مركز عدن للدراسات التاريخية

حفل إشهار مركز عدن للدراسات التاريخية الخميس 26 يناير 2017م

حفل إشهار مركز عدن للدراسات التاريخية

التاريخ
26 يناير 201726 يناير 2017
المكان

في صباحية بهيجة من صباحات عدن الشتوية الدافئة، المشعشعة بالخير، وفي يوم الخميس المبارك الموافق 26يناير 2017م كنا على موعد مع حدث ثقافي-علمي هام، هو إشهار مركز عدن للدراسات والبحوث التاريخية والنشر في أجواء بهيجة معطرة بنسمات بحر عدن المنعشة وألق الحضور البهي ممن اكتظت بهم قاعة البتراء –فندق "كورال" بخور مكسر، بجموعهم الحاشدة المتلهفة والمترقبة لاقتناص مثل هذه الفرحة التي طال انتظارها في العاصمة عدن بعد سنوات عجاف من الجدب الثقافي . جاء الكلُّ مفعمين بالأمل وبالحيوية والنشاط للاحتفاء بعودة الحياة الثقافية والحضارية لهذه المدينة الكونية التي سُلبت منها مكانتها التنويرية وهُمّشت لأكثر من عقدين من الزمن، وها هي تستعيد ألقها وروحها المدنية والحضارية وبأروع الصور من خلال هذا الحدث العلمي- الثقافي الهام المتمثل بإشهار مركز عدن للدراسات التاريخية الذي يمثل إضافة نوعية في المشهد الثقافي والتاريخي والفكري والعمل البحثي لهذه المدينة العريقة التي اشتهرت بمكانتها التنويرية المميزة بين مدن العالم والجزيرة العربية.
كان حفل الإشهار أشبه بعيد حقيقي تجلت مظاهره كما رصدت بعضها أثناء تقديمي لهذا الحفل المميز في الأمور التالية:
• أجمل ما لفت انتباهي هو لقاء الأجيال أو تواصل الأجيال من المهتمين والمعنيين في حقل التاريخ والبحث العلمي خلال هذا العرس الثقافي الجميل، حيث تواجد على رأس جيل الروّاد بهاماتهم وعطاءاتهم أ.د.صالح علي باصرة الذي شغل مسئولية رئاسة قسم التاريخ ثم رئاسة جامعة عدن، ثم رئاسة جامعة صنعاء ثم وزيراً للتعليم العالي سابقا، وعاد الآن ليرأس مركز الرشيد للدراسات والتنوير، فضلا عن كتاباته وإصداراته في مجال التاريخ، وهذا ما جعلني أطلق عليه وصف (شيخ المؤرخين) الذي سبق لرئيس الجامعة الحالي أ.د.الخضر ناصر لصور أن اطلقه عليه، وحينما صعد لإلقاء كلمته قال بتواضعه المعهود أن كلمة شيخ لا تعني أنه شيخ قبيلة وإنما لأن رأسه قد اشتعل شيباً، ثم عَقَّبتُ على كلمته بالقول:" أنك شيخ العلم والعلماء والمهتمين بالتاريخ الذين جمعتهم هذه المناسبة". وللتدليل على ما أقول فقد تخرجت على يديه وأمثاله من زملائه وزميلاته الذين شرَّفوا الحفل أجيالٌ عديدة من الأساتذة المرموقين، منهم من يتحمل الآن مسئوليات رؤساء أقسام التاريخ ومواقع أكاديمية هامة في الجامعة، ومنهم من يتسنم إدارة مركزي حضرموت وعدن للدراسات التاريخية، ممن يلتقون اليوم في شراكة علمية متجددة بعد أن اشتعل الراس منهم شيباً، حسب وصف زميلنا د.الجعيدي في كلمته عن مركز حضرموت، وبالمثل كان حضور جيل الشباب المتحمس من الأساتذة الشباب وطلاب وطالبات اقسام التاريخ لافتاً وكبيرا جسد روح التواصل والتفاعل بين الأجيال الثلاثة في هذا اللقاء لأداء الرسالة العلمية والبحثية لخدمة المجتمع والوطن وتدوين تراثه وتاريخه بمنهجية علمية.
• حضور نخبة من أساتذة جامعة عدن والمثقفين والأدباء والإعلاميين وطلاب وطالبات أقسام التاريخ والضيوف يتقدمهم رئيس جامعة عدن، جمعهم الاهتمام بتراث وتاريخ عدن والتلهف لمثل هكذا حدث يعيد لها دورها التنويري والريادي المشرق، والملفت ابتعاد الأجواء السياسية الصاخبة وشعاراتها عن الحفل سواء في برنامج الاحتفال أو في الملصقات أو في مضامين كلمات المتحدثين..وهذا يتسق مع أهداف المركز العلمية والبحثية.. لكن انتصار شعبنا على الغزاة الحوثيين وتضحيات الشهداء لم تغب عن بالنا، ولن تغيب للحظة، وأتذكر أنني قلت في التقديم:" كم هو رائع اليوم أن نحتفل في أجواء النصر الذي لا يمكن لنا أن ننسى صناعه الأبطال أولئك الشهداء الذين استرخصوا دماءهم ليجعلوا من هذا النصر حقيقة نعيشها، وها هي عدن تنهض كالعنقاء من بين حطام الدمار الذي خلفه الغزاة الحوثيون".
• الحضور الرسمي كان رفيع المستوى بمشاركة وزيرين ذوي صلة بالشأن العملي-الثقافي وبنشاط مراكز البحث العملي والثقافي، هما أ.د.حسين عبدالرحمن باسلامة وزير التعليم العالي والبحث العلمي والأستاذ مروان دماج وزير الثقافة.. ولا مست كلمة الوزير باسلامة أهمية هذا المركز وغيره من المراكز المماثلة التي ستسهم في تقديم الدراسات وقواعد البيانات واستقصاء المشكلات وتقديم الحلول لكثير من مشاكل المجتمع.
• كان حضور العنصر النسائي واضحاً وملفتاً في الحفل، سواء من الأكاديميات أو من الدارسات في أقسام التاريخ وغيرها وإن لم يكن لهن مجال ضمن قائمة المتحدثين ولا في قوام أعضاء مجلس مركز عدن للدراسات التاريخية ، وهو ما نرجو أن يتاح لهن في المستقبل، خاصة وأن لبعضهن باعٌ ومكانةٌ في مجال التاريخ تدريساً وبحثاً وتأليفاً.
• حضرموت كانت حاضرة، ممثلة بمشاركة أ.د.عبدالله سعيد الجعيدي رئيس مركز حضرموت للدراسات التاريخية والتوثيق والنشر، وزميله الأستاذ عادل حاج باعكيم مدير دائرة التوثيق بالمركز، اللذان حرصا على المشاركة وتجشما عناء السفر واستراق سويعات من الرحلة الليلة في أخذ قسط من النوم الخفيف فقط بحيث تمكنا من الحضور مباشرة إلى القاعة قبيل بدء الحفل. وجسدت مشاركتهما، فضلا عن كلمة د.الجعيدي روح الشراكة العلمية الحقيقة بين المركزين في نشاطهما المستقبلي، خاصة وأن ما يجمع المركزين ليس فقط الاهتمامات والأهداف المشتركة، بل وكون مشرفهما العام هو الشيخ الفاضل محمد سالم بن علي جابر الذي نجد بصمات دعمه قد أعطت ثمارها الطيبة في نشاط مركز حضرموت للدراسات التاريخية والتوثيق والنشر الذي مضى على تأسيسه عام ونيف، ونطمح أن يكون مركز عدن ومركز حضرموت جناحين نحلق بهما في سماء تاريخ وتراث وطننا لاستكشاف خفايا وأسرار وكنوز حضارته على أسس علمية رصينة.
• ظهر الحرص واضحاً في الالتزام الدقيق بالوقت المحدد لبدء الحفل وفقرات البرنامج التي سارت بسلاسة ودون ملل الإطالة وهو ما لقي ارتياحا من قبل الحاضرين، إذ استغرقت مدة الحفل بكامله حوالي ساعة واحدة ، بما في ذلك عرض مادة وثائقية بعنوان (صهاريج عدن) مدتها سبع دقائق، وهذه ظاهرة إيجابية قلما نجدها في فعاليات مماثلة لا يُبالي القائمون عليها بقيمة الوقت، وأذكر في هذا المقام خشية صديقي الشاعر الأديب مبارك سالمين من أن يتأخر بدء الحفل لنصف ساعة أو أكثر فلا يتمكن من القاء قصيدته لارتباطه بموعد وعليه أن يغادر في الحادية عشرة فكان له ما أراد، كما وعدته، بل وتألق في البوح بعشقه وهيامه بعدن في قصيدته (أأقولها عدن؟!) التي قوبلت بإعجاب الحاضرين وبعاصفة من التصفيق الحار، وغادر في وقت انتهاء الحفل مع الجميع، فالوقت ثمين وحرصنا أن لا نبدد أو نضيع شيئا من وقت الضيوف والمشاركين لإدراكنا أن لهم أعمالهم وارتباطاتهم.