موقف العلماء اليمنيين من الحكم العثماني الثاني في ولاية اليمن (١٢٨٩-١٣٣٧هـ/١٨٧٢-١٩١٨م)
د. رياض محمد أحمد الصفواني
د. رياض محمد أحمد الصفواني([1])
ملخص
يهدف البحث إلى عرض موقف العلماء اليمنيين من الحكم العثماني لولاية اليمن بين عامي ١٨٧٢-١٩١٨م وتحليله، وهي فترة اتسمت بالتمردات والاضطرابات التي كادت تعصف بالمناطق الشمالية الداخلية، لذلك طلب بعض العلماء والأعيان العون من الدولة العثمانية التي سارعت إلى توجيه فرقها العسكرية لبسط حكمها على مختلف أجزاء اليمن باستثناء عدن الخاضعة للاستعمار البريطاني وما عرف بالمحميات الغربية والشرقية التابعة لها. وقد غلبت على سياسة الولاة مظاهر الفساد المالي والإداري والاستبداد في معاملة الأهالي، فتحول تأييد بعض العلماء إلى اعتراض بلغ حد الالتفاف حول دعاة الإمامة من القيادات الزيدية ومساندتهم ضد الحكم العثماني. وقد حاولت السلطات العثمانية كسب العلماء إلى صفها باتباع سياسة الإغراء المالي، كما استعملت الشدة إزاء من عارض منهم سياستها ووقف إلى جانب القوى الخارجة على سلطتها، وسلك بعض الولاة سبيل الإصلاحات للحد من الانتفاضات الموجهة ضد الحكم العثماني، ولجأت السلطنة إلى طلب مشاركة العلماء اليمنيين في بحث أسباب عدم استقرار الأوضاع الداخلية والتفاوض مع القيادات الزيدية، فتكللت جهودها بتوقيع صلح دعان مع الإمام يحيى عام ١٩١١م، وبموجبه تحقق شيء من الاستقرار تحت زعامة الإمام الدينية في المناطق الشمالية، وظلت البلاد تحت السيادة العثمانية حتى عام ١٩١٨م.
:Apstract
The research aims at presenting and analyzing the position of the Yemeni scientists from the second Ottoman rule of Yemen between 1872 and 1918, a period characterized by rebellions and unrest that almost raged in the northern regions of Yemen. Therefore, some scholars and dignitaries sought the help of the Ottoman state, Its rule over the various parts of Yemen except Aden, which is subject to British colonialism and what is known in its western and eastern protectorates. Despite the relatively short period of stability achieved by Ottoman rule at the beginning of its reign, In the treatment of parents and in their relationship with local forces, led by Zaidi scholars who have turned their support for the Ottoman rule to the objection, it amounted to a rally around the advocates of the Zaidi Imamate and support leaders against Ottoman rule. The Ottoman authorities tried to win the scientists to describe them by following the policy of financial temptation. It also used harshness against those who opposed its policy and stood by the forces outside its authority. In addition, some governors tried to implement some reforms to limit the uprisings directed against the Ottoman rule. The Sultanate resorted to asking the participation of Yemeni scientists in the search for the reasons for the instability of the internal situation and negotiating with the Zaydi leaderships. This culminated in the signing of Salih Da’an in 1911 with Imam Yahya. Stability under the leadership of the religious Imam in the northern regions, while the southern regions remained under direct Ottoman rule until the withdrawal of the Ottoman forces from Yemen in 1918.
المقدمة
إن أهمية موضوع البحث تتحدد في طبيعة الفترة الزمنية، وهي فترة تنطوي على وقائع ومتغيرات محلية عديدة، بعضها ذات علاقة بامتدادات خارجية، تتناثر بين سياقاتها نتف موضوع البحث الذي يحاول أن يسلط الضوء بقدر المستطاع على دراسة موقف العلماء-دون غيرهم-من الحكم العثماني الثاني في ولاية اليمن، تأييدًا ومعارضة، في صورتها السائدة في عصرها. وهي إشكالية تناولت ملامح منها بعض الدراسات-على أهميتها-بصورة بدت ضمنية أو مجتزأة ومقتصرة على قوى وشخصيات بعينها، وفق تركز المعلومات واتجاه خط الوقائع التاريخية، وذلك في سياق عرضها للأحداث السياسية والوقائع العسكرية بين الجانبين اليمني والعثماني، مع تبني موقف واحد في الغالب هو الموقف الزيدي المعارض للوجود العثماني، كما لوحظ في دراسة مخطوطة “الدر المنثور في سيرة الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين”. وتحقيقها، ودراسة أخرى اعتمدت على المخطوطة ذاتها بعنوان “الموقف اليمني من الحكم العثماني الثاني-دراسة وتحقيق لمخطوطة الدر المنثور في سيرة الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين”. وبالمِثل الدراسة التي حملت عنوان “علاقة العثمانيين بالإمام يحيى حميد الدين”، والتي تناولت بالتفصيل الوقائع السياسية والعسكرية بين الإمام يحيى والقوى العثمانية. أما الدراسة التي جاءت تحت عنوان” العثمانيون في تعز وسياستهم إزاء من تعاون معهم من العلماء”، فقد تناولت بصفة خاصة العلاقة بين آل المجاهد في مدينة تعز ممثلًا بالعلامة علي بن عبدالرحمن المجاهد وبين العثمانيين، وما آلت إليه العلاقات بين الطرفين.
ومن ثَم فإن الدراسة التي بين أيدينا تحاول أن تستدرك بعض القصور وتسد النقص الملحوظ في الدراسات السابقة؛ لتضيف إليها من المعلومات ما يشتمل على دراسة موقف العلماء في مختلف مناطق اليمن من الحكم العثماني الثاني، بما توفر من معطيات وشذرات علمية في بطون المصادر والمراجع القليلة المتوفرة، ناهيك عن أن هذه الدراسة تعد استكمالًا للدراسة التي سبق أن أعدها الباحث بعنوان “موقف العلماء اليمنيين من سياسة أئمة الدولة القاسمية ١٦٣٥-١٨٧٢م”. وقد اقتضت معالجة البحث باستعمال المنهج التاريخي الوصفي التحليلي تقسيمه إلى تمهيد وخمسة محاور، تنتهي بخاتمة ثم قائمة بالملاحق وقائمتين بالهوامش والمراجع.
تمهيد: أوضاع اليمن الداخلية عشية وصول القوات العثمانية
شهدت اليمن بعد انسحاب العثمانيين منها عام ١٠٤٥هـ/ ١٦٣٥م على إثر الثورة التي قادها الإمام القاسم بن محمد وأولاده قيام دولة الأئمة القاسميين الذين امتد حكمهم من عام ١٠٤٥هـ/ ١٦٣٥م حتى عودة العثمانيين إلى صنعاء عام ١٢٨٩هـ/ ١٨٧٢م، على إثر الاضطرابات التي عمت البلاد، نتيجة انهيار سلطة آل القاسم بعد أن بلغ التنافس والصراع على الحكم في أوساطهم ذروته، فباستثناء غالب بن محمد بن يحيى ( ت ١٢٩٥هـ/ ١٨٧٢م) في أجزاء من سهول تهامة، كان محمد بن عبدالله الوزير (ت ١٢٨٩هـ/ ١٨٧٢م) في مرتفعات بلاد آنِس غربي الهضبة الوسطى، والمحسن بن أحمد الشهاري ( ت ١٢٩٥هـ/ ١٨٧٨م) في بلاد كُحْلان من أعمال منطقة حجّة في أقصى المرتفعات الشمالية الغربية، وحسين بن أحمد الهادي (١٢٨٩هـ/ ١٨٧٢م) في بلاد الطَّويلة شمالي غرب صنعاء. والفوضى ضاربة أطنابها في صنعاء، مع وقوعها عرضة لهجمات القبائل واعتداءاتها على السكان والأسواق، فاضطرب حبل الأمن، وعمّت الفوضى، نتيجة لانكماش سلطة الدولة وانحسار نفوذها عن العاصمة صنعاء وكثير من مناطق البلاد، مع انقطاع الموارد، وتفشي ظاهرة السلب والنهب وقطع الطرقات، فأجمع رأي أهالي صنعاء في تلك الأثناء على تنصيب بعض عُقّال (رؤساء) الحارات، لحفظ المدينة وإقرار الأمن في داخلها، إلا أن الاضطرابات ظلت مستمرة ولم يكن بمقدور العلماء فعل شيء لإيقاف تدهور الأوضاع الداخلية، بل تعرض بعضهم لمضايقات بعض رؤساء الحارات وشيوخ القبائل لاعتراضهم على بعض تصرفاتهم، كما خضعت الكثير من مناطق البلاد الوسطى والجنوبية كذمار وتعز وإب لهيمنة مراكز القوى المحلية والقبلية من ذي محمد وذي حسين من قبائل بكيل الهمدانية([2]).
وبالتالي فقد بلغت أحوال الناس غاية في التدهور والسوء، وكان لا بد في تلك الأثناء من وضع حد لتلك الفوضى والاضطراب، الأمر الذي اضطلعت به الدولة العثمانية على النحو الذي سيتبين معنا.
المحور الأول: عودة الحكم العثماني إلى اليمن وتأييد العلماء له
شكّلت تلك الظروف مناخًا ملائمًا لتستعيد الدولة العثمانية سيطرتها على الأجزاء الداخلية من اليمن بعد أن انحصر تواجدها في الأجزاء الساحلية من تهامة منذ عام ١٢٦٦هـ/ ١٨٤٩م. وقد ظلت خلال المرحلة القاسمية التي أعقبت انسحابها من اليمن عامة ترقب الأوضاع فيها عن كثب وتتحين الفرصة لإعادتها إلى نفوذها. وفي تلك الأثناء كان عدد من العلماء، ممن نالوا حظًّا من العلوم الدينية والأدبية والتاريخ والأنساب وما تفرع عنها من علوم العصر قد بلغ بهم الخوف والقلق مما آلت إليه الأوضاع بعد تعذر إصلاحها مبلغًا جعلهم يضطرون لمراسلة قائد القوات العثمانية في عسير المشير “أحمد مختار باشا” (١٢٨٩-١٢٩٠هـ/١٨٧٢-١٨٧٣م) يعرضون عليه التقدم صوب صنعاء، فرحب بعرضهم، وتقدم بقواته إلى تهامة ومنها إلى صنعاء، وفي مرتفعات “حراز” القريبة من صنعاء إلى الجنوب الغربي منها عسكر مختار باشا بقواته، ريثما يتمكن من القضاء على فتنة زعيم الطائفة الإسماعيلية “محمد بن إسماعيل شبام”([3])، الذي اتسع نفوذه بعد أن سيطر على منطقة “الحَيْمة” القريبة من مدينة صنعاء إلى الغرب منها، وبدأ يتطلع لمد نفوذه إلى المدينة مستغلًّا اضطراب أوضاعها الداخلية، وبعد نجاحه في القضاء على الفتنة تقدم إليه ثلة من علماء صنعاء وأعيانها يتقدمهم العلّامة حسين بن إسماعيل جَغْمان والعلامة علي بن هاشم، فاستقبلهم الباشا وأحسن ضيافتهم، وعندما وصلت الحملة العثمانية إلى منطقة “عصِر” عند مدخل صنعاء الغربي في شهر صفر ١٢٨٩هـ/ ٢٤ أبريل ١٨٧٢م كان في استقبالها عدد كبير من الأعيان والتجار وبعض أفراد القبائل يتقدمهم بعض العلماء التالية أسماؤهم: علي بن المتوكل، زيد الكبسي، أحمد بن محمد الكبسي، حسين الشامي، محمد المُطاع، حسين جَغْمان، أحمد المُلْصي، محمد الحارثي، إسماعيل الثور، سعيد اليازلي، محمد بن يحيى حميد الدين (الإمام المنصور)، محمد زاهر([4]). وقد أبدى قائد الحملة ارتياحه مما لاقاه من حفاوة الترحيب حيث رُددت الزّوامل والأهازيج الشعبية تعبيرًا عن السرور بمقدمه. وبعد دخوله صنعاء شرع الوالي في ترتيب أوضاعها، واستلام الدفاتر والسجلات الإدارية والمالية وقبض الحصون والقلاع وفي مقدمتها قلعة “قصر غمدان” وتعيين حاميات عليها، وعمل على استتباب الأمن، وقضى على بؤر التمرد والاضطرابات التي أقلقت السكينة العامة، وفي مقدمتها تمرد “الشيخ علي بن حسين الدفعي”، الذي يذكر الواسعي أن القضاء عليه كان من بين أسباب ترحيب العلماء بالقوات العثمانية، بسبب ارتكابه الكثير من المفاسد، وكذا إدخال أمير كوكبان السيد أحمد بن محمد شرف الدين في طاعة الدولة العثمانية بعد سبعة أشهر من الحصار والمواجهات العنيفة بين الطرفين([5])، وذلك لرفضه الخضوع للسيطرة العثمانية واحتفاظه بنفوذه في منطقته الممتدة من كوكبان شمال غرب صنعاء إلى أجزاء من منخفضات تهامة.
وبعد أن نجح العثمانيون في القضاء على الاضطرابات وإقرار الأوضاع في صنعاء والمناطق الشمالية وقبلها في تهامة تنامى نفوذهم واتسع ليشمل العديد من أقاليم البلاد الوسطى والجنوبية، فدخلت مدينة تعز وكثير من المناطق القريبة منها تحت سيطرتهم بعد خمسة أشهر من دخولهم صنعاء، وأبدى العديد من علماء تلك المناطق ووجهائها رغبتهم في الانضواء تحت لواء الحكم العثماني؛ للتخلص من الاضطرابات التي عانت منها البلاد تحت هيمنة مراكز القوى القبلية الشمالية، كما سيتبين في أثناء السياق.
وقد أبدى العثمانيون ارتياحهم من موقف العلماء المؤيد لخطوات الدولة في بسط نفوذها على اليمن، وفي رسالة بعث بها المشير أحمد مختار باشا إلى الصدر الأعظم يخبره فيها بدخول مدينة تعز في طاعة الدولة العثمانية اقترح الوالي “ضرورة مكافأة أعيان ومشايخ المنطقة؛ لأنهم يستحقون التقدير والتكريم من الدولة العثمانية”([6])، وكان آل المجاهد من بين علماء تعز الذين رحبوا بدخول العثمانيين إلى المدينة، وفي مقدمتهم العلامة “يحيى المجاهد”، الذي أسند إليه العثمانيون وظائف إدارية وقضائية([7]) كما سيرد.
وتشير بعض الدراسات إلى أن العثمانيين قد اتبعوا سياسة الترغيب من جهة والقمع من جهة أخرى في التعامل مع الأعيان وكبار الزعامات المحلية الذين يخشى بأسهم، فلجأت الإدارة العثمانية إلى استخدام المال لشراء الولاءات وتقديم الهدايا المتنوعة كالأقمشة الفاخرة والسيوف والساعات الثمينة، والمحافظة على استمرار علاقة العلماء بها، كما حدث مع عدد من علماء بعض مناطق تهامة ورَيْمة وذمار ويافع وصنعاء وغيرها. كما استخدم العثمانيون وسيلة منح الأوسمة والرتب والنياشين مكافأة لمن يقف إلى جانبهم ويدلي بمعلومات عن المتمردين على حكمهم([8]).
المحور الثاني: موقف العثمانيين من معارضة العلماء للدولة العثمانية
اتبع العثمانيون-في السياق ذاته-سياسة الشدة والقسوة مع من ثبت معارضتهم أو مناهضة سياستهم من العلماء، وأحيانًا مع من يتشككون في ولائهم؛ اعتقادًا منهم أنهم يحرضون العامة ضد الإدارة العثمانية، ففي عام ١٢٩٥هـ/ ١٨٧٨م أمر الوالي العثماني مصطفى عاصم باشا (١٢٩٣-١٢٩٥م/ ١٨٧٦-١٨٧٨م) بحبس جماعة من علماء صنعاء بتهمة تآمرهم على الإدارة العثمانية، وذلك بوشاية من قبل نائب في المحكمة الشرعية يدعى “عبدالله الطرابلسي”، الذي تعمد-بحسب بعض المصادر-أن يوقع الخلاف المذهبي بين العلماء وبين الوالي ويغري الأخير على التنكيل بهم، بسبب خلافه معهم، وأعد الطرابلسي قائمة بأسماء أولئك العلماء، قيل إنها بلغت نحو أربعين اسمًا، وأمر الوالي بإحضار العلماء إلى دائرة الحكومة بصنعاء، وأعد الطرابلسي ثلاثة طوابير من الجنود العثمانيين بميدان الحكومة أحاطوا بالعلماء عند خروجهم من عند الوالي واقتادوهم إلى السجن، ومكثوا به قرابة شهرين، ثم أمر الوالي بإرسالهم إلى الحديدة، حيث بقوا فيها نحو عامين، وكان من بينهم السادة العلماء: أحمد بن محمد الكبسي، زيد بن أحمد الكبسي، محمد بن يحيى (المنصور)، حسين بن علي غمضان، محمد بن محمد المطاع، علي بن محمد الجديري، محمد بن إسماعيل حُشيْش، ومحمد عيقان([9]). ويلاحظ أن بعضهم من العلماء الذين رحبوا بدخول العثمانيين إلى صنعاء وساءهم بعدئذٍ فساد مسلكهم كما سيتضح.
وبعد عزل مصطفى عاصم من ولاية اليمن وتولية “إسماعيل حافظ باشا” (١٢٩٥-١٢٩٨هـ/ ١٨٧٨-١٨٨١م) أمَر الأخير بالإفراج عنهم، وذلك بعد توسط “السيد محمد عارف المارديني” قاضي الحديدة([10]). وقد رأى الوالي أن يستميل إليه قلوب اليمنيين بالإفراج عن علمائهم، أملًا في أن يؤدي ذلك إلى إقرار السلام في الولاية([11]).
وبعد تولي المشير “أحمد فيضي باشا” شؤون الحكم في اليمن للمرة الثانية (١٣٠٩-١٣١٥هـ/١٨٩١-١٨٩٨م) أظهر بعض العلماء احتجاجهم على سوء ممارسات الموظفين العثمانيين وفسادهم، ومال بعضهم إلى تأييد دعوة “المنصور محمد بن يحيى حميد الدين (ت ١٩٠٤م)” للإمامة. ويعد المنصور أحد كبار العلماء المعارضين للحكم العثماني والداعين لمقاومته، وقد اتسع نطاق دعوته للإمامة بالتفاف العديد من زعماء القبائل الشمالية وأفرادها حوله، الأمر الذي شكّل تهديدًا مباشرًا للنفوذ العثماني، فأمر الوالي فيضي باشا في عام ١٣١٠هـ/ ١٨٩٢م بسجن عدد كبير من العلماء بتهم التحريض على عصيان الدولة والاتصال بالإمام المنصور وموالاته، من بينهم: محمد بن حسن دلال([12])، ويحيى الكبسي، أحمد بن محمد الكبسي، سعد الدين الزبيري، وعدد من علماء آل الإرياني وآل الحرازي وآل الجرموزي-لم توضح المصادر أسماءهم-وقام بنفيهم إلى جزيرة “رودس” في البحر المتوسط([13])، الأمر الذي يشير إلى تنامي دعوة المنصور للإمامة واتساع رقعة مقاومته للعثمانيين، وما يؤيد ذلك أن الوالي استدعى في تلك الأثناء العلامة أحمد بن محمد الكبسي([14]) وسائر الأعيان والتجار في صنعاء للتباحث معهم في أمر المنصور وتمرده على السلطة العثمانية، فأجاب العلامة الكبسي بأن الباعث لذلك هو تعطيل الحدود الشرعية حتى قيل بأن العثمانيين لا شريعة لهم، وأن المأمورين والموظفين يظلمون الناس وينتهكون حقوقهم([15]). وهي البواعث التي أفصح عنها الإمام المنصور في جوابه على رسالة الوالي الموجهة له بصحبة العلامة عبدالله بن علي الحضوري في عام ١٣١٢هـ/ ١٨٩٤م([16])، ومما جاء في جواب المنصور “…رأينا المأمورين لم يؤدوا حقوق الله، ولا راعوا حرمة ما حرم الله، ولا غضبوا يومًا على معاصي الله، ولم يعملوا بشيء من كتاب الله، ولا سنة رسول الله، شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله، وارتكبوا المعاصي، ورموا إليها الناس بأطراف النواصي، وجاهروا بشرب الخمور، وارتكاب الفجور…”([17]). وقد أسهبت مختلف مصادر تلك الفترة في ذكر مساوئ المأمورين العثمانيين وكثرة مظالمهم كما كشف عن ذلك-على سبيل المثال-موقف العلامة علي بن عبدالله الإرياني([18]) كاتب سيرة الإمام المنصور، مما جعل المنصور يستغل تلك المساوئ والمظالم كقاعدة لانطلاق معارضته ضد الوجود العثماني وخروجه داعيًا للإمامة كما فعل من قبله الإمام القاسم (ت ١٦٢٠م) في أثناء الوجود العثماني الأول، وكما سيفعل ولده الإمام يحيى من بعده، وذلك في سياق مبدأ الخروج على الحاكم الجائر كمرتكز فكري أساسي عند أئمة الزيدية مع ما كان ينجم عن ذلك الخروج من تداعيات على استقرار الحياة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، وتحت مسوغ تطبيق الشريعة الاسلامية.
وكانت رسالة الوالي للمنصور قد تضمنت جملة من النقاط جاء فيها: “إن كان (المنصور) يريد الرئاسة والقيادة فليقترح ما يريد، وعلى السلطة الوفاء بذلك، وإن كان يريد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنهم يرحبون بذلك، وإن كان يريد المال فإنه سوف ينال بذلك ما يؤمّل، والقصد كل القصد جمع الكلمة والتناصر والتعاضد ليكونوا أمة واحدة، ولكن لابد من اتصاله مباشرة بالسلطان والاستقرار هناك، مقدم الرأي، له الوجاهة والتعظيم والتكريم، وإن أراد البقاء في صنعاء في وطنه ومحل آبائه وأجداده فله ذلك…”([19]).
وذكر الوالي أن أمر اليمن وما يحدث فيه من فتن واعتداءات على الأهالي من بعض القبائل الشمالية كقبائل بكيل من ذي محمد وذي حسين في مناطق اليمن الأسفل الجنوبية، والتصدي لتهديدات بعض القوى الخارجية كالإنجليز والإيطاليين في السواحل اليمنية إنما هي من اختصاصات السلطنة العثمانية، ولا يقدر عليها أحد غيرها، وأن السلطنة لا تضمر أي سوء للبلاد اليمانية، ولكنها تريد المحافظة عليها من الوقوع في أيدي القوى الأوروبية([20])، وكانت تقارير أحمد مختار باشا عن الجزيرة العربية ١٣١١هـ/١٨٩٤م إلى الصدر الأعظم قد أشارت إلى أخطار الإنجليز والإيطاليين على الوضع الأمني في تهامة وإلى ضرورة أن يتنبه الموظفون في الحديدة إلى مشكلة تهريب الأسلحة من مينائي سواكن ومصوع ووصولها إلى المقاومة في الداخل([21]). ومن خلال النقاط السابقة التي تضمنتها رسالة الوالي يتبين أن السلطنة العثمانية أرادت أن تضع المنصور في صورة حجمه الحقيقي ومقدرته المحدودة أمام واقع يزدحم بالأحداث والوقائع التي تفوق طاقته في مواجهتها، وأن التصدي لها يتطلب إمكانات عالية وقدرات كبيرة تندرج في نطاق قدراتها وصلاحياتها الواسعة، وهي لا تمانع في أن تمنحه جزءًا من سلطاتها وأن تنعم عليه بالمال وبعض النفوذ لتسحب البساط من تحت أقدام معارضته بما يحفظ مكانته الاجتماعية والدينية ويفضي إلى تحقيق نوع من الهدوء والاستقرار في ربوع الولاية تحت سيادتها. كما حاول العلامة القاضي “أحمد بن يحيى الردمي”([22]) أن يتوسط لإصلاح الخلاف بين المنصور والسلطنة، وذلك في رسالة نصح فيها المنصور بالعودة إلى طاعة السلطان العثماني وطالبه بالتنازل عن دعوته للإمامة “اقتداءً بجده الحسن بن علي الذي تنازل عن الإمامة لمعاوية ابن أبي سفيان”([23])، وهو الطلب الذي بقدر ما يكشف عن موقف العلامة الردمي المؤيد للحكم العثماني فهو أمر يرفضه دعاة الإمامة ولا يرغبون الخوض فيه بوصف الإمامة أصلًا من أصول الفكر السياسي الزيدي([24])، وحاجة الوسط الزيدي دعت آنذاك إلى إمام يجمع شمل مختلف القوى ويوحد صفوفها في مواجهة سلطة منغمسة في الفساد في تصورها العام، وكان من الواضح في خضم كل ذلك أن السلطنة العثمانية لن تصل إلى نتيجة من شأنها أن تمنع تفاقم الخلاف بينها وبين المنصور وتحد من قيادته للمقاومة ضدها، فقد ظل المنصور متمسكًا بدعوته للإمامة وفق شروط الإمامة الأربعة عشر، وأهمها شرط بلوغ مرتبة الاجتهاد في العلوم الشرعية، ورغم أهمية هذا الشرط فقد أظهرت وقائع النزاع على الحكم فيما مضى بين الأئمة القاسميين أن بعضهم استبدله بتفعيل شرط الشجاعة وحضور عنصر القوة والغلبة في الوصول إلى الحكم كما دشنتها إمامة المهدي أحمد بن الحسن بن القاسم ( ١٦٧٦ -١٦٨١م)([25])، ووفق مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كمبدأ إسلامي عام وإن اكتسب أهمية سياسية خاصة عند الزيدية بجعله الأصل الخامس من أصول فكرها([26]).
أدركت السلطة العثمانية آنذاك أن واقع اليمن ما زال يموج بالاضطرابات وأن استعمال الشدة في القضاء على المقاومة وقمع التمردات أمْر يصعب تحقيقه، فأمر السلطان عبدالحميد الثاني (١٢٩٣-١٣٢٦هـ/ ١٨٧٦-١٩٠٨م) بعزل المشير أحمد فيضي باشا وتعيين حسين حلمي أحد الولاة المصلحين (١٣١٦-١٣١٨هـ/ ١٨٩٨-١٩٠٠م) وإلى جانبه هيئة من المستشارين العثمانيين. وكان أول عمل قام به الوالي الجديد أن جمع العلماء والأعيان من صنعاء وغيرها من المدن اليمنية وخاطبهم بأنه سيسير في ولاية البلاد بالعدل، ووجّه بالإفراج عن العلماء الذين أمر فيضي باشا بحبسهم قبل عزله ومن بينهم العلامة محمد بن يحيى الأهدل ومحمد بن حسين الزواك من علماء تهامة، كما أمر بعزل من أساء التصرف من مأموري الدولة وموظفيها ووجه بعقابهم، ومنهم “آغا هاشم” الذي كان من المقربين عند الوالي فيضي باشا، كما أمر بعزل قائمقام قضاء حراز “محمود رؤوف” بسبب أخذه الأموال ونهب الأهالي، وعزل “علي بن محمد المطاع” ناظر الأوقاف و”محمد هاشم السوري” القائد العسكري المُناط به ضبط الأمن، ثم أسس إدارة للمعارف ودارًا للمعلمين ومكتبًا للصنائع، وألزم الأهالي بإلحاق أولادهم بالمدارس([27]). وكان الهدف من اتباع الاصلاحات هذه هو التقرب إلى الأهالي ومعالجة ظاهرة التمردات والاضطرابات التي عمت معظم أنحاء البلاد([28]). ويُستشف من هذه الاصلاحات في خلال العامين اللذين تولى فيهما حسين حلمي ولاية اليمن تأييد العلماء للسلطنة العثمانية، فلم تشِر المصادر إلى نشوب خلافات بين القوى المحلية وبين الإدارة العثمانية. كما هدأت الأوضاع في بعض نواحي تهامة، لاسيما بعد تعيين نقيب الأشراف العلامة الأمين بن عبدالقادر قائمقام قضاء بيت الفقيه([29]) عام ١٣٠٩هـ/ ١٨٩١م، والذي كان لجهوده أثر ملموس لصالح السلطنة العثمانية في حث وجهاء قبائل تهامة وشيوخها على موالاتها وتوطيد نفوذها، فكان ذلك محل إشادة وتقدير من المسؤولين العثمانيين، حيث أنعم عليه السلطان العثماني بالألقاب والنياشين، ووفقًا لبعض الوثائق العثمانية فقد أيد واحد وثمانون شخصًا من علماء تهامة وأعيانها قرار تعيين الأمين بن عبدالقادر على رأس قضاء بيت الفقيه، منهم العلامة أحمد النعمي وعلي عبدالكريم عطا وأحمد بن علي المرتضى ويوسف المرتضى ويحيى بن أحمد المشوع وحسن بن أحمد سهلكي وأحمد بن محمد البهكلي ويحيى بن محمد مخلاق ومحمد بن أحمد حكمي([30])، ويتضح مما أوردته الوثائق أن العلامة الأمين بن عبدالقادر كان شخصية متوازنة ويحظى بتقدير المسؤولين العثمانيين وأعيان تهامة، ما جعل من قرار تعيينه خطوة في الاتجاه الصحيح.
المحور الثالث: موقف علماء آل المجاهد وعلماء آخرين من الحكم العثماني
يعد آل المجاهد من أعيان مدينة “تعز” في جنوب اليمن ومن كبار علمائها، وعندما بسط العثمانيون سيطرتهم على المدينة انضوى آل المجاهد وغيرهم من علماء اللواء التعزي وفقهائه منهم آل الصفواني في مدينة ذي أشرق تحت مظلة الحكم العثماني تأييدًا له ودعاء للسلطان العثماني بالنصر على أعدائه([31])، والتحق بعض آل المجاهد في وظائف إدارية ومالية وفي شؤون القضاء والإفتاء في لواء تعز، فقد تولى العلامة القاضي “عبدالرحمن المجاهد” عضوية المحكمة الابتدائية عام ١٣٠٤هـ/١٨٨٦م، وشغل العلامة “علي بن عبدالكريم المجاهد” وظيفة باش كاتب في مجلس إدارة الولاية، وتقلد ابنه العلامة “أحمد بن علي عبدالكريم” منصب القضاء، ثم ترقىّ في الوظائف الإدارية حتى صار حاكمًا للواء([32]).
وكان العلامة “يحيى بن أحمد المجاهد” الذي شغل منصب مفتي اللواء التعزي وعضوية مجلس الولاية قد ارتبط بعلاقات جيدة مع الإدارة العثمانية في مستهل عهدها، ثم ما لبثت أن تكدرت العلاقات بينه وبين الوالي عثمان باشا” (١٣٠٥-١٣٠٦هـ/ ١٨٨٧-١٨٨٨م) ومتصرف اللواء “مصطفى بك سليماني”، بسبب سياسة الابتزاز التي انتهجتها الإدارة العثمانية ممثلة بالوالي والمتصرف في إجبار الأعيان والوجهاء والتجار على دفع مبالغ مالية كإتاوات ورشاوى، ولما امتنع المجاهد عن دفع المال المطلوب إسوة بغيره، أمر المتصرف جماعة من العسكر بالذهاب إلى منزل العلامة المجاهد ونهبه وإحضاره للمثول بين يديه، فنهب العسكر بيت المجاهد وأمر المتصرف بإيداعه السجن، ولما بلغ خبره الوالي في صنعاء وجّه بإطلاق سراحه بعد أن حصل على المال المطلوب. وقد ساء العلامة المجاهد ما حدث له ولغيره من ابتزاز ونهب للأموال بغير حق وقرر أن يتقدم بشكواه إلى السلطان العثماني، فبعث تلغرافًا إلى الأستانة، وجاءه الجواب بالوصول إلى بلاط السلطان عبدالحميد لعرض شكواه([33]). وتضمّن جواب السلطان التوجيه بعزل المتصرف من منصبه ومعاقبته، فحاول الوالي التدخل للصلح بين المتصرف والمجاهد؛ خشية أن يناله شيء من العقاب، بسبب سوء سياسته وتواطئه مع المتصرف، وطلب من ثلاثة من العلماء وهم “أحمد بن محمد الكبسي” و”عبدالرحمن المجاهد” وأخيه “علي بن أحمد المجاهد” أن يتوسطوا للصلح بين المتصرف والعلامة المجاهد، فأصر المجاهد على إجراء محاكمة بينه وبين المتصرف أمام السلطان، ولما يئس الوالي من الصلح، دبّر خطة تمثلت بكتابة “مضبطة” ضد العلامة المجاهد، يصدّق عليها أعضاء مجلس الولاية، لإبعاده عن اليمن، فسافر المجاهد إلى أستانبول، ومكث بها حتى توفي عام ١٣٠٩هـ/١٨٩١م، دون أن يُبَتَّ في قضيته ([34])، وذلك بعكس ما ذكره البعض استنادًا إلى معلومات غير دقيقة عن وفاة العلامة المجاهد في اليمن قبل مغادرته([35]).
وقد نُقِل عن العلّامة المجاهد قوله يومئذ: “لو خدمت الله تعالى خدمتي للترك لبلغتُ بها درجة عيسى بن مريم عليه السلام”([36])، مما يدل على إخلاصه وتفانيه في خدمة الدولة العثمانية.
يُستشف من قراءة ما بين سطور المعلومات القليلة في مصادر تلك الفترة أن آل المجاهد قد حافظوا على ولائهم للسلطنة العثمانية وعدم الخروج عليها تحاشيًا للضرر، رغم عجرفة بعض موظفيها وفسادهم، وهو الفساد الذي كانت تقابله ردود أفعال مناهضة من جانب مختلف القوى المحلية في مختلف المناطق، وتدفع ببعض العلماء إلى أن يبعثوا بشكاوىً إلى الباب العالي يطالبون فيها بالتدخل لوضع حد لذلك الفساد والتعسف في معاملة الأهالي([37])، غير أن المختصين من الموظفين العثمانيين كانوا يحولون بين تلك الشكاوى وبين وصولها إلى أيدي السلطات في الأستانة([38])، خشية اتضاح الحقيقة وتعرضهم للعقاب. وكانت ردود الأفعال تلك تشكّل مصدر إزعاج وقلق للسلطات في الأستانة، ففي عام ١٣٢٦هـ/ ١٩٠٧م طلب السلطان عبدالحميد الثاني إرسال وفد من مختلف أعيان اليمن متضمنًا بعض علمائها الثقات ليستمع منهم عن حقيقة أوضاع الولاية ويبحث معهم بعمق في الحلول المفضية إلى تسكين الأحوال وحقن الدماء، فوصل إلى صنعاء وفد يرأسه أحد كبار العلماء العثمانيين “محمود سعد أفندي”، وفور وصوله تحدث عن مهمته قائلًا: “نفيدكم أن مولانا الخليفة الأعظم تفضّل بإرسال هيئاتنا العاجزين (على سبيل التواضع) لجلب ودعوة بعض من هو معتمد من الأهالي المحلية وبيان شكرهم ولإيضاح الاحتياجات المحلية الحاضرة بكمال الحرية من أهل الناموس (أهل الخير) والحيثية من شيوخ المشايخ والرؤساء والعلماء من القبائل والقضوات المختلفة للمذاكرة معهم عريضًا وعميقًا وتزييد العمران والسعادة بالقطعة اليمنية وتأمين أسباب سكون الأهالي المحلية واستراحتهم وتقرير الوسائل المؤثرة المانعة قطعيًا لسفك الدماء بين المسلمين ثم تتخذ التدابير المتعلقة لحصول أسباب العمودية والصلاح في القطعة الحميمة المذكورة…”([39]). وتأكيدًا على الرغبة في تحقيق السلام أبلغ رئيس الوفد الوالي في صنعاء بأن السلطان قد أمر بالإفراج عن كافة السجناء وعفا عن المتبقي من حقوق للدولة في ذمة التجار والمزارعين خلال العامين الأخيرين، نظرًا للقحط الذي أصاب البلاد وركود الحركة التجارية في الأسواق، فوصل إلى الأستانة وفد من مختلف المناطق اليمنية، يتقدمهم العلامة محمد بن حسين غمضان([40]) وعلي بن عبدالكريم المجاهد، وعبدالرحمن الحداد قاضي لواء تعز، وجيلان بن المساوى الأهدل ومحمد بن عبدالرحمن الأهدل والأمين بن عبدالقادر البحر وولده علي بن الأمين البحر من علماء زبيد وبيت الفقيه في تهامة، واستمع السلطان إلى وجهات نظر أعضاء الوفد([41]) فمنهم من رأى أن الحل في استمرار الولاء للسلطنة العثمانية وعدم الخروج على شرعيتها، ومنهم من تبنى رؤية الإمام يحيى حميد الدين (١٩٠٤-١٩٤٨م)، وكان الإمام يحيى حينها يعد أحد كبار العلماء الزيديين المناوئين للحكم العثماني والداعي للإمامة، وتتمثل تلك الرؤية باعتراف السلطنة العثمانية بزعامة الإمام يحيى على المناطق الشمالية الزيدية، ولما لاحظ السلطان اختلاف الرأي بين أعضاء الوفد، طلب إرسال وفد آخر من مناطق نفوذ الإمام يحيى-لم تورد المصادر أسماءهم-وذلك لتتضح الرؤية أكثر، ولخصوصية الأوضاع في تلك المناطق، التي ظلت موضع صراع وتجاذبات سياسية بين القوى العثمانية والقوى الزيدية الطامحة إلى تشكيل كيانها خارج نطاق السيطرة العثمانية المباشرة، ورغم المحاولات المتكررة من قبل العثمانيين للصلح بينهم وبين الإمام يحيى، إلا أن تلك المحاولات كانت تبوء بالفشل، بسبب إصرار كلا الطرفين على ألا يفقد شيئًا من نفوذه وسيطرته على ما تحت يده، وظل التوتر سائدًا في العلاقات بين الطرفين، وبلغ من حدته أن أراد الوالي محمد علي باشا (١٣٢٨-١٣٢٩هـ/١٩١٠-١٩١١م) في عام ١٣٢٨هـ/١٩١٠م إعدام نحو خمسين رجلًا من أعيان صنعاء وعلمائها بتهمة العمل ضد الإدارة العثمانية، إلا أن ذلك لم يتم بسبب رفض العلامة خليل سعد أفندي نائب رئيس المحكمة الشرعية بصنعاء المصادقة على إعدامهم قائلًا: “لم ترضَ ذمتي بإراقة دم امرئ مسلم واحد دون حكم شرعي”([42]). ولنا أن نتخيل كثافة العنف الذي مارسه بعض الولاة وعدم تمييزهم بين فئة اجتماعية كالعلماء وبين أخرى، وكذا حجم المعارضة لسياستهم. وقد استمرت حالة التوتر بين الطرفين حتى انعقاد صلح دعّان.
المحور الرابع: موقف العلماء من صلح دعان ١٩١١م
رأت السلطنة العثمانية-في تلك الأثناء-أنه لا مناص من التوصل إلى اتفاق ينهي حالة الخلاف والصراع القائم بين العثمانيين والإمام يحيى، لاسيما أنها باتت في موقف يتطلب منها العمل على تركيز الجهود في الميادين الخارجية، بعد أن اندلعت في وجهها الاضطرابات في إقليم الإحساء بشرق الجزيرة العربية([43]) والانتفاضات المطالبة بالانفصال في الولايات التابعة لها في البلقان، ومواجهة أطماع إيطاليا في طرابلس الغرب، فضلًا عن الاحتجاجات العربية الموجهة ضد سياسة التتريك والمركزية الشديدة، اللتين اتسم بهما حكم الاتحاديين منذ انقلابهم على السلطان عبدالحميد الثاني واستلامهم السلطة عام ١٣٢٦هـ/ ١٩٠٨م، فأرسلت السلطنة العثمانية “أحمد عزت باشا” (١٣٢٩-١٣٣١هـ/١٩١١-١٩١٣م) على رأس قوة عسكرية إلى اليمن لفك الحصار عن الحاميات العثمانية داخل مدينة صنعاء والتفاوض مع الإمام يحيى على إبرام صلح، عرف بصلح “دعّان”، تلك القرية الواقعة إلى الشمال الغربي من صنعاء، وقد اختيرت مقرًا لعقد الصلح لموقعها المتوسط بين منطقتي نفوذ الإمام في الشمال ونفوذ العثمانيين المباشر في الجنوب، تضمن الصلح في مجمله اعتراف السلطنة العثمانية بوضع الإمام الخاص كإمام ديني وزمني للطائفة الزيدية في شمال اليمن، مع استمرار ولائه وتبعيته للدولة العثمانية([44])، في حين أبقى الصلح على حكم العثمانيين المباشر في المناطق الجنوبية ذات الغالبية الشافعية المنسجمة في الغالب مع المذهب الحنفي للدولة العثمانية، والتي لا ترى ضرورة للخروج المسلح على الحاكم ما عدا تقديم النصح خشية الفتنة وفق المذهب الشافعي([45]). مع أن استقراء بعض وقائع علاقة أهالي الشافعية مع السلطات المتعاقبة في اليمن تشير إلى عدم التزامهم بهذا المبدأ بصورة دائمة تحت وطأة الظروف القاهرة، فقد انتفضت في تهامة -على سبيل المثال- قبيلة الزرانيق ضد استبداد الحكام العثمانيين وجورهم وكثرة جباياتهم، وكانت المواجهات سجالًا بينها وبين الحاميات العثمانية خلال معظم فترة الوجود العثماني في كل من مدن زبيد وبيت الفقيه والمراوعة، ولا تكاد تهدأ إلا بالاتفاق مع القبيلة والتخفيف من حدة سياسة الدولة تجاهها، وقد لا تتعاطى القبيلة بسهولة مع توجيه من أي قوة محلية -كالعلماء- تحاول أن تثنيها عن المواجهة إذا تعلق الأمر بخصوصية شخصيتها وتماسك كيانها القبلي كما يُفهم من بعض الدراسات الحديثة([46]).
وكيفما كان الأمر فقد حظي الصلح بتأييد بعض العلماء، منهم الحسين بن علي العمري وعبدالله بن العمري، وقاسم بن علي أبو طالب([47]). وعبّر مفتي الولاية العلامة علي بن حسين المغربي([48]) عن موقفه من الصلح بالشكر للسلطان العثماني وللوالي عزت باشا والإمام يحيى لجهودهم التي بذلوها حتى تم التوقيع على الاتفاق، وحث في كلمة ألقاها أمام جموع من أهالي صنعاء احتشدت للتعبير عن فرحتها بهذا الحدث إلى نبذ الشقاق وإزالة الأحقاد وإقرار الأمن في ربوع اليمن([49]). ومن خلال الوقوف على واقع ومجريات تلك الفترة يتبدى لنا أن الصلح قد حظي بتأييد العلماء، فقد سكنت الأحوال في الداخل وانتظم شأن العلاقات بين العثمانيين والإمام يحيى. وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى بين القوى الاستعمارية الأوروبية والعثمانيين اتخذ الإمام يحيى موقف الحياد منها في الظاهر، ولم يعلن صراحة تأييده للعثمانيين ضد الإنجليز في عدن خشية تعرضه لمضايقاتهم وحرصًا منه على الوالي والاحتفاظ بعلاقة ودية مع القوات العثمانية التي قدّم لها بصورة غير معلنة بعض المساعدات الغذائية في أثناء تواجدها في لحج. كما حاول الإمام يحيى بالاتفاق مع القائد العثماني “محمود نديم باشا” (١٣٣١-١٣٣٦هـ/ ١٩١٣-١٩١٧م) آخر الولاة العثمانيين تقديم النصح للإدريسي في إقليم عسير لإيقاف الصراع بينه وبين العثمانيين من جهة ومع الإمام من جهة ثانية على النفوذ في الإقليم وإنهاء تحالفه مع الإيطاليين ضد العثمانيين، وذلك عن طريق إرسال وفد من كبار أعيان صنعاء يتقدمه العلامة قاسم بن حسين العِزّي وأحمد بن يحيى عامر ومحمد بن علي الذماري وعبدالعزيز بن يحيى المتوكل ومحمد بن أحمد الحوثي، لكن الإدريسي أوضح للإمام وللوالي عدم رغبته في التقارب والصلح معهم([50])، فقد كان يطمح إلى الاستقلال عن العثمانيين في حكم عسير وتقوية نفوذه فيه.
المحور الخامس: موقف العلماء من القوات العثمانية في معاركها ضد الإنجليز في لحج وعدن
كانت منطقة لحج وكذلك عدن في جنوب اليمن تؤلّف سلطنة واحدة تابعة لآل العبدلي منذ استقلالهم بها عن أئمة آل القاسم في صنعاء، وذلك في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي. وعندما احتل الإنجليز عدن في عام ١٢٥٥هـ/ ١٨٣٩م، دخل آل العبدلي في اتفاقات حماية مع سلطات الاحتلال بعد أن انتزعت الأخيرة منهم عدن، وانحصر نفوذهم في لحج([51])، التي تتاخم تعز من الجنوب والشرق. وفي أثناء أعوام الحرب العالمية الأولى (١٣٣٣-١٣٣٧هـ/١٩١٤-١٩١٨م) حاول العثمانيون استمالة السلطان “عبدالكريم بن فضل العبدلي” إلى صفهم في الحرب ضد الإنجليز في عدن، وبعث إليه الوالي محمود نديم رسالة بصحبة ثلة من العلماء والوجهاء، في مقدمتهم العلامة “عبدالرحمن بن علي الحدّاد” قاضي لواء تعز والشيخ “أحمد نعمان” قائم مقام الحُجَريّة والشيخ “صالح الطيري” شيخ شيوخ قضاء رداع في وسط اليمن، وبعد أخذ وردّ رفض سلطان لحج تلبية الطلب، وذلك لارتباطه بمعاهدة حماية مع الإنجليز كغيره من سلاطين المحميات الغربية والشرقية وشيوخها، مع أن بعضهم قد أعلن عن تأييده للعثمانيين كما سنرى، فدخلت القوات العثمانية إلى “الحَوْطة” في لحج عاصمة سلطنة العبدلي عام ١٩١٥م، واستولت عليها بقيادة “علي سعيد باشا” آخر القادة العسكريين العثمانيين في اليمن، والتجأ السلطان العبدلي إلى عدن لائذًا بالإنجليز، بعد أن فشلت المواجهات العسكرية بين فِرق من جنود المشاة البريطانية كانت تقاتل إلى جانب قوات سلطان لحج وبين القوات العثمانية، لأسباب منها تفوّق المدفعية العثمانية، وصعوبة التقدم في منطقة رملية وطقس شديد الحرارة، وتأخر وصول الإمدادات العسكرية بسبب صعوبات النقل، ونقص المياه، فضلًا عن خوف الإنجليز من خطر التشتت والعزل لجنودهم التي قد يتسبب بها رجال القبائل المنضمين للقوات العثمانية([52]). فانضم إلى قوات علي سعيد باشا العديد من أعيان لحج، وأيده بعض العلماء منهم عبدالرحمن بن علي الحداد الذي ألف كتابًا دعا فيه إلى جهاد الإنجليز بعنوان “الإرشاد في الحث على الجهاد” و”أحمد بن محسن بن إسماعيل بن القاسم” من مدينة “ذي جبلة” التاريخية في جنوب اليمن([53])، واستولى الجنود العثمانيون على ممتلكات آل العبدلي في لحج ومن وقف إلى جانبهم من الوجهاء، وقاموا بنهب العديد من البيوت والمتاجر في المدينة، وحبْس وإهانة الكثير من الأهالي، كما يذكر ذلك بالتفصيل المؤرخ العبدلي صاحب كتاب “هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن”، وقد أشار إلى وقوع بعض العلماء في أسر القوات العثمانية، وذكر منهم الشيخ “عبدالعليم بن محمد بانافع”، الذي روى ما لحق به من أذىً ومنع من الطعام والشراب في شهر رمضان؛ بسبب وشاية به عند القائد علي سعيد باشا تتحدث عن أنه من المقربين لآل العبدلي ومن كبار التجار وذوي النفوذ، وأنه ألقى خطبة يحرّض فيها على قتال العثمانيين، فسُجن الشيخ المذكور مدة شهرين ونصف ولم يفرج عنه إلا بتسليم فدية كبيرة بلغت-بحسب المصدر-خمسة وأربعين ألف جنيه، وبتوسط من بعض كبار أعيان مدينة الحوطة([54]). وقد أنكر بعض العلماء ممارسات الجنود العثمانيين في لحج، ولما علم العثمانيون بذلك عملوا على تبرير سياستهم باستصدار فتوىً من شيخ الإسلام تجيز الاستيلاء على أموال من غادر لحجًا إلى عدن كعقوبة، وقد تعجب بعض العلماء يومها مما وصفوه بأنه جرأة من شيخ الإسلام على الدين، وقال بعضهم صراحة: “لم نسمع من قبل أن مفتيًا يفتي باستحلال أموال المسلمين ودمائهم”([55])، مما يعد مظهرًا من مظاهر الاستغلال السياسي للدين. وفي أثناء وجود القوات العثمانية في لحج تلقى علي سعيد باشا التأييد والدعم من بعض أمراء المحميات المجاورة لسلطنة لحج وسلاطينها كأمير الضالع الذي أعلن عن ولائه للسلطان العثماني وقدّم بعض التسهيلات للقوات العثمانية في أثناء مرورها إلى عدن، وكذلك سلطان الحواشب والسلطان الفضلي والصبيحي([56])، فضلًا عن بعض أعيان تعز وشيوخها كالشيخ” عبدالوهاب نعمان” الذي قدم معونة للعثمانيين قدرت بخمسة آلاف ريال فرنسي([57]) لسد العجز في نفقات الجنود العثمانيين قبيل وقف العمليات العسكرية وإعلان استسلام الدولة العثمانية، وقد عبّر القائد علي سعيد باشا عن شكره للشيخ عبدالوهاب نعمان برسالة بعث بها إليه([58]) وأشاد بموقف أهالي تعز قائلًا: “إنهم زيّنوا صحائف التاريخ بخدماتهم بالمال والرجال”([59]).
وكانت بعض مناطق لواء تعز كمنطقة “ماوية”([60]) وذي أشرق([61]) تشكل مراكز تجمع واستقطاب للمتطوعين من المقاتلين اليمنيين المنخرطين في صفوف القوات العثمانية المتجهة إلى عدن([62]).
ومن خلال تأييد أولئك الزعماء نستشف الموقف الضمني المؤيد من علماء تلك المناطق للقوات العثمانية، بخلاف موقف بعض علماء حضرموت المؤيد صراحة للقوات العثمانية، فقد أعلن السلطان الكثيري في مدينة “سيؤون” تأييده للقوات العثمانية وجرى تبادل الرسائل بينه وبين الوالي محمود نديم في صنعاء والقائد علي سعيد باشا في لحج، وقد ساعده على إجراء التقارب والاتصال مع القوات العثمانية بعض الأعيان والعلماء في حضرموت، منهم العلامة “عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف”، وصدر عن كبار أعيان وعلماء حضرموت بيان أوضحوا فيه تأييدهم للجهاد ضد الإنجليز ورفضهم إقامة أي علاقة معهم وفق بعض المصادر([63]).
وهكذا فقد آزر العديد من علماء الشافعية القوات العثمانية في معاركها ضد القوات الإنجليزية من منطلق ديني جهادي. ولم يختلف الأمر مع علماء من الطائفة الزيدية، فقد أشارت بعض الوثائق إلى تأييد بعض العلماء في صنعاء للقوات العثمانية، وأوضح العلامة قاسم العِزّي في رسالة من الإمام يحيى إلى القائد علي سعيد باشا بأن الإمام يدعو له بالنصر في جهاده على الإنجليز “والشكر له ولجنوده الذين يواجهون الشدائد”، وذكر في رسالته: “أن أهل البغي يحاولون بكل حيلة ويتوسلون بكل وسيلة، فلم يبلغوا بفضل الله الأمل، ولم يثبت لهم بعناية الله محل، بل إنهم دائمًا خاسرون وأموالهم غنيمة للمسلمين، والله ناصر دينه، فنرجو الله إعانة المجاهدين وخذلان أعداء الدين”([64]). والرسالة تلقي الضوء على مسألة حيادية الإمام الظاهرة من الحرب كموقف سياسي، وتؤكد وقوفه المادي والمعنوي إلى جانب القوات العثمانية في حربها ضد الإنجليز، بوصفه جهادًا في سبيل الله ضد أعداء الدين والمسلمين. ووفقًا لإشارة إحدى الوثائق، فقد كان العلامة قاسم العِزّي “يرتقي المنبر في يوم الجمعة ويخطب خطبة تشتمل على الحث على الجهاد وذكر ما أعد الله من ثواب للمجاهدين”([65]).
وانتهت الحرب العالمية بهزيمة الدولة العثمانية في عام ١٣٣٧هـ/ ١٩١٨م وانسحابها من سائر البلاد العربية التابعة لها ومن بينها اليمن، وتشير الوقائع إلى أن العديد من اليمنيين من مختلف المناطق قد أبدوا أسفهم على هزيمة العثمانيين([66]).
وبعد جلائهم عن اليمن بموجب معاهدة “موندروس” ١٩١٨م بسط الإمام يحيى سيطرته على المناطق الجنوبية، وعدّ نفسه وريثًا للمناطق التي كانت تحت سلطة الحكم العثماني المباشرة.
الخاتـمة
نخلص من دراسة موقف العلماء اليمنيين من الحكم العثماني الثاني إلى النتائج الآتية:
-أن تأييد العلماء لعودة الحكم العثماني إلى اليمن كان اضطراريًّا؛ لإنقاذ الأوضاع الداخلية من الفوضى، الناتجة عن نزاعات آل القاسم على السلطة وضعف شوكتهم في مواجهة تمرد بعض القوى القبلية وطغيانها، بعد أن أخفقت محاولات العلماء لإصلاح الأوضاع القائمة، لصعوبتها واتساع رقعتها.
-اتضح من سياق الوقائع أن استعانة علماء صنعاء بالقوات العثمانية لم يكن ناتجًا عن توافقهم مع الخط السياسي الذي تبناه سلاطين الدولة العثمانية، أو عن اقتناع ذاتي ورغبة في الانضواء تحت سلطة قوة خارجية، وإنما بوصف العثمانيين القوة القريبة في عسير وتهامة القادرة على ضبط الأوضاع العامة وانقاذ البلاد من الانهيار.
-حرصت السلطنة العثمانية على اكتساب العلماء إلى جانبها، من خلال منحهم المال والرتب والهدايا تقديرًا لمكانتهم الاجتماعية، التي ستنعكس إيجابًا على دورهم كوسطاء بين الأهالي والجهاز الإداري العثماني، مما ينعكس إيجابًا على استتباب الحكم داخل الولاية.
-اتبعت الدولة العثمانية سياسة الشدة والقسوة إزاء العلماء الذين ثبتت معارضتهم لسياساتها أو ساندوا بعض القوى الزيدية في تمردها على الحكم العثماني، كما اتضح في مساندة الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين وابنه الإمام يحيى.
-حاولت الدولة العثمانية في عهد السلطان عبدالحميد الثاني إصلاح الأوضاع في الولاية، من خلال الدعوة إلى تشكيل وفد من كبار الأعيان والعلماء من مختلف أنحاء اليمن للمثول بين يدي السلطان في الأستانة للاستماع إلى آرائهم ووضع الحلول الملائمة لضمان استقرار الأوضاع المضطربة، لكن جهودها لم تثمر عن نتائج ملموسة.
-اتضح من استقراء الوقائع أن للبعد المذهبي وللمستوى الذي بلغته الاضطرابات دور في بلورة اتفاق يحفظ كيان السلطة العثمانية في اليمن ويؤمّن استقرار الأوضاع الداخلية فيها، تبين ذلك في تطبيق الحل السياسي المتمثل في صلح دعّان سنة ١٩١١م، الذي أقر بحكم الإمام يحيى على المناطق الشمالية الزيدية تحت السيادة العثمانية، مع بقاء المناطق الجنوبية تحت الحكم العثماني المباشر حتى جلاء العثمانيين عن اليمن عام ١٩١٨م.
-اختلف موقف العلماء اليمنيين من الحكم العثماني من منطلق مذهبي في الغالب، إذ عارض العديد من العلماء الزيدية الحكم العثماني واتخذوا من مفاسد الولاة والمأمورين ومظالمهم مبررات للخروج عليه انطلاقًا من مبدأ جواز الخروج على الحاكم الظالم في النظرية السياسية الزيدية([67])، في حين أيّد العديد من علماء الشافعية الحكم العثماني، وتبنوا مبدأ النصح للحاكم وعدم الخروج عليه درءًا للفتنة وفق المذهب الشافعي، مع التنديد بالممارسات والمظالم العثمانية والرفع بها إلى السلطات في الأستانة.
-اتفاق موقف العلماء من كلا الطائفتين الزيدية والشافعية حول مقاومة الوجود الاستعماري البريطاني في جنوب اليمن والوقوف إلى جانب القوات العثمانية في معاركها ضد القوات البريطانية في لحج وعلى مشارف عدن، وذلك من منطلق ديني جهادي (ووطني) إن جاز التعبير.
الملاحق:
ملحق (١)
أسماء العلماء الوارد ذكرهم في البحث مرتبة حسب الحروف الأبجدية:
أحمد بن محمد الكبس.
أحمد بن محسن بن إسماعيل بن القاسم.
أحمد بن علي بن عبدالكريم المجاهد.
أحمد النعمي.
أحمد بن علي المرتضى.
أحمد بن يحيى عامر.
أحمد بن محمد البهكلي.
أحمد الملصي.
أحمد بن يحيى الردمي.
إسماعيل الثور.
الأمين بن عبدالقادر البحر.
جيلان بن المساوى الأهدل.
حسين بن محمد سهلكي.
حسين بن إسماعيل جغمان.
حسين الشامي.
الحسين بن علي العمري.
زيد أحمد الكبسي.
سعد الدين الزبيري.
سعيد اليازلي.
عبدالله بن علي الحضوري.
عبدالرحمن المجاهد.
عبدالرحمن الحداد.
عبدالله العمري.
عبدالعزيز بن يحيى المتوكل.
عبدالعليم بن محمد بانافع.
عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف.
علي بن عبدالكريم عطا.
علي بن هاشم.
علي بن المتوكل.
علي بن عبدالله الإرياني.
علي بن عبدالكريم المجاهد.
علي بن الأمين البحر.
علي بن حسين المغربي.
علي الجديري.
قاسم بن علي أبوطالب العِزّي.
محمد بن أحمد حكمي.
محمد بن محمد المطاع.
محمد الحارثي.
محمد بن يحيى حميد الدين.
محمد زاهر.
محمد بن إسماعيل حُشيش.
محمد عيقان.
محمد بن حسن دلال.
محمد بن يحيى الأهدل.
محمد بن حسين الزواك.
محمد بن عبدالرحمن الأهدل.
محمد بن علي الذماري.
محمد بن أحمد الحوثي.
يحيى بن أحمد المشوع.
يحيى بن علي مخلاق.
يحيى بن أحمد الكبسي.
يحيى بن أحمد المجاهد.
يوسف المرتضى.
ملحق (٢)
ورقة ملحقة بالصفحة الأخيرة من كتاب خطبة الجمعة والعيدين للعلامة حسين بن علي بن علي أحمد الصفواني، تتضمن الدعاء للسلطان عبدالحميد بن عبدالعزيز، وقد لحق صفحة غلاف الكتاب بعض التمزيق بسبب سوء الحفظ، وهي من ضمن محفوظات أسرة الصفواني في مدينة ذي اشرق:
ملحق (٣)
أسماء الأئمة الزيدية الذين تولوا الإمامة قبيل الحكم العثماني الثاني وفي أثنائه في اليمن، وسنوات ولايتهم:
-حسين بن أحمد الهادي (١٢٧٥-١٢٨٩هـ/١٨٥٨-١٨٧٢م).
-غالب بن محمد بن يحيى (١٢٦٧-١٢٨٩هـ/ ١٨٥١-١٨٧٢م).
-المحسن بن أحمد الشهاري (١٢٧١-١٢٩٥هـ/ ١٨٥٤-١٨٧٨م).
-محمد بن عبدالله الوزير (١٢٧٠-١٢٨٩هـ/ ١٨٥٣-١٨٧٢م).
-محمد بن يحيى بن محمد حميد الدين، ينتهي نسبه إلى الإمام القاسم بن محمد بن علي بن رشيد مؤسس دولة الإمامة القاسمية (١٣٠٩-١٣٢٢هـ/١٨٩١-١٩٠٤م).
-يحيى بن محمد بن يحيى حميد الدين (١٣٢٢-١٣٣٦هـ/ ١٩٠٤-١٩١٨م).
ملحق (٤)
الولاة العثمانيون الوارد ذكرهم في البحث وسنوات حكمهم:
-أحمد مختار باشا (١٢٨٩-١٢٩٠هـ/ ١٨٧٢-١٨٧٣م).
-مصطفى عاصم باشا (١٢٩٣-١٢٩٥هـ/ ١٨٧٦-١٨٧٨م).
-إسماعيل حافظ باشا (١٢٩٥-١٢٩٨هـ/ ١٨٧٨-١٨٨١م).
-أحمد فيضي باشا ـ تولى ولاية اليمن ثلاث مرات: (١٣٠٢-١٣٠٤هـ/ ١٨٨٤-١٨٨٦م). (١٣٠٩-١٣١٥هـ/ ١٨٩١-١٨٩٨م). (١٣٢٣-١٣٢٦هـ/ ١٩٠٥-١٩٠٨م).
-حسين حلمي باشا (١٣١٦-١٣١٨هـ/ ١٨٩٨-١٩٠٠م).
-محمد علي باشا (١٣٢٨-١٣٢٩هـ/ ١٩١٠-١٩١١م).
-أحمد عزت باشا (١٣٢٩-١٣٣١هـ/١٩١١-١٩١٣م).
-محمود نديم باشا (١٣٣١-١٣٣٦هـ/ ١٩١٣-١٩١٨م).
الهوامش
[1] أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر المساعد، الدائرة التاريخية، مركز الدراسات والبحوث اليمني – صنعاء.
[2] الكبسي، محمد بن إسماعيل: اللطائف السنية في أخبار الممالك اليمنية، القاهرة، مطبعة السعادة، ١٤٠٤هـ، ص٣١٠-٣١٨، وانظر مجهول المؤلف: حوليات يمانية (اليمن في القرن التاسع عشر)، تحقيق: عبدالله الحبشي، صنعاء، دار الحكمة، ١٩٩١م، ص١٦٩-٢٩٥.
[3] الحرازي، محسن بن أحمد: رياض الرياحين (فترة الفوضى وعودة الأتراك إلى صنعاء)، دراسة وتحقيق: حسين العمري، دمشق، دار الفكر، ط١، ١٩٨٦م، ص١٧٦.
[4] الواسعي، عبدالواسع: فرجة الهموم والحزن في حوادث وتاريخ اليمن، صنعاء، مكتبة اليمن الكبرى، ط٢، ١٩٩١م، ص٢٦٠.
[5] مانزوني، رينزو: اليمن رحلة إلى صنعاء ١٨٧٧-١٨٧٨م، صنعاء، الصندوق الاجتماعي للتنمية، ط١، ٢٠١١م، ص٢٤٢، وانظر الحرازي: رياض الرياحين (فترة الفوضى)، تحقيق: حسين العمري، ص١٧٦-١٧٧،
Bury, G.W: Arabia Infelex or the Turks in yemen, P: 99
[6] الواسعي: فرجة الهموم والحزن، ص٢٥٩-٢٦٠.
[7] الأمير، أمة الغفور علي: العثمانيون في تعز وسياستهم إزاء من تعاون معهم من العلماء، المؤتمر العلمي الأول (تعز عاصمة اليمن الثقافية على مر العصور ٢٠٠٩م)، ج٣، تعز، مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة، ص٨٠٦.
[8] الأمير: العثمانيون في تعز، ج٣، ص٨٠٩، ٨١٧. وانظر: اليمن في العهد العثماني 116، F.320 A, u.a
[9] الشامي، فؤاد عبدالوهاب: علاقة العثمانيين بالإمام يحيى حميد الدين، صنعاء، مركز الرائد للدراسات والبحوث، ط١، ٢٠١٣، ص٢٦-٢٧.
[10] الواسعي: فرجة الهموم والحزن، ص١٦١، وانظر أباظة، فاروق عثمان: الحكم العثماني لليمن ١٨٧٢-١٩١٨م، بيروت، دار العودة، ط٢، ١٩٧٩م، ص١١٩-١٢٠.
[11] الجرافي، عبدالله عبدالكريم: المقتطف من تاريخ اليمن، بيروت، مؤسسة دار الكتاب الحديث، ط٢، ١٩٨٤م، ص١٠٩، وانظر الواسعي: فرجة الهموم والحزن، ص١٦٢.
[12] هو العلامة الشاعر محمد بن حسن دلال، ولد في روضة بني حاتم سنة ١٨٦٣م، وأخذ العلم عن كبار عصره، توفي سنة ١٩٣٣م. (سالم، سيد مصطفى: وثائق يمنية، القاهرة، مكتبة مدبولي، ط١، ١٩٨٥م، ص٤٠٢).
[13] أباظة: الحكم العثماني في اليمن، ص١٢٠.
[14] العلامة أحمد بن محمد الكبسي، أحد كبار العلماء، ولد بصنعاء عام ١٢٣٩هـ، وتوفي في ذي القعدة سنة ١٣١٦هـ. (الجرافي، محمد أحمد: حوليات العلامة الجرافي، تحقيق: حسين العمري، دمشق، دار الفكر، ط١، ١٩٩٢م، ص٢١١).
[15] الجرافي: المقتطف، ص٢٢٣-٢٢٤، الحداد، محمد بن يحيى: التاريخ العام لليمن، ج٤، صنعاء، دار التنوير للطباعة، ط١، ١٩٨٦، ص٢٣٧.
[16] الجرافي: حوليات العلامة الجرافي، دراسة وتحقيق: حسين العمري، ص١٥٩-١٦٠، ١٦٢.
[17] الواسعي: فرجة الهموم والحزن، ص٢٨٩.
[18] العلامة الأديب والمؤرخ علي بن عبدالله بن علي بن حسين بن يحيى الإرياني، ولد ببلدة إريان في جنوبي اليمن، في ذي الحجة ١٢٧١هـ وتوفي في ربيع الأول ١٣٢٣هـ (علي بن عبدالله الإرياني: الدر المنثور في سيرة الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين، دراسة وتحقيق: أمة الملك اسماعيل الثور، دمشق، دار الفكر، ط١، ٢٠٠٨م، ص٩٧).
[19] الإرياني، علي بن عبدالله: الدر المنثور في سيرة الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين، دراسة وتحقيق: محمد عيسى صالحية، ج ١، عمّان، دار البشير، ط١، ١٩٩٦م، ص١٤٣-١٤٥، ١٥٧-١٥٨.
[20] الجرافي: المقتطف، ص٢٢٥، وانظر الجرافي: حوليات العلامة الجرافي، تحقيق: حسين العمري، ص١٢٢-١٢٥.
[21] صابان، سهيل: تقارير أحمد مختار باشا العثمانية عن الجزيرة العربية،https:#search. mandumah.com
[22] العلامة أحمد بن يحيى الردمي، من بلدة ردَم المجاورة لصنعاء من الغرب، ولد سنة ١٢٦٣هـ، تولى القضاء في أيام العثمانيين في كل من مدن يريم وذمار وحجة والحيْمة وبني الحارث، توفي سنة ١٣٢٠هـ (الإرياني: الدر المنثور-الموقف اليمني، دراسة وتحقيق: أمة الملك الثور، ص٢٩٩).
[23] الإرياني: الدر المنثور، تحقيق: محمد عيسى صالحية، ص١٦١.
[24] زيد، علي محمد: معتزلة اليمن (دولة الهادي وفكره)، صنعاء، مركز الدراسات والبحوث اليمني، ط٢، ١٩٨٥م، ص ٢٢٢.
[25] الصفواني، رياض محمد: موقف العلماء اليمنيين من سياسة أئمة الدولة القاسمية، صنعاء، مركز الدراسات والبحوث اليمني، ط١، ٢٠١٥م، ص٦١، ٦٣.
[26] الشهرستاني، محمد بن عبدالكريم: الملل والنحل، ج١، بيروت، دار مكتبة الهلال، ط١، ١٩٩٨م، ص ١٧٢.
[27] مقشر، عبدالودود قاسم: الزرانيق ودورهم في تاريخ اليمن الحديث، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة عدن، ٢٠٠٨، ص١٥٥، ١٥٦؛ الحمّادي، محمد أحمد: التعليم الرسمي في لواء تعز في أثناء الوجود العثماني الثاني، المؤتمر العلمي الأول (تعز عاصمة اليمن على مر العصور ٢٠٠٩م)، ج٢، تعز، مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة، ص٧٢٤-٧٢٥.
[28] الجرافي: حوليات العلامة الجرافي، تحقيق: حسين العمري، ص١٧٦-١٧٧، ١٨١.
[29] مدينة مشهورة جنوب شرق الحديدة بمسافة ٦٧ كيلو متر، تنسب إلى الفقيه أحمد بن موسى عجيل المتوفي سنة ٦٩٠هـ.
[30] رضوان، نبيل عبدالحي: سياسة الدولة العثمانية تجاه تهامة اليمن عام ١٣٠٩هـ/ ١٨٩١م، بحث مقدم إلى جامعة أم القرى، مكة، المملكة العربية السعودية، الملاحق ١، ٢، ٣، ٤، ٥.
[31] ملحق رقم (٢).
[32] الأمير: العثمانيون في تعز، ص٨٠٨.
[33] الواسعي: فرجة الهموم والحزن، ص٢٦٦، ٢٦٧.
[34] الواسعي: فرجة الهموم، ص ٢٦٦، ٢٦٧.
[35] جبارت، محمود أحمد: تعز في النصف الأول من القرن العشرين، المؤتمر العلمي الأول (تعز عاصمة اليمن الثقافية على مر العصور)، مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة، ج٣، ص٨٧٦.
[36] الواسعي: فرجة الهموم والحزن، ص٢٦٦.
[37] الشامي: علاقة العثمانيين بالإمام يحيى، ص٤١.
[38] الواسعي: فرجة الهموم والحزن، ص٣٠٦. وانظر:
Wavell, A, J, B: A Modern pilgrim in Mecca and a Seige in Sana’a , London,1921, P:131
[39] غمضان، محمد بن حسين: رحلة أعيان اليمن إلى إستانبول، تحقيق: عبدالله الحبشي، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط١، ٢٠١٥م، ص٢٠-٢١، وانظر الأكوع، محمد علي: حياة عالم وأمير، صنعاء، مكتبة الجيل الجديد، ط١، ١٩٨٧م، ص٢٤٨.
[40] العلامة محمد بن حسين بن علي بن الحسين بن يحيى بن غمضان، ولد في جمادى الأول ١٢٧٧هـ، أخذ العلم عن والده وكبار عصره، تولى نظارة الأوقاف في أيام العثمانيين، عين حاكمًا على قضاء ذمار ثم لواء الحديدة. توفي في ذي القعدة سنة ١٣٥٨هـ (غمضان: رحلة أعيان اليمن إلى إستانبول، ص١٢-١٥).
[41] المجاهد، محمد محمد: تعز غصن نضير في دوحة التاريخ العربي، تعز، المعمل الفني للطباعة، ط١، ١٩٩٧م، ص١٧٤، ١٨٦، مقشر: الزرانيق، ص١٣٩، ١٦٨.
[42] أباظة: الحكم العثماني في اليمن، ص٢٤١.
[43] تعرض إقليم الإحساء إلى العديد من الاضطرابات، نتيجة للطابع العسكري والسياسة الإدارية والمالية الجائرة التي انتهجتها السلطات العثمانية في الإقليم وتتمثل بزيادة نسب الضرائب على السكان واستعمال القوة في جبايتها، فأدت هذه السياسة إلى ردود فعل عنيفة من جانب بعض القبائل، حيث تعرضت المراكز الحكومية والثكنات العسكرية العثمانية لهجمات قبائل بني مُرّة والعجمان وبني هاجر، وأغارت على القوافل التجارية العثمانية وقوافل بعض تجار الإقليم، وقامت بأعمال السلب والنهب لبعض المدن مثل الهفوف والقطيف، كما أغارت على السفن في الخليج ومن بينها بعض سفن البحرين، فعمدت السلطات العثمانية إلى تغيير سياستها باستمالة رجال بعض القبائل واسترضائها عن طريق دفع رواتب شهرية، وبعد مدة طالب رجال القبائل بزيادة رواتبهم فرفضت السلطات العثمانية، مما أدى إلى تجدد الاعتداءات والقيام بأعمال السلب والنهب، فعجز العثمانيون عن إقرار الأمن ووضع حد لتفاقم الاضطرابات في الإقليم نتيجة لانشغالهم بجبهات عدة داخل الجزيرة العربية وخارجها، واستمرت الاضطرابات وأعمال العنف تجتاح مختلف مدن ومناطق الأحساء حتى عام ١٩١٣م واستيلاء الأمير عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن سعود على الإقليم. (الشريفي، حسين عبدالمحسن: إقليم الأحساء دراسة في أوضاعه الداخلية ١٨٧١-١٩١٣م، مجلة مركز بابل، العدد الأول، حزيران، ٢٠١١م، ص١٢٩-١٣٣).
[44] سالم، د. سيد مصطفى: تكوين اليمن الحديث (اليمن والإمام يحيى)، القاهرة، دار الأمين، ط٤، ص١٤٣-١٦١.
[45] الشافعي، محمد بن رسلان: الزُّبد (ملخص مذهب الشافعي)، مخطوط، محفوظ في مكتبة صادق محمد الصفواني، تعز، (د. ص).
[46] مقشر: الزرانيق، ص٦٧، ١٢٦، ١٣٩.
[47] الجرافي: المقتطف، ص ١١٢.
[48] العلّامة علي بن حسين المغربي، ولد في منطقة الروضة ضاحية صنعاء الشمالية سنة ١٢٦١هـ، تولى القضاء في مدن يريم وذمار وحجة وصنعاء، توفي سنة ١٣٣٧هـ (غمضان: رحلة أعيان اليمن، ص٢٣).
[49] أباظة: الحكم العثماني، ص٢٨٣-٢٨٤.
[50] الشامي: علاقة العثمانيين بالإمام يحيى، ص٢٧٣، ٢٧٦، هارولد، جيكوب: ملوك شبه الجزيرة العربية، ترجمة: أحمد المضواحي، بيروت، دار العودة، ١٩٨٣م، ص٢٥١.
[51] تبعد عن صنعاء بحوالي ٣٦٠ كم تقريبا الى الجنوب منها.
[52] The Richard J.Shuter Aden. Encyclopedia of World War C and Military History Tucker, ed. Santa Barbara: ABC-CLIO, 2005, P 37
[53] الأكوع: حياة عالم وأمير، ص٢٤٦-٢٤٧.
[54] العبدلي، أحمد فضل: هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن، بيروت، دار العودة للطباعة، ط١، ١٩٨٠م، ص٢٠٩-٢١٨، ٢٢٣-٢٢٧.
[55] العبدلي: هدية الزمن، ص٢٢٧-٢٢٨.
[56] الشامي: علاقة العثمانيين بالإمام يحيى، ص٣٢٢، ٣٢٥.
[57] هو الريال الفضي النمساوي ماريا تريزا نسبة إلى ملكة النمسا في القرن ١٨م، جاء إلى اليمن مع الحملة الفرنسية إلى المخا، ولذا سمي الريال الفرنسي، وقد أصبح الريال الفرنسي منذ بداية القرن ١٨هو وسيلة التعامل النقدي السائدة في منطقة البحر الأحمر، وجاءت شهرته لنقاء معدنه وثبات وزنه وقيمته (البنك المركزي اليمني: النقود في اليمن عبر العصور، صنعاء، ط١، ٢٠٠٤م، ص١٨٢).
[58] العبدلي: هدية الزمن، ص٢٢٤-٢٢٥.
[59] سالم: وثائق يمنية، ص٤٠٧.
[60] تقع في جنوب اليمن، وتبعد عن مدينة تعز بحوالي ١٢ كم إلى الشمال الشرقي منها، وكانت سابقًا إحدى محطات القوافل التجارية القادمة من عدن باتجاه المناطق الشمالية من اليمن.
[61] ذي أشرق مدينة تاريخية، من أبرز معالمها جامع الخليفة عمر بن عبدالعزيز، وتقع في منطقة وسط بين مدينتي إب شمالًا وتعز جنوبًا على الخط الرابط بينهمًا، وكانت تتبع لواء تعز.
[62] العبدلي: هدية الزمن، ص٢٢٥.
[63] الشامي: علاقة العثمانيين بالإمام يحيى، ص٣٢٢ ـ ٣٢٥.
[64] سالم: وثائق يمنية، ص٤٢٢.
[65] سالم: وثائق يمنية، ٤٢٢.
[66] المجاهد: تعز غصن نضير، ص١٩٢، ١٩٥.
[67] الصفواني، رياض: موقف العلماء اليمنيين، ص١٧، ٣٣.