أ.د. عماد محمد العتيقي([1])
ملخص البحث:
يتناول هذا البحث شخصية ابن عتيق حاكم زيلع، ونسبه، وعلاقته بالشيخ أبي بكر بن عبدالله العيدروس الشهير بالعَدني، ضمن السياق السياسي والتجاري والثقافي في تلك الفترة. وتلك العلاقة وردت في قصة حصلت في مدينة زيلع، وبالتحديد في بيت حاكمها ابن عتيق. ثم يتطرق البحث إلى نشاط آل عتيق الديني والتجاري في محيط خليج عدن، وعلاقته بالأحداث السياسية إبان دخول العثمانيين والبرتغاليين إلى المنطقة.
واتضح من الدراسة أن آل عتيق كان لهم نشاط دعوي في اليمن في العصور الإسلامية، ثم عبر بعض مشايخهم من اليمن إلى بلاد الزيلع للدعوة والجهاد، وأسسوا إمارة في هَرَر، وتقلد بعضهم الحكم في مدينة زيلع ضمن سلطنة آل ولشمع. وشكّل بنو عتيق مع آل ولشمع المعروفين لاحقًا بآل سعد الدين، والسادة العلويين وغيرهم من المشايخ شبكة من العلاقات، اختلطت فيها السياسة بالدعوة والتجارة، وامتدت عبر خليج عدن فيما بين بر سعد الدين وحضرموت والبحر الأحمر، الأمر الذي أسهم في إثراء المشهد الحضاري والتجاري في تلك البلاد، وترك بصمات إسلامية واضحة امتدت آثارها عبر القرون.
Ibn Atiq, the governor of Zeyla, and his relationship with Shaikh Al-Adeni
Abstract
This study tackles the personality of Ibn Atiq, governor of Zeyla, his ancestry, and his relationship with shaikh Abu Bakr bin Abdullah Al-Aydadrus, known as Al-Adani, in the context of political, trade, and cultural landscape at the time. That relationship was mentioned in an event that took place in the house of Ibn Atiq himself. Then the wider scope of the clan of Ibn Atiq is addressed within the Gulf of Aden, and the effect of political events on their activities during the depot of Portuguese and Ottoman forces.
The study illustrates the Ibn Atiq clan have had religious role in the Yemen in the Islamic period, and hence some of their leaders expanded their activities and crossed the sea to the horn of Africa, then called the country of Zeyla, and established an Emirate in the region of “Harar”. Some of its members then assumed the governorship of Zeyla city, within the sultanate of Wal-Shamaa, where they established a network with them and with the Al-Ba Alawi clan, which connected the sides of the Gulf of Aden in cultural and trade aspects. Such network left outstanding Islamic marks in the regions of Barr Saad El-Din, Hadhramut, and the Red Sea.
مقدمة:
قليلة هي النصوص والمصادر التي تتطرق إلى حكومة مدينة زيلع في القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، رغم أهمية هذه المدينة ودورها الاستراتيجي في خليج عدن،ويهدف هذا البحث إلى التعرف على شخصية ابن عتيق حاكم زيلع، وعلاقته مع الشيخ أبي بكر بن عبدالله العيدروس السقاف، آل باعلوي نسبًا الشهير بالعَدني، ضمن السياق السياسي والتجاري والثقافي في تلك الفترة، وقد وردت تلك العلاقة في قصة حصلت في مدينة زيلع وبالتحديد في بيت حاكمها ابن عتيق. ويتضمن البحث تحقيق رواية وردت في النص وانتشرت في المراجع عن كرامة منسوبة للشيخ العدني، وتمحيص ما فيها بين الحقيقة والخيال، وعبر ذلك نتوصل إلى نشاط آل عتيق الديني والتجاري في محيط خليج عدن وعلاقته بالأحداث السياسية إبان دخول العثمانيين والبرتغاليين إلى المنطقة.
المنهج:
سنقوم في البداية بعرض النص المقصود كمدخل للدراسة، ثم نتطرق إلى السياق العام بما يشمل بيئة البلاد الجغرافية، ومفاهيمها الثقافية، وأوضاعها السياسية. ونعرج بعد ذلك على السياق الخاص فنتطرق إلى شخصية الحاكم ابن عتيق، وتحقيق نسبه، وأيضًا شخصية الشيخ العيدروس ومكانته بين الناس في ذلك الوقت، ثم نتطرق إلى تحليل النص المعروض وتحقيق الأحداث المذكورة فيه، وعلاقة ابن عتيق مع الشيخ العيدروس، ثم علاقة آل عتيق بالسادة العلويين في محيط خليج عدن وتأثرهم بالأحداث السياسية، ونسترشد في البحث بمصادر من كتابات المؤرخين، وملاحظات الرحالة الذين مروا بزيلع قريبًا من تلك الفترة، وغير ذلك من المصادر والمراجع.
النص:
نذكر أدناه نص القصة التي ورد فيها خبر ابن عتيق، وقد وردت في مصدرين، نسرد من أحدهما لأنه أضبط إسنادًا، ثم نستفيد من الثاني فيما فيه إضافة على الأول.
” وأخبرني محمد بن عبدالله بارشيد وجماعة من الناس قالوا: دخل زيلع الشيخ، وفيها حاكم من الوزراء يقال له: إبراهيم بن عتيق، اعتقد في الشيخ وأحبه محبة عظيمة، وأحسن إليه غاية الإحسان، وكان مع الحاكم جارية وهو مشغوف بها، فمرضت مرضًا شديدًا حتى أشرفت على الهلاك، فأرسل الحاكم إلى الشيخ رسولًا وأتبعه ثانيًا وثالثًا إلى العشرة، ولم يكن يرسل إليه قبل ذلك، إلا أنه كان يأتي إليه بنفسه، فخرج الشيخ فزعًا فظن أنه جرى عليه شيء من مخدومه، فلما دخل عليه وجد الجارية تنازع سكرات الموت، فقال له الحاكم: أحيي لي هذه الجارية، فإنها قرة عيني، فشتمه الشيخ شتمًا مفرطًا، وقال له: أنا رب أُحيى الموتى؟! فقال له الحاكم: والله العظيم ما تخرج من هنا حتى يشفي الله هذه الجارية، فعند ذلك زعق الشيخ، واحمر وجهه، ودعا إلى الله تعالى، وسألناه بماذا دعا به؟ فقال قلت: اللهم بحسن عقيدته اشفها، فوالله، ما خرج الشيخ من بيته حتى شفاها الله تعالى، وأكَلَت معهم أرزًا مطبوخًا”([2]).
وقد ورد في النص الثاني فوائد منها أن الحادثة حصلت بعد أن أتم الشيخ حَجّه في سنة 888هـ، وذلك يجعلها في أوائل 889هـ (1484م) تقريبًا، ومنها أن الحاكم اسمه محمد بن عتيق بدلًا من إبراهيم، فربما دل اختلاف الاسم على تعاقب أكثر من حاكم في زيلع من آل عتيق، وفيه من شطحات الصوفية واعتقادهم بالخوارق أن الجارية كنت قد ماتت، فناداها الشيخ فرد الله إليها روحها([3])، بينما يتضح من النص الأول المُسند أن الحقيقة غير ذلك، وغاية ما هنالك هو استجابة الله سبحانه لدعاء رجال صالحين، وأن المرأة لم يكن قد حان أجلها، وإن خُيل للرائي أنها تنازع سكرات الموت.
السياق العام:
تقع مدينة زَيلع في الطرف الجنوبي الغربي من خليج عَدن، على جزيرة بساحل القرن الإفريقي (الصومال حاليًا) المقابل لسواحل اليمن الجنوبية، والإقليم المجاور لزيلع يحمل اسمها أيضًا، وقد خضع لسيطرة ممالك إسلامية متجاورة، منذ العصور الإسلامية المبكرة. وكان من هذه الممالك مملكة إيفات في بلاد تسمى “الجَبَرت” ضمن أراضي الحبشة. وزيلع هي فرضة الحبشة أي منفذ تجارتها الرئيس([4])، وتُعَد بلاد الجبرت من أراضي الزيلع، وقد خضعت لحكم سلالة قُرشية منذ زمن قديم يقال لهم آل ولشمع، وهي الدولة القائمة بجهاد النصارى في الحبشة([5]). وكان إلى الجنوب منها مملكة وراثية في جهة الصومال من السلالة البكرية الصديقية، برز منها أحمد بن آدم حاكم مقدِشو في 699 (1300م)، والذي قدم الدعم والمساندة للمجاهدين في الحبشة، وهو كما جاء في سلسلة اسمه التاسع من سلالة تبدأ بالسلطان إبراهيم البكري([6]).
وحدث أن ثار نزاع في هضبة الحبشة بين مملكة شاوه التابعة لبني مخزوم ومملكة إيفات الواقعة إلى الشرق منها، انتهى بسيطرة أمير إيفات عُمر ولشمع ونهاية سلطنة شاوه، وذلك في 684 (1285م)، بعد أن استمرت أربعمائة عام منذ تأسيسها في 283هـ (896 – 897م)([7]). بعد ذلك تسلط ملوك الحبشة المسيحيون على إيفات بحروب ضارية انتهت بسقوطها ومقتل أميرها سعد الدين ولشمع في 817هـ (1415م)، وهرب أبناؤه العشرة إلى اليمن عن طريق زيلع. وانتقلت قيادة المسلمين بعدها من إيفات إلى مملكة عَدَل المجاورة لها شرقًا، بقيادة الأمير صلاح الدين بن حق الدين ولشمع. بعد ذلك في سنة 825هـ (1422م) استرجع أولاد سعد الدين بعض بلادهم بدعم ملك اليمن الناصر أحمد الرسولي([8])، ثم تحسنت العلاقات بين آل سعد الدين وأمحرة (الحبشة المسيحية) وتم الصلح في 856هـ (1452م) على يد الأمير محمد بن شهاب الدين بدلاي([9]). كان الاتجاه العام في عَدل نحو تطبيع العلاقات مع أمحرة والقبول بالتبعية الرمزية لإمبراطور الحبشة المسيحي، ولكن بعض القادة المحليين مثل “عُثمان” حاكم زيلع وغيره، قاموا بمهاجمة أطراف الحبشة الجنوبية، وضعفت بذلك سلطة ملوك أمحرة، فاتجهوا إلى السلام والتوازن مع المسلمين، وذلك اعتبارًا من عهد الامبراطور إسكندر بن بايدا مريام 882-899 (1478-1494م)، وأسهم في ذلك وجود شخصيات مؤثرة مثل الملكة الأم “إيلينا”، التي سيطرت على البلاط المسيحي في 889 (1484)م، واتبعت سياسة تسامح مع المسلمين بسبب خلفيتها المسلمة، فشجع ذلك على ازدهار التجارة وحركة القوافل، حيث إن أهم بندر للحبشة هو زيلع التابع إلى آل سعد الدين، شجع ذلك أميرهم محمد بن أزهر الدين 893-924 (1488-1518م) على التقارب مع المسيحيين من عاصمته “دَكَر”، بالرغم من ظهور قوى متشددة متمثلة في الإمام “محفوظ” في مدينة “هرر”([10]). وكانت مدينة زيلع هي العاصمة الاقتصادية لمملكة إيفات التي اشتهرت في ذلك الزمن باسم “بر سعد الدين”، وسابقًا كانت زيلع هي العاصمة السياسية قبل اتخاذ آل سعد الدين مدينة دَكر في الداخل عاصمة لهم([11])، فكان لا بد من اختيار حُكام ذوي حنكة وأمانة للنيابة عن السلطان في زيلع، وخاصةً أنها تسيطر على الطريق البحري إلى الهند والمشرق والجزيرة العربية وبلدان البحر الأحمر، وكذلك ينتهي إليها الطريق البري من بلاد المسلمين والمسيحيين بالحبشة.
لا يتوفر تحديد لبداية منصب الحاكم في زيلع، ولم تتوفر عنه بيانات تاريخية محددة، سوى ما ورد عن وجود حاكم أقدم هو عثمان ورد اسمه أعلاه. ولكن لا بأس من وضع إطار لحد بداية هذا المنصب، وحد انتهائه، فالأول يُعرف من بداية نقل سلاطين عدل لعاصمتهم من زيلع إلى دَكر، مما يستدعي تنصيب نائب في زيلع، وانتهاؤه يقدر من نهاية حكم آل سعد الدين في البلاد. فانتقال مقر الحكم إلى دكر معروف وهو في زمن السلطان شهاب الدين بدلاي بن سعد الدين أي بين 836-849 (1433-1445م)([12]). وانتهاء الولاية يمكن تقديره بقيام ثورة الإمام أحمد جران في هَرر وذلك في 931 (1525م)([13]). وتلك المدينة، هَرر، كانت محطة لهجرة وسيطرة مهاجرين يمنيين منذ القرن السابع الميلادي، ثم سيطرت عليها سلالة ولشمع اعتبارًا من 760(1359م)، وظلت تابعة لهم حتى صارت هي العاصمة بعد ذلك، واستمرت إمارة عربية مستقلة حتى سنة 1304(1887م) عندما سيطر عليها مينيلك([14]) Menelik ملك شاوه ثم امبراطور الحبشة([15]).
وقد وصلت مدينة زيلع في زمن آل ولشمع إلى درجة عالية من التقدم الحضري والعمراني، والصناعة والازدهار التجاري، رغم ما تخللها من المناوشات والمعارك، ومن أهم أسباب التقدم الأمن والعدالة التي وفرها حُكام المدينة، وسجل الرحالون الذين مروا بها بعض تلك المظاهر، وأبرزهم الرحالة الإيطالي فارثِما Varthema([16]) الذي نزلت سفينته بها في 909 (1503م)، وجاء في وصفه “إن مدينة زيلع ذات تجارة عظيمة، وخاصة في الذهب وسِن الفيل، ويباع فيها أيضًا عدد كبير من العبيد، وهم من الأحباش الذين يأخذهم العرب في الحروب، ومن هنا ينقلونهم إلى فارس، جزيرة العرب، مكة، القاهرة والهند. في هذه المدينة، يعيش الناس في راحة تامة، والعدالة تقام بطريقة ممتازة، ويُزرع فيها كثير من الحبوب، وكثير من طعام البهائم، والزيت متوفر بكميات كبيرة وهو لا يُعمل من الزيتون ولكن من حب السمسم، والعسل والشمع متوفر بكميات كبيرة”. وتطرق هذا الرحالة بعد ذلك إلى أنواع الغنم، والبقر الوحشي، والأغذية والبضائع المتوفرة بكثرة في زيلع، وذكر كثرة التجار الذين يمارسون نشاطهم بها، وأضاف أن ملك (حاكم) زيلع من العرب، ولديه كثير من الجنود من الفرسان والرجالة، وأن الناس بطبيعتهم محاربون، ولباسهم القميص، ولون بشرتهم زيتوني، وكلهم مسلمون([17]). وهذه المدينة تعرضت بعد ذلك للغزو البرتغالي بدعوة من إيلينا ملكة الحبشة في 915 (1509م) وذلك لصد هجوم المجاهدين المسلمين في هرر، فصارت بلاد الزيلع آنذاك مسرحًا للصراع الدولي بين المماليك والعثمانيين بمساعدة الزيالعة من جهة، والبرتغاليين والأحباش من جهة أخرى([18])، وقد اقتحمها البرتغاليون في سنة 920 (1514م) ونهبها قائدهم سواريز ودمرها، وذلك لأنها كانت منفذ تجارة القرن الإفريقي إلى المحيط الهندي والبحر الأحمر. وقد وصفها البرتغاليون بما يدل على ما وصلت إليها من الرخاء. فهي ميناء مكتظ بالسكان، يحتوي على بيوت واسعة وعالية، سكانه مختلفو الأعراق، تُصادف منهم في الطرقات الأسود والأبيض والبرونزي([19]). ويلاحظ أن هذا التحضر والرخاء الذي كان عليه بندر زيلع، وتنوع سكانه، لم يكن في العهد السابق على سلطنة ولشمع، فيذكر الرحالة ابن بطوطة([20]) في 732 (1332م) أنه نزل زيلع، فوجد أهله من السودان البربر، وأكثرهم رافضة، وهي مدينة عظيمة ولها سوق كبيرة إلا أنها أقذر مدينة في المعمور، وأوحشها وأكثرها نتنًا، بسبب كثرة السمك ودماء الإبل التي يذبحونها في الطرقات، ومن شدة قذارة البلد ونتن رائحته لم يستطع هو ورفاقه الإقامة فيه، فنزلوا في المركب بالبحر خارجًا عنه، فيبدو واضحًا أنه قد حدث تغير سكاني ونقلة ثقافية وحضارية من نشاط الدُعاة العرب الوافدين إلى البلد، وسيطرتهم على مقاليده من بعد الفُرس، في حملات شملت بلاد الزيلع، واستمرت من 612 (1216م) إلى 700 (1301م). وهؤلاء الدعاة كانت طليعتهم بقيادة الشيخ أبادر عُمر الرضا بن قُطب الدين عُمر بن الفقيه عُمر([21])، وهو منسوب إلى أبي العتيق محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم([22]).
السياق الخاص:
أولًا- تحقيق نسب ابن عتيق: لم تتوفر لدينا معلومات عن ظروف تنصيب ابن عتيق حاكمًا في زيلع، ولكن من المرجح أن قومه شاركوا آل سعد الدين في استعادة إمارتهم المسلوبة. وإمارة حساسة مثل بندر زيلع لم تكن لتُعطى إلا لمن أثبت جدارةً عسكرية وولاءً سياسيًا، ولم يخضع أهل هذه البلاد لقيادة غير قُرشية، فهم أي القُرشيون حُكامها منذ عهد المخزوميين في شاوه، والمشايخ البكريين في هَرر، والشريف محيى الدين يوسف الأكوان والد آل ولشمع السلالة الحاكمة في إيفات([23])، وهو أي محيى الدين الأكوان دخل البلاد مع البكريين وشارك في الدعوة والجهاد في القرن السابع /الثالث عشر الميلادي([24]). إن هذه العلاقات المؤسسية القديمة الناتجة عن مشاركة هذه الأطراف في الجهاد والدعوة، من المرجح أنها أينعت بثمارها من وضع آل ولشمع ثقتهم في بعض آل عتيق البكريين للنيابة عنهم في زيلع.
ولكن نفوذ آل عتيق في بلاد الزيلع ابتدأ في جيل سابق يرجع إلى أحد أجداد الشيخ أبادر. فقد سجل الرحالة البريطاني “ريتشارد بيرتون”([25]) Burton بعض الملاحظات في رحلاته في القرن الإفريقي، وهي قصة رواها له أحد المشايخ عن كرامة حصلت هناك، اشترك فيها الشيخ محمد بن يونس الصِدِّيقي الساكن في بيت الفقيه ببلاد العرب مع سيد يوسف البغدادي الذي كان يسكن في ميناء “سيارو” بمنطقة بربرة من بلاد الزيلع، وهي حادثة لا تخلو من غرابة، ولكنها من النوع المألوف في تلك الديار الذين يعتقد أهلها بالكرامات الخارقة للأولياء الصالحين، تسببت بهلاك متغلب وثني في ذلك القُطر، بعد أن دعا عليه هذان الشيخان، فأطبق عليه الجبل. وقد لاحظ بيرتون، وهو من أبرز الرحالين الناقدين في القرن التاسع عشر الميلادي، أن للقصة أصلًا صحيحًا رغم ما فيها من مبالغة وخيال، لأن جماعة القتيل ما زالوا يقبضون تعويضًا عن مقتله، كما أخبره الراوي الشيخ جامع الهرري وهو نسابة مشهور هناك، وأكثر مشايخ الصومال معرفة وعلمًا([26]). ما يهمنا في الموضوع هو محمد بن يونس الصِديقي، صاحب بيت الفقيه، فهو من بني عتيق البكريين، ومن سلالة عدد من الفقهاء، أقدمهم الفقيه مُرة، بن زكريا بن تيم بن جمال الدين محمد بن محمد بن عبدالله بن أبي العتيق محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق. وهو أي محمد بن يوسف، جدُ الشيخ عمر الرضا أبادر المشار إليه أعلاه([27])، وهو أي الشيخ أبادر نفسه أصلُه من اليمن([28])، بما يتوافق مع الرواية التي نقلها بيرتون عن موطن جده محمد بن يوسف في بيت الفقيه، في جزيرة العرب.
وتلك الرواية عن وجود آل عتيق في بيت الفقيه في ذلك الزمن القديم، لم تحدد موضع هذا البيت، ولكنه على أي حال في اليمن. وقد وقعنا على نص يثبت وجود آل عتيق في القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي، في بيت الفقيه ابن حشيبر([29])، المعروف بمدينة الزيدية في تهامة اليمن([30])، فقد أرسل الوالي واسمه عمر بن عبدالعزيز الحُبيشي في سنة 892 (1487م) من قِبله عاملَين لإدارة البلد وجباية الرسوم، فَطغيا وظلما وبالغا في ذلك، ولم يُطق أهل البلد هذا الظلم والفجور، فوثب عليهما رجال من آل عتيق وقتلوهما. يصف مؤرخ ذلك الزمان هذه الحادثة وما نتج عنها: “وترك في بيت الفقيه ابن حشيبر كاتبين من قبله هما الجمال أبو الفتح الأحمر، والفقيه أبو القاسم بن علي راجح، فأفحشا في الظلم والعسف، فوثب عليهما أناس من بني عتيق فقتلوهما قتلة شنيعة في العاشر؟ سنة اثنين وتسعين، والملك المنصور إذ ذاك بمدينة تعز([31]). فنزل الملك إلى زبيد لما بلغه الخبر، ودخلها عصر يوم الأربعاء التاسع من جمادى الأولى من السنة المذكورة. فلما علم الزيديون بوصوله وأبو القاسم الشرياني إذ ذاك معهم، حملوا هم والشرياني على الأمير عمر بن عبدالعزيز ومن معه في بلد الجرابح([32]) صبح يوم السبت الثاني عشر من جمادى الأولى، وعسكر الأمير قليلون، فانكسر الأمير وعسكره، وهرب الأمير إلى بلاد الزعليين([33]) فوقف فيها إلى أن خرج الملك المنصور إليها في التاريخ الآتي ذكره”… “وفي يوم الثلاثاء سادس جمادى الأخرى قصد الملك المنصور بلاد الزيدية في جمع كثيف وخيل كثيرة، يقال إنها بلغت فوق الألف، فلما بلغ الزيدية لم يقم له أحد من أهلها، فخربها ونقض أبنيتها وحرقها ورجع إلى زبيد من غير قتال”([34]).
النص واضح إلى درجة كبيرة، وكان ذلك الحدث في عهد الملك المنصور، واسمه عبدالوهاب بن داود، من ملوك الدولة الطاهرية([35]). ولما كان بنو عتيق من أعيان بيت الفقيه حشيبر، وتعرض أهل البلد إلى ظلم واضطهاد من عُمال الوالي، ثاروا وقتلوهما انتصارًا لقومهم.
وقد يكون في تلك النواحي بيت الفقيه محمد بن يونس الصديقي وأجداده الفقهاء بنو مُرة([36])، وهو مصدر انتقال بعض بني عتيق إلى الزيلع، أو بر سعد الدين، قبل زَمن الفقيه ابن حشيبر. فالساحل المقابل لمدينة الزيدية يشتمل على خور وميناء كان يُجبى منهما مال كثير من الخراج، وكان الخور يسمى في ذلك الزمن “خور بني عتيق” على الأرجح([37])، وموقعه قرب مصب وادي سردد، الذي يسقي بلدان المَهجم والضَحِي والزعليين والزيدية، ويسمى البحر المواجه له قديمًا بحر الحادث والحَردة([38]). يُلاحظ أيضًا تقارب الزمن بين أحداث بني عتيق المذكورة أعلاه، وبين قصة ابن عتيق حاكم زيلع، فالفارق ثلاث سنوات.
ولآل عتيق ذكر آخر في مصادر اليمن، حيث يوجد ذكر لإعفاءات أو مسامحات ضريبية باسم “ورثة الفقيه عُمر” بمقدار 25 قيراط، في مصدر رسمي نادر، هو بيان الإيرادات المالية لدولة بني رسول، وفيه ذكر اسم المعفيين وقيمة المسامحة من جباية الدولة، وهذا الدفتر يعود إلى فترة السلطان المؤيد الرسولي المتوفى سنة 721 (1321م)([39])، فالفقيه عمر وورثته كانوا مشهورين وقتها إلى درجة إفراد اسمه بدون نسب أو لقب آخر. وابنه عمُر قطب الدين تُوفي في 649 (1250م)([40])، فمن الممكن أن تكون ولادته حوالي سنة 570 (1175م) وبذلك يكون والده الفقيه عمر من رجال القرن السادس.
وقد وجدنا أيضًا ضمن إعفاءات دفتر الجباية المؤيدية سالف الذكر في منطقة زبيد، نصًا يرد فيه: “الشيخ الصالح أبو بكر ابن عتيق، خمسة وعشرون” (قيراط)([41]). وأبو بكر ابن عتيق له أيضًا إقطاعات كبيرة ومسامحات في منطقة تعز في ناحيتي جَبَا وصَبِر، وردت في المصدر ذاته([42]). وهذا البيت، آل عتيق، ورد ذكره في مُشجر النسابة اليمني أبي علامة المؤيدي المتوفى سنة 1044 (1634م) حيث ذكر أن “عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق عقبه كثير، ويقال لهم آل بني عتيق”([43])، أو آل عتيق([44]). وهذا الوالد، عبدالله بن محمد، تابعي مشهور وله أخبار مستفيضة، وهو الذي يقال له: ابن ابي عتيق([45]).
ثانيًا- أبو بكر بن عبدالله العيدروس العدني: علم كبير من أعلام السادة آل باعلوي، الذين تصدروا المشهد الديني في حضرموت قرونًا طويلة. وهو قطب بارز من أقطاب الصوفية، تَسود منصة آل باعلوي، وفاق أقرانه، حتى صار مرجعًا لطلاب العلم والمريدين، وله تراجم مستفيضة في مراجع السادة العلويين، نقتطف منها بعض ما ورد في “المشرع الروي”([46]). اسمه الكامل أبو بكر بن عبدالله الملقب بالعيدروس بن أبي بكر بن عبدالرحمن السقاف باعلوي. وُلد عام 851 (1447م) بتريم، ونشأ في حِجر والده وأخذ عنه التصوف، ودرس على عمه الشيخ علي بن أبي بكر السقاف المتوفى سنة 895 (1490م)([47])، وعلى الشيخ العلامة عبدالله بن عبدالرحمن بلحاج بافضل المتوفى في الخامس من رمضان سنة 918 (23 نوفمبر 1512م)([48])، وكثير غيرهم. كان العيدروس شغوفًا بكتاب إحياء علوم الدين للشيخ أبي حامد محمد الغزالي المتوفى سنة 505 (1111م)، ومؤلفات محيى الدين محمد ابن عربي الأندلسي المتوفى سنة 638 (1240م)([49])، جلس محل والده الذي ألبسه الخرقة([50]) وحكّمه وأجازه في الإلباس، والتحكيم والإقراء والتدريس، وذلك في رجب سنة 865 (1461م) قبل موته بشهر، وعمره أربعة عشر سنة. وكانت لهذا القطب مجاهدات ورياضات عظيمة، رحل إلى الحرمين وعدن وزبيد وأخذ عن علمائها، وحج سنة 880 (1475م) وأخذ عن الحافظ محمد بن عبدالرحمن السخاوي المتوفى سنة 902 (1497م)، وغيره، وأجازه أكثر مشايخه في جميع مروياتهم ومؤلفاتهم. تميز بصفاء الذهن وذكاء الفطنة، وكان صائب الرأي، حاد الفراسة، مما أعجب مشايخه، ولما رجع إلى تريم جلس للتدريس والانتفاع وأخذ عنه جماعة كثيرون.
وكان كثير التبسم، دائم البشر، لطيف المعشر، عطوفًا على الفقراء والأيتام والأرامل، واصلًا لهم بالبر سرًا وعلانية، قصده الشعراء بالقصائد، فكان يجيزهم عليها بما تطيب قلوبهم من المكرمات. وكان يقبل الهدية والنذور، ويسعى في إيصال الخير إلى المستحقين من طرف الأعيان بجاهه وماله، تنقل في بلدان اليمن لزيارة الأولياء ونفع الضعفاء، واتفق له كرامات باهرة كثيرة، ثم حج سنة 888 (1483م)، ولما رجع من الحرمين دخل بلد زيلع، وكان الحاكم بها محمد ابن عتيق، ثم سافر إلى عدن وركب منها إلى الشحر سنة 889 (1484م)، واستقر في عدن وانتشر ذكره، وقصده القاصدون وصار له جاه كبير بها. وكان كثير الإطعام والإكرام، يُذبح لبساطه في رمضان ثلاثون خروفًا.
وهذا الشيخ، أبو بكر بن عبدالله العيدروس، هو واحد من سلسلة طويلة وعريضة من المشايخ والسادة آل باعلوي، الذين يرجع نسبهم إلى رجل اسمه أحمد بن عيسى المهاجر انتقل من العراق إلى حضرموت في القرن الرابع الهجري، وتفرعت منه بيوت العلويين، وكان السادة هؤلاء أبرز قبائل حضرموت في النفوذ الروحي، والعدد، والثقافة، والمال، ومتانة العلاقات فيما بينهم والتأثير في مجتمعهم([51]).
التعليق:
ووجود السادة في زيلع وبر سعد الدين تأصل بعد ذلك عبر تصدرهم الإرشاد الديني فيها، وكان صاحب زيلع (أي المرشد الصوفي) منهم، مثل السيد شهاب الدين أحمد بن محمد مرَزق باعلوي المتوفي بها في شعبان سنة 987 (1579م)([56])، وفي رواية أخرى أن أحمد مرزق توفي في بر سعد الدين، وهي في المعنى نفسه لأن زيلع هي بندر بر سعد الدين، وهو ولد محمد مرَزق الشهير بالمجاهد؛ لأنه جاهد بالحبشة مع إمامها، وكان أحمد مرزق المذكور تقيًا ورعًا، أخذ عن العلماء الواردين إلى بر سعد الدين([57])، من هنا يمكن أن نفهم نوع الإحسان الذي تكلم عنه صاحب النص، فهو دعم مادي ولوجستي لضمان سلامة التنقل، وتجهيز الرجال والعتاد للجهاد. وفي زمن السلم، كان حكام زيلع يسهلون للسادة أمورهم التجارية والدعوية.
وهذا الاعتقاد بقدرات العيدروس صار مدخلًا للتحيل والخداع، فقد روى الرحالة فارثما([59]) نفسه كيف استطاع التخلص من الأسر في بلاط السلطان عامر بن عبدالوهاب، حيث احتجزته زوجته، فلما أراد أن يفتكّ من أسره ادعى أنه مريض بداء مستعسر، وأنه نذر أن يذهب إلى الشيخ العدني الذي يصنع المعجزات ليُكتب له الشفاء على يديه، فأذنت له، وبهذه الحيلة استطاع التخلص من سجنه، وادعى أنه شُفي على يدي العدني.
ونلاحظ أنه بحلول الربع الأول من القرن العاشر/السادس عشر الميلادي حصلت تغيرات جذرية في المشهد السياسي في بلاد العرب، فقد سيطر العثمانيون الأتراك على مصر والحجاز، وأرسلوا حملات على اليمن، وتغلب البرتغاليون على الهند وهرمز وكثير من بنادر الخليج، واستمرت الثورة الإسلامية في تهديد إمبراطورية الحبشة المسيحية بدعم من الأتراك، وصار المحيط الهندي مسرحًا للصراع بين البرتغاليين والأتراك([62])، وتغلب المصريون المماليك على كثير من بلدان اليمن في صراعات أدت إلى مقتل السلطان عامر بن عبدالوهاب الطاهري في ربيع الثانيسنة 923 (مايو 1517م)([63]). وقد استشعر كثير من أمراء الأقاليم ضعف الدولة الطاهرية وقرب نهايتها فساندوا المماليك ثم العثمانيين، من هؤلاء السلطان بدر الكثيري في حضرموت الذي اضطر إلى الاستعانة بالعثمانيين، وذلك ليتفادى هجوم البرتغاليين المتكرر على بندر الشِحر مفتاح بلاده، وأخيرًا بايع السلطان سليمان في ربيع الأول سنة 944 (أغسطس 1537م)([64]). ظهر في هذه الفترة نشاط بارز لأعيان من آل عتيق الذين نقلوا أعمالهم من بر سعدالدين إلى الشحر.
وفي رواية مشهورة أن مسجد ابن عتيق أسس قُبيل سنة 930 (1524م) وأن الذي بناه الشيخ أحمد بن عبدالله العتيق وهو مقبور به، ويقال أيضًا بناه أحمد بالحاج بن عبدالله بافضل، وكان عبدالله العتيق والد أحمد من كبار الصوفية، عاش حياة الزهد والورع وكان يملك كثيرًا من العبيد أعتقهم لوجه الله([67]). كان آل عتيق من التجار الأثرياء جدًا، ومع ذلك كانوا كرماء ومن ذوي المروءة والنجدة، في بلد تكثر فيه الغارات، سواء من قوى خارجية كالبرتغاليين، أو من قوى داخلية مثل زعماء القبائل المتمردين. من ذلك أنه في سنة 939 (1533م) هجم سليمان بن أبي بكر باهَبري (من شيوخ القبائل) على بلدة شُكُلَنزة وهي بلدة زراعية شمال غرب الشِحر، وأخذ رقيقًا ومواشي، وأخذ من رعايا البلد رجلًا اسمه عوض بن مبارك بامؤمل وولده وعبده، وكان ابن عتيق صديق بامؤمل، فتكلم في استرداده فلم يوجهوه، ثم سعى في استخلاصه بالمال حتى أوصلهم إلى ألف ومائتين دينار فلم يجيبوا، ثم استفكه بألف وأربعمائة دينار([68]).
هذا وقد جاءت تراجم آل عتيق مقتضبة موجزة، ولكن يُستشف منها أنهم كانوا من أهل الصلاح والخير، لهم عناية بإنشاء المساجد، وألقابهم مثل بدر الدين وغيره، جاءت على نسق ألقاب المشايخ، وارتباطهم بالتصوف وبالمشايخ المحترمين في تلك النواحي مثل عبدالله بلحاج بافضل شاهد على علاقتهم بالعيدروس وغيره من السادة العلويين الذين هم من أبرز أصحابه كما تقدم، وهذه البلاد، الشحر هي من المراكز العلمية البارزة في حضرموت، وبها تمركز للسادة باعلوي، تنتشر فيه مساجدهم وزواياهم([69])، وهم أجداد الشيخ جمل الليل ناقل ترجمة ابن عتيق.
الخاتمة:
استعرضنا في هذه الدراسة شخصية ابن عتيق حاكم زيلع في أواخر القرن التاسع/ الخامس عشر الميلادي، وعلاقته بالسيد أبي بكر بن عبدالله العيدروس، واتضح من الدراسة أن آل عتيق كان لهم نشاط دعوي في اليمن في العصور الإسلامية، ومن اليمن عَبَر بعض مشايخهم إلى بلاد الزيلع للدعوة والجهاد وأسسوا إمارة في هَرَر، ثم تقلد بعضهم الحكم في مدينة زيلع ضمن سلطنة آل ولشمع. شكل بنو عتيق مع آل سعد الدين ولشمع والسادة العلويين وغيرهم من المشايخ شبكة من العلاقات اختلطت فيها السياسة بالدعوة والتجارة، وامتدت عبر خليج عدن فيما بين بر سعد الدين وحضرموت إلى البحر الأحمر، الأمر الذي أسهم في إثراء المشهد الحضاري والتجاري في تلك البلاد، وترك بصمات إسلامية واضحة امتدت آثارها عبر القرون.
([1]) الرئيس السابق لجامعة الشرق الأوسط الأمريكية في الكويت.
([2]) العيدروس، أبو بكر بن عبدالله العدني “ديوان العدني المسمى محجة السالك وحجة الناسك”، (مقدمة الكتاب للعلامة عبداللطيف بن عبدالرحمن باوزير)، ط1، دار الحاوي، بيروت، 1432/2011م، ص 41-42.
([3]) بحرق، محمد بن عمر الحضرمي “مواهب القدوس في مناقب ابن العيدروس”، مخطوط من نسخ عمر بن محمد بن محمد بارجا، بتاريخ 29 جمادى الثانية 1363، ص 27. المصدر: زاوية العيدروس العلمية بحوطة آل باعلوي بتريم. وهذه الرواية هي الأكثر شهرة؛ لأن الناس آنذاك كانوا يعتقدون بالخوارق للأولياء ويبالغون فيها. انظر: Ho, Engseng “The Graves of Tarim”, University of California Press, 2006. P.135.
([4]) المقريزي، أحمد بن علي “الإلمام بأخبار من بأرض الحبشة من ملوك الإسلام”، مطبعة التأليف بمصر، 1895م. ص 6، 21، 26.
([6])Wagner, Ewald “Legende Und Geschichte- Der Fath Madinat Harar Von Yahya NasrAllah”. Kommissionsverlag Franz Steiner Gmbh, Weisbaden 1978. Pp 19-30. باللغة الألمانية، وهو تحقيق لمخطوط فتح مدينة هرر ليحيى نصر الله.
([7])Braukamper, Ulrich “Islamic History and Culture in Southern Ethiopia. Collected Essays”. Lit. Verlag, MUNSTER, 2004. P. 19-20.
([8]) أحمد، محمد عبدالعال “بنو رسول وبنو طاهر وعلاقات اليمن الخارجية في عهدهما”، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1989م. ص 442.
([10]) Abir. Mordechai.”Ethiopia and the Red Sea”, Frank Cass,N.Y. 1980.p.34-38.
Chekroun, Amelie ” Dakar, capitale du sultanat ethiopien du Barr Sad ad-din (1415-1520). Cahiers d’Etudes africaines, LV 3- 219, 2015, pp. 569-585 اقترح البحث بعض المواقع لمدينة دكر على الطريق ما بين زيلع وهرر إلى الجنوب الغربي من زيلع.
([13]) Abir. Op. Cit. p. 87.وانظر Braukamper. Op. Cit. 27-31 وهذا القائد: أحمد جران اسمه أحمد بن إبراهيم الغازي ويلقب بالقراد، هدد إمبراطورية الحبشة واستولى على ثلاثة أرباع أراضيها من 1529م وحتى وفاته سنة 1543م.
([14]) Grierson, G. A., Gaselee,S. , Pisharoti, K. R., Pakeman, S. A., and Bailey, H. W. ”Notes and Queries: The Rulers of Harar”, Bulletin of the School of Oriental Studies, University of London, Vol. 6, No. 3 (1931), pp.
817-824.
([15]) Britannica.com/biography/Menilek IIيعتبر مينيلك الثاني من أعظم ملوك الحبشة، وقام بتوسيع مملكته وتوحيدها وإدخال إصلاحات عصرية متميزة. ابتدأ ملكه في 1865م كملك على مقاطعة شاوه وحتى 1889م عندما نصب امبراطورًا على الحبشة وحتى وفاته سنة 1913م.
([16]) ”The Travels of Ludovico di Varthema” (1503-1508 AD). Translated by John Winter Jones and Edited by George Percy Badger. The Hacluyt Society,London, 1863. Pp.86-88.
([17]) Ibid كان الرحالة فارثما يتمتع بحاسة دقيقة لألوان البشرة، وتجد في أوصافه للبلاد التي زارها اهتمامًا بلون بشرة الأهالي. ومقياسه رباعي يتراوح بين الأبيض، الزيتوني، البني أو البرونزي، والأسود. وجد فارثما كافة الألوان في اليمن، فبياض البشرة في المقرانة عاصمة الطاهريين، اللون الزيتوني في تعز وزيلع، البني الداكن في صنعاء. وقد وجد السمرة في السلطان عامر بن عبدالوهاب الطاهري وزوجته وجواريها. راجع الصفحات 67-69 و77-81.
([18]) Abir. Op. Cit. p. 38, 83-86.
([19])Varthema, Ludovico “Les Voyages de Ludovico di Varthema”. Translated by J. Balarin de Reconis. Paris, Ernest Leroux, Editeur, 1888. P.97.
([20]) “Les Voyages D’Ibn Batoutah”, Tome II, Paris, 1877. p. 180.
([21]) Wagner (Der Fath). Op. Cit. pp. 124-126, 133-135, and Appendices.
([22])Wagner, Ewald “Genalogien aus Harar”. J. of The History and Culture of the Middle East, 1974, 51 (1): 97-117. باللغة الألمانية. حصل هذا الباحث الميداني على مخطوطات في مدينة هرر تشتمل على سلاسل نسب عدد من المشايخ المعروفين بها وعلى رأسهم أبادر عمر الرضا البكري الذي يُعتبر الاب الروحي لمدينة هرر ومؤسس لإمارة موحدة في بلاد الزيلع.
([23]) Braukamper. Op. Cit. p.28, 109.
([24]) Wagner (Der Fath). Op.Cit.
([25]) First Footsteps in East Africa. Vol. 1. London, first published 1856, 1894. P. 72-73.
([26])Ibid. p. 54, 193. يجعل راوي القصة: الحاج جامع أحداثها في سنة 666 (1267-68م). ولكن يتضح من أخبار الفقهاء من سلالة محمد بن يونس أنه أقدم من هذا التاريخ قليلًا، إلا إذا كان امتد به العمر، وأدرك ثلاثة أجيال من صُلبه. والشيخ جامع المذكور هو من سلالة المشايخ البكريين ومن نسل أبادر عمر الرضا، وهو موصوف بأنه كثير التردد إلى الحرمين حتى غلب عليه لقب الحاج. انظر: الأبايونسي، يوسف بن حسن “الضوء اللامع في ترجمة الشيخ عبدالسلام حاج جامع”، مكتبة ابن مامة البهية، بربرا، الصومال، 1431، ص 11-13.
([27])Wagner (Genalogien). Op. Cit.
([28]) Braukamper. Op. Cit. p. 36.
([29]) قرية منسوبة إلى الفقيه محمد بن عمر ابن حشيبر المتوفى سنة 718 أو 720 (1320م)، توارثت بها ذريته من الفقهاء. انظر: الأهدل، الحسين بن عبدالرحمن “تحفة الزمن في تاريخ سادات اليمن”، ج2، المجمع الثقافي، أبو ظبي، 2004م، ص192-194.
([30]) تُعَد مدينة الزيدية ومقاطعتها حديثة بالنسبة إلى بيت الفقيه ابن حشيبر، وهي منسوبة إلى بني زيد، بطن من عك، وكانت سابقتها في الصدارة حتى القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي مدينة المهجم التاريخية، التي تقع آثارها إلى الشرق من الزيدية، وكلاهما يقعان في حوض نهر سُردُد الخصيب، وكانت هي وزبيد حاضرتا تهامة منذ العصر العباسي. انظر: المقحفي، إبراهيم أحمد “معجم البلدان والقبائل اليمنية”، ج1، دار الكلمة للطباعة والنشر، صنعاء، 1422/2002م، ص 755، أيضًا: ج2، 1671. ومشيخة الزيدية كانت في بني حُفيص آل مُعوضة القُرشي، بطن من بني أمية. انظر: الأهدل: تحفة الزمن، ج2، ص 50-61، وعبدالعال: بنو رسول وبنو طاهر، ص 300-309.
([31]) تعز: مدينة يمنية كبيرة في السفح الشمالي لجبل صبر، ازدادت أهميتها لما اتخذها الرسوليون عاصمة لمملكتهم، وصارت مدينة العلم والعلماء. انظر المقحفي، المرجع السابق، ج1، ص 231.
([32]) الجرابح قبيلة من عك، تقطن في مديرية الضَحِي بوادي سُردُد. انظر: المقحفي، المرجع السابق، ص 305.
([33]) الزعلية: قبيلة من عك، تسكن شرق اللُّحَيّة ما بين وادي مُوْر ووادي سُرْدُد في تهامة اليمن. انظر المقحفي، المرجع السابق، ص 742-43.
([34]) ابن الديبع، عبدالرحمن بن علي الشيباني “بغية المستفيد في أخبار مدينة زبيد”، مخطوطة الخزانة التيمورية، دار الكتب بالقاهرة، نسخ في 1291، ق 144، (انظر النص في المرفق رقم 1). انظر أيضًا المصدر نفسه: مخطوط بمكتبة تشستر بيتي بأيرلندا، رقم 3749 م. ك. نسخ في القرن 11 الهجري. انظر أيضًا المصدر نفسه: مخطوط بجامعة الرياض-رقم 1350، نسخ في 1385، ق. 107. والكتاب مطبوع بتحقيق عبدالله الحبشي، مركز صنعاء للبحوث والدراسات اليمني، صنعاء، 1979. ولكن فيه خطأ في التنقيط حيث يذكر “بني غبيق” بينما الصحيح بني “عتيق” كما في المخطوطات المشار إليها.
([35]) نسبة إلى طاهر بن معوضة الأموي القرشي، استولوا على اليمن بعد ضعف بني رسول. والملك المنصور بن داود أحد ملوكهم، تفرد بالسلطة في 12 جمادى الأولى 883 (11 أغسطس 1478م)، ودخل في معارك مع القبائل المعارضة التي كان أبرزها بني حفيص شيوخ الزيديين مع أنهم من أقاربه، ولكنهم مالوا إلى ابن عمه يوسف بن عامر الطاهري. والنص المعروض هنا يصف طرفًا من تلك المعارك. انظر: عبدالعال: بنو رسول وبنو طاهر، ص 248، ص 272-274، ص300-309.
([36]) تسلسلهم عند واجنر ((Genalogien كالتالي: الفقيه محمد بن الفقيه يونس بن الفقيه يوسف بن الفقيه محمد بن الفقيه أحمد بن تيم بن إبراهيم بن الفقيه إسماعيل بن الفقيه علي بن زكريا بن عمر بن الفقيه يعقوب بن الفقيه يحيى بن الفقيه عيسى بن الفقيه مرة.
([37]) ابن الديبع، عبدالرحمن بن علي الشيباني “الفضل المزيد على بغية المستفيد في أخبار زبيد”، تحقيق محمد عيسى صالحية، شركة كاظمة للنشر والتوزيع، الكويت، 1402/ 1982م، ص116. وقد قرأها المحقق “خور بني عتيبة”، ولكن قبيلة عتيبة لم تصل إلى تلك البقاع، والمخطوطات فيها اضطراب في رسم الكلمة التي بعد “بني”. فنُرجح أن المؤلف كان يعني بني عتيق بما يتوافق مع حيثيات النص السابق في “بغية المستفيد”، ثم حورها النُساخ إلى بني عتيبة أو بني عبسة.
([38])ارتفاع الدولة المؤيدية- جباية بلاد اليمن في عهد السلطان الملك المؤيد داود بن يوسف الرسولي، تحقيق: جازم، محمد عبدالرحيم، المعهد الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية بصنعاء، 2008م/1429، ص 64. فالحادث والحردة في ذلك الخور من البنادر القديمة في تهامة وهما مصدر توزيع الحبوب ومنتجات المهجم عبر البحر الأحمر، ويقابلهما حاليًا ميناءا الصليف وابن عباس. انظر: نور المعارف في نظم وقوانين وأعراف اليمن في العهد المظفري الوارف، ج1، تحقيق: جازم، محمد عبدالرحيم، المعهد الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية بصنعاء، 2003، ص 74، 108، 110-111، وحول نشاط مدينة المهجم: ص230-240.
([39]) ارتفاع الدولة المؤيدية، ص 28.
([40]) Wagner (Genalogien). Op. Cit.
([41]) ارتفاع الدولة المؤيدية. ص. 29.
([43]) المؤيدي، محمد بن عبدالله بن علي بن الحسين الشهير بأبي علامة ” روضة الألباب وتحفة الأحباب وبغية الطلاب ونخبة الأحساب في معرفة (لمعرفة) الأنساب”، مخطوط، نسخة مكتبة برلين رقم 1297، بتاريخ 1125 (1713م)، ق 35. انظر النص في المرفق رقم 2.
([44]) الفضيل، علي بن عبدالكريم “الأغصان لمشجرات أنساب عدنان وقحطان المجموعة بروضة الألباب الشهير بمشجر أبي علامة”، ط2، المؤلف، 1415/1995م، ص 392-93.
([45])عبدالبر، رفعت التهامي “ابن أبي عتيق وتراثه الأدبي والنقدي”، جامعة الأزهر، القاهرة، ط1، 1411/1991م، ص 6-21، 121.
([46]) باعلوي، محمد بن أبي بكر الشلّي “المشرع الروي في مناقب السادة الكرام آل أبي علوي”، ط1، ج2، المطبعة العامرة الشرقية، مصر، 1319، ص 34-41.
([47]) انظر ترجمته في المرجع السابق، ص 215-218.
([48])عالم كبير يعد أجل علماء الشحر في زمانه، تتلمذ عليه خلق كثير، انظر ترجمته عند: العلوي، عبدالله بن محمد بن عبدالله باحسن جمل الليل “نشر النفحات المسكية في أخبار الشِحر المحمية”، مخطوط برقم 1-535 لدى مكتبة المخطوطات بوزارة الأوقاف بالكويت. مصور من مكتبة الأحقاف بتريم -مجموعة الكاف، بوساطة معهد المخطوطات العربية بالكويت، بتاريخ 2/11/ 1982م، ق. 59-68.
([49]) يلاحظ أن كتب محيى الدين ابن عربي تشتمل على عقائد فاسدة، وهي من المآخذ التي يُعاب على العيدروس وغيره من الصوفية الاهتمام بها. انظر: أمين أحمد عبدالله السعدي “الصوفية في حضرموت نشأتها، أصولها، آثارها”، الرياض، 1429. ص131-132.
([50]) الخرقة هي رداء من الصوف يلبسه الصوفية، يظهرون به التقشف والزهد، ومنه جاءت كلمة الصوفية. انظر: ظهير، إحسان إلهي “التصوف، المنشأ والمصادر”، ط1، إدارة ترجمان السنة، لاهور، 1406/1986م، ص80-81. وإلباس الخرقة كما في النص أعلاه إجازة تخرج للمريد من شيخه، فيصير سندًا متسلسلًا لهم في الطريقة.
([51]) السعدي. مرجع سابق. ص 80-82.
([52]) Braukamper. Op. Cit. p.36. والطريقة القادرية مشرب تصوف، وهي منسوبة إلى الشيخ عبدالقادر الجيلاني البغدادي الحنبلي (470-561)، وانتشرت بشكل واسع في زمن مبكر في مختلف مناطق الجزيرة العربية. وكانت هي الطريقة السائدة في اليمن. أنظر: العدني، أبو بكر بن عبدالله العيدروس، الجزء اللطيف في التحكيم الشريف، دار الحاوي، بيروت، 1432/2011م. ص 484.
([54]) المشرع الروي. مرجع سبق ذكره. ص 51. لم يصرح هنا باسم حاكم زيلع المقصود، ولكن المؤلف ذكره في ترجمة أبي بكر والد أحمد باسم: محمد بن عتيق.
([55]) العيدروس، عبدالقادر بن شيخ بن عبدالله العيدروس، النور السافر عن أخبار القرن العاشر، تحقيق أحمد حالو، محمود الأرناؤوط، أكرم البوشي، دار صادر، بيروت، 2001م. ص 124، 155-156.
([56]) بافقيه، محمد بن عمر الطيب “تاريخ الشحر وأخبار القرن العاشر”، تحقيق عبدالله محمد الحبشي. مكتبة الإرشاد، صنعاء، 1419-1999م. ص 385، 421.
([57])الشلي، محمد بن أبي بكر “السناء الباهر بتكميل النور السافر في أخبار القرن العاشر”، تحقيق إبراهيم بن أحمد المقحفي. مكتبة الإرشاد، صنعاء، 1425-2004م. ص 565.
([58]) الطرفة الغريبة في أخبار وادي حضرموت العجيبة، رسالة مخطوطة، مكتبة نور عثمانية، رقم 4937. ق 110-117. ونسخة أخرى في المكتبة الوطنية الفرنسية ضمن: رسائل المقريزي، مخطوط رقم 4657. ق 76-78.
([59]) The Travels of Varthema. Op. Cit. pp.72-73.
([60]) مدن واقعة على خط وادي حضرموت، كانت وعلى وجه الخصوص “تريم” محضنًا لمشايخ التصوف. انظر:105-108. Ho. Op. Cit.
([61])Ho. Op. Cit. pp. 105-108, 162-16.
([62])Casale, Giancarlo “The Ottoman Age of Explorations” Oxford University Press, 2010. Pp. 25-33.
([63])الشيباني (الفضل المزيد). مرجع سابق. ص 288.
([64])ابن هاشم، محمد “حضرموت-تاريخ الدولة الكثيرية”، تريم للدراسات والنشر، تريم، 1423/2002م. ص 64-67. والسلطان بدر بن عبدالله الكثيري من أعظم سلاطين حضرموت، ولد في 902/1496م، واستلم السلطة في 927/1521م، وأخمد كثيرا من الثورات، ثم في آخر حياته انتقض عليه ولده عبدالله وحبسه في قصره حتى توفي في أواخر شعبان سنة 977/فبراير 1570م.
([65]) نشر النفحات المسكية في أخبار الشِحر المحمية. مصدر سبق ذكره، انظر المرفق رقم 3.
([66]) باحسن، عبدالله بن محمد بن عبدالله جمل الليل “نشر النفحات المسكية في أخبار الشِحر المحمية”، تحقيق محمد يسلم عبدالنور، دار حضرموت للدراسات والنشر، 2010م، ص 488.
([67]) دعاء سويدان “تقرير عن مسجد ابن عتيق في الشحر” www.ytube.com
([68]) بافقيه. مرجع سابق. ص 212.
([69])عبدالنور، محمد يسلم “مكانة حضرموت في القرن العاشر الهجري من خلال صلاتها العلمية”، مجلة جامعة حضرموت للعلوم الإنسانية، المجلد 14، العدد 2، ديسمبر 2017م. ص 591-623.
قائمة المصادر والمراجع:
أولًا- المصادر والمراجع العربية:
ثانيًا- المراجع غير العربية: