أ.م.د. أشرف صالح محمد سيد
أ.م.د. أشرف صالح محمد سيد([1])
ملخص
تُعَدُّ اللصوصية من أشد أنواع الإجرام خطورة في المجتمع، سواء كانت في البر (قطع الطريق) أم في البحر (القرصنة)، وقد انتشر اللصوص في عصر الحروب الصليبية حتى صارت ظاهرة تدعو إلى الانتباه، خاصةً في الجانب الصليبي؛ رغم أن السرقة واللصوصية في العقيدة المسيحية خطيئة خطيرة وأمر معيب، حتى لو كانت بسبب الفقر المُدَقع. وتتناول هذه الدراسة السلب والنهب في عصر الحروب الصليبية، وذلك وفق منهج البحث التاريخي بهدف إلقاء الضوء على انخراط اللصوص في الحركة الصليبية، وأسباب اللصوصية في عصر الحروب الصليبية، والجرائم التي ارتكبها اللصوص، وصولاً إلى الآثار المترتبة على أعمال اللصوص من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والدينية.
Abstract:
The period of the Crusades considered one of the most important historical periods in the Middle Ages. Among the phenomena of this period is the large number of thieves and pirates, even though the Crusader movement was a religious movement; However, one of the causes of the Crusader movement was the papacy’s desire to get rid of European criminals by sending them to the East under the pretext of expiation of sins. This led to the involvement of thousands of them in the Crusader movement, and the Levant and its coasts became a fertile breeding ground for their criminal acts, in addition to the actions of eastern thieves and pirates of plunder and robbery.
مقدمة
كان الفلاحون في القرية الإقطاعية في أوروبا يبنون أكواخهم حول قصر أو قلعة السيد الإقطاعي للاحتماء به؛ لذلك كانت هذه الأكواخ متقاربة من بعضها داخل أسوار القرية من أجل الأمان([2])؛ لأن القرى الأوروبية التي لم تكن تتمتع بحماية أحد النبلاء الإقطاعيين قبل اندلاع الحروب الصليبية، وغالبًا ما كانت تتعرض للسلب والنهب على أيدي العصابات الإقطاعية المتحاربة، وعلى أيدي قُطاع الطرق([3])، وكان الفرسان المعدمون في أوروبا يعدّون العنف المسلح أسهل وسيلة لإصلاح أمورهم، فعمدوا أفرادًا وعصابات إلى التجول في الأراضي المجاورة والبعيدة، يقطعون الطرق ويسلبون المسافرين، وقد أمست بعض القصور أوكارًا لصوصية حقيقية، ومأوىً لعصابات الفرسان ([4]).
وكان الفلاحون الأوروبيون فريسة للخوف الدائم، والاضطراب المستمر، والافتقار للأمن ([5])، فقد كانت وسائل النقل في أوروبا مكلفة للغاية، وكانت الطرق وعرة وغير آمنة([6])، حيث انحدرت الطرق في العصور الوسطى إلى أن أصبحت مجرد ممشىً للخيول مغطاة إما بالتراب أو بالطين وملأى بالعوائق، تحُف بها الأخطار من الحيوانات المفترسة أو من قُطاع الطرق([7])، يقول فوشيه الشارتري مؤكدًا على انعدام الأمن في أوروبا قبل اندلاع الحروب الصليبية([8]):”لا يكاد يجرؤ أحد على السفر في الطرقات مؤملاً السلامة، خوفًا من الخطف على يد قُطاع الطرق في النهار، أو اللصوص في الليل، فهو معرض للعنف أو للاحتيال سواء كان في داخل المباني أو خارجها”.
وأكد على انتشار اللصوص في أوروبا قبل اندلاع الحروب الصليبية أيضًا، المؤرخ الصليبي وليم الصوري بقوله([9]): ” إن اللصوص الظلمة تسلحوا بالسيوف في الطرق العامة، وراحوا ينصبون الكمائن لتصيد المسافرين، فلم ينج من بطشهم حاج، ولم يسلم من شرهم رجل دين، ولم تكن القرى هي الأخرى بمنجاة من الأخطار، لأن السفاحين المتخلفين أحالوا جميع الشوارع والدروب إلى أماكن تبث الخوف في نفوس الأبرياء”. فقد كان السفر محفوفًا بالمخاطر، وكانت الغابات ملأى باللصوص([10])، ففي وسط الجبال والغابات الكثيفة لم يكن من السهل على الفرسان المسلحين أن يطاردوا العصابات غير المسلحة من اللصوص العارفين بالبلاد، ولكنهم عانوا منهم باستمرار لعدم قدرتهم على قتالهم أو الامتناع عن القتال ([11]).
هذا، ولم تكن اللصوصية فقط هي التي تروع أمن سكان أوروبا قبل اندلاع الحروب الصليبية، بل انتشرت القرصنة أيضًا، فقد كانت المدن البحرية الأوروبية لا تتورع عن تحريض القراصنة على مهاجمة سفن المدن الأخرى المنافسة لها، مما أدى إلى كثير من الحروب التجارية بين المدن بعضها ضد بعض، وهي الحروب التي اتخذت طابعًا عامًا من القرصنة والسلب، فإن البحار لم تخل من قراصنة يهددون السفن وينهبون ما بها من متاجر، الأمر الذي أدي بالسفن التجارية إلى التجمع في أساطيل لترد أي عدوان، أو ربما قامت بحراستها في بعض الأحيان سفن مسلحة.
في أوروبا ما قبل اندلاع الحروب الصليبية، كان من المشكلات التي تستعصي على الحل: (القساوسة المتهربون من الضرائب، والجباه المزورون، وقُطاع الطرق، وبعض الكيانات أشبه بشركات الصرافة المُفلسة في عصرنا الحالي)، فقد كانوا ملامح ثابتة في الفضاء الاجتماعي – الاقتصادي الأوروبي طوال فترة أواخر العصور الوسطى([12]). فقد كانت جريمة السرقة من الجرائم الكبيرة، وكانت عمليات السطو لا تتوقف داخل أرجاء أوروبا، وكانت شوارع المدن تشهد في الليل – حيث تنعدم الإضاءة أو تقل كثيرًا – الكثير من حوادث السطو والسرقة، وقلما كان يُقبض على الجناة لضعف إمكانيات الدولة. وقد جاهدت الكنيسة كثيرًا للحد من اللصوصية، ولكنها لم تنجح كثيرًا، ولكن عندما قامت الحروب الصليبية في نهاية القرن الحادي عشر الميلادي/ السادس الهجري، تحول الناس من الحروب الإقطاعية ومن أعمال السطو والسرقة إلى التجمع للحرب ضد المسلمين واستعدوا للزحف على الأراضي المقدسة([13])،وهكذا بدأت أوروبا في تصدير نفاياتها البشرية من اللصوص إلى الشرق العربي.
أولاً- انخراط اللصوص في الحركة الصليبية:
كان للحج المسيحي بقصد التوبة قيمته العملية من الناحية الاجتماعية، إذ كان يرغم المجرمين وأصحاب الذنوب على الابتعاد عن المجتمع عدة شهور، أو عدة سنوات([14]). وقد أدركت البابوية هذا المعنى فحثت اللصوص والمجرمين على الانخراط في الحركة الصليبية. يقول البابا أوربان الثاني([15]) في المجمع الذي عُقد في كليرمونت([16]) سنة (488ه/ 1095م): “ولتكن غيرتكم في هذه الحملة تكفيرًا عن السلب والسرقة والقتل التي بها آثرتم غضب الرب”([17]). وفى رواية أخرى لخطاب البابا أوربان الثاني: “فليخرج أولئك الذين عكفوا حتى الآن على حروب خاصة ومغايرة للشرع، فجرُّوا عظيم الخسران على المؤمنين، فليكونوا من الآن فرسانًا للمسيح، أولئك الذين لم يكونوا غير قُطاع طرق”([18]). فقد أرادت البابوية تصدير العنف الذي كان دائرًا في أوروبا إلى الشرق الإسلامي، بدلاً من تناحر المسيحيين فيما بينهم في أوروبا، فضمت الجيوش الصليبية أعدادًا كبيرة من المجرمين بمختلف أنواعهم، وكل أولئك أتوا تحت شعار الحروب الصليبية، وتركزوا في الموانئ الساحلية لبلاد الشام([19]).
كان جيش بطرس الناسك([20]) يتكون من أُناس شتى ([21])، فاستطاع بطرس الناسك بفضل ما أوتيه من قوة الخطابة وقدرة على الإقناع أن يحث الكثيرين على الانخراط في الحملة الصليبية الشعبية بأسرع ما يمكن، فكان معه أساقفة ورؤساء أديرة، وعامة الشعب والأشراف، فضلًا عن الأشرار، والزناة والقتلة واللصوص([22])، وقد اعترف بطرس الناسك نفسه بانخراط اللصوص وقُطاع الطرق في صفوف جيشه، فعندما هُزم جيش بطرس الناسك من السلاجقة الأتراك في سير الحملة الصليبية الأولى الشعبية، ألقى بطرس الناسك باللوم على كاهل رجاله؛ لأنهم كانوا كما قال: “لا يعرفون الطاعة، وإنما يتّبعون أهواءهم، ونعتهم بأنهم “لصوص وقُطاع طرق”([23]).كان جيش بطرس الناسك أو (جيش الرب) قد اكتسب سمعة سيئة للغاية في تلك الأنحاء –في بلغاريا والمجر وبيزنطة– كجيش من الجياع والمغامرين واللصوص الذين لا يردعهم رادع عن ارتكاب أبشع ما يمكن للإنسان أن يرتكبه في حق الإنسان([24]).
ولم يكن اشتراك اللصوص والمجرمين قاصرًا على جيش بطرس الناسك، بل انخرطوا في الجيوش الأخرى، ففي الحملة الصليبية الأولى الشعبية احتشد جيش آخر بقيادة إقطاعي صغير من سادة بلاد الراين، هو (أميخ) كونت (لايزنجن)، الذي حاز شهرة في الخروج على القانون واللصوصية([25])،كانت السمة الغوغائية للحملة الصليبية الأولى (الحملة الشعبية) ترتبط أساسًا بمشكلة الإنسان الذي شارك فيها، فقد كانوا مجموعة من المغامرين والمنبوذين سواء كانوا من القراصنة أو من اللصوص الذين يبتزون ويغتصبون أموال التجار، أو من نبلاء المجتمع المنبوذين (البارونات اللصوص) وباعتراف الجميع، لم تكن جيوش الحملة الصليبية الأولى الشعبية جموعًا من القديسين ([26]). وعندما قاد الصبي الألماني (نيقولا Nicholas) حملة الأطفال من (كولجن Cologne) صوب الشرق العربي، كانت حملته الصليبية تشتمل على الرجال والنساء والأطفال والرُضع، ولكن الأغلبية كانت من الشباب، هذا فضلاً عن الأشرار من الرجال والنساء الذين التحقوا بالحملة([27]).
إن مرتكبي العنف المجرمين في داخل الجماعة المسيحية قد تحولوا إلى مقدسين بمجرد هبوطهم إلى الأرض المقدسة، وبمجرد توجيههم سلاحهم ضد (أعداء الصليب). وما كان في الغرب اللاتيني جنونًا، أصبح عند نقله إلى فلسطين، روحانية مسيحية ([28])، إن كل الإيطاليين من البنادقة والجنوية والأمالفيين والبيازنة الذين شاركوا في الحروب الصليبية، كانوا عبارة عن أناس شاركوا في هذه الحروب من أجل السلب والنهب، وأبحروا للبحث عن السرقة والنهب، فكانوا كاللصوص والقراصنة والمعتدين([29]).إن الحركة الصليبية لم تكن قاصرة على أمة أو دولة أو جنس معين، وإنما اشتركت فيها جميع أمم الغرب الأوروبي، واشتملت كذلك على عناصر من مختلف الطبقات، فكان فيها النبلاء وكبار رجال الإقطاع والفرسان ورجال الدين، وبجانبهم أعداد غفيرة من عامة الشعب واللصوص والمجرمين وقُطاع الطرق([30]).
كان قدوم اللصوص إلى الشرق الإسلامي مستمرًا في أوقات الحرب والسلم على حد سواء، يقول يعقوب الفيتري عن الأوروبيين القادمين إلى الأرض المقدسة([31]): “رجال خطرين مجرمين أشرار، لصوص، سارقين، قراصنة”. وقد ازداد معدل جريمة السرقة في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الميلادي/ السابع الهجري، فقد كانت الظروف مهيأة في مملكة عكّا الصليبية لتفشي تلك الجريمة، ويرجع ذلك لتجمع عدد كبير ممَّنْ لفظتهم أوروبا بسبب جرائمهم من اللصوص والمغامرين والهاربين من العدالة([32])، الذين قدِموا من مختلف بلاد العالم مدفوعين بعوامل شتي أهمها حب المغامرة وأقلها العامل الديني([33])، حتى غدت عكا وكبرى المدن الصليبية مستودعًا للنفايات البشرية للمجتمع الأوروبي، ومن ثَمَّ انتشرت العديد من الأمراض الاجتماعية ([34]).
يقول الرحَالة الأوروبي بورشارد عن التركيبة الاجتماعية للأوروبيين في الأراضي المقدسة([35]):”يقيم في الأرض المقدسة رجال من جميع الأمم التي تقطن تحت السماء، وكل واحد منهم يتبع مذهبًا خاصًا، وللحقيقة فإن رجالنا اللاتين هم الأسوأ من جميع أهل الأرض؛ لأن الواحد منهم عندما يصبح قاتلاً أو سارقًا أو لصًا، فإنه يقوم بقطع البحر كإنسان تائب، فيأتي الناس إلى هناك من جميع بقاع العالم، ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وإنجلترا وإسبانيا وهنغاريا، ومع أنهم يفعلون ذلك ويقومون بتغيير مناخهم، وليس تفكيرهم، ويقومون بفعل أسوأ مما كانوا عليه من قبل”. لقد كان الصليبيون خليطًا غريبًا من المغامرين والأتقياء، من الحجاج واللصوص، من المثاليين والهاربين من العدالة([36]).
هكذا انخرط اللصوص ومَنْ على شاكلتهم من المجرمين الأوروبيين في الحركة الصليبية سواء في أوقات الحرب وتجهيز الحملات، أو في أوقات السلم بين المسلمين والصليبيين، وأصبحت بلاد الشام ومياه البحر المتوسط مرتعًا خصبًا لكافة أنواع اللصوصية والقرصنة، التي مارسها المجرمون، ضد المسلمين وضد بني جلدتهم من الصليبيين، هذا فضلاً عن اللصوص الشرقيين، فأصبحت السرقة في عصر الحروب الصليبية ظاهرة اجتماعية خطيرة تدعو إلى الانتباه.
ثانيًا: أسباب اللصوصية في عصر الحروب الصليبية
على الرغم من أن البيئة في بلاد الشام عصر الحروب الصليبية كانت مهيأة لانتشار السرقة نظرًا لوجود اللصوص الشرقيين، ولتدفق أعداد كبيرة من اللصوص الأوروبيين نحو الشرق العربي، إلا أن دوافع اللصوصية في عصر الحروب الصليبية كانت متعددة، بل وبعضها كان وليد ظروف العصر نفسه. والبعض الآخر كان متداخلاً مع بعضه البعض أيضًا، ويمكن إجمال دوافع اللصوصية خلال عصر الحروب الصليبية حسب أهميتها في الآتي:
كان دافع الحصول على الأموال من الدوافع الأساسية لعمليات السرقة من خلال اللصوص في أي عصر من العصور، فكان الحصول على المال أو متاع الناس من الدوافع الأساسية لعمليات قُطاع الطرق في عصر الحروب الصليبية. لقد تنبه مؤرخو عصر الحروب الصليبية إلى هذا الدافع في ارتكاب جريمة السرقة، يقول المؤرخ المجهول عن الدافع لهذه الجريمة([37]): “إن الحاجة أمُّ الجريمة” ويقول الرَحالة فيلكس فابري([38]): “إن الرجل الغني يخاف من اللصوص أكثر من المُعدم”. وقد نوَّه على ذلك الدافع أيضًا المؤرخ الإنجليزي متَي باريس، فقال([39]): “بحضور اللص يبتهج المسافر الذي لا يحمل ذهبًا”. وذلك على أساس أن الغني هو مَنْ يمتلك المال، وبالتالي هو الهدف الرئيس للصوص وقُطاع الطرق. هذا فضلاً عن أن أغلب الشواهد التاريخية التي تؤكد على أن أغلب عمليات اللصوصية في عصر الحروب الصليبية كانت بدافع الحصول على الأموال والأمتعة.
شهد عصر الحروب الصليبية العديد من المجاعات التي تنوعت وتعددت أسبابها، وظهرت هذه المجاعات مع بداية تحرك الصليبيين أنفسهم صوب الشرق الإسلامي، فكانت هذه المجاعات من دوافع انتشار اللصوص على وجه الخصوص، وذلك بغرض الحصول على الطعام.
كان تحت قيادة (والتر المفلس Wallter Sansavoir)([40]) عدد كبير من المشاة، وثمانية فرسان فقط في الحملة الصليبية الأولى الشعبية، وعندما وصل جيش والتر إلى بلغاريا كان الجوع قد عضَّ بنواجذه القاسية بطون أفراد جيش والتر، فبدأوا يسرقون الماشية والأغنام، ولجأ البلغاريون إلى السلاح وقتلوا عددًا من جيش والتر وأحرقوا عددًا آخر من جنوده أحياء داخل إحدى الكنائس واضطر الباقون إلى الفرار([41]).وعندما سحب الإمبراطور البيزنطي رخصته التي أعطاها للحجاج في الحملة الأولى الشعبية لشراء المواد الضرورية، حصل نقص في المواد الغذائية، لذلك بدأ الحجّاج بالسلب والنهب وسرقة المواد الغذائية([42]).
وقد استمرت المجاعات مع سير أحداث الحملة الصليبية الأولى، وكانت سببًا من أسباب كثرة اللصوص بين الصليبيين، فبعد أن عمَّت المجاعة في صفوف الصليبيين أمام معسكرهم في حصار أنطاكية، صار واضحًا أن الله ليس راضيًا عن محاربيه، لما اتّصفوا به من الكبرياء والبذخ واللصوصية([43]). فأمر أدهيمار بعد موافقة الجميع بالصوم ثلاثة أيام، وأن يعترف الجميع بخطاياهم بقلب نقي، وأن يشاركوا بعضهم بعضًا في الطعام، فصاموا الأيام الثلاثة في خضوع تام، مجتمعين حول الكنائس راجين رحمة الرب([44]). فقد طال أمد الحصار، وزادت معاناة الصليبيين جراء هذا الحصار، لذا فإن عقول البعض قد عميت لدرجة أنهم لم يتخلوا عن الرفاهية أو عن السرقة، التي نهاهم عنها الرب([45]).
وعندما استولي الصليبيون على مدينة أنطاكية، وأصبحوا محاصرين فيها من كل جانب، تفاقم وضع الصليبيين بها، فلم يعودوا يأبهون أكان الطعام مُشترىً أم مسروقًا، ذلك لأن المعدة الخاوية تصرخ عاليًا في طلب أي نوع من الطعام يسد جوعها([46])؛ فأُرسلت من قبرص إلى أنطاكية لحوم الخنزير المقدد والفاكهة والنبيذ، وكل ما أمكن جمعه، لكنها لم تفعل شيئًا يذكر لتخفيف المجاعة العامة، لكن في الواقع كان الجميع في صيام طوال الوقت، وكان رجل واحد من بين كل سبعة يحتضر من الجوع([47]).
ولم تكن المجاعة من دوافع انتشار اللصوص بين الصليبيين في أحداث الحملة الصليبية الأولى فقط، بل استمر الحال في الحملات الصليبية الأخرى. يقول المؤرخ المجهول عن المجاعة التي ضربت الصليبيين في مدينة صُوْر في أحداث الحملة الصليبية الثالثة([48]): “انتشرت المجاعة في هذه الآونة واستفحلت استفحالاً كان وقعه أكثر ما يكون على الطبقتين الوسطي والعامة، وكان الناس إذا ما سمعوا بذبح جواد، تسابقوا إلى حيث ذُبح، ويمضون إلى هناك إما للشراء أو السرقة”.
ويقول المؤرخ المجهول في موضع آخر مبيّنًا سبب مجاعة أخرى في انتشار السرقة بين الصليبيين([49]): “كانت هناك طائفة من الناس يخجلها أن تمد يدها بالسؤال جهرًا بسبب أصولهم الشريفة، وكانوا يرون ارتكاب العيب سرًّا أهون عليهم من طلب الحياة عن طريق الاستجداء في الأسواق، مما حدا بهم إلى مد أيديهم بالسرقة إلى الخبز، وقد حدث ذات مرة أن أمسكوا واحدًا يسرق فقيدوه بحبل وأحكموا وثاقه، وأبقوه تحت الحراسة في دار أحد الخبازين، وبينما كان أهل البيت منشغلين بما في أيديهم من أعمال كثيرة، تخلصت يدا الأسير من القيد، إما بالتملص أو بغيره، وشاءت الظروف أن يكون موضعه إلى جوار كومة الأرغفة الطازجة، فالتهم سرًا ما قدر على التهامه دون أن يكشف أحد أمره، فلما أكل ما فيه الكفاية أخذ رغيفًا في يده وانطلق على وجهه حتى عاد إلى رفاقه، وأخبرهم بالقصة كاملة ووزع بينهم الرغيف الذي حمله، لكن ماذا يفعل رغيف واحد لبطون كثيرة جائعة كهذه البطون”.
لازم اندلاع شرارة الحروب الصليبية وما أعقبها من أحداث امتدت نحو قرنين من الزمان، اضطراب كبير في الأوضاع السياسية والعسكرية في بلاد الشام؛ نظرًا لأن الحرب كانت سجالاً بين المسلمين والصليبيين، ففر العديد من السكان من المدن والقرى، وقامت أنظمة جديدة وسقطت أخرى، وقد ساعد ذلك العديد من اللصوص كي يمارسوا نشاطهم الإجرامي في هذا البحر الهائج من الاضطرابات السياسية والعسكرية.
انتهز اللصوص الفرصة في مدن مملكة بيت المقدس الخاوية من السكان، عقب أحداث الحملة الصليبية الأولى([50])، فقد كانت متعلقات السكان المسلمين الفارين من وجه الزحف الصليبي وممتلكاتهم فرصة للعديد من اللصوص –الذين كانوا دون شك من الصليبيين أنفسهم- كي يستولوا عليها دون عناء يذكر؛ نظرًا لغياب السلطة السياسية والعسكرية الرادعة لهم، فكان الصليبيون يقومون بغارات على القرى الإسلامية، وكانت هذه الغارات المتكررة من أسباب تفريغ المناطق الريفية من سكانها الذين كانوا يهربون صوب بلاد أخرى، أو صوب الصحراء لتشكيل عصابات للنهب وقطع الطريق، أو نحو المدن حيث يجدون الخبز والأمان([51])، ففي سنة (504هـ/1110م)، ساءت أحوال مدينة حلب الاقتصادية بعد أن استولى الصليبيون على معظم مزارعها ودمروا الباقية، وانصرف عنها التجار، وأقام الناس ما يجدون شيئا يقتاتون به، فكثرت اللصوص من الضعفاء، وخاف الأعيان على أنفسهم.([52])
كانت المنازعات والصراعات المسلحة بين المسلمين والصليبيين، وبين أمراء المناطق الريفية والصحراوية، مصدر اضطراب أمني وخلل اجتماعي خطير، حيث انتشر عدم الأمن، وزادة حدة الخروج على القانون بشكل متصاعد، كما برزت اللصوصية وقطع الطريق والسطو([53]).وعلى سبيل المثال، ساد الدولة السلجوقية عهد من الاضطراب السياسي عقب الغزو الصليبي، فشهدت مدينة حلب عهدًا من عدم الاستقرار، انعكس سلبًا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية فيها في خضم هذه الصراعات، حيث تغافل الحكام السلاجقة عن الاهتمام بالشؤون الداخلية للسكان، وعمدوا إلى استنزاف السكان بفرض ضرائب وأتاوات باهظة كلما أعوزهم المال، حتى أثقلوا كاهلهم، فتذمروا من سوء الأوضاع، وكثر انتشار اللصوص وقُطاع الطرق، مما أدى إلى انعدام الأمن على الطرق، وتعطلت حركة التجارة([54]).
وبعد وفاة عماد الدين زنكي([55]) صارت فوضى في البلاد، فخرج لصوص الأتراك في كل مملكة زنكي، ونهبوا بغير شفقة كل ما وجدوه([56]). وعندما وصلت قوات التتار إلى القطيعة – بالقرب من بغداد – انزعج الناس لذلك شديدًا، ولم يبق حول القرى والحواضر أحد، وامتلأت القلعة والبلد وازدحمت المنازل والطرقات واضطرب الناس، وبقي البلد ليس فيه حاكم، وجلس اللصوص في بساتين الناس يُخرَبون وينتهبون ما قدروا عليه، ويقطعون المشمش قبل أوانه والباقلاء والقمح وسائر الخضراوات، وانقطعت الطرق، وظهرت الوحشة على البلد والحواضر([57]).وفى بيزنطة عندما قامت الثورة في مدينة القسطنطينية ضد الإمبراطور البيزنطي أندرونيكوس([58]) استعان الهمج باللصوص ورجال العصابات ووعدوهم بالمال الكثير إن هم واصلوا الفتك والذبح، ثم صحبوا السفلة وراحوا يفتشون الأماكن والدور حتى القاصي منها، كي لا ينجو من بطشهم أحد يكون قد اختفى فيها فرارًا من الهلاك([59]).
من أسباب انتشار اللصوص في عصر الحروب الصليبية، تعطيل القوانين وعدم معاقبة المجرمين بعد أن تثبت عليهم الجريمة، وقد مثَّل هذا دافعًا كبيرًا للصوص لارتكاب العديد من جرائم السرقة والسطو. ففي يوليو (1098م/492ه)، تنازع الأمراء الصليبيون حول امتلاك مدينة أنطاكية بعد أن سقطت في أيديهم، وانهار النظام كليًّا، ولجأ القادة ومعهم أتباعهم إلى عمليات السلب والنهب، وتبعهم عامة الصليبيين، ويقال: “إن كل فرد أخذ ما أراد لأنه لم يكن هناك قضاة لمحاكمة المجرمين”.([60])
وكان التباطؤ في القبض على اللصوص يمثل عاملاً كبيرًا لارتكاب جرائم السرقة في عصر الحروب الصليبية، يقول يعقوب الفيتري مؤكدًا على هذا الأمر:”إن السهولة التي تمكنهم من الهرب من العقاب، تعتبر حصانة لهم تمكنهم من فعل الخطأ، إذ أنهم بعد عمل الفظائع الكبيرة، يقسمون كذبًا بالمسيح، ويذهبون إلى المسلمين المجاورين، أو أنهم يركبون ظهر سفينة شراعية أو مركب ويبحرون إلى جزر البحر”([61]).وقد أكد المؤرخ الصليبي (أودو أوف دويل) صراحة على أن تعطيل القانون كان سببًا رئيسًا في انتشار اللصوص في عصر الحروب الصليبية خاصةً في مدينة القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية، يقول عن ذلك([62]): “القسطنطينية مدينة تحوي من الأعيان والأغنياء بقدر ما تحوي من اللصوص والفقراء، علمًا بأن المجرم لا يُلاحق، ولا يخجل، لأن الجريمة لا تعاقب بالقانون”.
وكان هذا الحال، من تعطيل للقوانين كسبب لانتشار اللصوص، متوفرًا في بعض المدن ذات الحكم الإسلامي في عصر الحروب الصليبية؛ ففي سنة (659ه/1260م) ورد الخبر بمقتل الملك الناصر يوسف بن الملك العزيز محمد الأيوبي في دمشق، وكان حليمًا وتجاوز به الحلم إلى حد أضرّ بالمملكة، فإنه لما أمنت قُطاع الطرق في أيام مملكته القتل والقطع، تجاوزوا الحد في الفساد بالمملكة، وانقطعت الطرق في أيامه، وبقي لا يقدر المسافر على السفر من دمشق إلى حماه وغيرها، إلا برفقه من العسكر، وكثر طمع العرب –البدو– والتركمان في أيامه، وكثرت الحرامية، ومع ذلك إذا حضر القاتل إلى بين يدي الملك الناصر المذكور يقول: “الحي خير من الميت”، ويُطلقه، فأدى ذلك إلى انقطاع الطرقات وانتشار الحرامية والمفسدين([63]).
من الأسباب الملفتة للنظر لانتشار عمليات اللصوص، الاحتجاج ضد الظلم، ومحاولة بعض فئات المجتمع تشكيل مجموعات عصابية لاسترداد حقوقهم التي سُلبت، سواء كان هذا الحق المسلوب من السلطة الحاكمة أو من بعض الفئات المدنية. كان من حق السيد الإقطاعي في الشرق اللاتيني أن يلاحق الأقنان الهاربين ويعيدهم بالقوة، لكن هؤلاء الأقنان كانوا أحيانًا يؤلّفون فصائل من قُطاع الطرق تجوس ربوع البلد، وتنكل بالإفرنج المكروهين([64])، فكان من أسباب انتشار اللصوص وقُطاع الطرق الخاصة بدفع الظلم عن النفس، منع الرواتب عن الجنود والضباط، مما دفعهم إلى تكوين عصابات بدافع السرقة، للإنفاق على أنفسهم، يقول المؤرخ متي باريس على لسان بعض الضباط الإنجليز في ردهم على الملك([65]): “قولوا لمولانا الملك إنه هو سبب موتنا؛ لأنه أوقف لمدة طويلة الدفع لنا ما نستحقه، ولذلك أرغمنا على أن نتحول إلى لصوص وقُطاع طرق”.
من غرائب الأسباب التي أدت إلى انتشار اللصوص في عصر الحروب الصليبية، أن يكون الدافع إلى السرقة، تلبية الحاجات الدينية للكنائس والأديرة في الغرب الأوروبي، فمع أن العقيدة المسيحية تحرم السرقة، إلا أن هناك سرقات كثيرة في عصر الحروب الصليبية قد تمت باسم الدين، ونقصد بها سرقة الذخائر([66]) والرُفات المقدسة. من خلال هذه الرفات المقدسة، كان يتم التحكم في عقول الناس في أوروبا، كذلك كانت تستخدم للحماية ضد أي هجوم من الأعداء، وللحفاظ على القانون والنظام والسلام داخل المجتمع، كما كانت تؤخذ عليها العهود والمواثيق، وكانوا يمسحون بها أسلحتهم، ويعانقونها ويقبَلونها([67])، وأمام تلك المتطلبات الدينية، كان لابد من البحث عن هذه الرفات في الشرق الزاخر بها، والحصول عليها، حتى ولو بسرقتها.
كانت هذه الرفات المقدسة تعامل كأشياء يمكن بيعها وشرائها والاتجار بها، وسرقتها، لأن هذه الرفات كان لها طابع دنيوي وسماوي، فعن طريق هذه الرفات ذات الحُرمة والقُدَسية ارتبط عامة الناس بالقوى الإلهية، فكانت جزءًا من الشعائر التي تقام في الكنيسة([68])، ومع زيادة الطلب على الرفات المقدسة وندرة الحصول عليها في الأراضي الشمالية الأوروبية، سعت الأديرة والكنائس وحتى البلاط الملكي إلى إيجاد وسائل أخرى للحصول على الرفات المطلوبة، ومن إحدى الحلول لهذه المشكلة، كانت السرقة، والكثير من هذه السرقات لم تُسجَّل بوساطة الرهبان والراهبات فقط، بل أحيانًا هم مَنْ قاموا بها([69]). إن عملية التبجيل والتعظيم للرفات المقدسة، جعلت عناصر المجتمع تحظي بأن تكون معها قطعة من هذه الأشياء العظيمة، وصلت إلى حد السرقة، ووصلت ذروة هذه السرقات الأثرية في أوروبا الغربية، خلال القرن التاسع والعاشر والحادي عشر الميلادية([70]).
كانت هناك العديد من المبررات التي تسمح لرجال الدين والأرستقراطيين في القيام بهذه السرقات، واعتبارها مقدسة، ففي إيطاليا اعتبرت سرقة الرفات سرقات متحضرة، قام بها التجار طلبًا لرعاية مدينتهم([71])، بل إن كثيرًا من المسيحيين الذين سرقوا الرفات والذخائر المقدسة قد أشاد بهم معظم الناس، كما أن بعض المجتمعات كانت تتفاخر بالسرقات الناجحة([72]). وهكذا صارت السرقة من الأمجاد التي يتفاخر بها أبناء الغرب الأوروبي في عصر الحروب الصليبية على اختلاف طبقاتهم ومكانتهم الاجتماعية.
ثالثًا: جرائم اللصوص في عصر الحروب الصليبية
تعددت جرائم اللصوص في عصر الحروب الصليبية ما بين السرقة والسطو المسلح، وأحيانًا كانت هذه السرقة تُقرن بالقتل أو الحرق، كما تعددت أماكن حدوثها، ما بين الغرب الأوروبي، ومناطق الشرق الإسلامي المختلفة، ويمكن تقسيم جرائم اللصوص في عصر الحروب الصليبية من حيث العرض التاريخي لأهم تلك الجرائم إلى الآتي:
كان للصوص الصليبيين النصيب الأكبر في حدوث جرائم السرقة في الغرب الأوروبي، في عصر الحروب الصليبية، وهو ما انعكس سلبًا على ارتفاع معدل الجريمة في الشرق الإسلامي، حيث كان هؤلاء اللصوص يفدِون إلى الشرق هربًا من جرائمهم في الغرب الأوروبي، ثم ما يلبثون أن يعيدوا نشاطهم من السرقة في الشرق الإسلامي مرة أخرى. وكان بعض المؤرخين الصليبيين يُعزي عدم استرداد الأراضي المقدسة من المسلمين إلى انتشار اللصوصية بين الأوروبيين؛ إذ يقول المؤرخ بيير دابوا عن ذلك([73]): “إن عددًا كبيرًا من الأشخاص الأشرار يقترفون الخطأ، وينشدون ذلك في أعمال اللصوصية وفى النهب”. ويقول ملك إنجلترا معترفًا بانتشار اللصوص في إنجلترا: “ليست هناك كونتيه أو منطقة في جميع أنحاء إنجلترا إلا وسيئة السمعة بهذا، حتى إن خُموري الخاصة عرضة للسرقة والنهب”([74]).
وصلت السرقة وأعمال اللصوصية في إنجلترا إلى حد اشتراك رجال البلاط الملكي فيها، ففي سنة (646ه/1248م)، وصل إلى إنجلترا تاجران من (برابانت) وقدما شكوىً للملك، قالا فيها: “هوجمنا ونحن مسافرون، وجرى الهجوم من قبل بعض قُطاع الطرق واللصوص، الذين نعرفهم من وجوههم، والذين وجدناهم في بلاطك، فقد قاموا بدناءة وبلصوصية، فانتزعوا منا بالقوة ما يساوي مائتي مارك”([75]).وتميز عام (664ه/1265م) بأعمال السلب والنهب والاغتصاب التي اقترفها قُطاع الطرق في إنجلترا([76])، ففي هذا العام عاشت إنجلترا العديد من المآسي، فقد تعرضت بيوت أفقر العمال الزراعيين للنهب، ولحق النهب حتى القش الذي أُعد لحشايا النوم، حتى رجال الدين لم يتمكنوا من العبور من بلدة إلى بلدة دون التعرض للسلب على أيدي قُطاع الطرق بالليل.([77])
ولم تقتصر جرائم اللصوص في إنجلترا على سرقة أملاك المدنيين، بل امتدت أيديهم إلى الممتلكات الكنسية والديرية، ففي سنة (614ه/ 1217م) قام أحد اللصوص الفرنسيين يُدعى (لويس) بمهاجمة دير القديس (ألبان) في الأراضي الإنجليزية، ونهب هو ورجاله كل مكان مرَوا به وعبروه، وتجول هؤلاء اللصوص الفرنسيون وقُطاع الطرق في أرجاء البلدان، واستخرجوا من الناس غرامات ثقيلة، أما بالنسبة لدير القديس ألبان، الذي كان قد دفع راعيه قبل وقت قصير مبلغًا كبيرًا من المال أرضى به اللص لويس، فقد نجا من أيدي اللصوص، حيث إنهم لم يستولوا منه على شيء سوى اللحم والشراب([78])، زيادة على هذا كله، فقد حفلت باريس وما حولها – عقب الحملة الصليبية السابعة على مصر – بكثير من الجُناة واللصوص([79]).
مع قدوم اللصوص وقُطاع الطرق من الغرب الأوروبي وانخراطهم في سلك الحروب الصليبية، كان من الطبيعي أن يرتفع معدل الجريمة في الشرق الإسلامي، خاصةً مع طول بقاء الصليبيين في الشرق الذي امتد إلى نحو قرنين من الزمن؛ فقد ظهرت جريمة السرقة بين صفوف الصليبيين من الوهلة الأولى في تحركهم نحو الشرق، فعندما وصلت جموع بطرس الناسك إلى مدينة (بيثينيا) امتدت أيديهم بالسرقة إلى البضائع المعروضة للبيع في الأسواق العامة، واجترحوا السيئات([80])، فلم يعد الشُبان في الجيش يسمعون لأوامر بطرس الناسك، بل عصوا أوامره، وذهبوا إلى الجبال المحيطة بمدينة (نيقية) وأخذوا يسرقون الحيوانات والأبقار والأغنام والماعز، وهؤلاء الجُناة لم يستمعوا لما كان يقوله بطرس الناسك، واستمروا في أعمالهم اللصوصية([81]).
وانضم إلى الحملة الصليبية الأولى الشعبية، قسيس ألماني من الراين يُدعى (جوتشولك) وتجمع حوله عدد كبير من شرق فرنسا وجنوب ألمانيا، وعندما وصل هو وجموعه إلى مدينة (ويسيلبورج Wieselburg) على الحدود المجرية، قام بعض الألمان وغيرهم بسرقة كميات من الخمر من المجريين، وشربوا حتى الثُمالة، وسرقوا البضائع التي كانت معروضة لهم للبيع، وانتهكوا كل حقوق الضيافة([82]).
وعندما استقر الصليبيون في الشرق تفشت أعمال اللصوصية بينهم تفشيًا كبيرًا، حتى صارت من الأمراض الاجتماعية الخطيرة آنذاك، يقول المؤرخ المجهول عن أحوال الصليبيين عقب تحرير القدس على يد الفاتح صلاح الدين الأيوبي([83]):”لم يتورعوا عن المجاهرة بالمعاصي وبكل قبيح مذموم، وإنه ليستغرق مني وقتًا طويلاً إن أردت أن أصف ما كانوا يرتكبونه من أعمال القتل والسرقة والزنا”.
ويحكي لنا المؤرخ الصليبي يعقوب الفيتري المأساة التي تعرض لها الصليبيون على يد إخوانهم وبني جلدتهم من السرقة ونحوها عقب تحرير بيت المقدس فيقول([84]):”خرج الصليبيون إلى مدينة طرابلس ووقعوا بأيدٍ ملوثة، فقد أخذ (بوهيموند) كونت طرابلس وأتباعه منهم كل ما كانوا أحضروه معهم، لذلك يُقال: إن عملاً حقيرًا كان يحدث هناك لم يُسمَع مثله منذ عصور خلتْ، أُم تحمل صغيرها على كتفها كانت تُسرق من قبل أولئك الأشرار، الذين لم يستغنوا عن مناصبهم ولا غرائزهم، ولم يحترموا الأصول في سرقاتهم، وعندما شاهدت تلك المرأة الصفة المميزة التي اتصف بها المسلمون، عندما تركوها من أجل المحافظة عليها وعلى ابنها، وسلبها من قبل أولئك الذين هاجرت معهم كلاجئة، يدفعها الأمل والكرب والتيه، قامت بقذف ابنها بقوة في البحر”؛ فقد تحول السادة من الصليبيين والرعاع منهم إلى لصوص يسرقون بني جلدتهم، ولم يراعوا ظروف إخوانهم من الصليبيين الذين وفدوا إليهم كلاجئين، وعرفوا فرق المعاملة الحسنة مع المسلمين، مما دفع هذه المرأة الصليبية إلى اليأس من الحياة بسبب أعمال اللصوصية التي عوملت بها من قبل إخوانها الصليبيين.
لم يكتف اللصوص الصليبيون بسرقة النساء من بني جلدتهم، بل امتدت أيديهم الآثمة إلى سرقة الأطفال، فقد انضم الأوباش والمجرمون إلى الصليبيين الصغار (في حملة الأطفال الصليبية) فكان اللصوص يسرقون من الحجاج الصغار ما كان يتصدق به عليهم الناس في القرى والمدن، لدرجة أن أحد هؤلاء اللصوص من رفاق الطريق شنقوه في كولونيا([85]).وكانت فلسطين تغُص بالآثار والرفات المقدسة، وظلت الأرض تحتفظ في جوفها بهذه الآثار التي أخذت تتكشف أمام أعين الصليبيين يومًا بعد يوم([86])،فلم تسلم هذه المقدسات أيضًا من جرائم اللصوص، وراحوا يسرقونها ويتاجرون بها في الغرب الأوروبي.
واستمرت جرائم اللصوص الصليبيين في الشرق مع استمرار وجودهم، يقول المؤرخ أولفر أوف بادربورن عن أحوال الصليبيين بعد استيلائهم على مدينة دمياط: “ما من أحد يمكنه أن يصف فساد جيشنا، فقد بات الناس كُسالى، وتدنسوا بأعمال السرقة والربح الشرير”([87])؛ وذلك على الرغم من أنهم كانوا في حالة انتصار، وكانوا يملكون العديد من الغنائم، ولكن الطبع (اللصوصية) قد غلب على التطبع. هذا، وإذا كان اللصوص الصليبيون قد ارتكبوا العديد من الجرائم في الشرق الإسلامي، فقد كان لصوص الشرق من الأسباب الرئيسة أيضًا لارتفاع معدلات الجريمة في الشرق الإسلامي في عصر الحروب الصليبية، وكانت جرائمهم موجهة ضد جميع فئات المجتمع أيضًا.
عند مغادرة الصليبيين لمَعرّة النعمان في الحملة الصليبية الأولى، ضايقهم أوباش الناس الذين دأبوا على الإغارة على مؤخرة الحملة، وعلى القيام بين آن وآخر بسرقة المرضى والشيوخ الذين لم تسعفهم قوتهم بمجاراة الجيش في سرعة زحفه، فهلك بعضهم، وتخلَف وراءهم الكونت (تانكريد) مع رهط من رجاله الشجعان يتربصون للصوص في كمين نصبه لهم([88]).
ومن أهم أعمال اللصوص الشرقيين في عصر الحروب الصليبية ما أخبرنا به أسامة بن منقذ الذي يقول عن ذلك([89]):”كنت قد أنفَذت مملوكًا لي في شغل مهم إلى دمشق واتفق أن أتابك زنكي أخذ حماة ونزل على حمص، فانسدَّت الطريق على صاحبي، فتوجَّه إلى بعلبك، ومنها إلى طرابلس، واكترى بغل رجل نصراني يقال له (يونان)، فحمله إلى حيث اكتراه وودَّعه ورجع، وخرج صاحبي في قافلة يريد يتوصَّل إلى شيزر([90]) من حصون الجبل، فلقيهم إنسان فقال لأرباب الدواب: لا تمضوا، فإن في طريقكم في الموضع الفلاني عقد حرامية في ستين أو سبعين رجلاً يأخذونكم” فوقفنا لا ندري ما نعمل ما تطيب نفوسنا بالرجوع ولا نجسر على المسير من الخوف. فنحن كذلك إذا الريَس يونان قد أقبل مسرعًا، فقلنا: ما لك يا ريس؟ قال: سمعت أن في طريقكم حرامية جئت لأُسيّركم، سيروا. فسرنا معه إلى ذلك الموضع، وإذا قد نزل من الجبل خلق عظيم من الحرامية يريدون أخذنا، فلقيهم يونان وقال: يا فتيان موضعكم، أنا يونان، وهؤلاء في خفارتي، والله ما فيكم من يقترب منهم؟ فردهم والله جميعهم عنا، وما أكلوا من عندنا رغيف خبز، ومشى معنا يونان حتى أمنّا، ثم ودعنا وانصرف”.
وكان لصوص المسلمين في الليل يدخلون إلى خيام الفرنج فيسرقون، حتى إنهم كانوا يسرقون الرجال، فاستلبوا طفلاً من الإفرنج من يد أمه له ثلاثة أشهر، فوجدت عليه أمه وجدًا شديدًا، واشتكت إلى ملوكهم، فقالوا لها: إن سلطان المسلمين رحيم القلب، وقد أذنّا لك أن تذهبي إليه فتشتكي أمرك إليه، فجاءت إلى السلطان صلاح الدين الأيوبي، ولم يشعر السلطان إلا وهي ببابه واقفة، فأحضرها السلطان وهي باكية، فأنهت إليه حالها، فرقَّ لها رقة شديدة حتى دمعت عينه. ثم أمر بإحضار ولدها، فقيل له: عن مَنْ أخذه باعة بثمن بخس في السوق، فرسم بدفع ثمنه إلى المشتري، فلم يزل واقفًا حتى جيء بالغلام في قماطه، ودفعه إلى أمه، فأخذته أمه وأرضعته ساعة وهي تبكي من شدة فرحها وشوقها إليه، وشيّع معها مَنْ أوصلها إلى مكانها على فرس مُكرَّمة([91]).
كان الصليبيون مقصدًا للصوص الشرقيين كي يسلبوهم ممتلكاتهم، ففي أثناء عودة رئيس أساقفة صور من بلاد الشام إلى القسطنطينية، وعلى مقربة من مدينة المصّيصة، خرج عليه رهط من قُطاع الطرق وثبوا عليه، وسلبوه كل ما كان معه من غال وثمين، وجرَّدوه منه، ثم استطاع بعد توسلاته الملحة إليهم أن يحملهم على أن يتركوا له جوادًا هزيلاً يستعمله، ومضى إلى القسطنطينية على هذه الصورة المزرية([92]). وفي سنة (681ه/ 1282م)، احتشد لصوص التركمان والأكراد وزحفوا إلى قليقية، ووصلوا إلى (إياس) واحرقوها وغزوها، وبعد ما انتهب اللصوص ما انتهبوه، عادوا ثانية وثالثة ورابعة([93]).
وفي بعض الحالات كان يحدث نوع من أنواع التعاون بين اللصوص الصليبيين واللصوص المسلمين، وهو ما يشبه مناطق النفوذ بين الطرفين، أو تحالف العصابات؛ لصالحهم العام، يقول ابن جبير عن ذلك في رحلته إلى مدينة بانياس الشامية([94]):”اعترضنا في نصف الطريق شجرة بلّوط عظيمة، أُعلمنا أنها تُعرف بشجرة الميزان، فسألنا عن ذلك، فقيل لنا: هي حد بين الأمن والخوف في هذه الطريق لحرامية الإفرنج، وهم الحواسة والقُطَاع، من أخذوه وراءها إلى جهة بلاد المسلمين ولو بباع أو شبر أُسر، ومن أُخذ دونها إلى جهة بلاد الإفرنج بقدر ذلك أُطلق سبيله، لهم في ذلك عهد يوفون به، وهو من أطرف الارتباطات الإفرنجية وأغربها”.
رابعًا: الآثار المترتبة على أعمال اللصوص
ترتب على أعمال السلب والنهب التي قام بها اللصوص في عصر الحروب الصليبية العديد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية وبعض الآثار الدينية، ويمكن ذكر هذه الآثار حسب أهميتها في النقاط الآتية: –
كان الهدف الرئيس للصوص هو الحصول على ممتلكات الآخرين على اختلاف أنواعها من أموال وأغراض، وبالتالي كان حرمان المسروق من ممتلكاته له تداعيات اقتصادية كبيرة على هذا الشخص، يمكن أن تصل إلى حد إفقاره، وعلى الرغم من أننا لم نعثر في المصادر التاريخية على ما يفيد ذلك صراحة، إلا أن هذا من المتوقع في أي زمان ومكان. كان الخطر الداهم الذي يهدد التجارة في العصور الوسطي يتمثل في قُطاع الطرق الذين كانوا يستولون على المتاجر، وسلب القوافل، وكان ينعكس هذا الأثر بالسلب على حركة الأسواق في المناطق الصليبية([95]).
وكان من الآثار الاقتصادية لأعمال اللصوص في البر غلاء الأسعار، ففي سنة (506هـ/1112م)، كثرت غارات الملك بلدوين الأول ملك بيت المقدس على عمل (البثنية) من أعمال دمشق، وانقطعت الطريق، وقلَّت الأقوات بها، وغلا السعر([96]). وفى سنة (657هـ/1258م)، تفاقم الجوع جدًّا في ملطية وبلدها؛ لأن اللصوص التركمان عاثوا فيها واتلفوها([97]). كما كانت أعمال الحراسة للقوافل التجارية لها آثار إيجابية على البعض من خلال الأموال التي يقومون بتحصيلها نظير ذلك. فقد أعدّ الصليبيون حاميات عسكرية ترافق القوافل التجارية الإسلامية وتمنع ابتزاز التجار وتحمي أموالهم، وذلك حتى يجنوا الأرباح من رسوم وجمارك هذا المرور([98]).
من الآثار الهامة التي ترتبت على أعمال اللصوص في عصر الحروب الصليبية، الآثار الاجتماعية، فقد كانت بعض أعمال السطو والنهب الكبرى والمتكررة، تتسبب في هجرة سكان بعض المدن إلى مدن أخرى فرارًا من بطش هؤلاء اللصوص، وضعف السلطات الحاكمة في الدفاع عنهم. وكانت (بلجراد) مدينة مهجورة، منذ أن تعرضت للنهب على يد بطرس الناسك([99]) في أحداث الحملة الصليبية الأولى الشعبية.
كان اللصوص يشنّون هجماتهم خلسة تحت جنح الظلام، ويهاجمون المدن المهجورة التي فرَّ عنها أصحابها القلائل وبعدوا عنها، ويغيرون على الناس في عقر دورهم، مما ترتب عليه أن تخلّى بعضهم في السَر عما بأيديهم من الدُّور التي كانت في حوزتهم، كما تركها معظمهم جهرًا، وشرعوا في العودة من حيث جاؤوا مخافة أن يهاجم العدو مَنْ يسهرون على حمايتهم([100]). وقد أدى فرار السكان الصليبيين من المدن المهجورة التي سكنوها بعد فرار المسلمين منها، بعد هجمات اللصوص على السكان الصليبيين، إلى أن الملك جودفري أصدر قرارًا بإجراء إحصاء سنوي لرعاية مصالح أولئك الذين ظلّوا مقيمين حيث هم وسط هذه البلايا متمسكين بأملاكهم لمدة عام ويوم بعده، وقد أصدر هذا القانون في مواجهة أولئك الذين جبنوا فتخلوا عما بأيديهم من الأملاك حتى لا يكونوا قادرين على العودة بعد مرور عام وتجديد دعواهم([101]).
وكان هذا أيضًا على الجانب الإسلامي، فعندما تقاعست السلطات في مدينة دمشق عن كف خطر اللصوص عن السكان في سنة (659هـ/1258م)، في عهد الملك الناصر يوسف ابن الملك العزيز الأيوبي، انقطعت الطرق، وبقي المسافر لا يقدر على السفر من دمشق إلى حماة وغيرها، إلا برفقة من العسكر، وكثر طمع البدو والتركمان، وكثرت الحرامية، وكانوا يكبسون الدور على الأهالي([102])، فقد كان من آثار أعمال اللصوص ترويع الآمنين من الأهالي، وتعطيل حركة سيرهم بين البلدان.
على الرغم من أن انتشار اللصوص في عصر الحروب الصليبية، يُعَدّ ظاهرة اجتماعية في المقام الأول، إلا أن أعمال اللصوص قد ترتب عليها بعض الآثار العسكرية والسياسية، ولعل ذلك كان نابعًا من علاقة بعض اللصوص ببعض فئات المجتمع، خاصة الطبقة الحاكمة التي تواطأ بعضها مع هؤلاء المجرمين، وكان بعض اللصوص يسببون الكثير من المعاناة للجيوش في أثناء عملهم، من ذلك أنه بعد انتهاء الهدنة بين المسلمين والصليبيين في سنة (614هـ/ 1217م)، احتشد جيش من مدينة عكّا تحت قيادة ثلاثة ملوك هم: ملك بيت المقدس، وملك هنغاريا، وملك قبرص، ودوق النمسا، فضلًا عن بطريرك بيت المقدس، وقاموا بثلاث حملات على بلاد المسلمين، وفى الحملة الثالثة عاني جيش الألمان من المصاعب، ومن قسوة الشتاء، ومن اللصوص وقُطاع الطرق([103]).
ومن الآثار السياسية لأعمال اللصوص، أن القوانين كانت تُعطَّل إذا كان الملك طرفًا في إحدى هذه السرقات، فقد كانت تُراعى الظروف السياسية في مثل هذه السرقات، فإذا كان الملك هو الذي قام بسرقة الرفات المقدسة فلا يمكن تطبيق القانون العادي الخاص بالسرقة، بسبب قُدسية طبيعة الملك، ودوره كمدافع عن القانون، والمكانة الأخلاقية للمملكة([104])، وهكذا بُرّرت السرقات الملكية، في حين كان يُعاقَب الرعية.
كان من أسباب انتشار اللصوص في عصر الحروب الصليبية، أسباب دينية، بل هناك رجال دين قد تورطوا في السرقة، وبالتالي كانت هناك آثار دينية لأعمال اللصوص، فقد بُرّرت سرقة الرفات المقدسة من خلال السلوك الأخلاقي للص نفسه، فلو كان اللص تقيًا وورعًا، فإن أفعاله ستكون كذلك، وبذلك تبرر السرقة، أما إن كان اللص عديم الضمير وسيئًا فكذلك ستكون أفعاله([105])، بل كثيرًا ما سجَّل الرهبان سرقة الآثار المقدسة في أعمالهم الفنية وفى المخطوطات([106])، وهكذا بُرّرت السرقة وثني أعناق نصوص العقيدة المسيحية؛ لأن محترفي هذا النوع من السرقة كانوا من الملوك والأمراء وكبار رجال الدين، فلا بد من توظيف الدين لخدمتهم، ولا عجب في ذلك فقد ثُنِيت في هذا العصر نصوص المسيحية لتبرير العدوان الصليبي على الشرق الإسلامي.
يقول بورشارد عن أثر اللصوص في إعاقة الحجّاج الصليبيين من زيارة البقاع المسيحية المقدسة في بلاد الشام([107]): “لقد جاهدتُ بصعوبة من أجل رؤية عمود الملح([108])، ولكن المسلمين أخبروني أن المكان غير آمن حيث تكثر الحيوانات، وبسبب البدو المقيمين في تلك الأجزاء، وهم رجال وقحون وأشرار، وقد منعتني هذه الادعاءات من الذهاب إلى هناك، ولكني علمت فيما بعد أن ذلك ليس صحيحًا”. وبعد أن أصبح بعض اللصوص وقُطاع الطرق الصليبيين من الأثرياء، كان لهذا أثر ديني سيء في المجتمع الصليبي؛ حيث إنهم استغلوا هذه الأموال المنهوبة في إفساد أخلاق الناس. يقول فيلكس فابري عن هذا([109]): “أُرغم الحجاج الجيدون والمحترمون على الذهاب إلى المواخير التي كان أصحابها لصوصًا وقُطاع طرق، وأكثر الناس اقترافًا للآثام”.
تُعَدّ فترة الحروب الصليبية من أهم الحقب التاريخية في العصور الوسطي؛ نظرًا لطول الفترة التاريخية التي شغلتها، ونظرًا لما تمخضت عنه من ظواهر سياسية وعسكرية ودينية واجتماعية، لم تكن معتادة في الشرق أو الغرب، ومن هذه الظواهر التي تدعو إلى الانتباه في هذا العصر، كثرة انتشار اللصوص، فمع أن الحركة الصليبية كانت حركة دينية، كما كان يدعي الجانب الصليبي؛ إلا أنه كان من أسباب الحركة الصليبية رغبة البابوية في التخلص من المجرمين الأوروبيين بإرسالهم إلى الشرق بحجة تكفير الذنوب، فأدى ذلك إلى انخراط الآلاف منهم في الحركة الصليبية على طول امتدادها الزماني والمكاني، فأصبحت بلاد الشام -على وجه خاص- وسواحلها مرتعًا خصبًا لأعمالهم الإجرامية، فضلاً عن أعمال اللصوص الشرقيين من السلب والنهب والسطو، فأدى ذلك إلى غياب الأمن والسلم بين الناس على اختلاف دياناتهم وأعراقهم في عصر الحروب الصليبية حتى في فترات السلم العسكري بين المسلمين والصليبيين. ومع أنه كان من الواجب على الكيان الصليبي التصدي لهم، لكن حدث العكس من ذلك، بأن تمَّ التعاون مع هؤلاء اللصوص في تنفيذ بعض الأعمال العسكرية المشتركة ضد المسلمين، وبدلاً من أن تعمل الكنيسة اللاتينية على معاقبة هؤلاء المجرمين وحرمانهم كنسيًا، انخرط بعض رجال الدين في بعض هذه السرقات، وشُجِّع بعض اللصوص من قُطاع الطرق على ذلك، وراحت تبرّر دينيًا بعض السرقات، وتعتبرها سرقات مُقدَّسة، مثل سرقة رفات بعض القدَيسين الشرقيين وآثارهم.
([1]) أستاذ تاريخ وتراث العصور الوسطى المشارك – كلية الآداب والعلوم الإنسانية / جامعة ابن رشد، هولندا.
([2]) محمود سعيد عمران: حضارة أوروبا في العصور الوسطي. دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية 1998م. ص67.
([3]) ستيفن رنسيمان: تاريخ الحروب الصليبية. ترجمة/ السيد الباز العريني، دار الثقافة، بيروت، (ط) الثالثة 1993م. ج1/ ص181.
([4]) ميخائيل زابوروف: الصليبيون في الشرق. ترجمة/ إلياس شاهين، دار التقدم، موسكو 1986م. ص18.
([5]) قاسم عبده قاسم: ماهية الحروب الصليبية. دار عين، القاهرة 2001م. ص65.
([6]) قاسم عبده قاسم: الخلفية الأيديولوجية للحروب الصليبية. دار عين، القاهرة، (ط) 1999م. ص79.
([7]) عزيز سوريال عطية: الحروب الصليبية وتأثيرها على العلاقات بين الشرق والغرب. ترجمة/ فيليب صابر سيف، دار الثقافة، القاهرة، (ط) 1977م. ص162.
([8]) تاريخ الحملة إلى القدس: ترجمة/ زياد العسلي، دار الشروق، عمان، الأردن، (ط) 1990م. ص35.
([9]) الحروب الصليبية: ترجمة/ حسن حبشي، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1994م. ج1/ ص81.
([10]) عزيز سوريال عطية: الحروب الصليبية. ص153.
([11]) قاسم عبده قاسم: الحملة الصليبية الأولي نصوص ووثائق. دار عين للدراسات، القاهرة 2001م. ص146.
([12]) جوناثان ريلي سميث: تاريخ الحروب الصليبية. ترجمة/ قاسم عبده قاسم، المركز القومي للترجمة، القاهرة، (ط) 2009م. ج2/ ص153.
([13]) محمود سعيد عمران: المرجع السابق. ص 296.
([14]) قاسم عبده قاسم: ماهية الحروب الصليبية. ص 28.
([15]) أوربان الثاني Urban II: تولى البابوية من 12 مارس 1088م حتى 29 يوليو 1099م. كان راهبًا في دير كلوني وفي سنة 79/1080م تم تعيينه من قبل البابا جريجوري السابع أسقفًا لأوسيتا Osita، وتوفى أوربان في يوليو 1099م قبل أن يعلم بأن الجيوش الغربية استولت على أورشليم.
New Catholic Encyclopedia the catholic university of American press, Washington, U.S.A. vol, 14. pp. 335 -336.
([16]) كليرمونت Clermont: معناها بالفرنسية الجبل المضيء، وعندما اندلعت شرارة الاضطهاد الصليبي ضد اليهود، أطلقوا عليها اسمًا عبريًا معاكسًا هو “هارهاوفل” أي الجبل المظلم، تعبيرًا عن كراهيتهم لهذا المكان الذي شهد الدعوة إلى الحرب الصليبية. قاسم عبده قاسم: “اضطهاد الصليبيين ليهود أوروبا”. مجلة ابداع، تصدر عن وزارة الثقافة المصرية، عدد 12 سنة 1997. ص53.
([17]) روجر أوف ويندوفر: ورود التاريخ. ترجمة/ سهيل زكار، الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية، دار الفكر، دمشق 2000، ج39/ ص13.
([18]) ميشيل بالار: الحملات الصليبية والشرق اللاتيني من القرن الحادي عشر إلى القرن الرابع عشر. ترجمة/بشير السباعي، دار عين للدراسات والبحوث، القاهرة، (ط) 2003م. ص60.
([19]) أحمد عبد الله أحمد: الجرائم والعقوبات في المجتمع الصليبي في بلاد الشام في القرن 6-7ه / 12-13م. دار الآفاق العربية، القاهرة 2016م. ص29، 62.
([20]) بطرس الناسك Peter the hermit: واعظ الحملة الصليبية الأولى، ولد فى إميان بفرنسا سنة 1050م /442ه، وتوفى في 8 يوليو 1115م، كان قصيرًا داكنًا، ولم يكن حاضرًا عندما أعلن البابا أوربان الثاني عن الحملة الصليبية الأولى، ولكنه بعد ذلك بوقت قصير كان يدعو إلى الحملة الصليبية في جمهور المتحمسين في شمال فرنسا.
New Catholic encyclopedia vol.11. p207.
([21]) رنسيمان: تاريخ الحروب الصليبية. ج1/ ص190.
([22]) August Krey: the first crusade: the accounts of eyewitnesses and participants Princeton 1921. pp 48- 52.
([23]) أنَا كومنينا: ألكسياد. ترجمة/ حسن حبشي، المركز القومي للترجمة، القاهرة، (ط) 2004م. ص392.
([24]) قاسم عبده قاسم: الخلفية الأيديولوجية للحروب الصليبية. ص131.
([25]) رنسيمان: تاريخ الحروب الصليبية. ج1/ ص211.
([26]) يوشع براور: الاستيطان الصليبي في فلسطين. ترجمة/ عبدالحافظ البنا، دار عين، القاهرة، (ط) 2001م، ص562.
([27]) Dana.c. Munro: The children’s crusade. The American history review, vol.19, no3 (apr 1914). P.520.
([28]) توماش ماستناك: السلام الصليبي. ترجمة/ بشير السباعي، المركز القومي للترجمة، القاهرة، (ط) 2003م، ص242-243.
([29]) يوشع براور: الاستيطان الصليبي في فلسطين. ص579.
([30]) جوزيف نسيم يوسف: العرب والروم واللاتين في الحرب الصليبية الأولي. دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية. ص133-134.
([31]) تاريخ بيت المقدس: ترجمة/ سعيد البيشاوي، دار الشروق، عمان، الأردن، (ط) 1998م. ص134.
([32]) أحمد عبد الله أحمد: الجرائم والعقوبات. ص199.
([33]) جوزيف نسيم يوسف: العدوان الصليبي على بلاد الشام. مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية 1984م. ص322.
([34]) محمد فوزي رحيل: نهاية الصليبيين. دار عين للدراسات، القاهرة، (ط) 2009م. ص212.
([35]) وصف الأرض المقدسة: ترجمة/ سعيد البيشاوي، دار الشروق، عمان، الأردن، (ط) 1995م. ص171.
([36]) قاسم عبده قاسم: الخلفية الأيديولوجية للحروب الصليبية. ص71.
([37]) الحرب الصليبية الثالثة: ترجمة/ حسن حبشي، الهيئة المصرية العامة للكتاب 2000م. ج1/ ص165.
([38]) فيلكس فابري، جولات الراهب فيلكس فابري ورحلاته. ترجمة/ سهيل زكار، الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية، دار الفكر، دمشق 2000م.ج38/ ص228.
([39]) التاريخ الكبير: ترجمة/ سهيل زكار، الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية، دار الفكر، دمشق 2001م. ج40/ ص489.
([40]) والتر المفلس: قائد حربي بالحملة الشعبية الأولى، ظهر كرد فعل لدعوة البابا أوربان الثاني، وهو ينتسب إلى منطقة غرب فرنسا، وقتل في أكتوبر سنة 1096م. محمد مؤنس عوض: معجم أعلام عصر الحروب الصليبية في الشرق والغرب، مكتبة الآداب، القاهرة 2014م. ص462-464.
([41]) قاسم عبده قاسم: الخلفية الأيديولوجية للحروب الصليبية. ص128.
([42]) ألبرت فون آخن: تاريخ الحملة الصليبية الأولى. ترجمة / سهيل زكار، الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية، دار الفكر، دمشق 2007م. ج51/ ص35.
([43]) رنسيمان: تاريخ الحروب الصليبية. ج1/ ص332.
Robert the Monk: History of the First Crusade. historia iherosolimitana translation, 11. Carol Sweetenham Ashgate Publishing, England. 2006, P. 167.
([45]) قاسم عبده قاسم: الحملة الصليبية الأولى نصوص ووثائق. ص208.
([46]) وليم الصوري، الحروب الصليبية. ترجمة د/ حسن حبشي ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب 1991م. (ج1/ ص381).
([47]) Kenneth.M. Setton: A history of the crusades. The university of Wisconsin press. London. 1969. Vol, 1. P. 312.
([48]) الحرب الصليبية الثالثة: ج1/ ص165.
([49]) المصدر السابق: ج2/ ص171.
([50]) أدريان بوس: مدينة بيت المقدس زمن الحروب الصليبية. ترجمة/ علي السيد علي، المركز القومي للترجمة، القاهرة، (ط) 2010م. ص91.
([51]) قاسم عبده قاسم: أثر الحروب الصليبية في العالم العربي. دار المعارف للطباعة، سوسة، تونس. ص21-22.
([52]) سعيد عبد الفتاح عاشور: الحركة الصليبية. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، (ط)9، 2010م. ج1/ ص428.
([53]) قاسم عبده قاسم: ماهية الحروب الصليبية. ص201.
([54]) ابن الأثير: التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية. تحقيق/ عبد القادر أحمد طليمات، دار الكتب الحديثة، القاهرة. ج1/ ص30.
([55]) عماد الدين زنكي: هو أتابك الموصل عماد الدين بن آق سنقر بن عبد الله، يعد من أبرز الأمراء في العصر السلجوقي، حرر مدينة الرها من الصليبيين في سنة 1144م، واغتيل على يد أحد خدمه سنة 1164م. محمد مؤنس عوض: معجم أعلام عصر الحروب الصليبية. ص107-108.
([56]) ميخائيل السوري الكبير: روايات المؤرخ ميخائيل السوري الكبير. ترجمة/ سهيل زكار، الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية، دار الفكر، دمشق 1995م. ج5/ ص175.
([57]) ابن كثير: البداية والنهاية. مكتبة المعارف، بيروت 1990م. ج14/ ص28.
([58]) أندرونيكوس: هو أندرونيكوس الأول كومنينوس، إمبراطور بيزنطي، قتل على يد الجماهير الثائرة عليه في سنة 1185م، وهو آخر أباطرة أسرة كومنينوس. محمد مؤنس عوض: معجم أعلام عصر الحروب الصليبية. ص572-573.
([59]) وليم الصوري: المرجع السابق. ج4/ ص279.
([60]) جوناثان ريلي سميث: الحملة الصليبية الأولى وفكرة الحروب الصليبية. ترجمة/ محمد فتحي الشاعر، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1999م. ص164.
([61]) تاريخ بيت المقدس: ص135.
([62]) رحلة لويس السابع إلى الشرق: ترجمة/ سهيل زكار، الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية، دار الفكر، دمشق 1995م. جـ7 ص43.
([63]) أبو الفداء: المختصر في أخبار البشر. المطبعة الحسينية، القاهرة 1325ه. ج1/ ص457.
([64]) زابوروف: الصليبيون في الشرق. ص137.
([65]) التاريخ الكبير: الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية، ج40/ ص1047.
([66]) الذخائر المقدسة Holy relic: هي عظام القديسين، أو أي شيء آخر قد خلَفوه وراءهم أو أي هدف قد حققوه وأثّر في حركة التاريخ، كذلك ما ألَّفوه من كتب وأسسوه من مدارس، أو شيء آخر كان هذا القديس يقتنيه خلاف رفاته الجسدية، مثل الكتب المقدسة والتماثيل.
Gina Burke: the justifications for relic thefts in the middle ages. Miami University. Oxford. Ohaio. 2004, p4.
([67]) Gina Burke: the justifications for relic thefis. p.17.
([71]) Gina Burke: the justifications for relic thefts. p. 22-28.
([73]) استرداد الأرض المقدسة: ترجمة/ سهيل زكار، الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية، دار الفكر، دمشق1999م. ج36/ ص131.
([74]) متي باريس، التاريخ الكبير. ترجمة/ سهيل زكار، الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية، دار الفكر، دمشق 2001م. (ج40/ ص1044).
([75]) متي باريس: التاريخ الكبير. الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية. ج40/ ص1042.
([76]) المصدر السابق: ج40/ ص1823.
([77]) المصدر السابق: ج40/ ص1811.
([78]) روجر أوف ويندوفر: ورود التاريخ. الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية. ج39/ ص734.
([79]) جان دي جوانفيل، القديس لويس حياته وحملاته على مصر والشام. ترجمة/ حسن حبشي، دار المعارف، القاهرة، (ط) 1968م. ص305.
([80]) وليم الصوري: الحروب الصليبية. ج1/ ص131.
([81]) ألبرت فون آخن: تاريخ الحملة الصليبية الأولى. الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية. ج51/ ص22.
([82]) قاسم عبده قاسم: الخلفية الأيديولوجية للحروب الصليبية. ص134.
([83]) الحرب الصليبية الثالثة: جـ1 ص25.
([84]) تاريخ بيت المقدس: ص153.
([85]) زابوروف: الصليبيون في الشرق. ص286-287.
([86]) جوناثان ريلي سميث: الحملة الصليبية الأولى. ص173.
([87]) الاستيلاء على دمياط: ترجمة/ سهيل زكار، الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية، دار الفكر، دمشق 1998م. ج33/ ص83.
([88]) وليم الصوري: الحروب الصليبية. ج2/ ص44.
([89]) أسامة بن منقذ، الاعتبار. تحقيق/ فيليب حتَي، مطبعة جامعة برنستون، الولايات المتحدة الأمريكية 1930م. ص79-80.
([90]) حصن شيزر: حصن قريب من حماة، وهو من أمنع القلاع وأحصنها، على حجر عال، له طريق متعور في طرف الجبل، وقد قُطع الطريق في وسطه، وجُعل عليه جسر من خشب، فإذا قُطع ذلك الجسر تعذر الصعود إليه. أبو شامة: عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة. ت 665ه، الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية. تحقيق/ إبراهيم الزيبق، مؤسسة الرسالة، بيروت، (ط)1997م. (ج1/ ص352).
([91]) ابن كثير: البداية والنهاية. ج12/ ص417، مجير الدين الحنبلي العليمي، الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل. تحقيق/ عدنان يونس، مكتبة دنديس، عمان، الأردن 1999م. (ج1/ ص372).
([92]) وليم الصوري: الحروب الصليبية. ج4/ ص147.
([93]) غريغوريوس الملطي المعروف بابن العبري. ت 685هـ، تاريخ الزمان. ترجمة/ إسحق أرملة، دار المشرق، بيروت 1991. ص342.
([94]) رحلة ابن جبير: دار المعارف، القاهرة 2000م. ص238.
([95]) عبد الحافظ البنا: أسواق الشام في عصر الحروب الصليبية. ص177-178.
([96]) أبو يعلى حمزة بن القلانسي، ذيل تاريخ دمشق. مطبعة الآباء اليسوعيين، بيروت 1908م. ص183-184.
([97]) ابن العبري: تاريخ الزمان. ص305.
([98]) يوشع براور: الاستيطان الصليبي في فلسطين. ص36.
([99]) رنسيمان: تاريخ الحروب الصليبية. ج1/ ص226.
([100]) وليم الصوري: الحروب الصليبية. ج2/ ص180.
([101]) المصدر السابق: ج2/ ص181.
([102]) أبو الفداء: المختصر في أخبار البشر. ج1/ ص457.
([103]) ويندوفر (روجر أوف)، ورود التاريخ، الموسوعة الشاملة، سهيل زكار، ج 44-45، دمشق، دار الفكر، 2000. ج39/ص729.
([104]) Gina Burke: The justifications for relic thefts. pp.55-56.
([105]) Gina Burke: The justifications for relic thefts. p.38.
([106]) Gina Burke: The justifications for relic thefts. p.1.
([107]) وصف الأرض المقدسة: ص117.
([108]) ذكرت العديد من المصادر التاريخية تحوّل زوجة لوط عليه السلام إلى عمود من الملح، ومنهم بنيامين التطيلي الذي يقول عن ذلك: وبين بحر سدوم –البحر الميت– ونُصب الملح الممسوخ عن امرأة لوط فرسخان. بنيامين التطيلي، رحلة بنيامين التطيلي. ترجمة/ عزرا حداد، المجمع الثقافي، أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة، (ط) 2002م. ص253.
([109]) رحلات فيلكس فابري وجولاته: الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية، ج38/ ص1143.
قائمة المصادر والمراجع العربية والمُعربة
قائمة المصادر والمراجع الأجنبية