ميناء قنا: نشأته ومراحل انتعاشه وركوده .. رؤية مستقبلية في استعادة دوره الملاحي والتجاري في جنوب الجزيرة العربية
أ. م. د. محمد أحمد السدلة الخليفي
أ. م. د. محمد أحمد السدلة الخليفي([1])
ملخص البحث:
نتناول في هذا البحث موقع ميناء قنا وأهميته ونشأته ومراحل تطوره عبر التاريخ،ثم نتناول مرحلة إنشاء الميناء الحديث مع تقديم رؤية مستقبلية لاستعادة دوره الملاحي في تاريخنا الحديث والمعاصر، واحتمال استعادته لمكانته التجارية القديمة، وهذا الميناء يقام على أحد المرافئ القديمة لميناء قنا (مرفأ المجدحة) التاريخي العريق،فهل سيستعيد ميناء قنا مكانته التجارية العالمية القديمة من خلال استغلال الموقع الوسطي الاستراتيجي المهم لهذا الميناء الذي يتوسط المحافظات الجنوبية: شرقا المهرة وحضرموت وغربا أبين وعدن وجنوبا سقطرى؟ وهل سيعاد التاريخ ويستعيد ميناء قنا نشاطه بعد أكثر من ألفي عام؟ ويستند هذا البحث على نتائج الدراسات السابقة التي تناولت ميناء قنا، سواء البعثات الأثرية أو الرسائل والأبحاث العلمية أو التقارير الحكومية، كما سنقوم باستعراض دور السلطة المحلية في محافظة شبوة في إعادة تشغيل هذا الميناء التاريخي العالمي، والعمل على إقامة مدينة سياحية على ساحل البحر العربي بالقرب منه،ويتألف البحث من مقدمة والموقع والأهمية والنشأة ومراحل تطور الميناء من القرن الأول الميلادي حتى القرن السادس الميلادي مع تقديم رؤية مستقبلية للدور الذي سيلعبه هذا الميناء داخليا وخارجيا، ثم خاتمة البحث وقائمة المصادر والمراجع والملاحق.
Abstract
In this research, we will address the stages of the development of the old port throughout history, the construction stage of the new port and what role it is likely to play in our contemporary history, and the possibility of restoring its commercial position, which is built on one of the old harbors of the ancient historical port (Harbor of Al-Majdaha), and will Qena port restore its old global commercial position by exploiting the strategic central location of this port, which mediates the southern governorates: to the east of Mahra and Hadramout, to the west of Abyan and Aden, and to the south of Socotra. Will we be facing a re-history and will we witness the port of Qena reactivating after more than two thousand years, based on the results of previous studies that dealt with the port of Qena, whether archaeological missions, letters, scientific research, or government reports, and we will review the role of the local authority in Shabwa governorate in re-operating This world-historic port and work to establish a tourist city on the coast of the Arabian Sea near it. The research consists of a historical preface, then a review of the development stages of the port from the first century AD until today, then the conclusion of the research and a summary in English and a list of sources, references and appendices.
أهمية البحث:
تكمن أهمية هذا البحث(ميناء قنا: نشأته ومراحل انتعاشه وركوده، رؤية مستقبلية في استعادة دورة الملاحي والتجاري في جنوب الجزيرة العربية) في كونه سيناقش الدور الكبير الذي لعبه هذا الميناء في ازدهار حركة التجارة الداخلية والخارجية وتنشيطها لمملكة حضرموت قديما،والعالم القديم شرقا وغربا،إذ شكّل عصب الحياة للممالك العربية الجنوبية،وسنستعرض الموقع والأهمية لميناء قنا ونشأته ومراحل تطوره ودوره المستقبلي في تنشيط حركة التجارة الداخلية والخارجية بين المحافظات الشرقية والمحافظات الغربية والمحافظات الشمالية والشمالية الغربية القريبة من محافظة شبوة مثل البيضاء ومأرب والجوف، ومع الموانئ الخارجية في الخليج العربي وشرق أسيا وموانئ سواحل البحر الأحمر وإفريقيا،في ضوء ما يمتلكه هذا الميناء من موقعا استراتيجي مهم،فضلًا عما تمتاز به محافظة شبوة من موقع وسطي؛ حيث تتوسط المحافظات الغربية مثل عدن وأبين والمحافظات الشرقية مثل حضرموت والمهرة وكذلك الشمالية الغربية مثل الجوف ومأرب والبيضاء.
المقدمة:
حظي ميناء قنا بموقع استراتيجي مهم، وبمواصفات طبيعية فريدة؛لوقوعه بالقرب من جبل حصن الغراب،ذلك الجبل الذي بنيت على قمته قلعة عرماوية،وأسهم في تأمين الميناء وحمايته من قراصنة البحر والطامعين فيه،وهو الأمر الذي جعل الملاحة فيه آمنة ومستقرة، كما أسهم وجود خليج المجدحة الذي يقع إلى الشرق منه في جعل الملاحة فيه مستمرة طوال العام، وهو ما جعل الميناء من أشهر الموانئ في اليمن القديم،وقد كان ميناء قناأحد أهم الموانئ في الجزيرة العربية والعالم القديم،وكان يعد ميناء اللبان الأول في الجزيرة العربية، في تجارة الترانزيت لفترة طويلة من الزمن، وكان له دور كبير في التجارة المحلية والعالمية،ويعد ميناء قنا الميناء الرئيس لمملكة حضرموت قديما حتى نهاية هذه الدولة في بداية القرن الثالث الميلادي على أيدي الحميريين.
إن تاريخ ميناء قنا الطويل وشهرته العالمية الواسعة التي حظي بها قد ارتبطا ارتباطا وثيقا بما كان يصدِّره من سلع ومنتجات يمنية كانت مطلوبة للخارج، لعل أبرزها اللبان والمر، فضلا عن كونه أحد المحطات الرئيسة في طرق التجارة بين موانئ البحر الأحمر وشرق إفريقيا والهند؛ مما زاد نشاطه في الاستيراد والتصدير للبضائع التي تأتي من مناطق مختلفة من العالم القديم.
ميناء قنا الموقع والأهمية:
يقع ميناء قنا على الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة العربية، على ساحل البحر العربي (المحيط الهندي) بمحافظة شَبْوة –الجمهورية اليمنية، وعلى بعد 400 كم إلى الشرق من عدن و106 كم إلى الغرب من المُكَلّا([2])،وهو ميناء مملكة حضرموت الرئيس، ومنفذها الأول على البحر العربي، وتقع خرائب الميناء في أسفل جبل حصن الغُراب على مسافة ثلاثة كيلو متر جنوب غرب قرية بئر علي الحالية والى الشرق من بالحاف[3]. ويمتد ميناء قنا على خط طول 48,20 شرقا، وعلى خط عرض 14,1 شمالا [4]، ويقوم الموقع الذي عثر فيه على أطلال ميناء قنا على لسان ممتدة من الساحل إلى البحر في اتجاه غربي شرقي، ويحتضن خليجين صغيرين، وينتهي برأس جبلي مستدير الشكل، شديد الانحدار يسمى حصن الغُراب [5]،وعلى قمة حصن الغراب شيدت قلعة عرماوية التي مازالت آثارها وبقاياها تنتشر في قمة الجبل حتى اليوم[6]، وهي بقايا أبراج البوابة وجدران القلعة وسورها والمنار البحري لهدي السفن والمعبد وأربعة خزانات مآجل لتجميع مياه الإمطار على قمة الجبل، والى الشمال من جبل حصن الغراب تربض بقايا مدينة قنا التجارية على مساحة كبيرة من شاطئ البحر[7].
وتكمن أهمية ميناء قنا في أنه قد أسهم في الحياة الاقتصادية لسكان العربية الجنوبية، وتعاظم دوره كميناء التجاري بين شعوب العالم القديم، وتأتي أهميته أيضًا في أنه كان يشكِّل همزة وصل في حركة التجارة العالمية بين الهند وشرق آسيا وشرق إفريقيا من جهة، ودول حوض البحر الأبيض المتوسط من جهة أخرى[8]، فضلا عن كون اليمن في الوقت ذاته بفضل خصوصياتها التضاريسية كانت مصدرا لأنواع من السلع التجارية في مقدمتها اللُّبان والمُر والصَّبِر التي كان الإقبال والطلب عليها كبيرا وضروريا في أسواق العالم القديم، وقد تميز الميناء بموقع استراتيجي مهم، تميز بوجود تحصينات طبيعية تحيط به من جميع الجهات، تحمي السفن الراسية من الرياح والعواصف، وكذلك وجود جبل حصن الغراب على المدخل الجنوبي الغربي للخليج الذي يقع فيه الميناء،والذي تعلوه قلعة تقف حارسة للميناء من قراصنة البحر.
قَنَا في المصادر القديمة:
ورد ذكر ميناء قنا في عدد من المصادر التاريخية، منها المصادر الدينية والنقشية، والمصادر الكلاسيكية، وسنتناول ما ذكرته تلك المصادر بالتفصيل:
أولا- المصادر الدينية:
ورد أقدم ذكر لميناء(قنا) في التوراة سفر حزقيال (27) باسم(كنه حران كنه وعدن تجار شبا وأشور وكلمد تجارك)[9]…ويعود ذلك السفر إلى القرن السادس قبل الميلاد، وجاء ذكره كسوق اقترن اسمه بتجارة الطيب والحجر الكريم حيث جاء في سفر حزقيال (تجارة شبا ورعمة هم تجارك، بأفخر كل أنواع الطيب وبكل حجر كريم والذهب أقاموا أسواقك، حران وكنة وعدن تجار شبا وأشور وكلمند تجارك[10].
كما ورد ذكر الميناء في عدد من نقوش العربية الجنوبية القديمة،السبئية واليزنية التي تضمنت معلومات عن قنا إما موجزة أو مفصلة [11].
ثانيا- المصادر النقشية:
ورد ذكر ميناء قنا ومدينته في عدد من نقوش العربية الجنوبية القديمة السبئية واليزنية، وعددها ثمانية نقوش هي(IR 13 , RY 533 , JA 632 , Sh 17 , BR – Yanbuq 47 , CIH 728 , CIH 621 ,فضلًا عن نقش عبدان الكبير)، وتضمنت معلومات عن ميناء قنا، وكلها يرجع تاريخها إلى القرن الثالث وما بعده، وسنذكر منها نقشين، وهي التي عُثر عليها في جبل حصن الغراب المطل على ميناء قنا منطقة دراسة البحث.
- نقش CIH 728:
دوِّن هذا النقش في قمة جبل حصن الغراب (عرماوية) المطل على ميناء قنا ومدينته، وذلك على مسافة 15 كيلو متر من المدخل إلى القلعة عند النهاية العلوية للطريق الصاعدة إلى قمة حصن الغراب، وهو نقش بحروف غائرة على صخرة كبيرة، هي قسم ناتئ من الجبل ذاته[12]، ويتكون من سطرين:
- ص ي د م / أ ب ر د / ب ن / م ل ش ن / م ص د أ / ذ ب د ش / ع
- ق ب / ق ن أ / س ت ط ر / ب ع ر ن / م و ي ت /[13].
ويعود تاريخ النقش إلى القرن الخامس الميلادي – بداية القرن السادس الميلادي،وجاء فيه لأول مرة ذكر لقلعة (قنا) على مرتفع (عرماوية) المشرف على ميناء ومدينة قنا، ودوّنه صيد مأبرد بن ملشان،وأشار إلى أنه كان يشغل منصب مصدأ أي خازن مال لميناء قنا، كما أنه في الوقت نفسه يشغل منصب عاقب أي قائد والٍ لميناء قنا[14].
2 – نقشCIH 621:
دوّن هذا النقش على قمة جبل حصن الغراب (عرماوية)، ولا يبعد عن النقش السابق أكثر من ثلاثة أمتار، ويتكون من عشرة أسطر، ويتحدث و يتحدث في الستة الأسطر الأولى عن أسماء أصحاب النقش وهم:(سميفع أشوع وبنوه شرحبئل يكمل ومعد كرب يعفر بنو لحيعة يرخم) ثم تأتي أسماء قائمة طويلة بالمناطق والقبائل الموالية له، ثم اسم الموقع الذي دوّن فيه وسماه (عرن/ م و ي ت) أي جبل مويت، وهو المعروف حاليا بجبل حصن الغراب، وقد جاء في هذا النقش للمرة الثانية ذكر لقلعة قنا على مرتفع عرماوية، وفي السطر السادس يتحدث عن أصحابه الذين قاموا بترميم السور وخزانات مياه قلعة عرماوية وأبوابها، وكذلك الطريق الصاعدة إلى قمة الجبل، ويعود تاريخ النقش إلى سنة 525 م[15]،وسنشير إلى السطرين 6 /7 الذي وردت الإشارة فيهما إلى ذكر القلعة عرماوية ونصه:
6 -…س ط ر و / ذ ن / م س ن د ن / ب ع
7 – ر ن /م و ي ت / ك ث و ب ه و / ج ن أ ت ه و /و خ ل ف ه و / و م أ ج ل ت ه و /و م ن ق ل ت ه و[16].
ثالثًا- المصادر الكلاسيكية:
المصادر الكلاسيكية من أفضل المصادر المدونة عن اليمن القديم، وهي المؤلفات التي ألفها الكتّاب اليونان والرومان، سواء المؤرخون أم الجغرافيون أم الرحالة أم غيرهم،إذ اعتنوا بأوصاف الجزيرة العربية وأخبارها في العصرين اليوناني والروماني[17].
وتعد المصادر الكلاسيكية من أقدم المصادر التي ذكرت ميناء قنا في فترة ازدهارهالأولى في القرنين الأول والثاني الميلاديين؛ إذ يعد (بليني الأكبر) أول من ذكر ميناء قنا من الكتّاب الكلاسيكيين اليونان والرومان؛ بوصفه ميناءً وسوقًا على الطريق التجارية البحرية بين مصر والهند[18]، كما يعد كتاب “الطواف حول البحر الإريتري”المجهول مؤلفه الذي عاش في النصف الثاني من القرن الأول الميلاديتقريبا من أفضل المصادر اليونانية والرومانية التي ذكرت ميناء قنا، حيث يقدم عنه معلومات مفصله تفصيلًا أوسع، كوصف موقعه وتجارته وارتباطاته التجارية مع الموانئ الأخرى، وما كان له من أهمية اقتصادية عظيمة في القرن الأول الميلادي[19]، ويعد أهم مصدر كلاسيكي يقدم معلومات مفصّلة عن الموانئ والمراكز التجارية الحضرمية كميناء قنا وميناء سمهرم وجزيرة سقطرى وشبوة عن السلع التي كانت تمر عبر هذه الموانئ والمراكز وعلاقاتها التجارية الواسعة مع الموانئ الأجنبية[20].
وأشار كتاب الطواف حول البحر الاريتري (The periplas of erythreansea)([21])، المجهول المؤلف الذي عاش في النصف الثاني من القرن الأول الميلادي تقريبا، إلى مملكة حضرموت وموانئها وعلاقاتها التجارية مع مناطق مختلفة من العالم القديم، حيث يذكرعند حديثه عن ميناء قنا قائلا:”والى الداخل من (Cana)(قنا) تقع على بعد مئة وعشرين ستاديا العاصمة ساباتا ((Sabbatha[شبوة] التي يسكنها الملك، وكل ماينتج من البخور من البلاد يُحمَل إلى ذلك المكان على الجمال حيث يخزن([22]).”
كما أن الجغرافي اليوناني كلوديوس بطليموس (Claudius Ptolemaius)([23]) الذي عاش خلال النصف الأول من القرن الثاني الميلادي، والذي يعرف عند العرب بـ(بطليموس القلوذي أو الجغرافي)([24])، واشتهر بمؤلفه الجغرافي (جغرافية بطليموس) أو (الدليل الجغرافي) أشار في خريطته التي وضعها في مؤلفه للعالم المعمور آنذاك، إلى أسماء بعض مدن حضرموت وموانئها،ومنها ميناء (قنا) (Kane) وميفعة (Maiph)، كما أشار إلى مرسى المجدحة الذي سيقام عليه الميناء الجديد باسم ترولا، وهو المرسى الذي يقع إلى الشرق من قنا([25]).
وقد عاشت مملكة حضرموت حالة من الانتعاش الاقتصادي بفضل موانئها التجارية سمهرم (خوروري حاليًا في سلطنة عمان)، وقنا على ساحل البحر العربي الذي لا يبعد عن العاصمة الحضرمية شبوة إلا مسافة 200 كم، لاسيما مع ازدهار التجارة البحرية المنتظمة بين مصر وشبه القارة الهندية منذ مطلع الميلاد، وازدياد الطلب على اللبان والمر الذي تنتجه حضرموت.
وتشير نتائج التنقيبات الأثرية في ميناء قنا سواء التي تمت في سطح المدينة أم تحت الماء قبالة الميناء، وما عثر عليه من لقىً أثرية مستوردة، أن ميناء قنا منذ القرنين الأول والثاني الميلاديين كان في قمة ازدهاره، وكانت له علاقات تجارية واسعة مع بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، وبلاد الرافدين، وشرق إفريقيا، والهند، ومعظم هذه اللقى الأثرية هي عبارة عن بقايا امفورات فخارية كانت تستعمل لنقل السلع التجارية بين مناطق البحر الأبيض المتوسط إلى ميناء قنا، كما عثر على بقايا أو كسرات من الفخار(الأواني الفخارية ذات الأذنين) المنتجة في ورش إيلة– العقبة،وكانت تستخدم في نقل الحبوب والزيوت الآتية من بلاد الشام والبحر المتوسط، وكل ذلك من تأثيرات حوض البحر الأبيض المتوسط على قنا والعاصمة الحضرمية شبوة عموما[26].وقد مر هذا الميناء منذ بدء تأسيسه وحتى اليوم بعدة مراحل من التطور نستعرضها على النحو الآتي:
نشأة الميناء ومراحل تطوره من القرن الأول الميلادي – القرن السادس الميلادي ودوره المستقبلي في تنشيط حركة التجارة الداخلية والخارجية:
نشأة الميناء:
يكتنف الحديث عن نشأة الميناء كثير من الغموض، حيث لا تتوفر الأدلة المادية التي يمكن أن تحدِّد بدقة تاريخ نشأة الميناء والبدايات الأولى لتاريخه ودوره التجاري، كميناء رئيس لمملكة حضرموت على المحيط الهندي، وربما يرجع ذلك إلى عدم استمرار الحفريات الأثرية في الميناء، ومهما يكن من أمر، فإنه يمكننا أن نقدِّم تصورًا عامًّا عن المراحل التاريخية لنشأة الميناء، بناء على نتائج الحفريات الأثرية التي تمت في الميناء، وعلى ما جاء في المصادر الدينية والكلاسيكية آنفه الذكر،وقد مر ميناء قنا في تطوره بثلاث مراحل تاريخية وهي:
- المرحلة المبكرة– وتبدأ من القرن الأولحتى القرن الثاني الميلادي.
- المرحلة الوسطى– وتمتد من القرن الثالث حتى القرن الرابع الميلادي.
- المرحلة المتأخرة– وتمتد من القرن الخامس حتى نهاية القرن السادس الميلادي.
1- المرحلة المبكرة-(من القرن الأول حتى القرن الثاني الميلادي):
تشير التنقيبات الأثريةالتي تمت في الموقع سواء في سطح المدينة أمتلك التي تمت تحت الماء للبحث عن أرصفة الميناء القديم(القرن الأول – الثاني الميلادي) إلى أن ميناء قنا كان في قمة ازدهاره، وكانت له علاقات واسعة مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط وبلاد ما بين النهرين وشرق إفريقيا والهند، وكانأشهر مركز تجاري على شاطئ البحر العربي، ويظهر ذلك من خلال الملتقطات الأثرية التي عُثِر عليها في الحفريات الأثرية في أماكن مختلفة من المدينة والميناء وتحت الماء، ومعظم هذه المواد واللقى تعود إلى الفترة الدنيا، وهي قطع فخارية مستوردة، وقد شكلت بقايا لامفورات ما نسبته أكثر من 65% منها[27]. وبيّن تحليل هذه المواد أن المرحلة الأولى(الدنيا) لتاريخ ميناء قنا(القرن الأول –الثاني الميلادي) كانت مرتبطة بتطور التجارة البحرية المصرية (اليونانية – الرومانية) والهندية، وكذلك بتجارة القوافل الرئيسة بالبخور.
ومنذ القرن الأول الميلادي ظهرت على مسرح الأحداث تلك القوة الناشئة في الهضبة (حِمير) وكانت تسيطر على المناطق الجنوبية الغربية من اليمن بما فيها ميناء مَوْزَع على البحر الأحمر[28]،فازدهر نشاطها التجاري، ولم ينافسها في التجارة البحرية سوى مملكة حضرموت وموانئها (قنا وسمهرم)؛ لهذا أخذت تتطلع للسيطرة على حضرموت للهيمنة على تجارتها من خلال تهديد ميناء قنا،وإضعاف نشاطه التجاري، وتحويل التجارة إلى موانئها غربا.
وقد تلقّت مملكة حضرموت أخبارا بأطماع حمير التوسعية، فلجأت لعمل استحكامات وتحصينات عسكرية حول ميناء قنا، كما يشير إلى ذلك نقش (قلت) الذي وُجد على بوابة جدار البناء،وقد كشفت التنقيبات الأثرية تلك عن مبنىً مقسَّم إلى خمس غرف صغيرة مستطيلة الشكل، يعود تاريخه للمرحلة الوسطى من تاريخ ميناء قنا،والجدران المحصنة عن بقايا عدة غرف كبيرة (مخازن) مساحة كل واحدة منها (90) مترا مربعا، ولها أعمدة تدعم السقف، ويعود تاريخ المباني السفلى إلى المرحلة الدنيا من تاريخ ميناء قنا القرن الأول والثاني الميلاديين[29]،كما أن وجود القلعة والمنارة في أعلى جبل حصن الغراب يعد من إنجازات الملوك الحضارمة، حيث إن هذه القلعة والمنارة تقوم بعددمن الوظائف والمهام لصالح الميناء،ولا نعلم متى بنيت تلك القلعة والمنارة، إذ لم تشر النقوش إلى تاريخ تأسيسها إلا أننا نظن أنها تأسست في المراحل الأولى من تأسيس هذا الميناء، وقد أشارت لها النقوش اليزنية في القرن السادس الميلادي ومنها النقش CIH 621)) ونصه:[30]
6 -… س ط ر و / ذ ن / م س ن د ن / ب ع
7 – ر ن /م و ي ت / ك ث و ب ه و / ج ن أ ت ه و /و خ ل ف ه و / و م أ ج ل ت ه و /و م ن ق ل ت ه و.
أبرز سمات هذه المرحلة:
أوضحت التنقيبات الأثرية التي تمت في الميناء والمنطقة المحيطة به أن سلطات مملكة حضرموت قديما قد عملت على بناءالمنارة في أعلى جبل حصن الغراب لإرشاد البواخر[31]،وعملت كذلك على بناء عدد من المخازن التي تبلغ مساحة المخزن الواحد (90) مترا مربعا لتخزين البضائع فيها، والعمل على جمركتها قبل تصديرها للعاصمة شبوة، ثم إلى شمال الجزيرة العربية وإلى غزة في فلسطين،ومنها إلى دول البحر الأبيض المتوسط، وهذايدل على اهتمام الملوك الحضارمة بميناء قنا،علاوة على حجم التبادل التجاري الكبير الذي شهده الميناء في هذه المرحلة، كما أننا لابد أن نشير إلى أن التنقيبات الأثرية لم تستكمل بعد في هذا الميناء،وما زالت بعض المعلومات عن سعة الميناء وحجم المساحة التي كان يشغلها في هذه المرحلة غير معروفة، بعكس المرحلة الوسطى من تاريخ هذا الميناء، الذي قُدرت مساحة الميناء فيها بخمسة هكتارات، كما إنه لا يوجد تاريخ معيَّن لبناء قلعة عرماوية التي بُنيت على قمة جبل حصن الغراب،ولكنني أظن أنها بنيت في مرحلة ازدهار ميناء قنا وتوسع نشاطه في القرن الثاني قبل الميلاد، لحماية الميناء من أي غزو، وربما استعملت مسكنًا ومقرًّا للأمراء والملوك الحضارمة وكبار المسئولين عن هذا الميناء،خصوصا وأن هناك سورا ومعبدا يوجدان بجوار القلعة وطريقا مرصوفة تصعد من الأسفل إلى قمة الجبل.
2 –المرحلة الوسطى:(من القرن الثالث حتى القرن الرابع الميلادي):
إن الحدود بين نهاية المرحلة الدنيا المبكرة وبداية المرحلة الوسطى من تاريخ قنا تحددها طبقة توجد بها آثار الخراب والحريق الكبير الذي تعرض له الميناء،إثر الحرب التي شنها الملك السبئي شعر أوتر على مملكة حضرموت عامة وميناء قناعلى وجه الخصوص،في عهد الملك الحضرمي (العزيلط) في بداية الثلاثينيات من القرن الثالث الميلادي[32]، وربما كان سبب هذه الحرب تعارض السياسات والمصالح بين مملكتي سبأ وحضرموت. ومن المعروف أن القرن الثاني الميلادي شهد نزاعا بين ممالك العربية الجنوبية، اشتركت فيه سبأ وحمير وحضرموت وقتبان، ففي بداية هذا القرن انفصلت حمير عن سبأ، ودخلت الحبشة في النزاعات اعتبارا من النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي[33]. كما إن مملكة حضرموت كانت تعيش ازدهارًا بفضل الطلب المتزايد على منتجاتها من اللبان والمر،وبفضل موانئها،وأهمية ميناء قنا الذي كان نقطة مهمة في التجارة الدولية البحرية المنتظمة بين مصر والهند وكان الميناء الرئيس في تجارة الترانزيت[34].
وتعد هذه الحرب من أهم الأحداث التي شهدها الميناء في نهاية القرن الثالث الميلادي،وذلك الهجوم الذي شنه القيل السبئي فارع الأقياني بأمر ملك سبأ وذي ريدان (شعر أوتر)على العاصمة الحضرمية شبوة ومينائها (قنا)؛إذ هاجم ودمر الميناء والسفن الراسية فيه[35]. وقد ظل الميناء مستعملا حتى القرن الرابع الميلادي بعد تدهور تجارة المواد العطرية، ويعود اكتشاف هذا الموقع إلى الرحالة الأوربي و يلستد[36].
كما أشار نقش عبدان سطر 37 إلى قيام اليزنيين بشراء خمس سفن في ميناء قناونصه: د ن / و م ش ر ق ن / و ض ي ف ت ن / أ ح د ي / و أ ر ب ع ي / م ض ل ع م / و أ ش ص ن م / و ش أ م و / ب ن /…. / ح و / ب حي ق ن /ق ن أ / خ م س / أ س د ق م / ب ر ج ن ت /و ص د[37]. وهذه الإشارة الموجزة وان لم تُجب على ما نود معرفته عن نشاط الميناء إلا أنها تؤكد أن ميناء قنا عاد إلى نشاطه التجاري بعد تلك الضربات التي وجهها له الملك السبئي شعر أوتر في حوالي 230م، وأنه كان في عهد هؤلاء الأقيال يشكل منفذًا مهمًا من منافذ الدولة الحميرية[38].
ونتيجة لعدم العثور على نقوش كافية لإعطاء صورة واضحة عن التجارة في القرون المتأخرة، فإنه يمكن اللجوء إلى المؤشرات غير المباشرة لتكوين تصور أولي عن وضع التجارة في عهد اليزنيين، ولعل أهم تلك المؤشرات تأكيد الباحثين الآثاريين على أن ميناء قنا بعد تدمير (شعر أوتر) له في حوالي 230م قد عاد للازدهار واستمر 300 سنة أخرى، وذلك إلى حدود القرن السابع الميلادي[39]، إذ استعيض عن البنايات المهدمة بإقامة مبانٍ جديدة مازالت بقاياها قائمة إلى اليوم، مما يؤكد ازدهار التجارة في اليمن في العهد اليزني[40]. ومما لا شك فيه أن استمرار ازدهار ميناء(قنا) يعني بالتأكيد ازدهار الطرق التجارية التي تمر عبر الأودية اليزنية، وكذلك ازدهار المدن الداخلية بما فيها مدن الأودية اليزنية، إذ تشير الملتقطات الأثرية إلى وجود بقايا لمواد ذات منشأ خارجي وجدت في المدن الداخلية، ومنها نقب الهجر، ومن هذه المواد ما يعود للفترة الواقعة بين القرنين الرابع والسادس من التاريخ الميلادي[41].
ويمكننا القول إن هجوم شعر أوتر على ميناء قنا وتدميره،وتدمير البنايات المحيطة به، يعد عملًا إجراميًّا همجيًّا قام به هذا الملك السبئي تجاه الميناء،ويعكس هذا العمل مدى الحقد الذي وصل إليه الملوك السبئيون على مملكة حضرموت ومينائها الرئيس، إلا أن ذلك العمل لم يوقف نشاط الميناء التجاري طويلًا، ولم يؤثر على مكانته التجارية العالمية، فالتنقيبات التي تمت في الميناء والمواد الأثرية التي عُثِر عليها تؤكد عودة الميناء بعد تدميره إلى نشاطه وازدهاره مجددا، واستمراره إلى حدود القرن السابع الميلادي.
الإصلاحات التي تمت في هذه المرحلة بعد التدمير:
أن مملكة حضرموت في عهد ملكها العز يلط قد قامت بإصلاحات في ميناء قنا والمدينة المجاورة له (هَجَر قنا)،ففي مكان البنايات المحطمة والمحروقة أقيمت مبانٍ جديدة ما زالت آثارها وبقاياها موجودة حتى اليوم، مكونة الطبقة العليا من المستوطنة، ومن خلال التنقيبات الأثرية في هذه البنايات وجد أنهم استخدموا في تشييدها حجارة بركانية منحوتة،وبلاطات من البازلت منحوتة نحتًا جيدًا، وبلاطات كلسية أُخذت من البنايات القديمة لقنا في عهد ازدهارها[42].
كما كشفت التنقيبات الأثرية أن سطح ميناء قنا في الفترة الوسطى من تاريخه قد اتسع اتساعًا كبيرًا ليصل إلى(5 هكتارات) أي ما يساوي (50000) متر مربع،كما ظلت التحصينات التي فوق جبل حصن الغراب،مثل القلعة(عرماوية)، والمنارة، وكذلك المعبد الذي يوجد في الجهة الجنوبية الغربية لقناشامخة باقية مآثرها حتى اليوم،وكذلك المبنى الديني الذي يوجد في الجهة الشمالية الغربية للمدينة[43]، كما كشفت التنقيبات الأثرية التي نفذتها البعثات الأثرية للتنقيبالتي على سطح الميناء وتحت الماء عن عدد كبير من اللقى الأثرية التي تعود إلى هذه المرحلة كالأمفورات والأواني والصحون والمسارج والمصابيح المستوردة من دول البحر الأبيض المتوسط وبلاد ما بين النهرين وإيران وشرق أفريقيا والهند[44]. ومن المؤكد أن ميناء قنا قد عاد إلى نشاطه التجاري بعد تدميره وإحراقه من قبل الجيش السبئي في عهد الملك شعر أوتر، كما إنه احتفظ بشهرته كميناء تجاري مهم على صعيد التجارة العالمية.
أبرز سمات هذه المرحلة:
كشفت التنقيبات الأثرية في المنطقة (6) من مستوطنة قنا التي تقع في الطرف الجنوبي الشرقي للمستوطنة أو المدينة، عند السفح الشمالي لجبل حصن الغراب، في بداية الطريق التي تؤدي للقلعة في قمة الجبل، حيث تم التنقيب في المنطقة خلال موسمين 1988 – 1989م وذلك بالقرب من جدار كبير محصن ذي خمسة أضلاع، مبنية من الكتل الحجرية الضخمة، يمتد على طول سفح حصن الغراب، كشفت تلك التنقيبات عن مبنىً مقسم إلى خمس غرف صغيرة مستطيلة الشكل،يعود تاريخها للمرحلة الوسطى من تاريخ ميناء قنا، (القرن الثالث – الرابع الميلادي) كما كشفت أيضا (تحت هذا المبنى والجدران المحصنة) عن بقايا عدة غرف مخازن كبيرة، مساحة كل واحدة منها (90) مترا مربعا، ولها أعمدة تدعم السقف، ويعود تاريخ المباني السفلى إلى المرحلة الدنيا من تاريخ ميناء قنا القرن الأول والثاني الميلاديين[45]،وعُثِر في هذا الموقع على عدد من اللقى الأثرية كالقطع الفخارية المختلفة المحلية والمستوردة والبخور المحروق وبخور في سلال أو زنابيل مصنوعة من سعف النخيل، كما عثر على عدة مئات من العملات الحضرمية البرونزية والنحاسية[46]، ومن خلال الحفريات التي تمت في المنطقة (6) وما أفرزته من مكتشفات،اتضح أن هذه المنطقة كانت تتضمن المرافق المهمة للميناء والمدينة، كالمخازن والمستودعات والجمارك والمباني الإدارية ومباني الحراسة[47]، مما يوحي لنا أن الميناء شهد إصلاحات وتوسعات كبيرة في الجوانب الإدارية له.
ومما سبق يتضح أن الميناء شهد بعض الأعمال الإنشائية التوسعية، سواء في مجال بناء المخازن أم المباني الإدارية والسكنية أم في التوسع المعماري في مدينة قنا القديمة المجاورة له،حيث أدى ازدياد النشاط التجاري والاستيراد والتصدير إلى زيادة الاستيطان البشري في مدينة قنا،وخصوصا من قبل التجارومن يعملون فيها.
3 – المرحلة العليا المتأخرة (من القرن الخامس إلى القرن السادس الميلادي):
أشارت نتائج التنقيبات الأثرية التي أجريت في الميناء إلى أن ميناء قنافي الفترة العليا المتأخرة (القرن الخامس والسادس الميلاديين) قد ضعفت أهميته كميناء رئيس ومركز للتجارة البحرية الدولية لحضرموت وبلاد اليمن بصورة عامة[48]؛إذ لم يعد الميناء بتلك الأهمية والشهرة الدولية التي كان عليها في المرحلتين الأولى والوسطى من تاريخه، ويرجع ذلك إلى الاضطرابالذي أصاب طرق التجارة بين الإمبراطورية الرومانية والهند، وانخفاض الطلب العالمي على سلعة اللبان؛ نظرا لظهور المسيحية واعتناق الدولة الرومانية لها في القرن الرابع الميلادي، وعدم اعتمادها في طقوسها الدينية على اللبان؛مما أدى إلى تناقص تجارته تدريجيا ثم انعدام أهميته في نهاية الأمر[49]،إلا أن ذلك لا يعني أن ميناء قنا قد فقد علاقته بالموانئ الخارجية الأخرى كليا،إذ تشير التنقيبات إلى احتفاظه بعلاقات تجارية مع موانئ شمال إفريقيا أكسوم، ومناطق جنوب البحر الأبيض المتوسط كمصر وسوريا وفلسطين وبلاد ما بين النهرين؛ بدليل العثور فيأثناء الحفريات في الميناء على العديد من القطع الأثرية المستوردة كبقايا الأمفورات المستوردة، وخاصة الأنواع المشهورة والمعروفة التي تشتهر صناعتها في فلسطين ومصر وشواطئ البحر الأسود وشرق إفريقيا، ويعود تاريخها للفترة الواقعة بين القرنين الرابع والسادس الميلاديين[50]،ويتضح من كثرة هذه القطع الفخارية المستوردةأن الميناء كان على علاقة قوية وواسعة مع موانئ شرق إفريقيا، ويستدل من ذلك أنه قد عاش في المدينة أناس من أصول شرق إفريقيا(إثيوبية)، لاسيما في الجانب الغربي منها[51]. ويبدو أن الجزء الشرقي من قنا كان في المرحلة المتأخرة عبارة عن خرائب ثم شيد وعمِّر بمساكن صغيرة بنيت من الحجارة بناءً رديئًا[52].
ويمكن القول إن الأسباب الأنف ذكرها التي تسببت في إضعاف نشاط الميناء،فضلًا عن عوامل أخرى، منها ما شهدته اليمن من أحداث متتالية زعزعت الاستقرار السياسي،قد أدت إلى زوال مملكة حضرموت التي كان قنا ميناءها الرئيس؛ فصارت قنا بعد سقوطها ميناء حميريا تحت سلطة الأقيال اليزنيين، كما تشير إلى ذلك النقوش في هذه الفترة، حتى جاء الأحباش سنة 525م، فقضوا على دولة حمير، ثم تلاهم الفرس الذين سيطروا على اليمن حتى مجيء الإسلام.
ومنذ أن قضى الأحباش على الدولة الحميرية لم نجد في النقوش أي ذكر لميناء قنا، وقد أكدت المكتشفات الأثرية التي حصلت عليها بعثات التنقيب أن ميناء قنا ظل يمارس نشاطه ودوره التجاري خلال هذه الفترة، حتى انتهاء نشاطه تماما في نهاية القرن السادس أوبداية السابع الميلادي، وورثت مكانه موانئ الشحر شرقا وعدن غربا،وغيرهما من الموانئ على الساحل العربي[53]،فبعد ظهور الإسلام ازداد نشاط ميناء عدن التجاري، فكانت السفن تنقل منه السلع إلى موانئ الحجاز والسودان ومصر، وازداد دخل عدن من العوائد الجمركية، حتى غدت الأموال التي كانت ترفع من عدن كل عام تملأ حيِّزا كبيرًا في خزينة الدولة المسيطرة عليها[54]، وشهدت الشحر نشاطا تجاريا كبيرا،لكنها تعرضت لهجمات متكررة من قِبل البرتغاليين وتعرضت المراكب الراسية في مينائها للنهب والقرصنة في بداية العصر الحديث، وقد كانت مدينة كبيرة وسوقًا للخيل واللبان الذكر الذي كان العرب المقيمون في مَلِّيْبار وكمباي يستوردونه ليبيعوه هناك، وكانت ترسو في مينائها المراكب الذاهبة إلى البحر الأحمر؛لأنها لا تستطيع اجتياز باب المندب عندما كانت الرياح الغربية تهب عكس اتجاهها والوقت متأخر[55].
الرؤية المستقبلية لميناء قنا الحديث:
منذ بداية القرن السابع الميلادي لم يعد ميناء قنا إلا مرفئًا عاديًّا، واستخدم كمراسي للاصطياد السمكي اليومي لساكني المنطقة (بئر علي وما جاورها)، ومنذ مطلع العام 2015م بدأت فكرة إنشاء ميناء مجاور لميناء قنا القديم ليكون ميناء رسميًّا لمحافظة شبوة، وهو ميناء قنا الحديث.
وتعد المنطقة المحيطة بميناء قنا القديم سواء من جهة الغرب أو من جهة الشرق مناطق ذات الأهمية الإستراتيجية الكبيرة،حيث تحاول الدولة اليوم استغلالها لتصبح موانئ للتصدير، لما تمتلكه من مقومات طبيعية ساعدت على إنشاء الموانئ،حيث توجدبهذه المنطقة حاليا العديد من موانئ التصدير منها(النشيمة لتصدير النفط وميناء بالحاف لتصدير الغاز المسال)،فضلًا عن الميناء الحديث الذي وضعت له حجر الأساس لإنشائه في العام 2018م،فهي منطقة مؤهلة لقيام الموانئ على سواحلها،ومن هنا فإننا سنقوم بإعطاء صورة موجزة عن الخطوات التي أقدمت عليها الدولة والسلطة المحلية بمحافظة شبوة لاستغلال سواحل منطقة بئر علي، على ساحل البحر العربي بمحافظة شبوة، ومن المعلوم أن ميناء قنا القديم والشهير كان يتميز بوجود مرفأين بحريين يتسنى للسفن التجارية الرسو فيهما في كلٍّ من موسمي الرياح، وهما مرفأ(خليج قنا) الذي يعرف اليوم برأس بالحاف ومرفأ(المجدحة) الذي يقع على بعد 12كم إلى جهة الشرق من ميناء قنا القديم، وهو المرفأ الذي سيقام عليه ميناء قنا الحديث التابع لمحافظة شبوة، ويعدهذا المرفأ جزءًا لا يتجزأ من مينا قنا القديم،وبطبيعة الحال سيقامالميناء الحديث(ميناء قنا) في مرفأ المجدحة على مساحة تقدر بـ 13كم2 تقريبا[56]،والمجدحة هي خليج يقع إلى الشرق من ميناء قنا ب 12 كم، وهو خليج صالح لرسو السفن فيه طوال العام؛ نظرا لقلة الرياح فيه، وهذا ما جعله مهيَّئا لإنشاء ميناء قنا الحديث عليه.
ومن هنا سارعت السلطة المحلية بمحافظة شبوة لإنشاء هذا الميناء، وشرعت في عملية البناء والتأسيس، حيث أجريت بعض الأعمال الإنشائية في الميناء مكنته من استقبال سفن المشتقات النفطية كمرحلة أولى فقط.
وعلى الصعيد المستقبلي وقَّعت السلطة المحلية بمحافظة شبوة اتفاقًا مع شركة إتش إس الأردنية المصرية للاستشارات الهندسية في الأردن بمكتبها الإقليمي، في أبريل من العام 2021م وتم الاتفاق على عمل الدراسات والتصاميم الهندسية لميناء قنا بمديرية رضوم محافظة شبوة، وقد قامت الشركة بزيارة الموقع وقامت بعمل العديد من المخططات الهندسية، وهي مخططات ذات مواصفات،واحتوت هذه المخططات على الرسومات للمنشآت البحرية التي تتكون من كاسر أمواج رئيس، ورصيف حاويات، وحوض دوران، ورصيف نفطي، وقناة ملاحية، وأرصفة متعددة الأغراض، ورصيف دحرجة، وكاسر أمواج ثانوي، والفنار، ومنزلقات صيانة، كما اشتملت المنشآت البرية علىمبنى الإدارة العامة، ومبنى شركة النفط، وخزانات النفط، وصوامع الغلال، وصوامع الأسمنت، ومبنى أمن الميناء، ومبنى إدارة الجمارك، ومبنى إدارةالأرصفة، ومحطة تزويد بالوقود ومحطة الإطفاء، ومختبرات جودة، ووحدة صحية، ومحجر، وجامع، ومساكن للعاملين، وورش صيانة وترميم،وشبكة طرقات، وسوبر ماركت،ومعهد تدريب بحري، وساحات توسع مستقبلي، ومساحات تخزينية، وسقائف ترانزيت معدنية كبيرة، وورش لصيانة المعدات والشاحنات الكبيرة،ومواقف سيارات، وبوابات رئيسة،وميزان إلكتروني،وساحة تفتيش، وخزانات لتموين البواخر، ومحطة كهرباء، ومنطقة بنوك، ومنطقة خدماتية،ومحطة صرف صحي، ومحطة مياه،ومبنى شرطة، وهناجر تخزين،فضلًا عنصوامع الغلال، وصوامع الأسمنت،وذلك حسب تصميم وتخطيط الموانئ العالمية، على مساحة جغرافية تقدر بـ 13.5كم2، المرحلة الأولى،فضلًا عن استكمال عمل الماستربلان المخطط الهيكلي للمدينة الصناعية المجاورة للميناء،ومن أجل تنشيط الجوانب الاستثمارية والسياحية في هذه المنطقة المهمة اتفقت السلطة المحلية بمحافظة شبوة مع شركة شبوةبرايد للمقاولات والخدمات السياحية لإقامة مشروع المنتجع السياحيالذي هو عبارة عن مدينة سياحية متكاملة، ويعد هذا المشروع أهم وأكبر المشاريع بمحافظة شبوة الذي يحوي مرافق سياحية متعددة، تشمل شاليهات سياحية ومطاعم ومرافق ترفيهية متكاملة تقام على واحد من أجمل الشواطئ المتميزة في المحافظة،ويتوقع أن يسهم المشروع في الجذب السياحي.
وتأتي هذه الإعمال بعد أن بدأت الحكومة اليمنية إجراءات تشغيل ميناء قنا الجديد عملا بقرار رئيس الجمهورية بهذا الشأن،وجاء ذلك في لقاء نائب رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال الدكتور سالم أحمد الخنبشي بمحافظ شبوة[57].
وبالعودة إلى أهمية ميناء قنا الحديث ودورة المستقبلي وهو الذي سيشكل رافدا جديدا للموانئ اليمنية، ومنفذا بحريا يربط المحافظة بالموانئ الأخرى وموانئ العالم، كما سيشكل موردا ماليا واقتصاديا لخزينة الدولة العامة؛ لما سيتم تحصيله من ضرائب وجمارك وغيرها من الإيرادات والعائدات الأخرى، كما إنه سيسهل للتجار من المحافظة والمحافظات الأخرى المجاورة عملية الاستيراد لبضائعهم التجارية، وكذلك استيراد المشتقات النفطية، كما إن الميناء سيعمل على تصدير منتجات المحافظة من النفط وغيرها، وسيسهم في تشغيل أعداد كبيرة من الأيدي العاملة الماهرة وغير الماهرة، كما سيساعد في تحسين الوضع المعيشي لآلاف العمال من أبناء المحافظة،وإذا ما أحسنت السلطة المحلية بمحافظة شبوة استغلال هذه الفرصة والدعم الرئاسي والحكومي الذي حازت عليه،واجتهدت في العمل على إنشاء ميناء قنا بالطرق العلمية الصحيحة،وبالتعاون والتنسيق مع جهات الاختصاص بالدولة ممثلة بوزارة النقل والمؤسسة العامة لموانئ البحر العربي،وسيصبح هذا الميناء في مصافِّ الموانئ الدولية والعالمية، وسيعيد أمجاد ذلك الميناء العالمي الذي كان يصدَّر منه البخور (المر واللبان) إلى شتى أنحاءالعالم القديم في أوروبا وإفريقيا وآسيا، حيث كان ميناء قنا قديما من أهم موانئ الجزيرة العربية.
إننا على ثقة تامة من أن هذا الميناء سيلعب دورا كبيرا ومحوريا في حركة التجارة الداخلية بين المحافظات، سواء المحافظات الشرقية أم الغربية على حد سواء، وكذلك المحافظات الأخرى المجاورة لمحافظة شبوة من جهة الغرب والجنوبي الغربي، مثل محافظة مأرب ومحافظة البيضاء،خصوصا أن هناك شبكة طرق ممتازة وسالكة تربط ما بين هذه المحافظات ومحافظة شبوة،حيث سيصبح ميناؤها (قنا) هو الأقرب لهذه المحافظات من أي ميناء آخر، كما سيلعب دورا كبيرا في النشاط التجاري والملاحي الخارجي على مستوى الجزيرة العربية.
الخاتمة:
يمتلك ميناء قنا الحديث الذي يتم العمل فيه حاليا مقومات طبيعية تجعله في مصاف الموانئ اليمنية وموانئ الجزيرة العربية في المستقبل القريب، حيث يقع هذا الميناء الاستراتيجي في خليج المجدحة، ذلك الخليج الذي يقع إلى الشرق من ميناء قنا القديم، حيث أسهم هذا الخليج في جعل الملاحة مستمرة طوال العام في الميناء القديم، إلى جوانب العوامل الأخرى المتمثلة في حاجة المحافظة للمشتقات النفطية والبضائع، مع ظهور إشكالية صعوبة وصولها للمحافظة في ظل ظروف الحرب،فضلًا عن حاجة المحافظة للإيرادات المالية لتنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية في المحافظة،وكل هذه العوامل مجتمعة وغيرها من العوامل الأخرى التي تضمنها البحث جعلت السلطة المحلية في شبوة تفكر في إنشاء الميناء، وتعمل على تشكيل عدد من اللجان المختصة لدراسة هذا الموقع ومدى ملاءمته لإنشاء الميناء فيه، وقد أقرت هذه اللجان في محاضرها النهائية اختيار هذا الموقع لإنشاء الميناء عليه في موقع مرفأ المجدحة أو خليج المجدحة.
وإن تاريخ ميناء قنا الطويل وشهرته العالمية التي حظي بها قديما أعطت دافعًا كبيرًا للسلطة المحلية بمحافظة شبوة لإعادة ذلك الميناء إلى الواجهة، كما أن حاجة المحافظة لهذا الميناء في ظل الظروف الحالية والحرب المستمرة، وبعد مسافة الموانئ الأخرى التي تتلقى محافظة شبوة منها البضائع، سواء كان عدن أم المكلا أم نشطون وما يحصل في الطرقات من تقطعات للبضائع، قد مثلت دافعا آخر لدى السلطة لإنشاء هذا الميناء، خصوصا أن المحافظة تمتلك ثروات واعدة في مجال النفط والغاز، وهي أرض خصبة للاستثمار في كل القطاعات؛ وهو الأمر الذي يوجب أن يكون فيها ميناء تجاري للاستيراد والتصدير،ومن خلال مراحل تطور الميناء التي تضمنها هذا البحث ابتداء من المرحلة المبكرة والوسطى من تأسيس ميناء قنا القديم اتضح أن الميناء شهد حركة تجارية نشطة مع موانئ العالم القديم منذ البدايات الأولى لتأسيسه، (إلا أن نشاطه التجاري قد توقف تماما في المرحلة الإسلامية وما بعدها) في الوقت الذي برزت فيه موانئ أخرى منافسة له،وسحبت هذه الموانئ البساط من تحته،مثل ميناء الشحر وميناء عدن، فإنشاء هذا الميناء في مرفأ المجدحة الذي يعد أحد مرافئ ميناء قنا القديم يعد بداية المرحلة الحديثة لاستمرار العمل في ميناء قنا الحديث، بغض النظر عن تغيير موقع الميناء القديم إلى موقع خليج المجدحة، فالمجدحة تعد جزءا لا يتجزأ من مكونات ميناء قنا القديم، حيث يعد موقع ميناء قنا القديم اليوم أحد أهم المواقع الأثرية التي خلفتها لنا مملكة حضرموت قديما، أن هذا الميناء سيكون له شأن كبير في المستقبل على مستوى اليمن والجزيرة العربية بل والعالم،وسيكون له مردود اقتصادي كبير على محافظة شبوة خاصة واليمن بشكل عام،فلا غرابة في امتلاك شبوة اليوم ميناء تجاريا استراتيجيا، فقد كانت تمتلكه في التاريخ القديم، وكان هذا الميناء من أهم الموانئ العالمية،وقد وإن ميناء قنا الحديث سيخدم أكثر من محافظة مجاورة لمحافظة شبوة، وسيمد تلك المحافظات بالبضائع التجارية، بتكاليف مالية أقل، خصوصا أنه يعد أقرب الموانئ لتلك المحافظات:مأرب والجوف والبيضاء وأبين،وسيخدم هذا الميناء كل محافظات البلاد شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، كما سيكون لهذا الميناء دور مستقبلي في تنشيط حركة التجارة الخارجية مع الموانئ الأخرى العربية والعالمية.
الاختصارات:
مجموعة نقوش جوانزاك ريكمانز | Ry |
مجموعة نقوش ألبرت جام | Ja |
Corpus Inscriptionum Semitic arum | CIH |
مجموعة نقوش احمد حسين شرف الدين | Sh |
مجموعة نقوش مطهر بن علي الأرياني | IR |
- نقش عبدان الكبير.
- الكتاب المقدس،كتب العهد القديم والجديد،إصدار دار الكتاب المقدس في العالم العربي، 1983.
[1])) أستاذ التاريخ القديم المساعد، كلية التربية/ قسم التاريخ – جامعة شبوة.
[2]– ريكمانز، جاك، حضارة اليمن قبل الإسلام، ترجمة د.علي محمد زيد، مجلة دراسات يمنية، العدد 28، إصدار مركز الدراسات والبحوث اليمنية، صنعاء، 1987م، ص 111.
[3]– الشعيبي، خالد صالح، ميناء قنا من القرن الثاني ق.م إلى القرن السادس الميلادي، دراسة تاريخية أثرية، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة عدن، كلية الآداب، 2007م، ص 193،194.
[4]– الشعيبي ، خالد صالح ، ميناء قنا ، مرجع سابق، ص18-24.
- [5]– Harding, G, L: Archaeology in the Aden Protectorates, London, 1964.p.46.
[6]– الشعيبي، ميناء قنا، مرجع سابق، ص 12.
[7]– شير نسكي، أضواء على الآثار اليمنية (تقرير عن الآثار في اليمن الديمقراطي)،المركز اليمني للأبحاث الثقافية، وزارة الثقافة والسياحة، عدن، طباعة مؤسسة 14 أكتوبر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، 1975م، ص 55-70.
[8] – الجرو، أسمهان سعيد، نشأة الملاحة في ميناء عدن القديم، الندوة العلمية الأولى حول عدن ثغر اليمن، الماضي، الحاضر، المستقبل، دار جامعة عدن للطباعة والنشر، 1999، ص 335.
[9] – الكتاب المقدس، سفر حزقيال، الإصحاح السابع والعشرون، فقرات 22،23.
[10] – 27.28.29. THE Periplus of the Erythrean sea. p.؛ الكتاب المقدس، سفر حزقيال، الإصحاح السابع والعشرون، فقرات 22،23؛ الشيبة؛ عبدالله حسن، ترجمات يمانية،العربية السعيدة في المصادر الكلاسيكية، منشورات دار الكتاب الجامعي، ط1، 2008، ص79،80.
[11]– Doe , B , Southem , Arabia , P. 182؛ قرياز، دراسة ميناء قنا القديم، مرجع سابق، ص22؛ الشعيبي، خالد صالح، ميناء قنا، مرجع سابق، ص 20.
[12] – شير نسكي، اليمن مركز هام، من مراكز الحضارة الإنسانية، الثقافة الجديدة، العدد 10، السنة 3، ص 77.
[13] – WeIIsted , Travels , In Arabai , P. 421
[14] – بيستون، وآخرون، المعجم السبئي، مكتبة لبنان، بيروت،دار نشر ببيترز، لوفان الجديدة، 1982، ص141.
[15] – CIH 62l 1 10
[16] – CIH 621l 6,7؛ بأفقيه، وآخرون، مختارات من النقوش اليمنية القديمة، مرجع سابق، ص 157.
[17] – عبد الله، يوسف محمد، تقديم: في بلاد اليمن في المصادر الكلاسيكية (دراسة ومختارات)،جمع وترجمة، حميد مطيع العواضي، عبد اللطيف الأدهم، كتاب الثقافة، إصدار وزارة الثقافة والسياحة، صنعاء، 2001م، ص5.
- [18] – PIiny ,Natural History, translated by, H, Rackham, M. A. William Heinemann Ltd, Vol., II, B, VI, Vol. IV, B, XII, London, 1969. P.104
[19]– الشعيبي، ميناء قنا، مرجع سابق، ص72.
[20]– الشيبة، عبد الله حسن، ترجمات يمانية،مرجع سابق، ص79،80؛ الشعيبي،، خالد صالح، التجارة الخارجية لحضرموت قبل الإسلام، مجلة كلية الآداب، العدد 5، دار جامعة عدن للطباعة والنشر، يوليو،2008م، ص349.
[21]– The periplas of erythrean sea, Translated From the Greek and Annoted by wilf. H. Schoff, New York, London, Bombay, and Calcutta, 1912.p.27.28.29..
[22]– The periplas of erythreansea,ch.27.
[23]– اختلف المؤرخون في الفترة التي عاش فيها بطليموس، فبعضهم يرى انه توفى عام(140م)، وبعضهم لا يشير إلى السنة وإنما يذكر أنه عاش في منتصف القرن الثاني الميلادي؛Rouaud,A,La Route, des Aromates, in, SABA, (parfums D, Arabia), No, I, France, 1994, P.43.
[24]– الشعيبي، صلات اليونان والرومان باليمن، ص 25-26.
[25]– الشيبة، عبد الله حسن، يمنت في النقوش اليمنية القديمة المعنى والدلالة، في: دراسات سبئية، دراسات في الآثار والنقوش والتاريخ مهداة إلى يوسف محمد عبد الله، الساندرودي ميجرية، كريستيان روبان بمناسبة بلوغهم الستين عاما، صنعاء، نابولي، 2005م، ص 102.
[26] – سيدوف، لاسكندر، قنا ميناء كبير بين الهند والبحر المتوسط، 1999م، ص195.
[27]– Sedove A , V , New , Archaeological and epigrahical , p.112.119؛ الشعيبي، ميناء قنا، مرجع سابق، ص 67
[28]– عبد الله، يوسف محمد، حمير بين الخبر والأثر، مجلة دراسات يمنية، العدد 42، إصدار مركز الدراسات والبحوث اليمني، صنعاء، 1990م، ص39،40
[29]– أكويبان، وآخرون، الأبحاث في أطلال مدينة قنا،، ص75،76.
[30] – CIH l 6 ,7
[31]– سيدوف، قنا ميناء كبير بين الهند والبحر المتوسط، مرجع سابق، ص 194.
[32]– قرياز،دراسة ميناء قنا القديم، مرجع سابق، ص28-29.
[33]– عربش، معطيات جديدة حول تاريخ مملكة حضرموت القديمة (من القرن السابع قبل الميلاد وحتى القرن الثالث الميلادي) حوليات يمنية، المعهد الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية، صنعاء، 2003م، ص12.
[34]– بأفقيه، في العربية السعيدة،ج1،ص72.
[35]– Doe, husnaL,Ghurab,and,the, Site , of ,Qana , Antiquities , p.14,
[36] – النعيم،نورة عبد الله، الوضع الاقتصادي في الجزيرة العربية في الفترة من القرن الثالث قبل الميلاد وحتى القرن الثالث الميلادي، دار الشواف للتوزيع والنشر، الرياض، 1992م، ص 256.
[37]– نقش عبدان الكبير، سطر 37.
[38]– حبتور، اليزنيون، مرجع سابق، 208.
[39]– قرياز نفتش، دراسة ميناء قنا القديم مرجع سابق، ص 55-56.
[40]– حبتور، اليزنيون، المرجع السابق، ص 206.
[41]– قرياز نفتش، دراسة ميناء قنا القديم، المرجع السابق، ص 35.
[42]– قرياز، دراسة ميناء قنا القديم، 29مرجع سابق، ص30
[43]– سيدوف، قنا ميناء كبير بين الهند والبحر الأبيض، ص 195
[44]– اكويبان وآخرون، أبحاث في أطلال مدينة قنا، لعام 1988م، نتائج أعمال البعثة اليمنية السوفيتية المشتركة، ج 1، المركز اليمني للأبحاث الثقافية والآثار والمتاحف، سيئون، 1988م، ص72.
[45]– أكويبان، وآخرون، الأبحاث في أطلال مدينة قنا، ص 75،76.
[46]– الشعيبي، ميناء قنا، مرجع سابق، ص58.
[47]– قرياز، الأبحاث الميدانية، مرجع سابق،27، 28
[48]– قرياز ، الأبحاث الميدانية ، مرجع سابق، ص 20، 21
[49]– عبد الله، أوراق في تاريخ اليمن وآثاره، (بحوث ومقالات)، دار الفكر المعاصر، بيروت، لبنان، دار الفكر دمشق، سوريا، ط2، 1990م، ص223.
[50]– الشعيبي،ميناء قنا، مرجع سابق، ص85.
[51]– أكويبان، الأبحاث في أطلال مدينة قنا، مرجع سابق، ص 74، قرياز، الأبحاث الميدانية الكاملة، مرجع سابق، ص25.
[52]– قرياز، الأبحاث الميدانية، مرجع سابق، ص 25.
[53]– أكويبان، وآخرون، نتائج أعمال البعثة اليمنية السوفيتية المشتركة،ج1، المركز اليمني للأبحاث الثقافية والآثار والمتاحف، سيئون، 1988، ص46 –51.
[54]– شهاب، حسن صالح، أضواء على تاريخ اليمن البحري، دار الفارابي، بيروت، 1977م، ص242.
[55]– نفسه، ص 253.
[56]– الكديم، صالح مبارك، مدير شركة النفط بشبوة، مقابلة بتاريخ، 12 يوليو 2021م.
[57] – تقرير عن مكتب الإعلام م شبوة، 6 سبتمبر، 2020م.
المصادر والمراجع باللغة العربية:
الجرو، أسمهان سعيد:
- الطرق البرية والبحرية، مجلة العلوم الاجتماعية الإنسانية،المجلد الثاني، العدد 3، دار جامعة عدن للطباعة والنشر، 1999.
- نشأة الملاحة في ميناء عدن القديم، الندوة العلمية الأولى حول عدن ثغر اليمن، الماضي، الحاضر، المستقبل، دار جامعة عدن للطباعة والنشر، 1999.
الشعيبي، خالد صالح:
- التجارة الخارجية لحضرموت قبل الإسلام، مجلة كلية الآداب، العدد 5، دار جامعة عدن للطباعة والنشر، يوليو،2008.
- ميناء قنا من القرن الثاني ق.م إلى القرن السادس الميلادي، دراسة تاريخية أثرية، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة عدن، كلية الآداب، 2007.
الشيبة، عبدالله حسن:
- ترجمات يمانية (العربية السعيدة في المصادر الكلاسيكية، الديانة في اليمن القديم،منشورات دار الكتاب الجامعي، صنعاء 2008.
- ترجمات يمانية،العربية السعيدة في المصادر الكلاسيكية – الديانة في اليمن القديم، منشورات دار الكتاب الجامعي، ط1، 2008.
- يمنت في النقوش اليمنية القديمة المعنى والدلالة، في: دراسات سبئية، دراسات في الآثار والنقوش والتاريخ مهداة إلى يوسف محمد عبد الله، الساندر ودي ميجرية، كريستيان روبان بمناسبة بلوغهم الستين عاما، صنعاء، نابولي، 2005.
النعيم،نورة عبدالله:
- الوضع الاقتصادي في الجزيرة العربية في الفترة من القرن الثالث قبل الميلاد – حتى القرن الثالث الميلادي،دار الشواف للتوزيع والنشر، الرياض، 1992.
بأفقيه،محمد عبدالقادر:
- في العربية السعيدة،دارسات تاريخية قصيرة، ج1، مركز الدراسات والبحوث اليمني، صنعاء، 1988م.
- مختارات من النقوش اليمنية القديمة،المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 1985.
بامطرف، محمد عبدالقادر:
- الرفيق النافع على دروب منظومتي الملاح باطايع، مطبعة السلام، عدن، 197.
بيستون، الفريد،وريكمانز، جاك، والغول، محمود،وموللر، والتر:
- المعجم السبئي، منشورات جامعة صنعاء، دار نشر بيترز، لوفان الجديدة، مكتبة لبنان، بيروت، 1982م.
حبتور،ناصر صالح:
- اليزنيون موطنهم ودورهم في تاريخ اليمن القديم، دار الثقافة العربية، الشارقة، جامعة عدن، 2002.
ريكمانز، جاك:
- حضارة اليمن قبل الإسلام، ترجمة د.علي محمد زيد، مجلة دراسات يمنية، العدد 28، إصدار مركز الدراسات والبحوث اليمنية، صنعاء، 1987.
سيدوف،إلكسندر:
- قنا ميناء كبير بين الهند والبحر الأبيض،في اليمن في بلاد مملكة سبأ،ترجمة: بدر الدين عروكي، مراجعة، د.يوسف محمد عبد الله، معهد العالم العربي، باريس، دار الأهالي،دمشق،1999.
شير نسكي:
- أضواء على الآثار اليمنية (تقرير عن الآثار في اليمن الديمقراطي،المركز اليمني للأبحاث الثقافية، وزارة الثقافة والسياحة، عدن، طباعة مؤسسة 14 أكتوبر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، 1975.
- اليمن مركز هام من مراكز الحضارة الإنسانية، الثقافة الجديدة، العدد 10، السنة 3، 1974.
شهاب، حسن صالح:
- أضواء علىتاريخ اليمن البحري، دار الفارابي، بيروت، 1977.
عبدالله، يوسف محمد:
- حمير بين الخبر والأثر، مجلة دراسات يمنية، العدد 42، إصدار مركز الدراساتوالبحوث اليمني، صنعاء، 1990.
- أوراق في تاريخ اليمن وآثاره، (بحوث ومقالات)، دار الفكر المعاصر، بيروت، لبنان، دار الفكر دمشق، سوريا، ط2، 1990.
- في بلاد اليمن في المصادر الكلاسيكية (دراسة ومختارات)،جمع وترجمة، حميد مطيع العواضي، عبد اللطيف الأدهم، كتاب الثقافة، إصدار وزارة الثقافة والسياحة، صنعاء، 2001م.
عربش، منير:
- معطيات جديدة حول تاريخ مملكة حضرموت القديمة (من القرن السابع قبل الميلاد وحتى القرن الثالث الميلادي) حوليات يمنية، المعهد الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية، صنعاء، 2003.
قرياز،نفتش بطرس:
– دراسة ميناء قنا القديم، نتائج أعمال البعثة اليمنية السوفيتية المشتركة، ج1، المركز اليمني للأبحاث الثقافية والآثار والمتاحف، سيئون، 1987.
اكويبان،أرم،وباطايع، احمد،وفينوقرادوف، يوري، وسيدوف، الكسندر:
-الأبحاث في إطلال مدينة قنا، لعام 1988م، نتائج أعمال البعثة اليمنية السوفيتية المشتركة، ج1، المركز اليمني للأبحاث الثقافية والآثار والمتاحف، سيئون، 1988م.
ابن ماجد:
– حاوية الاختصار في أصول علم البحار، تحقيق وتحليل وترجمة، إبراهيم خوروري، مركز الدراسات والوثائق، رأس الخيمة، الإمارات العربية المتحدة، ط2، 2001، ص61.
– كتاب الفوائد في أصول علم البحر والقواعد، مركز الدراسات والوثائق، رأس الخيمة، الإمارات العربية المتحدة، ط2، 2001.
– الجمهورية اليمنية، 15 عاما من مسيرة البناء والتنمية، كتاب خاص بمناسبة العيد الوطني الخامس عشرللجمهورية اليمنية، مطابع دائرة التوجيه المعنوي، صنعاء، 2005.
تقارير مكتب الإعلام م / شبوة.
مذكرات ومقابلات شخصية مع بعض مدراء العموم وبعض الجهات المختصة في محافظة شبوة.
المصادر والمراجع الأجنبية:
Do ,B ,
Monuments of South Arabia Falcon Oleander,Italy ,England 1983 , –
-THEPeriplus ,
of the Erythreanseatranslated from the Greek and annoyed by wilfschoffnew York London Bombay and Calcutta , 1912 ,
Pliny:–
- Natural History, translated by, H, Rackham, M. A. William Heinemann Ltd, Vol., II, B, VI, Vol. IV, B,XII, London, 1968..
-SedoveA , V , New , Archaeological and epigrahical.
-Doe, husnaL,Ghurab,and,the, Site , of ,Qana , Antiquities , No,.
Harding, G, L:–
Archaeology in the Aden Protectorates, London, 1964.
Rouaud,A,La:
Route, des Aromates, in, SABA, (parfums D, Arabia), No, I, France, 1994,
الملاحق