مركز عدن للدراسات التاريخية

ميناء الحُدَيْدة خلال الحكم العثماني الثاني لليمن دراسة للنشاط التجاري والاقتصادي في الميناء في الفترة 1880- 1919م

د. أمل عبد المعز صالح الحميري

د. أمل عبد المعز صالح الحميري([1])

ملخص البحث:

يتناول هذا البحث دراسة للنشاط التجاري لميناء الحُدَيْدة خلال فترة الحكم العثماني الثاني 1880- 1919م ” على ضوء الوثائق العثمانية والفرنسية التي أثبتت وجود حركة تجارية مزدهرة تمثلت بوجود العديد من الشركات الأوربية وافتتاح الوكالات التجارية من قبل شركات فرنسية وإيطالية ويونانية وإنجليزية وغيرها، بل إن الميناء شهد إقامة مشاريع عثمانية فرنسية مشتركة افتتحت على إثرها العديد من المدارس الفرنسية بكوادر عثمانية والعكس، والأهم من ذلك مشروع السكة الحديدية الذي كان على وشك الانطلاق إلا إنه توقف نتيجة للعديد من الأسباب من ضمنها نشوب الحرب العالمية الأولى.

وبناء على ما سبق؛ فإن هدف البحث يتمثل بمعرفة أسباب ذلك النشاط التجاري ودور الشركات الأوربية فيه والسياسة العثمانية أو الظروف التي هيأها متصرف الميناء للتجار والمعاملات القانونية والرسمية التي سهلت للشركات الأجنبية حرية الاستثمار وإقامة الوكالات التجارية في الميناء.

Summary

During the period of the second Ottoman rule, particularly during the period of 1882-1919, the port of Hodeidah witnessed a prosperous commercial activity, as there were many European companies and affiliates of French, Italian, Greek, English and other companies.

Based on the aforementioned, the research aims to identity the reasons for such commercial activity and the role of the European companies and the Othman policy or the circumstances established by the Port administrators for traders and legal and formal transactions that facilitated for foreign companies the freedom of investment and establishment of commercial agencies at the Port.

مقدمة:

شهد ميناء الحديدة خلال فترة الحكم العثماني الثاني 1880- 1919م نشاطًا تجاريًّا مزدهرًا تمثل بوجود العديد من الشركات الأوربية وافتتاح الوكالات التجارية من قبل شركات فرنسية وإيطالية ويونانية وإنجليزية وغيرها، بل إن الميناء شهد إقامة مشاريع عثمانية فرنسية مشتركة افتتحت على إثرها العديد من المدارس الفرنسية بكوادر عثمانية والعكس، والأهم من ذلك مشروع السكة الحديدية الذي كان على وشك الانطلاق إلا إنه توقف نتيجة للعديد من الأسباب من ضمنها نشوب الحرب العالمية الأولى.

كانت تلك المشاريع جزءًا من الحركة الاقتصادية والتجارية الكبرى التي شهدها الميناء في ظل الحكم العثماني في تلك الفترة. غير أنه من المفارقات الغريبة أن ذلك الازدهار والنمو التجاري نشأ في ظل ظروف عالمية ومحلية مضطربة يمنية وعثمانية، مع أن ذلك النشاط يعكس حالة سياسية مستقرة وآمنة على الأقل في الحدود الجغرافية للمنطقة المدروسة، وهو ما لم تثبته الكتابات المعاصرة واللاحقة.

ويتناول هذا البحث ثلاثة عناوين تمثلت فيما يلي: أولًا: السياسة العثمانية في الميناء وأثرها في ازدهار النشاط التجاري، وثانيًا: النشاط التجاري في ميناء الحديدة 1882-1919م، وثالثًا وأخيرا: تناول اهم المشاريع العثمانية في ميناء الحديدة حتى عام 1919م.

وبناء على ما سبق فإن هدف البحث يتمثل بمعرفة أسباب ذلك النشاط التجاري ودور الشركات الأوربية فيه والسياسة العثمانية أو الظروف التي هيئها متصرف الميناء للتجار والمعاملات القانونية والرسمية التي سهّلت للشركات الأجنبية حرية الاستثمار وإقامة الوكالات التجارية في الميناء وهو ما ستحاول هذه الدراسة الإجابة عليه.

ويتّبع هذا البحث منهج التحليل الوصفي التاريخي، كما يستند في مراجعه بالمقام الأول على الوثائق الفرنسية ثم العثمانية والعربية وبعض كتابات سجلات البريطانيين ووثائقهم ومذكرات وكلاء الشركات الأوربية وفروعها في كلٍّ من عدن وجيبوتي والصومال.

الملامح الجغرافية لميناء الحُدَيْدة وأهميته الاستراتيجية:

يقع ميناء الحديدة على الجهة الشمالية الشرقية من ساحل البحر الأحمر وعلى بعد 282كم جنوب غرب العاصمة صنعاء، وتعد المدينة أهم مدن تهامة وأكبرها وبها مركز المحافظة([2])، ويعد الميناء ثاني أكبر الموانئ اليمنية بعد ميناء عَدَن.

وتستمد الحُدَيْدة أهميتها التاريخية والاستراتيجية من أهمية موقع مينائها والموانئ القريبة منه كميناء الصَّلِيْف([3]) وميناء اللُّحَيَّة والجزر التابعة له كجزيرة كَمَران([4]) وغيرها من السواحل والجزر المهمة جغرافيا واستراتيجيا، وقد لعب ميناء الحديدة أدورًا مهمة على مدى التاريخ اليمني الحديث في التجارة، وعلى وجه الخصوص تجارة البُن اليمني، وبالتحديد منذ القرن السابع عشر الميلادي، فقد ساعد قرب موقع ميناء الحديدة من مناطق إنتاج البن اليمني في المرتفعات الغربية، وأسواق تهامة، على ازدهار الميناء ونشاطه التجاري منذ القرن السابع عشر([5]).

وقد أشاد الرحالة الأوربيون بهذا النشاط وربطوا بين ازدياد أهمية الميناء بزيادة أهمية الموانئ القريبة منه، وكذلك كثرة أسواق البن مثل سوق الحدية([6]) وعلوجة في منطقة كسمة، وقربه أيضا من ميناء بيت الفقيه([7]) التاريخي، كانت كل تلك المعطيات تشكل أهمية استراتيجية وتاريخية لميناء الحديدة فضلًا عن كونه البوابة الجنوبية للأماكن الإسلامية المقدسة، ويشكِّل الميناء بامتداد ميناء الصليف وجزيرة كمران- التي حاول البرتغال جعلها قاعدة للتوسع البرتغالي نحو الأماكن الإسلامية المقدسة – أحد أهم المواقع التاريخية التي حاولت من خلالها القوى الأوربية الاستعمارية ممثلة بالبرتغال التقدم نحو مكة والأماكن المقدسة عبر اجتياز هذه الموانئ والجزر إلا إنها شكّلت حاجزا منع من تقدمهم نحو أهدافهم في مكة والمدينة. وقد بذل العثمانيون جهودا جبارة للحفاظ على البحر الأحمر بحيرة إسلامية طيلة خمسة قرون؛ بالمحافظة والسيطرة على كل الموانئ المطلة عليه، ومن بينها ميناء الحديدة، حتى استطاع الإنجليز السيطرة على جزيرة كَمَران عام 1914م، وجعلها قاعدة في أثناء الحرب العالمية الأولى([8]).

وقد شهد ميناء الحديدة نشاطًا تجاريًا ملموسا منذ عقود سابقة لفترة الدراسة المحصورة في الحكم العثماني الثاني، وهذا يعد أحد الظروف والأسباب المهيئة لظهور نشاط تجاري مزدهر، خصوصًا في ظل وجود حكومة مشجعة للتجارة والحركة التجارية. فقد كان ميناء الحديدة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ينافس ميناء جَيْزان وجدّة في تجارة البن اليمني، حتى إن الحكومة الهندية الواقعة تحت الاحتلال الإنجليزي سجلت في تقرير لها عام 1191هـ/ 1777م بأن الحديدة صدرت 750000 بالة من البن إلى جدة وحدها، وهذه الكمية تساوي 11,859,5 أطنان([9])

وقد ازدادت أهمية الميناء بعد افتتاح قناة السويس مع زيادة أعداد السفن التي تصل إلى ميناء الحديدة، حيث تذكر بعض المراجع أن عدد السفن وصل إلى 80 سفينة تجارية أسبوعيًا؛ ونظرا لذلك الازدهار التجاري وعلى وجه الخصوص تجارة البن التي مورست على نطاق واسع، فقد قامت الشركات الأوروبية بتأسيس فروع لها في الحديدة، وقام التجار الأوربيون باستيراد البن والجلود والعسل([10])، بل إن الميناء في العام 1859م، أصبح يصدِّر البن إلى مصر وعدن وبومباي وفرنسا وأمريكا([11]).

من خلال العرض السابق تتضح ملامح الوضع الاقتصادي في ميناء الحديدة، ودوره كميناء تجاري في اليمن في الفترة التي سبقت دخول العثمانيين، والسبب الرئيس في ذلك يعود لانحسار الأهمية التجارية لميناء المخاء المصدر الأول للبن اليمني طيلة القرن السابع والثامن عشر الميلادي، ورغم ذلك فقد مر ميناء الحديدة بفترات كساد واضطرابات أمنية وسياسية؛ بسبب الوضع العام لليمن الشمالي على وجه الخصوص مما حدا ببعض حكام صنعاء من الأئمة الزيدية الاستنجاد بالسلطان العثماني عبد العزيز (1861- 1876م)([12]) بعد أن عمت الفوضى أرجاء البلاد، وتعرضت صنعاء للسلب والنهب من قِبل القبائل، بل تعرضت البلاد بأكملها إلى فقدان وحدتها الروحية والسياسية بسبب الانقسام المذهبي والسياسي، وأدت تلك الصراعات والفوضى المستمرة إلى إلحاق الضرر بالتجارة اليمنية؛ جراء هجوم القبائل على قوافل التجارة والأسواق، حتى عم الكساد([13])، وقد أيّد التجار اليمنيون فكرة استدعاء العثمانيين كونها ستولِّد حالة من الاستقرار تؤدي بدورها إلى رواج التجارة وازدهارها([14])، فضلًا عن كون تواجدهم سيعود على التجار بالربح الوفير؛ من خلال توقعاتهم في تزايد الطلب من قبل العثمانيين وشراء بضائعهم، فانظمّ التجار إلى غيرهم ممن رأوا ضرورة الاستعانة بالعثمانيين لإقرار الأمور في اليمن([15]).

السياسة العثمانية في الميناء وأثرها في ازدهار النشاط التجاري:

بعد دخول العثمانيين إلى ميناء الحديدة، قاموا بعمل تقسيمات إدارية جديدة تتناسب مع وضع كل مدينة، واتخذ العثمانيون من الحديدة مركزا لتجمعاتهم، ونصبوا الحسن بن الحسين حاكما للمخلاف السليماني شمال اليمن على أن يكون تابعًا للسيادة العثمانية، وقُسّم لواء الحديدة إلى 8 أقضية، وعُدّ ميناء اللحية تابعا لها أيضا و16 ناحية و 38 قبيلة و172 عزلة، وعُيّن علي ياور باشا متصرفًا للميناء عام 1863م/ 1280هـ، بينما عُدِّل التقسيم في العام 1872- 1873م ليصبح ميناء الحديدة سنجقًا، أي: لواء يضم عدة أقضية، هي قضاء الحديدة الذي يتألف من الحديدة وعَبْس ومَلْحان وحُفَاش وبُرَع وبيت الفقيه، وقضاء أبي عَرِيْش، وقضاء الزيدية، وقضاء باجِل([16]).

وكون الميناء يعد مركزا لولاية اليمن العثمانية، فضلًا عن اعتباره الميناء الرئيس للولاية بعد أن احتل البريطانيون ميناء عدن، فقد كثّفوا جهودهم فيه، بل إنه عقب السيطرة عليه منعوا دخول السفن الأوربية إلى البحر الأحمر، خشية من تعرض الأماكن المقدسة (مكة والمدينة) إلى أي أخطار أجنبية([17]).

وكان يحكم مدينة الحديدة حاكم يطلق عليه “متصرف” وتتركز أهم أعماله في:

– إدارة العلاقات بين الأهالي والتجار.

– حل مشاكل التجار.

– تبني أفكار التجار والمواطنين واقتراحاتهم.

وكان نظام الولايات هذا قد أقرته الحكومة العثمانية في عهد السلطان العثماني عبد العزيز بن عبد المجيد (1861- 1876) الذي نُقل أصلًا عن النظم الإدارية الفرنسية من حيث تقسيم السلطنة إلى ولايات، والولايات إلى متصرفيات، ومنها إلى قائمقاميات، تتبع كلًّا منها عدد من النواحي([18]).

وقد برزت شخصيات عثمانية فاعلة في تاريخ ميناء الحديدة وكان لها دور مؤثر في مجرى الأحداث في اليمن، حيث أسهموا بتسيير عملية النشاط التجاري رغم كل الاضطرابات والصراعات السياسية المحيطة بالمنطقة، ويشهد لبعض هؤلاء الولاة والمتصرفين تفانيهم وحسن إدارتهم ومحاولاتهم الحثيثة لإصلاح الأمور الإدارية والسياسية في الميناء؛ لإحساسهم بأهميته الاستراتيجية والاقتصادية بالنسبة لليمن كولاية عثمانية.

وكانت أهم الإجراءات التي اتخذها العثمانيون حال دخولهم إلى الساحل عام 1872م / 1266هـ، أن عمدوا إلى تطوير ميناء الحديدة وتوسيعه؛ لإلحاقه بباقي الموانئ اليمنية، وكان هدفهم جعله قاعدة للتحكم في الاستراتيجية الحربية للبحر الأحمر، بل إن ذلك الاهتمام جاء في فترة مبكرة جدًّا بعد أن أعلنت بريطانيا ميناء عدن ميناء حرًّا عام 1954م، وقامت الدولة العثمانية بمضاعفة جهودها في الميناء لتركيز تجارة اليمن البحرية في ميناء الحديدة، وبفضل تلك الإدارة في الميناء في السنوات اللاحقة ازدهر الميناء وتطور تطورًا ملفتًا. وتعطينا مصادر تلك الفترة أرقاما كبيرة لعدد الصادرات والواردات في الميناء مما يوحي بانفتاح كبير على التجارة العالمية، فقد بلغت واردات التجار الهنود والبريطانيين وصادراتهم في مدينة الحديدة وحدها ما يعادل 545,470 جنيها إسترلينيا في السنة الواحدة، وبلغ عدد التجار حينها 200 تاجر([19]).

أما أهم الولاة الذين كانت لهم بصمات واضحة في تاريخ ميناء الحديدة وسعوا بكل مجهوداتهم لتطوير الإدارة وسبل التجارة بالرغم الكثير من المعوقات التي كانت تتمثل في الحكومة العثمانية ذاتها وتصرفات بعض الولاة والمتصرفين سيئي السمعة.

ونذكر منهم الوالي محمد عزت باشا الذي حاول إرساء دعائم الأمن والهدوء والاستقرار، وحاول بذل جهوده الإصلاحية من أجل تآلف العرب اليمنيين والأتراك لينعكس ذلك على تهدئة الأمور في الميناء، وقد سجلت مواقف هذا الوالي وحسن إدارته العديد من البرقيات والشكاوي التي يبعثها التجار في ميناء الحديدة للولي العثماني من سوء تصرف بعض المأمورين الذين كانوا يبتزون التجار بأخذ مبالغ طائلة وحجزهم للبضائع إذا لم يتم الدفع من قبل التاجر، فحاول الوالي التصرف بحنكة، وإرسال رسائل تهديدية لأي مأمور يحاول ابتزاز التجار([20]).

ولم تكون الأوضاع السياسية المضطربة هي وحدها التي شكلت مصدرًا من مصادر ضعف النشاط التجاري والاقتصادي، فقد تعرضت البلاد في تلك الفترة إلى كوارث طبيعية كالزلازل وانقطاع الأمطار وهلاك المزروعات وأغلب المحاصيل النقدية كالبن وغيره([21])؛ إلا إنه بتكاتف جهود بعض الولاة المخلصين استطاع الميناء اجتياز محنة الاضطرابات السياسية والأمنية والكوارث الطبيعية، فعلى سبيل المثال استطاع الوالي إسماعيل حقي باشا ( 1295ه- 1298هـ) / ( 1878- 1881م) تفادي الكثير من المخاطر بحسن أدارته وسياسته لجميع المناطق الواقعة تحت الحكم العثماني، فعلى الصعيد الاقتصادي قام باستجلاب عدد من الأشجار وزراعتها في الأراضي اليمنية الصالحة للزراعة، واستحسانها، ومنها النيل والقطن والخشخاش والياسمين والليمون، بل عمل على استقدام عدد من المهندسين الزراعيين والخبراء بالتلقيح وتكفل بمصروفاتهم كل شهر([22]).

دور اليهود في تجارة ميناء الحديدة:

ومن الجدير ذكره أن اليهود كانوا جزءًا من المكون الاجتماعي في اليمن، وفي ميناء الحديدة كوّنوا ما يعرف بالجالية اليهودية، وكان أغلبهم يعمل في مجال التجارة، وقد قامت الإدارة العثمانية باليمن باجتذاب هذه الفئة؛ بأن اظهروا اهتماما خاصا بهم وحرصوا على إشعارهم بالأمن والطمأنينة واعتبروهم أحد أهم العوامل الاقتصادية الهامة في البلاد، ويذكر أن مَنَاخة – الواقعة غرب صنعاء – فضلا عن ميناء الحديدة كانت تضم مجموعة من أمهر محترفي صناع المعادن والنجارين، وقد سمح لهم الولاة الأتراك العثمانيون بامتلاك الحدائق والأراضي، ولم يسمحوا لهم ببناء المدارس والكنائس، واكتفوا بإقامة بيوت غير مطلية لإقامة شعائرهم([23]). وكان من أهم الولاة الذين تميزوا بالحنكة في التعامل مع المنازعات التجارية بين التجار اليهود وغيرهم من الجاليات، الوالي محمود نديم باشا (1865- 1932م) الذي مكث في اليمن ما يقارب الثلاثين عاما، وعيّن في البدء باش كاتب (رئيس كتّاب) محكمة الحديدة، ثم قائم قائم زبيد في متصرفية الحديدة، ونظرا لخبرة محمود نديم الواسعة بأوضاع اليمن وظروفه فقد أصبح من الشخصيات التي تعتمد عليها الدولة العثمانية في تقديم الرأي بالمنطقة، كما سيتم تناوله لاحقا من حيث إعادة تعيينه في اليمن لأكثر من مرة بمناصب مختلفة.

ولعل من أهم الأسباب التي جعلت ميناء الحديدة يزخر بالحركة التجارية بالرغم من تدهور الوضع السياسي لولاية اليمن العثمانية كما يرى بعض المؤرخين، أن الحديدة كانت في مأمن من هجمات القبائل التي سيطرت على معظم المدن الداخلية، وقد أسهم ظهور القوات التركية المنظمة بكبت الشعور العدائي والتمرد في مدن الساحل التي كانت موالية معنويا للثورة على الأتراك([24]).

فضلًا عن عامل مهم وهو أن هذه المدينة ظلت تسكنها على مدار تاريخها طبقة من التجار والمواطنين الذين استطاعوا عن طريق صلاتهم الحسنة بالعثمانيين أن يكونوا في مأمن من عدوانهم، حيث حصلوا على وجه الخصوص على مركز تجاري ممتاز لدى رجال الحكومة العثمانية في الولاية، وتمكنوا من حق جباية الضرائب في مناطق معينة، كما حصل بعض منهم على امتياز إعفاء من الضرائب([25]). ومن وجهة نظر أخرى يرى أنهم شكّلوا فئة سلبية بعيدة عن الصراع والمقاومة الشعبية([26]) ضد العثمانيين؛ حفاظًا على مصالحهم الخاصة، يضاف إلى ذلك أن معظم سكان الحديدة من أتباع المذهب السنّي، فكان سكوتهم وعدم إثارة تمردات وثورات كما حدث في صنعاء يعبِّر عن تقبلهم ورضاهم عن تواجد العثمانيين من منظور أن مجيئهم كان أيضا لحماية الإسلام السنّي من تمدد حكم الأئمة في المناطق الساحلية؛ انطلاقا من الموروث السياسي، وأحداث القرن السادس عشر في دخولهم المرة الأولى لليمن، وحفاظهم على البحر الأحمر بحيرة إسلامية طيلة أربعة قرون بعد أن كان الغزو الأوربي ممثلًا بالبرتغاليين يهدد سواحل البحر الأحمر الجنوبية بغرض الوصول إلى الأماكن الإسلامية المقدسة.

نشاط التجار الأجانب والقنصلية الفرنسية في الميناء 1882-1919م:

ما إن طل العقد الثامن من القرن التاسع عشر الميلادي حتى كانت مدينة الحديدة مدينة تجارية بامتياز، واقتربت من أن تكون كمدينة عدن ” الكوسموبوليتيتة” أي مليئة بجنسيات مختلفة وأعراق متعددة فمنهم البريطانيون والفرنسيون والإيرانيون والأفارقة العرب واليهود، وكان أغلبهم يعمل في مجال التجارة، غير أن فئة البانيان مثلت أكبر جالية تعمل في المجال التجاري في مدينة الحديدة، فقد بلغ تعدادهم حوالي 1000 شخص([27]).

تأتي بعد البانيان عددا الجالية الفرنسية ثم البريطانية والألمان والإيطاليون والروس والأتراك، وبعض التجار العثمانيين من بلاد الشام([28]).

وبسبب توافد العديد من التجار الفرنسيين إلى ميناء الحديدة وإقامة وكالات تجارية فيها؛ ازدادت أعداد الجالية الفرنسية فرأت القنصلية الفرنسية في عدن فتح وكالة قنصلية مساعدة في ميناء الحديدة، وكانت قنصلية عدن قد أقيمت في العام 1854م منذ وصول القنصل هنري لامبرت Henery Lampart كأول قنصل فرنسي في عدن، ونظرًا لازدهار ميناء الحديدة في أثناء الحكم العثماني الثاني فضلًا عن الأسباب السالفة الذكر، فقد قررت حكومة فرنسا فتح مكتب وكالة قنصلية مساعدة في الحديدة يتبع القنصلية المساعدة في عدن؛ لمتابعة الجالية الفرنسية والرعايا والتجار والمصالح الفرنسية في الميناء، وقد أسهمت الجالية الفرنسية في الحديدة في مختلف نواحي الحياة، فكان منهم التجار الذين أسسوا وكالاتهم التجارية في عدن وبعض البلدان الأفريقية ورغبوا بافتتاح فروع لوكالاتهم التجارية وكان ميناء الحديدة لهم أنسب المواقع لهذه الفروع، كما عمل الفرنسيون تحت الإدارة العثمانية والبريطانية في محطة الحجر الصحي في جزيرة كمران كأطباء وممرضين.

 ومما يؤكد التعامل الإداري الجيد من قبل بعض المتصرفين والمأمورين للتجار ومعاملاتهم، أن بعض من هؤلاء التجار كانوا يثنون على العثمانيين بسبب التسهيلات في المعاملات التجارية، بعكس الموظفين البريطانيين الذين كانوا يعاملون التجار والرعايا الفرنسيين في عدن باستغلالية، ويشددون عليهم في مسائل المعاملات التجارية([29]). ولا يعني ذلك أن العلاقات بين الفرنسيين والعثمانيين ظلت على الوتيرة نفسها، فقد حدثت بعض التجاوزات من بعض المأمورين الأتراك رفع على إثرها العديد من التجار حتى من غير الفرنسيين الذين لم يلقوا الحماية الكافية لتسيير أمورهم التجارية شكوىً، وطلبوا فتح مكتب قنصلية للنظر في أمور الرعايا وحل مشاكلهم([30])، وبدورها رفعت قنصلية عدن طلبهم إلى القنصلية الرئيسة في بيروت.

وقد عُيّن أول مساعد قنصل في الحديدة في يوليو 1880م – 1268هـ إليكسندر لوسيانا المترجم السابق في القنصلية المساعدة في جدة([31]).

وكانت شكاوي التجار هذه قد وصلت عبر الولاة إلى الصدر الأعظم، الذي بدوره أرسل عرضا بخصوص هذه الشكاوي، وأن ميناء الحديدة الذي يعد الميناء الأول والرئيس لولاية اليمن ويستقبل البضائع الواردة إلى الولاية والصادرة منها، ونتيجة لذلك يوجد الكثير من الدعاوى والقضايا التي تتعلق بالمصالح التجارية، ولأن النزاعات التجارية تستغرق وقتا طويلا في المحاكم الابتدائية؛ فقد رأى أنه من الضرورة إنشاء محكمة تجارية في مدينة الحديدة وفق القانون التجاري، واختيار رئيس المحكمة وأعضائها الإداريين والخدم، على أن تُوفَّر مرتباتهم من حاصلات المدينة([32]).

وبالنسبة للقنصلية الفرنسية المزمع إنشاؤها في بداية عام 1880م فقد تأخرت كثيرا بسبب الإجراءات الروتينية التي كانت تأخذ شهورا بل أعوامًا لتنفيذها، فقد كان على مساعد القنصلية في الحديدة أن يعمِّد أوراقه لدى القنصل الفرنسي في بور سعيد؛ وبسبب تلك الإجراءات المطولة ظل مكتب القنصلية المزمع إقامته في ميناء الحديدة مغلقًا، وظلت القنصلية معلّقة حتى عام 1892م /1310هـ أي ما يقارب الـ 12 عاما، وبرغم ذلك ظل التجار يزاولون أنشطتهم التجارية والاقتصادية بكل هدوء، بل إن الميناء استقطب في تلك الفترة العديد من الشركات التجارية لتجار متعددي الجنسية، وكان هؤلاء التجار يستوردون بضائع متنوعة، فكانت الأقطان تأتي من بريطانيا والنفط من أمريكا وروسيا، أما الحديد والصلب فكانوا يجلبونه من ألمانيا، والبطانيات والجوارب والأحذية، فضلً عن بعض السلع الغذائية كالسكر والسلع المصنعة فكانت تأتي عبر المستوردين من الهند([33]).

ونظرا لذلك النشاط الاقتصادي المتميز الذي تمتع به ميناء الحديدة ووصول عدد كبير من السفن العثمانية والأجنبية، وكون موقع الميناء في تلك الفترة غير قابل للتوسع، فقد اقترح مجلس شورى الدولة والمجلس المخصوص إنشاء ميناء جديد جوار مدينة الحديدة في منطقة تسمى الجَبّانة، وتبعد عن الميناء الرئيس مسافة ساعة ونصف، ولأجل ذلك أجريت العديد من الدراسات وأعدت الرسوم اللازمة من قبل المهندسين المختصين تحت إشراف المهندس خانه (مهندس السلطنة) وقُدِّرت التكلفة الأولية للمشروع بمبلغ 850 ألف قرش([34]).

وكان لذلك النشاط التجاري والاقتصادي الكبير في ميناء الحديدة صدىً واسع في كل الولاية وخارجها أيضا، فقد أصدرت القنصلية البريطانية في العام 1892م/1311هـ قرارا مفاده أن الحديدة سوق للصادرات والواردات مع الخارج، وعلى ذلك نشطت بعض الشركات الأمريكية في شراء جلود الأغنام والأبقار لتصديره إلى أمريكا([35]). وكان من أهم الأسباب التي سهلت نمو الحركة التجارية والاقتصادية وازدهارها في الميناء هو قيام العثمانيين حال دخولهم إلى اليمن بإنشاء شبكة طرق ساعدت مساعدة كبيرة في نمو تجارة الميناء وازدهارها، فعندما وصلت القوات العثمانية إلى اليمن، وجدت أن البلاد تفتقر إلى الطرق المعبدة التي تسهل التواصل بين المدن المختلفة، ورأت السلطة العثمانية أنه من الضروري إيجاد طرق معبدة بين المدن الرئيسة لتسهيل تنقل قواتها، وأهم مشروع اهتمت به منذ البدء طريق الحديدة صنعاء؛ باعتباره الشريان الذي يربط عاصمة الولاية بالعالم الخارجي عن طريق صنعاء الحديدة([36]).

وتجدر الإشارة إلى أن التعامل التجاري في ولاية اليمن كان يتم بالريال المحلّي الذي كان يساوي أحد عشر قرشًا، بينما كانت تبلغ قيمة المجيدي (العملة العثمانية) ريالًا ونصفًا، والذهبية العثمانية بثمانية ريالات، وكان هذا الفارق يشكل خسارة كبيرة على خزينة الدولة العثمانية؛ خصوصا عندما يتعلق الأمر بتجارة البن اليمني التجارة الواسعة التي تتعامل معها الدول الأجنبية، فممارسة تجارة البن بسعر الريال المحلي للولاية سبّب خسارة فادحة على خزينة الدولة العثمانية، وكان الحل إزاء ذلك إصدار قوانين بمنع التعامل بالريال المتداول في اليمن، وتداول النقد العثماني، الريال المجيدي، ابتداء من تاريخ السابع من مارس عام 1906م، وضرورة تداول المسكوكات العثمانية كي لا يتعرض الاقتصاد للانهيار، ومنذ ذلك الوقت أُنشئ فرع للبنك العثماني في مدينة الحديدة([37])

كانت تلك السياسة العثمانية كفيلة بإنعاش النشاط التجاري والاقتصادي وعودة التجار الأجانب وممثلي القنصليات الأجنبية بالرغم مما تعاني السلطنة العثمانية في إستانبول في تلك الفترة من اضطرابات وانقلابات خطيرة في عاصمة الدولة العثمانية.

وقد وردت قائمة بأسماء القناصل الممثلين في اليمن عام 1908، ومستوى التمثيل ومقراتهم، وكان أهم ممثلي الدول في الحديدة ممثلو خمس دول وهي إيران، إيطاليا، بريطانيا، فرنسا وبلجيكا، كما يوضح الجدول التالي:

جدول رقم (1) أسماء قناصل الدول، والدول الممثلين للجاليات والتجار في الحديدة

اسم الممثــــــــــــلمستوى التمثيـــــــــــــلالدولـــــــــــة
محمد مهدي بكقنصل شاهبندرإيـــــــــــــــران
فوليهه فردناندو صولاقنصل عامإيطاليـــــــــا
مستر دي جاردسونوكيل قنصلبريطانيـــــــــا
مسيو لاقوزهوكيل قنصلفرنســـــــــا
إسحاق يافاوكيل قنصليةبلجيكـــــــا

المصدر (الحميري: النشاط الفرنسي في الموانئ والجزر اليمنية، ص 145).

وكثيرا ما يشير الكتاب إلى أن ميناء الحديدة كان ينافس ميناء جدة في استقباله للبواخر التجارية، حيث قدِّرت عدد السفن والبواخر المحملة بالبضائع التجارية التي ترسو في ميناء الحديدة في العام 1301هـ / 1901م من كل بلد كالآتي:

جدول رقم (2) عدد السفن التجارية وجنسيتها التي يستقبلها ميناء الحديدة:

الدولـــــــــةعدد الســــــــفن التجارية
بريطانيا96 سفينة
الدولة العثمانية18 سفينة
فرنسا12 سفينة

 المصدر Baldry,John: the french claim to Sayh Said( Yemen ) and its international reper chssions,1868-1939.p 133.

بينما كانت جدة تستقبل 158 سفينة بريطانية و11 سفينة فرنسية و51 سفينة عثمانية وهو مما حدا ببعض الكتّاب إلى القول بأن ميناء الحديدة أصبح ينافس في تلك الفترة ميناء جدة ([38]).

دور بعض الولاة العثمانيين في ازدهار النشاط التجاري في ميناء الحديدة:

وكان لبعض الولاة دور جدي وحقيقي في إرساء قواعد الاستقرار والأمن في ميناء الحديدة لتسيير العملية التجارية والنشاط الاقتصادي، منهم حسن تحسين باشا وحسين حلمي باشا وغيرهم، انتهاء بآخر والٍ عثماني وهو محمود نديم باشا، ويؤيد بعض المؤرخين الفكرة القائلة بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فقد كان محمود نديم باشا آخر والٍ عثماني على اليمن من أهم الموظفين الإداريين الذين تسلموا منصب رئيس المحكمة التجارية في العام 1886م، وعاد لعمله هذا في الثالث من أبريل عام 1888م، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على حنكة الرجل وقدرته الإدارية في نشر الهدوء والاستقرار في مكان عمله، وقد تنقل في أكثر من بلد، بمناصب مختلفة، ولكنه كان في كل مرة يعود لليمن بمنصب مختلف، وقد ارتبط باليمن مدة ثلاثين عاما، ونتيجة للمدة الكبيرة التي قضاها في اليمن استطاع تكوين رؤية واضحة لحل المشاكل عبر تمكنه من الإحاطة بالمشاكل والأخطاء الإدارية التي كانت ترتكب في حق أهل اليمن من قِبل بعض الموظفين العثمانيين([39]).

أهم المشاريع العثمانية في ميناء الحديدة حتى عام 1919م

نال ميناء الحديدة اهتمامًا خاصًّا من الإدارة العثمانية لكونه يمثّل ميناء ولاية اليمن العثمانية، فقامت الحكومة العثمانية بمحاولات إصلاحية عديدة ردًّا على حالة السخط والتذمر التي كانت منتشرة في الولايات العربية جراء تصرف بعض الولاة الأتراك. وتمثلت بعض تلك الإصلاحات بإقامة العديد من المشاريع الخدمية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الآتي:

– منحت شركات أوربية تسهيلات عدة لإقامة عدة مشاريع، ومن أهم هذه الشركات الشركة الفرنسية التي منحتها امتيازًا وتسهيلًا لإقامة ثلاجة تبريد وجهاز تقطير مع إضاءة كهربائية حديثة، ويتم العمل مع مهندس فرنسي([40]).

– منحت شركة فرنسية حق امتياز مشروع السكة الحديدية، وأطلق عليها اسم “شركة الحديدة – صنعاء العثمانية والخط الحديدي الفرعي” وأبرمت الاتفاقية مع وزارة المواصلات العثمانية في 19 شعبان 1327هـ/ 1909م، والتزمت بموجبها بإنشاء خط سكة حديدية من الحديدة إلى صنعاء، وفرعين متفرعين عنه، كما التزمت الشركة العثمانية بإنشاء التأسيسات اللازمة والضرورية لإرساء السفن إلى ميناء الجبانة وإنزال السلع التجارية والآلات وكل مستلزمات المشروع([41]).

وبغض النظر عن التفاصيل الكثيرة لهذا المشروع العظيم الذي وئد في بدايته، فإن خبرًا مثل هذا كان من شأنه أن يعمل على رفع معنويات التجار وأصحاب الشركات والوكالات التجارية، حيث كان التجار يرون أن مشروعًا كهذا سيسهل حركة التجار ونقل البضائع ورواجها داخليا وخارجيا بوقت أقصر وسرعة أكبر([42]).

 ورأت الحكومة العثمانية ممثلة بالوالي حسين حلمي باشا والي اليمن آنذاك (1316–1319)هـ/ (1898 – 1908م) أن هناك فوائد عديدة لهذا المشروع؛ وذلك في رسالة أرسلها إلى الديوان السلطاني يوضح فيه أهمية إنشاء هذا المشروع([43])، كما أرسل السفير العثماني في بروكسل وباريس تقريرا عن أهمية إنشاء مثل هذا المشروع وإسهامه في الأمن والاستقرار، وعليه وجب توفير الأموال اللازمة للبدء في المشروع، وكان من أهمها تسهيل النقل التجاري، وازدهار التجارة السريع، علاوة على تأمين التحركات العسكرية البرية([44]).

وفي هذا الصدد يذكر الواسعي الذي عاصر تلك الفترة قائلا: “إن الفرنسيين قد توفقوا وحصلوا على امتياز في عهد الدولة العثمانية لبناء مرفأ؛ لأنه موقع طبيعي واسع يصلح لبناء مرفأ أمين للبواخر التجارية الكبيرة، كما قام الفرنسيون بتوسعته بالآلات اللازمة، ومدوا بجانبه خطًّا حديديًا ضيّقا وأوصلوه إلى الطنمية (قرية صغيرة بالقرب من باجل)، وسار القطار على هذا الخط مدة وجيزة”([45]).

المشاريع العثمانية الخدمية في ميناء الحديدة:

قامت الحكومة العثمانية بافتتاح عدد من المشاريع الخدمية في مدينة الحديدة نذكر منها على سيل المثال لا الحصر:

– بناء مدرسة رشدية ومكتب للصبية في الحديدة في العام 1867م([46]).

– توفير المياه العذبة لأهالي ميناء الحديدة وسكانه في العام 1873م([47]).

– بداية استغلال منجم الملح في شبه جزيرة الصليف عام 1297- 1880م.

– بناء محجر صحي في ميناء الحديدة في العام 1881م([48]).

– إنشاء مخازن في ساحل مدينة الحديدة لتخزين الفحم في العام 1883م([49]).

– بداية عملية تصدير الملح في اليمن في العام 1888م([50]).

– إنشاء ميناء جديد بالقرب من مدينة الحديدة في العام 1889م([51]).

– تكريم رئيس بلدية الحديدة في العام 1891م([52]).

– إنشاء مصنع للثلج في مدينة الحديدة 23 مارس 1906م([53]).

– مساعدة الأهالي في مدينة الحديدة جراء الكوارث التي مروا بها في العام 1915م([54]).

وهناك الكثير من المشاريع العثمانية التي قد لا يناسب سردها هنا؛ لتركيز هذا البحث على الجانب التجاري، غير أن بعض تلك المشاريع لم تعمر طويلا لأسباب عديدة؛ أهمها الحرب الإيطالية التركية التي نال ميناء الحديدة من قصف طيرانها بل مدينة باجل وقراها والعديد من قرى تهامة، والتي أنهت بدورها بعض المشاريع العملاقة التي كان مؤمَّلًا إنجازها كمشروع السكة الحديدية، كما تأثرت الحركة التجارية تأثرًا مباشرًا ضعفت على إثره التجارة الداخلية مؤقتًا؛ للقصف المتوالي على ميناء الحديدة([55]).

وقد علل موريس رياس القنصل الفرنسي في الحديدة آنذاك أن ما يقوم به الإيطاليون من حرب تدميرية على اليمن لا يكشف سوى نواياهم الحقيقية لمحاولة إضعاف القوة التركية (العثمانية) في البلاد العربية محاولة منهم لنزع السيطرة العثمانية عن مكة والبلاد الإسلامية المقدسة ومحاولة للقضاء عليها كونها تحظى بقدسية في قلوب المسلمين وفكرهم باعتبارها تمثل الزعامة الدينية والروحية لكافة المسلمين([56]).

وقد توالت الضربات على ميناء الحديدة بعد ذلك التاريخ، وفضلًا عن مؤثرات الحرب الإيطالية التركية عام 1911م، كانت الاضطرابات الداخلية ومحاولة الأئمة الزيدية فرض سيطرتهم على مناطق تهامة بعد توقيع صلح دَعّان إلى حدوث نوع من عدم الاستقرار في أغلب مناطق تهامة، وتلا ذلك قيام الحرب العالمية الأولى، وما سببته من آثار سيئة على جميع المستويات اقتصادية واجتماعية وسياسية ونفسية حتى نهايتها عام 1918م، ورغم ذلك ظل الميناء يقوم بدوره في ظل الإدارة العثمانية التي كانت تحاول الحفاظ على ما تبقى لها في ولاية اليمن، وبالنسبة للتجار الأجانب فقد ظلوا على حالهم رغم انتكاسة أغلب البيوت التجارية الفرنسية، أمثال دار تيان ودار ريس، وتعد أسرة ريس من أهم الأسر التجارية التي اعتلت منصب الوكالة القنصلية منذ عام 1900م حتى عام 1918م([57]) بعدما أنهت الحرب العالمية على أنشطة القنصليات في اليمن.

ورغمًا عما سببته الحروب من دمار وآثار سيئة على الحركة التجارية في الميناء إلا أن هذه الحرب كانت من جهة أخرى إحدى العوامل المسببة لانتعاش نوع آخر من التجارة في ميناء الحديدة، حيث زاد الطلب على البضائع المتعلقة بمؤنة الحرب والأسلحة وكل ما له صلة بالحرب بصورة شرعية وغير شرعية([58])، والجدول التالي يوضح صادرات اليمن ووارداتها التجارية في ميناء الحديدة خلال الأعوام (1911–1919م)([59]) والوضع السياسي العام للميناء:

جدول رقم (3) صادرات ميناء الحديدة ووارداته بالجنيه الإسترليني (1911-1919م).

السنةتصدير، محاصيل نقدية (بن، قطن، تبغ، وغيره)استيراد مواد غذائية، أقمشةملاحظـــــــــات
1911
1912
1913
191,923
132,398
199,509
219,299 100,199 341,163تعرضت الحديدة للحصار البحري من قبل الأسطول الإيطالي، خلال الحرب الطرابلسية، حيث قصفت اللحية من البحر
1914
1915
1916 1917 1918
85,509
550


443
200,527



1,875
تعرض ميناء الحديدة للحصار البحري من قبل الأسطول البريطاني، بعد أن أعلنت الدولة العثمانية الحرب ضد الحلفاء
1919   إجمالي79,170  
649,502
195,044   1058,107قصفت الحديدة من قبل الأسطول البريطاني، وتلاها قوات الحلفاء لمدة عامين

 كما أن الحرب، والوضع السياسي المتدهور لم يمنع الحكومة العثمانية في ميناء الحديدة من إقامة بعض المشاريع الخدمية المشتركة مع الفرنسيين، ومنها مدرسة الألسن واللغات التي أعلن عن افتتاحها في عام 1915م، وكانت تضم قسمين للبنين والبنات عربية فرنسية وعثمانية([60])، وقد أسهم الإعلان الذي أعلنته الدولة العثمانية لكل رعاياها الأجانب، من التجار والسياسيين المتواجدين في أراضيها والقناصل ووكلاء القناصل، بأنها ما زالت تقدم كل التسهيلات والخدمات لهم ولكل الرعايا، فأسهم هذا في بقاء النشاط التجاري ونشاط القنصليات الأجنبية ومشاريعها في ولاية اليمن حتى أواخر العام 1919م([61]).

وهو ما أكده المتصرف يوسف حسن بك متصرف الصليف في مذكراته للعام 1919م، واصفا أسواق الميناء وسوق باجل في أحد أيام تشرين الثاني بازدهار الحركة التجارية فيها، وكثرة البضائع التجارية بوجود العديد من التجار وتنوع البضائع المعروضة من البهار والحيوانات وغيرها، مشيرا إلى دور المرأة أيضا في التجارة ووجودها بشكل لافت للانتباه([62]).

ولعل أكثر من يصف حال الميناء فترة الوجود العثماني الثاني لليمن هم التجار الأجانب الذين عاصروا الفترتين: فترة الوجود العثماني وفترة ما بعد خروجهم، فقد جاءت كلمات التاجر الفرنسي الشهير أنتوني بس في مذكراته في رسالة أرسلها في وقت لاحق 19 مارس 1931م إلى المقيم البريطاني في عدن ونستشف من سطورها عبارات التذمر من الحكومة الإمامية، وكيف عملت على عرقلة النشاط الاقتصادي في الميناء قائلًا: “أما الحديث عن أوضاع الميناء فيعد ضربًا من الخيال، إذا ما قلت إن المباني والمنشآت التي شيدها الأتراك، قد تحولت إلى أطلال، وأصبحت المدينة مستعمرة يقطنها فقراء الصيادين، بعد أن كانت حافلة بالنشاط التجاري. والشيء المذهل هو أنني عندما سألت الأهالي عن أسباب الخراب الذي لحق بمدينتهم، كانت إجاباتهم لا تخلو من السخرية: وهل هناك أفضل من ذلك، اسألوا حضرة مولانا الإمام”([63]). وهذه العبارات تختصر كل ما قيل أو يقال في النشاط التجاري في ميناء الحديدة خلال الحكم العثماني الثاني.

الخاتمة:

 ومما سبق توصلنا لعدة أسباب أسهمت في نمو النشاط التجاري والاقتصادي وازدهاره في الميناء تمثلت بالآتي:

  1. مثّل ميناء الحديدة الميناء الرسمي لولاية اليمن العثمانية منذ دخول العثمانيين إلى اليمن في الفترة الثانية 1842-1919م، وبناء على ذلك فقد كرس الولاة العثمانيون جهودهم في هذا الميناء وعملوا على تطويره إداريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا.
  2. أسهم موقعه هذا في بقائه في مأمن من هجمات القبائل الموالية للإمام التي سيطرت على معظم المدن والمواقع الداخلية.
  3. يغلب على سكان الشريط الساحلي لتهامة ومنهم أهالي الحديدة، المذهب السني، الذي يتوافق إلى حد كبير مع مذهب العثمانيين، وقد ترسخت فكرة حفاظ العثمانيين على الإسلام السني من تمدد حكم الأئمة الزيدية، في المناطق الساحلية والحفاظ على سواحل البحر الأحمر والأماكن الإسلامية المقدسة من أي تهديد، منذ الحملة العثمانية الأولى على اليمن عام 1535م؛ لذا فقد تقبل الأهالي وجود العثمانيين بينهم ورحبوا بهم، ولا ينفي ذلك وجود تمردات وثورات من بعض القبائل التهامية كالزرانيق جراء تعسف بعض الولاة.
  4. من ضمن العوامل أيضًا، أن هذه المدينة كان يسكنها طبقة من التجار والمواطنين الذين استطاعوا عن طريق صلاتهم الحسنة بالعثمانيين أن يكونوا في مأمن من عدوانهم، حيث حصلت طبقة التجار في الحديدة ومدن الساحل على مركز تجاري ممتاز لدى رجال الحكومة العثمانية في الولاية، وتمكنوا من حق جباية الضرائب في مناطق معينة، بل تمتعوا بامتياز إعفاء بضائعهم من الضرائب، وكانت هذه الفئة تخشى على مصالحها التجارية، ففضلت البقاء بعيدة عن الصراع.
  5. نظرا للقوانين الإدارية العثمانية التي منحت التجار الأجانب العديد من الامتيازات، صار هذا الميناء سوقًا للمنتجات العالمية، وشهد الميناء توافد العديد من التجار من جنسيات مختلفة رغبة في إقامة المشاريع التجارية في هذا الموقع المرغوب، وكانت من ضمن تلك الجنسيات الفرنسية، والإنجليزية والهندية والعربية واليونانية وتجار يهود وبانيان، ولما كبرت ونمت الجالية الفرنسية بازدياد أعداد الأشخاص القاطنين في ميناء الحديدة، اضطرت الحكومة الفرنسية إلى فتح وكالة قنصلية في الحديدة لرعاية مصالح الرعايا الفرنسيين والتجار الأجانب، فضلًا عن مرونة التعامل الإداري للعثمانيين في ميناء الحديدة بعكس البريطانيين في عدن ومضايقتهم للتجار الفرنسيين.


([1]) أستاذ مساعد قسم التاريخ، شعبة التاريخ الحديث والمعاصر، كلية التربية والعلوم التطبيقية والإنسانية – خَوْلان – جامعة صنعاء.

([2]) العروسي، محمد علي: الموسوعة اليمنية، إشراف أحمد جابر عفيف، مؤسسة العفيف الثقافية، ط2، 2 / 1047، 2003م.

([3]) يقع ميناء الصَّلِيْف أو شبه جزيرة الصليف على شاطئ البحر الأحمر، وتبعد عن مدينة الحديدة 70كم وتقابل جزيرة كمران على بعد 70كم إلى الغرب، وبها مناجم الملح (الموسوعة اليمنية، 3/1867).

([4]) كمران: جزيرة من أهم الجزر اليمنية وأكبرها، تبعد عن الساحل الشرقي للبحر الأحمر بمسافة 2.5 كم شمال رأس عيسى (عيدروس بلفقيه: جغرافية الجمهورية اليمنية 1997م، ص308).

([5]) الخطابي، أروى أحمد: تجارة البن اليمني (ق11هـ -13هـ / ق17م – 19م، ط1، المتحدة للطباعة، صنعاء، ص64.

([6]) يقع سوق الحدية في قرية الحدية التي توجد في جنوب غرب كسمة في جبل ريمة (المقحفي، معجم البلدان، 1/438).

([7]) يقع ميناء بيت الفقيه جنوب شرق الحديدة، وتنسب باسمها إلى الفقيه الشهير أحمد بن موسى بن علي بن عُجَيْل، المتوفي (690هـ/ 1291م) إبراهيم المقحفي، معجم البلدان والقبائل اليمنية، ج 2، دار الكلمة، صنعاء، ص 1221.

([8]) الحميري، أمل عبد المعز: موقف بريطانيا من جزيرتي سقطرى وكمران، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب جامعة صنعاء، قسم التاريخ 2006م، ص 154.

([9]) جون بولدري،، أهم الأحداث في تاريخ مدينة الحديدة / ترجمة محمد عزي صالح، مؤسسة العفيف الثقافية ص 106.

([10]) الخطابي، تجارة البن، ص65.

([11]) بولدري: أهم الأحداث في تاريخ مدينة الحديدة، ص40.

([12]) الجرافي: المقتطف من تاريخ اليمن، 1307- 1316هـ / 1889- 1900م، دار الفكر المعاصر، بيروت ودمشق، ط1، 1992م، ص 205.

([13]) أباظة، فاروق عثمان: الحكم العثماني في اليمن 1872 – 1918م، الهيئة العامة للكتاب، 1986م، ص 71.

([14]) نفسه.

([15]) نفسه.

([16]) الشامي، فؤاد عبد الوهاب، علاقة العثمانيين بالإمام يحيى في ولاية اليمن 1322-1337هـ/ 1904- 1918م، مركز الرائد للدراسات والبحوث 2014م، ص

([17]) سيد سالم: البحر الأحمر والجزر اليمنية تاريخ وقضية، دار الميثاق للنشر والتوزيع، صنعاء 2006م، ص 140.

([18]) أباظة: الحكم العثماني الثاني، ص 107.

([19]) جون بولدري: الإدارة البريطانية العسكرية في الحديدة، ص 59 – 57

([20]) CEFAS-HO-004-001-0012

([21]) الواسعي، عبد الواسع بن يحيى: تاريخ اليمن، مكتبة الإرشاد، صنعاء 2010م، ص 266.

([22]) CEFAS-HO-006-008-003

([23]) أباظة: الحكم العثماني الثاني، ص 68.

([24]) أباظة: الحكم العثماني الثاني، ص 141.

([25]) نفسه ص 142.

([26]) نفسه.

([27]) البانيان، تجار هنود انتشروا في جميع المناطق اليمنية، وعملوا في معظم الأنشطة الاقتصادية والتجارية اليمنية (الخطابي: تجارة البن اليمني، ص77) وتتضارب المراجع في تقدير أعداد البانيان في مدينة الحديدة؛ نظرا لعدم وجود إحصائية دقيقة لهم وللجاليات الأوربية بشكل عام، والأرجح أن تكون ما بين 300 – 500 في مدينة الحديدة وحدها.

([28]) Patris: AL-Hudayyda sous Occupation Ottomane 1849-1918, Avril 2008, p. 3

([29]) الحميري: النشاط الفرنسي في الموانئ والجزر اليمنية، أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية الآداب، قسم التاريخ، جامعة صنعاء، 2013م، ص 135.

([30]) Patris: AL-Hudayyda sous Occupation Ottomane 1849-1918, Avril 2008, p. 3

([31]) كراس: وثائق أرشيف القنصليات الفرنسية، ص58.

([32]) الأرشيف العثماني: اليمن في العهد العثماني، istanbul 2008 , p 42

([33]) Patris: Ipid , p 20

([34]) الأرشيف العثماني، اليمن في العهد العثماني، ص185.

([35]) EFAS- HO- 006-008-003

([36]) الشامي: علاقة العثمانيين بالإمام يحيى في ولاية اليمن، ص37.

([37]) الأرشيف العثماني: اليمن في العهد العثماني، ص71.

([38]) Baldry,John: the french claim to Sayh Said( Yemen ) and its international reper chssions,1868-1939 in Zeitschrift der deatshen morgen land ishen gesellschaft,Vo1,133, 1 wiesbaden,1938,pp. 93-133.

([39]) الشامي: محمود نديم بك آخر والي عثماني في ولاية اليمن، مجلة الثوابت، العدد 76، أبريل – يونيو 2014م، ص39-42.

([40]) Patris Chevalier: imperialisms en mer rouge 1911 – 1914, v.2 , p. 22

([41]) وثيقة عثمانية، رقم 33/2، م 7، المركز الوطني للوثائق، صنعاء.

([42]) الشامي: الإدارة العثمانية في اليمن، ص 106.

([43]) B. I. O. YPRK. VM. NU 47 153

([44]) Y. MTV. NO. 295/56

([45]) الواسعي، عبد الواسع بن يحيى: تاريخ اليمن، مكتبة الإرشاد، صنعاء 2010م، ص 70.

([46]) الأرشيف العثماني: اليمن في العهد العثماني، ترجمة، ص 98.

([47]) نفسه ص 174.

([48]) نفسه، ص 156.

([49]) نفسه، ص 44.

([50]) نفسه، ص 48.

([51]) نفسه ص 184.

([52]) نفسه، ص 160.

([53]) نفسه، ص 230.

([54]) نفسه، ص 78.

([55]) Lukian Prija; Maurice Ries et ses fils.des commereants et diplomates frar cais en mer roouge, p 18

 ([56])Ipid

([57]) الحميري: النشاط الفرنسي في الموانئ والجزر اليمنية، ص108.

([58]) David Footman: Antonin Besse of aden , p. 16

([59]) المسعودي: عبد العزيز قايد، معالم تاريخ اليمن المعاصر (القوى الاجتماعية لحركة المعارضة اليمنية 1905- 1948م)، ط1، مكتبة السنحاني، صنعاء، 1992م، ص 38.

([60]) Chevalier: Imperialisms en mer rouge, p.19

([61]) EFAS-HO-018-002-0092

([62]) عاصم يوسف حسن: مذكرات المتصرف يوسف حسن بك 1919م، مذكرات مخطوطة غير منشورة، محفوظة بالمركز الوطني للوثائق، ص 109.

([63]) المسعودي: معالم تاريخ اليمن المعاصر، ص 45، 46.


الملاحق

قائمة المصادر والمراجع

أولًا- مخطوطات غير منشورة:

  1. عاصم يوسف حسن: مذكرات المتصرف يوسف حسن بك 1919م، مذكرات مخطوطة غير منشورة، محفوظة بالمركز الوطني للوثائق، صنعاء.

ثانيًا- الوثائق المنشورة:

– الأرشيف العثماني: اليمن في العهد العثماني، إستانبول 2008م.

ثالثًا- المراجع العربية:

  1. أباظة، فاروق عثمان: الحكم العثماني في اليمن 1872 – 1918م، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة1986م.
  2. بولدري، جون، أهم الأحداث في تاريخ مدينة الحديدة، ترجمة محمد عزي صالح، مؤسسة العفيف الثقافية، اليمن.
  3. الجرافي، عبد الله عبد الكريم: المقتطف من تاريخ اليمن، 1307- 1316هـ / 1889- 1900م، دار الفكر المعاصر، بيروت ودمشق، ط1، 1992م.
  4. الخطابي، أروى أحمد: تجارة البن اليمني (ق11هـ -13هـ / ق17م – 19م، ط1، المتحدة للطباعة، صنعاء.
  5. سالم، سيد مصطفى: البحر الأحمر والجزر اليمنية تاريخ وقضية، دار الميثاق للنشر والتوزيع، صنعاء 2006م.
  6. الشامي، فؤاد عبد الوهاب، علاقة العثمانيين بالإمام يحيى في ولاية اليمن 1322-1337هـ/ 1904- 1918م، مركز الرائد للدراسات والبحوث 2014م، اليمن.
  7. كراس، آن سوفي: حصر وثائق أرشيف القنصليات الفرنسية في اليمن، المركز الوطني للوثائق، المعهد الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية، صنعاء 2007م.
  8. المسعودي: عبد العزيز قايد، معالم تاريخ اليمن المعاصر (القوى الاجتماعية لحركة المعارضة اليمنية 1905- 1948م)، ط1، مكتبة السنحاني، صنعاء، 1992م.
  9. الواسعي، عبد الواسع بن يحيى: تاريخ اليمن، مكتبة الإرشاد، صنعاء 2010م.

رسائل الماجستير والدكتوراه:

الحميري، أمل عبد المعز:

  1. موقف بريطانيا من جزيرتي سقطرى وكمران، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب جامعة صنعاء، قسم التاريخ 2006م.
  2. النشاط الفرنسي في الموانئ والجزر اليمنية، أطروحة دكتوراه غير منشوره، كلية الآداب، قسم التاريخ، جامعة صنعاء، 2013م.

الموسوعات والمعاجم:

  1.  العروسي، محمد علي: الموسوعة اليمنية، إشراف أحمد جابر عفيف، مؤسسة العفيف الثقافية، ط2، الجزء 2، 2003م.
  2.  المقحفي، إبراهيم: معجم البلدان والقبائل اليمنية، ج 2، دار الكلمة، صنعاء.

الدوريات:

  1. الشامي، فؤاد عبد الوهاب: محمود نديم بك آخر والي عثماني في ولاية اليمن، مجلة الثوابت، العدد 76 أبريل – يونيو 2014م، 39-42، اليمن.
المراجع الأجنبية:

ثانيًا- الوثائق الغير منشورة:

أ- الوثائق الأجنبية:

CEFAS-HO-004-001-0012

CEFAS-HO-006-008-003

B. I. O. YPRK. VM. NU 47 153

Y. MTV. NO. 295/56

EFAS-HO-018-002-0092

ب- الكتب

Baldry,John

the french claim to Sayh Said( Yemen ) and its international reper chssions,1868-1939 in Zeitschrift der deatshen morgen land ishen gesellschaft,Vo1,133, 1 wiesbaden,1938,pp. 93-133

Chevalier,patrice:

AL-Hudayyda sous Occupation Ottomane 1849-1918, Avril 2008 imperialisms en mer rouge 1911 – 1914, v.2

Footman, David:

Antonin Bess of Aden, collage oxford, London, 1986.

Lukian Prija;

Maurice Ries et ses fils.des commereants et diplomates frar cais en mer rouge,center franc

d Archeologie et de sciences socials de