نماذج من الآثار الإسلامية في مدينة حمص وأثرها الحضاري حتى نهاية العصر المملوكي
د. فيان موفق النعيمي
د. فيان موفق النعيمي([1]).
أ. د. ياسر عبد الجواد المشهداني([2]).
الملخص
حظيت مدينة حمص بعدد وافر من المؤرخين الذين كتبوا عن تاريخها وآثارها وذلك بسبب موقعها وأهميتها السياسية والاقتصادية، فضلًا عن كونها أحد الأمصار الإسلامية، وقد اتفق المؤرخون والمهتمون بالآثار والتراث الإسلامي ودارسو المدن الإسلامية على أهمية مدينة حمص ودورها الحضاري وما تحويه من آثار إسلامية باهرة أدت دورها الطليعي في الحياة والمجتمع، وجاء اتفاقهم هذا بالرغم من عدم مشاهدة بعضهم المدينة أو زيارتها بل اكتفوا بتدوين مؤلفاتهم عنها بما توافر لديهم من مراجع تاريخية ذكرت محاسن المدينة وآثارها، ولكن تتميز فكرة بحثنا بأن اختياره جاء بعد زيارة سابقة للمدينة واطلاع على معالمها العمرانية والأثرية التي زادت من الإعجاب بتلك المعالم الحمصية وشجعتنا على الكتابة عنها.
وسبق البحث، مدخل عرّف بحمص جغرافيًّا وتاريخيًّا وبيّن موقعها، ثم استعرض البحث أهم الآثار الإسلامية الشاخصة في المدينة وعمارتها الدينية (لا سيما الجامع النوري وجامع خالد بن الوليد)، والدفاعية (كالقلعة وحصن الأكراد) وغيرها وتبيان أثرها الاقتصادي والاجتماعي.
الكلمات المفتاحية: حمص – الآثار الإسلامية – الدفاعية – الدينية.
SummaryExamples of Islamic Architectures in the Homs city and its cultural impact in the end of mamluk era
The city of Homs has had a large number of historians who have written about its history and effects، due to its location، political and economic importance، as well as being one of the Islamic regions. Hence، there is almost no Islamic city without a historian of this kind describing plans and neighborhoods. Historians، those interested in antiquities and Islamic heritage، and scholars of Islamic cities have agreed on the importance of the city of Homs، its cultural role and the impressive Islamic. Their agreement came despite the fact that some of them did not see or visit the city، but rather wrote down their books on it، with what they had of historical references that mentioned the advantages and effects of the city.
مدخل
تُعد مدينة حمص من أهم المدن الشامية التي تنبه لها عدد وافر من المؤرخين الذين كتبوا عن تاريخها وآثارها، وذلك بسبب موقعها وأهميتها السياسية والاقتصادية، فضلًا عن كونها أحد الأمصار الإسلامية، وقد اتفق المؤرخون والمهتمون بالآثار والتراث الإسلامي ودارسو المدن الإسلامية على أهمية مدينة حمص، ودورها الحضاري، وما تحويه من آثار إسلامية باهرة أدت دورها الطليعي في الحياة والمجتمع، وجاء اتفاقهم هذا بالرغم من عدم مشاهدة بعضهم المدينة أو زيارتها بل اكتفوا بتدوين مؤلفاتهم عنها بما توافر لديهم من مراجع تاريخية ذكرت محاسن المدينة وآثارها، ولكن تتميز فكرة بحثنا بأن اختياره جاء بعد زيارة سابقة للمدينة واطلاع على معالمها العمرانية والأثرية التي زادت من الإعجاب بتلك المعالم الحمصية وشجعتنا على الكتابة عنها.
وسبق البحث، مدخل عرّف بحمص جغرافيًّا وتاريخيًّا وبيّن موقعها، ثم استعرض البحث أهم الآثار الإسلامية الشاخصة في المدينة وعمارتها الدينية (لا سيما الجامع النوري وجامع خالد بن الوليد)، والدفاعية (كالقلعة وحصن الأكراد) وغيرها وتبيان أثرها الاقتصادي والاجتماعي.
واقتضت طبيعة البحث الرجوع إلى مصادر ومراجع مختلفة فمنها ما يتعلق بالمصادر البلدانية والجغرافية مثل: معجم البلدان لياقوت الحموي وأحسن التقاسيم للمقدسي وغيرهما، والمصادر التاريخية البحتة مثل: تاريخ الرسل والملوك لابن جرير الطبري، ومروج الذهب للمسعودي، والبداية والنهاية لابن كثير وغيرها، فضلًا عمّا يتعلق بالعمارة الإسلامية، لا سيما كتب أدب الرحلات (كرحلة ابن جبير وابن بطوطة) التي حفلت بالكثير من الحديث عن تلك المعالم.
وخلص البحث إلى نتائج أهمها: إثبات أن تلك المعالم كان لها الأثر الأكبر في ازدهار المدينة اقتصاديًّا نظرًا لكثرة الوفود من مختلف بلدان العالم لمشاهدة تلك المعالم كما أنها حققت منافع أخرى اجتماعية وسياحية وثقافية، وتضمّن البحث مقترحات عامة للحفاظ على الآثار الإسلامية في حمص من الاندثار، والإبقاء على معالمها الجميلة دون المساس بجوهرها عند فترة بنائها الأولى.
مقدمة جغرافية وتاريخية عن مدينة حمص
كانت حمص ثالث مدينة سورية من حيث عدد السكان والأهمية بعد دمشق وحلب، وتقع في الجزء الغربي من وسط سورية، وعلى الطريق بين دمشق وحلب، تبعد 160كم عن العاصمة، وتُعدّ بموقعها المتوسّط همزة الوصل بين المناطق الشمالية والجنوبية والغربية والشّرقية، وترتفع عن سطح البحر بحوالي 508م، ويعود تاريخها إلى عام 2300 قبل الميلاد، وكانت تسمى في عهد الرومان باسم (أميسا) ولها تاريخ عريق([3]).
وتحد حمص من الشمال مدينة حماة، ومن الجنوب مدينتا دمشق وبعلبك، من الشرق دير الزور، ومن الغرب طرطوس وعكار وطرابلس، وورد اسم حمص محرفًا في (وثائق ايبلا)([4])، وتدل الأخبار الموثقة التي تمت في تل النبي مندو قرب حمص أن مدينة حمص عادت للحضور، وما زالت الدراسات الأثرية قاصرة عن تحديد تاريخ حمص في العصر البرونزي والحديدي([5]).
وفتح المسلمون حمص صلحًا بقيادة الصحابي الجليل أبي عبيدة بن الجراح سنة 14هـ/ 635م، ثم أُجلوا عنها وأعادوا الجزية إلى أهلها، فحزن عليهم أهل حمص، ثم فُتحت المدينة بعد (معركة اليرموك) حربًا سنة 15هـ/ 636م بعد حصار دام سنتين، وقتال شديد بقيادة خالد بن الوليد وآخرين من قادة الفتح الإسلامي، واستشهد فيها من المسلمين ما يقرب من (235) صحابيًا منهم كما يُروى: عكرمة ابن أبي جهل، ثم تسلمها السمط بن الأسود الكندي([6])، وقسّم منازلها بين السكان الجدد، وعندما غادرها جيش المسلمين خلّف عليها عبادة بن الصامت([7]).
كانت حمص بداية الفتح الإسلامي تضم قنسرين والرستن وحماة وسلمية وشيزر وأفاميا وجسر الشغور ومرافئ طرطوس وبانياس وجبلة واللاذقية والفرقلس والقريتين وتدمر، وأصبحت أحد الأجناد الأربعة في بلاد الشام([8]).
دانت البلاد الإسلامية للخليفة معاوية ابن أبي سفيان سنة 41هـ/ 661م، وكان لحمص اهتمام زائد بالسياسة والخلافة، ووجهة نظر متميزة، ومركز ثقل في الأحداث منذ البداية، فشارك أهل حمص بفعالية في الأحداث والفتن والتمردات في وقت مبكر من الفتح الإسلامي.
وكانت حمص أيام الأمويين في المقدمة مقصد كثير من أمرائهم، وفي عهد العباسيين ضعف دور حمص، وفقدت جزءًا من أهميتها ومكانتها لانتقال عاصمة الخلافة إلى بغداد، وابتعادها عن حمص، وعلى الرغم من ذلك استمر أهل حمص يعتزون بأنفسهم ولم يتوانوا بالوثوب على حكامهم الظلمة، لكن سطوتهم بدأت تخفت وتتضاءل حتى وثب الحمصيون على عامل الرشيد رافع بن ليث سنة 190هـ/ 805م، فخرج إليهم فاسترضوه فعفا عنهم، وتمرد أهل حمص على الخليفة الأمين 194هـ/ 809م فقتل عددًا منهم، وأحرقت نواحي حمص، وثاروا أيام الخليفة المتوكل، أعوام ( 240هـ/ 854م ) و( 241هـ / 855م ) والمستعين ( 248هـ/ 862م) وفي كل مرة تهدم المدينة وتخرب ويقتل ويشرد أهلها وينكّل بهم.
خضعت حمص لسلطة سيف الدولة الحمداني (303 -356هـ/ 915-967م )([9]) فارتبطت بحلب حتى عام 406هـ/ 1019م، وممن حكمها في تلك المدة: أبو فراس الحمداني (320- 357هـ/ 932 – 968م)([10])، إذ عانت حمص الويلات بسبــب الحروب القائمة بين الحمدانيين والبيزنطيين المتمركزين في إنطاكيا، فقد هاجمها الإمبراطــــور نقفور الفقاش عام 359هـ/ 969م، بعد وفاة سيف الدولة الحمداني، فنهبها وسبى أهلها ودمر جامعها، ثم أحرقها بعد أن أخلاها من أهلها، وفي عام365هـ/ 975م زحف إليها الإمبراطور البيزنطي يوحنا الأول واستولى عليها، فتعرضت للنهب والحرق مرة ثانية في عام 393هـ/ 1002م، إذ أحرقها دوق إنطاكية البيزنطي إثناسيوس الرابع بعد التجاء أهلها إلى كنيسة مار قسطنطين، وبعد زوال الدولة الحمدانية تقاسم أمراء البادية بني مرداس([11]) السلطة على حمص عام 479هـ/ 1086م، واعترف أمير حمص خلف بن ملاعب (466 – 483هـ/ 1073 – 1090م)([12]) بسلطة الفاطميين على حمص، مما أزعج السلاجقة في أصفهان، فزحفوا إليها فمنحت إلى السلجوقي تاج الدولة تتش، ومن ثَم إلى وضاح الدولة الذي قاتله إسماعيليون عام 491 هـ/ 1097م بين عامي510-520هـ/ 1116 – 1126م، وخضعت حمص للاحتلال الصليبي مرتين، ولكن في عام 533هـ/ 1138م أعادها عماد الدين الزنكي بعد حصارها، ولكنها آلت للأيوبيين فرمموا أسوارها وأصلحوا تلفها، وبعد معركة عين جالوت وسقوط العباسيين على يد المغول قام السلطان المملوكي قطز بحركة تطهير واسعة شملت بلاد الشام بأكملها، فاستردّ دمشق من يد المغول، كما قام القائد بيبرس البندقدار (ت: 676هـ/ 1277م) بمطاردتهم عن باقي مدن بلاد الشام، فاستطاع تحرير حلب وضمّها إلى سلطنة المماليك حوالي عام 661هـ/ 1263م، وقد أعطى مدينة حمص للأمير بيليك العلائي بعد وفاة صاحبها الأشرف موسى بن إبراهيم الأيوبي على اعتباره الاجدر بحكمها([13]).
كما خضعت مدينة حمص إلى سيطرة المماليك البحرية الذين حكموا مصر والحجاز وبلاد الشام للفترة بين (648 – 784هـ/ 1250 – 1382م)، وبذلك سارت على الثوابت السياسية والإدارية نفسها التي عمل بها في باقي مناطق المشرق الإسلامي من حيث اعتمادها على الشريعة الإسلامية.
وتضم مدينة حمص عدة مواقع أثرية، إذ شيّدت فيها أبنية أثرية في مراحل مختلفة من العصور القديمة، فضلًا عن أبنية دينية من مساجد ومقامات خلال العصر الإسلامي، كما شيدت فيها كنائس ومعابد خلال العهود القديمة والإسلامية الوسيطة المتأخرة.
المبحث الأول- المباني الدفاعية
تشير عدد من المصادر التاريخية إلى أن العرب كانوا على دراية كبيرة بفن تحصين المدن سواء في المدة التي سبقت الإسلام أو بعده، ويتجلى ذلك واضحًا بالمدن التي تركوها وما زالت آثار بعضها شاخصة متمثلة بوسائل التحصين كالحصون، والقلاع، والأسوار، والأبواب.
وكان الدافع لإقامتها والاهتمام بتشييدها عسكريًا بغية الدفاع عن المدن وحدودها من الأخطار الداخلية أو الخارجية التي قد تواجهها([14])، ولم يكن تحصين المدن قد جاء اعتباطًا، بل إن التحصين أقيم بمواقع اختيرت كي تفي بالمتطلبات العسكرية التي تستوجبها ظروف الحرب والتحرير([15]).
أولًا- القلعة([16])
لعل أقدم موقع سكني في مدينة حمص هو القلعة أو قلعة أسامة، والتي تبعد عن نهر العاصي حوالي 2،5 كم، ولقد أثبتت اللقى الفخارية أن هذا الموقع كان مسكونًا منذ النصف الثاني للألف الثالث قبل الميلاد([17]).
واكتشف في القلعة صهريج بعمق 27 مترًا يعود إلى العهد الأيوبي، مكون من بضع طوابق، له أدراج طول ضلع مربعه 5 أمتار،. ولا شك أن لهذا الصهريج أهمية حضارية وعسكرية مهمة، أما عن أهمية القلعة بعد الفتح الإسلامي فقد وصفها المقدسي([18]) بقوله: “حمص ليس بالشام أكبر منها وفيها قلعة متعالية عن البلد ترى من خارج”. وأضاف الرحالة ابن جبير([19]) في القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي بقوله: “وبقبلي المدينة قلعة حصينة منيعة، عاصية غير مطيعة، قد تميزت وانحازت بموضعها عنها”. كما وصفها القلقشندي([20]) بقوله: “اكتسبت قلعة حمص أهمية عظيمة بعد الفتح الإسلامي لبلاد الشام، حيث كانت مدينة حمص الجند الرابع من الأجناد الخمسة”.
وأظهرت الدراسات أن القلعة عبارة عن قلعتين تقوم واحدة (الأيوبية) فوق الأخرى (الحمدانية) التي حكمت بين 317 – 394هـ/ 929 – 1003م، وقد نسبت الى أسامة بن منقذ، والحقيقة أن القلعة الحمدانية لم يبنها أسامة؛ بل إن أباه نصر بن علي بن منقذ (488 -584هـ/ 1095- 1188م) صاحب شيزر، أخذها من الأمير خلف بن ملاعب – سابق الذكر – عام 497 هـ/ 1103م، ويبدو أن القلعة الحمدانية انهارت نتيجة زلزال ضرب المنطقة عام 565هـ/ 1169م، وذكر ابن الأثير أن نور الدين زنكي قد جدد ما تهدم من أسوارها وقلعتها، وزاد في تحصينها الملك المجاهد شيركوه بن محمد شيركوه الذي حفر خندق القلعة وعمّقه ووسّعه؛ لأنه كان من الثغور الإسلامية المهمة، وساق إلى حمص المياه، إذ جاء عند ابن الأثير([21]): ” أطاعه في ذلك العاصي الذي لم يطع قبله لغيره من الملوك”. ونقش ذلك على الحجر في أعلى البرج الشمالي سنة 594-599 هـ/ 1197 – 1201م، ما نصه: “بسم الله الرحمن الرحيم أمر بعمارة هذا البرج الملك المجاهد شيركوه بن أسد الدين محمد بن شيركوه ناصر أمير المؤمنين أعزه الله أنصاره تولى عبده موافق سنة تسع و تسعين و خمسمائة”([22]).
وعند قدوم الظاهر بيبرس إلى مدينة حمص سنة 664هـ/ 1265م قام بترميم ما تصدع من سفح القلعة بعدما رأى أن الخراب أخذ يتسرب إليها، وأعاد إليها متانتها ليعتصم بها الجند وقت الحاجة، وبقيت القلعة شامخة حتى دانت المدينة وقلعتها العاصية لإبراهيم باشا المصري بعد انتصاره على العثمانيين في حملته على بلاد الشام سنة 1248هـ/ 1832م، وبقي فيها ثماني سنوات، وقد رأى من أهلها تشبثهم بالدولة العثمانية فتشدد في معاملتهم، ودمر القلعة تدميرًا كاملًا، وأخذ حجارتها الضخمة وأعمدتها وبنى بها مقرًا ومستودعات لجيشه خارج أسوار المدينة([23]).
وحُصِّنتْ المدينة عبر مراحل عصور تاريخية مختلفة فظهرت أهمية القلعة لكونها معقلًا للجيش ومستودعًا للذخيرة والعُدد الحربية، وقد خضعت القلاع في المدن الإسلامية بصورة عامة ومدينة حمص بصورة خاصة لموازين ثابتة لكي تؤدي وظيفتها الدفاعية، فأقيمت في أعلى نقطة من المدينة على تلال وهضاب لها مناعة لمراقبة حدود الدولة، وليشرف من فيها للحفاظ عليها وما يجاورها من طرق ومرافق مؤدية لها.
فضلًا عن ذلك فقد زودت القلعة بعناصر دفاعية كالأبراج والمزاغل، فالأبراج أبنية مرتفعة بأشكال مختلفة منها نصف المستديرة ومنها المضلعة، تستخدم غالبًا للمراقبة، وتزود بسقاطات لإلقاء المقذوفات والزيوت المغلية على المهاجمين([24]).
أما المزاغل فهي عبارة عن فتحات طويلة ضيقة من الخارج توجد في القلاع وفي الأبراج فضلًا عن الأسوار، وفائدتها أنها تمنح المدافع حرية الحركة وتصويب السهام إلى الخصم دون إعاقة كالأبراج الآشورية التي كانت مزودة بكثير من المزاغل([25]).
ومن الملاحظ أن موقع أبواب قلعة حمص اتسم بصفات عسكرية تدل على المعرفة والدراية الحربية بفن التحصين، فموقع باب السر المؤدي للنهر يشير إلى إمكانية الاستفادة منه لدى الجيش والوالي عندما تحاصر القلعة أو اتخذاه كمنفذ سري لإجراء خطة دفاعية وعمل هجوم طارئ على العدو من أماكن قد لا يتوقعونها عند الحرب، فضلًا عن تزويده بالمؤن والغذاء والعتاد والمياه، أما باب القلعة فلكونه يطل على ميدان الجيش فهو يعطي للقلعة هيبة عسكرية ويهيئ بموقعه الأجواء لدى الوالي أو الحاكم للإشراف على تدريب الجيش من داخل القلعة.
وتعرضت القلعة كبقية الآثار الإسلامية الى التخريب والدمار جراء الكوارث الطبيعية والبشرية، ومنها: الزلازل التي أصابت حمص عامي (552هـ/ 1157م) و (565هـ/ 1169م)، فقال ابن الأثير([26]): “إن بالشام زلازل كثيرة قوية خربت كثيرًا من البلاد، وهلك فيها ما لا يحصى كثرة، فخرب منها بالمرة حماة وشيزر وكفر طاب والمعرة وأفاميا وحمص وحصن الأكراد وعرقة واللاذقية وطرابلس وأنطاكية، وأما ما لم يكثر فيه الخراب ولكن خرب أكثره فجميع الشام، وتهدمت أسوار البلاد والقلاع، فقام نور الدين محمود في ذلك المقام المرضي، وخاف على بلاد الإسلام من الفرنج حيث خربت الأسوار، فجمع عساكره وأقام بأطراف بلاده يغير على بلاد الفرنج ويعمل في الأسوار في سائر البلاد، فلم يزل كذلك حتى فرغ من جميع أسوار البلاد. وقال الذهبي([27]): “زلزلة عظيمة شققت قلعة حمص، وأخربت حصن الأكراد، وتعدت إلى قبرس، وأخربت بنابلس ما بقي، قال العز النسابة: هذه هي الزلزلة العظمى التي هدمت بلاد الساحل، صور، وطرابلس، وعرقة، ورمت بدمشق رؤوس المؤذن، وقتلت مغربيًّا بالكلاسة ومملوكًا.”
كما تعرضت القلعة الى الخراب عندما حاول هولاكو احتلال المدينة وطلب من صاحبها الأشرف موسى الأيوبي أن يخرب سور قلعتها، فلم يخرب منها إلا شيئًا قليلًا، لأنها مدينته([28]).
إن الناحية الحضارية لقلعة حمص تتمثل في كونها مكانًا لسجن عدد من الخارجين على سياسة الدولة ومرتكبي الجرائم والجنايات ونفيهم([29])، إذ استخدمت من قبل عدد من أمرائها لتؤدي هذا الغرض لحصانتها، كما حدث مثلًا للأمير (نجم الدين إيلغازي بن أرتق) الذي كان يشرب الخمر حتى قام صاحب الشرطة خير خان بن قراجا بسجنه في القلعة سنة 508هـ/ 1114م([30])، كما كان السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون يقبض على بعض معارضيه، ثم يبعث بهم إلى قلعة حمص فيعتقلهم بها([31]).
ثانيا- السور
يحيط بالقلعة سور مكين محكم يحف به خندق يفصل القلعة عما يجاورها ويتخلل بناءها أبواب يكاد أن يكون بعضها سرية بموقعها لجعلها منفذًا للجيش أو الوالي وقت الهجوم الطارئ، والتي غالبًا ما تشحن بالمقاتلة لكي لا تكون نقطة مرصودة([32]).
ويعد السور من أبرز وأهم العناصر الدفاعية التي توفر الحماية الأساسية لأية مدينة، وخاصة المدن التي تتمتع بمركز تجاري واقتصادي مرموق، حيث غالبًا ما تحول الأسوار المنيعة دون تحقيق أغراض الغزاة الطامعين، ويقدم لنا الرحالة ابن جبير([33]) وصفًا دقيقًا لهذه الأسوار والقلعة وما كان فيها من تنظيم وترتيب في البناء والمعمار، فيقول عنها: “وأسوار هذه المدينة غاية في العتاقة والوثاقة، مرصوص بناؤها بالحجارة الصم السود، وأبوابها أبواب حديد، سامية الإشراف، هائلة المنظر، رائعة الإطلال والأناقة، تكتنفها الأبراج المشيدة الحصينة. وأما داخلها فما شئت من بادية شعثاء، خلقة الأرجاء، ملفقة البناء، لا إشراق لآفاقها، ولا رونق لأسواقها، كاسدة لا عهد لها بنفاقها”.
وتقع مدينة حمص القديمة ضمن الأسوار التي أعطى امتداد مسارها شكلًا يقترب قليلًا من المستطيل المشوّه في استقامة أضلاعه، وتشكل قلعة حمص الزاوية الجنوبية الغربية لهذا المستطيل، والمدينة القديمة المحصورة ضمن الأسوار هي مدينة حمص الإسلامية، وكذلك الحال بالنسبة إلى الخندق الذي يحيط بجدران أسوارها من جميع الجهات، فهو من ضمن النظام الدفاعي لمدينة حمص القديمة، ولقد أثبتت الحفريات الحديثة أنه لا وجود لعلاقة مباشرة لكتلة جدران الأسوار وبالتالي لشكل المدينة القديمة بمخطط مدينة حمص التي وجدت زمن الإمبراطوريتين الرومانية والبيزنطية، فالمخطط الحالي للمدينة القديمة في حمص هو مخطط إسلامي، والأسوار الرومانية مدفونة تحت أنقاض المدينة القديمة الحالية مباشرة([34])، وزودت الأسوار بجدران ضخمة مدعمة بأبراج للمراقبة، وأبواب من جهات مختلفة حولها خندق، فضلًا عن ساحات لتدريب الجيش وإقامة المراسيم العسكرية.
ويقال إن مروان الثاني آخر الخلفاء الأمويين الذي حكم بين عامي (127 – 132هـ/ 744 -750م) كان قد أمر برفع أسوار مدينة حمص، وعليه فإما أن تكون أسوار مدينة حمص الإسلامية قد شيدت في عهد الخلفاء الأمويين الأوائل ثم تهدمت كليًا أو جزئيًا بسبب الاضطرابات التي أثارها سليمان بن هشام، ولذا أمر برفع الأسوار مرة ثانية، أو أن أمر رفع الأسوار كان هو تشييدها، ونرجح الرأي الأول بسبب المكانة التي كانت تمتاز بها حمص في باكورة العصر الإسلامي، ويبدو أن أسوار حمص كانت متينة بحيث إنها ساعدت على إفشال الهجوم الصليبي في عام 491هـ/ 1098م، ويؤيد هذا الرأي تحول حمص إلى مركز حربي ضخم لمقارعة الصليبيين عند بداية القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي، ومن الممكن أن تكون أسوار حمص قد دمرت جزئيًا مرة أخرى خلال الهجوم الصليبي الثاني في عام 520هـ/1126م، لكنها رممت؛ إذ إن ابن جبير الذي زار حمص في القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي وصف أسوارها بأنها في غاية المتانة والرشاقة، وأن أبوابها كانت مصنوعة من الحديد([35]).
وأصابت الزلازل مدينة حمص كما أسلفنا سابقًا، وضعفت نتيجة حدوثها جدران الأسوار التي من الممكن أن أجزاء منها قد انهارت، وفي عهد المنصور إبراهيم (637 -644هـ/1239 – 1246م ) من أيوبية حمص اشتدت الهجمات الصليبية على حمص مما اضطر هذا الحاكم إلى تقوية الأسوار والاهتمام بها، ويبدو أن البقايا الحالية من كتلة أسوار مدينة حمص وبواباتها تعود إلى عهد المنصور إبراهيم المملوكي.
ويتبين أن أفخم ما وصل إليه السور من بناء دفاعي كان في العهد الأتابكي (521-660هـ/ 1127-1261م)، فالأبراج السائدة تبرز عن سمك الجدار بالقدر الذي يؤمّن المراقبة والدفاع، كما أن تقاربها من بعضها يجعل العدو في متناول سهام المدافعين لدى اقترابه من السور، واتخذت المزاغل أوضاعًا مختلفة على هيئة مخروطية مع بعض الميل نحو الأسفل؛ ليسهل التحكم بالعدو وإصابته على مسافات متعددة، وتستمر فتحتها بالضيق من الخارج ليكون المدافع في مأمن من الإصابة الخارجية، وواسعة من الداخل لتسمح بتربص مدافع أو أكثر بكل سهولة، وبتصويب الأسلحة بدقة، فضلًا عن الشرفات التي تمكن المدافع من الاحتماء خلفها ورمي المهاجم بالأسلحة.
ثالثا- حصن الأكراد
هو حصن منيع حصين على الجبل الذي يقابل حمص من جهة الغرب، وهو جبل الجليل المتصل بجبل لبنان، ويقع بين بعلبك وحمص، وسبب نسبته إلى الأكراد: أن شبل الدولة نصر بن مرداس صاحب حمص أسكن فيه قومًا من الأكراد في سنة 422هـ/1030م، فنسب إليهم، وكان من قبل يسمى: “حصن السفح”([36])، ويقع على ربوة بركانية ارتفاعها 650م عن سطح البحر، والمعروف أنه بني للسيطرة على فتحة حمص التي تعتبر مدخل سوريا الداخلية، ومن خلال هذه الفتحة كانت تتواصل سوريا مع منطقة البحر المتوسط، وفي الأزمنة القديمة كانت أهمية ذلك الممر تزداد بازدياد عدد الغزاة الذين كانوا يتوافدون لفتح منطقة الساحل، ومن أبرزهم الصليبيون، وكان النزاع على القلعة داميًا وقاسيًا ومستمرًا عبر العصور، ففي عام 503-504هـ/ 1109 – 1110م أتى الصليبيون واحتلوها، وفي عام 537هـ/1142م سلّم أمير طرابلس الصليبي تنكريد القلعة لفرسان الأسبتارية (فرسان المشفى) التي هي إحدى أهم الفرق الصليبية المقاتلة إلى أن تمكن السلطان المملوكي الظاهر بيبرس عام 670هـ/ 1271م من الاستيلاء عليها بطريقة عسكرية فذة، وشهر كامل من القتال، وقد أتى الرحالة المغربي ابن جبير([37]) على ذكرها حين قال: “وما ظنك ببلد حصن الأكراد منه على أميال يسيرة، وهو معقل العدو، فهو منه تتراءى ناره، ويحرق إذا يطير شراره، ويتعهد إذا شاء كل يوم مغاره”. كما دخل إلى هذا الحصن ابن بطوطة بعد أن كان في مدينة طرابلس وذلك بعد أن استعاده الظاهر بيبرس من الصليبيين، ولطالما اعتز به العرب وفرحوا باسترداده منهم، ويصف ابن بطوطة([38]) زيارته له بقوله: “ثم سافرت من طرابلس إلى حصن الأكراد، وهو بلد صغير كثير الأشجار والأنهار بأعلى تل”.
تغطي القلعة مساحة 3000 متر مربع، ولها 13 برجًا ضخمًا، فضلًا عن العديد من المستودعات، وخزانات المياه، والسراديب، والجسور، والإسطبلات، وتتسع لحوالي 5000 جندي مع عتادهم وخيولهم ومؤونتهم لمدة خمس سنوات، ولاحقًا تحولت إلى أثر سياحي عرف باسم (قلعة الحصن)، وقد عمل في إدارته عدد من الأمراء طلية العهود الإسلامية، مما يدل على أهميته، وممن تولاه الأمير سيف الدين بلبان ملك الأمراء الطباخي، مملوك المنصور قلاوون المملوكي، أمير جليل موصوف بالشجاعة والحشمة، وكثرة المماليك والعدد والخيل وجودة السياسة، عمل في نيابة حصن الأكراد ونيابة طرابلس وغير ذلك، وأظهر اهتمامًا فيها، حتى توفي في سنة 706هـ/ 1306م([39]).
ومن خلال إشارة بعض النصوص التاريخية نستطيع أن نوضح بعض النقاط المهمة التي قد تتعلق بسلك المبنى ووظيفته، فقد أشارت بعض الحوادث إلى أن قلعة الحصن كانت بمنزلة محكمة ينفذ فيها الاعتقال لتأديب ذوي النفوذ،أو أنها – كقلعة حمص – مكان لسجن عدد من الخارجين على سياسة الدولة، ومرتكبي الجرائم والجنايات ونفيهم، كما حدث للأمير عز الدين أيبك بن عبدالله الموصلي الظاهري نائب السلطنة بحمص، وكان ولي حمص مدة ثم عزله الملك الظاهر عنها ونفاه إلى حصن الأكراد، وكان شجاعًا مقدامًا، سنة 676هـ/ 1277م([40]).
وقد صمد هذا الحصن كثيرًا بوجه الغزاة ومن ذلك: صموده أمام الصليبيين أيام المماليك، ويصف ابن شداد([41]) ذلك الصمود لهذه القلعة بقوله: “ولم تزل الفرنج في هذا الحصن غير مكترثين بالجيوش، ولو كانوا في أكثر من القطر عددًا، وأغزر من البحر مددًا، يشنون منه الغارات، ويدركون الثارات، ويتوقلون منهما في الرافعة برجيْ سماء، ويتسلطون بهما على استنزال مولانا السلطان الظاهر، فأنهد إليهما عزمات تُباري الرياح الهوج، ويقصر عمّا يناله أيدي فتكاتها عوج، فأوطأ غوريهما ونجديهما رجاله وخيله، ودأب في قتالهما نهاره وليلة، حتى أخذ من فيه بالنواصي، وأنزلهم من أحسن القلاع والصياصي“. ولمّا جاء الصليبيون، عجزوا عن السيطرة عليها لدفاع أهلها عنها.
وعندما استولى القائد التّتري تيمورلنك على بلاد الشام، مرَّ بمدينة حمص فلم يدمّرها أو يستبحها كما فعل ببقية المدن السورية، بل وهبها لجثمان الصحابي خالد بن الوليد الراقد فيها قائلًا: “يا خالد؛ إن حمص هديتي إليك أقدّمها من بطل إلى بطل”([42]).
وممن اهتم بآثار حمص بشكل كبير: الملك الظاهر بيبرس سالف الذكر، حيث جدد أسوار حصن الأكراد وقلعتها، عمرها وعقدها حنايا، وحال بينها وبين المدينة بخندق، وبنى عليها أبرجة بطلاقات، وجدد ما هُدم من حصن عكار وزاد الأبرجة.
جاء ذلك الاهتمام بالرغم من وجوده في مصر باعتبارها مركز حكمه ومكان استقراره، فمثلما عمّر وبنى فيها الكثير من الآثار([43]) فقد تابع بالاهتمام نفسه آثار بلاد الشام التي كانت تابعة لدولة المماليك الأولى([44])، وبنى عدة أبراج في حمص ومدن أخرى شامية، وكذلك من دمشق إلى تدمر والرحبة إلى الفرات، وجدد سفح قلعة حمص والدور السلطانية بها، وبني في أيامه ما لم يبنَ في أيام الخلفاء المصريين، ولا الملوك من بني أيوب وغيرهم من الأبنية، والرباع، وغيرها([45]).
وبسبب وجود الحصن بقت مدينة حمص عصية على الطامعين من صليبيين وتتار وغيرهم والأمثلة كثيرة، ومنها:
أ- بعدما تمكن القائد الصليبي (ريموند صنجيل) من السيطرة على حصن الأكراد عاد نور الدين زنكي واستعادها، ثم قام الفرنج بمراسلة نور الدين يطلبون منه الصلح، فلم يجبهم، وتركوا عند حصن الأكراد من يحميه وعادوا إلى بلادهم، وبعد مدة من الوقت كسرت الفرنج نور الدين([46]) تحت حصن الأكراد، ونجا هو بالجهد، ونزل على بحيرة حمص، وحلف لا يستظل بسقف حتى يأخذ بالثأر، ثم التقاهم في سنة 559هـ/ 1163م فطحنهم، وأسر ملوكهم، وقتل منهم عشرة آلاف، ثم جهز جيوشه مع أسد الدين منجد الشاور وانتصر([47])، حتى قام عدد من الشعراء بمدح الملك العادل نور الدين عقيب الحادثة التي شهدها مع الفرنج تحت حصن الأكراد ومنهم: عبدالله بن أسعد بن علي أبو الفرج الموصلي المعروف بابن الدهان([48]) الذي قال:
ظبي المواضي وأطراف القنا الذبلِ * ضوامن لك ما حازوه من نفلِ
وكافل لك كافٍ ما تحاوله * عز وعزم وبأس غير منتحـــــــل
وما يعيبك ما نالوه من سلــب * بالختل قد تؤسر الآساد بالحمل
وإنما أخلدوا جبنا إلى خــــــدع * إذ لم يكن لهم بالجيش من قبل
واستيقظوا وأراد الله غفلتكـم * لينفذ القدر المحتوم فــــــي الأزل
حتى أتوكم فلا المادي من أمـم * ولا الظبا كثب من مزهق عجل
قنا لنا وقسي غير موتـــــــرة * والخيل عارية ترعى مع الهمل
ما يصنع الليث لا ناب ولا ظفر * بما حواليه من عفر ومن وعل
هلا وقد ركب الأسد الصقور وقـد * تسلوا الظبا تحت غابات من الأسل([49]).
ب- سار الفرنج من طرابلس إلى حصن الأكراد، واتفقوا على الإغارة على أعمال حمص، فتوجهوا إليها وحاصروها، فعجز صاحب حمص أسد الدين شيركوه عنهم، ونجده ابن عمه الملك الظاهر غازي صاحب حلب، فعاد الفرنج إلى طرابلس([50]).
المبحث الثاني- المباني الدينية
أ- الجوامع
تعد المساجد والجوامع (المساجد الجامعة) من المباني الدينية التي دأب العرب المسلمون على إنشائها عند فتحهم للمدن الإسلامية، وقد راعى العرب قبل تخطيطهم للمساجد أن يكون موقعها وسط العمران، وأن يبنى إلى جانبها مقر الخليفة يعرف بـ(دار الإمارة)؛ باعتبار أن المسجد مرتبط بالسلطة الدنيوية، فضلًا عن كونه مركزًا تعليمي في العصر الإسلامي([51])، ثم توزع خطط الأهالي من حولهما من محلات وأحياء ودروب وأزقة.
وقد اشتهرت مدينة حمص بتعدد مساجدها الجامعة التي أقيمت في فترات زمنية مختلفة، فقد بنى العرب المسلمون إبان تحريرهم لها أول مسجد جامع كان يعرف بـ(المسجد الجامع)، وقد تواردت عليه أدوار معمارية غيرت الكثير من معالمه عبر العصور الإسلامية، ولابد أنه اتخذ التخطيط الذي كان سائدًا في المساجد في أثناء العصور الإسلامية الأولى التي اتسمت ببساطة البناء المكون من صحن مكشوف تحيط به أروقة أكبرها رواق القبلة، وفيها المحراب، وعلى يمينه المنبر([52])، وبعد أن انتاب مدينة حمص توسع في العمران والبناء وتزايد هجرة القبائل ظهرت الحاجة ملحّة إلى بناء مساجد جامعة أخرى لتكفي للأعداد الهائلة من المصلين، فجدد نور الدين محمود ابن عماد الدين سنة 566هـ/1170م في الحكم الأتابكي المسجد الجامع هذا، وأطلق عليه الجامع النوري، الذي يعد من أهم المساجد التي شيدت في حمص، وقد اختلفت الآراء والتكهنات حول أصل المبنى، إذ اعتقد بعض المستشرقين أن هذا المسجد في الأصل كان هيكلًا للشمس ثم حوّله القيصر ثيودوسيوس إلى كنيسة ثم حوّل المسلمون نصفه إبان الفتح العربي إلى جامع وبقي النصف الآخر كنيسة للمسيحيين، ويبدو أن العرب المسلمين لم تهيئ لهم الفرصة لاختيار موضع آخر؛ وذلك لانشغالهم بالفتوحات يومذاك([53])، كما أن شكل الكنسية وافنيتها يقارب شيئًا ما شكل الجامع، فهدمت الكنيسة بما يلائم احتياجات الجامع، ومن الممكن أن يكون لهذا الرأي بعض الصحة فقد اكتشفت كتابات يونانية من العصر البيزنطي يمكن استنادًا لها التكهن بصحة هذا الرأي الأخير، إلا أنه من خلال التنقيب والدراسات الأثرية تتضح لنا الرؤيا الصحيحة، ويقال إن قسمًا من المبنى حوّل في العهد الأموي إلى مسجد وهو الذي عرف فيما بعد بالجامع الكبير، ويبدو أن لنور الدين الزنكي الفضل في إعادة تشييد الجامع الكبير الذي عُرف فيما بعد بالجامع النوري الكبير، حيث إن كتابات إسلامية منقوشة على حجارة وجدت فيه تشير إلى أن تجديد بنائه يعود إلى نور الدين الزنكي (549 -577ه/ 1154-1181م)، وكتلة البناء الحالية للجامع النوري الكبير بقيت على حالها منذ عهود نور الدين باستثناء بعض التعديلات التي كانت تطرأ على المبنى من حين لآخر، مثل تجديد بناء المئذنة في عام 615هـ/ 1218م في عهد حكم المجاهد شيركوه بن محمد بن أسد الدين شيركوه.
ومنها كذلك: جامع خالد بن الوليد، وكما اختلفت الآراء حول أصل الجامع النوري الكبير، فقد اختلف الإخباريون والجغرافيون العرب حول نسبة مقام خالد بن الوليد له، وفيما إذا كان القائد خالد بن الوليد قد توفي في حمص أم لا؟، وبالتالي المقام المعروف هو مقام خالد بن يزيد بن معاوية. ويبدو أن الآراء ترجح نسبة المقام إلى خالد بن الوليد([54])، ويقع في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة حمص، ويصف ابن جبير([55]) موقعه بقوله: “وبشرقيها [أي القلعة] جبّانة فيها قبر خالد بن الوليد رضي الله عنه، هو سيف الله المسلول، ومعه قبر ابنه عبدالرحمن، وقبر عبيدالله بن عمر رضي الله عنهم”.
ويعود تاريخ تشييد مقام خالد بن الوليد إلى عهد الملك الظاهر بيبرس البندقداري (658-666هـ/1216-1270م) إذ تقول إحدى الكتابتين المنقوشتين على الضريح الخشبي لخالد بن الوليد (وهي معروضة حاليًا في المتحف الوطني بدمشق):(1) بسم الله الرحمن الرحيم أمر بإنشائه على حرم تربة سيف الدولة وصاحب رسول الله خالد بن الوليد رضي الله (2) عنه مولانا السلطان الظاهر ركن الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين قاتل الكفرة والمشركين قاهر الخوارج (3) والمتمردين (و) يحيي العدل في العالمين ملك البحرين صاحب القبلتين خا(د)م الحرمين الشريفين وارث الملك سلطان العرب و(ال) عجم والترك (4) اسكندر الزمان صاحب القرآن بيبرس الصالحي قسيم أمير المؤمنين أعز الله سلطانه عند عبوره على (5) حمص للغزاة ببلاديس وذلك في شهر ذي الحجة سنة أربعة (كذا) وستين وستماية. وشيد المبنى الحالي لجامع خالد بن الوليد في عام 1912م في زمن حكم السلطان محمد رشاد الخامس([56]).
أما بالنسبة إلى تخطيط تلك المساجد وبنائها فلا يمكن تحديد هويتها، فقد مرّ على تلك المباني أدوار معمارية مختلفة غيرت الكثير من المعالم الأصلية للبناء، وكل ما وصلنا من كتب التاريخ والتراجم لا يسلط الضوء الكافي على الجوانب التي تهم الباحث في تخطيط مثل تلك المباني وبنائها، وبصورة عامة فقد اختلف تخطيط المساجد الجامعة في العصر الراشدي والأموي عن العصور العباسية التالية، حيث اتسم التخطيط بوجود المصلّى المتألّف من بيت صلاة وصحن واسكوبين موازيين لجدار القبلة تتعامد عليها بلاطة معترضة فضلًا عن المجندات.
إن الأثر الحضاري للجوامع فضلًا عن كونها مركزًا للعبادة والتعليم الديني وتوزيع الصدقات على الفقراء والمتعففين، هو وجودها قريبة من الأسواق ومركز المدينة، ولم تخل المدينة من المساجد الصغيرة التي كانت تقام في محلات المدينة والتي غالبًا ما كانت تعرف باسم المحلة أو القبيلة التي أنشئت فيها.
ب- المباني الجنائزية
تعد المباني الجنائزية من المباني الإسلامية والآثار الشاخصة لا تزال تحتفظ بطرز بنائها وعمرانها في مدينة الموصل حتى الوقت الحاضر، فقد عرف أهل الموصل بحبهم لدينهم وتمسكهم بالأئمة فعمدوا إلى تخليد ذكراهم بإقامة العديد من المزارات والمشاهد والمراقد للتبرك بها واللجوء لها لفك ضيقهم وحزنهم وكربهم بالدعاء.
فـ”المزار” مصطلح يطلق على البناء الخالي من الجثة، الذي يشيد لرجل صالح يزار للتبرك به. و”المرقد” يحوي جثة لحاكم أو سلطان أو أي إنسان صالح. حيث يقام فوق قبره صندوق خشب مزخرف ومنقوش. أما “المشهد” فهو موضع استشهاد الشهيد([57]).
ومن الملاحظ أن جميع تلك الأبنية بُنيتْ بالتماثل بفن التخطيط والعمارة([58]) المتألف من غرفة مربعة تعلوها قبة على شكل مخروطي، وتضم الغرفة التربة التي يعلوها صندوق مزخرف، فضلًا عن محراب في إحدى زوايا الحضرة ومدخل، وقد ازدانت الأبنية بالزخارف والنقوش العربية الإسلامية والكتابات بالخط العربي التي تورد آيات من الذكر الحكيم واسم مشيد البناء وتاريخ بنائه([59]).
وأما أهم المزارات والمراقد والأبنية والمشاهد القائمة في مدينة حمص، فهي: قبر سفينة مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبها قبر قنبر مولى علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، ويقال إن قنبر قتله الحجّاج وقتل ابنه، وبها قبور لأولاد جعفر بن أبي طالب وهو جعفر الطيار، وبها مقام كعب الأحبار، ومشهد لأبي الدرداء وأبي ذر، وبها قبر يونان والحارث بن عطيف الكندي وخالد الأزرق الغاضري والحجاج بن عامر وكعب([60])، فضلًا عن وجود ضريح الشاعر أبي فراس الحمداني بها.
المبحث الثالث- المباني الخدمية والعامة
مما لا يخفى أن حمص كانت تعد من الحواضر العربية الإسلامية المهمة لما تتمتع به من ثقل سياسي ومكانة اقتصادية وتجارية مرموقة، وقد كان لموقعها المتميز الأثر الكبير في ازدياد نشاطها التجاري حتى غدت من أمهات المدن فقيل عنها: “ما عدم من شيء في بلد إلا وجد فيها”([61])؛ مما جعلها حلقة وصل للعديد من الأسواق التي غدت النواة المركزية للمدينة التي كان محورها المسجد الجامع ودار الإمارة، فهو نمط تخطيطي أوصى باتباعه منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب (t) عند بناء الأمصار”([62]).
أ- الأسواق
ومما يهمنا في بحثنا هذا الأسواق التي كانت في حمص منذ العصور الإسلامية الأولى، وإعطاء صورة عن تصميمها ضمن الهيكل العام لما أوردته المصادر التاريخية للدلالة على وظائفها، وما أضفاه كل عصر من اهتمام للنواحي الخدمية، فضلًا عن الدراسة المقارنة لبعض أسواق المدينة التراثية التي تعد امتدادًا للأسواق السابقة، وللتعرف على الهيئة العامة لناحية خدمية مهمة على الوجه الأمثل، ومحاولة تحديد مواقع بعضها في الوقت الحاضر.
فقد كانت أسواق المدينة في العصر الأموي من الأسواق المشهورة فيها بضائع الهند والصين وأرمينيا وفارس والعراق والشام، وكان موضعها يحف بجامعها “المسجد الجامع”، ومن الطبيعي أن تتأثر أسواق مدينة حمص بالتغير السياسي الذي يصيبها. فمثلما تزخر بالبضائع في حالة الرخاء، فإن نشاطها التجاري كان يتقلص نتيجة للأحداث التي تمر بها المدينة؛ ففي أثناء الحروب الصليبية عندما كانت بلاد الشام ساحة لها بقيت الأسواق معطلة، مما أدى إلى ركود تجاري برهة من الزمن، ونتيجة لعدم الاستقرار السياسي إلى جانب الكوارث الطبيعية ودرجات البرد والتجمد وقلة الأمطار قلَّ الإنتاج وركد الاقتصاد. وقد حاول أمراء حمص من الأتابكة والمماليك إصلاح الأوضاع عن طريق تخفيض الأسعار من أجل إنعاش الاقتصاد([63])، ومع ذلك تدهورت الحالة أكثر لوجود الإقطاع الزراعي الذي داهم المدينة.
وبالعكس فإن للاستقرار السياسي والاقتصادي فضلًا كبيرًا في تحسين أوضاع المدينة في الحكم المملوكي حيث توسعت المدينة عمرانيًا في القرن (السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي) وبلغ اقتصاد المدينة قمة ما وصل إليه في العصر المملوكي من خلال إشارة عدد من المؤرخين لأسواقها، فقد اهتموا بالزراعة فزرعوا أشجار الفواكه والخضر والكروم؛ مما أدى إلى وفرة المحاصيل وتعدد أنواع الأسواق، من أجل تصريف البضائع فغدت واسعة ولكل جنس منها الاثنان والثلاثة والأربعة مما يكون المائة حانوت أو أكثر، وهذا يتماشى مع مميزات الأسواق في المدن العربية الإسلامية التي امتازت بكثرة روادها وتكاملها سلعيًا وخدميًا.
وعندما نبحث في هذه المسألة نرى أن الأسواق المغطاة تمتاز بالامتداد الطولي لوحدات متسلسلة من الدكاكين أو الحوانيت المتماثلة والمتلاصقة على جانبي طرق وممرات غير واسعة تعلوها سقوف عالية على هيئة أقبية فيها فتحات للتهوية والإضاءة فضلًا عن نوع آخر من تصميم الأسواق ظهر خلال تلك الفترة المسماة بالأسواق المكشوفة أوردها المقدسي في القرن (الرابع الهجري / العاشر الميلادي). مما يدل على أن بعض الأسواق كانت مكشوفة تتوسط مرافقها المعمارية فناء مكشوف وهو مشابه لتصاميم الخانات أو كأنه خان تزاول فيه عمليات البيع والشراء.
وتشغل كتلة الأسواق الأثرية من المدينة القديمة حيزًا واسعًا، ويعود تاريخ تشييد جزء كبير منها إلى العهدين الأيوبي والمملوكي، كما أن جزءًا من تلك الكتلة يعود إلى العهد العثمانيإذ اشتهرت حمص كبقية المدن القديمة الأخرى بالأسواق المتخصصة، وتأتي في مقدمة أسواقها الشهيرة سوق الحرير التي كانت لها أهمية منذ العهد المملوكي، بنيت تلك السوق وفق الطراز المعماري المملوكي ذا القناطر المزدانة بالنجوم الزخرفية. ومن أسواق حمص الأثرية سوق المعصرة وسوق العطارين المسمى أيضًا بسوق العرب وسوق الصاغة وسوق البازرباشي وسوق الصرماتية، والقيسارية هو الخان الوحيد الذي بقي لحسن الحظ، شيدت القيسارية في العهد المملوكي، وأضيف لها في العهد العثماني طابق آخر، وذلك إبان عهد الوالي أسعد باشا بن إسماعيل باشا العظم (1158هـ / 1745م)([64]).
ب- الحمامات
شيد في حمص خلال العهود الأيوبية والمملوكية والعثمانية عدد من الحمامات وفق الطراز الكلاسيكي للحمامات الشرقية التي تتألف من البرّاني (المدخل) والوسطاني (القسم الأوسط) والجوّاني (القسم الداخلي)، وكان أشهر هذه الحمامات: الحمام الصغير الذي يقع في سوق الصاغة، ويرجع تاريخ بنائه إلى العهد الأيوبي، وتنخفض مستوى أرضه عن مستوى الأرض الحالية حوالي (3م)، وما زال هذا الحمام يعمل وتزدان عمارته بالمقرنصات من النموذج المعروف (بالمقرصنات المروحية)، فضلًا عن حمام العصياتي الذي يقع في شارع العصياتي، وهو من أهم الحمامات الأثرية وأجملها في حمص، شيد في العهد المملوكي وجدد مدخله في عام (1225هـ). ويتألف (البرّاني) من قاعة واحدة حملت قبتها على أربعة أركان وهي مزدانة بالمقرصنات المروحية. كما تزدان قاعات (الجواني) بالمقرصنات الركنية، وأضيئت قاعاته عن طريق القمريات الزجاجية.
الخاتمة والتوصيات
- معلوم أن المادة الأثرية والمباني التاريخية تحمل قيمًا فنية وجمالية وحضارية، وقد تكون المادة الأثرية خالية من أي زخارف أو نقوش أو كتابات، ولكنها تحمل قيمة علمية، والهدف من الحفاظ على الآثار وترميمها هو كشف القيمة الجمالية والفنية والتاريخية لتلك الآثار، وكذلك حمايتها([65])، وإن ما يدفعنا للاهتمام بآثار حمص هو معرفة قيمتها الحقيقية وعدم تجاهلها لكونها جزءًا من التاريخ السحيق، والاعتراف بقيمتها المعنوية قبل المادية، وإذا تجاهلنا الموضوع فالآثار تبقى آثارًا حتى تصبح هباءً منثورًا.
- أن المحافظة على الآثار التاريخية من شأنه أن يكون داعمًا ورافدًا مهما في التنمية الاقتصادية للدول العربية والإسلامية بوجه عام، فالتنمية المستدامة في الدول العربية يقصد بها توريث الموارد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية أو رأس المال للأجيال القادمة بالمستوى ذاته، والهدف منه رفع مستوى الاقتصاد، ليس للأجيال الحالية بل للأجيال القادمة، فلابد أن نورّث لهم تراثًا؛ لأن لهم جانبين مهمين جدًّا، الجانب الأول أن التراث الاقتصادي والعمراني يدل على ثقافة الشعوب، وهذا يعطينا ثقة في شبابنا، أما الجانب الثاني وهو المستوى الاقتصادي المتمثل في السياحة كصناعة لها أسس، أهمها هو النشاط السياحي في الفترة الحالية.
- أن علم ترميم الآثار يعتمد على العلوم الأخرى، فالآثاري يعتمد على وجود تخصصات مختلفة؛ إذ لابد أن يكون لديه جيش من المتخصصين في تخصصات مختلفة في العلوم الأخرى، فهو علم قائم بذاته وإن كانت هناك بعض التخصصات التي تصاحبه، فنجد مع الآثاري المعماري، المهندس، الفيزيائي، الكيماوي، وكذلك الفنان، ومن هنا ابتدأ العالَم يتعرف على أهمية علم الترميم. ومن الأمور الواجب اتباعها من أجل النهوض بآثار حمص هو الحاجة الى خريطة سياحية للآثار التاريخية، مع نشرة ترغيبية وتعريفية بالزيارة، وكذلك وضع لوحات إرشادية في طرق المدينة للدلالة على مواقعها للراغبين بزيارتها، فضلًا عن وضع لوحات تعريفية لكل موقع أثري، وأخيرًا توعية المواطنين بأهمية تلك الآثار الإسلامية للاهتمام بها والحفاظ عليها والتصدي للعابثين بها وتعريفهم بقانون الاثار وعقوباته([66]).
ملحق (1) خارطة مدينة حمص ([67])
ملحق (2) حصن الاكراد([68])
الهوامش:
([1]) العراق – جامعة الموصل – كلية الآثار – قسم الآثار.
([2]) العراق – جامعة الموصل – كلية التربية الإنسانية – قسم التاريخ.
([3]) الخوري، منير وأسعد، عيسى: تاريخ حمص، مطرانية حمص (حمص -1983م)، ج2، ص19.
([4]) هي وثائق تعود لمملكة ايبلا التي ازدهرت شمال غرب سوريا (مدينة إدلب اليوم) منتصف الألف الثالث قبل الميلاد وبسطت نفوذها على المناطق الواقعة بين هضبة الأناضول وشبه جزيرة سيناء. ينظر: بهنسي، عفيف: وثائق ايبلا، وزارة الثقافة (دمشق – 1958م)، ص12.
([5]) الخوري وأسعد: تاريخ حمص، ج2، ص19.
([6]) هو أحد القادة الذين أرسلهم أبو عبيدة رفقة خالد بن الوليد لفتح حمص وقنسرين. ينظر: الطبري، محمد بن جرير: تاريخ الرسل والملوك، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الكتب (بيروت – 1987م)، ج2، ص304.
([7]) أحد الصحابة الذين رووا عدة أحاديث عن الرسول محمد (r) ولاحقًا أصبح من القادة الذين أسهموا في الفتوحات الإسلامية. ينظر: الطبري: تاريخ الرسل والملوك، ج2، ص 475.
([8]) البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر: فتوح البلدان، دار الكتب، (القاهرة – 1964م)، ص137.
([9]) هو علي ابن أبي الهيجاء بن حمدان، اشتهر بمقارعته الروم البيزنطيين على الحدود العربية. ينظر: ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي: الكامل في التاريخ، المطبعة الكبرى، (القاهرة – 1967م)، ج3، ص485.
([10]) هو أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي، شاعر وقائد عسكري، وهو ابن عم سيف الدولة. ينظر: ابن الاثير: الكامل في التاريخ، ج3، ص486.
([11]) أسرة عربية أسست دولة شملت حلب ومنبج وبالس والرقة وحمص وعدة مدن ساحلية، وأسسها صالح بن مرداس بعد سنة 414 هـ/ 1032م. ينظر: ابن الأثير: الكامل في التاريخ، ج4، ص151.
([12]) هو أحد حكام حمص، لقب بسيف الدولة، وكان شجاعًا جبارًا ظالمًا يقطع الطريق. ينظر: ابن الأثير: الكامل في التاريخ، ج 4، ص 403.
(1) ابن تغري بردي، أبو المحاسن جمال الدين: النجوم الزاهرة في ملوك مصر القاهرة، مطبعة دار الكتب، (القاهرة – 1918م)، ج2، ص286. ينظر ملحق (1) خارطة مدينة حمص.
([14]) محمد، حجاجي إبراهيم: “القلاع وتطور الفكرة الهندسية”، مجلة المنهل، مج48، ع (454)، (الرياض- 1987م)، ص290.
([15]) النعيمي، فيان موفق: خطط مدينة الموصل في العصور الإسلامية، المكتب العربي للمعارف (القاهرة – 2015 م)، ص20.
([16]) كلمة القلعة لغة مأخوذة من لفظة “قلع” بمعنى الحصن الممتنع على جبل وجمعها قلاع. ينظر: الفراهيدي، أبو عبدالرحمن الخليل بن أحمد: العين، تحقيق: مهدي المخزومي، إبراهيم السامرائي، (الكويت، مطبعة الرسالة – 1980م)، ج1، ص65؛ ابن منظور، جمال الدين أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب (القاهرة، الدار المصرية للتأليف والترجمة – 1973م)، ج1، ص163.
([17]) الخوري وأسعد: تاريخ حمص، ج2، ص16.
([18]) شمس الدين أبو عبدالله أحمد: أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، مطبعة بريل، (ليدن – 1909م)، ص57.
([19]) أبو الحسن محمد بن أحمد: رحلة ابن جبير، دار الكاتب اللبناني (بيروت- لا. ت)، ص 96.
([20]) أحمد بن علي: صبح الأعشى في صناعة الإنشا، تحقيق: د. يوسف علي طويل، دار الفكر، (دمشق- 1987م)، ج4، ص149.
([21]) الكامل في التاريخ، ج5، ص64.
([22]) ابن الأثير: الكامل في التاريخ، ج 5، ص64.
([23]) الخوري وأسعد: تاريخ حمص، ج2، ص121.
([24]) محمد: القلاع وتطور الفكرة الهندسية، ص291.
([25]) باقر، طه: مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، (بغداد، مطبعة الحوادث – 1973م)، ص160.
([26])الكامل في التاريخ، ج5، ص64.
([27]) شمس الدين محمد بن أحمد: تاريخ الإسلام، تحقيق: عمر عبدالسلام تدمر، دار الكاتب العربي (بيروت – 1997م)، ج42، ص46.
([28]) أبو الفداء، عماد الدين إسماعيل بن محمد: المختصر في أخبار البشر، المطبعة الحسينية، (القاهرة – بدون تاريخ)، ج1، ص450.
([29]) اليونيني، شرف الدين أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن عيسى: ذيل مرآة الزمان، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية (حيد آباد الدكن، الهند- 1960م)، ج1، ص190.
([30]) ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة، ج2، ص 53.
([31]) الذهبي: تاريخ الإسلام، ج42، ص 57.
([32]) بيرتون، بيج: البرج في العمارة الحربية، ترجمة: دائرة المعارف الإسلامية، (بيروت، دار الكتاب اللبناني – 1981م)، ص71.
([34]) الخوري وأسعد: تاريخ حمص، ج1، ص17.
([36]) الحموي، شهاب الدين عبدالله ياقوت: معجم البلدان، دار صادر، دار بيروت، (بيروت – 1965م)، ج2، ص264.
([37]) الرحلة، ص96. ينظر: ملحق (2) صور حصن الأكراد.
([38]) أبو عبدالله محمد بن إبراهيم: رحلة ابن بطوطة، دار صادر، (بيروت – 1964م)، ص28.
([39]) الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك: الوافي بالوفيات، دار فرانزشتاييز (فيسبادان – 1961م)، ج3، ص423.
([40]) الذهبي: تاريخ الاسلام، ج44، ص 335.
([41]) محمد بن علي بن إبراهيم: الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة، (دمشق -1956م)، ص81.
([42]) الخوري وأسعد: تاريخ حمص، ج2، ص143.
([43]) من المنشآت التي كانت بعهده: حمام بسوق الخيل لولده، كما أنه جدد الجامع الأقمر والجامع الأزهر، فضلًا عن بنائه جامع العافية بالحسينية، وعدة جوامع في الأعمال المصرية، وعمر جسرًا بالقليوبية. ينظر: الصفدي: الوافي بالوفيات، ج3، ص444.
([44]) ومن الآثار التي عمرها في بلاد الشام: تجديده بالكرك برجين كانا صغيرين فهدمهما وكبرهما وعلاهما، وجدد مشهد زين العابدين بجامع دمشق، وأنشأ قلعة شميمس بجملتها، وأصلح قلعة شيزر، وقلعتي الشغر وبكاس. ينظر: الصفدي: المصدر نفسه والجزء والصفحة.
([45]) اليونيني: ذيل مرآة الزمان، ج1، ص44، حوادث 677هـ/ 1277م.
([46]) ابن الأثير: المصدر السابق، ج5، ص89.
([47]) الذهبي: سير أعلام النبلاء، تحقيق: شعيب الأرنؤوط ومحمد العرقسوسي، مؤسسة الرسالة، (بيروت – 1986م)، ج20، ص415.
([48]) أديب فاضل وشاعر محسن قدم دمشق مرات في صحبة الفقيه أبي سعد ابن أبي عصرون، وكان يتردد إلى درسه وسمع منه صحيح مسلم والوسيط في التفسير للواحدي ثم ندب للتدريس بمدرسة حمص. ينظر: ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد: وفيات الأعيان في أنباء ابناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، (بيروت – 1987م)، ج3، ص57؛ ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة، ج6، ص100.
([49]) ابن عساكر، أبي القاسم علي بن الحسن: تاريخ مدينة دمشق، دار الفكر (بيروت – 1997م)، ج27، ص82.
([50]) ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة، ج2، ص181.
([51]) عثمان، محمد عبدالستار: المدينة الإسلامية، عالم المعرفة (الكويت – 1990م)، ص234.
([52]) الألفي، أبو صالح: الفن الإسلامي، (ط2، بيروت، دار المعارف – لات)، ص122.
([53]) الخوري وأسعد: تاريخ حمص، ج1، ص99.
([54]) العش، محمد أبو الفرج: جامع خالد بن الوليد، الحوليات الأثرية، المجلد 19، (دمشق – 1969م)، ص27.
([56]) الموصلي، محمد ماجد: تاريخ مدينة حمص وآثارها، ص23.
([57]) النعيمي: خطط الموصل، ص 125.
([58]) الألفي: الفن الإسلامي، ص123.
([59]) غالب، عبدالرحيم: موسوعة العمارة الإسلامية، (بيروت – 1988)، ص375.
([60]) الحموي: معجم البلدان، ج2، ص 302.
([61]) الحموي: معجم البلدان، جـ2، ص223.
([62]) الجمعة: “تخطيط وعمارة أسواق الموصل خلال العصور العربية الإسلامية”، مركز دراسات الموصل، بحث مقدم ضمن ندوة “الأسواق في الموصل” (الموصل – 1999م)، ص5.
([63]) ابن الجوزي، شمس الدين يوسف التركي: مرآة الزمان في تاريخ الأعيان (الهند، مطبعة دار المعارف – 1951م)، جـ2، ص50.
([64]) الموصلي: تاريخ مدينة حمص وآثارها، ص 27.
([65]) عطية، أحمد ابراهيم: حماية وصيانة التراث الأثري، دار الفجر (د م – 2003)، ص 1.
([66]) البيطار، عبدالرحمن: آثار حمص العربية بين الواقع والطموح، مجلة البحث التاريخي، ع 18، (حمص – 2003 م)، ص 205.
([67]) عن موقع الويكيبيديا ar.wikipedia.org.
([68]) عن موقع الويكيبيديا ar.wikipedia.org.
المصادر والمراجع
أولًا- المصادر
- ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي: الكامل في التاريخ، المطبعة الكبرى، (القاهرة – 1967).
- ابن بطوطة، أبو عبدالله محمد بن إبراهيم الطنجي: رحلة ابن بطوطة، دار صادر، (بيروت – 1964).
- البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر: فتوح البلدان، دار الكتب، (القاهرة – 1964م).
- ابن تغري بردي، أبو المحاسن جمال الدين: النجوم الزاهرة في ملوك مصر القاهرة، مطبعة دار الكتب، (القاهرة – 1918).
- ابن جبير: أبو الحسن محمد بن أحمد: رحلة ابن جبير، دار الكاتب اللبناني (بيروت- لات).
- ابن الجوزي، شمس الدين يوسف التركي: مرآة الزمان في تاريخ الأعيان (الهند، مطبعة دار المعارف – 1951م).
- الحموي، شهاب الدين عبدالله ياقوت: معجم البلدان، دار صادر، دار بيروت، (بيروت – 1965).
- ابن خلكان، ابو العباس شمس الدين أحمد: وفيات الأعيان في أنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، ( بيروت – 1987).
- الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد: تاريخ الإسلام، تحقيق: عمر عبدالسلام تدمر، دار الكاتب العربي ( بيروت –1997).
- الذهبي: سير أعلام النبلاء، تحقيق، شعيب الأرنؤوط ومحمد العرقسوسي، مؤسسة الرسالة، ( بيروت – 1986)
- ابن شداد، محمد بن علي بن إبراهيم: الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة، ( دمشق -1956).
- الصفدي، صلاح الدين خليل بن ايبك: الوافي بالوفيات، دار فرانزشتاييز (فيسبادان – 1961).
- الطبري: محمد بن جرير: تاريخ الرسل والملوك، تحقيق: محمد ابو الفضل ابراهيم، دار الكتب (بيروت – 1987)
- ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن: تاريخ مدينة دمشق، دار الفكر ( بيروت – 1997).
- أبو الفداء، عماد الدين إسماعيل بن محمد: المختصر في أخبار البشر، المطبعة الحسينية، (القاهرة – لات).
- الفراهيدي، عبدالرحمن الخليل بن أحمد: العين، تحقيق: مهدي المخزومي، إبراهيم السامرائي، (الكويت، مطبعة الرسالة – 1980).
- القلقشندي: أحمد بن علي: صبح الأعشى في صناعة الإنشا، تحقيق: يوسف علي طويل، دار الفكر، (دمشق- 1987م).
- ابن منظور، جمال الدين أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب (القاهرة، الدار المصرية للتأليف والترجمة – 1973م)
- المقدسي: شمس الدين أبو عبدالله أحمد: أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، مطبعة بريل، (ليدن – 1909م).
- اليونيني ، شرف الدين أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن عيسى: ذيل مرآة الزمان، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية (حيد آباد الدكن، الهند-1960م).
ثانيًا: المراجع
- الألفي، أبو صالح: الفن الإسلامي، (ط2، لبنان، دار المعارف – لات).
- باقر، طه: مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، (بغداد، مطبعة الحوادث – 1973م).
- بهنسي، عفيف: وثائق أيبلا وزارة الثقافة (دمشق – 1958).
- البيطار، عبدالرحمن: آثار حمص العربية بين الواقع والطموح، مجلة البحث التاريخي، ع 18، (حمص – 2003 م).
- بيرتون، بيج: البرج في العمارة الحربية، ترجمة: دائرة المعارف الإسلامية، (بيروت، دار الكتاب اللبناني – 1981).
- الجمعة: “تخطيط وعمارة أسواق الموصل خلال العصور العربية الإسلامية”، مركز دراسات الموصل، بحث مقدم ضمن ندوة “الأسواق في الموصل” (الموصل – 1999م).
- الخوري، منير وأسعد، عيسى: تاريخ حمص، مطرانية حمص (حمص -1983).
- عثمان، محمد عبدالستار: المدينة الإسلامية، عالم المعرفة (الكويت – 1990).
- عطية، أحمد ابراهيم: حماية وصيانة التراث الأثري، دار الفجر (د م – 2003).
- غالب، عبدالرحيم: موسوعة العمارة الإسلامية، (بيروت – 1988).
- محمد، حجاجي إبراهيم: “القلاع وتطور الفكرة الهندسية” ؛ مجلة المنهل، مج48، ع454، (الرياض- 1987م).
- محمد أبو الفرج العش: جامع خالد بن الوليد، الحوليات الأثرية، المجلد 19 (دمشق – 1969).
- النعيمي، فيان موفق: خطط مدينة الموصل في العصور الإسلامية، المكتب العربي للمعارف (القاهرة – 2015م).