة اتحادية من السلطنات والمشيخات، ثم بعد ذلك يتم ضم عدن لهذا الاتحاد)[11](، وهو الأمر الذي وجد معارضة شديدة من مختلف القوى السياسية اليمنية وأيضًا القوى السياسية العدنية التي كانت تسعى للحصول على حكم ذاتي لعدن.

لم تكن سياسة بريطانيا في إقامة الاتحاد الفيدرالي العامل الوحيد الذي أدى إلى تذمر السكان، بل كانت هناك سياسات أخرى اتخذتها بريطانيا في عدن أسهمت في زيادة التذمر الشعبي ضد الوجود البريطاني، مثل الهجرة الأجنبية وتوطين الأجانب، والسيطرة على جميع الموارد من بينها الميناء الذي كان يشكل مصدر الرزق الرئيس لأبناء عدن، وأصبحت الشركات البريطانية هي المهيمنة على الجانب الاقتصادي، وأصبح أبناء الجاليات الأجنبية يشكلون طبقة كبار التجار والاقتصاديين، بينما أبناء البلاد الأصليين يشكلون بعضًا من الطبقة الوسطى وغالبية طبقة العمال)[12](. كل ذلك أدى إلى الاستياء المتزايد في عدن ضد البريطانيين.

كان الرفض للسياسات البريطانية في بادئ الأمر قد أخذ الشكل السلمي المتمثل في الكتابات الصحفية، ثم توسعت حركة الرفض وتحولت إلى مظاهرات على يد الحركة العمالية، ثم بعد ذلك أخذ هذا الرفض الشكل العسكري)[13](، والكفاح المسلح والذي استمر حتى عام 1967م، حيث نالت عدن والمحميات في جنوب اليمن استقلالها.

وعليه يمكن القول إن الأسباب التي دفعت البريطانيين لاحتلال عدن كانت أسبابًا اقتصادية وعسكرية، وأن الوجود البريطاني في عدن لم يكن يهدف إلى تطوير المدينة وإعمارها أو إحداث نهضة فيها، حيث ظل الوضع على حاله دون تغيير، وهذا ينفي أن يكون للوجود البريطاني أي دور في النهضة الثقافية لعدن، وأن هذه النهضة العدنية نبعت ذاتيًا من أبنائها أو القادمين إليها من مناطق المحميات أو الشمال. ولو كانت بريطانيا تعمل على تطوير المناطق التي حلت فيها، لكانت دول الخليج العربي الواقعة تحت الاحتلال البريطاني تعيش المستوى الثقافي نفسه الذي كانت عليه عدن وليس أقل منها.

ثانيًا: العوامل المؤثرة في نهضة عدن (الأسباب غير المباشرة):

تأثرت عدن بمجموعة من العوامل غير المباشرة التي حفزتها وأسهمت في تحويلها من مدينة عادية إلى مدينة قائدة في التاريخ اليمني الحديث والمعاصر. فكما كانت بعض الحواضر اليمنية كزبيد وجبلة وتعز في العصور الإسلامية منطلقًا للنهضة اليمنية؛ فإن عدن شكلت المحور الرئيس للنهضة اليمنية الحديثة، وحملت شعلة التنوير والتغيير الذي نقل اليمن إلى العصور الحديثة والمعاصرة. وقد أسهمت مجموعة من العوامل في ذلك:

  1.  الموقع المتوسط لعدن بين الشرق والغرب:

كانت مدينة عدن عامل جذب لسكان المناطق الداخلية من المحميات أو الشمال، والتي كانت عبارة عن ريف لمدينة عدن([14])، نتيجة انعدام مظاهر الحياة الحديثة، وحالة التخلف التي تعيشها تلك المناطق، وسياسات الحكام القائمين عليها. فكانت عدن بوابة تلك المناطق نحو العالم.

وقد أسهم موقع عدن المتوسط الذي تلتقي فيه الطرق البحرية بين آسيا وأفريقيا وأوروبا إلى جانب كونها مرفًا طبيعيًا في جذب الآخرين إليها، وهذا بدوره أدى إلى وفود أعداد كبيرة من الناس سواء من داخل اليمن أو من بلدان أخرى، للاستفادة من فرص العمل أو من الفرص التجارية التي فيها، فكان ذلك سببًا لاختلاط الثقافات فيها وتلاقي الأفكار، فكان ذلك عاملًا مساعدًا في نهضتها.

  • 2 سياسة الحكم الإمامي في الشمال:

اتصف الحكم الإمامي في شمال اليمن بالغلظة والقسوة، وممارسة الإذلال مع رعاياه، مما أدى إلى نفور غالبية الشعب اليمني من هذا النظام الحاكم، باستثناء الفئة المستفيدة من وجوده؛ الأمر الذي جعل سكان عدن يسعون لخلق كيان قوي يمكنهم من خلاله مواجهة ذلك النظام، وعدم الرضوخ له أو الوقوع تحت حكمه. كما كانت عدن الوعاء الحاوي للهاربين من طغيان ذلك النظام، والمتنفس لهم؛ الأمر الذي زاد من تكتل القوى الرافضة لذلك النظام، وازدياد الدافعية للمحافظة على عدن قوية مستقلة.

تنوعت أساليب العنف والظلم التي استخدمها هذا النظام ضد شعبه ومن تلك الأساليب:

  • حالة العزلة: ويقوم مبدأ العزلة على منع أي مواطن يمني من السفر إلى خارج اليمن إلا بإذن خطِّيّ من الإمام نفسه، كما أنه يمنع دخول أي شخص غير يمني إلى مناطق الشمال إلا بإذن من الإمام نفسه([15])، فأصبح شمال اليمن يمثل سجنًا كبيرًا لملايين البشر.
  • سياسة تأليب اليمنيين ضد بعضهم: وعرفت هذه السياسة بـ: (الخطاط والتنافيذ)، حيث يقوم هذا النظام على عملية شن الحروب الداخلية بين اليمنيين بعضهم البعض، إما من خلال إطلاق يد الجيش على بعض القبائل، أو من خلال إطلاق يد قبيلة ضد قبيلة أخرى، أو منطقة ضد منطقة أخرى، بحيث يتم استباحة أراضي المناطق والقبائل المغضوب عليها وأموالها، وتخريب الأراضي الزراعية، وتدمير المنازل ونهب الأموال والحيوانات([16]). فكان اليمني يعيش في وضع من الفوضى وانعدام وجود الدولة ومؤسساتها.
  • سياسة نهب الأموال: وهي سياسة تقوم على فرض متطلبات مالية عديدة من السكان تكون فوق طاقتهم، وتحت مسميات مختلفة مثل العشر، والخمس، والضرائب، والزكاة وغيرها، وعلى المواطن البسيط دفع هذه الأموال أو التعرض لصنوف العذاب ومصادرة ممتلكاته، وهو ما يمكن التعبير عنه بالقول: إن نظام الحكم المتوكلي كان ينتهج سياسات غير متلائمة مع روح القرن العشرين الذي يعيش فيه([17]). وكان لهذه السياسة تأثيرها البليغ على الاقتصاد اليمني، وأسهمت في تدهوره بشكل كبير لاسيما في جانب الزراعة، بسبب زيادة فرض الضرائب، ونهب المحاصيل، الأمر الذي أدى إلى تخلي الناس عن أراضيهم، وعن العمل بالزراعة والهجرة إلى عدن أو إلى بلدان أخرى خارج اليمن([18]).

جميع هذه السياسات، وغيرها من السياسات والأساليب التي كان يمارسها نظام الإمامة في شمال اليمن، أدت بكثير من سكان الشمال للتوجه نحو عدن للحصول على حياة كريمة، وفرص عمل مناسبة. فتجمعت في عدن كتلة بشرية كبيرة قابلة للتغيير والتطوير أسهمت في نهضة عدن. كما أسهمت في تشكل حركة المعارضة السياسية للحكم الإمامي، التي بدورها نشرت الأفكار الحديثة التي أدت إلى تغيير الوعي في الشمال، فكان من نتاج ذلك الوعي قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م.

3 – السياسة الاستعمارية في عدن:

لم تكن السياسة البريطانية في عدن سياسة عادلة، أو متوائمة مع أبناء البلاد الأصليين ومطالبهم، مقارنة بما كان يمنح لغيرهم من أبناء الجنسيات الأخرى المتواجدة في عدن([19])، مما شكل تحديًا قويًا للعدنيين، ودافعًا لهم لمواجهة تلك السياسات([20])، فعمدوا إلى تقديم مطالبهم للسلطات البريطانية في عدن للعمل على تطوير وضع عدن وتحسين وضع أبناء البلاد الأصليين، بأن تعمل السلطات البريطانية على تقديم المشاريع الاقتصادية التي تسهل أبواب الرزق لأبناء عدن، وتقضي على البطالة بينهم([21])، أسوة بما تقدمه السلطات الاستعمارية للمهاجرين من بلدان أخرى إلى عدن.

كانت الهجرة الأجنبية إلى عدن تمثل انتهاكًا لحقوق العدنيين، حيث كانت السلطات البريطانية تمنح هؤلاء المهاجرين إلى عدن الجنسية العدنية وكذلك تمنحهم أفضل الوظائف بينما يحرم منها العدنيون وأبناء المحميات وأبناء الشمال، فكانت مطالب أبناء عدن تتركز حول ضرورة إيقاف هذه الهجرات الأجنبية([22])، إلا أن السلطات البريطانية لم تكن تلتفت لهذه المطالب.

وفي أثناء الحرب العالمية الثانية وقف أبناء عدن في صف السلطات البريطانية، وهاجموا في كتاباتهم دول المحور على أمل أن تلتفت تلك السلطات البريطانية لمطالبهم وتغير من سياستها تجاههم، وتعمل على مد يد المساعدة لهم للنهوض والتطور([23])، إلا أنهم أصيبوا بخيبة أمل عندما وجدوا أن الوضع لم يتغير بعد انتهاء الحرب، ولم تنفذ السلطات البريطانية أي مطلب من مطالبهم.

ورغم تجاهل البريطانيين لمطالب العدنيين، إلا أنه كان لدى أبناء عدن -ولمدة زمنية طويلة- قبول بالوضع القائم، والحرص على التعايش السلمي بين الطرفين، وعدم الرغبة في الدخول في مواجهات مع السلطات البريطانية في عدن، وكان القبول بهذا الوضع ناجم عن المقارنة بما يجدوه من سوء الأوضاع في المناطق المحيطة بهم في المحميات أو في الشمال([24]). ولكن هذا الوضع السلمي لم يستمر، لاسيما بعد بزوغ فجر النهضة والتنوير في عدن، حيث ازدادت عملية المطالبة بالحقوق، وبدأ الاختلاف بين العدنيين في طرق المطالبة بهذه الحقوق، وانقسم العدنيون إلى فريقين: فريق يرى ضرورة الاستمرار السلمي في المطالبة بالحقوق، بينما تبنى الفريق الآخر العنف كحل لتحقيق تلك المطالب، وهو الأمر الذي أدى إلى قيام ثورة 14 أكتوبر 1963م كتعبير قوي عن حالة الرفض للسياسات البريطانية في عدن، وانتهاج عملية الكفاح المسلح.

ثالثًا: مراحل تطور الثقافة في عدن.

بحسب قراءة الباحث للمرحلة الزمنية الممتدة من عام 1918 إلى 1967 في عدن وتتبع مراحل النهضة الفكرية والتطور الثقافي الذي شهدته هذه المدينة فقد تم تقسيم هذه المدة إلى ثلاث مراحل رئيسة أثرت في شكل الثقافة اليمنية وتطورها.

أ) الأسر العدنية المستنيرة 1918 – 1955م.

ظهر في اليمن ما عرف بطبقة القضاة، تكونت من مجموعة من البيوت أو الأسر التي اهتمت بالعلوم الدينية. واستمر تركز الجانب العلمي والثقافي في اليمن – نتيجة مجموعه من العوامل – في أيدي هذه الأسر، بنفس نمط العصور الوسطى. حيث كانت تتوارث هذه الأسر المكانة العلمية فيما بينها ثم لأبنائها. ومن بين تلك العوامل التي أسهمت في عملية التوارث العلمي، ارتباط هذه الأسر بمراكز الحكم وارتباطها بالنظام الحاكم، إلى جانب تركز الثروة والمال في أيدي هذه الأسر العلمية، الأمر الذي أدى إلى تشكل هذه الطبقة الاجتماعية في اليمن.

استمر تقوقع وانحصار طبقة القضاة والفقهاء في العلوم الدينية واللغة والتراث والتاريخ، والعزوف عن الأخذ بالعلوم الحديثة، إما مجاراةً للنظام الحاكم، أو لارتباط مصالح هذه الطبقة مع بقاء الوضع على ما هو عليه، ورفضًا لكل ما هو جديد، واعتبار العلوم الحديثة من الأمور المحرمة؛ لأن مصدرها بلاد الكفار([25]).

استمر هذا النمط العلمي التراثي مسيطرًا حتى مطلع القرن العشرين، حيث بدأت الثقافة والعلوم الحديثة تتغلغل إلى اليمن، وكانت عدن أول مدينة يمنية تتصل بالثقافة الجديدة وعصر التنوير العالمي، وتحتويه بين جنباتها. ثم من عدن بدأت هذه العلوم والمعارف والثقافات الحديثة في التغلغل إلى باقي المناطق اليمنية.

اختلف الوضع تمامًا في مدينة عدن، حيث تغير مفهوم الأسر العلمية عما كان متعارف عليه، وأصبحت الأسر والبيوتات العلمية في عدن عبارة عن نمط جديد من الأسر، وهي التي -كانت ميسورة اقتصاديًا والمستنيرة عقليًا- تواكب التطورات العلمية الحديثة التي يشهدها العالم. ولم تكتف هذه الأسر بأخذ العلوم الحديثة، بل تجاوزته إلى إنشاء المؤسسات الثقافية الحديثة، وقد أخذت هذه الفئة – وكانت نواة الطبقة المستنيرة في اليمن – تهتم بمختلف العلوم والجوانب الثقافية بدافع ذاتي منها، وليس بدعم سلطات الاحتلال البريطاني. وتعددت هذه الأسر، وعلى سبيل المثال لا الحصر آل لقمان، آل خليفة، آل حسن علي، آل الأصنج، الأسودي، الأدهل، جرجرة، عبده غانم، وغيرها فكانت صاحبة اليد الطولى في نشر عملية التنوير في عدن ومنها إلى باقي اليمن.

الأسر العدنية والتعليم: بدأت هذه الأسر العدنية تهتم بالتعليم، فعملت على إرسال أبنائها إلى المدارس التي أسهمت هذه الأسر في بنائها لتلقي العلوم الحديثة، ثم بعد اجتياز المرحلة الثانوية كانت هذه الأسر وتحديدًا الأسر المقتدرة تعمل على إرسال أبنائها للتعليم خارج عدن، إما إلى مصر والعراق ولبنان، أو إلى بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

في عام 1919م تأسست في مدينة عدن مدرسة (ريسدانسي اسكول)، وكان مدير هذه المدرسة محمد علي لقمان([26]). وقد أسهمت هذه المدرسة في تخريج عدد كبير من أبناء عدن من المرحلة الثانوية، مما هيأ الكثير منهم للالتحاق بالجامعات خارج اليمن، فكانت تلك الخطوة تمثل بدايات تشكل جيل جديد من المتعلمين والمستنيرين من أبناء عدن.

ولدعم جانب التعليم فقد أسهم الأثرياء من أبناء هذه الأسر في بناء المدارس وتوسيعها بما يتواكب مع زيادة أعداد الطلبة المقبلين على التعليم. وكان لنادي الإصلاح بفروعه المختلفة في عدن والشيخ عثمان دور في هذا الدعم سواء لتوسيع المدارس أو إرسال البعثات التعليمية إلى الخارج([27]).

 كما عملت هذه الأسر على دعم تعلم أبناء المحميات والشمال، وبالتعاون مع التجار من أبناء تلك المناطق، فقاموا ببناء المدارس الأهلية لأبناء المحميات والشمال، مثل مدرسة النهضة العربية، ومدرسة بازرعة، والمعهد التجاري، ومدرسة الإنقاذ، والمعهد الإسلامي. وكانت أغلبها تحت إدارة شباب من أبناء عدن المتعلمين([28]).

النوادي الثقافية: يمكن القول إن الأندية الثقافية التي تأسست في عدن حملت على عاتقها مشعل التنوير في المدينة، وكانت صاحبة الدور المؤثر والرئيس في بذر الثقافة والنهضة في عدن. وتأسست هذه الأندية على أيدي أبناء الأسر المستنيرة في عدن وبجهودهم الذاتية، وقناعاتهم في أهمية مثل هذه الأندية.

كان المصدر الأول لفكرة تأسيس الأندية العدنية هو المفكر التونسي عبدالعزيز الثعالبي، الذي وصل إلى عدن في أكتوبر 1924م، في زيارة لليمن، وحط الرحال في عدن، ثم انتقل إلى سلطنة العبدلي في لحج ثم إلى مملكة الإمام يحيى في صنعاء.

 وفي عدن التقى بالعديد من أبناء الأسر المستنيرة، وتناقش معهم حول ضرورة النهضة بعدن، وعدم الانتظار لما يمكن أن يجود به الحاكم البريطاني على عدن وأبنائها. وطرح لهم فكرة إقامة أندية ثقافية، بحيث يلتقي فيها الشباب العدني المثقف والمستنير، يتبادلون فيها مختلف العلوم والمعارف والآداب، وأن يضعوا لأنفسهم خطة للانتقال بهذه المعارف والعلوم والثقافات إلى باقي الناس([29]).

التقط الشباب المستنير من أبناء عدن هذه النصيحة، وبادروا بتنفيذها، وتم افتتاح (نادي الأدب العربي) كأول نادي ثقافي في عدن واليمن والمحميات، وذلك في شعبان 1345ه، 5 فبراير 1927م. وقد بعث محمد علي لقمان برسالة إلى الثعالبي يخبره بهذا الافتتاح، مؤكدًا له أنها تطبيق للأفكار التي قدمها عند وجوده في عدن بقوله: “فقد قمتم لدى بقائكم بين ظهرانينا مشجعين لنا حتى إننا أبرزنا إلى حيّز الوجود نادينا (نادي الأدب العربي)، يوم 10 شعبان 1345ه، وتم الاحتفال بافتتاحه طبق المرام، بحضور زبدة من أفاضل عدن ونخبة من شبابها الناهضين”([30]).

 بعد ذلك قام الشباب العدني المستنير بتأسيس نادي الإصلاح العربي الإسلامي بعدن، والذي كان له ثلاثة فروع، في عدن والتواهي والشيخ عثمان، وكانت أعماله ونشاطاته تتجاوز الجانب الأدبي إلى أنشطة أخرى اجتماعية وتعليمية. ثم قاموا بتأسيس مخّيم أبي الطيب في 16 مارس1939م برئاسة الأستاذ محمد علي لقمان، وهو نادٍ ثقافي، وقد توقف نشاط هذا النادي في سبتمبر من العام نفسه بسبب الحرب العالمية الثانية، ثم عاود نشاطه في 22 فبراير 1941م. كان أهم شرط لقبول العضوية في هذا النادي أن يقدم المشترك محاضرة واحدة في كل ستة أشهر، على أن تستغرق المحاضرة 20 دقيقة على الأقل([31]).

البعثات: كما أسلفنا سابقًا فإن الأندية الثقافية في عدن خلقت نشاطًا ثقافيًا وتنويريًا بين الشباب، وعملت على تأهيلهم ثقافيًا بحيث أصبحوا قادرين على الانتقال إلى المجتمعات المتقدمة التي سبقت اليمن في النهضة. فكان من أهم نتائج ذلك النشاط، الاندفاع نحو التعليم، لاسيما التعليم الجامعي. فبدأت هذه الأندية تدعم عملية إرسال بعثات إلى خارج اليمن، إلى مصر والعراق ولندن. وقد قام المسؤولون عن هذه الأندية بمراسلة البلدان العربية مثل مصر والعراق للسماح للشباب اليمني بالدراسة في جامعاتهم ومعاهدهم العليا، ومن ذلك، الرسالة التي بعث بها محمد علي لقمان عام 1936م – وهو عضو قيادي في النادي الأدبي ونادي الإصلاح – إلى الملك غازي ملك العراق والتي طلب فيها السماح بإرسال عشرة طلاب إلى العراق([32]). كما قام سلطان لحج السلطان عبد الكريم فضل وهو أحد المنتمين للأندية الثقافية العدنية بإرسال رسائل إلى الحكومة المصرية للحصول على الموافقة لإرسال الطلبة اليمنيين إلى مصر للدراسة فيها، وأكد أن تكاليف ابتعاث الطلبة ستكون على حساب الجهة المرسلة، وليس على حساب الجهة المستقبلة([33]).

الجمعيات: كانت الجمعيات التي نشأت في عدن تمثل مرحلة متطورة لنظام الأندية، ففي حين كانت الأندية عبارة عن مؤسسات ثقافية بحتة تسعى لتأهيل الشباب في مختلف الجوانب الثقافية، فإن الجمعيات كانت تتجه آنذاك في الاتجاه الخدمي، حيث تسعى لخدمة أبناء عدن في مختلف المجالات الإنسانية، مثل المرض، والإصابات، وحالات الوفاة، ومن ذلك جمعية النجارين (1935م)، وجمعية أولاد الفقراء، وجمعية السيارات([34]). وكان نشاط الجمعيات يقترب إلى حد ما من نشاط الأحزاب في مطالبتها حكومة الاحتلال البريطاني في عدن لإقامة المشاريع التي تخدم عدن، أو تعديل بعض السياسات التي تصب في مصلحة أبناء عدن، ومن تلك الجمعيات وهي أبرز هذه الجمعيات الجمعية العدنية التي تأسست في 1949م برئاسة محمد علي لقمان، والتي تبنت الأعمال الاجتماعية في بداية نشاطها، ثم سرعان ما تحولت إلى جمعية سياسية تطالب بالحقوق السياسية لأبناء عدن([35]).

المجلات والصحف: من بين كل تلك الأنشطة الثقافية التي برزت في عدن منذ العشرينيات حتى خمسينيات القرن العشرين، كانت النشرات والكتيبات والصحف والمجلات تصاحب هذه الأنشطة. فكان لمخيم أبي الطيب كتيب يصدر بعنوان “أقلام المخيم”. ثم مجلة الأفكار التي كانت عبارة عن محتوى ثقافي ضخم ينافس المجلات الثقافية العالمية في المحتوى. وكذلك صحيفة فتاة الجزيرة التي كانت متنوعة وشاملة إلى جانب صحيفة القلم العدني الناطقة باسم الجمعية العدنية([36]).

وبشكل أدق فإن جميع الصحف والمجلات والمنشورات والكتيبات التي صدرت في عدن منذ العشرينيات حتى منتصف الخمسينيات كانت صادرة عن الأسر العدنية المستنيرة. بل وحتى الصحف والمنشورات المتعلقة بالمحميات أو الشمال كانت بدعم من هذه الأسر، مثلما كان الحال مع الكتيبات والمنشورات والصحف التابعة لحركة الأحرار اليمنية الشمالية، مثل صحيفتي صوت اليمن والفضول كانت جميعها تتلقى الدعم من تلك الأسر العدنية.

تطورت حركة النشر في عدن بشكل سريع وملفت، حيث أصبحت عدن تعج بالصحف والمجلات والنشرات التثقيفية، هذه الحركة الدؤوبة والنشيطة في النشر كانت فقط في عدن، أما في المحميات والشمال فلم ترتق إلى هذا المستوى، بل إن الحكومة الزيدية في الشمال لم تنتج خلال تلك المدة سوى صحيفة الإيمان ومجلة الحكمة، والأخيرة لم تصمد كثيرًا، فقد توقفت بعد ثلاث سنوات من ظهورها؛ بدعوى عدم امتلاك حكومة الإمام لأوراق الطباعة([37]).

المطابع: شهدت مدينة عدن في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين ظهور عدد كبير من المطابع. وفي حين كانت بعض هذه المطابع للغرض التجاري؛ فإن عددًا كبيرًا منها كان متخصصًا في الطباعة الثقافية، حيث ارتبطت كل مطبعة من هذه المطابع بصحيفة معينة أو بنشرات ومطبوعات الأندية والتجمعات الثقافية والتنظيمات الحزبية([38]).

الأحزاب السياسية: لم يتأسس في عدن خلال الثلاثة عقود الأولى، أي حزب سياسي على يد الطبقة العدنية المستنيرة، وكان الحزب السياسي الوحيد الذي ظهر في عدن هو حزب الأحرار اليمنيين عام 1944م([39]). وبالرغم من أن هذا الحزب كان يعنى بالقضايا المتعلقة بشمال اليمن فقط، ويهتم بالوضع السياسي فيه، وكذلك صحيفة صوت اليمن وهي الصحيفة الناطقة باسمه، إلا أنهما تلقيا -الحزب والصحيفة-، وكذلك جماعة الأحرار دعمًا سخيًا من الأسر العدنية. وبالرغم من خيبة الأمل التي تلقتها هذه الأسر حينما استبعدها الحزب من المشاركة في تشكيل حكومة انقلاب 1948م ضد الإمام يحيى في صنعاء، وحصر المناصب فقط في أبناء الشمال([40]). وبالرغم من ذلك فأن دعم هذه الأسر لحركة الأحرار استمر ولم يتوقف، حتى بعد فشل الانقلاب، وتمثل ذلك في دعم إنشاء تنظيم جديد في عدن باسم الاتحاد اليمني، بعد فشل حزب الأحرار وانحلاله. وفي الفترة بعد 1955م ظهرت في عدن مجموعة من التنظيمات السياسية الشمالية، واستمرت حتى قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م. وهو الأمر الذي يؤكد أن عدن كانت منطلق النهضة اليمنية.

ب) الحركة العمالية 1955 – 1962م:

حالة الوعي والثقافة التي تشكلت خلال ثلاثين سنة في عدن، أسهمت في جعل سكان هذه المدينة أكثر قبولًا من غيرهم من أبناء اليمن لأي أفكار سياسية واقتصادية واجتماعية جديدة، وأصبح لديهم القدرة على التشكل والتوائم مع كل ما هو جديد.

كانت الطبقة العمالية في عدن تتكون من أبناء الشمال والمحميات، وكانت تشكل النسبة الأكبر من السكان نتيجة وجود فرص عمل لدى الشركات الأجنبية الموجودة في عدن، إلا أن هذه الفئة كانت لا تملك الوعي السياسي للمطالبة بحقوقها. وبسبب وجود الطبقة المتوسطة المتعلمة من أبناء عدن والتي تشمل الموظفين، فقد تولت هذه الفئة تبني المطالب العمالية. وبدأ يتشكل نظام النقابات العمالية في مطلع الخمسينيات بقيادة الشباب العدني، حيث تحول الشباب المستنير من قادة الأندية والجمعيات إلى قيادة النقابات العمالية([41]).

ومع قيام ثورة مصر 1952م وظهور راديو صوت العرب والموجة الثورية التي انتشرت في الوطن العربي ووصل تأثيرها إلى اليمن([42])، كانت مدينة عدن أكثر منطقة يمنية استعدادًا لتقبل هذا المد الثوري الجديد نتيجة سببين: الأول، وجود الطبقة المثقفة نتيجة حالة الوعي والثقافة المنتشرة في عدن. والثاني، وجود طبقة العمال. فتشكل تحالف من الفئتين المثقفين والعمال، وهذا التحالف أصبح إلى جانب توجهاته الاجتماعية والاقتصادية يحمل توجهات سياسية مضادة لقوى الاستعمار وقوى الرجعية([43])، التي كان اليمن يعاني منهما معًا.

إلى جانب تأثير الثورة المصرية كان تأثير الأحزاب القومية والأممية قد بدأ بالتسلل إلى عدن، فكان حزب البعث قد بدأ يتغلغل في أوساط المثقفين والعمال، وكذلك الأفكار الاشتراكية وأفكار الأحزاب الأيدولوجية الأخرى، وهنا كانت نقطة التحول المحورية في تاريخ نهضة عدن. وذلك بانتقال دفة الحركة الثقافية والفكرية في عدن من الأسر العدنية – إن جاز لنا تسميتها بالليبرالية – إلى أيدي الأحزاب الأيدلوجية الجديدة التي بدأت تستقطب العمال بحرفية عالية تدغدغ مشاعرهم الوطنية([44]).

كان قرار انتخابات المجلس التشريعي لعدن عام 1955م الذي حرم أبناء الشمال والمحميات من المشاركة، قد أظهر عملية التحول الثقافي في عدن، وانتقال دفة التأثير من أيدي الأسر العدنية إلى أيدي الأحزاب الأيدولوجية، حيث أنقسم المثقفون إلى قسمين، كان غالبية أبناء الأسر العدنية المستنيرة والمنتمين للجمعية العدنية من المؤيدين للقرار، وتحالف معهم بعض المثقفين من أبناء المحميات والمنتمين لحزب رابطة أبناء الجنوب، بينما وقف النقابيون الحزبيون العدنيون من ذوي التوجهات الأيدلوجية الحديثة ضد هذا القرار وضد المشاركة في الانتخابات([45]).

عدن العمالية:

في عام 1951م تكونت في عدن نقابة رابطة عمال الصناعات المتنوعة، وفي عام 1952م تكون اتحاد عمال وموظفي شركة عدن للطيران، وفي عام 1955م أصبح عدد النقابات الكبيرة 12 نقابة، كان الهدف منها تحسين مستوى العمال اقتصاديًا واجتماعيًا([46]).

بدأ التحول الكبير يطرأ على النهضة العدنية، وهو عبارة عن عملية تحول فكري من العمل الأدبي – الذي كانت ترعاه الأسر العدنية – إلى العمل السياسي وانتقال دفة القيادة الفكرية إلى طبقة جديدة غير الطبقة السابقة، وهو ما يعني انتقال النهضة العدنية من مرحلة إلى مرحلة أخرى. فبدأت أساليب جديدة للتعبير الفكري بالظهور([47])، لم تعهدها عدن من قبل، من أهمها المقاطعة، الإضرابات، المظاهرات، تشكل اتحاد النقابات، التكتلات السياسية، مثل الجبهة الوطنية وغيرها من التكتلات، ثم الانتقال في آخر المطاف إلى العمل الحزبي الصريح وظهور حزب الشعب الاشتراكي ممثلًا للعمال، وكذلك الجبهة القومية، وحزب الاتحاد الشعبي الديمقراطي ذو التوجه الماركسي.

مقاطعة الانتخابات: كان أول تحرك عمالي يبرز للعلن هو عملية مقاطعة انتخابات المجلس التشريعي 1955م، فشكل ذلك أول بروز علني للحركة العمالية كحركة وطنية قائدة للأحداث في مواجهة السياسات البريطانية، وأصبحت تشكل حركة مضادة للسياسات البريطانية ولكن تحت مطالب عمالية([48]).

الإضرابات: يعدُّ إضراب 8 مارس 1956م من أشهر الإضرابات التي شهدتها عدن، حيث كان أول إضراب تشهده المدينة بهذا الحجم. بدأت عدن بعدها تشهد سلسلة من الإضرابات العمالية بشكل متتالي وفي وقت واحد ضد الشركات الأجنبية، وكان أقوى إضراب قام به عمال المصفاة والذي استمر 70 يومًا، خرج العمال بانتصارات لمطالبهم([49]).

تشكل المؤتمر العمالي: جاء تأسيس المؤتمر العمالي ليشكل نقلة نوعية في العمل السياسي، ودليلًا على تسارع الأحداث، وحدوث قفزة في النهضة العدنية. ففي 5 فبراير 1956م اجتمع ممثلو سبع نقابات لتشكيل المؤتمر العمالي كاتحاد يمثل جميع النقابات المنضوية تحت هذا المؤتمر([50]). وفي 3 مارس 1956م تم إقرار دستور الحركة العمالية، بعد أن أصبح عدد النقابات المنضوية تحت مظلة المؤتمر العمالي اثنتي عشرة نقابة([51])، وفي 8 مارس تم إعلان الإضراب، وفي 20 مارس أصبح عدد النقابات المنضوية في المؤتمر العمالي خمسًا وعشرين نقابة([52]).

التكتلات السياسية الوطنية: مع تبلور الحركة العمالية وزيادة نشاطها بدأت تظهر إلى الوجود نشاطات أخرى جديدة لم تكن عدن تشهدها من قبل، ومن ذلك ظهور تنظيمات سياسية جديدة وتكتلات تضم عددًا من تلك التنظيمات. كانت الجبهة الوطنية المتحدة أول تكتل سياسي يظهر في عدن في أكتوبر 1955م من مجموعة التنظيمات والأندية لمناقشة قانون الانتخابات([53])، كما تشكل الاتحاد الشعبي من مجموعة من التنظيمات السياسية عام 1958م، وكان الهدف من تكوين هذا التكتل معارضة انتخابات المجلس التشريعي لعدن المزمع إقامته في سبتمبر 1958م([54]).

الأحزاب العمالية: بدت وتيرة التحول في عدن سريعة بشكل ملحوظ منذ ظهور الحركة العمالية عام 1955م كقوة مؤثرة تمكنت من خلق مجموعة من التنظيمات والتكتلات الوطنية كان أهمها المؤتمر العمالي، والجبهة الوطنية؛ الأمر الذي أدى إلى زيادة تصادمها مع سلطات الاحتلال البريطاني بعدن.

أصبح المؤتمر العمالي التنظيم السياسي الأكبر في عدن من حيث التأثير السياسي ومن حيث الأعضاء، ولذلك انتقلت الحركة العمالية في 1962م من طور العمل العمالي إلى طور العمل السياسي، حيث قامت بتكوين حزب الشعب الاشتراكي الذي يمثل الوجهة السياسية للحركة العمالية([55])،وأصبح يشكل أكبر تكتل معارض للسلطات البريطانية داخل عدن، قبل أن تظهر الجبهة القومية كمنافس قوي على الساحة اليمنية.

ج) الأحزاب والتنظيمات السياسية ١٩٦٢-١٩٦٧م

مع مطلع ستينيات القرن العشرين لم تعد عدن تلك المدينة الهادئة التي كانت حتى منتصف الخمسينيات، فقد أصبحت مدينة عالمية الفكر والثقافة، تحوي بين جنباتها جميع التوجهات الفكرية على اختلاف مشاربها قومية دينية ليبرالية اشتراكية. ولم يعد الشباب فيها ذلك الجيل الذي كان يتنافس في نظم الشعر والقصيدة أو كتابة مقال أو إلقاء محاضرة، بل أصبح الشباب أكثر ثورية، وأقل حرية حيث أصبح غالبية الشباب ينتمي للأحزاب الأيدلوجية الجديدة والتي تشكلهم طوع رغبات الحزب وتوجهاته.

وبحسب التوجهات الفكرية تم تقسيم الأحزاب العدنية في هذا البحث إلى ثلاث اتجاهات محلية وعربية وعالمية.

الأحزاب المحلية:

تعددت الأحزاب المحلية وتنوعت بحسب مصالح مؤسسيها، إلا أنه كان هناك حزبان محليان هما اللذان يشكلان الثقل الكبير في الساحة العدنية وكذلك في الساحة اليمنية:

  • حزب رابطة أبناء الجنوب:

تأسس في عام ١٩٥٠م، كحزب يدعو لإقامة دولة جنوب اليمن التي تتكون من عدن والمحميات([56])، وكانت دعوته هذه تتعارض مع دعوة الجمعية العدنية والأحزاب العدنية الأخرى التي ترى ضرورة إقامة حكم ذاتي لعدن([57])، كما تعارضت مبادئه مع مبادئ الحركة العمالية الداعية إلى وحدة اليمن الطبيعية عدن والمحميات والشمال([58])، وقد تحققت مبادئ هذا الحزب وأطروحاته على أرض الواقع، حين تبنت السلطات البريطانية فكرة الاتحاد الفيدرالي وعملت على تنفيذ هذا الاتحاد.

  • حزب الشعب الاشتراكي:

تأسس حزب الشعب الاشتراكي في عام ١٩٦٢م، كممثل للحركة العمالية، بديلًا للمؤتمر العمالي بعدن([59])، واتخذ من الوحدة اليمنية والوحدة العربية والتحرر من الاستعمار والرجعية مبدأ له([60]). وقد رفع هذا الحزب شعار الحرية والوحدة والاشتراكية كشعار له([61])، وهو شعار حزب البعث، حيث كانت قيادته من ذوي التوجهات البعثية، إلا أنه ظل حزبًا يهتم بالقضايا اليمنية، وممثلًا للحركة العمالية اليمنية.

وفي هذه المرحلة -الستينيات- من تاريخ عدن نلاحظ اختفاء الجمعية العدنية، وانحسار مبادئ العدنية والحكم الذاتي الذي كانت تنادي إليه الجمعية العدنية، بعد أن تنكر لها البريطانيون لصالح فكرة الجنوب العربي، الأمر الذي أصاب أبناء الأسر العدنية المؤيدة للحكم الذاتي بالإحباط، والتواري عن المشهد السياسي في عدن لصالح دعاة الجنوب العربي.

الأحزاب العربية القومية:

مثلَ كلٌ من حزبي البعث العربي الاشتراكي، وحركة القوميين العرب الأحزاب العروبية التي تتبني الدعوة إلى الوحدة العربية على أسس القومية العربية. وقد تمكن الحزبان من الهيمنة على مفاصل العمل الحزبي في عدن وكانا أقوى تنظيمين سريين في عدن. ورغم التوحد في المنطلقات الفكرية للتنظيمين إلا أن العداء كان مستحكما بينهما، وقد توسع شق العداء بينهما إلى أن وصل مرحلة الصراع الدموي، والحرب الأهلية داخل عدن.

استطاع تنظيم حركة القوميين العرب تكوين تنظيم الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل في ١٩ أغسطس ١٩٦٣([62])، بينما عمل حزب الشعب الاشتراكي على تأسيس منظمة تحرير الجنوب أول أكتوبر ١٩٦٤م([63]).

وكان هدف التنظيميين الجديدين استخدام أسلوب الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني. ورغم سمو المبدأ لدى التنظيمين إلا أن النوايا لم تكن سامية تجاه بعضمها، الأمر الذي أدى إلى حدوث صدام مسلح بينهما عرف بالاقتتال الأهلي في عدن -الأولوالثاني-([64]).

وإن كانت الجبهة القومية قد حسمت هذا الاقتتال إلا إن نتائجه كانت وخيمة على عدن، حيث أدى هذا الاقتتال إلى سفك دماء كثيرين من أبناء عدن، وعمق التنافر بين مكونات هذا المجتمع المدني المسالم. وكان من أهم نتائجه نزوح غالبية الأسر المستنيرة من عدن خوفًا أن ينالها الأذى، وتوزع أبناؤها في مناطق مختلفة من العالم، وفقدت عدن مكانتها كمدينة للتنوير وأفل نجمها.

بعد هذا الاستعراض لمراحل التطور الفكري والنهضة في عدن، نجد أن النهضة العدنية سارت بوتيرة منتظمة وتصاعدية، حتى تحققت الأهداف بخلق مظاهر النهضة في اليمن، من مؤسسات ثقافية وصحف وأحزاب سياسية واكتمال قوام المجتمع المدني فيها. كما أنه بفضل النهضة في عدن فقد حققت القوى السياسية الأهداف التي رسمتها لمستقبل اليمن وهي القضاء على الاحتلال البريطاني في الجنوب، وحكم الإمامة الزيدية في الشمال.

الخاتمة:

بعد هذا الاستعراض الذي حواه البحث يمكن القول:

  • إن الموقع الاستراتيجي لعدن منحها إمكانات ليست لدى باقي المناطق اليمنية الأخرى، أهَّلها لتحمل فكر النهضة التي تقود اليمن إلى العصور الحديثة.
  • إن هذا الموقع المتميز وإن كانت أهميته قديمة، إلا أن هذه الأهمية زادت في العصر الحديث بعد اكتشاف رأس الرجاء الصالح والتنافس الأوروبي على تجارة الشرق والغرب، فكانت عدن محطة لتجارة وثقافات العالم.
  • إن الوجود البريطاني في عدن لم يكن عامل تطور ونماء، بقدر ما كان يشكل عامل تحدٍّ لأبناء عدن للنهوض بأنفسهم حينما وجدوا سياسة التمييز والعنصرية البريطانية والتفريق في المعاملة بين أبناء البلاد الأصليين مع الأجانب القادمين من خارج عدن، وحصول الأجانب على جميع المميزات بينما يحرم منها أصحاب البلاد.
  • لم يكن النظام الإمامي في الشمال يشكل مصدر أمان لعدن، بل كان يشكل لها مصدر قلق دائم؛ الأمر الذي أدى إلى تكاتف جميع المتضررين من هذا النظام للحفاظ على عدن قوية، قادرة على مواجهة نظام الإمامة. وقد نجحت عدن بالفعل في نقل الأفكار السياسية الحديثة إلى الشمال، وكانت هذه الأفكار سببًا رئيسًا في تغيير النظام السياسي الاستبدادي القائم هناك.
  • لا يمكن لأي قارئ لتاريخ عدن أن ينكر الدور العظيم الذي بذلته الأسر العدنية المستنيرة التي حملت على عاتقها جلب كل وسائل الثقافة الجديدة إلى عدن وأهمها المطبعة، وكانت هذه الأسر هي من صنعت النهضة في عدن ومنها إلى باقي اليمن.
  • كانت النهضة في عدن تسير في اتجاه تصاعدي متطور، وظهر ذلك من خلال تطور الأفكار من أفكار مثالية أدبية إلى أفكار عمالية، وإلى أفكار ثورية صنعت التغيير في شطري اليمن، فقضت على استبداد الحكم المتوكلي وعلى الاحتلال البريطاني، وأخرجت اليمن من براثن العصور الوسطى إلى العصور الحديثة.

([1]) أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر المساعد.  [في أي جامعة]

([2]) القاسمي، سلطان: الاحتلال البريطاني لعدن، ط2، دار الغرير، الإمارات، 1992م، ص 10.

([3]) سالم، سيد مصطفى: تكوين اليمن الحديث، ط 4، دار الأمين للنشر، القاهرة، 1993م، ص438.

([4]) القاسمي، الاحتلال البريطاني لعدن، ص7.

([5]) الريحاني، أمين: ملوك العرب، ط8، دار الجيل، بيروت، (د.ت)، ص 414.

([6]) كانت بريطانيا تطمح منذ وقت بعيد للحصول على عدن لما يشكله موقعها من أهمية، لذلك وقبل حصولها على الفرمان العثماني كانت قد دخلت مع السلطان العبدلي في مفاوضات لشراء عدن منه، إلا أنه رفض بيعها. المصري، أحمد عطية: النجم الأحمر فوق اليمن، ط3، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1988، ص 13،14.

([7]) الجناحي، سعيد أحمد: الحركة الوطنية اليمنية، ط1، مركز الأمل للدراسات والنشر، صنعاء، 1992م، ص 143.

([8]) وفي العام نفسه 1937م تم تقسيم المحميات الى محميات عدن الشرقية ومحميات عدن الغربية. فالكوفا، السياسة الاستعمارية في جنوب اليمن، ترجمة: عمر الجاوي، ط 2، دار الهمداني، اليمن، 1984م، ص 6.

([9]) الشعبي، قحطان: الاستعمار البريطاني ومعركتنا العربية في جنوب اليمن (عدن، الإمارات)، (د. ط)، دار النصر للطباعة والنشر والأعلام، القاهرة (د.ت)، ص 141.

([10]) صحيفة فتاة الجزيرة، عدن، عدد354، 12 يناير 1947م.

([11]) اكتشفت بريطانيا أن الإجراءات الدستورية وإقامة مجلس تشريعي لعدن وفكرة الحكم الذاتي جميعها لم تكن مجدية لتثبيت بقاءها في عدن لذلك انتقلت لتنفيذ سياسة جديدة تمثلت بالاتحاد الفيدرالي. قحطان، إسماعيل: تطور الفكر السياسي في اليمن، ط1، الياسمين للطباعة، صنعاء، 2007م، ص 36، 37.

([12]) هاليداي، فريد: الصراع السياسي في شبه الجزيرة العربية، ترجمة: محمد الرميحي، ط2، دار الساقي، بيروت، 2010م، ص 11. ناؤومكين، فيتالي: الجبهة القومية في الكفاح من أجل استقلال اليمن الجنوبية، ترجمة: سليم توما، دار التقدم، موسكو، 1984م، ص 17.

([13]) كان أول عمل عسكري ضد الاحتلال البريطاني شهدته عدن، ما عرف بقنبلة المطار التي ألقاها شاب من آل خليفة، وهذه الأسرة من أبرز الأسر العدنية المستنيرة، وكان هذا العمل احتجاجًا على السياسة البريطانية في عدن، وكان ذلك في 10 نوفمبر 1963م. أدهل، عبده حسين: الاستقلال الضائع الملف المنسي لأحداث اليمن الجنوبية، ط2، دار العهد، 1993م، ص 55.

([14]) عمر، سلطان أحمد: نظرة في تطور المجتمع اليمني، ط1، مؤسسة أروقة للطباعة والنشر، القاهرة، 2018م، ص 98.

([15]) الريحاني، أمين: ملوك العرب، ص 84.

([16]) اليمنيون في المهجر: الأنة الأولى، (د. ت)، 6.

([17]) قحطان، إسماعيل: تطور الفكر السياسي في اليمن، ص 26.

([18]) الزبيري، محمد محمود: المنطلقات النظرية في فكر الثورة اليمنية، ط1، دار العودة، بيروت، 1983م، ص 85.

([19]) صحيفة فتاة الجزيرة، عدد 364، 23 مارس 1947م.

([20]) طالب المستنيرون العدنيون من السلطات البريطانية العمل على تأهيل أبناء عدن ورفع مستواهم الثقافي بحيث يتمكن الفقير والغني على حد سواء من إكمال المرحلة الثانوية على الأقل، والاهتمام بالصحة والمستشفيات وتعبيد الطرقات، وإقامة المتنزهات والملاعب الرياضية والوظائف العالية. للتعرف على مزيد من تلك المطالبات؛ انظر: لقمان، محمد علي إبراهيم: عدن تطلب الحكم الذاتي، (د. ت)، ص 6.

([21]) صحيفة فتاة الجزيرة، عدد 142، 18 أكتوبر 1942م.

([22]) فتاة الجزيرة، عدد 360، 23 فبراير 1947م.

([23]) فتاة الجزيرة، عدد288، 16 سبتمبر 1945م.

([24]) كما هو الحال في المقال الذي كتبه محمد علي لقمان في صحيفة فتاة الجزيرة بعنوان “يا أهل عدن استيقظوا واغتنموا الفرص فإنها تمر مر السحاب” فتاة الجزيرة، عدد 317، 14 أبريل 1964م.

([25]) المقرمي، عبد الملك: التاريخ الاجتماعي للثورة اليمنية،ط1، دار الفكر المعاصر، بيروت، 1991م، ص 185 – 188.

([26]) أدهل، عبده حسين: الاستقلال الضائع، ص86.

([27]) المرجع نفسه، ص 109.

([28]) المرجع نفسه، ص 104، 105.

([29]) مخيم أبي الطيب، أقلام المخيم، ص 31.

([30]) الثعالبي، عبد العزيز: الرحلة اليمنية، ط1، دار الغرب الإسلامي، 1997م، ص 216.

([31]) مخيم أبي الطيّب، أقلام المخيم، (د. ط)، 1942م ص 4.

([32]) الثعالبي، المصدر السابق، ص 239.

([33]) المصدر نفسه، ص 244.

([34]) مرشد، عبد الله علي: نشوء وتطور الحركة النقابية والعمالية في اليمن، ط1، وزارة الثقافة، عدن، 1981م، ص 114.

([35]) أدهل، المرجع السابق، ط 137-143.

([36]) خبارة، عبد الرحمن: نشوء وتطور الصحافة في عدن 1937 – 1967م، (د.ت)، الأمل للطباعة والنشر، عدن، ص28.

([37]) سالم، سيد مصطفى: مجلة الحكمة، ط2، مركز الدراسات والبحوث، صنعاء، 1988م، ص 149.

([38]) من هذه المطابع التي ارتبطت أسماؤها بأسماء الصحف الصادرة عنها، مطبعة فتاة الجزيرة، مطبعة الأيام، مطبعة اليقظة، مطبعة السلام، ومطبعة الكفاح. للمزيد انظر خبارة، عبدالرحمن: المرجع السابق، ص31.

([39]) برنامج حزب الأحرار، 1357هـ.

([40]) قحطان، إسماعيل: حركة القوميين العرب ودورها في ثورتي سبتمبر وأكتوبر في اليمن 1959 – 1967م، ط1، يسطرون للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020م، ص 49.

([41]) مرشد، عبدالله علي: المرجع السابق، ص 113.

([42]) الزبيري، محمد محمود : المرجع السابق، ص 6.

([43]) مرشد، المرجع السابق، ص 130.

([44]) المقرمي، عبدالملك: المرجع السابق، ص 336.

([45]) الأصنج، عبد الله: حركتنا العمالية، وثائق المؤتمر العمالي بجنوب اليمن، (د.ت). ص 30.

([46]) الجاوي، عمر: المرجع السابق، ص 11.

([47]) مرشد، عبدالله علي: المرجع السابق، ص 130.

([48]) قحطان، إسماعيل: حركة القوميين العرب، ص 74.

([49]) مرشد، المرجع السابق، ص 129.

([50]) صحيفة الجنوب العربي، عدد 70، 14 فبراير 1956م.

([51]) الدستور العام: وثيقة مؤتمر عدن للنقابات.

([52]) مرشد، المرجع السابق، ص129.

([53]) عبده، علي محمد: لمحات من تاريخ حركة الأحرار اليمنيين، ج2، ط1، منتدى النعمان الثقافي للشباب والمعهد الفرنسي للأثار والعلوم الاجتماعية، صنعاء، 2003م، ص 80. ومن تلك التنظيمات المنضوية تحت الجبهة الوطنية مؤتمر النقابات والاتحاد اليمني ورابطة أبناء الجنوب، وبعض الأندية.

([54]) عبده، علي محمد: المصدر نفسه، ج2، ص 171.

([55]) حزب الشعب الاشتراكي: وثيقة أضواء على حزب الشعب الاشتراكي، مكتب النشر والتوجيه، دار الهناء للطباعة، عدن، سبتمبر 1963م، ص15.

([56]) دستور رابطة أبناء الجنوب لعام ١٩٥١م، (د. ط) دار الجنوب للطباعة والنشر، (د.ت). ص 7-8.

([57]) قحطان، إسماعيل: حركة القوميين العرب في اليمن، ص٧١.

([58]) قحطان، إسماعيل: تطور الفكر السياسي في اليمن، ص٥٠.

([59]) الجاوي، عمر: المرجع السابق. ص 55.

([60]) حزب الشعب الاشتراكي، وثيقة أضواء على حزب الشعب الاشتراكي، ص 5.

([61]) المصدر نفسه، ص 9.

([62]) المصري، أحمد: المرجع السابق، ص١٤٥.

([63]) قحطان، إسماعيل: حركة القوميين العرب في اليمن، ص 82.

([64]) اندلع الاقتتال الأول بين الطرفين في سبتمبر ١٩٦٧م، واندلع الاقتتال الثاني في نوفمبر ١٩٦٧م. الجناحي، سعيد: المرجع السابق، ص 243.


المصادر والمراجع

الوثائق:

  1. الأصنج، عبد الله: حركتنا العمالية، وثيقة صادرة عن المؤتمر العمالي بجنوب اليمن، (د. ط) (د. ت).
  2. برنامج حزب الأحرار اليمني (طبع على نفقة حزب الأحرار بصنعاء): مطبعة فتاة الجزيرة، 1357هـ.
  3. حزب الشعب الاشتراكي: أضواء على حزب الشعب الاشتراكي، مكتب النشر والتوجيه، دار الهناء للطباعة، عدن، سبتمبر 1963م.
  4. دستور رابطة أبناء الجنوب ١٩٥١م، (د. ط)، دار الجنوب للطباعة والنشر، (د. ت)، عدن.
  5. لقمان، محمد علي إبراهيم: عدن تطلب الحكم الذاتي، (د. ط)، جميع حقوق الطبع والنقل والترجمة محفوظة للمؤلف، مطبعة فتاة الجزيرة، عدن، (د. ت).
  6. مخيم أبي الطيب: أقلام المخيم، (د. ط)، 1942م.
  7. مؤتمر عدن للنقابات: الدستور العام 3 مارس 1956م.
  8. اليمنيون في المهجر، الأنة الأولى، (د. ط)، (د. ت).

الكتب:

  1. أدهل، عبده حسين: الاستقلال الضائع الملف المنسي لأحداث اليمن الجنوبية، ط2، دار العهد، مصر، 1993م.
  2. الثعالبي، عبد العزيز: الرحلة اليمنية، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى 1997م.
  3. الجاوي، عمر: الصحافة النقابية في عدن1957-1967، مؤسسة 14 أكتوبر للطباعة والنشر، عدن (د.ت).
  4. الجناحي، سعيد أحمد: الحركة الوطنية اليمنية، مركز الأمل للدراسات والنشر، صنعاء، ط1، 1992م.
  5. خبارة، عبد الرحمن: نشوء وتطور الصحافة في عدن 1937 – 1967م، الأمل للطباعة والنصر.
  6. الريحاني، أمين: ملوك العرب، ط8، دار الجيل، بيروت، (د. ت).
  7. الزبيري، محمد محمود: المنطلقات النظرية في فكر الثورة اليمنية، ط1، دار العودة، بيروت، 1983م.
  8. سالم، سيد مصطفى: تكوين اليمن الحديث، ط4، دار الأمين للنشر، القاهرة، 1993م.
  9. سالم، سيد مصطفى: مجلة الحكمة، ط2، مركز الدراسات والبحوث، صنعاء، 1988.
  10. الشعبي، قحطان: الاستعمار البريطاني ومعركتنا العربية في جنوب اليمن (عدن، الإمارات)، (د. ط)، دار النصر للطباعة والنشر والأعلام، القاهرة، (د. ت).
  11. عبده، علي محمد: لمحات من تاريخ حركة الأحرار اليمنيين، ج2، ط1، منتدى النعمان الثقافي للشباب والمعهد الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية، صنعاء، 2003م.
  12. عمر، سلطان أحمد: نظرة في تطور المجتمع اليمني، ط1، مؤسسة أروقة للطباعة والنشر، القاهرة، 2018م.
  13. فيتالي ناؤومكين: الجبهة القومية في الكفاح من أجل استقلال اليمن الجنوبية، ترجمة: سليم توما، (د. ط)، دار التقدم، موسكو، 1984م.
  14. القاسمي، سلطان: الاحتلال البريطاني لعدن، ط2، دار الغرير، دولة الإمارات، 1992م.
  15. قحطان، إسماعيل: تطور الفكر السياسي في اليمن، ط1، الياسمين للطباعة، صنعاء، 2007م.
  16. قحطان، إسماعيل: حركة القوميين العرب ودورها في ثورتي سبتمبر وأكتوبر في اليمن 1959 – 1967م، ط1، يسطرون للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020م.
  17. ل فالكوفا: السياسة الاستعمارية في جنوب اليمن، ترجمة: عمر الجاوي، ط2، دار الهمداني للطباعة والنشر، اليمن، 1984م.
  18. مرشد، عبد الله علي: نشوء وتطور الحركة النقابية والعمالية في اليمن، ط1، وزارة الثقافة، عدن، 1981م.
  19. المصري، أحمد عطية: النجم الأحمر فوق اليمن، ط3، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1988م.
  20. المقرمي، عبد الملك: التاريخ الاجتماعي للثورة اليمنية، ط1، دار الفكر المعاصر، بيروت، 1991م.
  21. هاليداي، فريد: الصراع السياسي في شبه الجزيرة العربية، ترجمة: محمد الرميحي، ط2، دار الساقي، بيروت، 2010م.

الدوريات:

  1. صحيفة الجنوب العربي، عدد 70، 14 فباير 1956م.
  2. صحيفة فتاة الجزيرة: (عدن) الأعداد 142، 288، 317، 354، 360، 364.